الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في مرض موته.
فإن جعلناه نفلًا حسبناه من الثلث؛ وإن جعلناه فرضًا فيتجه تخريجه على الخلاف في ما إذا أوصى بالعتق في الكفارة المخيرة هل تحسب من رأس المال أم لا؟ وفيه اختلاف يأتيك في باب الوصية.
وفائدة خامسة أيضًا وهي كيفية النية في البعير المخرج عن الشاة ونحو ذلك، فإن جعلنا الجميع فرضًا فلابد أن ينوي الزكاة أو الصدقة المفروضة، ونحو ذلك بالجميع.
وإن قلنا: إنه الخمس، كفاه الاقتصار عليه في النية.
[الركن الثاني: القيام]
(*)
قوله: وإذا عجز عن القيام في صلاة الفرض عدل إلى القعود ولا ينقص ثوابه [لأنه](1) معذور. انتهى.
وهذا التعليل قد تابعه عليه في "الروضة" و"شرح المهذب" وفيه كلام مهم يتعين الوقوف عليه أذكره إن شاء الله تعالى في صلاة الجماعة في الكلام على الأعذار المرخصة في تركها.
قوله: ولو جلس للغزاة رقيب يرقب العدو، ولو قام لرآه العدو، أو جلس الغزاة في مكمن ولو قاموا رآهم العدو، وفسد التدبير فلهم الصلاة قعودًا، ويجب الإعادة لندوره، انتهى.
زاد في "الروضة" فقال: قلت: قال صاحب "التتمة": إن خاف لو قام في الصلاة أن يقصده العدو صلى قاعدًا وأجزأته على الصحيح، ولو صلى الكمين في وهدة قعودًا ففي صحتها قولان، والله أعلم.
فأما المسألة الأولى: من زوائده فقد اختلف تصحيحه فيها فصحح في
(1) في أ: لا.
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع، وفي روضة الطالبين:«اعْلَمْ أَنَّ الْقِيَامَ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، رُكْنٌ فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُومُ الْقُعُودُ مَقَامَهُ فِي النَّافِلَةِ، وَفِي الْفَرِيضَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْقِيَامِ، الِانْتِصَابُ»
"شرح المهذب" هنا وجوب الإعادة، وصحح في باب صلاة المريض من "التحقيق" عدم الوجوب.
وأما الثانية: فقد رأيتها أيضًا في كلام "التتمة" وأعادها لإفادة القول المحكي في عدم الصحة، كذا أوضحه في "شرح المهذب" في صلاة المريض فاعلمه.
قوله: وإذا قعد المعذور فلا يتعين لقعوده هيئة، لكن يكره الإقعاء في هذا القعود وفي جميع قعدات الصلاة، لما روى أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يقعي الرجل في صلاته (1).
ويروى أنه قال: "لا تقعوا إقعاء الكلاب"(2)، واختلفوا في تفسير الإقعاء على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يقرب بين رجليه، ويضع إليته على عقبيه.
والثاني: أن يجعل يديه على الأرض، ويقعد على أطراف أصابعه.
والثالث: وهو الذي ذكره في الكتاب، أنه الجلوس على الوركين، ونصف الفخذين والركبتين، وهذا أظهر، وبه فسر أبو عبيد، لكن زاد فيه شيئًا آخر، وهو وضع اليدين على الأرض. انتهى.
(1) أخرجه الترمذي (282) وابن ماجة (894) وأحمد (1243) والبيهقي في "الكبرى"(5581) وعبد بن حميد (67) من حديث عليّ رضي الله عنه.
قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه من حديث على إلا من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن على وقد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور.
وقال الشيخ الألباني: ضعيف.
(2)
أخرجه ابن ماجه (895) من حديث عليّ رضي الله عنه بلفظ: "لا تقع إقعاء الكلب".
قال الشيخ الألباني: حسن.
فيه أمور:
أحدهما: أن تفسير الإقعاء المكروه بالتفسير الأول قد نبه في "الروضة" على غلطه فقال: الصواب هو الثالث؛ وأما الأول فغلط، فقد ثبت في "صحيح مسلم"(1) أن الإقعاء سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفسره العلماء بالتفسير الأول، ونص على استحبابه للشافعي في "البويطي"، و"الإملاء" في الجلوس بين السجدتين؛ قال العلماء: والإقعاء ضربان: مكروه وغير مكروه. انتهى كلام "الروضة".
وذكر ابن الصلاح نحوه فقال: وقد خبط في الإقعاء من المصنفين من لم يعلم أنه نوعان.
واعلم أن ما ذكره ابن الصلاح والنووي قد سبقهما إليه البيهقي، وأوضحه فأطال الكلام فيه (2).
وقد نقله عنه في "شرح المهذب"، إلا أن خلاصة كلامه أنه مكروه ما عدا الجلوس بين السجدتين فإنه مرخص فيه أو سنة، وكلام "الروضة" لا يعطي ذلك فتفطن له.
الأمر الثاني: أن الأحاديث الواردة في النهي عن الإقعاء كلها ضعيفة، كذا ذكره البيهقي، وتبعه عليه في "شرح المهذب"(3)، لكن روى الحاكم في "مستدركه" (4) عن الحسن عن سمرة قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
(1) حديث (536) من حديث ابن عباس.
(2)
في "السنن الكبرى"(2/ 120) حكاية عن أبي عبيدة.
(3)
استثنوا من ذلك حديث عائشة عند مسلم "نهي عن عقبه الشيطان" كما ورد في "الخلاصة".
(4)
أخرجه الحاكم (1005) والطبراني في "الكبير"(6957) والبيهقي في "الكبرى"(2572) وابن عدي في "الكامل"(3/ 304).
قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبى.
وقال الشيخ الألباني: صحيح.
الإقعاء في الصلاة" ثم قال: إنه صحيح على شرط البخاري، وأراد أن مذهب البخاري أن الحسن قد ثبت سماعه من سمرة مطلقًا خلافًا لمن خصه بحديث العقيقة، كذا نقله ابن عبد البر في "الاستذكار" عن الترمذي عن البخاري.
الأمر الثالث: أن عبارة الرافعي، والنووى في هذا الإقعاء صريحة في أنه يجعل ظهور قدميه على الأرض، ويجلس على بطونها.
وعبر في "البويطي" بقوله: ويجلس المصلي في جلوسه بين السجدتين على صدور قدميه، ويستقبل بصدور قدميه القبلة، هذا لفظه.
وحاصله أنه ينصب القدمين، ويجعل أطراف الأصابع على الأرض ويعتمد عليهما.
الأمر الرابع: أن ما ذكره في "الروضة" من استحباب الإقعاء في الجلوس بين السجدتين، وأن الشافعي نص عليه، لا ينافي ما ذكره في الكلام على الجلوس بين السجدتين من استحباب الافتراش في أصح القولين، فإنه قد ذكر في شرحي "المهذب" و"مسلم" جوابه فقال: وكلاهما سنة، لكن إحدى السنتين أكثر وأشهر فكانت أفضل في أصح القولين.
الأمر الخامس: أنه وقع في "الرافعي" و"الروضة" أبو عبيد بلا تاء، وصوابه أبو عبيدة بالتاء.
ففي "شرح المهذب" عن البيهقي: أن أبا عبيد القاسم بن سلام نقله عن شيخه أبي عبيدة معمر بن المثنى.
قوله: فإن عجز عن القعود اضطجع على جنبه الأيمن مستقبلًا بوجهه ومقدم بدنه القبلة، فإن ترك التيامن جاز، وفي قول: يستلقي على ظهره
ويجعل رجليه إلى القبلة، فإنه إذا رفع وسادته قليلًا كان وجهه إلى القبلة، وإذا أومأ بالركوع والسجود كان إيماؤه إلى القبلة بخلاف المضطجع.
وقيل: يضطجع على جنبه الأيمن، ولكن أخمصاه إلى القبلة، وهو ضعيف.
وذكر الإمام أن الخلاف المذكور خلاف في الوجوب، لأن الاستقبال مختلف فيه بخلاف الخلاف في كيفية القعود فإنه خلاف في الأفضل. انتهى ملخصًا.
فيه أمور:
أحدها: أن رفع الوسادة على القول الثاني هل هو على سبيل الاشتراط أم لا؟ ليس في كلامه تصريح بشيء، وقد صرح باشتراطه في أصل "الروضة" وغيرها.
الأمر الثاني: أن هذا كله مسلم إذا كان يصلي في غير الكعبة، فإن صلى فيها مضطجعًا لمرض أو تنفل مضطجعًا فالمتجه أنه يجوز أن يستلقي على ظهره وعلى وجهه، لأنه كيف ما توجه فهو متوجه لجزء من أجزاء الكعبة.
نعم إن لم يكن على الكعبة سقف، وتنفل مستلقيًا على ظهره فيتجه المنع.
والمسألة محتملة، ولعلنا نزداد فيها علمًا أو نشهد نقلًا.
قوله: فإن عجز عن الإشارة بالرأس أومأ بطرفه، فإن عجز عن تحريك الأجفان أجرى أفعال الصلاة على قلبه، وقال أبو حنيفة: إذا عجز عن الإيماء بالرأس لم يكلف بها في تلك الحالة، ولكن يقضيها وقد حكاه في "البيان" وجهًا لنا.
دليلنا: ما روي عن علىّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يصلى المريض قائمًا، فإن لم يستطع صلى جالسًا، فإن لم يستطع الجلوس وأومأ وجعل السجود أخفض من الركوع، فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة أومأ بطرفه فإن لم يستطع صلى على قفاه مستلقيًا وجعل رجليه مستقبل القبلة"(1).
ثم قال بعد ذكره لهذا الحديث: واحتج في الكتاب للترتيب المذكور بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(2) ولا يصح الاحتجاج به في هذا المقام، لأن هذا الخبر أمر بالإتيان بما يشتمل عليه المأمور عند العجز عن ذلك المأمور، فإنه قال:"فأتوا منه"، والقعود المعدول إليه عند العجز لا يشتمل عليه القيام المأمور به حتى يكون مستطاعًا من المأمور به، وكذلك الإضطجاع لا يشتمل عليه القعود، وإجراء الأفعال على القلب لا تشتمل عليه الأفعال المأمور بها.
ألا ترى أنه إذا أتى بالأفعال، ولم يحضرها في ذهنه حين ما يأتي بها أجزأته صلاته. انتهى ملخصًا.
(1) أخرجه الدارقطني (2/ 42) والبيهقي في "الكبرى"(3493) وابن الجوزي في "التحقيق"(415).
قال الزيلعي: قلت: حديث غريب، وأعله عبد الحق في "أحكامه" بالحسن العربي وقال: كان من رؤساء الشيعة ولم يكن عندهم بصدوق ووافقه ابن القطان.
قال: وحسين بن زيد لا يعرف له حال. انتهى.
وقال ابن عدي: روى أحاديث مناكير ولا يشبه حديثه حديث الثقات وقال ابن حبان: يروى المقلوبات ويأتي عن الأثبات بالمرويات انتهى.
وحسين بن زيد هو: ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: قلت لأبى: ما تقوله فيه؟ فحرك يده وقلبها "يعنى تعرف وتنكر؟ ".
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا باس به إلا أني وجدت فى حديثه بعض النكرة. انتهى.
وقال النووي: حديث ضعيف.
وكذا ضعفه ابن الملقن كما في "البدر المنير"(3/ 525 - 526).
(2)
أخرجه البخاري (6858) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فيه أمور:
أحدها: أن حكاية هذا الوجه عن "البيان" في حالة العجز عن الإيماء بالرأس قد تبعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو غلط، فإن المذكور في "البيان" ما حاصله أنه إذا عجز عن الإيماء برأسه أومأ بحاجبه وطرفه في الركوع والسجود ويقرأ بلسانه، فإن عجز حركه بها، فإن تعذر الإيماء وحركة اللسان أمر الأركان على قلبه.
وقال أبو حنيفة: تسقط عنه الصلاة في هذه الحالة، وحكى الطبري في "العدة وجهًا" مثله. انتهى.
وذكر أيضًا في "الزوائد" نحوه.
وحاصله أن هذا الوجه يقول: إن الصلاة لا تسقط عند العجز عن الإيماء بالرأس، فالأبدان تعجز أيضًا عن الإيماء بالطرف، وعن حركة اللسان بالقراءة، ثم راجعت كلام "العدة"، وهي "عدة" أبي عبد الله الحسن الطبري، فوجدت النقل فيها كذلك أيضًا، إلا أنه لم يذكر الإيماء بالحاجب وكأنه ملازم للإيماء بالطرف، ورأيته قد نقل الوجه عن ناصر العمري شيخه، وزاد أن قائله يقول بوجوب القضاء على الأصح.
الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" لما حكى الوجه الضعيف لم يذكر وجوب القضاء، بل اقتضى كلامه عدم وجوبه، وهو وجه آخر تقدمت حكايته لم يذكر وجوب القضاء، بل اقتضى كلامه عدم وجوبه، وهو وجه آخر تقدمت حكايته، ويتحصل من ذلك ثلاثة أوجه:
أحدها: أن هذا الإعراض الذي ذكره الرافعي عن الغزالي ذهول عن مراده، فإنه لم يرد بالأمر حديث الأعرابي، ونحوه مما يتبين فيه أركان الصلاة، بل أراد الحديث الذي ذكره وهو من رواية علىّ لكن الإمام ذكره،
واستنتج منه هذا، ودلالته على ما عدا الإمرار واضحة، وأما على الإمرار فقد أوضحه الإمام فقال: لأنه لما أمر المستلقي بالصلاة والصلاة في الشريعة عبادة مخصوصة ذات أركان فعلية وقولية، فلا يتصور اعتقادها عند سقوط الأفعال الظاهرة إلا بإجرائها في القلب، ثم قال: وهذا حسن لطيف، وهذا الحديث قد أخرج معناه الدارقطني وضعفه (1).
نعم في البخاري من رواية [عمران](2): صلى قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب" (3). وحديث:"إذا أمرتكم"(4) صحيح أخرجه الشيخان.
قوله في "الروضة": فرع: القادر على القيام إذا أصابه رمد، وقال له طبيب موثوق به: إن صليت مستلقيًا أو مضطجعًا أمكن مداواتك، وإلا خيف عليك العمى، جاز له الاضطجاع، والاستلقاء على الأصح، انتهى كلامه.
والخلاف المذكور عائد إلى كل من المسألتين، كذا صرح به الرافعي فقال: فهل له أن يستلقي أو يضطجع بهذا العذر؟ فيه وجهان. هذا لفظه. وعبارة الروضة ليست صريحة فيه.
قوله: ولو وجد المريض خفة في ركوعه قاعدًا وإن وجدها قبل الطمأنينة لزمه الارتفاع إلى حد الركوع الصحيح، ولا يجوز له أن ينتصب قائمًا ثم يركع، وإن وجد بها بعد الطمأنينة فقد تم ركوعه، ولا يلزمه الانتقال إلى ركوع القائمين، ولكن يجوز له ذلك، لأنه لابد له من القيام للاعتدال، إما منحنيًا أو مستويًا. انتهى كلامه.
وهو يقتضي أن الانتقال من ركن إلى ركن لا يجب، إذ لو كان واجبًا لكان يلزمه العود إلى الركوع مطلقًا لينتقل منه، ولا ينتقل من غيره.
(1) تقدم.
(2)
في أ، ب، جـ: عمار.
(3)
أخرجه البخاري (1066) من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.
(4)
تقدم.
وذكر أيضًا بعد ذلك نحوه فقال: إنه إذا سقط من الركوع، فإن اطمأن فلا يجب العود إلى الركوع، بل يقوم وإلا وجب، انتهى.
وهذا الذي اقتضاه كلامه من كون الانتقال غير واجب، قد صرح بخلافه في أوائل شروط الصلاة في الكلام على سبق الحدث، وسأذكر إن شاء الله عبارته هناك، وذكر هناك نحوه أيضًا فقال في الكلام على الركوع: ويجب أن لا يقصد بهويه غير الركوع، فلو قرأ في صلاته آية السجدة فهوى ليسجد للتلاوة ثم بدا له بعدما بلغ حد الراكعين أن يركع، لم يعتد بذلك عن الركوع، لأنه لم يقطع القيام لقصد الركوع، بل يجب عليه أن يعود إلى القيام ثم يركع. انتهى.
وهو يدل على وجوب شيئين.
أحدهما: الانتقال.
والثاني: أن لا يقصد شيئًا آخر.
وذكر في مواضع أخرى نحوه أيضًا.
واعلم أن ما ذكره الرافعي من جواز الانتقال إلى ركوع القائمين بعد الطمأنينة لم يصرح به في "الروضة"، إلا أن في كلامه إشعار به.
[الركن الثالث](1) القراءة
[قوله](2) يستحب للمصلي إذا كبر أن يقول دعاء الاستفتاح وهو: "وجهت وجهي. . . ." إلى: وأنا من المسلمين" (3) رواه عليّ رضي الله عنه إلا أنه قال في آخره: وأنا أول المسلمين، لأنه عليه الصلاة والسلام أول مسلمي هذه الأمة، ولا يزيد الإمام على هذا إذا لم يعلم رضى المأمومين بالزيادة.
(1) بياض في أ، ب.
(2)
بياض في أ، ب.
(3)
أخرجه مسلم (771) وأبو داود (760) والترمذي (3421) والنسائي (897) من حديث عليّ رضي الله عنه.
فإن علم رضاهم، أو كان المصلي منفردًا استحب أن يقول بعده:"اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت. ." إلى آخره.
فيه أمران:
أحدهما: أن المأموم في الصلاة الجهرية يستحب له الاقتصار على الأول، ويسرع به أيضًا ليشتغل بسماع قول الإمام، كذا نقله في "شرح المهذب" عن "التبصرة" للشيخ أبي محمد وأقره، وهو ظاهر.
الثاني: أن إطلاقه يقتضي أنه لا فرق في التعبير بقوله: من المشركين، وبقوله: من المسلمين، بين الرجل والمرأة.
واستعمال المرأة لذلك صحيح على إرادة الأشخاص، ويدل على التعميم ما رواه الحاكم في "المستدرك" عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين"، قال عمران: قلت: يا رسول الله: هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل لذلك أنتم أم للمسلمين عامة؟ قال: لا، بل للمسلمين عامة (1).
واعلم أن الذكرين المتقدمين رواهما مسلم "في صحيحه" من رواية عليّ، إلا أن (مسلمًا) بعد قوله (حنيفًا) ليست في رواية مسلم، بل زادها ابن حبان في "صحيحه"(2).
(1) أخرجه الحاكم (7524) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قال الذهبي: بل أبو حمزة ضعيف جدًا.
وقال الألباني: منكر.
وقال أبو حاتم: حديث منكر.
وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"(2/ 37) من حديث أبي سعيد بسند ضعيف أيضًا.
(2)
حديث (1771).
قوله في "الروضة": ولا يجهر بالتعوذ في الصلاة السرية، ولا في الجهرية أيضًا على الأظهر قياسًا على دعاء الاستفتاح.
والثاني: يستحب.
والثالث: يتخير بلا ترجيح، وقيل: يستحب الإسرار قطعًا. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن استحباب الإسرار بدعاء الاستفتاح قد أسقطه النووي لكونه تعليلًا فلزم خلو "الروضة" منه.
وفي "شرح التنبيه" للمحب الطبري: أن في استحباب الجهرية أيضًا وجهين.
الأمر الثاني: أن الرافعي لم ينقل طريقة قاطعة بالإسرار كما فعل المصنف فإنه لم يتعرض لنفي الخلاف، وإنما حكاه عن أبي عليّ الطبري كحكاية سائر الأوجه.
قوله: واستحباب التعوذ هل يختص بالركعة الأولى؟ منهم من قال: لا، بل يسن في كل ركعة لوقوع الفصل بين القراءتين بالركوع والسجود، ومنهم من قال: فيه قولان:
أظهرهما: ما ذكرناه.
والثاني: يختص بالأولى، كما لو سجد للتلاوة ثم عاد إلى القراءة، فإنه لا يعيد، فكأن رابطة الصلاة تجعل الكل قراءة واحدة. انتهى ملخصًا.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأصح من الطريقين هي طريقة القطع، كذا صححه النووي في "الروضة"، ولم ينبه فيها على أنه من زياداته، بل أدخله في كلام الرافعي، فتفطن له، وصحح الرافعي في "الشرح الصغير" طريقة
القولين، وحكى في "شرح المهذب" طريقة ثالثة أنه لا يستحب قطعًا.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في سجدة التلاوة من كونه لا يعيد التعوذ مسألة نفسية مهمة، وقد أسقطها النووي فلم يذكرها في "الروضة"، ونقلها في "شرح المهذب" عن المتولي.
قوله: وهل يجب على المأموم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية؟ فيه قولان:
أصحهما: نعم.
فإن قلنا: لا يقرأها؛ فلو كان أصمًا أو بعيدًا لا يسمع قراءة الإمام، قرأ في أصح الوجهين، فلو جهر الإمام في صلاة السر أو بالعكس فوجهان: أصحهما عند صاحب "التهذيب": أن الاعتبار بصفة الصلاة، وهو ظاهر لفظ المصنف.
وذكر المحاملي حكاية عن النص ما يقتضي أن الاعتبار بفعل الإمام، وهو الموافق للأصح في الأصم والبعيد. انتهى ملخصًا.
وظاهره يشعر برجحان الوجه الثاني، ولهذا صرح النووي بتصحيحه في "أصل الروضة" وصححه أيضًا في "شرح المهذب" و"التحقيق"، لكن صرح الرافعي في "الشرح الصغير" بتصحيح الأول فقال: الأصح أن الاعتبار بحال الصلاة.
وجزم في "شرح المهذب" بأن المأموم يستحب له قراءة السورة إذا أسر الإمام بالجهرية فيحتاج إلى الفرق.
وقريب من هذه المسألة أنَّا إذا قلنا: لا يحرم على المحرم قلع الشجر الذي ثبته الآدميون، فالعبرة بحاله لا بفعل الشخص في أصح الوجهين كما قاله في "الروضة".
قوله وإذا قلنا: إن المأموم لا يقرأ الفاتحة، فهل يسن له أن يتعوذ؟ فيه وجهان في "البيان".
أحدهما: لا، لكونه لا يقرأ.
والثاني: نعم لأنه ذكر سري فيشارك الإمام فيه كما لو أسر بالفاتحة. انتهى ملخصًا.
والأصح منهما أنه لا يتعوذ، كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير"، والنووي في "التحقيق" و"شرح المهذب" وزيادات "الروضة".
قوله: وإذا قلنا: إنه يقرأها، فيستحب للإمام أن يسكت بعدها قدر قراءة المأموم لها، ذكره في "التهذيب". انتهى.
ذكر مثله بعد ذلك في الكلام على قراءة السورة ولم يعزه إلى البغوي، والتعبير بالسكوت تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، وهو يوهم أن الإمام في مدة انتظاره لقراءة المأموم لا يأتي بشئ بل يسكت حقيقة، وليس كذلك، بل يستحب للإمام في هذه الحالة أن يشتغل بالذكر أو الدعاء أو القراءة سرًا، لأن الصلاة ليس فيها سكوت حقيقي في حق الإمام، وبالقياس على قراءته في انتظاره في صلاة الخوف، وقد جزم النووي بذلك في "شرح المهذب" و"الفتاوى" وغيرها، ونقله أيضًا عن "الأمالي" للسرخسي فقال: قال -يعني السرخسي-: يستحب أن يدعو في هذه السكتة كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي. . . ."(1) إلى آخره.
وهذا الذي قاله حسن، ولكن المختار القراءة لأن هذا موضعها، هذا كلام النووي.
(1) أخرجه البخاري (711) ومسلم (598).
قوله: واعلم أن القراءة واجبة في كل ركعة إلا ركعة المسبوق، لما روى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ فاتحة الكتاب في كل ركعة (1). انتهى.
تابعه في "الروضة" على هذا الحصر، وليس كذلك، بل تسقط أيضًا الفاتحة في الركعات كلها حيث حصل له عذر تخلف بسببه عن الإمام بأربعة أركان طويلة، وزال عذره، والإمام راكع، وتلك في صور:
منها: لو كان المأموم بطيء القراءة.
ومنها: لو نسى أنه في الصلاة.
ومنها: ما لو امتنع من السجود بسبب الزحمة.
ومن الأعذار أيضًا: ما إذا شك بعد ركوع إمامه في قراءة الفاتحة، وقد أوضحوا ذلك في الجمعة والجماعة، وحينئذ فيتصور خلو الصلاة كلها عن القراءة.
واعلم أن الحديث المذكور غير ثابت، ويغني عنه ما رواه رفاعة بن رافع في حديث المسيء صلاته:"إذا استقبلت القبلة فكبر ثم اقرأ بأم الكتاب ثم قال في آخره: ثم افعل ذلك في كل ركعة رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه وفي "شرح المهذب": إن البيهقي رواه بإسناد صحيح ولفظ الصحيحين: "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها" (2).
(1) أخرجه أبو داود (818) وأحمد (11011) وابن حبان (1790) وأبو يعلى (1210) والبيهقي في "الكبرى"(2290) وعبد بن حميد (879).
قال الحافظ: إسناد صحيح.
وقال الألباني: صحيح.
(2)
أخرجه البخاري (724) ومسلم (397) وأبو داود (856) والترمذي (303) والنسائي (884) وابن ماجه (1060) وأحمد (9633) وابن خزيمة (461 - 590) وابن حبان (1890) وأبو يعلى (6577) وابن أبي شيبة (1/ 257) والبيهقي في "الكبرى"(2091).
والمراد كل ركعة بدليل الركوع والسجود وغيرهما، وأيضًا ففي البخاري:"صلوا كما رأيتموني أصلي"(1)، وفي مسلم:"كان يقرأ الفاتحة في كل ركعة"(2).
قوله: ثم كيف يقول أيتحمل الإمام الفاتحة عن المسبوق أم لا تجب عليه أصلًا؟ فيه مأخذان للأصحاب. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الصحيح من هذا الخلاف هو الأول، كذا صححه النووي في "زيادات الروضة" و"شرح المهذب" وزاد فيه: إن الأكثرين قطعوا به.
ثانيهما: أن فائدة الخلاف -كما أشار إليه ابن الرفعة- فيما لو أدركه محدثًا أو في ركعة خامسة، فإن قلنا بالأول، لم يحتسب له، لأن إمامه ليس أهلًا للتحمل، وإلا حسب، والصحيح عدم الحسبان، كما هو مقتضى البناء.
قوله: التسمية آية من الفاتحة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ الفاتحة فقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)، وعدها آية منها.
وروي أنه قال: "إذا قرأتم فاتحة الكتاب فاقرأوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فإنها أم القرآن والسبع المثاني"(4)، وإن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(1) أخرجه البخاري (605).
(2)
تقدم.
(3)
أخرجه النسائي (905) وابن حبان (499) والدارقطني (1/ 305) والبيهقي في "الكبرى"(2223) والطحاوي في "شرح المعاني"(1086) وابن الجارود في "المنتقي"(184) من حديث نعيم المجمر عن أبي هريرة.
قال الدارقطني: هذا صحيح، ورجاله كلهم ثقات.
(4)
أخرجه الدارقطني (1/ 312) والبيهقي في "الكبرى"(2219) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بسند صحيح.
ليس منها، وما حكم التسمية في سائر السور سوى براءة؟ لأصحابنا. فيه طريقتان:
إحداهما: أن في كونها من القرآن قولين، والطريقة الثانية -وهي الأصح: أنها من القرآن بلا خلاف، وإنما الخلاف في أنها آية مستقلة أم بعض آية. انتهى.
تابعه النووي في "الروضة" على تصحيح طريقة القطع، وجزم في "التحقيق" و"شرح المهذب" بطريقة القولين، وهو غريب.
نعم ذكر الرافعي في آخر الكلام على المسألة أن الأكثرين على طريقة القولين، والظاهر أنه سهو سبق إليه القلم.
والحديث الأول رواه ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم في "مستدركه" من رواية أبي هريرة، وقال: رجاله كلهم ثقات.
قوله: فلو أبدل حرفًا بحرف فقد ترك الواجب وهل يستثني إبدال الضاد بالظاء؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم لقرب المخرج وعسر التمييز.
وأصحهما: لا كغيره من الخروج. انتهى كلامه.
وقد تبعه في الروضة على التعبير بقوله: إبدال الضاد بالظاء، وهو فاسد، فإن مدلوله لغة عكس المراد.
والصواب إبدال الظاء بالضاد، وذلك لأن القاعدة اللغوية أن الباء مع كلمة الإبدال لا تدخل إلا على المتروك، ولا تدخل على المأتى به قال تعالى:{أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} (1)، وقال تعالى:
(1) سورة البقرة (61).
{وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} (1) الآية، وقال تعالى:{وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108} (2) وقال تعالى: {وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} (3) فدل ذلك كله على ما ذكرناه.
نعم لو أتى بحرف بين حرفين كقاف العرب بين الكاف والقاف المعروفة، لم يضر كما صرح به جماعة، وجزم به في "الكفاية" ومال الطبري، -شارح "التنبيه"- إلى البطلان، وقال النووي في صلاة الجماعة من "شرح المهذب": إن فيه نظر.
واعلم أنه يدخل في إبدال الحرف بالحرف إقامة الدال المهملة مقام المعجمة من "الذين".
ومقتضى كلامهم القطع فيه بالبطلان، فليتفطن له، ويحتمل تخريجه على ما سبق.
قوله: ولا يحتمل اللحن المحيل للمعنى كقوله: "أنعمت عليهم" و"إياك نعبد" بل تبطل صلاته إن تعمد، ونعيده على الاستقامة إن لم يتعمد. انتهى.
ومراده أنه أتى بتاء "أنعمت" مضمومة أو مكسورة، وبكاف إياك مكسورة، ولو أتى مضمومة لم يضر وقول الرافعي: ونعيده على الاستقامة مقتضاه أنه لا يلزمه الاستئناف بل يعيده مع ما بعده، وهو مقتضى كلام الماوردي، وعبر في "الروضة" بقوله: ويجب إعادة القراءة، وهو يشعر بوجوب الاستئناف، وبه صرح القاضي حسين في "تعليقه":
واعلم أن مقتضى كلام الرافعي أن اللفظ القاطع للولاء إذا أتى به ناسيًا، ولم يطل لا يجب معه الاستئناف، وبه صرح القاضي حسين في "تعليقه" على الصحيح ومسألتنا فرد منها، فيكون الصواب فيها البناء كما
(1) سورة سبأ (16).
(2)
سورة البقرة (108).
(3)
سورة النساء (2).
أشعر به كلام الرافعي.
قال القاضي حسين: والمحيل للمعنى هو الذي يبطل معه المعنى الأول سواء ثبت له دلالة أم لا، وجعل هو والماوردي الظالين بالمعجمة من المحيل للمعنى لأن "ظل" بمعنى أقام نهارًا.
واعلم أن إقامة الواو مقام الياء في "رب العالمين" مضر، وإن كان لحنًا لا يحيل المعنى لما فيه من الإبدال.
قوله: وتسوغ القراءة بالسبع وكذا القراءة بالشاذة إن لم يكن فيها تغيير معنى، ولا زيادة حرف، ولا نقصانه. انتهى كلامه.
وفيه أمران:
أحدهما: أن مقتضى ما ذكره جواز القراءة بها بالشرط المذكور، وقال في "شرح المهذب": إنه لا يجوز لا في الصلاة، ولا في غيرها، وعبر في "الروضة" بعبارة أخرى فقال: وتصح بالقراءة الشاذة.
ورأيت في فتاوى قاضي القضاة صدر الدين موهوب الجزري أن القراءة بالشواذ جائزة مطلقًا إلا في الفاتحة للمصلي، وذكر ابن الحميري المصري في "فتاويه" نحوه أيضًا، إلا أنه أطلق المنع في الصلاة، نعم نقل البغوي في أول تفسيره الاتفاق على جواز القراءة بقراءة يعقوب، وأبي جعفر لشهرتهما.
الثاني: أن إطلاق الجواز عند الشرط المذكور يدخل فيه ما إذا وقع الشذوذ بإبدال الحرف كقوله: "إنا أنطيناك الكوثر" بالنون، وبه صرح في "الكفاية".
قوله: ويجب الترتيب، فلو قدم متأخرًا على متقدم، نظر إن كان عامدًا بطلت قراءته، وعليه الاستئناف، وإن كان ساهيًا عاد إلى الموضع الذي أخل منه [بالترتيب](1) فقرأ منه.
(1) سقط من جـ.
قال الصيدلاني: إلا أن يطول فيستأنف، انتهى كلامه.
ذكر في "الروضة" مثله أيضًا، وهذه المسألة من المسائل المهمة النفسية، فإن الحكم فيها على خلاف ما يتبادر إلى الفهم من لفظها حتى إن الرافعي نفسه حال تصنيف "الشرح الصغير" فهم من هذا اللفظ غير المراد منه لطول العهد به، فصرع به، وأدى ذلك كله إلى غلطي أيضًا في "شرح المنهاج"، وإلى غلط جماعة مضت عليهم أعصار وأن يعتبر بوقع المعبر به في الغلط جدير أن يعذر غيره فيه، فلنوضح ذلك فنقول: تقديم بعض الفاتحة على قسمين:
أحدهما: أن يقدم آخر الفاتحة على أولها، كتقديم النصف الأخير بكماله أو الثلث، ونحو ذلك.
والثاني: أن يقدم شيئًا من الوسط حيث يكون فاصلًا بين كلمات الفاتحة كما لو انتهى إلى قوله تعالى "صراط الذين" فعاد فقرأ: "مالك يوم الدين" أو شيئًا مما يأتي، وهو غير متصل بالأول كأن قرأ هذا المذكور:"غير المغضوب عليهم".
فأما القسم الأول فلا نزاع فيه حسبان النصف الأول منه، أو الثلث أو غيره، وهو المقدار الذي أخره حتى أنه يبني عليه، لأنه والحالة قارئ الفاتحة بكمالها من غير فاصل، وهو نظير ما ذكروه في الطواف والسعي والوضوء إذا ابتدأ بغير ما يشرع الابتداء به، وقد صرح بهذا الحكم مع وضوحه جماعة منهم القاضي حسين في "تعليقه" ومجلي في "الذخائر"، وجزم به أيضًا ابن الرفعة في "الكفاية".
وأما القسم الثاني: فالحكم فيه ما ذكره الرافعي، وقد صرح بذلك تصويرًا أو حكمًا جماعة منهم المتولي في "التتمة" ثم استدل عليه -أعني- المتولى.
فقال: لأن ذلك غير معهود في التلاوة، ومن فعل في الصلاة فعلًا يخالف الصلاة وهو ناسٍ أو جاهل لم تبطل صلاته، وإن كان عامدًا عالمًا بطلت، فكذلك القراءة؛ ثم إن الرافعي نقل هذه المسألة من كلام "التتمة" على عادته في النقل عنه، إلا أنه نقلها من غير تمثيل ولا تعليل، فلزم الخطأ، بحمل كلامه على القسم الأول لأنه المتبادر منه حتى حمله هو عليه في "الشرح الصغير" لبعد قصده عن المراد كما تقدم، فإنه قال: فإن قرأ النصف الأخير قبل الأول لم يعيد النصف الأخير بحال، ثم إن فعل ذلك عمدًا فعليه الاستئناف، وإن كان ساهيًا بنى عليه، هذه عبارته، ففهم ذلك من تعبيره في "الكبير" كما يفهمه غيره منه أيضًا، وكلام النووي في "شرح المهذب" يقتضي أنه فهمه منه أيضًا.
وكذلك جعلها فرعين مستقلين، وقد وفق الله الكريم إلى الإلهام إلى الصواب، وله الحمد والشكر، وبه التوفيق والعصمة.
واعلم أنه إذا كرر آية من وسط الفاتحة حتى طال الفصل فإنه يضر. كذا نقله الخوارزمي في "الشافي" عن القاضي الحسين، وارتضاه ولم ينقل خلافه، وهو متجه فاعلمه] (1).
قوله: وهو أخل بترتيب التشهد نظر إن كان تغييرًا مبطلًا للمعنى لم يحسب وتبطل صلاته بتعمده، ويجب طرد مثل هذا في الفاتحة.
وإن لم يغير فعلى الطريقين فيما إذا قال: عليكم السلام؛ والأظهر الجواز. انتهى.
واعلم أن تقديم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هل هو لتقديم بعض التشهد؟ فيه كلام يأتيك في باب سجود السهو في الكلام على وجوب الترتيب في الصلاة.
(1) سقط من جـ.
قوله: ولو نوى قطع القراءة ولم يسكت أو سكت سكوتًا يسيرًا، ولم ينو القطع لم تنقطع قراءته، فإن اجتمعا انقطعت فى أصح الوجهين، ثم قال: وإنما لم تؤثر مجرد النية هاهنا بخلاف نية قطع الصلاة، لأن النية ركن في الصلاة يجب إدامتها حكمًا، والقراءة لا تفتقر إلى نية خاصة فلا تؤثر فيها نية القطع. انتهى.
وقياس هذه الفرق أن نية قطع الركوع، وغيره من الأركان لا يؤثر. فاعلم ذلك فإنها مسألة مهمة، وحذف من "الروضة" هذا الفرق ففاتته هذه المسألة.
قوله: أما ما يؤمر به، وتتعلق به مصلحة الصلاة كالفتح على الإمام، وسؤال الرحمة، واستعاذته من النار عند قراءة الإمام آية دلت على ذلك لم تبطل قراءته في أصح الوجهين. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن العرب تقول للقارئ إذا توقف أُرتج عليه بضم الهمزة، وتخفيف الجيم على البناء للمفعول ارتاجًا من قولهم: أرتجت الباب، إذا أغلقته، والمرتاج: المغلاق، ويقولون أيضًا: أرتتج عليه بضم التاء الأولى ارتياجًا ولا يجوز ارتج عليه بتاء ثم جيم مشددة.
وتقول في الرد: فتح عليه الأمر.
ثانيهما: أنه لم يبين محل الرد، وقد بينه المتولى في "التتمة" فقال: لا يرد عليه مادام يردد التلاوة، وإنما يرد إذا سكت.
[الثالث](1) قال الشيخ تقي الدين بن رزين في "فتاويه": ولم يثبت شيء في كيفية الاستعاذة، وغيرها مما ندب إليه المأموم؛ قال: والظاهر:
(1) بياض في أ، ب.
اتباعِ اللفظ المتلو، والذي يتضمن امتثال ما أمر به فالأول كما إذا تلي:{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} (1) فيقول: سبحان ربي العظيم. أو تلا: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (2) فيقول: اللهم إني أسألك من فضلك.
وأما الثاني: فكقوله في الدعاء: {رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118} (3)، وفي الاستعاذة:{رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97)} (4).
قوله: ثم لم يجروا هذا الخلاف في كل مندوب فإن الحمد عند العطاس مندوب إليه، وإن كان في الصلاة، وهو قاطع للموالاة، ولكن في المندوبات التي تختص بالصلاة، وتعد من صلاحيتها. انتهى.
وما ذكره من كونه لم يجروا فيه ذلك قد تابعه عليه في "الروضة"، وفي "شرح المهذب" وصرح بأنه لا خلاف فيه، وليس كذلك، فقد حكى في "الكفاية" عن الروياني وجهين في البطلان بإجابة المؤذن -أي: على القول باستحباب إجابته في الصلاة- وإذا جرى الوجهان في هذه الصورة لزم جريانهما في المتفق على استحبابه بطريق الأولى.
قوله: بل إن تذكر القراءة بعدما ركع عاد إلى القيام وقرأ. انتهى.
تابعه عليه في الروضة، ومحله إذا لم يكن مأمومًا فإن كان تابعه، وقضى ركعة في آخر صلاته كما جزم به الرافعي في صلاة الجماعة عند الكلام على تخلف المأموم قال: وكذلك إذا شك في القراءة أيضًا.
قوله: فنقول: إذا ترك الموالاة ناسيًا، الذي ذكره الجمهور، ونقلوه عن
(1) سورة الواقعة (74).
(2)
سورة النساء (32).
(3)
سورة المؤمنون (118).
(4)
سورة المؤمنون (97).
نص الشافعي: أنه لا تنقطع الموالاة؛ ومال الإمام والغزالي إلى أنه يقطع. انتهى.
وهذا الخلاف قد صرح به أيضًا الروياني في] (1)"التلخيص" كما حكاه عنه ابن الرفعة فقال: فيه وجهان، وادعى النووي في "تصحيح التنبيه" أنه لا تنقطع بلا خلاف، فإنه عبر بالصواب وقد اصطلح في خطبته أنه يعبر بالصواب في الموضع الذي لا خلاف فيه.
قوله: ثم إن أحسن سبع آيات متوالية بالشرط المذكور لم يجز العدول إلى المتفرقة. انتهى.
واستدرك عليه في "الروضة" فقال: قلت: قد قطع جماعة بأنه تجزئه الآيات المتفرقة وإن كان يحسن المتوالية سواء قرأ بها من سورة أو سور منهم القاضي أبو الطيب وأبو علي البندنيجي، وصاحب "البيان"، وهو المنصوص في "الأم"، والله أعلم.
وما ذكره من أن هؤلاء قد نصوا على جواز المتفرقة مع إمكان المتوالية ليس كذلك، فقد راجعت كلام الشافعي والبندنيجي والعمراني فلم أجد [لهم] (2) تصريحًا بالإجزاء في هذه الحالة بل قالوا: إنه يجزئ الذي يحسنه سواء كان من سور أم سورة، وهذا إطلاق يصح تنزيله على ما صرح به أولئك.
وإجمال تعينه تفسيرهم، وقد صرح بالمنع الشيخ أبو محمد والإمام، والغزالي في "البسيط"[والقاضي مجلي في "الذخائر"](3) والرافعي، لاسيما أن المعاني الحاصلة من اتصال الآيات تفوت، فقد لا تفهم أن المتفرقة من القرآن بالكلية كما ستعرفه في المسألة الآتية.
(1) نهاية سقط كبير من ب، قرابة عشر ورقات مخطوط.
(2)
سقط من ب.
(3)
سقط من ب.
قوله: فإن لم يحسن إلا سبع آيات متفرقة أتى بها. واستدرك الإمام فقال: لو كانت الآية المفردة لا تفيد معنًا منظومًا إذا قرئت وحدها كقوله تعالى: "ثم نظر" فيظهر أن لا نأمره بقراءة هذه الآيات المتفرقة، ونجعله كمن لا يحسن قرآنًا أصلًا. انتهى.
تابعه النووي عليه في "الروضة" وليس فيه صراحة بموافقة هذا الاستدراك، ولا برده.
وقد صرح به النووي في "شرح المهذب"، و"شرح الوسيط" المسمى "بالتنقيح" فقال فيها: المختار ما أطلقه الجمهور.
قوله: وروى أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن فعلمني ما يجزئني في الصلاة، فقال: قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" (1).
واختلفوا في تعيين هذه الكلمات على وجهين:
أحدهما: لا تتعين.
فإن قلنا بالتعيين فهل يشترط أن يضيف إليه نوعين آخرين ليصير سبعة أنواع؟ وجهان. انتهى.
والأصح أنه لا يشترط، وقد صححه جماعة منهم ابن الرفعة في "الكفاية"، والحديث المذكور رواه ابن حبان في صحيحه.
قوله: وحيث انتقل إلى الذكر فيأتي بالثناء، وهل الأدعية المحضة كالأثنية؟ فيه تردد للشيخ أبي محمد، قال الإمام: والأشبه أن ما يتعلق بأمور الآخرة يقوم دون ما يتعلق بالدنيا. انتهى.
(1) أخرجه أبو داود (838) وأحمد (19161) وابن حبان (1809) والدارقطني (1/ 314) وابن أبي شيبة (7/ 168) والبيهقي في "الشعب"(618) وفي "الكبرى"(3791) من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وحسنه الشيخ الألباني.
ذكر مثله في "الروضة"؛ وهذا التفصيل قد رجحه أيضًا الغزالي في "البسيط"، وقال في "شرح المهذب": إنه الراجح، وقال في "التحقيق": إنه الأقوى، وقد نص الشافعي رحمه الله على أنه لا يجزيء غير الذكر فقال: ولا يجزئه إذا لم يحسن يقرأ إلا ذكر الله عز وجل. هذه لفظه، ومن "الأم" نقلته.
والدعاء لا يدخل في الذكر، ويؤيده الحديث:"ومن شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين"(1).
والأثنية: جمع ثناء بمعنى المدح.
قوله: ويشترط أن لا يقصد بالذكر المأتى به شيئًا آخر سوى البدلية كما إذا استفتح أو تعوذ على قصد إقامة سنتهما، ولكن لا يشترط قصد البدلية فيهما، ولا في غيرهما من الأذكار فى أظهر الوجهين. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من تصحيح عدم اشتراط قصد البدلية، في غير الاستفتاح والتعوذ ظاهر وأما فيهما فقد تابعه عليه في "الروضة"، وهو مشكل، فإن القرينة تصرف الذكر المعهود إليهما، ونية الصلاة تشملهما فإنها شاملة للفرض والنفل، وقد دخل وقتهما، وهذا الخلاف نقلوه عن صاحب "التقريب" في غير هذين من الأذكار، وهو واضح.
وقد ذكروا فيما إذا كبر المسبوق تكبيرة واحدة ما يأتي فيه هذا الإشكال أيضًا.
الأمر الثاني: أن كلامه يقتضي استحباب دعاء الاستفتاح والتعوذ عند العجز عن القرآن والانتقال إلى الذكر، وهو مسلم بالنسبة إلى الاستفتاح. وأما التعوذ فالمتجه أنه لا يستحب في هذه الحالة، لأن الأمر به إنما ورد عند
(1) أخرجه الترمذي (2927) والدارمي (3356) والطبراني في "الدعاء"(1851) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الترمذي حسن غريب، قال الشيخ الألباني: ضعيف.
قراءة القرآن، ويؤيده ما سبق في المأموم من كونه لا يتعوذ على الأصح إذا قلنا: لا يقرأ، وعلى هذا يتصور كلام الرافعي بما إذا وجب عليه الذكر قبل الشروع في القراءة بأن عجز عن البسملة مثلًا فيتعوذ بدلًا عنها، وقد يقال باستحبابه لكون الذكر بدلًا عن القراءة، ورواه أيضًا أبو داود، والنسائي من رواية إبراهيم السكسكي، وهو ضعيف.
قوله: ولو أحسن بعض الفاتحة ولم يحسن للباقي بدلًا، وجب تكرار ما يحسنه بلا خلاف، وإن أحسنه فوجهان، وقيل: قولان:
أحدهما: أنه مكروه أيضًا لأنه أقرب إلى الأصل.
وأصحها: أنه يأتي به ويبدل الباقي، لأن الشيء الواحد لا يكون أصلًا وبدلًا، ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ذلك السائل بالكلمات الخمس منها: الحمد لله، وهذه الكلمة من جملة الفاتحة ولم يأمره بتكرارها انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الصواب في الخلاف المذكور أنه قولان، فقد ذكر البندنيجي في "تعليقه" أنهما منصوصان في "الأم".
الأمر الثاني: أن الذي يحسنه من الفاتحة على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تكون آية كاملة، فلا نزاع في جريان الخلاف.
والثاني: أن لا تكون آية، ولكنه كلام مفيد نحو الحمد لله، فإن:"رب العالمين" هو تتمة الآية بلا خلاف، وكلام الرافعي والنووي يقتضي إجراء الخلاف فيه، وليس كذلك بل ينتقل إلى البدل بلا خلاف، وقد صرح به ابن الرفعة في "الكفاية"، وعلله بأنه لا إعجاز فيه، وحينئذ فلا يستقيم إطلاقه ولا استدلاله.
وابن الصباغ لما استدل بالحديث قال: وفي هذا الذكر "الحمد لله"، ولا
يتعذر عليه أن يقول: رب العالمين، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بتكرارها. هذا كلامه.
وهو مطابق لما نقله ابن الرفعة، وكأن الرافعي أخذ هذا الاستدلال منه فأخل ببعضه فوقع في المحذور المذكور.
الثالث: أن تكون كلمة واحدة كالحمد فلا إشكال في أنه لا يكرره، وهو يؤخذ مما سبق بطريق الأولى مع أن كلام الرافعي شامل له، ولهذا قيد المسألة في "شرح المهذب" بالآية والاثنتين.
قوله: وإذا كان ذلك -أي: يعلم الأصل- بعد القراءة وقبل الركوع، فوجهان:
أصحهما: لا يلزمه الإتيان به لأن البدل قد تم، ثم قال: ويجوز أن يعلم قوله فوجهان أيضًا أي بالواو لأن صاحب "البيان" ذكر أنه لا يجب وجهًا واحدًا. انتهى ملخصًا.
وحاصله تصحيح طريقة الوجهين، وهذا المذكور في "الشرح الصغير" أيضًا، وقد اختصره النووي في "الروضة" على العكس فصحح طريقة القطع، وضعف طريقة الوجهين فقال: المذهب أنه لا يلزمه، وقيل: وجهان. هذا لفظه.
وقد صحيح أيضًا الطريقة القاطعة في "التحقيق" و"شرح المهذب" اعتمادًا منه على ما وقع في "الروضة".
قوله في "أصل الروضة": وأما المأموم فالمذهب أنه يجهر بالتأمين، وقيل: قولان، وقيل: إن لم يجهر الإمام جهر لتنبيهه، وإلا فقولان؛ وقيل: إن كثر القوم جهروا، وإلا فلا. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الذي ذكره من تصحيح طريقة القطع سهو على العكس مما ذكره الرافعي، فإن الرافعي في الشرحين:"الكبير" و"الصغير" إنما صحح طريقة القولين، وأما طريقة القطع فلم يحكها بالكلية فضلًا عن تصحيحها، وحكى باقي الطرق إلا أن في مطابقة الطريق الثالثة أيضًا لكلام الرافعي نظر؛ وقد أثبت في "التحقيق" و"شرح المهذب" طريقة القطع، ولكنه ضعفها، وصحح طريقة القولين على عكس ما في "الروضة" وعبر في "شرح المهذب" بقوله: إنها الأصح الأشهر التي قالها الجمهور.
الأمر الثاني: أن الرافعي والنووي قد أطلقا الخلاف وليس كذلك، بل محله إذا أمن الإمام، فإن لم يؤمن فيستحب للمأموم الجهر به بلا خلاف ليسمع الإمام فيأتي به، سواء تركه الإمام عمدًا أو سهوًا، كذا صرح به النووي في "شرح المهذب" ونقله عن النص، وعبر بقوله: إنهم قد اتفقوا عليه، وإنه ليس فيه خلاف.
وعن صاحب "الذخائر" أن بعضهم أجرى القولين فيه.
قوله: لنا ما روي عن عطاء قال: كنت أسمع الأئمة، وذكر ابن الزبير ومن بعده يقولون: آمين ونقول، من خلفهم: آمين، حتى إن للمسجد للجة (1) انتهى.
(1) أخرجه البخاري تعليقًا والشافعي (211) وعبد الرزاق (2640) والبيهقي في "الكبرى"(2285) موصولًا.
قال الشيخ الألباني رحمه الله: قلت: ليس في تأمين المؤتمين جهرًا سوى هذا الأثر ولا حجة فيه لأنه لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاءت أحاديث كثيرة في جهر النبي صلى الله عليه وسلم وليس في شيء منها جهر الصحابة بها وراءه صلى الله عليه وسلم ومن المعلوم أن التأمين دعاء والأصل فيه الإسرار لقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} فلا يجوز الخروج عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح وقد خرجنا عنه في تأمين الإمام جهرًا لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم ووقفنا عنده بخصوص المقتدين ولعله لذلك رجع الشافعي عن قوله القديم فقال في "الأم"(1/ 65): "فإذا فرغ الإمام من قراءة القرآن قال: آمين ورفع بها صوته ليقتدي بها من خلفه فإذا قالها قالوها وأسمعوا أنفسهم ولا أحب أن يجهروا بها فإن فعلوا فلا شئ عليهم.
واللجة بفتح اللام وبالجيم المشددة هي اختلاط الأصوات، والأثر المذكور رواه الشافعي في "الأم" فقال: أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عطاء. وذكره أيضًا البخاري في "صحيحه" تعليقًا -أي: بغير إسناد- فقال: قال عطاء، وقد تقدم غير مرة أن تعليقات البخاري صحيحة إذا كانت بصيغة الجزم كالمذكور هنا.
قوله: ويسن للإمام والمنفرد قراءة سورة بعد الفاتحة في ركعتي الصبح والأولتين من سائر الصلوات، وأصل الاستحباب ينادي بقراءة شيء من القرآن، لكن السور أحب، حتى أن السورة القصيرة أولى من بعض سورة طويلة. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أنه كالصريح في تفضيل السورة القصيرة على بعض سورة أطول منها، وإلا لكان ذكر حرف الغاية هنا وهو -حتى- لا معنى له، بل يكون ذكره فاسدًا، ولأجل ما قلناه نقله ابن الرفعة في "الكفاية" عن الرافعي، ونقله عن صاحب "التتمة" أيضًا.
وقد صرح به الرافعي في "الشرح الصغير" فقال ما نصه: وقراءة سورة كاملة أفضل من بعض سورة، وإن طال. هذا لفظه بحروفه، وهو يوضح مراده في "الشرح الكبير".
وتوهم النووي أن مراد الرافعي تفضيل السورة على البعض المساوي لها دون الزائد عليها، فاختصر كلامه اختصارًا فاسدًا فقاله في "الروضة": وقراءة سورة كامله أفضل من قدرها من طويلة. هذه عبارته.
ثم نقله من "الروضة" إلى "شرح المهذب" ثم إلى "التحقيق" فاعلمه، واجتنبه، فقد صرح البغوي وغيره بخلافه، ولا استبعاد في أن تكون قراءة الكوثر مثلًا أفضل في الصلاة بخصوصها أو أكثر أجرًا من معظم
البقرة، فقد يكون الثواب المترتب على قراءة السورة الكاملة في الصلاة أكثر، وقد علل في "شرح المهذب" تفضيل السورة بأن الوقف علي آخرها صحيح بالقطع بخلاف البعض، فإنه قد يخفى عليه الوقف فيه، فيقف في غير موضعه، وهذا المعنى موجود في البعض الأطول.
الأمر الثاني: نبه عليه الغزالي في "الإحياء" فقال: إذا اقتصر على قراءة البعض فيكون [بقدر](1) ثلاث آيات -أي: حتى يكون كأقصر سورة- وهي سورة الكوثر.
الأمر الثالث: أن التقييد بما بعد الفاتحة للاحتراز عما إذا قدمها عليها فإنها -أعني: ب السورة- لا تحسب على المذهب المنصوص، كما قاله في "زوائد الروضة".
الأمر الرابع: لابد من تقييد السورة بكونها غير الفاتحة للاحتراز عما إذا كرر الفاتحة، وقلنا: لا تبطل صلاته، فإن المرة الثانية لا تحسب عن السورة كما نقله في "شرح المهذب" عن المتولي وغيره، وقال: إنه لا خلاف فيه، وعلله بأن الشيء الواحد لا يؤدى به فرض ونفل، وهذه العلة ممنوعة، فإنا إن سلمناها من الأصل فيدعي أن ذلك في الشيء الواحد الذي لم يكرر، فأما إذا كرر حيث أمكن تكريره فلا يمتنع لا في الفرض، ولا في النفل، وقد ذكر صاحب "التعجيز" في شرحه له أنها تحسب ونقل خلافه عن المتولي خاصة، والذي قاله ظاهر.
الأمر الخامس: الجنب إذا فقد الطهورين وصلى، لا يجوز له قراءة السورة كما مر في موضعه، وحينئذ فإذا كان مأمومًا لا يسمع أو في صلاة سرية فالقياس أنه يشتغل بالذكر، ولا يسكت لأن السكوت في الصلاة منهي
(1) زيادة من أ.
عنه.
قوله: وهل تسن قراءة السورة في الثالثة من المغرب وفي الثالثة والرابعة من الرباعية؟ فيه قولان: الجديد: أنها تسن.
ولكن تجعل السورة فيها أقصر، لما روي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية، وفي الأخيرتين قدر خمس عشرة آية، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية، وفي الآخيرتين قدر نصف ذلك (1).
والقديم أنها لا تسن لما روي عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخيرتين بأم الكتاب فيسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية (2). ثم قال: والأكثرون على الفتوى بالقديم. انتهى.
تابعه عليه النووي في "الروضة" وفيه أمور:
أحدها: أن المزني والبويطي، وهما أجل أصحاب الشافعي في الجديد قد رويا عنه أنه لا يقرأها، فصارت المسألة مما يفتى فيه على الجديد.
وقد صرح بالنقل عنهما كما ذكرته جماعة منهم القاضي أبو الطيب، ونقله عنه النووي في "شرح المهذب" ورأيت نصه في "البويطي" فقال: قال الشافعي: فعل كل مصلي خلف إمامه أن يقرأ خلفه في كل ما أسر به الإمام من الصلاة التي يجهر في بعضها، والصلاة التي أسر فيها كلها بأم
(1) فى أ: تقدير.
(2)
أخرجه مسلم (452) وأبو داود (804) والنسائي (475) وابن ماجه (828) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.
القرآن، وسورة في الأوليين، وأم القرآن في الأخيرتين، فإن ترك السورة، وقد أتى بأم القرآن أجزأه.
وذكر أيضًا بعده بأسطر مثله فقال: قال الشافعي: ومن صلى وحده صلاة جهرًا وصلاة سرًا فليقرأ في الأوليين أم القرآن وسورة وفي الأخيرتين بأم القرآن. هذه عبارته، وهذا كله في غير المسبوق.
وأما المسبوق إذا أدرك ركعتين من الرباعية مثلًا فإنه يقرأ السورة في الركعتين الأخيرتين على الأصح المنصوص، وقد ذكر الرافعي المسألة في آخر باب صلاة الجماعة.
الأمر الثاني: إذا قلنا بالاستحباب فما المقدار الذي ينقصه عن الأوليين؟ لم يبينه رحمه الله وقد بينه ابن أبي عصرون في "المرشد" فقال: يكون على النصف منهما.
الأمر الثالث: إذا قلنا: لا يستحب الإتيان بها، فقد جزم النووي في "التحقيق" بكراهتها فقال: وتكره السورة في ثالثة ورابعة في الأظهر، وهو نصه في القديم، والمزني والبويطي. هذه عبارته.
ولما تكلم في "شرح المهذب" هنا على الفرق بين إتيان المسبوق بهما، وبين عدم الجهر ذكر فرقًا يقتضي عدم الكراهة، فقال: لأن سنة آخر الصلاة الإسرار فلا [يقويه](1)، وبهذا يحصل الفرق بينه وبين السورة. هذه عبارته من غير زيادة، فدل كلامه على أنه لا يسن في آخر الصلاة ترك السورة، وإنما الذي يقال: لا يسن له الإتيان بها، وبينهما فرق ظاهر، ألا ترى أنا نقول: لا يسن صوم يوم الثلاثاء والأربعاء، ولو صامهما لم يكن مكروهًا بل أتى بعبادة، وهذا الذي اقتضاه كلامه في "شرح المهذب": هو الصواب المفهوم من كلامهم.
(1) في ب: يقوم.
واعلم أن الحديث الأول من حديثي الرافعي رواه مسلم إلا أنه يقتضي استحباب قراءة السورة في الظهر دون العصر.
والحديث الثاني منهما متفق عليه.
قوله: ولا تفضل الركعة الأولى على الثانية بزيادة القراءة، ولا الثالثة على الرابعة في الأصح فيهما [لحديث أبي سعيد، والثاني: نعم](1) لحديث أبي قتادة. استدرك في "الروضة" فقال: هذا الذي صححه هو الراجح عند الأصحاب، لكن الأصح التفضيل، فقد صح فيه الحديث. انتهى.
وهذا الذي أطلقاه محله فيما إذا لم يرد فيه تنصيص من الشارع مما سنعرفه، فإن ورد اتبع بلا خلاف، سواء كان يقتضي تطويل الأولى كصلاة الكسوف، وكصبح الجمعة وغيرهما، أو تطويل الثانية كسبح، "وهل أتاك" في العيد.
قوله: ويستحب أن يقرأ في الصبح بطوال المفصل، وفي الظهر بقريب من ذلك، وفي العصر والعشاء من أوساطه. . . . إلى آخره.
تابعه عليه النووي في "الروضة" وفيه أمور:
أحدها: أن كلامه هنا يقتضي استحباب نقصان الظهر عن الطوال، وكذلك كلام النووي في "شرح المهذب"، وصرح به في "شرح مسلم" وكذا الإمام في "النهاية" فإنه قال -أعني الإمام- ولعل السبب فيه أن وقت الصبح طويل والصلاة ركعتان فحسن تطويلهما، ووقت صلاة المغرب ضيق، فشرع فيه القصار، وأوقات الظهر والعصر والعشاء طويلة، ولكن الصلوات أيضًا طويلة، فلما تعارض ذلك رتب عليه التوسط. انتهى.
وكلامه في "المنهاج" يخالفه فإنه قال: ويسن للصبح والظهر طوال
(1) سقط من أ.
المفصل، والحديث الصحيح يدل للمذكور هنا، وهو ما رواه مسلم عن جابر بن سمرة قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى، وفي العصر بنحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك"(1).
الأمر الثاني: أن ما قاله من استحباب الطوال والأوساط للمصلي ليس على إطلاقه، بل محله إذا كان منفردًا، فإن كان إمامًا، وكان المأمومون محصورين وآثروا التطويل استحب، وإن لم يكونوا محصورين أو كانوا ولكن لم يؤثروا التطويل، فلا يستحب ذلك، هكذا جزم به النووي في "شرح المهذب" فقال: وهذا الذي ذكرناه من استحباب طوال المفصل وأوساطه هو فيما إذا آثر المأمومون المحصورون ذلك، وإلا خفف وجزم به أيضًا في "التحقيق"، وفي "شرح مسلم"، وجزم ابن الرفعة في "الكفاية" هنا نقلًا عن إمام الحرمين بأن ذلك كله مستحب، وإن لم يؤثره المأمومون، وجزم به أيضًا في صلاة الجماعة نقلًا عن القاضي حسين، ذكره عند قول الشيخ: ويستحب للإمام أن يخفف في الأذكار، قال إمام الحرمين: ويطيل المنفرد ما شاء إلا في المغرب، فإنه والإمام سواء لتعلق ذلك بالوقت، وفيما قاله من الاستثناء نظر.
الثالث: أن المستحب في حق المسافر أن يقرأ في الأولى من الصبح {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثانية:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، كذا رأيته في "شرح المختصر" للمصعبي وفي "الخلاصة" و"البداية" و"الإحياء" للغزالي، وأورد فيه حديثًا.
والحديث الذي ذكره الطبراني في "المعجم الكبير" لكن في إسناده ضعيفان.
(1) أخرجه مسلم (459) و (460) والنسائي (980) وأحمد (21000).
الأمر الرابع: لم يبين هو ولا النووي في "الروضة" ما هو المفصل، وقد اختلفوا فيه على عشرة أقوال:
أحدها: الجاثية إلى آخر الكتاب العزيز.
والثاني: القتال.
والثالث: الحجرات.
والرابع: قاف، حكاهن في "شرح المهذب".
والخامس: الصافات.
والسادس: الصف.
والسابع: تبارك.
حكاهن ابن أبي الصيف فيما وقفت عليه من نكته على "التنبيه".
والثامن: إنا فتحنا، حكاه الدزماري فيما وقفت عليه من شرحه على "التنبيه" المسمى "رفع التمويه".
والتاسع: سبح. حكاه الشيخ برهان الدين في "تعليقه" عن "شرح التنبيه"[للمرزوقي](1).
والعاشر: الضحى. حكاه [الدزماري](2) والخطابي في "غريب الحديث".
والأصح أنه من الحجرات، كذا صححه النووي في "لغات التنبيه"، و"دقائق المنهاج"، وسمي مفصلًا لكثرة الفصول فيه بين سوره، وقيل: لقلة المنسوخ فيه، وطوال المفصل كالحجرات، واقتربت، والرحمن. وأوساطه كالشمس وضحاها، والليل إذا يغشى.
وقصاره معروفة منها: قل هو الله أحد.
(1) في أ: المزدوفي.
(2)
في جـ: الدرماوي.
وجعلها البندنيجي من أوساطه، وقال ابن معن في "التنقيب": طواله إلى عم، ومنها إلى الضحى أوساطه، ومن الضحى إلى آخر القرآن قصاره.
ورأيت في "المسافر" لأبي المنصور التميمي أحد أصحاب الربيع عن نص الشافعي تمثيل القصار بالعاديات ونحوها.
قوله من زوائده: قال أصحابنا: والمرأة لا تجهر بالقراءة في موضع فيه رجال أجانب، فإن كانت خالية أو عندها نساء أو رجال محارم جهرت، وفي وجه تسر مطلقًا، وحيث قلنا: تسر، فجهرت لا تبطل صلاتها على الصحيح، والخنثى كالمرأة.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره في المرأة قد خالفه في أواخر نقض الوضوء من "شرح المهذب" فجزم بأنها تسر مطلقًا، والصواب المذكور في "الروضة" فإنه المعروف، والواقع أيضًا في هذا الباب من الشرح المذكور، وإنما ذكر هناك أنها تسر تقليدًا لأبي الفتوح مصنف "أحكام الخناثا" فإني رأيت فيه ذلك مذكورًا بلفظه.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في الخنثى قد خالفه في "شرح المهذب" في أواخر النواقض أيضًا فجزم بأنه يسر مطلقًا، ثم خالف الموضعين معًا في "شرح المهذب" هنا فقال: وأما الخنثى فيسر بحضرة النساء والرجال الأجانب، ويجهر إن كان خاليًا أو بحضرة محارمه فقط.
وأطلق جماعة أنه كالمرأة، والصواب ما ذكرته. هذا لفظه.
وقد جزم به في "التحقيق" فقال: والخنثى يجهر خاليًا وبحضرة محرم فقط، وإلا فيسر. انتهى.
ووجه الإسرار بحضرة النساء احتمال الرجولية، وقد استفدنا مما ذكره في الكتابين الجزم بأن الرجل يسر إذا صلى بحضرة نساء أجانب متمحضات، أو مع رجال لأنه إذا أسر الخنثى لهذا الاحتمال فالمحقق الرجولية أولى.
ووجهه خشية افتتان النسوة كما في العكس، والذي قاله مردود؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم والأئمة الراشدين ثم من بعدهم إلى زماننا كانوا يجهرون مع اقتداء النساء بهم، ولم يستثن أيضًا أحد من الأصحاب هذه الحالة، بل كلامهم كالصريح في دفعه، فلتكن الفتوى على المذكور في "الروضة".
قوله أيضًا من زياداته: وأما نوافل الليل فقال صاحب "التتمة": يجهر، وقال القاضي حسين، وصاحب "التهذيب": يتوسط بين الجهر والإسرار، وهو الأصح، وتستثنى التراويح فإنه يجهر فيها. انتهى.
وذكر في التحقيق أيضًا مثله، وفيه أمران:
أحدهما: أن الوتر وارد على كلامه، فإنه يجهر فيه بلا خلاف كما صرح به الماوردي في "الحاوي" قبل صلاة الجماعة بدون ورقة في أثناء الاستدلال على أن أقل الوتر واحدة ردًا على مالك، وأبي حنيفة فقال ما نصه: ثم الذي يدل على ما قلناه اتفاق الجميع على أن الثلاث ركعات يجهر فيها بالقراءة، فلو كان حكمها حكم الصلاة الواحدة لكان من حكمها أن يسر الثالثة كالمغرب. انتهى كلامه.
وذكر الروياني في "البحر" في الموضع المذكور مثله أيضًا، ونقل ابن الرفعة عن الماوردي أن الإجماع على الجهر فيه، وليس كذلك، بل مراد الماوردي الأئمة الثلاثة فقط، كما دلت عليه عبارته التي ذكرتها، والاتفاق على الجهر في مثل هذا غريب مخالف لما عداه من نوافل الليل، وقد استثناه النووي أيضًا في "شرح المهذب" وغيره، وكذلك في "التبيان"، ونقل