الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - أَبُوالحسن القابسي
(1):
هو أَبُوالحسن علي بن محمد بن خلف المعافري.
من أهل القيروان البلد المعروف في تونس، ولد فيها سنة أربع وعشرين وثلاثمائة (324هـ)، وكان ضريرًا.
قال الداني: مولده في رجب لست ليال مضين منه سنة أربع وعشرين وثلاثماية (6/ 7/324هـ).
يعرف بالقابسي، قيل إنها نسبة إلى مدينة اسمها قابس بإفريقية، بين الإسكندرية والقيروان، كَأنَّ أصلهم منها، وقيل: إنما قيل له القابسي لأنَّ عمه كان يشد عمامته شدة قابسية، فاشتهر لذلك بالقابسي، وهذا من غرائب النسب.
قال الداني: ولم يكن أَبُوالحسن قابسيًّا، وإنما كان له عَمٌّ يشد عمامته مثل القابسيين فسمي بذلك، وهو قيرواني الأصل أهـ، وهذا أصح في النسبة، فالداني من خاصته.
سمع أَبُوالحسن أول ما سمع من رجال إفريقية كأبي العباس الإبياني، وأبي الحسن علي بن محمد بن مسرور، ودراس بن إسماعيل الفاسي وغيرهم.
ثم ارتحل عام ثلاثمائة واثنين وخمسين (352هـ وله من العمر28 سنة) قاصدًا الحج، فسمع بمصر ومكة من جماعة من الكبار، كـ: حمزة بن محمد الكناني، وأبي الحسن التلباني، وابن أبِي الشريف، وأبي الحسن ابن حبونه النيسابوري، وأبي
(1) مصادر ترجمته:
ترتيب المدارك 4/ 616، وفيات الأعيان 3/ 20، تذكرة الحفاظ 3/ 1079، السير 17/ 158، العبر 3/ 85، البداية والنهاية 11/ 51، الديباج 2/ 101، غاية النهاية 1/ 567، شذرات الذهب 3/ 168.
الحسن بن أبِي هلال، وأبي الحسن بن شعبان الطحان، وأبي الحسن بن هاشم، وأبي الطاهر محمد بن عبد الغني، وأبي الحسن الأسيوطي، وأبي بكر أحمد بن عبد الله بن عبد المؤمن، وأبي أحمد بن المفسر، وأبي الفتح بن يرمين، وأبي إسحاق عبد الحميد بن أحمد بن عيسى.
ولم يدخل العراق، فكتب إليه من بغداد أَبُوبكر ابن خلاد.
وبمكة سمع من أبِي زيد صحيح البخاري، ضبط له النسخة والسماع رفيقه أَبُومحمد الأصيلي بخط يده رحمهم الله تعالى، وذلك عام 353 كما ذكرت آنفا في ترجمة الأصيلي.
وبمصر عرض على أبِي الفتح بن بدهن المقرئ القرآن، فهو إسناده في القراءة.
قال الداني: وأقرأ القرآن بالقيروان دهرًا، ثم قطع القراءة لما بلغه أن بعض أصحابه استقرأه الوالي فقرأ عليه، ودرس الحديث والفقه إلى أن رأس فيهما، وبرع إلى أن صار إمام عصره وفاضل دهره أهـ.
وقد مكث أَبُوالحسن في الرحلة خمس سنين، ثم عاد إلى القيروان سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، (357 وله من العمر 33 سنة).
وكان أَبُوالحسن رحمه الله واسع الرواية عالمًا بالحديث وعلله ورجاله، فقيهًا أصوليًا متكلمًا مؤلفًا مجيدًا، وكان من الصالحين المتقين الزاهدين الخائفين.
وكان أهل العلم يعظمونه.
وذكر ابن سعدون: أن أبا الحسن لما جلس للناس وعزم عليه في الفتوى تأبّى وسدّ بابه دون الناس، فقال لهم أَبُوالقاسم ابن شبلون: اكسروا عليه بابه لأنه قد وجب عليه فرض الفتيا، هو أعلم من بقي بالقيروان، فلما رأى ذلك خرج إليهم ينشد:
لعمر أبيك ما نُسب المعلى
…
الى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرّت
…
وصوّح نبتُها رُعِي الهشيم
قال حاتم الطرابلسي صاحبه: كان أَبُوالحسن فقيهًا عالمًا محدثًا ورعًا متقللًا من الدنيا، لم أرَ أحدًا ممن يشار إليه بالقيروان بعلم إلا وقد جاء اسمه عنده وأخذ عنه، يعترف الجميع بحقه ولا ينكر فضله.
وقال محمد بن عمار الهوزني: متأخر في زمانه متقدم في شأنه العلم والعمل والرواية والدراية، من ذوي الاجتهاد في العباد والزهاد مجاب الدعوة، له مناقب يضيق عنها الكتاب، عالمًا بالأصول والفروع والحديث وغير ذلك من الرقائق.
وذكره أَبُوعبد الله ابن أبِي صفرة فقال: كان فقيه الصدر.
قال أَبُوالحسن: لما رحلت الى الإبياني أنا وأبو محمد الأصيلي، وعيسى بن سعادة الفاسي كنا نسمع عليه، فإذا كان بعد العصر ذاكرنا في المشكل، فتذاكرنا يومًا وطال الذكر فخصني بأن قال لي: يا أبا الحسن، لتضربن إليك آباط الإبل من أقصى المغرب، فقلت له: ببركتك إن شاء الله، ولما نرجوه من النفع بك إن شاء الله.
ثم جرى لي منه ذلك يومًا آخر، ثم ذاكرني يومًا ثالثًا فهمني له، فقال مثل ذلك، فقلت له ببركتك إن شاء الله فقال: والله لتضربن إليك آباط الإبل من أقصى المغرب.