المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب تارك الصلاة - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٣

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الركن الأول التكبير

- ‌[الركن الثاني: القيام]

- ‌الركن الرابع: الركوع

- ‌ شرائط الصلاة

- ‌الشرط الأول: الطهارة عن الحدث

- ‌[الشرط الثاني: طهارة النجس]

- ‌الشرط الثالث ستر العورة

- ‌الشرط الرابع: ترك الكلام…إلى آخره

- ‌الشرط الخامس: ترك الأفعال

- ‌ السجدات

- ‌سجدة السهو:

- ‌ سجدة التلاوة

- ‌ سجدة الشكر

- ‌ صلاة التطوع

- ‌كتاب الصلاة بالجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌الفصل الثالث: في شرائط القدوة

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌الباب الأول في القصر

- ‌الباب الثاني في [الجمع]

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الباب الأول في شرائطها

- ‌الباب الثاني فيمن تلزمه الجمعة

- ‌الباب الثالث في كيفية إقامة الجمعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ القول في التكفين

- ‌ القول في الدفن

- ‌ القول في التعزية

- ‌باب تارك الصلاة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌زكاة الغنم

- ‌باب صدقة الخلطاء

- ‌الفصل الأول: في حكم الخلطة

- ‌الفصل الثاني: في التراجع

- ‌الفصل الثالث: في اجتماع الخلطة والانفراد [في الحول الواحد]

- ‌زكاة المعشرات

- ‌الطرف الأول: في الموجب:

- ‌الطرف الثاني: في الواجب

- ‌الطرف الثالث: فى وقت الوجوب

- ‌ زكاة النقدين

- ‌ زكاة التجارة

- ‌ زكاة المعدن والركاز

الفصل: ‌باب تارك الصلاة

‌باب تارك الصلاة

قوله: فنقول: تارك الصلاة ضربان أحدهما: تركها جحدًا لوجوبها فهو مرتد تجري عليه أحكام المرتدين إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام يجوز أن يخفى عليه وجوبها، ويجري هذا الحكم في جحود كل مجمع عليه. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن الجحد كافٍ في الحكم بالردة حتى لو أتى بالصلاة، ولكن قال: إنها غير واجبة حكمًا بأنه مرتد.

الثاني: أنه يرد على حصره من نشأ [منفردًا](1) في بادية بعيدة فإنه لا يكفر أيضًا، وهكذا سائر أركان الإسلام.

وهذا الذي ذكرناه قد استثناه النووي في "تصحيح التنبيه" في الصلاة، وذكر في "شرح المهذب" قبيل صدقة المواشي أنه لا حاجة إلى استثناء الصورتين معًا لأنهما خارجان بلفظ الجحود، فإن أهل اللغة قالوا: إن الجحد إنكار ما اعترف به المنكر.

وذكر أيضًا في الصلاة نحوها أيضًا، وهذا يوقع في اعتراض آخر، وهو استثناء ما لا حاجة إلى استثنائه.

فالصواب تركها [بناءًا](2) على ما نقله أو ذكرهما [بناء على أن الجحد قد يعم مجازًا.

الثالث: أطلق الرافعي القول بتكفير جاحد المجمع عليه.

قال في "الروضة" و"شرح المهذب": وليس هو على إطلاقه، بل

(1) سقط من ب.

(2)

سقط من أ.

ص: 519

من جحد مجمعًا عليه فيه نص وهو من أمور الإسلام الظاهرة التي يشترك في معرفتها الخواص والعوام كالصلاة أو الزكاة ونحو ذلك فهو كافرا، ومن جحد مجمعًا عليه لا يعرفه إلا الخواص كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب وغيره من الحوادث التي يجمع عليها أهل العصر فليس كافر، ومن جحد مجمعًا عليه ظاهرًا لا نص فيه، ففي الحكم بتكفيره خلاف يذكر إن شاء الله تعالى -هذا كلامه رحمه الله.

لكن تعليل الرافعي قريب العهد بالإسلام بكونه يجوز أن يخفى عليه يخرج إيراد نحو السدس.

ونقل الرافعي في باب حد الخمر عن الإمام أنه خالف في ذلك فقال: ولم يستحسن الإمام إطلاق القول بتكفير المستحل، وقال: كيف يكفر من خالف الإجماع، ونحن لا نكفر من رد أصل الإجماع وإنما نبدعه ونضلله وأَوَّل ما ذكره الأصحاب على ما إذا صدق المجمعين على أن التحريم ثابت في الشرع، ثم حلله فإنه يكون رادًا للشرع وهذا إن صح فليجر مثله في سائر ما حصل الاجماع على افتراضه وتحريمه. هذا كلامه، ولم يحكه في "الروضة" هناك.

قوله: ومتى يقتل؟ فيه أوجه:

الصحيح: بترك صلاة واحدة إذا ضاق وقتها.

والثاني: إذا ضاق وقت الثانية.

والثالث: إذا ضاق وقت الرابعة.

والرابع: إذا ترك أربع صلوات.

والخامس: إذا ترك من الصلوات قدرًا يظهر به لنا اعتياده الترك، وتهاونه بالصلاة.

والمذهب الأول، والاعتبار بإخراج الصلاة عن وقت الضرورة، فإذا

ص: 520

ترك الظهر لم يقتل حتى تغرب الشمس، وإذا ترك المغرب لم يقتل حتى يطلع الفجر، حكاه الصيدلاني، وتابعه الأئمة عليه. انتهى ملخصًا.

وما ذكره في أول كلامه من تصحيح القول بالقتل إذا ضاق وقت الأول مع ما نقله في آخر كلامه قد تابعه عليه في "الروضة" و"شرح المهذب" وهو ظاهر التناقض بديهي التنافي، فإن مقتضى الأول أنه يقتل بترك الظهر إذا بقى من وقت العصر مقدارًا يسعها فقط اعتبارًا بالضيق، ولا يتوقف على خروج الوقت، حتى لو بادر شخص فقتله في تلك الحالة فلا قود عليه ولا دية وآخر كلامه يدفع ذلك.

وقد اقتصر في "التحقيق" على اعتبار الضيق، ولم يعرج على الإخراج، وفي "المحرر" و"المنهاج" على الإخراج، وعلى هذا فلو أخرجها شرعًا كما لو بقى مقدار لا يسع ركعة فهل هو كالإخراج الحسى؟ فيه نظر، فتلخص أن هنا ثلاث أمور وهي: ضيق الوقت بحيث لا يبقى إلا مقدار الفعل، ونقصانه عن الركعة، وخروجه بالكلية.

وللنظر مجال في المعتبر منها، والأوجه الثاني وقد جزم به في "الكفاية" في ذيل كلام نقله عن القاضي أبي الطيب فقال: على أنا نقول: إذا ضاق وقت الصلاة بحيث يتحقق فواتها إذا لم يؤدها توجب عليه القتل في تلك الحالة. هذه عبارته بعد أن نقل عبارة تقتضى الأول، وأخرى تقتضى الأخير.

قوله: الثانية: على اختلاف الوجوه لابد من الاستتابة قبل القتل، فإنه ليس أشد حالًا من المرتد، والمرتد يستتاب، وهل تكفي الاستتابة في الحال أم يمهل ثلاثة أيام؟ قولان: قال في "العدة": المذهب أنه لا يمهل، والقولان في الاستحباب، وقيل: في الإيجاب. انتهى.

فيه أمور:

أحدها: أن تارك الصلاة يقتل حدًا، والحدود لا تسقط في ظاهر الحكم

ص: 521

بالتوبة، والمقتول عليه هنا إنما هو التأخير عن الوقت عمدًا كما صرح به هنا في "الروضة" من زياداته، وإن كان ظاهرًا.

وحينئذ فكيف تنفع فيه التوبة؟ وهذا لمن سرق نصابًا ثم رده، فإن القطع لا يسقط.

الثاني: أن تعبيره بقوله: (لابد. . . . إلى آخره) قد ذكر مثله في "الروضة" أيضًا وهو يشعر بأن الصحيح وجوب استتابة تارك الصلاة، ويدل عليه أيضًا دلالة صريحة ما ذكره في آخر المسألة أن القولين في الاستحباب، وقيل: في الإيجاب.

إذا علمت ذلك فقد خالف فيه النووي في "التحقيق" فقال: ويستتاب ندبًا، وقيل: وجوبًا في الحال، وقيل في قول: ثلاثة أيام. هذا لفظه.

وعلى ما قاله في "التحقيق" فالفرق بينه وبين المرتد حيث صححوا وجوب استتابته أن الردة مقتضية للخلود في النار، فأوجبنا الاستتابة فيها إنقاذًا له من العذاب الأبدي بخلاف ترك الصلاة.

واذا علمت هذا علمت أن ما حاوله الرافعي من كون هذا أولى من المرتد بوجوب الاستتابة ممنوع.

الثالث: قد تقرر أن تارك الصلاة يقتل حدًا لا كفرًا، والحدود إذا أقيمت كانت مسقطة للعقاب في الدار الآخرة كما صرح به جماعة منهم النووي في "فتاويه"، وحينئذ فلا يبقى على التارك بعد قتله إثم بسبب الترك فاعلمه، فإن كلامهم هنا قد يوهم خلافه، وهذا البحث يؤيد الفرق المتقدم وينفع في الكلام على مسائل من هذا الباب كغسله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين وطمس قبره وغير ذلك.

قوله: وعن صاحب "التلخيص": أنه ينخس بحديدة ويقال: قم فصل، فإن قام ترك، وإلا زيد في النخس حتى يصلي أو يموت لأن المقصود حمله على الصلاة، فإن فعل فذاك وإلا عوقب كما يعاقب الممتنع من سائر الحقوق ويقاتل. انتهى كلامه.

ص: 522

وهو يقتضي أن الامتناع من الحقوق كالديون والودائع وغيرها يبيح المقاتلة عليها، والعقاب إلى الموت وهو كلام عجيب مخالف للمذكور في التعزير وغيره فليتأمل، ولم يذكر التعليل المذكور في "الروضة".

قوله: فرعان:

أحدهما: قال حجة الإسلام في "الفتاوي": لو امتنع من صلاة الجمعة وقال: أصليها ظهرًا بلا عذر، لم يقتل لأنه لا يقتل بترك الصوم، فالجمعة أولى لأن لها بدلًا، وتسقط بأعذار كثيرة. انتهى.

وهذا الذي نقله عن الغزالي وسكت عليه فقد خالفه فيه الشاشي فجزم في "فتاويه" بأنه يقتل، واختاره ابن الصباغ في "فتاويه" أيضًا لأنه لا يتصور قضاؤها، وليست الظهر قضاء عنها هكذا ذكره في "شرح المهذب" حكمًا وتعليلًا، وذكر في "الروضة" نحوه أيضًا، واقتضى كلامه فيهما [الميل](1) إليه، وصرح باختياره في "التحقيق" فقال: ولو امتنع من الجمعة وقال: أصليها ظهرًا فالأقوى قتله. هذا كلامه.

وقد ذكر ابن الصلاح في "فتاويه" أن القتل يجب بمجرد ترك الجمعة سواء صلى الظهر أم لا، ولا يسقط القتل إلا بالتوبة لأنه لا قضاء لها بخلاف سائر الصلوات، فإن القتل وإن وجب بمجرد الترك حتى لا يقاد المبادر إلى قتله قبل استتابته لكن يسقط بالقضاء.

قوله من زوائده: ولو قال: تعمدت ترك الصلاة بلا عذر، ولم يقل: ولا أصليها، قتل أيضًا على المذهب لتحقق خيانته، وفيه وجه أنه لا يقتل ما لم يصرح بالامتناع من القضاء. انتهى كلامه.

وهذه المسألة قد ذكرها الرافعي في كتاب الحج في الكلام على الجماع، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.

(1) سقط من أ.

ص: 523