الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخُرُوجُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ
وَ
مَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ
سَتَرَهَا، فَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الشَّرْعَ مَنَعَهُ نَزْعَهُ، أَشْبَهَ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ، وَكَالْعَجْزِ عَنِ السُّتْرَةِ (بِنَاءً عَلَى مَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ، كَمَنَ عَدَمَ الْمَاءَ، فَخَرَّجَ جَمَاعَةٌ فِيهِ رِوَايَةً مِنَ الْإِعَادَةِ فِي الثَّوْبِ، وَخَرَّجُوا فِي الثَّوْبِ مِنَ الْمَكَانِ، وَلَمْ يُخَرِّجْ آخَرُونَ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِظُهُورِ الْفرقِ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا ثَوْبًا نَجِسًا لَهُ حَالَتَانِ يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ مَعَهَا مَعَ الْخَلَلِ، لِأَنَّهُ إِذَا صَلَّى عُرْيَانًا لَمْ يَحْمِلِ النَّجَاسَةَ، فَقَدْ فَاتَهُ السُّتْرَةُ وَحْدَهَا، وَإِذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ، فَقَدْ فَاتَتْهُ طَهَارَةُ الثَّوْبِ وَحْدَهُ، فَاخْتِيَارُ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى يُوجِبُ الْإِعَادَةَ اسْتِدْرَاكًا لِلْخَلَلِ الْحَاصِلِ بِتَرْكِ الشَّرْطِ الَّذِي كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ مِنْ وَجْهٍ، بِخِلَافِ الْمَحْبُوسِ فِي الْمَكَانِ النَّجِسِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ إِلَّا حَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الصَّلَاةُ. فَالشَّرْطُ لَيْسَ بِمَقْدُورٍ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَخَرَّجَ فِي " التَّعْلِيقِ " رِوَايَةَ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي الثَّوْبِ مِنْ عَدَمِ الطَّهُورَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُؤَلِّفُ لِكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ النَّجِسِ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: يُومِئُ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ، وَعَنْهُ: يَسْجُدُ بِالْأَرْضِ، وَمَحَلُّهُ: مَا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ يَابِسَةً، أَمَّا إِذَا كَانَتْ رَطْبَةً فَإِنَّهُ يُومِئُ وَجْهًا وَاحِدًا، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
[مَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ]
(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ سَتَرَهَا) وَتَرَكَ سَتْرَ مَنْكِبَيْهِ، وَصَلَّى قَائِمًا، اخْتَارَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ مُتَّفَقٌ عَلَى وُجُوبِهِ فَلَا يُتْرَكُ لِأَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكْفِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَسْتُرُ منكبيه ويصلي جَالِسًا، لِأَنَّ الْجُلُوسَ بَدَلٌ عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ لِكَوْنِهِ يَسْتُرُ مُعْظَمَهَا، وَالْمُغَلَّظَ مِنْهَا، وَسَتْرُ الْمَنْكِبِ لَا بُدَّ لَهُ، فَكَانَ مُرَاعَاتُهُ أَوْلَى، وَبَعَّدَ ابْنُ تَمِيمٍ ذَلِكَ، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى سُتْرَةٍ تَتَّسِعُ إِنْ تَرَكَهَا عَلَى كَتِفَيْهِ، وَسَدَلَهَا مِنْ وَرَائِهِ تَسْتُرُ دُبُرَهُ، وَقَدَّمَ فِي " الْفُرُوعِ " أَنَّهُ إِذَا وَجَدَ مَا يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَعَجُزَهُ
لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهَا سَتَرَ الْفَرْجَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِهَا جَمِيعًا سَتَرَ أَيَّهُمَا شَاءَ، وَالْأَوْلَى سَتْرُ الدُّبُرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَقِيلَ: الْقُبُلُ أَوْلَى، وَإِنْ بُذِلَتْ لَهُ سُتْرَةٌ لَزِمَهُ قَبُولُهَا، إِنْ كَانَتْ عَارِيَةً. فَإِنْ عَدِمَ بِكُلِّ حَالٍ صَلَّى جَالِسًا يُومِئُ إِيمَاءً، وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَقَطْ، سَتَرَ ذَلِكَ، وَصَلَّى جَالِسًا، نُصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ سَتْرَ الْمَنْكِبَيْنِ الْحَدِيثُ فِيهِ أَصَحُّ (فَإِنْ لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهَا سَتَرَ الْفَرْجَيْنِ) لِأَنَّهُمَا أَفْحَشُ، وَهُمَا عَوْرَةٌ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ غَيْرَهُمَا كَالْحَرِيمِ، وَالتَّابِعِ لَهُمَا، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْهُمَا بِالسَّوْأَتَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [طه: 121] سُمِّيَا بِذَلِكَ، لِأَنَّ كَشْفَهُمَا يَسُوءُ صَاحِبَهُ (فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمَا جَمِيعًا سَتَرَ أَيَّهُمَا شَاءَ) لِاسْتِوَائِهِمَا (وَالْأَوْلَى سَتْرُ الدُّبُرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ) قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَنَّهُ أَفْحَشُ، وَيَنْفَرِجُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (وَقِيلَ: الْقُبُلُ أَوْلَى) لِأَنَّ بِهِ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَالدُّبُرُ يَسْتَتِرُ بِالْأَلْيَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا سَتْرًا، وَفِي الْمَذْهَبِ: هَلِ الْقُبُلُ أَوْلَى أَمِ الدُّبُرُ؛ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ يسْترُ عورته ويصلي قَائِمًا، عَلَى الثَّانِي: فَلَا، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ يُسْتَرُ آلَةُ الرَّجُلِ إِنْ كَانَ هُنَاكَ امْرَأَةٌ، وَآلَتُهَا إِنْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ.
(وَإِنْ بُذِلَتْ لَهُ سُتْرَةٌ لَزِمَهُ قَبُولُهَا إِنْ كَانَتْ عَارِيَةً) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْمِنَّةَ لَا تَكْثُرُ فِيهَا، أَشْبَهَ بِذْلَ الْحَبْلِ وَالدَّلْوِ لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ كَالْهِبَةِ فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا هِبَةً، وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ احْتِمَالًا، لِأَنَّ الْعَارَ فِي كَشْفِ عَوْرَتِهِ أَكْثَرُ مِنَ الضَّرَرِ فِيمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمِنَّةِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهَا عَارِيَةً، وَيَلْزَمُهُ تَحْصِيلُهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ، وَالزِّيَادَةِ كَمَاءِ الْوُضُوءِ.
(فَإِنْ عَدَمَ بِكُلِّ حَالٍ صَلَّى) وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، كَمَا لَوْ عَجَزَ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (جَالِسًا) نَدْبًا، وَلَا يَتَرَبَّعُ بَلْ يَنْضَمُّ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ، وَقَدَّمَ فِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، وَقِيلَ: وُجُوبًا (يُومِئُ إِيمَاءً) أَيْ: بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَأَبُو
جَازَ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ، وَإِنْ وَجَدَ السُّتْرَةَ قَرِيبَةً مِنْهُ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ سَتَرَ وَبَنَى، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً سَتَرَ وَابْتَدَأَ، وَتُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْخَطَّابِ، وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ قَوْمًا انْكَسَرَتْ بِهِمْ مَرْكِبُهُمْ فَخَرَجُوا عُرَاةً، قَالَ: يُصَلُّونَ جُلُوسًا يُومِئُونَ إِيمَاءً بِرُءُوسِهِمْ، وَلَمْ يُنْقَلْ خِلَافُهُ، وَيُومِئُ بِالسُّجُودِ أَكْثَرَ مِنَ الرُّكُوعِ (وَإِنْ صَلَّى قَائِمًا) وَسَجَدَ بِالْأَرْضِ (جَازَ) لِقَوْلِهِ عليه السلام:«صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا» وَظَاهِرُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْجَالِسِ بِالْإِيمَاءِ أَوْلَى مِنْ صَلَاتِهِ قَائِمًا، لِأَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَ الْقِيَامِ، وَلَوْ صَلَّى قَائِمًا لَسَقَطَ السَّتْرُ إِلَى غَيْرِ بَدَلٍ، لِأَنَّ السَّتْرَ آكَدُ مِنَ الْقِيَامِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَسْقُطُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِحَالٍ، وَالْقِيَامُ يَسْقُطُ فِي النَّافِلَةِ، وَلِأَنَّ الْقِيَامَ سَقَطَ عَنْهُمْ لِحِفْظِ الْعَوْرَةِ، وَهِيَ فِي حَالِ السُّجُودِ أَفْحَشُ، فَكَانَ سُقُوطُهُ أَوْلَى، لَا يُقَالُ: السَّتْرُ كُلُّهُ لَا يَحْصُلُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بَعْضُهُ، فَلَا يَفِي ذَلِكَ بِتَرْكِ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ: الْقِيَامُ، وَالرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ، لِأَنَّ الْعَوْرَةَ إِنْ كَانَتِ الْفَرْجَيْنِ فَقَدْ حَصَلَ سَتْرُهُمَا، وَإِلَّا حَصَلَ سَتْرُ أَغْلَظِهَا وَأَفْحَشِهَا، وَعَنْهُ: يُصَلِّي جَالِسًا، وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ، لِأَنَّ السُّجُودَ آكَدُ مِنَ الْقِيَامِ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، وَلَا يَسْقُطُ فِيمَا يَسْقُطُ فِيهِ الْقِيَامُ، وَهُوَ النَّفْلُ (وَعَنْهُ:) يَلْزَمُهُ (أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا، وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ) اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ أَوْلَى مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى بَعْضِ شَرْطٍ، وَعَنْهُ: إِنْ قَامَ وَأَوْمَأَ بِالسُّجُودِ صَحَّ، وَقِيلَ: تَقْعُدُ الْجَمَاعَةُ، وَلَا يَقُومُونَ، وَيَسْجُدُونَ بِالْأَرْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَأَلْحَقَهُ الدِّينَوَرِيُّ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " أَنَّهُ يُعِيدُ عَلَى الْأَقْيَسِ.
فَرْعٌ: إِذَا نَسِيَ السُّتْرَةَ وَصَلَّى عُرْيَانًا أَعَادَ لِتَفْرِيطِهِ كَالْمَاءِ.
(وَإِنْ وَجَدَ) الْعُرْيَانُ (السُّتْرَةَ قَرِيبَةً مِنْهُ) عُرْفًا، لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ (فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ) وَأَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ زَمَنٍ طَوِيلٍ وَلَا عَمَلٍ كَثِيرٍ (سَتَرَ، وَبَنَى) عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ، كَأَهْلِ قُبَاءَ لَمَّا عَلِمُوا بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ اسْتَدَارُوا إِلَيْهَا وَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ (وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً سَتَرَ، وَابْتَدَأَ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهَا إِلَّا بِمَا يُنَافِيهَا مِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ، أَوْ بِدُونِ شَرْطِهَا،
وَإِمَامُهُمْ فِي وَسَطِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً صَلَّى كُلُّ نَوْعٍ لِأَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا فِي ضِيقٍ صَلَّى الرِّجَالُ وَاسْتَدْبَرَهُمْ، النِّسَاءُ ثُمَّ صَلَّى النِّسَاءُ وَاسْتَدْبَرَهُنَّ الرِّجَالُ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقِيلَ: يَبْنِي مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يَبْتَدِئُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إِنِ انْتَظَرَ مَنْ يُنَاوِلُهُ لَهَا لَمْ تَبْطُلْ، لِأَنَّهُ انْتِظَارٌ وَاحِدٌ كَانْتِظَارِ الْمَسْبُوقِ.
(وَتُصَلِي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً) وُجُوبًا لَا فُرَادَى، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُمْ قَدَرُوا عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، أَشْبَهَ الْمَسْبُوقِينَ، وَلَا تَسْقُطُ الْجَمَاعَةُ لِفَوَاتِ السُّنَّةِ فِي الْمَوْقِفِ، كَمَا لَوْ كَانُوا فِي ضِيقٍ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمْ، وَإِذَا شَرَعَتِ الْجَمَاعَةُ حَالَ الْخَوْفِ مَعَ تَعَذُّرِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ وَالْحَاجَةِ إِلَى مُفَارَقَتِهِ وَفِعْلِ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ في غير تِلْكَ الْحَالِ، فَأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ هُنَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: جُلُوسًا وُجُوبًا، وَإِنَّ فِي مُنْفَرِدٍ رِوَايَتَيْنِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَالْجَمَاعَةِ، وَيَقُومُونَ صَفًّا وَاحِدًا (وَإِمَامُهُمْ فِي وَسَطِهِمْ) لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُمْ، فَإِنْ تَقَدَّمَهُمْ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانُوا فِي ظُلْمَةٍ صَلَّوْا جَمَاعَةً، وَتَقَدَّمَهُمْ إِمَامُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَسَعْهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ وَقَفُوا صُفُوفًا، وَغَضُّوا أَبْصَارَهُمْ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَإِنْ صَلَّى كُلُّ صَفٍّ جَمَاعَةً فَهُوَ أَحْسَنُ، وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: فَإِنْ كَانُوا نَوْعًا وَاحِدًا، وَالْمَوْضِعُ ضَيِّقٌ صَلَّوْا جَمَاعَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَثُرَتِ الصُّفُوفُ (وَإِنْ كَانُوا رِجَالًا وَنِسَاءً صَلَّى كُلُّ نَوْعٍ لِأَنْفُسِهِمْ، لِأَنَّهَا إِنْ وَقَفَتْ خَلْفَهُ شَاهَدَتِ الْعَوْرَةَ، وَمَعَهُ خِلَافُ سُنَّةِ الْمَوْقِفِ، وَرُبَّمَا أَفْضَى إِلَى الْفِتْنَةِ (وَإِنْ كَانُوا فِي ضَيْقٍ) بِفَتْحِ الضَّادِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَيِّقٍ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْكَسْرُ عَلَى المصدر على حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ ذِي ضِيقٍ (صَلَّى الرِّجَالُ، وَاسْتَدْبَرَهُمُ النِّسَاءُ، ثُمَّ صَلَّى النِّسَاءُ، وَاسْتَدْبَرَهُنَّ الرِّجَالُ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَبِالْعَكْسِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا صَلَّى عُرْيَانًا، وَأَعَارَ سُتْرَتَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَيُسْتَحَبُ أَنْ يُعِيرَ إِذَا صَلَّى بها ويصلي