الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال رحمه الله: النوع الثاني:
زكاة المعشرات
وفيه أطراف:
الطرف الأول: في الموجب:
قوله: واللوبيا وتسمى الدخن أيضًا. . . . إلى آخره.
وقعت هنا ألفاظ بيّن الرافعي معناها، ولكن نحتاج إلى ضبطها.
فأما الدخن فبدال مهملة مضمومة وخاء معجمة ساكنة.
وأما الخلر فبخاء معجمة مضمومة ولام مشددة بعدها راء مهملة.
وأما الثفاء فبالثاء المثلثة المضمومة بعدها فاء مشددة يليها مد الواحدة ثفاه.
وأما الفث فبفاء مفتوحة وثاء مثلثة مشددة كذا ضبطه جميعه الجوهري وغيره.
والقنبط بقاف مضمومة ثم نون مشددة مفتوحة ثم باء موحدة وطاء مهملة وهو نبات معروف.
قوله: وقال في القديم: تجب الزكاة في الزيتون فإن كان مما لا يجئ زيتًا كالبغدادي أخرج عشره زيتونًا وكذا إن كان يجئ منه على الصحيح عند المعظم، وقيل: يتعين الزيت.
ثم قال: وروى إمام الحرمين وجهًا آخر أنه يتعين إخراج الزيتون، وعلل بأن النصاب يعتبر به دون الزيت بالاتفاق. انتهى كلامه.
وما نقله عن الإمام من دعوى الاتفاق ووافقه هو عليه قد صرح به أيضًا النووي في "الروضة" ولم يعزه إلى الإمام، فإنه لما حكى في المسألة ثلاثة
أوجه قال ما نصه: الثالث: يتعين الزيتون بدليل أنه يعتبر النصاب بالزيتون دون الزيت بالاتفاق. هذا لفظه.
وليس كما قالا من دعوى الاتفاق، بل في المسألة قولان للشافعى.
أحدهما: هذا.
والثاني: أن النصاب إنما يعتبر بالزيت.
حكاهما الماوردي في "الحاوي".
وحكى الخلاف أيضًا الروياني في "البحر" والشاشي في "الحلية" والنووي في "النكت" له على التنبيه.
قوله: ونقل عن القديم أنه يجب فيه الزكاة يعني الورس إن صح حديث أبي بكر، وهو ما روى أنه كتب إلى بنى خفاش بذلك.
وقال الصيدلاني وغيره: له في الورس قولان. انتهى ملخصًا.
فأما خفاش فهو بضم الخاء المعجمة وتشديد الفاء وبالشين المعجمة، وهذا هو الصواب كما قاله في "شرح المهذب".
قال: وضبطه بعض الناس بكسر الخاء وتخفيف الفاء، وهو غلط، وأما الأصح من قولي القديم فهو الوجوب، كذا جزم به الرافعي في "الشرح الصغير" واقتصر في "الروضة" على حكاية التعليق على حديث أبي بكر.
قوله: والزعفران باتفاق الأصحاب مرتب على الورس إن لم تجب الزكاة فيه، ففي الزعفران أولى وإن وجبت ففي الزعفران قولان. انتهى كلامه.
وما ذكره من الاتفاق على الترتيب ليس كذلك فقد حكى ابن الصباغ وغيره طريقة قاطعة بالبناء عليه، أى إن أوجبنا في الورس أوجبنا في الزعفران وإلا فلا. وحكاهما أيضًا ابن الرفعة في "الكفاية".
قوله: وعن أبي إسحاق أن الشافعي في القديم علق القول في العسل على ثبوت الأخذ من فعل أبي بكر، وذهب الشيخ أبو حامد وغيره إلى أنه قطع القول بنفي الزكاة قديمًا وجديدًا، فتحصل فيه طريقان. انتهى.
ومقتضى هذا الكلام رجحان طريقة القطع، وقد ضعفها أعنى الرافعي في "الشرح الصغير" فاعلمه، وكذلك النووي ففي "الروضة"، إلا أن النووي صحح طريقة التعليق.
وأما الرافعي فصحح طريقة الجزم بالوجوب في القديم، وهذه الطريقة لم يصرح بها في "الكبير" فضلًا عن تصحيحها.
قوله في أصل "الروضة": فالخمسة الأوسق ألف وستمائة رطل بالبغدادي؛ والأصح عند الأكثرين أن هذا القدر تحديد، وقيل: تقريب. انتهى كلامه.
وما صححه هنا من كونه تحديدًا قد صحح عكسه في شرحه "لصحيح مسلم" وفي كتاب الطهارة من "شرح المهذب" في الكلام على القلتين فقال: وللقولين نظائر منها الحيض بتسع سنين، والمسافة بين الصفين بثلاث مائة ذراع، ومسافة القصر بثمانية وأربعين ميلًا، ونصاب المعشرات بألف وستمائة رطل بالبغدادي، ففي كل هذه المسائل وجهان:
أصحهما: تقريب.
والثاني: تحديد. هذا لفظه.
وذكر هذه الصور كلها في رؤوس المسائل، وصحح أيضًا فيها التقريب، وعلله بأنه مجتهد فيه.
قوله أيضًا في أصل "الروضة": فعلى التقريب يحتمل نقصان القليل كالرطلين، وحاول إمام الحرمين ضبطه فقال: الأوساق: الأوقار، والوقر ثلثمائة وعشرون رطلًا، وكل نقص لو وزع علي الأوسق الخمسة لم يعد
منحطه عن الاعتدال لم يضر، وإن عدت منحطه ضر. انتهى.
ذكر في "شرح المهذب" كلامًا آخر مخالفًا لهذا فقال ما نصه: قال المحاملي وغيره: يغتفر على التقريب نقص خمس أرطال، ونقله الإمام عن العراقيين وأنكره عليهم وقال: المعتبر كذا، ثم ذكر ما تقدم والذي صححه أولًا لم يذكره هنا.
[قوله](1): وحيث لا يجب الخراج فأخذه السلطان على أن يكون بدلًا عن العشر فهذا كأخذ القيمة في الزكاة بالاجتهاد.
وقد حكوا في سقوط الفرض به وجهين. . . . إلى آخره.
والأصح منهما السقوط، كذا جزم به الرافعي في أوائل الزكاة في الكلام على اجتماع الحقاق وبنات اللبون.
وذكر في باب الخلطة ما يقتضي تصحيحه، وصححه النووي هنا من "زياداته"، قال: ونص عليه الشافعي في "الأم" وقطع به جماهير الأصحاب.
قوله في آخر الكلام على رَقْم كلام الغزالي: بل حكى القاضي وابن كج فيما سوى الزيتون طريقة نافية للخلاف قاطعة بالوجوب: انتهى كلامه.
وهذه الطريقة أسقطها النووي من "الروضة" فاعلمه.
قوله: كما تفسر الحنطة فتجعل حواري. انتهى.
هو بضم الحاء المهملة وتشديد الواو وبالراء المفتوحة وهو الدقيق الأبيض من قولهم: حور كذا أي بيض. قاله الجوهري.
قوله: وأما الأرز فتعبير بلوغه من العشرة عشرة أوسق، ثم قال ما نصه: وعن الشيخ أبي حامد أنه قد يخرج منه الثلث فيعتبر بلوغه قدرًا يكون
(1) سقط من جـ.
الخارج منه نصابًا. انتهى لفظه.
وذكر في "الروضة" مثله أيضًا، وهذه العبارة التي عبر بها [عن](1) رأي الشيخ أبي حامد لا تحصل بها معرفة ما ذهب إليه لأنا لا نعلم هل المراد بالثلث الخارج هو القشر أو الحب.
وقد بينه البندنيجي في "تعليقته" والروياني في "البحر" وغيرهما، فقال: المراد أنه يخرج منه الثلث قشرًا والثلثان حبًا، فيكون نصابه سبعة أوسق ونصفًا.
وذكر الجرجاني في "الشافي" نحوه فإنه قال: نصابه ستة أوسق أو سبعة على العادة، وإلى ذلك أشار الرافعي بقوله: قدر.
قوله: وأما السلق فقال العراقيون وصاحب "التهذيب" هو حب يشبه الحنطة في اللون والنعومة، ويشبه الشعير في برودة الطبع.
وعكس الصيدلاني وآخرون، وفيه ثلاثة أوجه:
أظهرها: أنه أصل بنفسه.
وثانيها: حنطة.
وثالثها: شعير.
وقال المتولي: لا خلاف أنه لا يضم إلى الحنطة وإنما الخلاف في أنه أصل أم شعير. انتهى ملخصًا.
وهذه الطريقة المحكية عن المتولي لم يذكرها في "الروضة"، وذكر فيها، وفي "شرح المهذب" وغيره أن الصواب الذي ذكره أهل اللغة وقطع به جماهير الأصحاب في صفتها هو مقالة العراقيين.
قوله: فأما إذا مات وعليه دين، وخلف نخلًا مثمرة فبدا الصلاح فيها
(1) في ب: على.
بعد موته، وقبل أن تباع في الدين وجبت فيها الزكاة في أصح القولين ثم إن كانوا موسرين أخذت الزكاة منهم وصرفت النخيل والثمار إلى دين الغرماء. انتهى كلامه.
واعلم أنه إذا رهن مالًا زكويًا وحال عليه الحول وهو موسر فالجمهور على أن الزكاة لا تؤخذ من المرهون، بل من سائر أمواله لأنها مؤنة فأشبهت النفقة.
وقال أبو على الطبري وآخرون: تؤخذ من المرهون إذا علقناها بالعين، وهذا هو القياس، كما لا يجب على السيد فداء العبد المرهون إذا جنى هذا [كله](1) كلام الرافعي في آخر الباب السابق.
فإذا علم ما في هذه المسألة من الاختلاف، وأن القياس كما قاله الرافعي عدم أخذها من الراهن فبطريق الأولى في مسألتنا؛ لأنه لا دين على الوارث بالكلية، فينبغى الجزم بأنها لا تؤخذ منه فكيف يجزم بعكسه.
قوله في المسألة: وإن كانوا معسرين أخذت الزكاة منها إن قلنا الزكاة تتعلق بالعين: وإن علقناها بالذمة، وقلنا: المال مرهون بها فطريقان:
أحدهما: تخريجها على الأقوال الثلاثة في اجتماع حق الله تعالى وحق الآدميين. ثم قال ما نصه:
والطريق الثاني وهو الأصح. أن الزكاة تؤخذ بكل حال لأن حق الزكاة أقوى تعلقًا بالمال من حق المرتهن. ألا ترى أن الزكاة تسقط بتلف المال بعد الوجوب وقبل إمكان الأداء، والدين لا يسقط بهلاك الرهن، ثم حق المرتهن مقدم على حق غيره فحق الزكاة أولى بأن يكون مقدمًا. انتهى.
(1) سقط من أ.
وما ذكره هاهنا من القطع بتقديم الزكاة قد تقدم في آخر الباب السابق ما يخالفه، فإنه نقل عن الأكثرين في نظير المسألة وهو المرهون بدين عليه الجزم بتقديم حق المرهون، وقد تقدم ذكر لفظه فراجعه.
قوله: وإن أطلع الثاني بعد جذاذ الأول ففيه وجهان:
أحدهما -وهو الذي أورده ابن كج وأصحاب القفال وهو المذكور في "الوجيز": أنه لا يضم.
والذي قاله أصحاب الشيخ أبي حامد أنه يضم، وهو نص الشافعي.
فعلى الأول لو كان أطلاع الثاني قبل الجذاذ وبعد بدو الصلاح فوجهان: أصحهما في "التهذيب": لا ضم أيضًا.
وإذا قلنا بقول أصحاب القفال فهل يقام وقت الجذاذ مقام الجذاذ؟ وجهان:
أفقههما: يقام انتهى ملخصًا.
وحاصل كلامه أنه إذا أطلع المتأخر بعد بدو الصلاح المتقدم فثلاثة أوجه: ثالثها: إن كان قبل جذاذه ضم، وإلا فلا.
واختلف كلام الرافعي في الأصح منها، فصحح في "الشرح الصغير" أنه لا ضم مطلقًا فقال ما نصه:
أظهرهما: لا ضم مطلقًا.
والثاني: نعم.
والثالث: إن أطلع قبل جذاذه ضم إليه، وإلا فلا وصحح في "المحرر" أنه يضم مطلقًا فقال: وثمار العام الواحد يضم بعضها إلى بعض، وإن اختلف إدراكها.
وفي وجه إذا أطلع الثاني بعد جذاذ الأول لم يضم انتهى لفظه.
وصححه النووي في "المنهاج"، وقال في "شرح المهذب": إنه الصحيح. وفي "زيادات الروضة": إنه الراجح.
وقد نص الشافعي رحمه الله على ذلك كله فقال: وإذا كان له حائطان من نخل ببلد أو ببلدين فأطلع أحدهما طلعًا فلم يُجذ حتى أطلع الآخر فهما كثمرة واحدة، وإذا بلغا خمسة أوسق زكيا.
وإن كان حدوث الثمرة الثانية بعد تناهي الثمرة الأولى وبلوغها الجذاذ لم يضمها. انتهى.
كذا رأيته في كتاب "المسافر" لمنصور التميمي نقلًا عنه، وحاصله التفصيل بين الجذاذ وعدمه، وأن وقت الجذاذ كالجذاذ.
قوله: وإذا كانت للرجل نخيل تهامية وأخرى نجدية فاطلعت التهامية ثم أطلعت النجدية لذلك العام. واقتضى الحال ضم ثمرة النجدية إلى ثمرة التهامية فضممناها إليها ثم أطلعت التهامية مرة أخرى فلا تضم ثمرة هذه إلى ثمرة النجدية.
وإن أطلعت قبل بدو الصلاح فيها لأن في ضمها إلى النجدية ضمًا إلى ثمرتها المرة الأولى، ولا سبيل إليه، لأن ثمرتها في المرة الثانية إما حمل ثان على تصوير أن تكون تلك التهاميات مما يحمل في كل سنة مرتين، وأما حمل سنة ثانية.
وعلى التقديرين فلا ضم على ما سبق، فهذا ما ذكره الأصحاب.
ثم قال الصيدلاني وإمام الحرمين: ولو لم تكن ثمرة النجدية مضمومة إلى حمل التهامية أولًا بأن أطلعت بعد جذاذ ذلك الحمل لكنا نضم حملها الثاني المطلع قبل جذاذ النجدية إليها، إذ لا يلزم هاهنا المجذوذ الذي ذكرناه. وهذا قد لا يسلمه سائر الأصحاب لأنهم حكموا بضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض، وبأن ثمرة عام لا تضم إلى ثمرة عام آخر، ومعلوم أن
إدراك ثمار التهامية [في كل عام أسرع من إدراك ثمار النجدية فيكون إطلاع التهامية](1) ثانيًا للعام المقبل، وما على النجدية من العام الأول. انتهى كلامه.
وهذا البحث الذي ذكره الرافعي ممنوع، وذلك لأن فرض المسألة فيما إذا كانت التهامية تثمر في السنة مرتين، وحينئذ فلا يسلم أن حملها الثاني لعام قابل بالنسبة إلى النجدية، وإن كان بالنسبة إليها نفسها كالعام القابل، فالمحذور إنما هو ضم النجدية إلى الحملين جميعًا للمعنى الذي قلناه.
أما ضمها لأحدهما فلا بدليل ضمها إلى الحمل الأول.
فإذا امتنع ضمها إلى الأول لأجل الجذاذ لم يمتنع ضمها إلى الثاني لوجودها معه في العام.
قوله: والشئ قد يزرع في السنة مرارًا كالذرة تزرع في الخريف والربيع والصيف، ففي ضم بعضها إلى بعض عشرة أقوال: أرجحها عند الأكثرين: إن وقع الحصادان في سنة واحدة ضم وإلا فلا. انتهى.
وما نقله عن ترجيح الأكثرين ذكر مثله أيضًا النووي في "الروضة" وكذلك في "شرح المهذب" وعبر بالأصح، وهو نقل باطل يتعجب منه من تصفح كلامهم، وتفصيل القول فيه يطول.
والحاصل أن القول المذكور لم أرَ من صححه بعد التتبع فضلًا عن عزوه إلى الأكثرين، بل رجح كثيرون اعتبار وقوع الزرعين في السنة منهم البندنيجي وابن الصباغ، وصحح في "البحر" اعتبار الحصادين، ولكن في فصل واحد لا في سنة واحدة.
قوله في "الروضة" في المسألة: والقول الرابع: إن وقع الزرعان والحصادان أو زرع الثاني وحصد الأول في سنة ضم. انتهى.
واشتراطه لوقوع الزرعين والحصادين معًا غلط، بل الصواب التعبير
(1) سقط من أ.
بأو، وقد عبر الرافعي بذلك، وأوضحه إيضاحًا بليغًا.
وقد وهم ابن الرفعة في "الكفاية" هنا وهمًا أفحش من هذا الوهم فراجعه من "الهداية".
قوله: ولو نبتت الذرة فالتفت وغطى بعضها بعضًا وبقى المغطي مخضرًا ثم أثرت الشمس في المخضر فأدرك بعد حصد الأعلى فطريقان:
أحدهما: القطع بالضم.
والثاني: يتخرج على الأقوال المعروفة في الذرة انتهى ملخصًا.
والأصح هي طريقة القطع، كذا صححه النووي في "شرح المهذب"، وفي أصل "الروضة" أيضًا، ويوجد أيضًا ذلك في بعض نسخ الرافعي.
قوله: والذرة الهندية تحصد سنابلها، ويبقى ساقها فتخرج سنابل أخرى، وفيها ثلاث طرق:
أحدها: القطع بضم الثاني إلى الأول، وهو الأصح عند صاحب "التهذيب".
والثاني: القطع بعدمه.
والثالث: على الخلاف في حصد الزرع. انتهى ملخصًا.
والأصح ما صححه صاحب "التهذيب"، كذا صححه النووي في أصل الروضة، وفي "شرج المهذب" أيضًا، لكنه نقل فيه هذا التصحيح عن الرافعي لوجوده في "الروضة" ظانًا أنه لم يغير كلام الرافعي.
واعلم أن في بعض نسخ الرافعي التعبير "بالتهذيب" كما ذكرته هاهنا، وهو كذلك فيه أعني "التهذيب" وفي بعضها "التقريب" بالقاف.