المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وتفرق ممالك الأندلس، وأخبار الدولة العلوية بها - المختصر في أخبار البشر - جـ ٢

[أبو الفداء]

فهرس الكتاب

- ‌خلافة المهدي

- ‌خلافة الهادي

- ‌بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب

- ‌خلافة الرشيد بن المهدي

- ‌خلافة الأمين

- ‌وقتل ذي الرياستين

- ‌وذكرهم عن آخرهم

- ‌رحمه الله

- ‌رحمه الله تعالى

- ‌خلافة المعتصم

- ‌وإمساك العباس بن المأمون وحبسه وموته

- ‌خلافة ابنه الواثق

- ‌خلافة المتوكل جعفر بن المعتصم

- ‌خلافة المستعينأحمد بن محمد المعتصم

- ‌خلافة المهتدي

- ‌خلافة المعتمد على الله

- ‌ما وراء النهر، وابتداء أمر الساماني

- ‌ أحمد المعتضد بالله

- ‌خلافة أبي العباس

- ‌خلافة المكتفي بالله

- ‌وانقراض ملك بني طولون

- ‌خلافة المقتدر باللهأبي الفضل جعفر بن المعتضد بالله

- ‌بن عبد الله بن إِبراهيم ابن أحمد بن محمد بن إِبراهيم بن الأغلب

- ‌خلافة القاهر بالله

- ‌خلافة الراضي بالله

- ‌وولاية ولده القائم

- ‌وحكاية شيء من منصبه الخبيث

- ‌غير ذلك من الحوادث

- ‌خلافة المتقي لله

- ‌غير ذلك من الحوادث

- ‌خلافة المستكفي بالله

- ‌خلع المستكفي وخلافة المطيع

- ‌بن أحمد بن إِسماعيل وولاية ابنه عبد الملك

- ‌ما جرى في هذه السنة بين المعز العلوي وعبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس

- ‌غير ذلك من الحوادث

- ‌خلع المطيع وخلافة ابنه الطايع

- ‌بن عضد الدولة العراق وقبضه على أخيه صمصام الدولة

- ‌صاحب ديار بكر وابتداء دولة بني مروان

- ‌خلافة القادر باللهأبي العباس أحمد بن الأمير وإسحاق بن المقتدر بن المعتضد

- ‌وملكه حلب وأخبار ولده إلى سنة اثنتَين وسبعين وأربعمائة

- ‌وتفرق ممالك الأندلس، وأخبار الدولة العلوية بها

- ‌بن، بهاء الدولة بن عضد الدولة العراق

- ‌وفاة القادر باللهخلافة القائم بأمر الله

- ‌وهو سادس عشرينهم

- ‌وسياق أخبار من ملك بعده من أهل بيته إلى آخرهم

- ‌وهزيمة المعز بن باديس

- ‌خليفة مصر وما كان إلى قتل البساسيري

- ‌ذكر غير ذلك

- ‌وقتل ناصر الدولة

- ‌خلافة المقتدي بأمر الله

- ‌ذكر غير ذلك

- ‌ذكر غير ذلك

- ‌ذكر غير ذلك من الحوادث

- ‌وانقراض دولة الصنهاجية منها:

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌وحال أخيه بركيارق بن ملكشاه:

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌خلافة المستظهر بالله

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌ذكر غير ذلك من الحوادث:

- ‌ذكر غير ذلك من الحوادث:

- ‌وملكهم أنطاكية وغيرها

- ‌‌‌ذكر غير ذلك من الحوادث:

- ‌ذكر غير ذلك من الحوادث:

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌لعنهم الله تعالى وقتل جناح الدولة صاحب حمص

- ‌ذكر غير ذلك

- ‌ذكر غير ذلك من الحوادث

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌واستيلاء الفرنج عليها:

- ‌وموت جكرمش وقليج أرسلان

- ‌‌‌ذكر غير ذلك من الحوادث

- ‌ذكر غير ذلك من الحوادث

- ‌ذكر غير ذلك

- ‌وقتل مودود بن الطونطاش صاحب الموصل:

- ‌ذكر غير ذلك

- ‌ذكر غير ذلك

- ‌واستيلاء أيلغازي عليها:

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌خلافة المسترشد

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌ذكر غير ذلك:

- ‌ذكر قتل بلك:

- ‌ذكر غير ذلك

الفصل: ‌وتفرق ممالك الأندلس، وأخبار الدولة العلوية بها

الدولة أبا محمد الحسن بن سهلان.

وفيها توفي أبو نصر قرا خان صاحب تركستان، وقيل في سنة ثمان ورأبعمائة على ما سنذكره إِن شاء الله تعالى. وفيها توفي الشريف الحسيني الملقب بالرضي، وهو محمد بن الحسين بن موسى بن إِبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، المعروف بالموسوي، صاحب ديوان الشعر، حكي أنه تعلم النحو من ابن السيرافي النحوي، فذاكره ابن السيرافي على عادة التعليم، وهو صبي، فقال: إذا قلنا رأيت عمر فما علامة النصب في عمرو؟ فقال الرضي: بغض علي. أراد السيرافي النصب الذي هو الإعراب، وأراد الرضي الذي هو بغض علي، فأشار إِلى عمرو بن العاص وبغضه لعلي، فتعجب الحاضرون من حدة ذهنه، وكانت ولادته سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ببغداد.

وفيها توفي الإمام أبو حامد أحمد بن محمد بن أحمد الإسفراييني، إِمام أصحاب الشافعي، وكان عمره إِحدى وستين سنة وأشهراً، قدم بغداد في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وكان يحضر مجلسه أكثر من ثلاثمائة فقيه، وطبق الأرض بالأصحاب، وله عدة مصنفات منها: في المذهب التعليقة الكبرى، وهو من إسفرائين وهي بلدة بخراسان بنواحي نيسابور، على منتصف الطريق إِلى جرجان.

ثم دخلت سنة سبع وأربعمائة فيها غزا يمين الدولة محمود الهند على عادته، ووصل إِلى قشمير، وقنوج، وبلغ نهر كنك وفتح عدة بلاد وغنم أموالاً وجواهر عظيمة، وعاد إِلى غزنة مؤيداً منصوراً.

انقراض الخلافة الأموية من الأندلس

‌وتفرق ممالك الأندلس، وأخبار الدولة العلوية بها

في هذه السنة، خرج بالأندلس على المستعين بالله سليمان بن الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر الأموي، شخص من القواد يقال له خيران العامري، لأنه كان من أصحاب المؤيد، فلما ملك سليمان الأموي قرطبة، خرج عنه خيران المذكور، وسار في جماعة كثيرة من العامريين، وكان علي بن حمود العلوي مستولياً على سبتة، وبينه وبين الأندلس عدوة المجاز، وكان أخوه القاسم بن حمود مستولياً على الجزيرة الخضراء من الأندلس، ولما رأى علي بن حمود العلوي خروج خيران على سليمان، عبر من سبتة إِلى مالقة، واجتمع إِليه خيران وغيره من الخارجين على سليمان الأموي، وكان أمر هشام المؤيد الخليفة الأموي قد اختفى عليهم، من حين استولى ابن عمه سليمان المذكور على قرطبة، في سنة ثلاث وأربعمائة، على ما قدمنا ذكره. وأخرج المؤيد من القصر، فلم يطلع للمؤيد على خبر، فاجتمع خيران وغيره إِلى علي بن حمود العلوي بالمكتب، وهي ما بين المرية ومالقة، سنة ست وأربعمائة، وبايعوا علي بن حمود العلوي على طاعة المؤيد الأموي، إِن ظهر خبره، وساروا إلى سليمان

ص: 145

بقرطبة، وجرى بينهم قتال شديد، انهزم فيه سليمان الأموي، وأخذ أسيراً، وأحضر هو وأخوه وأبوهما الحكم بن سليمان بن عبد الرحمن الناصر، وكان الحكم أبو سليمان المذكور، متخلياً عن الملك للعبادة، وملك علي بن حمود العلوي قرطبة، ودخلها في هذه السنة أعني سنة سبع وأربعمائة، وقصد القواد وعلي ابن حمود القصر، طمعاً في أن يجدوا المؤيد، فلم يقفوا له على خبر، فقتل علي بن حمود العلوي سليمان وأباه وأخاه، ولما قدم الحكم بن سليمان للقتل، قال له علي ابن حمود: يا شيخ قتلتم المؤيد؟ فقال: والله ما قتلناه، وإنه حي يرزق، فحينئذ أسرع علي بن حمود في قتله، وأظهر علي بن حمود موت المؤيد، ودعا الناس إلى نفسه فبايعوه، وتلقب بالمتوكل على الله، وقيل الناصر لدين الله، وهو علي بن حمود بن أبي العيش ميمون بن أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن إِدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم.

ثم إن خيران خرج عن طاعته، لأنه إِنما وافقه طمعاً في أن يجد المؤيد محبوساً في قصر قرطبة، ليعيده إِلى الخلافة، فلما لم يجده، سار خيران عن قرطبة يطلب أحداً من بني أمية ليقيمه في الخلافة، فبايع شخصاً من بني أمية ولقبه المرتضى، وهو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر الأموي، وكان مستخفياً بمدينة جيان، واجتمع إِلى عبد الرحمن المذكور أهل شاطبة وبلنسية وطرطوشة مخالفين على علي بن حمود العلوي، فلم ينتظم لعبد الرحمن المذكور أمر، وجمع علي بن حمود جموعه، وقصد المسير إِليهم من قرطبة، وبرز العساكر إِلى ظاهرها، ودخل علي بن حمود الحمّام، ليخرج منها ويسير بالعساكر فوثب عليه غلمانه وقتلوه في الحمّام. وكان قتل علي بن حمود في أواخر ذي القعدة سنة ثمان وأربعمائة، فلما علمت العساكر بقتله، دخلوا البلد، وكان عمره ثمانياً وأربعين سنة، ومدة ولايته سنة وتسعة أشهر.

ثم ولي بعده أخوه القاسم بن حمود، وكان أكبر من أخيه علي بعشرين عاماً، وقيل بعشرة أعوام، ولقب القاسم بالمأمون، وبقط القاسم بن حمود مالكاً لقرطبة وغيرها، إلى سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. ثم سار القاسم من قرطبة إلى إشبيلية، فخرج عليه ابن أخيه يحيى بن علي بن حمود بقرطبة، ودعا الناس إلى نفسه، وخلع عمه، فأجابوه، وذلك في مستهل جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وأربعمائة. وتلقب يحيى بالمعتلي، وبقي بقرطبة حتى سار إِليه عمه القاسم من إِشبيلية، فخرج يحيى بن علي بن حمود من قرطبة إِلى مالقة، والجزيرة الخضراء، فاستولى عليهما، وذلك في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، في ذي القعدة، ودخل القاسم بن حمود قرطبة في التاريخ المذكور، وجرى بين أهل قرطبة وبين القاسم قتال شديد، وأخرجوه عن قرطبة، وبقي بينهم القتال نيفاً وخمسين يوماً، ثم انتصر أهل قرطبة وانهزم القاسم بن حمود، وتفرق عنه عسكره، وسار إِلى شريش، فقصده ابن أخيه يحيى بن علي

ص: 146

بن حمود، وأمسك عمه القاسم بن حمود وحبسه، حتى مات القاسم في الحبس، بعد موت يحيى.

ولما جرى ذلك خرج أهل إِشبيلية عن طاعة القاسم، وابن أخيه يحيى، وقدموا عليهم قاضي إِشبيلية أبا القاسم محمد بن إِسماعيل بن عباد اللخمي، وبقي إِليه أمر إشبيلية وكانت ولاية القاسم بن حمود بقرطبة إِلى أن أمسك وحبس ثلاثة أعوام، وشهوراً، وبقي محبوساً إِلى أن مات سنة إِحدى وثلاثين وأربعمائة وقد أسنّ.

ثم أقام أهل قرطبة رجلاً من بني أمية اسمه عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، ولقب عبد الرحمن المذكور المستظهر بالله وهو أخو المهدي محمد بن هشام، وبويع في رمضان، وقتلوه في ذي القعدة، كل ذلك في سنة أربع عشرة وأربعمائة، ولما قتل المستظهر، بويع بالخلافة محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر، ولقب محمد المذكور المستكفي، ثم خلع المستكفي المذكور بعد سنة وأربعة أشهر، فهرب وسم في الطريق فمات.

ثم اجتمع أهل قرطبة على طاعة يحيى بن علي بن حمود العلوي، وكان بمالقة، يخطب له بالخلافة، ثم خرجوا عن طاعته في سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وبقي يحيى كذلك مدة، ثم سار من مالقة إِلى قرمونة. وأقام بها محاصراً لإشبيلية وخرجت للقاضي أبا القاسم بن عباد خيل، وكمن بعضهم، فركب يحيى لقتالهم، فقتل في المعركة، وكان قتل يحيى المذكور في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة.

ولما خلع أهل قرطبة طاعة يحيى كما ذكرنا، بايعوا لهشام بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر الأموي ولقبوه بالمعتد بالله، وكان ذلك في سنة ثماني عشرة وأربعمائة حسبما ذكرنا، وجرى في أيامه فتن وخلافات من أهل الأندلس يطول شرحها، حتى خلع هشام المذكور سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وسار هشام مخلوعاً إِلى سليمان بن هود الجذامي، فأقام عنده إِلى أن مات هشام سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.

ثم أقام أهل قرطبة بعد هشام شخصاً من ولد عبد الرحمن الناصر أيضاً واسمه أمية، ولما أرادوا ولاية أمية، قالوا له: نخشى عليك أن تقتل فإن السعاد قد ولت عنكم يا بني أمية. فقال: بايعوني اليوم، واقتلوني غداً، فلم ينتظم له أمر، واختفى فلم يظهر له خبر بعد ذلك.

ثم إِن الأندلس اقتسمها أصحاب الأطراف والرؤساء، وصاروا مثل ملوك الطوائف، وأما قرطبة فاستولى عليها أبو الحسن بن جهور، وكان من وزراء الدولة العامرية، وبقي كذلك إِلى أن مات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وقام بأمر قرطبة بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور. وأما إِشبيلية فاستولى عليها قاضيها أبو القاسم محمد بن إِسماعيل بن عباد اللخمي، وهو من ولد النعمان بن المنذر ولما انقسمت مملكة الأندلس، شاع أن المؤيد هشام بن الحكم الذي اختفى خبره قد ظهر وسار إِلى قلعة رباح، وأطاعه أهلها، فاستدعاه ابن عباد إِلى إِشبيلية، فسار إليه، وقام بنصره، وكتب بظهوره إِلى ممالك الأندلس، فأجاب

ص: 147

أكثرهم، وخطبوا له وجددت بيعته في المحرم سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وبقي المؤيد حتى ولي المعتضد بن عباد، فأظهر موت المؤيد، والصحيح أن المؤيد لم يظهر خبر مذ عدم من قرطبة، في سنة ثلاث وأربعمائة على ما قدمنا ذكره، وإما كان إِظهار المؤيد من تمويهات ابن عباد وحيله ومكره.

وأما بطليوس فقام بها سابور الفتى العامري، وتلقب سابور المذكور بالمنصور، ثم انتقلت من بعده إِلى أبي بكر محمد بن عبد الله بن مسلمة، المعروف بابن الأفطس، وتلقب محمد المذكور بالمظفر، وأصل ابن الأفطس المذكور من بربر مكناسة، لكن ولده أبوه بالأندلس. فلما توفي محمد المذكور، صار ملك بطليموس بعده لولده عمر بن محمد وتلقب بالمتوكل، واتسع ملكه، وقتل صبراً مع ولديه، عند تغلب أمير المسلمين يوسف بن تاشفين على الأندلس، وكان اسم ولديه اللذين قتلا معه، الفضل والعباس.

وأما طليطلة فقام بأمرها ابن يعيش، ثم صارت إِلى إِسماعيل بن عبد الرحمن بن عامر بن ذي النون، وتلقب بالظافر بحول الله، وأصله من البربر، ثم ملك بعده ولده يحيي بن إِسماعيل، ثم أخذت الفرنج منه طليطلة في سنة سبع وسبعين وأربعمائة، وصار هو ببلنسية، وأقام هو بها إلى أن قتله القاضي ابن جحاف الأحنف.

وأما سرقسطة والثغر الأعلى، فصارت في يد منذر بن يحيى، ثم صارت سرقسطة وما معها بعده لولده يحيى بن منذر بن يحيى، ثم صارت لسليمان بن أحمد بن محمد بن هود الجذامي، وتلقب بالمستعين بالله، ثم صارت بعده لولده أحمد بن سليمان بن محمد بن أحمد، ثم ولى بعده ابنه عبد الملك بن أحمد، ثم ولي بعده ابنه أحمد بن عبد الملك، وتلقب بالمستنصر بالله. وعليه انقرضت دولتهم على رأس الخمسمائة، فصارت بلادهم جميعها للملثمين.

وأما طرطوشة فوليها لبيب بن الفتى العامري. وأما بلنيسة فكان بها المنصور أبو الحسن عبد العزيز المغافري، ثم انضاف إِليه المرية، ثم ملك بعده ابنه محمد بن عبد العزيز، ثم غدر به صهره المأمون بن ذي النون، وأخذ الملك من محمد بن عبد العزيز في سنة سبع وخمسين وأربعمائة.

وأما السهلة فملكها عبود بن رزين، وأصله بربري. وأما دانية والجزائر فكانت بيد الموفق بن أبي الحسين مجاهد العامري. وأما مرسية فوليها بنو طاهر، واستقامت لأبي عبد الرحمن منهم، إِلى أن أخذها منه المعتمد بن عباد. ثم عصى بها نائبها عليه، ثم صارت للملثمين.

وأما المرية فملكها خيران العامري، ثم ملك المرية بعده زهير العامري، واتسع ملكه إِلى شاطبة، ثم قتل وصارت مملكته إِلى المنصور عبد العزيز بن عبد الرحمن المنصور بن أبي عامر، ثم انتقلت حتى صارت للملثمين.

وأما مالقة فملكها بنو علي بن حمود العلوي، فلم تزل في مملكة العلويين يخطب لهم فيها بالخلافة، إِلى أن أخذها منهم باديس ابن حبوس صاحب غرناطة.

وأما غرناطة فملكها حبوس بن ماكس الصنهاجي فهذه صورة تفرق

ص: 148

ممالك الأندلس، بعد ما كانت مجتمعة لخلفاء بني أمية، وقد نظم أبو طالب عبد الجبار المعروف بالمثنى الأندلسي، من أهل جزيرة شقراء، أرجوزة تحتوي على فنون من العلوم، وذكر فيها شيئاً من التاريخ يشتمل على تفرق ممالك الأندلس، فمن ذلك قوله:

لما رأى أعلامُ أهل قُرطبة

أن الأمور عندهم مضطربَه

وعدمت شاكلة للطاعة

استعلمت آراءها الجماعة

فقدموا الشيخَ من آل جهور

المكتنى بالحزم والتدبرِ

ثم ابنه أبا الوليد بعده

وكانْ يحدوا في السداد قصده

فجاهرت لجورها الجهاوره

وكل قطر حل فيه فاقره

والثغر الأعلى قامَ فيه منذر

ثم ابنُ هود بعدُ فيما يذكر

وابن يعيش ثار في طليطله

ثم ابن ذي النون تصفى الملك له

وفي بطليموس انتزا سابور

وبعده ابن الأفَطس المنصور

وثار في إِشبيلية بنو عباد

والكذب والفتونُ في ازدياد

وثار في غرناطة حبوس

ثم ابنه من بعده باديس

وآل معن ملكوا المريه

بسيرة محمودة مُرْضيه

وثار في شرق البلاد الفتيان

العامريون ومنهم خيران

ثم زهيرٌ والفتى لبيبُ

ومنهم مجاهد اللبيب

سلطانه رسى بمرسى دانيه

ثم غزا حتى إلى سردانيه

ثم أقامت هذه الصقالبه

لابن أبي عامر هم بشاطبه

وحل ما ملكهم بلنسيه

وثار آل طاهر بمرسيه

وبلد البيت لآل قاسم

وهو حتى الآن فيه حاكم

وابن رزين جاره في السهلة

أمهل أيضاً ثم كل المهله

ثم استمرت هذه الطوائِف

يخلفهم من آلهم خوالف

غير ذلك من الحوادث في هذه السنة، أعني سنة سبع وأربعمائة، قتلت الشيعة بإفريقية، وتتبع من بقي منهم فقتلوا، وكان سببه أن المعز بن باديس ركب في القيروان، فاجتاز بجماعة، فسأل عنهم فقيل له: هؤلاء رافضة، يسبون أبا بكر وعمر، فقال المعز رضي الله عن أبي بكر وعمر، فثارت بهم الناس، وأقاموا الفتنة وقتلوهم طمعاً في النهب.

ثم دخلت سنة ثمان وأربعمائة في هذه السنة مات قرا خان ملك تركستان، وقيل إِن وفاته كانت في سنة ست وأربعمائة، ومدينة تركستان كاشغر، ولما كان قرا خان مريضاً، سارت جيوش الصين من الترك والخطابية إِلى بلاده،

ص: 149

فدعا قرا خان الله تعالى في أن يعافيه ليقاتلهم، ثم يفعل به ما شاء، فتعافى وجمع العساكر وسار إِليهم، وهم زهاء ثلاثمائة ألف خركاة، فكبسهم وقتل منهم زيادة على مائتي ألف رجل، وأسر نحو مائة ألف، وغنم ما لا يحصى، وعاد إِلى بلا ساغون، فمات بها عقيب وصوله، وكان عادلاً ديناً، وما أشبه قصته هذه بقصة سعد بن معاذ الأنصاري رضي الله عنه، في غزوة الخندق، لما جرح في وقعة خندق، وسأل الله أن يحييه إِلى أن يشاهد غزوة بني قريظة، فاندمل جرحه حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل بني قريظة، وسبيهم، فانتقض جرح سعد ومات رضي الله عنه، ولما مات قرا خان، واسمه أبو نصر أحمد بن طغان خان علي ملك أخوه أبو المظفر أرسلان خان.

وفاة مهذب الدولة صاحب البطيحة وفي هذه السنة، في جمادى الأولى، توفي مهذب الدولة أبو الحسن بن علي ابن نصر، ومولده سنة خمس وثلاثمائة وهو الذي هرب إليه القادر بالله، وسبب موته أنه افتصد، فورم ساعده، واشتد بسبب ذلك به المرض، فلما أشرف على الموت، وثب ابن أخت مهذب الدولة، وهو أبو محمد عبد الله بن يمني، فقبض على ابن مهذب الدولة، واسمه أحمد، فدخلت أمه على مهذب الدولة قبل موته، فأعلمته بما جرى على ابنه فقال لها مهذب الدولة أي شيء أقدر أن أعمل وأنا على هذا الحال. ومات من الغد، ووليٍّ الأمر أبو محمد ابن أخت مهذب الدولة المذكور، وضرب ابن مهذب الدولة ضرباً شديداً، فمات أحمد بن مهذب الدولة من ذلك الضرب بعد ثلاثة أيام من موت أبيه، ثم حصل لأبي محمد ذبحة فمات منها، فكان مدة ملكه دون ثلاثة أشهر. فولي البطيحة بعده الحسين بن بكر الشرابي، وكان من خواص مهذب الدولة، ثم قبض عليه سلطان الدولة، في سنة ست عشرة وأربعمائة، وأرسل سلطان الدولة صدقة بن فارس المازديادي فملك البطيحة.

غير ذلك من الحوادث وفي هذه السنة مات علي بن مزيد الأسدي وصار الأمير بعده ابنه دبيس بن علي بن مزيد. وفي هذه السنة ضعف أمر الديلم ببغداد، وطمعت فيهم العامة، وكثرت العيارون والمفسدون في بغداد، ونهبوا الأموال. وفيها قدم سلطان الدولة إِلى بغداد، وضرب الطبل في أوقات الصلوات الخمس، وكان جده عضد الدولة يفعل ذلك في أوقات ثلاث صلوات.

ثم دخلت سنة تسع وأربعمائة. في هذه السنة غزا يمين الدولة الهند، على عادته، فقتل وغنم وفتح وعاد إِلى غزنة مظفراً منصوراً. وفيها مات عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري، صاحب المؤتلف والمختلف. وفيها توفي أرسلان خان أبو المظفر بن طغان خان علي، ولما توفي مَلِكَ بلاد ما وراء النهر قدر خان، يوسف ابن بغراخان هارون

ص: 150