الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عظيمة قيمتها ألف ألف دينار.
ثم دخلت سنة أربع وسبعين وثلاثمائة في هذه السنة ولى أبو طريف عليان ابن ثمال الخفاجي حماية الكوفة وهي أول إِمارة بني ثمال. وفيها توفي أبو الفتح محمد بن الحسين الموصلي الحافظ المشهور. وفيها توفي بميافارقين الخطيب أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة، صاحب الخطب المشهورة، وكان إِماماً في علوم الأدب، ووقع الإجماع على أنه ما عمل مثل خطبه، وصار خطيباً بحلب مدة، وبها اجتمع بالمتنبي، ثم اجتمع بالمتنبي في خدمة سيف الدولة بن حمدان، وكان الخطيب المذكور رجلا صالحاً، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له: مرحباً يا خطيب الخطباء، كيف تقول: كأنهم لم يكونوا للعيون قرة، ولم يعدوا في الأحياء مرة. قال الخطيب تتمة هذه الخطبة وهي المعروفة بخطبة المنام، وأدناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفل في فيه، فبقي الخطيب بعد هذه الرؤيا ثلاثة أيام لم يطعم طعاماً ولا يشتهيه، ويوجد من فيه مثل رائحة المسك. ولم يعش بعد ذلك إِلا أياماً يسيرة وكان مولده سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وفي هذه السنة قصدت القرامطة الكوفة، مع نفرين من الستة الذي سموهم السادة، ففتحوها ونهبوها، فجهز صمصام الدولة بن عضد الدولة إِليهم جيشاً، فانهزمت القرامطة، وكثر القتل فيهم، وانحرفت هيبتهم، وقد حكى ابن الأثير في حوادث هذه السنة، والعهدة على الناقل، أنه خرج في هذه السنة بعُمان طائر من البحر كبير، أكبر من الفيل، ووقف على تل هناك وصاح بصوت عال، ولسنان فصيح، قد هرب، قالها ثلاث مرات، ثم غاص في البحر فعل ذلك، ثلاثة أيام ولم ير بعد ذلك.
ثم دخلت سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
ملك شرف الدولة
بن عضد الدولة العراق وقبضه على أخيه صمصام الدولة
في هذه السنة سار شرف الدولة شيرزيك بن عضد الدولة، من الأهواز إلى واسط، فملكها، وأشار أصحاب صمصام الدولة عليه بالمسير إلى الموصل أو غيرها، فأبى صمصام الدولة، وركب بخواصه وحضر إِلى عند أخيه شرف الدولة مستأمناً، فلقيه شرف الدولة، وطيب قلبه فلما خرج من عنده، غدر به وقبض عليه، وسار شرف الدولة شيرزيك حتى دخل بغداد في رمضان، وأخوه صمصام الدولة معتقل معه، وكانت إِمارة صمصام الدولة ببغداد ثلاث سنين، ثم نقله إِلى فارس، فاعتقله في قلعة هناك.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة توفي المظفر الحاجب صاحب البطيحة، وولى بعده ابن أخته أبو الحسن علي بن نصر، بعهد من المظفر، ووصل إِليه التقليد من بغداد بالبطيحة، ولقب مهذب الدولة، فأحسن السيرة، وبذل الخير والإِحسان، وفيها توفي ببغداد أبو علي الحسن بن أحمد بن
عبد الغفار الفارسي النحوي، صاحب الإِيضاح، وقد جاوز تسعين سنة، وقيل كان معتزلياً، ولد في مدينة فسا، واشتغل ببغداد، وكان إِمام وقته في علم النحو، ودار البلاد، وأقام بحلب عند سيف الدولة بن حمدان مدة، ثم انتقل إِلى بلاد فارس، وصحب عضد الدولة، وتقدم عنده، ومن تصانيفه كتاب التذكير، وهو كبير، وكتاب المقصور والمدود، وكتاب الحجة في القراءات، وكتاب العوامل المائة، وكتاب المسائل الحلبيات، وغير ذلك.
ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ودخلت سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة فيها سير العزيز صاحب مصر العلوي، عسكراً مع القائد منير الخادم إِلى دمشق، ليعزل بكجور، عنها، ويتولاها، فلما قرب منها خرج بكجور وقاتله عند داريا، ثم انهزم بكجور، ودخل البلد، وطلب الأمان، فأجابه منير إِلى ذلك، فسار بكجور إلى الرقة، فاستولى عليها، واستقر منير في إِمارة دمشق، وأحسن السيرة في أهلها. وفي هذه السنة في المحرم، أهدى الصاحب بن عباد، ديناراً وزنه ألف مثقال، إِلى فخر الدولة علي بن ركن الدولة حسن وعلى الدينار مكتوب:
وأحمر يحكي الشمس شكلاً وصورة
…
فأوصافها مشتقة من صفاتهِ
فإن قيل دينارٌ فقد صدق اسمه
…
وإن قيل ألف فهو بعضُ سماته
بديعٌ ولم يطبعْ على الدهرِ مثلهُ
…
ولا ضربتَ أضرابه لسراتهَ
وصار إِلى شاهان شاه انتسابُهُ
…
على أنه مستصغرُ لعفاتهِ
يخبر أن يبقى سنيناً كوزنه
…
لتستبشر الدنيا بطول حياتهِ
وفي هذه السنة توفي أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد بن إِسحاق الحاكم النيسابوري صاحب التصانيف المشهورة.
ثم دخلت سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وفيها أرسل شرف الدولة، محمد الشيرازي، ليسمل أخاه صمصام الدولة المرزبان، فوصل إِلى القلعة التي بها صمصام الدولة محبوساً بعد موت شرف الدولة، وسمل صمصام الدولة فأعماه.
وفاة شرف الدولة في هذه السنة في مستهل جمادى الآخرة، توفي الملك شرف الدولة أبو الفوارس شيرزيك بن عضد الدولة بالاستسقاء، وحمل إِلى مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فدفن به، وكانت إِمارته بالعراق سنتين وثمانية أشهر، وكان عمره ثمانياً وعشرين سنة وخمسة أشهر، ولما مات استقر في الإمارة موضعه أخوه أبو نصر بهاء الدولة، وقيل اسمه خاشاذ بن عضد الدولة، وخلع عليه الطائع وقلده السلطنة.
الفتنة ببغداد وفي هذه السنة، وقعت الفتنة أيضاً بين الأتراك والديلم، ودام القتال بينهم خمسة أيام وبهاء الدولة في داره، يراسلهم في الصلح فلم يسمعوا، ودام ذلك بينهم اثني عشر يوماً، ثم صار بهاء