الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدولة مع الأتراك فضعفت الديلم، وأجابوا إِلى الصلح، ثم من بعد ذلك أخذ أمر الأتراك في القوة، وأمر الديلم في الضعف.
هرب القادر إِلى البطيحة في هذه السنة هرب أبو العباس أحمد بن الأمير إِسحاق بن المقتدر إِلى البطيحة، فاحتمى فيها، وكان سببها أن الأمير إِسحاق بن المقتدر والدالقادر، لما توفي جرى بين ابنه أحمد الذي تسمى فيما بعد بالقادر، وبين أخت له، منازعة على ضيعة، وكان الطائع قد مرض وشفي، فسعت بأخيها المذكور إِلى الطائع، وقالت: إِن أخي شرع في طلب الخلافة عند مرضك، فتغير الطائع على أخيها أحمد، وأرسل ليقبضه، فهرب المذكور واستتر، ثم سار إِلى البطيحة، فنزل على مهذب الدولة صاحب البطيحة، فأكرمه مهذب الدولة، ووسع عليه وبالغ في خدمته.
عود بني حمدان إِلى الموصل كان ابنا ناصر الدولة، وهما أبو الطاهر إبراهيم، وأبو عبد الله الحسين، في خدمة شرف الدولة بن عضد الدولة ببغداد، فلما توفي شرف الدولة، وملك أخوه بهاء الدولة، استأذناه في المسير إِلى الموصل، فأذن لهما بهاء الدولة في ذلك، فسار أبو طاهر وأبو عبد الله الحسين المذكوران إِلى الموصل، فقاتلهما العامل الذي بها، واجتمع إليهما المواصلة، فاستوليا على الموصل، وطردا عاملها، والعسكر الذي قاتلهما إِلى بغداد، واستقرا في الموصل. وفي هذه السنة توفي محمد بن أحمد ابن العباس السلمي النقاش، وكان من متكلمي الأشعرية.
ثم دخلت سنة ثمانين وثلاثمائة.
قتل باد
صاحب ديار بكر وابتداء دولة بني مروان
في هذه السنة طمع باد صاحب ديار بكر في ابني ناصر الدولة، وهما أبو طاهر إبراهيم، وأبو عبد الله الحسين، المستوليان علي الموصل، فقصدهما، وجرى بينهم قتال شديد، قتل فيه باد، وحمل رأسه إِليهما، وكان باد المذكور، خال أبي علي بن مروان، فلما قتل باد، سار أبو علي بن أخته إِلى حصن كيفا، وكان بالحصن امرأة خال باد المذكور وأهله، فقال لامرأة باد: قد أنفذني خالي إِليك في مهم، فلما صعد إِليها أعلمها بهلاك خاله، وأطمعها في الترويج بها، فوافقته على ملك الحصن وغيره، ونزل أبو علي بن مروان، وصلك بلاد خاله حصناً حصناً، حتى ملك ما كان لخاله جميعه، وجرى بينه وبين بي طاهر وأبي عبد الله ابني العزيز ناصر الدولة حروب، ثم مضى أبو علي بن مروان إِلى مصر، وتقلد من الخليفة العزيز بالله العلوي ولاية حلب، وتلك النواحي، وعاد إلى مكانه من ديار بكر، وأقام بتلك الديار إِلى أن اتفق بعض أهل آمد مع شيخهم عبد البر، فقتلوا أبا علي بن مروان المذكور، عند خروجه
من باب البلد بالساكين، وكان المتولي لقتله رجلا من أهل آمد، يقال له ابن دمنة، فلما قُتل أبو علي بن مروان، استولى عبد البر شيخ آمد عليها، وزوج ابن دمنة بابنته، فوثب ابن دمنة فقتل عبد البر أيضاً، واستولى ابن دمنة على آمد واستقر فيها، وكان لأبي علي ابن مروان، أخ يقال له ممهد الدولة، فلما قتل أبو علي، سار ممهد الدولة بن مروان إلى ميافارقين، فملكها وملك غيرها، من بلاد أخيه، وكان في جماعة ممهد الدولة رجل اسمه شموه، وهو من أكابر العسكر، فعمل دعوة لممهد الدولة وقتله فيها، واستولى شروه على غالب بلاد بني مروان، وذلك في سنة اثنتين وأربعمائة، وكان لممهد الدولة أخ آخر اسمه أبو نصر أحمد، وكان قد حبسه أخوه أبو علي بن مروان، بسبب رؤيا رآها، وهو أنه رأى أن الشمس في حجره، وقد أخذها منه أخوه أبو نصر، فحبسه لذلك، فلما قتل ممهد الدولة، أخرج أبو نصر من الحبس، واستولى على أرزن، وفي ذلك جميعه، وأبوهم مروان باق وهو أعمى، مقيم بأرزن عند قبر ولده أبي علي، ولما استقر أمر أبي نصر، انتقض أمر شروه، وخرجت البلاد عن طاعته، واستولى أبو نصر على سائر بلاد ديار بكر، ودامت أيامه، وحسنت سيرته، وبقي كذلك من سنة اثنتين وأربعمائة إلى سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة على ما سنذكره إِن شاء الله تعالى.
ملك أبي الذواد الموصل في هذه السنة، أعني سنة ثمانين وثلاثمائة استولى أبو الذواد محمد بن المسيب بن رافع بن المقلد بن جعفر أمير بني عقيل على الموصل، وقتل أبا الطاهر ابن ناصر الدولة بن حمدان، وقتل أولاده وعدة من قواده، بعد قتال جرى بينهما، واستقر أمر أبي الذواد بالموصل. ثم دخلت سنة إِحدى وثمانين وثلاثمائة.
القبض على الطائع لله في هذه السنة قبض بهاء الدولة بن عضد الدولة، على الطائع لله عبد الكريم، وكنيته أبو بكر بن المفضل المطيع لله بن جعفر المقتدر بن المعتضد بن الموفق بن المتوكل، بسبب طمع بهاء الدولة في مال الطائع، ولما أراد بهاء الدولة ذلك، أرسل إِلى الطائع وسأله الإذن ليجدد العهد به، فجلس الطائع على كرسي ودخل بعض الديلم، كأنه يريد تقبيل يد الخليفة، فجذبه عن سريره، والخليفة يقول: إِنا لله وإنا إليه راجعون. ويستغيث، فلا يغاث، وحمل الطائع إِلى دار بهاء الدولة، وأشهد عليه بالخلع، وكانت خلافته سبع عشرة سنة وثمانية أشهر. وأياماً، ولما تولى القادر حُمل إليه الطائع، فبقي عنده مكرماً إِلى أن توفي الطائع سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ليلة الفطر، وكان مولده سنة سبع عشرة وثلاثمائة، ولم يكن للطائع في ولايته من الحكم ما يستدل به على حاله، وكان في الناس الذين حضروا القبض على الطائع الشريف