الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبب تأليفه:
قد بينه المهلب في مقدمة كتابه، فقال بعد أن ذكر البخاري بما هو أهله، وذكر كتابه بما يستحقه:«فلذلك رغب إلي منكم راغبون كثير في اختصار تكراره، وتحرير آثاره، حرصًا على قرب أمره، وتأتي حفظه» .
الراويات التي اعتمدها المهلب:
اعتمد المهلب على رواية شيخه أبِي محمد الأصيلي، فأتى بألفاظها، إلا أنه لم يخل النسخة من بعض الفروقات اليسيرة مع رواية القابسي.
والقابسي والأصيلي شيخان للمهلب، مرد روايتيهما إلى أبِي زيد المروزي، ولأن القابسي اعتمد على صاحبه الأصيلي في ضبط نسخته عن أبِي زيد قل الفارق بين النسختين.
وأكثر الروايات موافقة للأصيلي والقابسي رواية الكشميهني كما ظهر لي من مقارنة الروايات بعضها ببعض، وذكرته آنفًا.
فوائد روايات صحيح البخاري:
تقوم النسخة من صحيح البخاري مقام الراوي الثقة عن الشيخ، فاجتماع عامة الروايات عن البخاري على شيء ثم مخالفة رواية عنه لمجموع هذه الروايات هو من قبيل الشاذ الذي يحكم بتخطئته، ولا يعول عليه، ولا سيما إذا لم يكن له خارج البخاري ما يعضده.
مثاله في روايتنا هذه، أعني رواية الأصيلي ما وقع عنده ووافقه عليه الكشميهني من رواية حديث أبِي هريرة في الجهاد «اِنْتَدَبَ اللهُ» الحديث، بلفظ:«ائْتَدَبَ» .
فقال الحافظ رحمه الله تعالى: «اِنْتَدَبَ الله» هُوَ بِالنُّونِ، أَيْ سَارَعَ بِثَوَابِهِ وَحُسْن جَزَائِهِ، إلى أن قال: وَوَقَعَ فِي رِوَايَة الْأَصِيلِيّ هُنَا «ائْتَدَبَ» بِيَاءٍ تَحْتَانِيَّة مَهْمُوزَة بَدَل النُّون مِنْ الْمَأْدُبَة، وَهُوَ تَصْحِيف، وَقَدْ وَجَّهُوهُ بِتَكَلُّفٍ.
لَكِنْ إِطْبَاق الرُّوَاة عَلَى خِلَافه مَعَ اِتِّحَاد الْمَخْرَج كَافٍ فِي تَخْطِئَته أهـ.
ومن فوائد النسخ: تقييد المهمل، فقد يذكر البخاري الراوي ولا ينسبه، وأشهر من في البخاري على هذه الصفة، شيخه محمد، الذي قيل فيه أقاويل كثيرة، فبعض النسخ يكون محمد هذا منسوبًا، فيستفاد منها هذه المعرفة.
وأكثر النسخ اعتناء بتقييد المهمل نسخة ابن السكن الحافظ، وقد روى عنه ابن خلفون في آخر كتابه في شيوخ الشيخين ما يفيد أن كل ما في الصحيح عن محمد عن شيوخ عراقيين هو محمد بن سلام، وما فيه محمد عن عبد الله أو عن المراوزة فهو أَبُوالحسن بن مقاتل، وهذه قاعدة حسنة، والله اعلم.
وفي بعض النسخ أيضا فوائد زائدة عن النسخ الأخرى، قد تكون من زيادات أصحابها أو مما استفاده الرواة عن غير البخاري، فقد نقل الفربري عن وراق البخاري في أماكن عدة.
فَحَكَى الْفَرَبْرِيُّ بعد حديثٍ للزُبَيْرِ بْنِ عَرِبِيٍّ أَنَّهُ وَجَدَ فِي كِتَاب أبِي جَعْفَر مُحَمَّد بْن أبِي حَاتِم وَرَّاق الْبُخَارِيّ - قَالَ: قَالَ أَبُوعَبْد الله يَعْنِي الْبُخَارِيّ: الزُّبَيْر بْن عَرَبِيّ هَذَا بَصْرِيّ، وَالزُّبَيْر بْن عَدِيّ كُوفِيّ، اِنْتَهَى.
هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ أبِي ذَرٍّ عَنْ شُيُوخه عَنْ الْفَرَبْرِيِّ.
وغالب زيادات الفربري عن أبِي جعفر رواها أَبُوذر.
قال الحافظ في شرح حديث ابن عمر: «مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ» : قَوْلُهُ: (قَالَ الْفَرَبْرِيّ: قَالَ أَبُوجَعْفَر) هُوَ مُحَمَّد بْن أبِي حَاتِم الْبُخَارِيّ وَرَّاق الْبُخَارِيّ، وَقَدْ ذَكَرَ عَنْهُ الْفَرَبْرِيّ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَوَائِد كَثِيرَة عَنْ الْبُخَارِيِّ وَغَيْره، وَثَبَتَتْ هَذِهِ الْفَائِدَة فِي رِوَايَةِ أبِي ذَرّ عَنْ مَشَايِخِهِ الثَّلَاثَةِ وَسَقَطَتْ لِغَيْرِهِ أهـ.
وقوله: سقطت لغيره فيه نظر.
وربما لم يسمِّ الفربري عمن أخذ الفائدة، ففي بعض النسخ بعد حديث «فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ» ، الحديث، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ: ذُكِرَ عَنْ أبِي عَبْدِ الله عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ هُمْ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أبِي بَكْرٍ فَقَاتَلَهُمْ أَبُوبَكْرٍ رضي الله عنه.
وربما زاد الفائدة عن البخاري، كما ثبت في بعض النسخ في الأطعمة قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُولُ: إِذَا كَانَ الْقَوْمُ عَلَى الْمَائِدَةِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُنَاوِلُوا مِنْ مَائِدَةٍ إِلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى وَلَكِنْ يُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي تِلْكَ الْمَائِدَةِ أَوْ يَدَعُ أهـ.