المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ زكاة النقدين - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٣

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الركن الأول التكبير

- ‌[الركن الثاني: القيام]

- ‌الركن الرابع: الركوع

- ‌ شرائط الصلاة

- ‌الشرط الأول: الطهارة عن الحدث

- ‌[الشرط الثاني: طهارة النجس]

- ‌الشرط الثالث ستر العورة

- ‌الشرط الرابع: ترك الكلام…إلى آخره

- ‌الشرط الخامس: ترك الأفعال

- ‌ السجدات

- ‌سجدة السهو:

- ‌ سجدة التلاوة

- ‌ سجدة الشكر

- ‌ صلاة التطوع

- ‌كتاب الصلاة بالجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌الفصل الثالث: في شرائط القدوة

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌الباب الأول في القصر

- ‌الباب الثاني في [الجمع]

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الباب الأول في شرائطها

- ‌الباب الثاني فيمن تلزمه الجمعة

- ‌الباب الثالث في كيفية إقامة الجمعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ القول في التكفين

- ‌ القول في الدفن

- ‌ القول في التعزية

- ‌باب تارك الصلاة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌زكاة الغنم

- ‌باب صدقة الخلطاء

- ‌الفصل الأول: في حكم الخلطة

- ‌الفصل الثاني: في التراجع

- ‌الفصل الثالث: في اجتماع الخلطة والانفراد [في الحول الواحد]

- ‌زكاة المعشرات

- ‌الطرف الأول: في الموجب:

- ‌الطرف الثاني: في الواجب

- ‌الطرف الثالث: فى وقت الوجوب

- ‌ زكاة النقدين

- ‌ زكاة التجارة

- ‌ زكاة المعدن والركاز

الفصل: ‌ زكاة النقدين

قال رحمه الله: النوع الثالث:‌

‌ زكاة النقدين

قوله: ولو أخرج عن مائتي درهم خالصة خمسة دراهم مغشوشة لم يجز، وهل له الاسترجاع؟ حكوا عن ابن [سريج] (1) فيما فرع على "الجامع الكبير" لمحمد قولين:

أحدهما: لا، كما لو أعتق رقبة معينة.

وأصحهما: نعم، كما لو عجل الزكاة فتلف ماله. انتهى ملخصًا.

تابعه في "الروضة" على عدم الإجزاء، وذكر الرافعي في "الشرح الصغير" مثله أيضًا وهو مشكل بل ينبغي الاعتداد بالخالص منه.

قوله: الدراهم المغشوشة إن كانت معلومة العيار صحت المعاملة على عينها الحاضرة، وفي الذمة. وإن كان مقدار النقرة مجهولًا ففي جواز المعاملة على عينها وجهان: أصحهما: الجواز. انتهى ملخصًا.

تابعه في "الروضة" على ذلك، وهو يقتضي أن المعاملة عليها في الذمة لا تجوز، وأنه إنما يجوز على العين خاصة، وهو وجه حكاه النووي في كتاب البيوع من "شرح المهذب"، وصحح جواز التعامل بها، ولم يقيده بالعين وهو الصواب.

قوله: ولو كان عنده إناء وزنه ألف: ستمائة من نوع، وأربع مائة من نوع وأشكل عليه الأكثر، فإن احتاط وأخرج ستمائة من كل منهما فواضح، وإلا فيميز بالنار أو يمتحن بالماء. انتهى.

ولا يشترط في التمييز بالنار سبك الجميع كما يوهمه كلامه، بل يكفي تمييز شئ يسير، ويقاس به [الباقي](2) كما قاله الإمام، ونقله عنه في

(1) بياض في جـ.

(2)

في جـ: الثاني.

ص: 629

"الكفاية".

قوله: وكيفية الامتحان بالماء أن يوضع قدر المخلوط من الذهب الخالص في ماء ويعلم علي موضع الارتفاع ثم يخرج ويوضع مثله من الفضة الخالصة، ويعلم أيضًا على موضع ارتفاعه، وهذه العلامة تقع فوق الأولى لأن أجزاء الذهب أكثر اكتنازًا ثم يوضع فيه المخلوط، وينظر إلى ارتفاع الماء به أهو إلى علامة الفضة أقرب أم إلى علامة الذهب. انتهى كلامه.

فيه أمور:

أحدها: أن الحال لا يفترق بلا شك بين وضع المختلط أولًا أو آخرًا.

الثاني: أن لنا طريقًا آخر هو أسهل من هذه وأضبط منها أن يوضع في الماء ستمائة ذهبًا وأربعمائة فضة، ويعلم ارتفاعه، ثم نعكس ونعلم أيضًا عليه، ثم يوضع المشتبه، ويلحق بالذي وصل إليه.

ونقل في "الكفاية" طريقًا آخر عن الإمام وغيره يأتي أيضًا مع الجهل بمقدار كل نوع، وهي أن يطرح المختلط وهو ألف مثلًا في [ماء](1) ويعلم علي موضع ارتفاع الماء، ثم يرفعه ويطرح من خالص الذهب في ذلك شيئًا بعد شئ حتى يرتفع الماء إلى تلك العلامة، ثم يرفعه ويعين وزنه. فإذا كان ألفًا ومائتين مثلًا وضعنا في الماء من الفضة الخالصة شيئًا بعد شئ حتى يرتفع الماء إلى تلك العلامة ثم يرفعها ويعتبر أيضًا وزنها فإذا كانت ثمان مائة مثلًا علمنا أن نصف المختلط ذهب ونصفه فضة، وقس على [هذا التشبيه](2).

الثالث: أن الطريقة التي ذكرها المصنف تأتي أيضًا عند مطلق الاختلاط مع الجهل بالوزن بالكلية فإنك إذا وضعت المختلط المذكور تكون علامته بين

(1) في جـ: نار.

(2)

في جـ: هذه النسبة.

ص: 630

علامتي الخالص، فينظر ما بينهما، فإن كان بين علامة الذهب وعلامة المختلط قدر شعيرة مثلًا، وكذلك بين علامة الفضة والمختلط علمنا أن نصف المختلط ذهب ونصفه فضة.

وإن كان بين علامة الذهب والمختلط قدر شعيرتين وبين علامة المختلط والفضة قدر شعيرة علمنا أن ثلثيه فضة، وثلثه ذهب ولو كان بالعكس علمنا أن ثلثيه ذهب وثلثه فضه، وهكذا ينظر في النسبية دائمًا ويرتب الحكم عليها.

قوله: فإن تعذر الامتحان وعَسر التمييز وجب الاحتياط، وعُسر التمييز بأن يفقد آلات السبك أو يحتاج فيه إلى زمان صالح، فإن الزكاة واجبة على الفور فلا يجوز تأخيرها مع وجود المستحقين، ذكر ذلك في "النهاية" ولا يبعد أن يجعل السبك أو ما في معناه من شروط الإمكان. انتهى كلامه.

وهذا كله حذفه النووي من "الروضة" وهو غريب جدًا.

قوله في المسألة: ولو غلب على ظنه أن الأكثر الذهب أو الفضة فهل له العمل بمقتضاه؟

قال الشيخ أبو حامد ومن تابعه: إن كان يخرج بنفسه فله ذلك، وإن كان يسلم إلى الساعى فالساعي لا يعمل بظنه.

وقال الإمام: الذي قطع به أئمتنا أنه لا يجوز اعتماد الظن فيه. انتهى.

لم يصحح في "الروضة" ولا في "شرح المهذب" شيئًا منهما أيضًا، والصحيح هو ما نقله الإمام كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير".

قوله أيضًا فيها: قال الإمام: ويحتمل أن يجوز له الأخذ بما شاء من النقدين لأن اشتغال ذمته بعد ذلك غير معلوم، وجعل الغزالي في "الوسيط" هذا الاحتمال وجهًا. انتهى.

والذي نقله عن الغزالي من جعله ذلك وجهًا قد فعله هو في "الشرح

ص: 631

الصغير" فصرح أيضًا بأنه وجه.

قوله: إحداها: لو اتخذ حليًا مباحًا، ولم يقصد الكنز ولا الاستعمال ففي وجوب الزكاة وجهان قال في "العدة": فظاهر المذهب أنها لا تجب. انتهى.

لم يصرح بتصحيح في "المحرر" أيضًا، بل عبر بقوله: رجح على البناء للمفعول مشيرًا إلى كلام صاحب "العدة"، والذي قاله في "العدة هو الصحيح، فقد صححه الماوردي، وكذلك الرافعي في "الشرح الصغير" فقال: إنه أظهر الوجهين.

والنووي في أصل "الروضة" و"المنهاج" وغيرهما، وعبر بالأصح، ونقله في "شرح المهذب" عن تصحيح الرافعي، وقد أعلمتك سبب ذلك فيما تقدم، وهو نقله عن "الروضة" ظنًا أنه لم يغير عبارة الرافعي.

وقال الإمام: الجاري على القواعد هو الوجوب.

قوله: وإذا انكسر الحلي وقصد جعله كنزًا وجبت الزكاة، وإن قصد إصلاحه فلا يجب على أصح الوجهين وإن لم يقصد شيئًا ففيه خلاف، منهم من يجعله وجهين مرتبين على هذين الوجهين، وأولى بالوجوب، ومنهم من يجعله قولين:

أحدهما: أنه تجب الزكاة لأنه غير مستعمل في الحال ولا معد له.

وأظهرهما: المنع؛ لأن الظاهر استمراره على ما سبق من قصد الاستعمال، ثم قال بعده: وإذا جمعت بين الصورتين قلت: في المسألة ثلاثة أوجه كما ذكر في "الكتاب"، ثالثها -وهو الأظهر- الفرق بين أن يقصد الاصلاح وبين أن لا يقصد شيئًا. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن الرافعي في "الشرح الصغير" قد صحح أن الخلاف

ص: 632

وجهان، والصواب أنهما قولان كما ستعرفه إلا أن كلًا منهما قد قال به قائل، ولم يصحح في الروضة، ولا في "شرح المهذب" أيضًا شيئًا من ذلك.

الأمر الثاني: أن كلام الرافعي هنا كلام عجيب أوله يخالف آخره، فإن حاصل ما قاله أولًا أن الأصح منع وجوب الزكاة، وحاصل ما قاله آخرًا: التفصيل بين أن يقصد الاصلاح أو لا [يقصد](1) شيئًا.

والغريب أنه عبر بلفظ الأظهر في الموضعين، وقد تفطن الرافعي لذلك حالة تصنيف "الشرح الصغير" فاقتصر فيه على الأخير.

وكذلك النووي في "الروضة" فاقتضى ذلك أنه المعمول به، والصواب هو الأول، وهو عدم الوجوب على خلاف ما في "الروضة" والشرح المذكور، فقد قال الماوردي في "الحاوي": إنه المنصوص. وقال في "البيان": إنه الجديد، ومقابله القديم.

وقال البندنيجي: إنه مقتضى نصه في ["الأم"](2).

قوله: وقد روى أن عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب. . . . إلى آخره.

أما عرفجة فبعين مهملة، ثم راء ساكنة، وفاء وجيم، العرفج شجر ينبت في السهل، الواحدة عرفجة، وبه سمى الرجل قاله الجوهري.

وأما الكلاب فبضم الكاف وفتح اللام المخففة وبالباء الموحدة، وهو اسم ماء كانت فيه وقعتان مشهورتان، قال الشاعر:

إن الكلاب ماؤنا فخلوه.

قاله الجوهري.

(1) سقط من جـ.

(2)

في جـ: الأصح.

ص: 633

قوله: والرانين. . . . إلى آخره.

هذه الألفاظ وهي قبيعة السيف والتعاويذ وسكاكين المهنة.

فأما الران فهو بالراء المهملة وبالنون، وهو خف يلبس الساق ليس له قدم، بل يكون ما بين الركبة والكعبين، يلبسه المسافرون المشاة، ومن في معناهم ممن يكثر التردد لأن فيه تقوية للعصب.

وأما قبيعة السيف فالبقاف والباء الوحدة وهو ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد.

وأما التعاويذ فجمع تعويذ بالتاء بنقطتين من فوق والعين المهملة والذال المعجمة وهي الحروز التي تعلق على الصبيان وغيرهم للاستعاذة بالله من كل ما يؤذي، والشاعر المعروف بالتعاويذي منسوب لذلك.

وأما المهنة فهي الخدمة، وهي بفتح الميم، وقد تقدم الكلام عليها في التيمم.

قوله: وكل حلي حرمناه على الرجال حرمناه علي الخنثى على المذهب، وعليه زكاته على المذهب كغيره من المحرمات، وقيل: في وجوبها القولان في الحلى المباح لأنا إنما حرمناه [للاحتياط](1)، وأشار في "التتمة" إلى الجواز لأنه كان جائزًا له في الصغر. انتهى.

ذكر نحوه في "الروضة"، وهو يشعر بالجواز فيما أبحناه للرجال كتحلية آلات الحرب، مع أنه حرام أيضًا كما نص عليه أبو الفتوح وغيره احتياطًا أيضًا. وقد جزم في "شرح المهذب" بالتسوية بين الأمرين.

قوله: وفي تحلية السرج واللجام والنقر وجهان:

أصحهما: المنع. . . . إلى آخره.

تابعه في "الروضة" على إطلاق الخلاف، ومحله في المقاتل، أما

(1) في جـ: بالإحتياط.

ص: 634

غيره فلا يجوز له ذلك بلا خلاف، كذا قاله في "البحر"، وعبر بقوله: حرام بلا إشكال.

ويستثنى أيضًا البغلة والحمار فلا يجوز ذلك فيهما أيضًا بلا خلاف كما قاله في "الذخائر" لأنهما لا يصلحان للحرب.

قوله: ويحرم على النساء تحلية آلات الحرب لأن في استعمالهن لها تشبيهًا بالرجال، هكذا ذكره الجمهور، واعترض عليه صاحب ["العدة"](1) بأن كونه من ملابس الرجال لا يقتضي التحريم، وإنما يقتضي الكراهة، ألا ترى أنه قال في "الأم": ولا أكره لبس اللؤلؤ إلا للأدب ولأنه من زى النساء لا للتحريم، فلم يحرم زى النساء على الرجال، وإنما كرهه فكذلك حكم العكس. انتهى.

اعترض النووي على هذا فقال: الصواب أنه تشبه الرجال بالنساء وعكسه حرام للحديث الصحيح: "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال"(2) وقد صرح الرافعي بتحريمه بعد هذا بأسطر، وأما نصه في "الأم" فليس مخالفًا لهذا لأن مراده أنه من جنس زي [الرجال](3) انتهى كلامه.

فأما تصويب التحريم فواضح، وأما دعواه أن الرافعي صرح بتحريمه بعد هذا بأسطر، فأشار به إلى الكلام الآتي في التاج، فإن الرافعي ذكر فيه أن التشبه حرام كما ستعرفه، لكن الرافعي نقله أيضًا هناك عن الأصحاب كما نقله هنا عنهم، فالاعتراض الذي أورده عليهم [هناك وارد عليهم](4) هنا، وإنما لم يذكره ثانيًا لقرب ذكره له، وحينئذ فلا اختلاف

(1) في جـ: المعتمر.

(2)

أخرجه البخاري (5546) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(3)

في أ: النساء.

(4)

سقط من جـ.

ص: 635

في كلامه.

قوله: وأما التاج فقد ذكروا أنه جرت عادة النساء بلبسه كان مباحًا، وإلا فهو مما يلبسه عظماء الفرس فيحرم، وكأن هذا إشارة إلى اختلاف الحكم بحسب اختلاف النواحي، فحيث جرت عادة النساء بلبسه جاز لبسه، وحيث لم تجر لا يجوز تحرزًا عن التشبه بالرجال. انتهى.

تابعه النووي عليه في "الروضة" وكذلك في "شرح المهذب" هنا فقال ما نصه: وأما التاج فقال صاحب "الحاوي" والأصحاب: حيث جرت عادة النساء بلبسه جاز لبسه، وإلا فحرام؛ لأنه لباس عظماء الفرس.

قال الرافعي: وكان معنى هذا أن يختلف بعادة أهل النواحي، فحيث جرت عادة النساء بلبسه جاز وإلا فلا يجوز تحرزًا عن التشبيه. انتهى كلام النووي.

ثم خالف ذلك في الشرح المذكور أيضًا فقال في باب ما يجوز لبسه: الصواب في التاج الجواز مطلقًا من غير ترديد لعموم الحديث، ولدخوله في اسم الحلى، هذا كلامه.

قوله في "أصل الروضة": وفي الدراهم والدنانير التي تثقب وتجعل في القلادة وجهان: أصحهما: التحريم. انتهى كلامه.

وهذا الذي قاله من التحريم غلط، بل يجوز للنساء لبس ذلك، ولا تحريم فيه بلا خلاف، بل ولا كراهة فيه أيضًا فاعلمه.

ولنوضحه فنقول وبالله التوفيق: هذه المسألة قد صرح الروياني في "البحر" هنا بها، وجزم بأنه لا يحرم لبس ذلك، وبأنه لا يكره أيضًا فقال ما نصه:

فرع: الدنانير بالعري إذا طرحنها في القلادة فلبسنها لا يكره. هذا

ص: 636

لفظه، ثم فرع على ذلك بعده بدون ورقتين فرعًا حسنًا.

حكى فيه وجهين، وهي أنها هل تلتحق بسبب ذلك بالحلي المباح المسقط للزكاة، لكونه قد أعد للزينة أو لا تلتحق به لأن صورة النقدية باقية فقال ما نصه:

فرع: الدراهم والدنانير المثقوبة التي يجعلها في القلادة هل هي من جملة الحلي المباح الذي لا زكاة فيه في أحد القولين اختلف أصحابنا فيه، منهم من قال: هي من جملته، ومنهم من قال: لا تكون من جملته لأنها لم تخرج بالصنعة عن النقدية وهذا أشبه انتهى كلام الروياني وهو واضح حسن.

ثم إن الرافعي نقل عنه هذه المسألة نقلًا يوهم التحريم من جهة العبارة، ومن جهة السياق فقال: فيما يحل للمرأة وما يحرم ما نصه: وفي الدراهم والدنانير التي تثقب وتجعل في القلادة وجهان حكاهما القاضي الروياني: أظهرهما: المنع لأنها لم تخرج بالصوغ عن النقدية. هذا لفظه.

فأراد بالمنع منع التحاقها بالحلي المباح المسقط للزكاة ويدل عليه التعليل المذكور لأن هيئة النقدية مناسبة لإيجاب الزكاة لا للتحريم، فتوهم النووي أن المراد بالمنع منع اللبس، فصرح به فقال: أصحهما: التحريم، وهو غلط صريح، ولعمري إنه لمعذور، فإن الواقف على كلام الرافعي ممن لا اطلاع له على أصوله لا يفهم منه غير ذلك، غير أنه كيف استقام له هذا الحكم مع التعليل المذكور، وقد تنبه في "شرح المهذب" إلى الصواب في هذه المسألة فقال في باب ما يجوز لبسه: صحح الرافعي أن ذلك لا يجوز، وليس الأمر كما قال، بل الأصح جوازه. هذا كلامه.

فأما ما قاله من الجواز فهو الصواب غير أنه ليس كما زعمه من ثبوت الخلاف.

ص: 637

وأما إعزاءه التحريم إلى الرافعي فغلط حصل من فهمه، وقد عزاه إليه أيضًا في هذا الباب من "شرح المهذب" أيضًا، ولم ينقله عن غيره لأنه لم يظفر لأحد بذلك، غير أنه سكت عليه، ولم يستدركه في هذا الباب كما استدركه قبل ذلك [لعدم](1) إمعانه في المسألة.

والحاصل أنه علم الصواب في المسألة من حيث الجملة، وهو يدل على علو قدره، وإن كان لم يدر من الذي وقع في الخطأ، ولا سبب وقوعه.

قوله: وكل حلى أبيح للنساء فذلك إذا لم يكن فيه سرف، فإن كان فوجهان، الذي ذكره معظم العراقيين هو المنع. . . . إلى آخره.

فيه أمران:

أحدهما: أن الصحيح منهما هو التحريم، كذا صححه في "المحرر"، والنووي في "أصل الروضة" وغيرها من كتبه.

الثاني: أن الرافعي في "المحرر" قيد التحريم بالمبالغة في السرف، ولم يكتف بالسرف، وتبعه عليه النووي في "المنهاج".

قوله: ولو اتخذ الرجل خواتم كثيرة أو المرأة خلاخل كثيرة لتلبس الواحد منها بعد الواحد جاز وقيل: فيه وجهان. انتهى.

وتعبيره يشعر بأنه لا يجوز لبس الجميع جملة.

قال المحب الطبري في "شرح التنبيه": والمتجه أنه لا يجوز للرجل لبس الخاتمين سواء كانا في يدين أم في يد واحدة، لأن الرخصة لم ترد بذلك، قال: ولم أقف [فيه](2) على نقل.

قلت: وقد صرح الدارمي في "الاستذكار" بما توقف فيه، وزاد فقال: يكره للرجل لبس فوق خاتمين فضة.

(1) في جـ: من عدم.

(2)

سقط من جـ.

ص: 638

وصرح به أيضًا الخوارزمي في باب الآنية من "الكافي"، فقال: يجوز له أن يلبس زوجًا في يد وفردًا في الأخرى، فإن لبس في هذه زوج، وفي الأخرى زوج فقال الصيدلاني في "الفتاوى": لا يجوز. فعلى قياسه لو تختم في غير الخنصر ففي جوازه وجهان. انتهى ملخصًا.

وفي "صحيح مسلم"(1) عن علىّ كرم الله وجهه قال: نهاني النبي صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمن في هذه أو التي تليها، ثم أشار إلى الوسطى والتي تليها.

وفي رواية أبي داوود (2) بإسناد صحيح: "في هذه أو هذه السبابة والوسطى".

قال: شك فيه الراوي.

ولا إشكال في أن المرأة يجوز لها أن تتختم في غير الخنصر، وقد صرح به الرافعي في الوديعة.

قوله: وفي تحلية الكعبة والمساجد بالذهب والفضة وتعليق قناديلها فيها وجهان مرويان في "الحاوي" وغيره:

أحدهما: الجواز تعظيمًا كما في المصحف، وكما يجوز ستر الكعبة بالديباج.

وأظهرهما: المنع إذ لم ينقل ذلك عن فعل السلف، وحكم الزكاة ينبني على الوجهين.

نعم لو جعل المتخذ وقفًا فلا زكاة فيه بحال. هذا لفظه بحروفه.

وهو كلام عجيب باطل متهافت يدفع بعضه بعضًا، فإنه صحح

(1) حديث (2095).

(2)

حديث (4225) وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.

ص: 639

[التحريم](1) في أول الكلام، ثم جزم في آخره بصحة الوقف تفريعًا عليه أيضًا أي على التحريم، وقد اتفقوا على أن الوقف على الأشياء المحرمة لا يصح، بل اختلفوا في اشتراط القربة.

وقد ذكر النووي في هذه المسألة في "الروضة" كما ذكرها الرافعي، وكذلك في "شرح المهذب"، وزاد فيه أن هذا الوقف صحيح سواء فعله ثم وقفه، أو وقف وقفًا ليتخذ منه.

ثم بعد تقريره استشكل صحته بنحو ما قلناه. وأعظم من ذلك إشكالًا على النووي أنه صحح في كتاب الوقف من "زيادات الروضة" أن الوقف على تزويق المسجد ونقشه لا يصح وعلله بكونه منهيًا عنه.

فانظر كيف أبطل الوقف عليه مع كراهته، وعلله بالنهي، وجزم بصحة الوقف في مسألتنا مع القول بالتحريم وبالجملة فالصواب بطلان الوقف في المسألة المذكورة في هذا الباب للمعنى الذي قلناه أولًا.

(1) في جـ: التجويز.

ص: 640