الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الزكاة
وهي ستة أنواع:
زكاة الغنم
، ولها شروط:
قوله: الزكاة أحد أركان الإسلام، فمن منعها جاحدًا كفر إلا أن يكون حديث عهد بالإسلام. انتهى.
تابعه عليه في "الروضة" وفيه أمور، يتعين ذكرها قد سبق إيضاحها في الباب الذي قبله.
قوله: قال الأصحاب: الزكاة نوعان: زكاة الأبدان وهي الفطرة، ولا تعلق لها بمال، إنما يراعى فيها إمكان الأداء. انتهى.
تابعه في "الروضة" على اعتبار هذا الشرط في زكاة الفطر وهذا يقتضي أن المال لو تلف قبل إمكان أدائها منه لم تستقر في الذمة والمسألة فيها وجهان في باب زكاة الفطر من "شرح المهذب" و"الكفاية" وغيرها.
والصحيح منها على ما نقله في "شرح المهذب" عن غيره ولم ينكره هو عدم الاستقرار كما دل عليه كلام الرافعي هنا، ولكن مقتضى كلام ابن الرفعة أن المشهور عدم السقوط، وبه جزم في الكتاب المذكور أيضًا قبيل باب صدقة المواشي، ويؤيده أن الصحيح في موت المخرج عنه قبل التمكن هو عدم السقوط على ما قاله في "الروضة".
قوله في "الروضة": وأما العبد القني فلا يملك بغير تمليك السيد قطعًا، ولا بتمليكه على المشهور. انتهى.
وما ذكره من عدم الخلاف ذكره في مواضع منها الوقف والظهار، ويأتي الكلام عليه في الوقف.
قوله أيضًا في "الروضة": فإن ملكه السيد مالًا زكويًا، وقلنا: لا يملك، فالزكاة على سيده.
وإن قلنا: يملك. فالزكاة على العبد قطعًا لضعف ملكه، ولا على السيد على الأصح. انتهى.
وتعبيره بالأصح يقتضى أن في المسألة وجهين، وقد خالف في "شرح المهذب" فصحح القطع بعدم الوجوب فقال: فيه طريقان: الصحيح منهما، وهو المشهور، وبه قطع كثيرون: لا يلزمه.
والثاني: فيه وجهان، وقد جزم الرافعي أيضًا وتبعه عليه في "الروضة" بأنه إذا ملكه عبدًا وقلنا: يملكه أن زكاة الفطر لا تجب على سيده ولم يذكر فيه هذا الخلاف فيحتاج إلى الفرق. وقد خرجه عليه الماوردي وغيره.
قال في "شرح المهذب": إن جريان الخلاف شاذ باطل.
قوله: اعلم أن الناقة أول ما تلد يسمى ولدها ربعًا، والأنثى ربعة، ثم يقال لها هيع وهيعة، ثم فصيلا إلى تمام سنة، فإذا طعن في السنة الثانية سمى ابن مخاض. . . إلى آخر ما ذكر.
اعلم أن هذه الألفاظ الأربعة أولها مضموم، وثانيها مفتوح، وما ذكر الرافعي هنا قد تابعه عليه في "الروضة" و"شرح المهذب" وابن الرفعة في "الكفاية"، وفي غير ذلك من الكتب.
وحاصله أن المولود يسمى أولًا ربعًا، فإذا كبر قيل له: هيع، وكذلك الأنثى.
كما يسمى بعد ذلك ابن مخاض ثم ابن لبون. . . . إلى آخر الأسنان.
وهذا الذي اقتضاه كلامه غلط صريح، بل الذي نص عليه أهل اللغة، ومنهم الأزهري في كلامه على "المختصر"، والجوهري في فصل الراء،
وفصل الهاء من باب العين أن الربع هو الذي ينتج في أول زمان النتاج، وهو زمان الربيع، وجمعه رباع بكسر الراء، وأرباع.
والهيع هو الذي ينتج في آخر النتاج في زمان الصيف وسمى بذلك كما قاله الجوهري من قولهم: هيع إذا استعان بعنقه في مشيه، وذلك أن الربع أقوى منه لكونه ولد قبله، فإذا سار الهيع معه احتاج أى الهيع إلى الاستعانة بعنقه حتى لا ينقطع عنه.
قال: وهو في جميع السنة يسمى حوارًا أى بضم الحاء وبالراء المهملتين، وسمى فصيلًا لأنه فصل من أمه.
قوله: ثم إذا استوفى الولد ثلاث سنين وطعن في الرابعة سمى الذكر حقًا والأنثى حقة. ولم سمى بذلك؟
اختلفوا فيه، منهم من قال: لاستحقاقه الحمل عليه وركوبه، ومنهم من قال: لأن الذكر استحق أن ينزو والأنثى استحقت أن يُنزى عليها. انتهى.
وحاصله أن المعنى الذي يحصل معه اسم الحقة الواجبة في هذا العدد الخاص، وهو استحقاق الحمل والنزوان يحصل بالطعن في الرابعة.
وجزم في أوائل الأضحية بأن هذا الحيوان لا يهيأ لذلك إلا باستكمال الخامسة، والطعن في السادسة وهو غريب، فإنه إذا انتفى التهيؤ له قبل ذلك ابتغى الاستحقاق بطريق الأولى، وسوف أذكر لفظه في موضعه إن شاء الله تعالى فراجعه، ولم يتعرض في "الروضة" لبيان ذلك في الموضعين ولا في الأضحية من "شرح المهذب" فسلما من الاختلاف وقد وقع الموضعان كذلك في "الشرح الصغير".
قوله: عن سويد بن غفلة، هو بغين معجمة وفاء مفتوحتين.
قوله: واختلفوا في تفسير الجذعة والثنية على أوجه:
أظهرها: أن الجذعة ما استوفت سنة، ودخلت في السنة الثانية، والثنية ما استوفت سنتين سميت الجذعة جذعة، لأنها تجذع السن أى ليسقط.
والثاني: أن الجذعة ما لها ستة أشهر، والثنية ما لها سنة، وهو الذي ذكره في الثنية.
والثالث: أن الجذعة هى التى لها ثمانية أشهر والثنية لها ستة، وهو اختيار الروياني في "الحلية" ويقال: إذا بلغ الضأن سبعة أشهر، وكان بين شاتين فهو جذع، لأنه ينزو على الأنثى، وإن كان بين هرمين فلا يسمى جذعًا حتى يستكمل ثمانية أشهر. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن النووي في "الروضة" قد أسقط الوجه الثالث بالكلية، وجعل بدله ما ذكره الرافعي في آخر كلامه معبرًا عنه بقوله: ويقال. . . . إلى آخره وكأنه سقط من النسخة التى وقف عليها من الرافعي فلما حصل هذا السقط مع كون الرافعي قد عبر في أول المسألة بأوجه احتاج إلى تكميلها بقوله: ويقال، مع أن مثل هذا لا يعد وجهًا للأصحاب، ولهذا لم يعده الرافعي، وقد وقع هذا الغلط للنووى في "شرح المهذب" أيضًا بزيادة أخرى، وهو أنه عزى ما نقله الرافعي عن "التنبيه" للشيخ أبي إسحاق إلى "حلية الروياني"، وتابعه ابن الرفعة في "الكفاية" على هذا الغلط، ونبهت عليه في كتاب "الهداية".
الأمر الثاني: أن ما نقله في آخر كلامه وهو يقال. . . . إلى آخره. نقله اللغويون وأصحابنا عن ابن الأعرابى، وممن حكاه عنه ابن الرفعة في "الكفاية" فقالوا: إنه إذا كان بين شاتين فيجذع لستة أشهر إلى سبعة أشهر، وهو مخالف لما ذكره الرافعي، وتابعه عليه في "الروضة" من كونه لا يحصل إلا بسبعة.
الأمر الثالث: أن ما ذكره من الاختلاف محله إذا لم يحصل الإجذاع قبل هذا السن، فإن حصل أجزأت كما هو مقتضى كلامه في كتاب الأضحية فإنه بعد أن ذكر ما حكاه هنا قال ما نصه: نعم.
ذكر أبو الحسن العبادي أنه لو أجذع قبل تمام الستة كان مجزءًا كما لو تمت السنة قبل الجذع، ونزل ذلك منزلة البلوغ بالسن أو الاحتلام إن استوفى السن، ولم يحتلم كان بلوغًا، وإن احتلم قبل استيفاء السن كان بلوغًا، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب" فقال: الجذعة هي التي استكملت سنة وطعنت في الثانية، أو جذعت سنها من قبل ذلك. هذا كلامه.
واعلم أن الجذعة: بالذال المعجمة.
قوله: والوقص: منهم من يفتح قافه، ومنهم من يسكنها، والشنق بمعناه. . . . إلى آخره.
الفصيح من هاتين اللغتين هو الفتح، وهو المشهور في كتب اللغة، وقد نبه عليه النووي في كتبه والشنق: بشين معجمة ونون مفتوحتين.
قوله في "الروضة": والأصح أنه يتخير في شياه الإبل بين الضأن والمعز، ثم قال بعد ذلك: والمذهب أنه لا يجوز العدول عن غنم البلد. وقيل: وجهان. انتهى.
مراده بالثاني في أنواع الضأن وأنواع المعز فاعلمه.
ثم إن الرافعي لم يصرح في هذه المسألة بحكاية طريقين، ولا بتصحيح.
نعم عبر بقوله: يشبه كذا.
قوله: فإذا أخرج بعيرًا عن خمس، فهل نقول: كله فرض أم الخمس فقط، والباقي تطوع؟ فيه وجهان. . . . إلى آخره.
هذا قد سبق الكلام عليه مبسوطًا في صفة الصلاة وعلى نظائره، وما وقع فيه من الاختلاف في التصحيح فراجعه.
قوله: واعلم أن الشاة الواجبة في الإبل يجب أن تكون صحيحة، وإن
كان الإبل مراضًا لأنها في الذمة. ثم فيها وجهان:
أحدهما: وهو الذي أورده كثيرون: أنه يؤخذ من المراض صحيحة بمراعاة القيمة.
والثاني: يجب فيها ما يجب في الإبل الصحاح بلا فرق، قال في "المهذب": وهذا ظاهر المذهب، ونسب الأول لأبي على بن خيران. انتهى.
والصحيح هو الثاني، كذا صححه في "شرح المهذب".
قوله: وفي خمس وعشرين بنت مخاض، فإن لم يجدها وعنده ابن اللبون جاز دفعه عنها، فإن لم يكن في إبله بنت مخاض ولا ابن لبون فالأصح أنه يشترى أيهما شاء ويخرجه.
والثاني: تتعين بنت مخاض. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" أيضًا، ومحل الوجهين إذا لم يرد الصعود إلى فرض أعلى منه، ويأخذ الجبران، فإن أراد ذلك جاز، كذا نقله ابن الرفعة في "الكفاية".
قوله: الثانية: لو كانت عنده بنت مخاض كريمة، فأراد إخراج ابن اللبون فوجهان:
أظهرهما عند الأكثرين، وبه أجاب الشيخ أبو حامد أنه لا يجوز. انتهى ملخصًا.
وتبعه عليه في "الروضة"، وهذا الذي نقله عن الشيخ أبي حامد هو الذي كان يراه أولًا، ولكنه قد رجع عنه، وجوز إخراج ابن اللبون، كذا ذكره تلميذه سليم الرازي في "تعليقه" قبيل باب زكاة البقر.
قوله: ولو فقد بنت المخاض ووجد ابن اللبون وبنت اللبون، فأراد إخراج بنت اللبون وأخذ الجبران لم يكن له ذلك في أصح الوجهين. قاله في "العدة". انتهى كلامه.
والصحيح ما قاله صاحب "العدة"، فقد قال البندنيجي في "تعليقه" والروياني في "البحر": إنه المذهب. وصححه النووي في "شرح المهذب"، وفي أصل "الروضة" أيضًا.
قوله: الرابعة: لو أخرج حقًا بدلًا عن بنت مخاض عند فقدها فلا شك في جوازه، لأن إخراج ابن اللبون جائز، فالحق أجوز وأولى. انتهى كلامه.
وما اقتضاه تعبيره من عدم الخلاف قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وليس كذلك، ففيه وجه أنه لا يجوز إخراجه لأنه لا مدخل له في الزكاة. كذا حكاه الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر"، ونقله عنهما في "الكفاية"، وخصص الوجهين بحالة وجود ابن اللبون.
قال: وجزم الأصحاب عند فقده بالجواز، والذي قاله مردود، فراجعه من "الهداية".
قوله: ولو ملك مائتين من الإبل فقد نص في الجديد على أن الواجب أربع حقاق أو خمس بنات لبون، لأن المائتين أربع خمسينات، وخمس أربعينات، ونص في القديم على أنه يجب أربع حقاق، فمنهم من أثبت قولين، ومنهم من قطع بالجديد. انتهى ملخصًا.
فيه أمران:
أحدهما: لم يصحح في "الروضة" شيئًا من الطريقين، والأصح طريقة القولين، كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير"، وقال في "شرح المهذب": إنها أصح الطريقين وأشهرهما، ولا يؤخذ من "المحرر" و"المنهاج" ترجيح لشئ من الطريقين.
الثاني: أن القائلين بتعين الحقاق اختلفوا، فمنهم من قال: يعينها سواء وجدا النوعان أو فقدا وهو الصحيح، ومنهم من قال: محل ذلك إذا وجدا خاصة، فإن فقدا، أخرج ما شاء. كذا حكاه الرافعي في آخر
المسألة في الكلام على ألفاظ "الوجيز"، ولم يحك في "الروضة" الوجه الثاني.
قوله: فإذا أوجبنا في المائتين من الإبل إخراج الأغبط من الحقاق أو بنات اللبون فأخرج [غيره](1)، نظر إن وجد تقصير منه بأن أخذه مع العلم بحالة أو أخذه من غير اجتهاد، ونظر في أن الأغبط ماذا أو أخذه بتقصير من المالك بأن دلس، وأخفى الأغبط لم يقع المأخوذ عن الزكاة، وإن لم يوجد تقصير من واحد منهما وقع. انتهى كلامه.
واعلم أن النووي قد عبر في "الروضة" بقوله: إن كان بتقصير إما من الساعي بأن أخذه مع علمه أو أخذه بلا اجتهاد، وظن أنه الأغبط، وإما من المالك بأن دلس وأخفى الأغبط لم يقع المأخوذ عن الزكاة، وإن لم يقصر واحد منهما وقع. هذا لفظه وذكر مثله في "شرح المهذب" بقوله: وظن أنه الأغبط لا يفهم منه المعنى الذي ذكره، فينبغي حمل ظن على أنه مصدر إما منون أو مضاف، لا على أنه فعل.
قوله: وإن لم يوجد منه تقصير أجزأ ويجب قدر التفاوت، ثم إن شاء أخرجه دراهم، وإن شاء اشترى به شقصًا، فإن أخرج الشقص صرفه إلى الساعي على قولنا: يجب الصرف إلى الإمام في الأموال الظاهرة.
وإن أخرج الدراهم فوجهان:
أحدهما: لا يجب الصرف إليه لأنها من الأموال الباطنة.
والثاني: يجب لأنها جبران المال الظاهر. انتهى ملخصًا.
والأصح الثاني، وهو الوجوب، كذا صححه النووي في "شرح المهذب" و"زيادات الروضة".
قوله في المسألة: وإطلاق الأصحاب الدراهم هنا يشبه أن يكون مرادهم
(1) سقط من أ.
به نقد البلد سواء كان دراهم أو دنانير، وبه صرح الشيخ إبراهيم المروروذي. انتهى.
وهذا الذي قاله الرافعي بحثًا ونقله عن المروروزي فقط قد صرح به القاضي الحسين، والقاضي أبو الطيب في "المجرد" وإمام الحرمين والماوردي والروياني في "البحر".
قوله: ولو أخرج عن أربعمائة أربع حقاق وخمس بنات لبون فالأصح وبه قال الجمهور: يجوز، لأن كل مائتين أصل على الانفراد.
وقال الاصطخري: لا يجوز كما في المائتين، ثم قال بعد ذلك: ولعلك تقول: قد سبق أن الساعي يأخذ الأغبط عند اجتماع الحقاق وبنات اللبون.
وإذا كان أغبط الصنفين هو المخرج فكيف يخرج البعض من هذا، والبعض من ذاك؟
وأجاب ابن الصباغ: بأنه يجوز أن يكون لهم حظ ومصلحة في اجتماع النوعين، وهذا يفيد معرفة شئ آخر، وهو أن جهة الغبطة غير منحصرة في زيادة القيمة وحينئذ فإذا كان التفاوت لا من جهة القيم يتعذر إخراج [القصد](1). انتهى كلامه.
ذكر نحوه في "الروضة"، والاعتراض المذكور باطل من أصله لا يحتاج معه إلى الحمل المذكور.
وإن كان الحكم الذي تضمنه صحيحًا فقد يكون عنده أربع حقاق مما يؤمر بإخراجها هي خير من كل خمس يخرجها مما عنده من بنات اللبون، ويكون في بنات اللبون خمس هي خير من كل أربع يخرجها مما بقى عنده من الحقاق، والعجب من توهم الرافعي ثم النووي صحة الاعتراض على أن اللفظ الذي نقله الرافعي عن الشامل لا ينافي الجواب الذي ذكرناه، إلا
(1) في ب: الفصل.
أننى راجعت الشامل فوجدت فيه زيادة تأبي ذلك، وتقتضي ما فهمه الرافعي من عدم إرادته، ولو ذكرها الرافعي لكان أصوب.
قوله: ومن وجبت عليه بنت مخاض، وليست عنده جاز أن يخرج بنت لبون، ويأخذ شاتين أو عشرين درهمًا. . . . إلى آخره.
فيه أمران:
أحدهما: أن الرافعي قد ذكر قبل هذا الفصل بنحو ورقتين كلامًا يقتضي أن الانتقال والحالة هذه إلى بنت لبون غير واجب، بل يجوز أن يعطي قيمة بنت المخاض فقال في الكلام على إجماع الحقاق وبنات اللبون عند ملكه لمائتين ما نصه: وقد يعدل إلى غير جنس الواجب لضرورة تعرض.
ألا ترى أنه لو وجبت عليه شاة في خمس من الإبل، ولم يوجد جنس الشاة يخرج قيمتها، ولو لزمته بنت مخاض فلم يجدها ولا ابن لبون لا في ماله، ولا بالثمن يعدل إلى القيمة. هذا لفظه، وذكر في "الروضة" مثله أيضًا.
وإذا ثبت هذا في بنت المخاض لزم القول به في سائر أسنان الزكاة.
الأمر الثاني: أن كلامه يقتضي ذلك -أعني الإعطاء- مع الجبران عند وجود ابن لبون.
والمسألة فيها وجهان: أصحهما في "شرح المهذب" و"زيادات الروضة": المنع.
قوله: إحداها: لو وجب عليه جذعة فأخرج مكانها ثنية ولم يطلب جبرانًا جاز، وقد زاد خيرًا، ولو طلبه فوجهان:
أحدهما: يجوز، وإليه ميل العراقيين، وهو ظاهر النص.
وأظهرهما عند الغزالي وصاحب "التهذيب": المنع. انتهى.
ومقتضاه رجحان الجواز لكنه رجح عكسه في "الشرح الصغير" فقال: أظهر الوجهين: المنع، وكذلك في "المحرر" فقال: إنه أحسن الوجهين. ورأيته في "التقريب" منقولًا عن الأكثرين، لكن صحح النووي في كتبه كلها الجواز، ونقله عن الجمهور كما يشعر به كلام الرافعي.
قوله: الثانية: يجوز الصعود والنزول بدرجتين مع جبرانين.
نعم لو رقا من بنت لبون إلى الجذعة، أو نزل عن الجذعة إلى بنت لبون مع وجود الحقة في الصورتين فلا يجوز ذلك في الأصح عند الأكثرين، ثم قال: ولو لزمته بنت لبون فلم يجدها في ماله ولا حقه، وفي ماله جذعة وبنت مخاض، فهل يجوز أن يترك النزول إلى بنت المخاض، ويرقا إلى الجذعة؟
فيه وجهان مرتبان وأولى بالجواز، وبه أجاب الصيدلاني، لأن بنت المخاض وإن كانت أقرب إلا أنها ليست في الجهة المعدول إليها. انتهى كلامه.
والتعبير بالأولوية ذكره في "الروضة" أيضًا، ولا يؤخذ من ذلك تصحيح في المسألة، كما صرح به الرافعي في مواضع من هذا الكتاب، بل حاصلها أنا إن جوزنا هناك [جوزنا هنا](1)، وإن منعنا هناك فهاهنا وجهان، فاعلمه. نعم الأصح في المسألة هو الجواز. كذا ذكره في "شرح المهذب"، ولكن مقتضى كلام "المحرر" و"المنهاج" هو المنع.
قوله من زياداته: ولو وجبت عليه بنت مخاض فلم يجدها، ووجد ابن لبون وبنت لبون فأخرجها، وطلب الجبران لم يقبل على الأصح. انتهى.
هذه المسألة ذكرها الرافعي قبل هذا الموضع في الكلام على ما إذا ملك خمسًا وعشرين من الإبل، وحكى فيها وجهين، وصحح عدم القبول كما هو مذكور هنا من زياداته.
(1) سقط من ب.
قوله: روى أن عمر رضي الله عنه قال لساعيه: لا تأخذ الأكولة والربا، ولا الماخض، ولا فحل الغنم، وخذ الجذعة والثنية فذلك عدل بين غذاء المال، وخياره (1).
فالأكولة هي المسمنة للأكل في قول أبي عبيد، وقال شمر: إنها الخصي والهرمة العاقر.
والربا: هي الشاة الحديثة العهد بالنتاج، يقال: هي في رباها، كما يقال: المرأة في نفاسها، والجمع: رباب بالضم.
والماخض: الحامل.
والغذاء: السخال الصغار جمع غذى.
نعم لو تبرع المالك بشئ من هذه فإنها تؤخذ. انتهى ملخصًا.
فيه أمور:
أحدها: أن الأربعة المنهي عن أحدها لم يذكرها في "الروضة"، [مع](2) ذكره لها في "المنهاج"، وكذلك كرائم الأموال، حتى إنه حذف أيضًا ما يفرع عليها. وهو جواز الأخذ عن تبرع المالك، وقد حكى في الكفاية وجهين في جواز أخذ الكريمة عند التراضي للنهي عن أخذها، وكذلك في جواز أخذ الربا لما يحصل لها من الهزال عقب الولادة.
الثاني: أن ما ذكره من تفسير الهرمة بالعاقر أى التي لا تحمل عجيب، فإنه لم يتقدم للهرمة ذكر بالكلية، وكأنه نسى ذكرها أولًا، أو سقطت من الناقل من المسودة.
نعم وقع ذكرها في حديث آخر في الصحيحين، وهو "لا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار"(3) فيجوز أن يكون سري ذهنه إليه، وهو
(1) أخرجه مالك (601) والشافعي (401) والطبراني في "الكبير"(6395) وعبد الرزاق (6808) وابن أبي شيبة (2/ 368) والبيهقي في "الكبرى"(7093). قال النووي: سنده صحيح.
(2)
سقط من أ.
(3)
أخرجه البخاري (1387).
الظاهر.
الثالث: في إيضاح ما وقع فيه من الألفاظ:
فأما شمر: فبشين مكسورة وميم ساكنة وراء مهملة، وهو من أئمة اللغة.
وأما قولهم: (هي في رباها) فهو مصدر على وزن الكتاب وأما الواقع جمعًا فإنه على وزن البكاء والدعاء كما أشار إليه بقولهم: بالضم.
وأما الغذا: الواقع جمعًا فبغين معجمة مكسورة، وذال معجمة بعدها ألف ممدوة مفردة غذى لفصال وفصيل وصغار وصغير.
قوله: ولو كانت غنمه صغارًا ففي ما يؤخذ وجهان. وقال صاحب "التهذيب" وغيره: قولان:
الجديد: جواز أخذ الصغيرة. انتهى.
ومقتضاه ترجيح كون الخلاف وجهين، وخالف في "المحرر" فجزم بأنه قولان، وتابعه في "الروضة" و"المنهاج" على الموضعين.
قوله: والماشية إن اتخذ نوعها بأن كانت إبله كلها أرحبية أو مهرية أو كانت غنمه كلها ضأنًا أو معزًا أخذ الفرض منها، وذكر في "التهذيب" ثلاثة أوجه في أنه هل يجوز أخذ ثنية [من](1) المعز باعتبار القيمة عن أربعين ضأنًا أو جذعة من الضأن عن أربعين معزًا، أصحها الجواز لاتفاق الجنس كالمهرية مع الأرحبية.
والثاني: المنع كالبقر مع الغنم.
والثالث: لا يؤخذ المعز عن الضأن، ويجوز العكس كما يؤخذ في الإبل المهرية عن المجيدية ولا عكس. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وهو ظاهر أو كالظاهر في مخالفة البغوى،
(1) سقط من أ.
ولهذا منع إجزاء المجيدية عن المهرية ولم يجوزها باعتبار القيمة، لكنه في "المحرر" و"المنهاج" جزم بطريقة صاحب "التهذيب".
قوله: وإن اختلف نوع الجنس الذي يملكه كالمهرية والأرحبية، والمجيدية من الإبل، والعراب والجواميس من البقر، والضأن والمعز من الغنم ففيه قولان:
أحدهما: أن الزكاة تؤخذ من الأغلب، فإن استويا فكاجتماع الحقاق، وبنات اللبون حتى يؤخذ الأغبط على المشهور.
وأظهرهما: أنه يؤخذ من كل نوع بالقسط، ثم قال: وليس معناه أن يؤخذ شقص [من هذا، وشقص](1) من ذاك، فإنه لا يجزئ بالاتفاق، ولكن المراد النظر إلى الأصناف باعتبار القيمة كما سيأتي. انتهى ملخصًا.
وما ذكره من الاتفاق على امتناع التبعيض في الزكاة قد تابعه عليه في "الروضة"، وهو غريب، فقد حكى الخلاف جماعة كثيرة من أصحابنا منهم الجرجاني في كتاب الزكاة من المعاياه فقال:
مسألة: لا يجوز إخراج نصفي شاتين عن شاة في الزكاة على أصح الوجهين، ويجوز مثله في الهدي والأضحية وكفارات الحج.
ثم بعد أن فرق قال: وأما إخراج نصفي رقبتين في الكفارة، فإن كان باقيها حرًا جاز، وإن كان الباقي رقيقًا فإنه يجوز أيضًا علي أصح الوجهين. هذا لفظه ومنهم الروياني في كتاب الظهار من "البحر" في الكلام على الكفارة فقال:
فرع: لو أخرج في الزكاة نصفي شاتين بدل شاة هل يجوز؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز، وهو قول عامة أصحابنا.
(1) سقط من ب.
والثاني: يجوز. وهو اختيار الاصطخري. هذا لفظه.
ومنهم الماوردي في الموضع المذكور من "الحاوي" فقال: ففي إجزائه ثلاثة أوجه، ثم قال: والثالث: إن كان باقي الشاتين للفقراء أجزأه لارتفاع الضرر عنهم؛ وإن كان لغيرهم لم يجز لدخول الضرر عليهم. هذا لفظه.
والأرحبيه: بالحاء المهملة والباء الموحدة منسوبة إلى أرحب قبيلة من همذان.
والمهرية: بفتح الميم جمعها مهاري منسوبة إلى مهرة بن حيدان أبو قبيلة. قاله الجوهري.
وأما المجيدية فميم مضمومة وجيم بعدها ياء بنقطتين من تحت، ودال مهملة، وهي إبل دون المهرية منسوبة إلى فحل إبل يقال له مجيد؛ والجميع لقبائل من اليمن كما قاله في "البحر".
قوله في المسألة: ويوضح القولين بمثالين:
أحدهما له خمس وعشرون من الإبل، عشرة مهرية وعشر أرحبيه وخمس مجيدية، فعلى القول الأول تؤخذ بنت مخاض أرحبية أو مهرية بقيمة نصف أرحبيه ونصف مهرية، لأن هذين النوعين أغلب ولا ينظر إلى المجيدية.
وعلى الثاني يؤخذ بنت مخاض من أى الأنواع أعطى بقيمة خمس مهرية وخمس أرحبية وخمس مجيدية.
فإذا كانت قيمة بنت مخاض مهرية عشرة، وقيمة بنت مخاض أرحبية خمسة، وبنت مخاض مجيدية دينارين ونصفا أخذ بنت مخاض من أي أنواعها شاء قيمتها ستة ونصف. انتهى كلامه.
وما ذكره في التفريع على القولين تابعه عليه في "الروضة" وهو غير مستقيم، فإنه قد تقدم عند حكاية القولين أنا إذا فرعنا على القول الأول
وهو اعتبار الغالب فاستويا فإنا نوجب الأغبط على المشهور.
وحينئذ فقياس ذلك هنا أنا ننظر إلى الأغبط منها فنأخذها، لا إلى ما ذكره، وهو إعطاء ما شاء باعتبار التوزيع على قيمتها.
فائدة: ذكر في الباب ألفاظًا منها:
العوار: وهو العيب، وهو بفتح العين والراء المهملتين.
وحكى أبو زيد ضم العين.
ومنها ألفاظ سبق ذكرها.