الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلت جثته على خشبة، وقتل كل من كان معه وتفرق عسكر تاشفين، وسار عبد المؤمن إلى تلمسان وهي مدينتان بينهما شوط فرس، إحداهما اسمها قاروت بها أصحاب السلطان، والأخرى اسمها أفادير فملك عبد المؤمن قاروت أولاً، ثم قرر أمرها وجعل على أفادير جيشاً يحصرها، ثم سار عبد المؤمن إلى فاس وملكها بالأمان في آخر سنة أربعين وخمسمائة ورتب أمرها، ثم سار إلى سلا ففتحها
في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وفتح عسكره أفادير بعد حصار سنة، وقتلوا أهلها، ثم سار عبد المؤمن ونازل مراكش، وكان قد مات علي بن يوسف صاحبها، وملك بعده ابنه تاشفين بن علي، ثم ملك بعده أخوه إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين وهو صبي، فحاصرها عبد المؤمن أحد عشر شهراً وفتحها بالسيف وأمسك الأمير إسحاق وجماعة من أمراء المرابطين وجعل إسحاق يرتعد ويسأل العفو عنه، ويدعو لعبد المؤمن ويبكي، فقال له سير وهو من أكبر أمراء المرابطين وكان مكتوفاً: تبكي على أبيك وأمك، اصبر صبر الرجال، وبزق في وجه إسحاق، ثم قال عبد المؤمن إن هذا الرجل لا يدين الله بدين، فنهض الموحدون وقتلوا سير المذكور بالخشب، وقدم إسحاق على صغر سنه فضربت عنقه، سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وهو آخر ملوك المرابطين،. وبه انقرضت دولتهم، وكانت مدة ملكهم ثمانين سنة، لأن يوسف بن تاشفين حكم في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وانقرضت دولتهم في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وولى منهم أربعة: يوسف بن تاشفين وابنه علي بن يوسف وتاشفين بن علي، وإسحاق بن علي. ولما فتح عبد المؤمن مراكش استوطنها وبنى بقصر ملوك مراكش جامعاً وزخرفه، وهدم الجامع الذي بناه يوسف بن تاشفين، وكان ينبغي ذكر هذه الوقائع في مواضعها، وإنما قدمت لتتبع الأحاديث بعضها بعضاً. سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وفتح عسكره أفادير بعد حصار سنة، وقتلوا أهلها، ثم سار عبد المؤمن ونازل مراكش، وكان قد مات علي بن يوسف صاحبها، وملك بعده ابنه تاشفين بن علي، ثم ملك بعده أخوه إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين وهو صبي، فحاصرها عبد المؤمن أحد عشر شهراً وفتحها بالسيف وأمسك الأمير إسحاق وجماعة من أمراء المرابطين وجعل إسحاق يرتعد ويسأل العفو عنه، ويدعو لعبد المؤمن ويبكي، فقال له سير وهو من أكبر أمراء المرابطين وكان مكتوفاً: تبكي على أبيك وأمك، اصبر صبر الرجال، وبزق في وجه إسحاق، ثم قال عبد المؤمن إن هذا الرجل لا يدين الله بدين، فنهض الموحدون وقتلوا سير المذكور بالخشب، وقدم إسحاق على صغر سنه فضربت عنقه، سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وهو آخر ملوك المرابطين،. وبه انقرضت دولتهم، وكانت مدة ملكهم ثمانين سنة، لأن يوسف بن تاشفين حكم في سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وانقرضت دولتهم في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وولى منهم أربعة: يوسف بن تاشفين وابنه علي بن يوسف وتاشفين بن علي، وإسحاق بن علي. ولما فتح عبد المؤمن مراكش استوطنها وبنى بقصر ملوك مراكش جامعاً وزخرفه، وهدم الجامع الذي بناه يوسف بن تاشفين، وكان ينبغي ذكر هذه الوقائع في مواضعها، وإنما قدمت لتتبع الأحاديث بعضها بعضاً.
ذكر غير ذلك:
وفي هذه السنة أعني سنة أربع عشرة وخمسمائة أغار جوسلين الفرنجي صاحب الرها على جموع العرب والتركمان وكانوا نازلين بصفين، فغنم من أموالهم ومواشيهم شيئاً كثيراً، ثم عاد جوسلين إلى بزاعة فخر بها. وفيها في جمادى توفي أبو سعد عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري الإمام ابن الإمام، ولما توفي جلس الناس في البلاد البعيدة لعزائه.
ثم دخلت سنة خمس عشرة وخمسمائة.
ذكر وفاة صاحب إفريقية في هذه السنة توفي الأمير علي بن يحيى بن تميم صاحب إفريقية، في ربيع الآخر، وكانت إمارته خمس سنين وأربعة أشهر، وولي بعده ابنه الحسن بن علي وعمره اثنتا عشرة سنة، بعهد من أبيه، وقام بتدبير دولته صندل الخصي، وبقي صندل مدة ومات، وصار مدبر دولته القائد أبا غر بن موفق.
ذكر غير ذلك من الحوادث: في هذه السنة أقطع السلطان محمود الموصل وأعمالها كالجزيرة وسنجار، للأمير أقسنقر البرسقي. وفيها قتل بمصر أمير الجيوش الأفضل بن بدر الجمالي، وكان قد ركب بمصر ومعه جمع كثير، فتأذى من الغبار، فسار قدامهم ومعه نفران، فوثب عليه ثلاثة بسوق الصياقلة وضربوه بالسكاكين، وأدركهم أصحابه فقتلوا الثلاثة، وحمل الأفضل إلى داره فمات بها وبقي الآمر بأحكام الله الخليفة العلوي صاحب مصر، ينقل من دار الأفضل الأموال ليلاً ونهاراً أربعين يوماً، ووجد له من الأموال والتحف ما لا يحصى، وكان عمر الأفضل سبعً وخمسين سنة وولايته ثمانياً وعشرين سنة، وقيل إن الآمر هو الذي جهز عليه من قتله، ولما قتل الأفضل ولي الآمر بأحكام الله بعده أبا عبد الله البطائحي.
وفيها عصى سليمان بن أيلغازي بن أرتق على أبيه بحلب وكان فيمن حسن له ذلك إنسان من أهل حماة من بيت قرناص، وكان قد قدمه أيلغازي على أهل حلب، فجاراه بذلك، ولما سمع أيلغازي بذلك سار مجدّاً من ماردين وهاجم حلب وقطع يدي ابن قرناص ورجليه وسمل عينيه فمات، وأحضر ولده سليمان وأراد قتله فلحقته رقة الوالد فاستبقاه، وهرب سليمان إلى عند طغتكين بدمشق، واستناب أيلغازي على حلب ابن أخيه واسمه سليمان أيضاً بن عبد الجبار بن أرتق، وعاد أيلغازي إلى ماردين.
وفيها أقطع السلطان محمود ميافارقين للأمير أيلغازي المذكور، وفيها كان بين بلك بن بهرام بن أرتق وبين جوسلين حرب، انتصر فيها بلك وقتل من الفرنج وأسر جوسلين وأسر معه ابن خالته كليام وأسر جماعة من فرسانه المشهورين، وبذل جوسلين في نفسه أموالاً كثيرة فلم يقبلها بلك، وسجنهم في قلعة خرتبرت. وفيها تضعضع الركن اليماني من البيت الحرام شرفه الله تعالى، من زلزلة وانهدم بعضه. وفيها توفي أبو محمد القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري مصنف كتاب المقامات المشهورة، ولد في حدود سنة ست وأربعين وأربعمائة، وكان إماماً في النحو واللغة، وصنف عدة مصنفات منها: المقامات التي طبق الأرض شهرتها، وكان الذي أمره بتصنيفها أنوشروان بن خالد بن محمد وزير السلطان محمود، فإن الحريري عمل مقامه واحدة على وضع مقامات البديع وعرضها على أنوشروان، وكان الحريري قد أولع بنتف لحيته والعبث بها، وقدم بغداد وسكن في الحريم، ووقع بينه وبين ابن جكينا مهاجاة، ثم نفي الحريري إلى المشان فقال فيه ابن جكينا يهجوه:
شيخ لنا من ربيعة الفرس
…
ينتف عثنونه من الهوس
أنطقه الله في المشان وقد
…
ألجمه في الحريم بالخرس
والمشان موضع من أعمال بغداد، وكان إذا غضب على شخص نفي إليه، وكان الحريري بصرى المولد والمنشأ وينتسب إلى ربيعة الفرس وخلف ولدين أحدهما عبيد الله، وهو أحد رواة المقامات عن والده، والثاني كان متفقهاً.
وفيها أعني سنة خمس عشرة وخمسمائة قتل مؤيد الدين الحسين بن علي ابن محمد الطغرائي المنشي الدؤلي من ولد أبي الأسود الدؤلي من أهل أصفهان وكان عالماً فاضلاً شاعراً كاتباً منشئاً، خدم السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان وكان متولياً ديوان الطغر، ثم بقي على علو منزلته حتى استوزره السلطان مسعود، وجرى بينه وبين أخيه محمود الحرب، وانهزم مسعود فأخذ الطغرائي أسيراً وقتل صبراً، ومن شعره قصيدته المشهورة التي أولها:
أصالة الرأي صانتني عن الخطل
…
وحلية الفضل زانتي لدى العطل
هكذا ذكره القاضي شهاب الدين. وما الشيخ عز الدين علي بن الأثير فذكر أن قتل الطغرائي كان في سنة أربع عشرة وخمسمائة، وقال عنه السلطان محمود: قد ثبت عندي فساد عقيدته، وأمر بقتله وكان الطغرائي قد جاوز ستين سنة، وكان يميل إلى عمل الكيمياء.
وفيها أعني سنة خمس عشرة وخمسمائة، توفي بمصر علي بن جعفر بن علي محمد، المعروف بابن القطاع النحوي العروضي. وكان أحد الأئمة في علم الأدب واللغة، وله عدة مصنفات، ولد في سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة.
ثم دخلت سنة ست عشرة وخمسمائة فيها قتل السلطان محمود جيوش بك، وهو الذي كان قد خرج على السلطان مع مسعود أخي السلطان ولما أمن محمود أخاه جيوش بك وأقطعه أذربيجان، سعت به الأمراء إلى محمود فقتله في رمضان على باب تبريز.
ذكر وفاة أيلغازي في هذه السنة في رمضان، توفي أيلغازي بن أرتق، وملك بعده ابنه تمرتاق قلعة ماردين، وملك ابنه سليمان ميافارقين، وكان بحلب ابن أخيه سليمان بن عبد الجبار بن أرتق، فبقي بها حاكماً إلى أن أخذها منه ابن عمه بلك بن بهرام بن رتق. وفيها أقطع السلطان محمود مدينة واسط لأقسنقر. البرسقي، زيادة على ما بيده من الموصل وأعمالها، فاستعمل البرسقي على واسط عماد الدين زنكي بن أقسنقر.
وفيها توفي عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد ومولده سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وكان ثقة حافظاً للحديث.
ثم دخلت سنة سبع عشرة وخمسمائة في هذه السنة كان الحرب بين الخليفة المسترشد بالله وبين دبيس بن صدقة، فخرج الخليفة بنفسه، مع من اجتمع إليه، واشتد القتال بينه وبين دبيس، فانهزم دبيس وعسكره، وسار دبيس إلى غزية من العرب فلم يطيعوه فراح إلى المنتفق واتفقوا معه، وسار إلى البصرة، ونهبها، ثم سار دبيس إلى الشام وصار مع الفرنج، وأطمعهم في ملك حلب.
وفيها سلم سليمان بن عبد الجبار بن أرتق