الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلافة المتقي لله
وهو حادي عشرينهم، لما مات الراضي، بقي الأمر موقوفاً، انتظاراً لقدوم أبي عبد الله الكوفي، كاتب بجكم، من واسط، وكان بجكم بها أيضاً، واحتيط على دار الخلافة، فورد كتاب بجكم مع أبي عبد الله الكوفي، كاتب بجكم، يأمر فيه أن يجتمع مع أبي القاسم، سليمان بن الحسن، وزير الراضي، كل من تقلد الوزارة، وأصحاب الدواوين والعلويون والقضاة والعباسيون ووجوه البلد، ويشاورهم الكوفي فيمن ينصب للخلافة، فاجتمعوا واتفقوا على إِبراهيم بن المقتدر بالله، أبي الفضل جعفر، وبويع له بالخلافة في العشرين من ربيع الأول، وعرضت عليه الألقاب فاختار المتقي لله، ولما بويع له سير الخلع واللواء إِلى بجكم، وهو بواسط، وكان بجكم قبل استخلاف المتقي، قد أرسل إِلى دار الخلافة، وأخذ منها فرشاً وآلات كان يستحسنها، وجعل سلامة الطولوني حاجب المتقي، وأقر سليمان بن الحسن وزير الراضي على وزارته، وليس له من الوزارة إِلا اسمها، وإنما التدبير كله إِلى الكوفي كاتب بجكم.
قتل ماكان بن كاكي
كان ماكان بن كاكي قد استولى على جرجان، فقصده أحد قواد السامانية بعسكر خراسان، وهو أبو علي بن محمد بن مظفر بن المحتاج، فهزم ماكان عن جرجان، فقصد ماكان طبرستان وأقام بها. ثم سار أبو علي بن المحتاج المذكور عن جرجان إِلى الري، ليستولي عليها، وبها وشمكير بن زيار أخو مرداويج فأرسل وشمكير يستنجد ماكان بن كاكي من طبرستان، فقدم ماكان بن كاكيَ من طبرستان، وبقي مع وشمكير، وقاتلهما أبو علي بن المحتاج، فجاء سهم غرب فوقع فَي رأس ماكان، ونفذ من الخوذة إِلى جبينه، حتى طلع من قفاه، فوقع ماكان بن كاكي ميتاً، وهرب وشمكير إِلى طبرستان، واستولى أبو علي ابن المحتاج على الري.
قتل بجكم وفي هذه السنة قتل بجكم، وكان بجكم قد أرسل جيشاً إِلى قتال أبي عبد الله البريدي. ثم سار من واسط في أثرهم، فأتاه الخبر بنصرة عسكره، وهرب البريدي. فقصد الرجوع إِلى واسط، وبقي يتصيد في طريقه حتى بلغ نهر جور، فسمع أن هناك أكراداً لهم مال وثروة، فشرهت عينه، وقصدهم في جماعة قليلة، وأوقع بهم، فهربوا من بين يدي بجكم، وجاء صبي من الأكراد من خلف بجكم، وطعنه برمح فيِ خاصرته ولا يعرفه، فمات بجكم من تلك الطعنة. ولما بلغ قتله المتقي، استولى على دار بجكم وأخذ منها أموالاً عظيمة، وأكثرها كانت مدفونة، وأتى البريدي الفرج بقتل بجكم من حيث لا يحتسب. وكانت مدة إِمارة بجكم
سنتين وثمانية أشهر وأياماً. ولما قتل بجكم سار البريدي إِلى بغداد واستولى على الأمر أياماً، ثم أخرجه العامة عنها لسوء سيرته، ثم استولى على الأمر كورتكين مدة قليلة، فسار ابن رائق من الشام إلى بغداد، واستخلف على الشام أبا الحسن أحمد بن علي بن مقاتل ولما وصل ابن رائق إِلى بغداد جرى بينه وبين كورتكين قتال، آخره أن ابن رائق انتصر على كورتكين وهزمه، ثم ظفر بعد ذلك ابن رائق بكورتكين وحبسه، وقلد المتقي لابن رائق إِمرة الأمراء ببغداد.
غير ذلك من الحوادث فيها توفي متى بن يونس، الحكيم الفيلسوف، وبختيشوع بن يحيى الطبيب.
ثم دخلت سنة ثلاثين وثلاثمائة.
استيلاء ابن البريدي علي بغداد وقتل ابن رائق في هذه السنة، عاد البريدي فاستولى على بغداد، وهرب ابن رائق والخليفة المتقي إِلى جهة الموصل، ونهب البريدي بغداد، وحصل منه من الجور والظلم والعسف ما لا زيادة عليه، ولما وصل المتقي وابن رائق إلى تكريت، كاتبا ناصر الدولة ابن حمدان يستمدانه، وقدما إِلى الموصل، فخرج عنها ناصر الدولة إِلى الجانب الآخر، فأرسل المتقي إِليه ابنه أبا منصور، وابن رائق، فأكرمهما ناصر الدولة، ونثر على ابن الخليفة دنانير، ولما قاما لينصرفا، أمر ناصر الدولة أصحابه بقتل ابن رائق فقتلوه. ثم سار ابن حمدان إِلى المتقي، فخلع المتقي عليه وجعله أمير الأمراء، ولك في مستهل شعبان من هذه السنة، وخلع على أخيه أبي الحسن علي، ولقبه سيف الدولة، وكان قتل ابن رائق يوم الاثنين، لسبع بقين من رجب من هذه السنة، أعني سنة ثلاثين وثلاثمائة، ولما بلغ الأخشيد صاحب مصر قتل ابن رائق، سار إلى دمشق، فاستولى عليها. ثم سار المتقي وناصر الدولة إِلى بغداد، فهرب عنها ابن البريدي، ونهب الناس بعضهم بعضاً ببغداد، وكان مقام ابن البريدي ببغداد ثلاثة أشهر وعشرين يوماً، ودخل المتقي إِلى بغداد ومعه بنو حمدان في جيوش كثيرة في شوال من هذه السنة. ولما استقر ناصر الدولة ببغداد، أمر بإِصلاح الدنانير، وكان الدينار بعشرة دراهم، فبيع الدينار بثلاثة عشر درهماً.
غير ذلك من الحوادث فيها مات أبو بكر محمد بن عبد الله المحاملي الفقيه الشافعي، ومولده سنة خمس وثلاثين ومائتين. وفيها توفي أبو الحسن علي بن إِسماعيل بن أبي بشر الأشعري، وكان مولده سنة ستين ومائتين ببغداد، ودفن بمشرعة الزوايا ثم طمس قبره خوفاً عليه، لئلا تنبشه الحنابلة وتحرقه، فإنهم عزموا على ذلك مراراً عديدة، ويردهم السلطان عنه. وهو من ولد أبي