الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: في شرائط القدوة
قوله: ولو تقدم المأموم على الإمام في جهة القبلة بطلت صلاته في الجديد، لأن المخالفة في الأفعال مبطلة على ما سيأتي، وهذه المخالفة أفحش. انتهى.
وسيأتي أن تقدم المأموم بالركوع أو السجود لا يضر بخلاف [التقدم بركعتين](1)، فإن استدل بالأول منعنا الحكم.
فإن استدل بالثاني فلا يسلم أن ذاك أفحش لأن ذلك مخالفة في غير ماهية الصلاة، وهذه مخالفة في حقيقتها مناف للمتابعة المأمور بها في قوله عليه الصلاة والسلام:"فإذا ركع فاركعوا. . . ."(2) إلى آخره.
ويجوز أن يريد بالمخالفة في الأفعال أن يقتدي في الخمس بمن يصلي الكسوف ونحوه، فإذا أراد ذلك فلا يسلم أيضًا أنه أفحش.
قوله: والأدب للمأموم أن يتخلف قليلًا. انتهى.
والتعبير "بالأدب" ذكر مثله في "الروضة" فهو لا يقتضي كراهة المساواة، وقد جزم في "شرح المهذب" بالكراهة.
قوله: فإن ائتم به اثنان فصاعدًا فيصطفون خلفه، ويكون بينهم وبين الإمام قدر من التخلف صالح كما سيأتي. انتهى.
والذي ياتى ذكره أنه لا يزيد ما بينهما على ثلاثة أذرع.
قوله: قال صاحب "النهاية" و"التهذيب" وغيرهما: الاعتبار في مساواة المأموم للإمام وتقدمه عليه بالعقب، فإن المأموم قد يكون أطول
(1) في جـ: المتقدم بركنين.
(2)
أخرجه البخارى (656) ومسلم (412) من حديث عائشة رضي الله عنها.
فيتقدم رأسه عند السجود والقدم وكذلك الأصابع قد تكون أطول أيضًا.
فلذلك يقع الاعتبار بالعقب؛ فإن تحاذى عقب الإمام وعقب المأموم، أو تقدم [عقيب الإمام](1) جاز وإن كانت أصابع المأموم متقدمة.
ولو تقدم عقب المأموم فهو موضع القولين، وإن كانت أصابعه متأخرة أو محاذية.
وذكر في "التتمة" وجهًا آخر أنه تصح صلاته نظرًا إلى الأصابع.
وفي "الوسيط" ذكر الكعب بدل العقب والوجه الأول. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره من اعتبار العقب له ثلاثة شروط:
أحدها: أن يصلي قائمًا، فإن صلى قاعدًا فالاعتبار بمحل القعود وهو الإلية، حتى لو مَدَّ رجليه وقدمهما على الإمام لم يضر.
وإن صلى مضطجعًا فالاعتبار بالجنب، ذكره البغوي في "فتاويه" وهو ظاهر.
الشرط الثاني: أن تكون رجله موضوعة على الأرض، فلو قدم رجله على رِجْل الإمام وهي مرتفعة عن الأرض لم يضر بلا شك إذا كانت الأخرى وهي التي يعتمد عليها غير متقدمة على إمامه كما أوضحوا ذلك في كتاب الاعتكاف، وكتاب الأيمان، فيما إذا قدم المعتكف أو الحالف إحدى رِجْليه.
نعم ينبغي النظر فيما لو لم يعتمد على شئ من رجليه بل جعل تحت إبطه خشبتين أو تعلق بحبل، فالظاهر أن الاعتبار في هذه الحالة الأولى بالجنب، وفي الثانية المنكب، لأنه في الاعتماد [في هذه](2) لهذا الشخص
(1) سقط من جـ.
(2)
سقط من جـ.
كالجنب للمضطجع.
الشرط الثالث: أن يعتمد على رِجْليه، فإن لم يعتمد عليها لم يضر تقدمه بها بدليل ما قالوه في الأيمان ولأن ذلك في المعنى كالصورة السابقة.
فإن اعتمد عليهما معًا ففي البطلان نظر، يأتي مثله في [نظيره](1).
واعلم أن ما سبق من مراعاة الاعتماد يأتي أيضًا فيما إذا وضع رِجْليه معًا على [الأرض](2) وتأخر العقب وتقدمت رؤوس الأصابع، فإن اعتمد على العقب صح أو على رؤوس الأصابع فلا.
الأمر الثاني: أن ما ذكره دليلًا لاعتبار العقب ليس بدليل بل بمجرد دعوى.
الثالث: أن كلام الرافعي رحمه الله في تعليل [الوجه](3) الذي نقله في "التتمة" يوهم أن العبرة في المحاذاة بالأصابع، وليس كذلك بل حقيقة هذا الوجه أن الواجب في المحاذاة اقتران جزء من رِجْل المأموم بجزء من رِجْل الإمام، وهذا الوجه قد ذهب إليه القفال رحمه الله فقال: التقدم على الإمام إنما يحصل بأن يتقدم المأموم بجميع رجله حتى يكون عقبه قدام رؤوس أصابع رِجْل الإمام. كذا رأيته في "فتاويه" قال: وكذلك في الأيمان، أيضًا؛ ثم إن صاحب "التتمة" حكى ذلك فقال: الرابع: إذا كان رجل الإمام أكبر، ورِجْل المأموم أصغر فوقف المأموم بحيث حاذى أطراف أصابعه أطراف أصابع الإمام، ولكن تقدم عقبه على عقب الإمام فقد صار محاذيًا للإمام ببعض بدنه، فهل تصح صلاته أم لا؟
فعلى وجهين بناءً على ما لو استقبل الكعبة ببعض بدنه، وقد ذكرناه
(1) في جـ: نظائره.
(2)
سقط من أ.
(3)
في أ، ب: للوجه.
هذه عبارته.
فحذف الرافعي رحمه الله المدرك والتخريج اللذين عرف منهما حقيقة هذا الوجه، وعلل بما ذكره، فأوقع في الغلط فاعلمه.
قوله: وإذا لم يحضر مع الإمام إلا واحد فليقف عن يمينه، فإن جاء آخر وقف عن يساره ثم يتقدم الإمام أو يتأخر المأمومان، وهذا في القيام.
فأما إذا جاء الثاني في السجود أو التشهد فلا يقدم ولا يأخر حتى يقوموا. انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الروضة"، وهو صريح في أن ذلك في التشهد الأول، وحينئذ فيكون ساكتًا عن الثاني إن لم يكن ظاهرًا في المخالفة.
وقد ذكر القاضي أبو الطيب المسألة في "التعليقة" وصرح بأنه لا فرق في ذلك بين التشهدين، وعلله بأنه عمل كبير، وجزم في "الكفاية" أيضًا به حكمًا وتعليلًا.
قوله: فإن كانوا عراة وقف [الإمام](1) وسطهم وصاروا صفًا واحدًا. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" هنا، ونبه من "زوائده" في باب ستر العورة على أن محله إذا كانوا نهارًا، وهم يبصرون، فإن كانوا عميًا أو في الليل تقدم الإمام.
قوله: وأما النساء الخلص إذا أقمن الجماعة، فقد ذكرنا أنهن كيف يقفن. انتهى كلامه.
والموضع الذي تقدم ذكره فيه هو أول الباب، وذكره أيضًا في ستر العورة استدلالًا على مسألة لا مقصودًا، ولا شك أن الأول هو مراد الرافعي، لأن المعتاد في الحوالة على باب آخر أن يصرح به لو كان مقصودًا
(1) في جـ: إمامهم.
فكيف بغيره.
وذهل النووي عن تقدمها في أول الباب فقال: وأما النساء الخلص إذا أقمن جماعة فقد قدمنا في باب ستر العورة كيف يقفن؟ وأن إمامتهن تقف وسطهن. هذه عبارته.
ثم إن دعواه تقديم شيئين ليس كذلك، بل هما شئ واحد فتأمله.
وقد تقدم الكلام على المسألة في ستر العورة فراجعه.
قوله: إذا دخل والجماعة في الصلاة فيكره أن يقف منفردًا، بل إن وجد فرجة أو سعة في [الصف](1) دخلها، وله أن يخرق الصف إذا لم يكن فيه فرجة وكانت في صف قدامه لتقصيرهم بتركها. انتهى.
تابعه على إطلاق هذه المسألة النووي في "الروضة" وابن الرفعة في "الكفاية" وغيرهم، وليس الأمر كما أطلقوه، بل صورة المسألة أن يكون التخطي للفرجة بصف أو بصفين؛ فإن انتهى إلى ثلاثة فصاعدًا فالمنع باق، كذا رأيته مصرحًا به في "التهذيب" لأبي على الزُجاجي بضم الزاي، و"التعليق" للشيخ أبي حامد، و"الفروق" للشيخ أبي محمد، و"المجرد" لسليم الرازي، وقيده بذلك أيضًا الشيخ أبو إسحاق في "المهذب" والمتولى في "التتمة"، والروياني في "الحلية" وغيرهم.
ونقل الشيخ أبو حامد والشيخ أبو محمد وغيرهما أن الشافعي نص على كراهة التخطي والحالة هذه، وقد رأيت نصه في "الأم" فقال: فإن كان دون رَجُل زحام، وأمامه فرجة وكان تخطيه إلى الفرجة بواحد أو اثنين [رجوت](2) أن يسعه التخطي، وإن كثر كرهته له. هذا لفظ الشافعي بحروفه.
وقال الشيخ محيي الدين في "شرح المهذب": إذا كان أمامه فرجة، فإن
(1) في أ: الصلاة.
(2)
في أ، ب رجونا، والمثبت من جـ و"الأم".
وجد غيرها [فالمستحب](1) أن يقف فيها ولا يتخطى، فإن لم يجد غيرها نظر، فإن كان لا يتخطى إلا رجلًا أو رجلين تخطى، وإن كان أكثر نظر، فإن رجا تقدمهم انتظر، وإلا تخطى، وهذا التقسيم كله في الاستحباب، ولا يكره التخطي في حالة من هذه الأحوال، سواء كانت الفرجة قريبة أم بعيدة. انتهى كلام النووي في الجمعة.
والتفصيل المذكور فيه جعل محله إذا لم يجد فرجة غيرها على عكس ما قاله غيره، وذكره في الجماعة من الشرح المذكور بدون هذا التفصيل، وما زعمه من كونه لا يكره [خلاف](2) ما نص عليه الشافعي، وكأنه لم يقف على [هذا](3) النص.
واعلم أن قول الرافعي: "بل إن وجد فرجة أو سعة" قد كتب النووي هنا حاشية بخطه فقال: الفرجة: خلاء ظاهر، والسعة: أن لا يكون خلاء ويكون بحيث لو دخل بينهما لوسعهم.
قوله: وفي كلام الشيخ أبي محمد أنه لو كان في جوار المسجد مسجد آخر مفرد بإمام ومؤذن وجماعة فيكون حكم كل واحد منهما بالإضافة إلى الثاني كالملك المتصل بالمسجد، وهذا كالضابط الفارق بين المسجد الواحد والمسجدين.
وظاهره يقتضي تغاير الحكم إذا انفرد بالأمور المذكورة وإن كان باب أحدهما [نافذًا إلى الآخر. انتهى كلامه.
وما نقله عن الشيخ أبي محمد] (4)، قد جزم به في "الشرح الصغير" لكن ذكر النووي في "شرح المهذب" وزيادات الروضة أن الصواب الذي صرح به كثيرون منهم الشيخ أبو حامد، وصاحب "الشامل" و"التتمة"
(1) في أ: فيستحب.
(2)
في أ: بخلاف.
(3)
سقط من أ.
(4)
سقط من أ.
وغيرهم أن المساجد التي يفتح بعضها إلى بعض لها حكم مسجد واحد.
قوله في المسألة: وإن كان باب أحدهما لافظًا إلى الثاني. انتهى.
هذه اللفظة ذكرها الرافعي أيضًا قُبَيْل كتاب الرجعة بقليل، وتكلمت عليها هناك.
قوله: وأما رحبة المسجد فقد عدها الأكثرون منه، ولم يذكروا فرقًا [بين](1) أن يكون بينها وبين المسجد طريق أو لا يكون، ونزلها القاضي ابن كج إذا كانت منفصلة منزلة مسجد آخر. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: في بيان حقيقة الرحبة فإنه أمر مهم.
والثاني: بيان موضع الخلاف فيها.
فأما الأول فقد اختلف فيه الشيخ عز الدين بن عبد السلام والشيخ تقي الدين بن الصلاح، فقال الشيخ عز الدين: هو ما كان خارجًا من المسجد محجرًا عليه لأجله.
وقال ابن الصلاح: رحبة المسجد هو صحن المسجد. وطال النزاع بينهما، وصنفا فيه.
قال في "شرح المهذب" في باب الاعتكاف: والصحيح قول ابن عبد السلام، وهو الموافق لكلام الأصحاب، قال صاحب "الشامل"، و"البيان": المراد بالرحبة ما كان مضافًا إلى المسجد محجرًا عليه، قالا: والرحبة من المسجد، قال صاحب "البيان" وغيره: وقد نص الشافعي رحمه الله على صحة الاعتكاف في الرحبة.
وقال القاضي أبو الطيب في "المجرد": قال الشافعي: يصح الاعتكاف في رحاب المسجد لأنها من المسجد.
وقال المحاملي في "المجموع": للمنارة أربعة أحوال:
(1) سقط من جـ.
[أحدها: ](1) أن تكون مبنية داخل المسجد فيستحب الأذان فيها لأنه طاعة.
الثانية: أن تكون خارج المسجد إلا أنها في رحبة المسجد فالحكم فيها كالحكم لو كانت في المسجد، لأن رحبة المسجد من المسجد، ولو اعتكف فيها صح اعتكافه. هذا كلامه.
قال في "شرح المهذب": [ولقد](2) تأملت ما صنفه ابن الصلاح، واستدلاله فلم أر فيه دلالة على المقصود.
قلت: قد أطلق الرافعي رحبة المسجد، وأراد بها الصحن، ذكر ذلك في آخر الباب الثاني من إحياء الموات.
الأمر الثاني: أن الخارج عن المسجد المحوط عليه لأجله له ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يعلم أنه قد وقف مسجد.
الثانى: أن يعلم أن صاحبه لم يقفه مسجدًا، بل وقفه للصلاة فقط، أو حوط عليه ساكتًا عن حاله، كما يقع ذلك كثيرًا، أو كان شارعًا فحجر عليه وأضافه إلى المسجد صيانة لبعض الرحبة التي هي خارج باب جامع الأزهر بين الطبرسية والأقبغاوية فلا نزاع في أن هذين القسمين ليسا محل الخلاف، بل الأول مسجد قطعًا، والثاني ليس كذلك قطعًا.
الحال الثالث: أن يشاهده محوطًا عليه، ولا يدري حاله فهل يكون مسجدًا لأن الظاهر أن حكمه كحكم متبوعه وهو المسجد، أو لا يكون كذلك، لأن الأصل عدم الوقف، أو يفصل بين المتصلة والمنفصلة لأن الانفصال يضعف التبعية؟ هذا محل الخلاف ومدركه، فافهمه.
والوجه الثالث قد مال إليه الرافعي في "الشرح الصغير" فقال: إنه حسن، وهو يدل أيضًا لما قاله الشيخ عز الدين.
قوله في "أصل الروضة": ولو وقف في فضاء فيشترط أن لا يزيد
(1) سقط من أ.
(2)
في جـ: وقد.
ما بينهما على ثلاثمائة ذراع تقريبًا في [الأصح من الوجهين](1)، وقيل: إنه تحديد. انتهى.
لم يبين المقدار الذي لا تضر زيادته على القول بالتقريب، وقد بينه البغوي في "التهذيب" فقال: لا يضر ثلاثة أذرع، ويضر ما زاد عليها.
وذكر النووي في "شرح المهذب" كلامًا قد يؤخذ منه ذلك، إلا أنه لم يصرح بالمراد فقال: فإذا قلنا: تقريب، فزاد أذرعًا يسيرة ونحوها، لم يضر. هذه عبارته.
فعبر بالأذرع التي هي جمع.
وقال الدارمي في "الاستذكار": يرجع فيه إلى العرف، قال: وإذا قلنا بالتحديد فلا يضر نقصان ذراعين ونحوهما عند قائله، وهو أبو إسحاق.
قوله: ولا فرق في الفضاء بين أن يكون مواتًا أو وقفًا أو ملكًا، أو بعضه مواتًا وبعضه ملكًا.
وقيل: يشترط في الساحة المملوكة اتصال الصفوف، ثم قال: وفي وجه يشترط ذلك إن كانت لشخص. انتهى لفظه.
وهو يقتضي أنه لا فرق على هذا الوجه بين أن يكون ملكهما سابقًا أو مميزًا، ووقف كل واحد في تلك، وليس كذلك، بل هو خاص بالثاني.
كذا صرح به الرافعي فقال: ونقل الصيدلاني وغيره وجهًا آخر، أنه لو وقف أحدهما في ملك زيد، والآخر في ملك عمرو يشترط اتصال [الصفوف](2) من أحد الملكين بالثاني. هذا لفظ الرافعي.
واختصار النووي له على الصورة التي ذكرها غريب.
قوله: ولو كان بين الإمام والمأموم نهر يحتاج فيه إلى السباحة أو كان بينهما شارع مطروق فوجهان:
(1) في جـ: أصح الوجهين.
(2)
في جـ: الصف.
أصحهما: أن ذلك لا يضر كما لو كانا في سفينتين. انتهى كلامه.
والتعبير بالشارع المطروق ذكره أيضًا في "الروضة" مع أن الشارع لا يكون إلا مطروقًا، وحينئذ فيسأل عن مراده بهذا التقييد.
والجواب: [أنه](1) أراد كثير الطروق كما هو المفهوم منه في العرف؛ وإن كان نادر الطروق لم يضر جزمًا.
وقد صرح به إمام الحرمين فقال بعد حكاية الوجه بأنه يضر ما نصه: وهذا [مزيف](2) لا أرى له وجهًا إلا أن الصائر إليه في الظن اعتقد أن الشارع قد تطرقه رفاق في أثناء الصلاة، وينتهي الأمر إلى حالة تعسر فيها المتابعة بوقوع الحيلولة عن الإطلاع على أحوال الإمام، وهذا لا أصل له. ثم إن لم يكن من ذكر ذلك بد على بعده وضعفه، فهو في شارع يغلب طروقه. هذا كلام "النهاية".
قوله: وذكر الغزالي في "الوجيز" أن المعتبر في الفضاء التقارب بقدر غلوة سهم يسمع فيها صوت الإمام، ثم قال: وسماع صوت الإمام ليس لاشتراط ذلك في الصلاة، وإنما هو إشارة إلى أن القدر المذكور يبلغ فيه صوت الإمام إذا جهر لتبليغ المأمومين الجهر المعتاد في مثله. وإذا كان كذلك كانا مجتمعين متواصلين، فلذلك قدم القرب به. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره في شرح كلام الغزالي ليس مراده، وإنما أراد أمرًا ذكره إمام الحرمين احتمالًا لنفسه لم يقل به أحد فجزم به الغزالي، فإنه بعد حكاية الثلاث مائة ذراع قال ما نصه: وكنت أود لو قال قائل من أئمة المذهب يرعى [في](3) التواصل مسافة يبلغ فيها صوت الإمام المقتدى لو رفع صوته قاصدًا به تبليغًا على الحد المعهود في مثله.
هذا لفظ "النهاية".
فعبر الغزالي عن تعبير الإمام بمسافة فقوله: "غلوة سهم" أي: رمية
(1) سقط من أ.
(2)
في أ: فريق.
(3)
سقط من جـ.
سهم أبعد ما يقدر عليه الرامي، والغلوة غايتها، وهي بفتح الغين، ثم ضبط تلك المسألة بسماع الإمام.
قوله: فيقول إذا وقف الإمام في صحن الدار أو في صفتها والمأموم في بيت أو بالعكس فطريقان:
إحداهما: لابد من الاتصال، وهي طريقة القفال وأصحابه، وكلام ابن كج يوافقهما.
والطريقة الثانية: لا يشترط الاتصال كالصحراء، وبها قال أبو إسحاق المروزي ومعظم العراقيين، واختارها صاحب "الإفصاح". انتهى.
صحيح الرافعي في "الشرح الصغير" و"المحرر" الطريقة الأولى، وصحح النووي الطريقة الثانية.
قوله عقب ذكر الطريقة الثانية: هذا إذا كان بين البابين باب نافذ فوقف بحذائه صف أو رجل. . . . إلى آخره.
اعلم أن حذاء معناه في اللغة: المقابل للشئ كالمحاذاة، وليس مدلوله اللاصق [به](1) كما هو مستعمل اليوم، فاعلمه وتفطن له، فإن المراد هنا لا يصح إلا بإرادة المعنى اللغوي.
قوله: ولو كان بينهما حائل يمنع الاستطراف دون المشاهدة كالمشبكات فقد ذكروا فيه وجهين. انتهى.
والصحيح منهما عند الأكثرين عدم الصحة، كذا ذكره بعد هذا بنحو ورقتين. ولو كان على سطح [يرى](2) الإمام منه، ولكن بينهما حائط المسجد فهو على الوجهين. قاله الدارمي في "الاستذكار".
قوله: نعم إذا صح اقتداء الواقف في البناء الآخر إما بشرط الاتصال أو
(1) سقط من أ، ب.
(2)
في أ: فرأى.
دونه فتصح صلاة الصفوف خلفه، وإن كان بينهم وبين البناء الذي فيه الإمام جدار تبعًا له وهم معه كالمأمومين مع الإمام حتى لا تجوز صلاة من تقدمه.
وعن القاضي حسين تفريعًا على هذا الأصل أنه لا يجوز أن يتقدم تكبيره على تكبيره. انتهى.
وهذا المنقول عن القاضي صحيح، جزم به في "فتاويه"، وتابعه عليه البغوي فجزم به في "فتاويه" أيضًا، قال: وهو أولى من التقدم في الموقف، لأن التكبير أشد بدليل امتناع المعية دون الموقف.
ولكن قد نبه البغوي في "الفتاوى" المذكورة على أمر مهم، كلام الرافعي وغيره يوهم خلافه، وهو أن حضور هذا الشخص الذي حصل به الاتصال إنما هو شرط في ابتداء الصلاة لا في دوامها، حتى لو أحدث أو زال عن موقفه لا تبطل الصلاة، لأن حكم الدوام أقوى، حتى لو وقف المأموم على سطح، وحصل الاتصال بشخص في الصحن، وحصل أيضًا المحاذاة بجزء من البدن على ما ستعرفه في المسألة الآتية عقب هذه، ثم زال هذا الشخص الذي حصل به الاتصال والمحاذاة أيضًا لما ذكرناه.
ووجه ما قاله البغوي في هذه المسائل أن ذلك لما لم يكن للمصلي فيه مدخل، وكان إبطال صلاته مضرًا به اغتفرناه بخلاف الابتداء.
قوله فيما إذا وقفا في مكانين أحدهما أعلى من الآخر: ذكر الشيخ أبو محمد أنه إن كان رأس الواقف في السفل يحاذي ركبة الواقف في العلو جاز الاقتداء، وإن زاد عليه امتنع.
وقال الأكثرون: إن حاذى رأس الأسفل قدم الأعلى صح، وإلا فلا. انتهى.
[والتعبير](1) بقوله: "زاد" ظاهره أنه يعود إلى المحاذاة، وهو باطل، فينبغي تأويله على عوده إلى المكان المرتفع، تقديره: وإن زاد ارتفاعه، أو إلى عدم المحاذاة، [فإن المحاذاة](2) ببعض البدن [تستلزم](3) عدم المحاذاة بالباقي. ومتى زاد عدم المحاذاة على ذلك بأن كانت رأس الأسفل دون الركبة، لم تصح الصلاة عند الشيخ أبي محمد.
وقد عدل في "الروضة" عن هذه العبارة الموهمة، وعبر بغيرها، وقد تقدم في المسألة السابقة كلام مهم متعلق بمسألتنا منقول عن "فتاوى البغوي".
قوله: في "أصل الروضة": وذكر البغوي أنه لو وقف في دار مملوكة متصلة بالمسجد شرط الاتصال بأن يقف واحد في آخر المسجد متصل بعتبة الدار، وآخر في الدار متصل بالعتبة، بحيث لا يكون بينهما موقف رجل، وهذا الذي قاله هو الصحيح.
وقال أبو إسحاق المروزي: جدار المسجد لا يمنع كما قال في الموات.
وقال أبو عليّ الطبري: لا يشترط اتصال الصفوف إذا لم يكن حائل، ويجوز الاقتداء إذا كان في حد القرب. انتهى ملخصًا.
وما ذكره النووي من تصحيح المنع لم يتعرض الرافعي له، ولا لتصحيح مقابله، بل ذكر ما حاصله أن يكون الصحيح فيه الجواز على قاعدة النووي.
وذلك أنه خَرَّجَ كلام البغوي على الطريقة القائلة بالبطلان فيما إذا وقف في بناء غير بناء الإمام كصفة أو صحن، وهو مختار الغزالي وجمهور الخراسانيين، فقال: وأما [ما](4) في الدور فالذي ذكره البغوي مثل الطريقة
(1) في جـ: والتعيين.
(2)
سقط من جـ.
(3)
في أ: تسلم.
(4)
سقط من جـ.
المذكورة في البناءين. هذا لفظه.
والصحيح في البناءين عند النووي الجواز، ثم إيراد الرافعي هذا التخريج بأن أبا إسحاق وأبا عليّ الطبري من القائلين بمخالفة الخراسانيين وأنه لا يشترط الاتصال [في البنائين](1) كما تقدم إيضاحه.
وقد قالا في [البناء](2) مع المسجد [مثل](3) ذلك، وإن كانا مختلفين، فإن أبا إسحاق يقول: لا يضر حائط المسجد، والطبري لم ينقلوا عنه ذلك.
وقد استفدنا بهذا الكلام أنه لا فرق في جريان الطريقين بين أن يجمع المكانين مكان واحد كالصفة ونحوها، فإنهما يجتمعان في إطلاق الدار عليها، أو لا يكون كذلك كالبيت مع المسجد، وهي مسألة نفيسة.
قوله: ولو كانوا في البحر والمأموم في سفينة والإمام في أخرى، وهما مكشوفتان، فظاهر المذهب الصحة إذا لم يزد بين الإمام والمأموم على ثلاثمائة ذراع كما في الصحراء، والسفينتان كركبين في الصحراء، يقف الإمام على أحدهما والمأموم على الأخرى.
وقال الإصطخري: يشترط أن تكون سفينة المأموم مشدودة بسفينة الإمام ليؤمن من تقدمها عليه وإن كانت السفينتان مسقفتين] (4) فهما كالدارين.
وحكم المدارس والرباطات والحانات حكم الدور، والسرادقات في الصحراء كالسفن المكشوفة، والخيام كالبيوت. انتهى كلامه.
وما ذكره آخرًا من الصحة في السرادقات فنقول: قال الجوهري: السرادق هو الذي يمد فوق صحن الدار وكل بيت من قطن فهو سرادق.
قال: والخيمة بيت تبنيه العرب من عيدان الشجر.
وقال الجواليقي في "كتابه المعقود للمعرب من الألفاظ"(5) السرادق
(1) في جـ: بالبنائين.
(2)
في جـ: البنائين.
(3)
في جـ: بمثل.
(4)
في أ: سقفيتين.
(5)
مطبوع باسم: المُعَرَّب.
فارسي معرب، وأصله بالفارسية سرادب، وهو الدهليز.
وقال القاضي عياض في "مشارق الأنوار": السرادق: الخباء، وشبهه [وأصله كلامًا أحاط بالشئ، وقيل: ما يدار حول الخباء. هذا كلامه.
والذي قاله الرافعي] (1) إنما يستقيم على الأخير خاصة.
قوله: فمن شرط الاقتداء أن ينوي المأموم الجماعة أو الاقتداء. انتهى.
تابعه عليه في "الروضة"، وتصحيح الاقتداء بنية الجماعة مشكل نبه على إشكاله الرافعي في "الشرح الصغير"، وذلك لأن الإمام والمأموم كل منهما يصلي بالجماعة، فليس في نية الجماعة المطلقة نية الاقتداء بالغير، وربط فعله بفعله، وهذا الإشكال ظاهر، ولم يجب عنه الرافعي.
قوله: وينبغي أن تكون هذه النية مقرونة بالتكبير، ولو تابع الإمام من غير نية الاقتداء بطلت صلاته على أصح الوجهين.
والمراد بالمتابعة أن ينتظر فعله انتظارًا كبيرًا [ليفعل](2) مثله، فعلى هذا لو شك في أثناء الصلاة في نية الاقتداء نظر إن تذكر قبل أن أحدث فعلًا على متابعة الإمام لم يضر؛ وإن تذكر بعد أن أحدثه بطلت صلاته، لأنه في حال الشك في حكم المنفرد، وهو مقيس بما إذا شك في أصل النية، وقياس ما ذكره في "الكتاب" في تلك المسألة أن يفرق بين أن يمضي مع الشك ركن لا يزاد مثله في الصلاة، وبين أن يمضي غيره. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره من البطلان عند المتابعة محله إذا لم يجرد هذه النية بعد التكبير، فإن جردها فيأتي فيه القولان في الاقتداء بعد الانفراد:
(1) سقط من جـ.
(2)
في أ، ب: ليقول.
أصحهما: الصحة.
الأمر الثاني: أن قياس مسألتنا بالشك في أصل النية يؤخذ منه مسألة حسنة وهي البطلان أيضًا إذا لم يحدث ركنًا، ولكن طال زمن الشك فإن الرافعي قد صرح به هناك، وهو ظاهر.
وقد حذف النووي من "الروضة" هذا القياس الذي قاله الرافعي فلزم ورود [هذا](1) الفرع عليه، ثم وقع له مثل ذلك في "شرح المهذب"[أيضًا](2) لما ذكرته لك مرات من كونه يعتمد في تحرير الأحكام التي يضعها فيه على ما لخصه في "الروضة" من كلام الرافعي، وإن كان الرافعي أيضًا لم يصرح بهذا التفصيل هنا، وذلك يؤدي إلى الوقوع في الخطأ لقلة من يستحضر ذلك التفصيل ممن يطالع كلامه هنا.
ويدل عليه ما وقع هنا في "الروضة" و"شرح المهذب".
الأمر الثالث: أن الرافعي أشار بالركن الذي يزاد إلى الركن القولي، فإن تكراره لا يضر على المشهور، وإذا [أتى به](3) في حال الشك لم يضر إذا لم يطل، كما قد قالوا به هناك، وهذا الذي استخرجه الرافعي أيضًا من هذه النسبة يرد على "الروضة" و"شرح المهذب" أيضًا.
قوله: ولو نوى الاقتداء بزيد فبان أنه عمرو بطلت صلاته، كما لو عين الميت في صلاة الجنازة وأخطأ، ولو نوى الاقتداء بالحاضر واعتقده زيدًا، فكان غيره، رأى إمام الحرمين تخريجه على الوجهين فيما إذا قال: بعتك هذا الفرس، وأشار إلى حمار. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما أطلقه من بطلان الصلاة بمجرد الاقتداء غير مستقيم، فإن
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من أ.
(3)
في أ: فاته.
هذا لا إمام له في هذه الحالة فتصح صلاته منفردًا، فإن أتى بعد ذلك بالمتابعة التي تقدم [تفسيرها](1) فالأصح البطلان.
وإن جدد نية الاقتداء، فعلى القولين في الاقتداء بعد الانفراد.
وإن لم يتابع بالكلية استمرت صلاته على الصحة.
الأمر الثاني: أن ما نقله عن الإمام من أنه رأى تخريجه على ذلك، ليس كذلك، بل ذكر من عنده ما حاصله الجزم بأنه لا يضر، ثم ذكر هذا التخريج على جهة الاحتمال، فإنه نقل أولًا عن الائمة إطلاق القول بالبطلان عند التعيين والخطأ.
ثم ذكر أن ذلك مُسَلَّم إذا كان بدون الربط بمن حضر [لا أنه](2)[لا](3) يكاد يتصور، ثم قال: وأما مع الربط به فتظهر صحته، وقد يعني للناظر أن يخرج هذا على مسألة في البيع هي كذا. . . . إلى آخره.
وعلى الجملة فقد ظهر أن المنقول هو البطلان، وأن الظاهر عند الإمام هو الصحة، ولكن للأصحاب أن يفرقوا بين ما نحن فيه، وبين البيع بأن تأثير القصد في إبطال العبادات آكد من المعاملات، لأن العبادات تشترط فيها النية، وقد ضعف ذلك القصد بوجود معارض له.
وقد ذكر ابن الرفعة في "الكفاية" أيضًا أن المنقول عدم الصحة.
وإذا علمت ذلك كله ظهر لك أن اقتصار الرافعي على كلام الإمام ليس بجيد فإنه يوهم أنه لم ير لغيره ما يخالفه، وقد اغتر به النووي فصحح في كتبه الصحة، فقال في "شرح المهذب": إنه الأصح. وفي "زيادات الروضة": إنه الراجح. وصححه أيضا في "التحقيق".
قوله في "الروضة": ولا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوي الإمام
(1) سقط من أ.
(2)
في ب: لأنه.
(3)
سقط من أ، ب.
الإمامة، لكن هل تكون صلاته جماعة أو فرادى؟ وجهان:
أصحهما: فرادى.
ثم قال: وقال القاضي حسين: فمن صلى منفردًا فاقتدى به جمع، ولم يعلم بهم ينال فضيلة الجماعة لأنهم نالوها بسببه. انتهى كلامه.
وما ذكره من نسبة هذه المسألة إلى القاضي سهو فإن المذكور في الرافعي إنما هو نقلها عن القفال فقال: ويقال: إن القفال سُئِل عن كذا وكذا. . . . إلى آخره.
قوله: واعلم أن أبا الحسن العبادي حكى عن أبي حفص الباب شامي وعن القفال أن نية الإمامة تجب على الإمام، وأشعر كلامه بأنهما [يشترطاها](1) في صحة الاقتداء، وإن كان كذلك فليكن قول "الوجيز" معلمًا بالواو. انتهى كلامه.
وهو يقتضي أنه لم ير التصريح بالشرطية لأحد، وقد صرح الماوردي بنقله عن أبي إسحاق فإنه نقل عن نص الشافعي أنه لا يشترط، ثم قال ما نصه: وقال أبو إسحاق: صلاة المؤتم باطلة.
واعلم أن القاضي حسين قد نقل في تعليقته نحو ذلك عن الأستاذ أبي إسحاق، فيحتمل أن يكون هو أباه، ويحتمل غيره.
قوله في "أصل الروضة": ولو اختلفت صلاة الإمام والمأموم في الأفعال الظاهرة [بأن اقتدى](2) مفترض بمن يصلي جنازة أو كسوفًا لم يصح على الصحيح، وإن قلنا بالصحة فاقتدى بمصلي الجنازة لا يتابعه في التكبيرات والأذكار فيها. . . . إلى آخره.
وما ذكره من الجزم بحكاية وجهين، ذكر مثله في "المنهاج" أيضًا، وخالف في "شرح المهذب" فقال: فيه طريقان:
(1) في جـ: يشترطانها.
(2)
سقط من جـ.
أصحهما: القطع بالمنع.
قوله وهل صلاة العيدين والاستسقاء كصلاة الخسوف والجنازة؟ اختلف الأصحاب فيه. انتهى.
والصحيح عدم الالتحاق بهما، بل يصح الاقتداء في الفريضة [بهما](1)، [هكذا](2) صححه في "زيادات الروضة".
قوله: وإن كان عدد ركعات المأموم أقل كالصبح خلاف الظهر، فقيل: يصح قطعًا، وقيل قولان:
أصحهما: الصحة.
والثاني: لا، لأنه يحتاج إلى الخروج عن صلاة الإمام قبل فراغه. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأصح طريقة القولين، كذا جزم به الرافعي في "المحرر" وتابعه عليه في "المنهاج"، لكنه صحح في "أصل الروضة" طريقة القطع فزاد [عليه](3) وناقض.
الثاني: أن تعليل الرافعي بالبطلان باحتياجه إلى الخروج عجيب، فقد ذكر هو عقب هذا بأنه بالخيار إن شاء خرج، وإن شاء انتظره ليسلم معه.
بل زاد النووي فقال: إن الانتظار أفضل.
واعلم أن منع الاقتداء بمن يخالف أفعاله أفعال إمامه فيه إشكال، بل ينبغي أن يصح، لأن الائتمام به في القيام لا مخالفة فيه، ثم إذا انتهى إلى الأفعال المخالفة، فإن فارقه استمرت الصحة وإلا بطلت.
كمن صلى في ثوب تُرى عورته منه إذا ركع، فإن الأصح فيه الصحة، وهكذا نظائر ذلك، كمن تنقضي مدة مسحه، وهو في الصلاة ونحوه مع أن [المنافي](4) حاصل في الصلاة قطعًا، فأولى إذا أمكن الاحتراز منه،
(1) سقط من أ.
(2)
في جـ: كذا.
(3)
سقط من جـ.
(4)
في أ: الباقي.
فينبغي حمل كلامهم على ما أشرنا إليه.
قوله: فلو صلى العشاء خلف من يصلي التراويح جاز، ثم إذا سلم الإمام قام إلى باقي صلاته، والأولى أن يتمها منفردًا، فلو قام الإمام إلى ركعتين أخرتين من التراويح فاقتدى به مرة أخرى هل يجوز؟
فيه القولان اللذان نذكرهما، فيمن أحرم منفردًا بالصلاة، ثم اقتدي في أثنائها. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" عليه، وتجويز الاقتداء فيما بقي قد ذكر ما يخالفه في أوائل الجمعة في الكلام على الاستخلاف، وسأذكره هناك إن شاء الله تعالى فراجعه.
قوله: ويجب على المأموم أن يتابع الإمام، ولا يتقدم عليه في الأفعال، روى أنه صلى الله عليه وسلم قال:"أما يخشى الذي يرفع رأسه والإمام ساجد أن يحول الله رأسه رأس حمار"(1).
والمراد من المتابعة أن يجري على أثر الإمام بحيث يكون ابتداؤه بكل واحد [منها](2) متأخرًا عن ابتداء الإمام ومتقدمًا على فراغه. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أنه صريح في تحريم المعية صراحة لا يمكن تأويلها، ثم جزم بعد ذلك بأسطر قلائل بجوازها فقال: وأما ما عدا التكبير، فغير السلام تجوز المساوقة فيه، وكذا السلام في أصح الوجهين.
وذكر صاحب "التهذيب" وغيره أن ذلك مكروه، وتفوت به فضيلة الجماعة. هذا كلامه، وهو غريب.
ووقع الموضعان كذلك في "الشرح الصغير" و"المحرر" وفي كتب النووي "كالروضة" و"شرح المهذب" و"المنهاج" و"التحقيق".
(1) أخرجه البخاري (659) ومسلم (427) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
في جـ: منهما.
الأمر الثاني: أن مقتضي ما نقله الرافعي من فوات الجماعة بالمعية أن يصير كالمنفرد، ويلزم أن يكون مبطلًا للجمعة لأن الجماعة شرط فيها، وربما تطرق هذا البحث إلى امتناع المتابعة لأنه ليس بإمام، فإن التزموا أنها جماعة لزمهم حصول الفضيلة للأدلة.
الأمر الثالث: أنه قد تقرر من حد المتابعة الواجبة أن تقدم المأموم في الأفعال حرام لاسيما وقد صرح به حيث قال: فلا يتقدم في الأفعال.
وقد صرح أيضًا بتحريمه النووي في "التحقيق" و"شرح مسلم" و"شرح المهذب" ولم يحك فيه خلافًا.
والعجب أن الشيخ محيي الدين في "تصحيح التنبيه" أقر الشيخ [على كراهته](1)، فإن قيل: أراد بها كراهة تحريم.
قلنا: كلامه يقتضي خلافه، فإنه قد قال عقبه: ويجوز أن يسبقه بركنين، فعبر بالركن الواحد بالكراهة، وفي الركنين بعدم الجواز، فاقتضى ذلك إرادة المعنى المشهور من لفظ الكراهة.
ولو سلمنا صحة إرادته لكان [يلزم](2) التنبيه عليه لكونه خلاف الاصطلاح كما فعل في المواضع التي وقع فيها ذلك.
نعم صرح في "المهذب" بأن ذلك لا يجوز، إلا أن الشافعي في "الأم" قد عبر بالكراهة كما عبر به الشيخ، فقد نقله عنه أيضًا ابن الرفعة في "الكفاية"، ونقل في "الشامل" عن النص التصريح بالجواز فقال قبل صلاة المسافر: فصل:
ذكر الشافعي -رضى الله عنه- في "الأم" والقديم أن المستحب للمأموم أن يتابع إمامه، ولا يتقدم في ركوعه ولا سجوده. هذه عبارته.
(1) سقط من أ.
(2)
في أ: لزمه.
ونقل غيره عن النص تحريم ذلك، ونقله عنهم النووي في "شرح المهذب". والحديث المذكور متفق عليه.
وإنما خص الحمار من بين سائر الحيوانات لما بين الحمار والمتقدم في الأفعال من البلادة، فإن التقدم لا يفيده شيئًا إذ هو محبوس إلى سلامه قطعًا. ومن الإشارة إلى بلادته قوله تعالى:{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} (1).
قوله: ولو شك في أن تكبيره هل قد وقع مساوفًا لم تنعقد صلاته أيضًا. انتهى.
وما ذكره من إطلاق البطلان عند الشك قد تابعه عليه في "الروضة" وليس كذلك، بل إن زال هذا الشك عن قرب صحت صلاته، وإلا فلا فإن الرافعي قد ذكر في هذا التفصيل فيما إذا شك هل أتى بالنية المعتبرة أم لا؟ ، وفيما إذا شك المأموم في نية الاقتداء. وهذه المسألة مثل ذلك.
قوله: وما هو طويل فهو مقصود في نفسه والقصير هل هو مقصود في نفسه؟ أشار في "النهاية" إلى تردد فيه للأصحاب فمن قائل: نعم [كالطويل](2)، ومن قائل: لا، [لأن](3) الغرض منه الفصل، فهو إذن تابع لغيره. انتهى كلامه.
ذكر الرافعي بعد ذلك بدون ورقة أن الأكثرين جعلوه مقصودًا، وأن الإمام مال إلى الجزم به. إذا علمت ذلك فقد جزم في صفة الصلاة في الكلام على الاعتدال بأنه غير مقصود، فقال ما نصه: الاعتدال في الصلاة ركن لكنه غير مقصود في نفسه ولذلك عُدَّ ركنًا قصيرًا. انتهى.
وذكر أيضًا نحوه في أوائل سجود السهو، وفي أوائل صلاة الخوف، وبه جزم في "المحرر" في صلاة الجماعة، ولم يذكره في غيره.
وقد وقع هذا الاختلاف أيضًا في "الشرح الصغير" وكذلك في كتب
(1) سورة الجمعة (5).
(2)
سقط من جـ.
(3)
في جـ: فإن.
النووي، فجزم في باب صفة الصلاة من "الروضة" و"شرح المهذب" و"التحقيق"[في صلاة الجماعة](1) بأنه غير مقصود، وهو المذكور في "المنهاج" في صلاة الجماعة.
وصحح في هذه الكتب الثلاثة في صلاة الجماعة أنه غير مقصود.
قوله: ولو اعتدل الإمام والمأموم قائم ففي بطلان صلاته وجهان. انتهى.
والأصح عدم البطلان، كذا صححه الرافعي بعد هذا في الكلام على التخلف لقراءة الفاتحة، وصححه أيضًا النووي في "التحقيق" و"شرح المهذب" و"زيادات الروضة".
قوله: وإذا هوى إلى السجود ولم يبلغه والمأموم على حاله في القيام ففيه خلاف. . . . إلى آخره.
لم يصحح أيضًا في "الروضة" شيئًا، والصحيح: البطلان، كذا ذكره النووي في "التحقيق" وهو مقتضى كلام "المحرر" و"المنهاج".
قوله: ولو تأخر المأموم في القيام حتى انتهى الإمام إلى السجود بطلت صلاته وفاقًا. انتهى.
وما ادعاه من الوفاق قد تبعه عليه في "الروضة" وليس كذلك، فإنه قد تلخصن كلامه أن الركنين هل يشترط أن يكونا مقصودين أم يكفي أن يكون أحدهما مقصودًا؟ فيه وجهان:
وعلى كلا الوجهين هل يترتب البطلان على شروعه في الركن الثاني، أو على الفراغ منه؟ فيه وجهان.
وقد صرح أيضًا يترتيب الخلاف هكذا ابن الرفعة وغيره، وحكوه في التقدم، وإذا لم تبطل صلاة المأموم بذلك على وجه [مع](2) التقدم فمع التأخر أولى لأن التقدم أفحش.
قوله: وإذا أدرك الإمام راكعًا فكبر، ولم ينو تكبيرة الافتتاح، ولا تكبيرة الهوى، لا تصح صلاته عند الجمهور [وهو] الذي نص عليه الشافعي. . . . إلى آخره.
(1) سقط من جـ.
(2)
سقط من أ.
وهذا الحكم في غاية الإشكال، وذلك لأنه إذا أتى بالنية المعتبرة، وأتى بالتكبير مقارنًا لها، فلم يفته إلا كون التكبير للتحرم، وقصد الأركان لا يشترط اتفاقًا، فلزمه منه أن تصح كما لو لم يكن مسبوقًا.
قوله: ومن الأعذار -أى: في إخراج نفسه عن الجماعة- ما إذا لم يصبر إلى طول القراءة لضعف أو شغل.
وعن الشيخ أبي محمد ما ينازع في هذا الأخير لأنه حكى فى "البيان" عنه أنه جعل انفراد الرجل عن معتاد انفرادًا بغير عذر. انتهى.
وما نقله عن "البيان" من كونه للشيخ أبي محمد سهو، فإن المذكور فيه إنما هو نقله عن الشيخ أبي حامد.
قوله: فرع:
إذا أقيمت الجماعة وهو في الصلاة منفردًا نظر إن كان في فرض الوقت استحب أن يقطع الفريضة ويقلبها نفلًا ويسلم من ركعتين، وإن كان في فائتة لم يستحب فعل ذلك، لأن الفائتة لا تشرع لها الجماعة. انتهى.
وما ذكره من [عدم](1) الاستحباب إذا كان في فائتة ليس كذلك، بل تستحب، وقد تقدم الكلام عليه في صفة الصلاة في الكلام على النية.
وأما قوله: إن الفائتة لا تشرع لها الجماعة، ففيه كلام أيضًا سبق في أول هذا الباب.
قوله: ولو لم يسلم عن صلاته التي أحرم بها منفردًا واقتدى في خلالها فطريقان:
إحداهما: القطع بالمنع.
وأصحهما: أن في المسألة قولين: أصحهما: الجواز.
قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه ثم تذكر في صلاته أنه جنب، فأشار إليهم أن كما أنتم، وخرج واغتسل وعاد ورأسه يقطر (2).
(1) سقط من ب.
(2)
أخرجه البخاري (271) ومسلم (605) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وتحرم بهم، ومعلوم أنهم أنشأوا اقتداءًا جديدًا إذ يتبين أن الأول لم يكن صحيحًا. انتهى.
فيه [أمور](1):
[أحدها](2): أنه إنما قيد هذه المسألة بما إذا أحرم منفردًا، لأنه إذا افتتحها في جماعة فتجوز بلا خلاف كما قال النووي في "التحقيق"، وذكر مثله في "شرح المهذب" فقال: وإذا افتتح الصلاة في جماعة ثم نقلها لجماعة أخرى مثل إن أحرم خلاف جنب جاهلًا ثم نقلها عند التبين إليه بعد تطهره أو إلى غيره، أو أحدث إمامه وجوزنا الاستخلاف فاستخلف، فكل هذا يجوز بلا خلاف، وإن كان في جماعة أولًا، صرح به في "البيان"، وذكر جماعة كبيرة نحوه. هذا كلام النووي.
الثاني: أن الاستدلال بالحديث المذكور استدلال على غير محل النزاع لما تقدم.
الثالث: أن دعوى الرافعي أنا نتبين بطلان الاقتداء بمن تبين أنه جنب ممنوع. فإن الصلاة خلفه جماعة تترتب عليها جميع أحكام الجماعة بدليل صحة الجمعة [خلفه](3) كما صرح به الرافعي في الشرط الخامس من شروط الجمعة، والنووي في مواضع فقالا: إنه أصح، وبه قال الأكثرون، ونص عليه الشافعي في "الأم".
وحينئذ فحصول الجماعة دليل على صحة هذا الاقتداء.
قوله: ولو أدرك الإمام في الركوع حصلت له الركعة خلافًا لابن خزيمة وأبي بكر الصبغي، ثم قال: ويعتبر فيه أن يكون ذلك الركوع محسوبًا للإمام، فإن لم يكن ففيه كلام قد نعرض له في كتاب الجمعة. انتهى.
(1) في أ: أمران.
(2)
في أ: أحدهما.
(3)
سقط من أ، جـ.
وهذا الحكم -أعني- اشتراط حسبانه للإمام. قد اختلف فيه كلام الرافعي فصحح في الموضع الذي أشار إليه اشتراطه، وعبر (1) [بلفظ الأصح، ذكر ذلك في الباب الأول في الشرط الخامس؛ وصحح في باب صلاة المسافر عكسه، وذكره في الكلام على شروط القصر فيما إذا تبين أن الإمام محدث، وسأذكر لفظه في الموضعين في محلهما فراجعه.
واعلم أن النووي في "الروضة" عبر عن قول الرافعي ففيه كلام بقوله: ففيه تفصيل نذكره في الجمعة، ظنًا منه أن الكلام الآتي تفصيل في المسألة، والمسألة لا تفصيل فيها، فغلط في الاختصار.
قوله في "أصل الروضة": ويشترط أن يطمئن [من](2) قبل ارتفاع الإمام عن الحد المعتبر، فلو كبر وانحنى وشك هل بلغ الحد المعتبر قبل ارتفاع الإمام عنه؟ فوجهان، وقيل قولان: أصحهما: لا يكون مدركًا. انتهى.
وما صححه من كون الخلاف وجهين صوبه أيضًا في "شرح المهذب"، وخالف في "المنهاج" فجزم بأنه قولان.
قوله من "زياداته": وإذا أدركه في التشهد الأخير لزمه متابعته في الجلوس، ولا يلزمه أن يتشهد معه قطعًا، ولكن يسن له ذلك على الصحيح المنصوص. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ادعاه من عدم الوجوب قطعًا ليس كذلك، فقد جزم الماوردي في "الحاوي" أنه يجب عليه الإتيان به. قال: لأنه بالدخول في صلاة الإمام لزمه اتباعه، والتشهد مما يلزم اتباع الإمام فيه كما يلزمه في الأفعال، فيحصل على ثلاثة أوجه؛ ولما حكاها ابن الرفعة قال: يظهر أن
(1) بداية سقط كبير من جـ.
(2)
زيادة من أ.
يقال: إن الوجهين في الاستحباب يأتيان في القنوت في مسألتنا، وظني أني رأيت ذلك في تعليق القاضي الحسين، قال: ويظهر أن يقال: يستحب وجهًا واحدًا.
والفرق أن التشهد ركن في الصلاة، وفي الإتيان به تكرير ركن من غير ضرورة، ولا كذلك القنوت.
الأمر الثاني: أن استحباب موافقته إياه في التشهد قد ذكرها الرافعي بعد هذا بأسطر قلائل، وصحح الاستحباب فيه، وفي التسبيحات.
قوله: وإذا قام المسبوق بعد سلام إمامه ولم يكن في موضع جلوسه لم يكبر على الأصح، قال: ويحكى عن أبي حامد أنه يكبر. . . . إلى آخره.
هكذا صرح الإمام والغزالي بنقله عن أبي حامد فتابعهما الرافعي، وفيه نظر، فإن المذكور في تعليقته هو الجزم بأنه لا يكبر، ونقله عنه النووي في "شرح المهذب".
قوله: والسنة للمسبوق أن يقدم عقب تسليمتي الإمام، فإن الثانية من الصلاة. انتهى.
وما ذكره من أن الثانية من الصلاة، قد جزم بما يخالف في موضعين:
أحدهما: في أول كتاب الجمعة.
والثاني: في أواخر كتاب النذر في الكلام على نذر الحج ماشيًا، وسنعرف لفظه في كل منهما.
وقد اختلف كلام النووي أيضًا في هذه المسألة فنقل في باب صفة الصلاة من "شرح المهذب" عن الإمام والغزالي وغيرهما أنها ليست من الصلاة، ولم يزد على ذلك؛ ثم نقل في هذا الباب من "شرح المهذب" أيضًا عن تصريح القاضي والمتولي وآخرين أنها منها، ولم يذكر غيره.
وجزم به أيضًا في "الروضة" من زياداته في كتاب التيمم، وحذف
التعليل الواقع في كتاب الجمعة ومما يقوي أنها منها ما ذكره النووي في "التحقيق" أن الصحيح أنه يستحب للمأموم أن لا يسلم التسليمة الأولى حتى يسلم الإمام التسليمة الثانية.
وقيل: لا، بل يستحب الأولى عقب الأولى، والثانية عقب الثانية كما يفعله غالب الناس.
ونقل الشيخ عز الدين بن عبد السلام في "الفتاوي الموصلية" استحباب قيام المسبوق عقب التسليمتين عن صاحب "التتمة" فقط، ثم قال: وهذا بعيد لأن الإمام يخرج من الصلاة بالأولى فلا يجوز [له](1) القعود.
قال: وإنما يستقيم ذلك على مذهب أحمد فإنها عنده من الصلاة.
قوله: ونص الشافعي أنه لو أدرك ركعتين من رباعية ثم قام للتدارك يقرأ السورة بعد الفاتحة فيهما وهذا يخالف قولنا أن ما يأتي به المسبوق يكون آخر صلاته، فمنهم من قال: إن ذلك جواب على قوله: تستحب قراءة السورة في الركعات كلها.
ومنهم من قال: لا، وإنما أمره بقراءة السورة لأنه لم يدركها مع الإمام. انتهى ملخصًا.
والصحيح هو الثاني، وهو أنه يأتي بهما على القولين جميعًا، كذا صححه النووي في "شرح المهذب" و"زيادات الروضة" و"المنهاج"، وكذلك في باب صفة الصلاة من "التحقيق".
قوله من "زياداته": ويكره أن يؤم الرجل قومًا وأكثرهم له كارهون. . . . إلى آخره.
اعلم أن الرافعي قد ذكر هذه المسألة في كتاب الشهادات في الكلام على الصغائر والكبائر، وجزم فيها بالتحريم ناقلًا له عن صاحب "العدة"، وذكر
(1) في أ: لعله.
صاحب "العدة" معها أشياء كثيرة من الصغائر، فاعترض عليه الرافعي والنووي في بعضها، وارتضيا بعضًا، وهذه المسألة من المسائل التي ارتضياها.
وقد نص الشافعي رحمه الله على المسألة، وصرح بالتحريم فقال: ولا يحل لرجل أن يؤم قومًا وهم يكرهونه، هكذا نقله عن الماوردي في "الحاوي".
وذكر النووي في أثناء هذا الباب من "شرح المهذب" و"التحقيق" أنه مكروه كما ذكره في "الروضة".
والله تعالى أعلم.