الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلهِ وَسَلَّمَ
بَابٌ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَقَوْلُ الله عز وجل {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}
(1).
[1]
- قَالَ البُخَارِيُّ:
(1)
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، نَا سُفْيَانُ، نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، - عَلَيهِ مَدَارُ الحَدِيثِ -، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَى الْمِنْبَرِ يقول: سَمِعْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ.
ح (6953) ونَا أَبُوالنُّعْمَانِ، نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى، الْسَّنَد،:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الأَعْمَالُ» .
(1) هَكَذَا ثَبَتَ فِي الأصْلِ، وَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ أبِي ذَرٍّ لَفْظَ: بَاب.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: قَالَ لى أَبُوالْقَاسِم الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِى صُفْرَةَ رحمه الله: مَعْنَى هَذِهِ الآيَة أنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلى مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام، كَمَا أَوْحَى إِلى سَائِر الأَنْبِياءِ، عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ قَبْلَهُ وَحْيَ رِسَالةٍ، لَا وَحْيَ إِلْهَامٍ، لأَنََّ الْوَحْيَ يَنْقَسِمُ عَلَى وُجُوهٍ.
وَإِنَّمَا قَدَّمُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله حَدِيثَ إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ، لِيُعلمَ أَنَّه قَصَدَ في تَألِيفِهِ وَجْهَ الله عز وجل، فَفَائِدَةُ هَذَا الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ تَنْبِيهًا لِكُلِّ مَنْ قَرَأ كِتَابَهُ، أَنْ يَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ الله تَعَالَى كَمَا قَصَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَأْلِيفِهِ.
وَجَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ عِوَضًا مِنْ الْخُطْبَةِ الَّتِى يَبْدَأُ بِهَا المؤلِّفُونَ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ العِوض من عوَّض مِنْ كَلامِهِ كَلامَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي مَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى.
وقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ ثُلُثُ الإسْلَامِ، وَبِهِ خَطَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حِينَ وَصَلَ إِلى دَارِ الْهِجْرَةِ وَشَهَرَ الإسِلامَ أهـ.
قَالَ سُفْيَانُ: «بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (1).
زَادَ حَمَّادٌ: «وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى الله وَرَسُولِهِ» .
وَخَرَّجَهُ في: كِتَابِ النِّكَاحِ، فِي بَابِ مَنْ هَاجَرَ أَوْ عَمِلَ خَيْرًا لِتَزويجِ امْرأةٍ فَلَهُ مَا نَوَى (5070)، وفِي كِتَابِ النذور، فِي بَابِ النّيةِ في الأَيْمَانِ (6689)، وفِي بَابِ هجرة النَّبِيِّ عليه السلام (2)(3898)، وفِي كِتَابِ العِتْقِ، بَابٌ الْخَطَأُ وَالنِّسْيان (2529)، وفِي كِتَابِ تَرْكِ الْحِيلِ وَأَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى (6953).
(1) هَكَذَا هُوَ في رِوَاية الْبُخَارِيِّ عَنْ الْحُمَيْدِيِّ في أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْكِتَابِ: بِحَذْفِ أَحَد وَجْهَيْ التَّقْسِيم، وَهُوَ قَوْله:" فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَته إِلَى اللَّه وَرَسُوله " وَلِذَلِكَ أَتَمَّهُ الْمُهَلَّبُ مِنْ زِيَادَةِ حَمَّادٍ.
فقَالَ حَمَدُ بنُ سُليمَان الْخَطَّابِيُّ: وَقَعَ هَذَا الْحَدِيث فِي رِوَايَتنَا وَجَمِيع نُسَخ أَصْحَابنَا مَخْرُومًا قَدْ ذَهَبَ شَطْره، وَلَسْت أَدْرِي كَيْفَ وَقَعَ هَذَا الْإِغْفَال، وَمِنْ جِهَة مَنْ عَرَضَ مِنْ رُوَاته؟ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ غَيْر طَرِيق الْحُمَيْدِيّ مُسْتَوْفًى، وَقَدْ رَوَاهُ لَنَا الأَثْبَاتُ مِنْ طَرِيق الْحُمَيْدِيّ تَامًّا أهـ.
قُلتُ: هُوَ فِي الْمُسْنَدِ لِلْحُمَيْدِيِّ بِتَمَامِهِ ح31، وَاتِّفَاقُ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْبُخَارِيِّ عَلَى هَذَا الإِسْقَاطِ تُقَوِّي فَرَضِيَّةَ أَنَّهُ هُوَ مَنْ أَسْقَطَ شَطْرَ الْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ وَقَعَ مِنْهُ لِسَهْوٍ فَلِلَّهِ فِي ذَلِكَ حِكْمَةً، فَإِنَّ الْكَمَالَ فِي الْكُتُبِ لا يَكُونُ إِلَاّ لِكِتَابِ اللهِ، وَحَتَّى هَذَا الْكِتَاب الَّذِي هُو أَصَحُّ الْكُتُبِ بَعْدَ الْقُرْآنِ حَصَلَ في أَوَّلِهِ مَا حَصَلَ!.
وَإنْ كَانْ عَمْدًا مِنْ الْبُخَارِيِّ فَأَحْسَنُ مَا قِيلَ في الْجَواب عَنْهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُومُحَمَّد عَلِيّ بْن أَحْمَد بْن سَعِيد الْحَافِظ فِي أَجْوِبَة لَهُ عَلَى الْبُخَارِيّ، فَقَالَ: لَعَلَّ الْبُخَارِيّ قَصَدَ أَنْ يَجْعَل لِكِتَابِهِ صَدْرًا يَسْتَفْتِح بِهِ، عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِير مِنْ النَّاس مِنْ اِسْتِفْتَاح كُتُبهمْ بِالْخُطَبِ الْمُتَضَمِّنَة لِمَعَانِي مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ التَّأْلِيف، فَكَأَنَّهُ اِبْتَدَأَ كِتَابه بِنِيَّةٍ رَدَّ عِلْمهَا إِلَى اللَّه، فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ الدُّنْيَا أَوْ عَرَضَ إِلَى شَيْء مِنْ مَعَانِيهَا فَسَيَجْزِيهِ بِنِيَّتِهِ، وَنَكَبَ عَنْ أَحَدِ وَجْهَيْ التَّقْسِيم مُجَانَبَة لِلتَّزْكِيَةِ الَّتِي لَا يُنَاسِب ذِكْرهَا فِي ذَلِكَ الْمَقَام. (اِنْتَهَى مُلَخَّصًا مِنْ الْفَتْحِ).
وَلا يُعْتَرضُ بِأَنَّ هَذَا الْخَرْمَ لا يَجُوزُ، فَمَذْهَبُ الْبُخَارِيِّ يَلُوحُ مِنْ صَحِيحِهِ بِجَوَازِ تَقْطِيعِ الْحَدِيثِ وَرِوَايَتِهِ بِالْمَعْنَى.
(2)
أي من كتاب مناقب الأنصار، واسم الباب كاملا: باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
[2]
- (2) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ، نَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ، ح، و (3215) نَا فَرْوَةُ، نَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ: «كُلُّ ذَاكَ يَأْتِينِي، الْمَلَكُ أَحْيَانَا مِثْلِ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ» .
زَادَ مَالِكٌ: «وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ» .
قَالَتْ عَائِشَةُ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
وَخَرَّجَهُ في: كِتَابِ بِدْءِ الْخَلْقِ، فِي بَابِ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (ح3215).
[3]
- خ (4923) نَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قال: نَا حَرْبٌ، نا يَحْيَى بنُ أبِي كَثِير، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ: أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ، الْحَدِيث.
[4]
- (4956، 6982) خ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنَا مَعْمَرٌ، عن الْزُهْرِيّ، مَدَارُه.
و (4953) حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أبِي رِزْمَةَ، قَالَ: نَا أَبُوصَالِحٍ سَلْمَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله عَنْ يُونُسَ، عنه.
و (،4953،4955)(1) نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، نَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ - لَفْظُهُ -، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ.
وقَالَ مَعْمَرٌ ويُونُسُ: الصَّادِقَةُ.
فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ.
وقَالَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ: حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ.
وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ له: اقْرَأْ.
- وقَالَ مَعْمَرٌ ويونُسُ: فقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ» .
زَادَ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ: إلَى قَوْلِهِ {مَا لَمْ يَعْلَمْ} .
فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرْجُفُ فُؤَادُهُ.
(1) وهذا من الأحاديث التي رواها البخاري رحمه الله بإسناد واحد في مواضع مختلفة بألفاظ مختلفة، ومعنىً متفق، لأنه رحمه الله كان يجيز الرواية بالمعنى للفقيه الحاذق.
(2)
هنَا في النسخ: فغطني الثانية، اتفق عقيل مع معمر ويونس في ذكرها وقد تكون سقطت على الناسخ، والله أعلم.
وقَالَ مَعْمَرٌ: بَوَادِرُهُ (1).
فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، فَقَالَ لَهَا:«زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» ، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ (2).
فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: وَالله مَا يُخْزِيكَ الله أَبَدًا.
وقَالَ مَعْمَرٌ ويُونُسُ: كَلَا، أَبْشِرْ، فوَالله لا يُخْزِيكَ الله أَبَدًا.
إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ.
زَادَ مَعْمَرٌ ويُونُسُ: وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ.
وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ.
زَادَ مَعْمَرٌ ويُونُسُ: أَخِي أَبِيهَا.
وَكَانَ امْرءًا قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ.
(1) في الهامش: بوادره جمع بادرة، وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق، تضطرب عند فزع الإنسان.
(2)
في الهامش: أي الفزع.
وقَالَ مَعْمَرٌ ويُونُسُ: بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ الله أَنْ يَكْتُبَ (1).
وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ (2)، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِخَبَرِ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ الله عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، يا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ.
وقَالَ مَعْمَرٌ: حِينَ (3).
قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَا عُودِيَ، فَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ.
زَادَ مَعْمَرٌ: حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنَا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى في ذِرْوَةِ جَبَلٍ [لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ الله حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ] (4) تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.
[3]
- (4) قَالَ عُقَيْلٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُوسَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ:
(1) كذلك ثبتت هذه الزيادة في حديث عقيل في النسخ المطبوعة، وإنما قَالَا هنا: وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب .. فلعل الناسخ عجل أراد أن يكتب العربية فكتب العبرانية.
(2)
في الأصل: قد أعما.
(3)
أي: حين يخرجك قومك ..
(4)
سقط على الناسخ مابين العلامتين من انتقَالَ النظر.
وقَالَ ابنُ أبِي كَثِير: «عَلَى عَرْشٍ» .
«بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَرُعِبْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي» .
وقَالَ مَعْمَرٌ ويُونُسُ: «زَمِّلُونِي» ثَانِيةً، فَدَثَّرُوهُ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} .
(4925)
قَالَ مَعْمَرٌ: قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ، وَهِيَ الأَوْثَانُ.
فَحَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ.
وَخَرَّجَهُ في: تفسير سورة المدثر فِي بَابِ قوله {قُمْ فَأَنْذِرْ} (4922، 4923، 4924، 4925، 4926) ، وفِي كِتَابِ الأنبياء فِي بَابِ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى} (3392) ، وفي الأدب فِي بَابِ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلى السَّمَاءِ (6214)، وفِي بَابِ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ (3238)، وفي تَفْسِيرِ سُورَةِ إِقْرَأ باسم ربك (4953، 4954، 4955، 4956، 4957).
[5]
- خ (7) نَا أَبُوالْيَمَانِ، نَا شُعَيْبٌ، عَنْ الْزُهْرِيّ، هُوَ مَدَارُهُ.
و (4553) نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، (ح، وحَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الْزُهْرِيِّ.
ح (2941) ونَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ) (1)، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ
(1) سقط على الناسخ ما بين القوسين من انتقَالَ النظر، والمتن الذي ساقه المهلب إنما هو لحديث إبراهيم بن حمزة.
عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَيْهِ (1) دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، لِيَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ الله عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ شُكْرًا لِمَا أَبْلَاهُ الله، فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ حِينَ قَرَأَهُ: الْتَمِسُوا لِي هَا هُنَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ، لأَسْأَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُوسُفْيَانَ، قَالَ مَعْمَرٌ: مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ.
قَالَ صَالِحٌ: أَنَّهُ كَانَ بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدِمُوا تُجَّارًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ.
قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: فَوَجَدَنَا رَسُولُ قَيْصَرَ بِبَعْضِ الشَّامِ، فَانْطُلِقَ بِي وَبِأَصْحَابِي، حَتَّى قَدِمْنَا إِيلِيَاءَ، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ، عَلَيْهِ التَّاجُ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ نَسَبًا، قَالَ: مَا قَرَابَةُ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ؟ فَقُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي، وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي، فَقَالَ قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ، وَأَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي عِنْدَ كَتِفِي، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا الرَّجُلَ (عَنْ)(2) الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَني (3) فَكَذِّبُوهُ.
(1) زاد في بعض نسخ الصحيح: مَعَ.
(2)
زيادة من الصحيح لا بد منه لإقامة المتن، وقد سقطت على الناسخ.
(3)
في الهامش ضبط هذه الكلمة بالتخفيف وكتب:
قَالَ محمد بن إسماعيل التيمي: كذبني بالتخفيف، يتعدى إلى مفعولين، مثل صدق، تقول: كذبني الحديث، وصدقني الحديث، قَالَ الله تعالى: لقد صدق الله رسوله الرؤيا.
وكذب بالتشديد يتعدى إلى مفعول واحد، وهما من غريب الألفاظ أهـ.
قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: لَوْلَا الْحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ أَنْ يَأْثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ لَحَدَّثْتُهُ عَنِّي (1).
وقَالَ شُعَيْبٌ: لَكَذَبْتُ عَلَيهِ، وقَالَ مَعْمَرٌ: لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ.
وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثُرُوا الْكَذِبَ عَنِّي، فَصَدَقْتُ.
ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ فِيكُمْ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ عَلَى الْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: فَيَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ الْآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ نَحْنُ نَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ، قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَتَنَقَّصُهُ (2) بِهِ لَا أَخَافُ أَنْ تُؤْثَرَ عَنِّي غَيْرُهَا.
قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ كَانَتْ حَرْبُهُ وَحَرْبُكُمْ؟ قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا وَسِجَالًا، يُدَالُ عَلَيْنَا الْمَرَّةَ وَنُدَالُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، قَالَ: فَمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ الله وَحْدَهُ، ولَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ
(1) لم أجد هذه اللفظة في طرق الحديث في الصحيح.
والذي في رواية صالح بن كيسان: لكذبته حين سألني عنه.
(2)
في الصحيح ح2941: أنتقصه بتقديم النون.
آبَاؤُنَا، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، - قَالَ يُونُسُ: وَالزَّكَاةَ (1) - وَالْعَفَافِ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ.
فَقَالَ لِتَرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ لَهُ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ؛ قُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِقَوْلٍ قَدْ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَدَعَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ فَيَكْذِبَ عَلَى الله، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ منْ مَلِكٍ قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ (يَنُمُّ)(2) حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَرُدُّ (3) أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ، لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا يَغْدِرُونَ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ، وَأَنَّ حَرْبَكُمْ وَحَرْبَهُ دُوَلًا تَكُونُ، يُدَالُ الْمَرَّةَ عَلَيْكُمْ وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الْأُخْرَى، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَتَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ: بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ به؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا الله، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْعَفَافِ،
(1) قد أخرج البخاري حديث يونس مُختصَرًا لم يذكر فيه هذه الجملة ح 3174، 6260.
(2)
هذه اللفظة ليست في الصحيح.
(3)
هكذا في الأصل، وفي الصحيح: يَرْتَدُّ.
وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، قَالَ: وَهَذِهِ صِفَةُ نبيٍ، وقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، وَإِنْ يَكُن مَا قُلْنَا حَقًّا (1) فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ.
قَالَ مَعْمَرٌ: وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ.
وَلَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقِيَّهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ قَدَمَيْهِ.
قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقرأه، فَإِذَا فِيهِ:
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله وَرَسُولِهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الْإِسْلَامِ (2)».
وقَالَ يُونُسُ: «بِدِعَايَةِ» .
وَكَذَلِكَ قَالَ مَعْمَرٌ، وقَالَ يُونُسُ: الْيَرِيسِيِّينَ (3).
قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: فَلَمَّا أَنْ قَضَى مَقَالَتْهُ.
(1) في الصحيح: إن يك ما قلت حقا ..
(2)
داعية ليست في نسخ الصحيح، وهي في صحيح مسلم.
(3)
قَالَ الْحَافِظُ: الأَرِيسِيِّينَ هُوَ جَمْع أَرِيسِيّ، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى أَرِيس بِوَزْنِ فَعِيل، وَقَدْ تُقْلَب هَمْزَته يَاء كَمَا جَاءَتْ بِهِ رِوَايَة أبِي ذَرّ وَالأَصِيلِيّ وَغَيْرهمَا هُنَا.
زَادَ يُونُسُ: وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ.
عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّومِ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ.
وقَالَ شُعَيْبٌ: الصَّخَبُ، وقَالَ مَعْمَرٌ: اللَّغَطُ.
فَلَا أَدْرِي مَاذَا قَالَوا فأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، فَلَمَّا أَنْ خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَوْتُ بِهِمْ، قُلْتُ لَهُمْ: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أبِي كَبْشَةَ، هَذَا مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ يَخَافُهُ.
قَالَ أَبُوسُفْيَانَ: وَالله مَا زِلْتُ ذَلِيلًا مُسْتَيْقِنَا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ الله عز وجل قَلْبِي الْإِسْلَامَ وَأَنَا كَارِهٌ.
قَالَ يُونُسُ فِي حَدِيثِهِ: وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ - صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ - سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّامِ يُحَدِّثُ: أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مُلْكُ (1) الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالَوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَا الْيَهُودُ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ فَلْيَقْتُلُوا مَنْ كان فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ، قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا؟ فَنَظَرُوا - زَادَ شُعَيْبٌ: إِلَيْهِ -، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنْ الْعَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ.
ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي الْعِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابُ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ
(1) الضبط من الأصل.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الصَّلَاحِ، - وقَالَ شُعَيْبٌ: في الْفَلَاحِ - وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَنُبَايِعَ هَذَا النَّبِيَّ، فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى نَفْرَتَهُمْ هِرَقْلُ، وَيئس مِنْ الْإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتْي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ.
وَخَرَّجَهُ في: تَفْسير آل عِمْرَان فِي بَابِ قَوْله {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (4553)، وفِي بَابِ كَيفَ يُكتبُ إلى أَهلِ الكِتَابِ وَدَعْوتِهِم إلى الإسْلامِ قَبْلَ القِتَال (6260)، وفِي بَابِ هَلْ يُرْشِدُ المسلمُ أَهلَ الكِتابِ أَوْ يُعَلمهم الكِتَابَ (2936)، وفي ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد (7196)، وفِي بَابِ ما يجوز من تفسير التوراة مُختصَرًا (7541) ، وفِي بَابِ قوله عز وجل {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} (1)، والحرب سجال مُختصَرًا (2804)، وفِي بَابِ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة الباب (2940، 2941)، وفِي بَابِ فضل الوفاء بالعهد مُختصَرًا (3174)، وفِي بَابِ دعوة اليهود والنصارى وعلى ما يقاتلون وما كتب به إلى كسرى وقيصر (؟)(2)، وفِي بَابِ صلة المرأة أمها ولها زوج مُختصَرًا (5980)، وفِي كِتَابِ
(1) في الأصل زيادة وفِي بَابِ الحرب .. ، فسواهما بابين وهما باب واحد في المطبوعة.
(2)
ليس في هذا الباب ذكر للحديث في المطبوعة، وهو في الباب الذي يليه وذكره المهلب، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ..
الحيض فِي بَابِ تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وقَالَ إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية (1)، وفِي بَابِ من أمر بإنجاز الوعد (2681).
(1) لم يسنده في هذا الموضع بل علقه، لذلك ليس له رقم في المطبوعة، والحديث الذي بعده رقمه 305.