الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَنْصَارِيُّ: يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ جَدِيدَةٌ، سَرَاوِيلُهُ، وَمَدَاسُهُ، وَخِرْقَةٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا، وَيُجَدِّدُ عِمَامَتَهُ كَيْفَ شَاءَ.
فَرْعٌ: مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ بَيْعُهُ، وَخِيَاطَتُهُ، وَكَذَا أُجْرَتُهَا، نُصَّ عَلَيْهِ.
[بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ]
[طَهَارَةُ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ مِنَ النَّجَاسَاتِ]
بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ
وَهُوَ الشَّرْطُ الرَّابِعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ زَيْدٍ: أَمَرَ بِتَطْهِيرِ الثِّيَابِ مِنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يَتَطَهَّرُونَ، وَلَا يُطَهِّرُونَ ثِيَابَهُمْ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِيهَا، وَهُوَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْمَجَازِ، فَيَكُونُ شَرْطًا بِمَكَّةَ لَكِنْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْهِجْرَةِ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِسَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ، وَدَمِهَا، وَفَرْثِهَا فَطَرَحَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، حَتَّى أَزَالَتْهُ فَاطِمَةُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ الْمَجْدُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَتَى بِدَمِهَا، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ، وَلَعَلَّ الْخَمْسَ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ، وَالْأَمْرُ بِتَجَنُّبِ النَّجَاسَةِ مَدَنِيٌّ مُتَأَخِّرٌ، بِدَلِيلِ خَبَرِ النَّعْلَيْنِ، وَصَاحِبِ الْقَبْرَيْنِ، وَالْأَعْرَابِيِّ الَّذِي بَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ، وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ:«أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي آتِي فِيهِ أَهْلِي؛ قَالَ: نَعَمْ، إِلَّا أَنْ تَرَى فِيهِ شَيْئًا فَتَغْسِلَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ، فَثَبَتَ بِهَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِاجْتِنَابِهَا، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا، وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَعَنْهُ: لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: فَطَهَارَةُ بَدَنِ الْمُصَلِّي، وَسُتْرَتِهِ، وَبُقْعَتِهِ مَحَلُّ بَدَنِهِ، وَالْمَذْهَبُ: وَثِيَابُهُ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ شَرْطٌ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ.
فَائِدَةٌ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ فُرِضَتْ قَبْلَ التَّيَمُّمِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ فِي قِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي النِّيَّةِ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ، وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: أُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ قِيلَ: هِيَ آيَةُ الْمَائِدَةِ أَوْ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا نَعْلَمُ أَيَّةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
آيَةٍ عَنَتْ عَائِشَةُ بِقَوْلِهَا: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، قَالَ: وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا، وَلَا مَفْعُولًا لَهُمْ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: مَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ كَمَا أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ افْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ لَمْ يُصَلِّ إِلَّا بِوُضُوءٍ مِثْلِ وُضُوئِنَا الْيَوْمَ، قَالَ: فَدَلَّ أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ إِنَّمَا نَزَلَتْ لِيَكُونَ فَرْضُهَا الْمُتَقَدِّمُ مَتْلُوًّا فِي التَّنْزِيلِ، وَفِي قَوْلِهَا: فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ تَقُلْ آيَةُ الْوُضُوءِ، مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي طَرَأَ لَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُكْمُ التَّيَمُّمِ لَا حُكْمُ الْوُضُوءِ (فَمَتَى لَاقَى بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا أَوْ حَمَلَهَا) زَادَ فِي " الْمُحَرَّرِ " أَوْ حَمَلَ مَا يُلَاقِيهَا (لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) أَقُولُ: مَتَى بَاشَرَهَا بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ لَمْ تَصِحَّ، ذَكَرَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، وَفِي " التَّلْخِيصِ " أَنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَزَادَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي سُتْرَتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ ذَاتِهِ إِذَا وَقَعَتْ حَالَ سُجُودِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، فَإِنْ كَانَ ثَوْبُهُ يَمَسُّ شَيْئًا نَجِسًا كَثَوْبِ مَنْ يُصَلِّي إِلَى جَانِبِهِ، وَحَائِطٍ لَا يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ صَحَّتْ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِصَلَاتِهِ، وَلَا مَحْمُولًا فِيهَا وَاخْتَارَ السَّامِرِيُّ، وَالْمَجْدُ، وَجَمَاعَةٌ: أَنَّهَا تَبْطُلُ، لِأَنَّ سُتْرَتَهُ مُلَاقِيَةٌ لِنَجَاسَةٍ أَشْبَهُ مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ، فَلَوِ اسْتَنَدَ إِلَيْهَا حَالَ قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ بَطَلَتْ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَابَلَهَا حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، ذَكَرَهُ فِي " الْكَافِي " و" الْمُسْتَوْعِبِ " وَفِيهِ وَجْهٌ، كَمَا لَوْ بَاشَرَهَا بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ لَمْ يُصِبْهَا، وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا كَذَلِكَ، وَذَكَرَ السَّامِرِيُّ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِيهَا الصِّحَّةَ، وَشَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، لِأَنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ لَا أَثَرَ لَهُ، وَأَمَّا إِذَا حَمَلَهَا لَمْ تَصِحَّ كَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى بَدَنِهِ فَلَوْ حَمَلَ آجُرَّةً بَاطِنُهَا نَجِسٌ، أَوْ قَارُورَةً مَسْدُودَةَ الرَّأْسِ فِيهَا نَجَاسَةٌ، لَمْ تَصِحَّ، لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا أَشْبَهَ حَملَهَا فِي كُمِّهِ، وَكَذَا حَمْلُ مُسْتَجْمَرٍ، وَالْأَصَحُّ فِيهِ الصِّحَّةُ، وَفِي حَمْلِ بَيْضَةٍ فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ وَجْهَانِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا حَمَلَ طَاهِرًا طَائِرًا أَوْ غَيْرَهُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّ النَّجَاسَةَ فِي مَعْدِنِهَا فَهِيَ كَالنَّجَاسَةِ فِي بَدَنِ الْمُصَلِّي.