المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صلاة الاستسقاء - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٣

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الصلاة

- ‌الركن الأول التكبير

- ‌[الركن الثاني: القيام]

- ‌الركن الرابع: الركوع

- ‌ شرائط الصلاة

- ‌الشرط الأول: الطهارة عن الحدث

- ‌[الشرط الثاني: طهارة النجس]

- ‌الشرط الثالث ستر العورة

- ‌الشرط الرابع: ترك الكلام…إلى آخره

- ‌الشرط الخامس: ترك الأفعال

- ‌ السجدات

- ‌سجدة السهو:

- ‌ سجدة التلاوة

- ‌ سجدة الشكر

- ‌ صلاة التطوع

- ‌كتاب الصلاة بالجماعة

- ‌الفصل الأول: في فضلها

- ‌الفصل الثالث: في شرائط القدوة

- ‌كتاب صلاة المسافرين

- ‌الباب الأول في القصر

- ‌الباب الثاني في [الجمع]

- ‌كتاب الجمعة

- ‌الباب الأول في شرائطها

- ‌الباب الثاني فيمن تلزمه الجمعة

- ‌الباب الثالث في كيفية إقامة الجمعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌كتاب الجنائز

- ‌ القول في التكفين

- ‌ القول في الدفن

- ‌ القول في التعزية

- ‌باب تارك الصلاة

- ‌كتاب الزكاة

- ‌زكاة الغنم

- ‌باب صدقة الخلطاء

- ‌الفصل الأول: في حكم الخلطة

- ‌الفصل الثاني: في التراجع

- ‌الفصل الثالث: في اجتماع الخلطة والانفراد [في الحول الواحد]

- ‌زكاة المعشرات

- ‌الطرف الأول: في الموجب:

- ‌الطرف الثاني: في الواجب

- ‌الطرف الثالث: فى وقت الوجوب

- ‌ زكاة النقدين

- ‌ زكاة التجارة

- ‌ زكاة المعدن والركاز

الفصل: ‌باب صلاة الاستسقاء

‌باب صلاة الاستسقاء

قوله: أو عارت العيون أو انبثقت الأنهار. انتهى.

والكلام هنا في أمرين:

أحدهما: في كلمة عارت، ومعناها: ذهاب الماء وهي بالعين المهملة.

قال الجوهري في الكلام على عور التي هي بالعين المهملة: وقد عارت العين تعار، قال الشاعر:

وسائله بظهر الغيب عني

أعارت عينه أم لم تعارا

والألف في "تعارا" بدل من نون التوكيد الحقيقية، وإن كان إدخالها بعد "لم" شاذًا.

وعرت عينه أعورها، وفلاة عوراء لا ماء بها واعورت عينه لغة في عرتها، وعورتها تعويرًا مثله عورت عين الماء إذا كبستها حتى نضب الماء. انتهى ملخصًا.

وحاصله أن هذه المادة ثابتة للعين الباصرة، والفوارة، وذكر بعده في الكلام على عير ما يؤيده فقال: وعار في الأرض يعير أي ذهب. وذكر السهيلي في "الروض الأنف" في الكلام علي غزوة بدر في قوله في السيرة فأمر بتلك القلب -أي المياه- التي احتفرها المشركون فعورت كذلك أيضًا فإنه جعله من مادة المهملة، ثم قال: ومن الشاهد بوصف القلب بالعور قول الزاجر:

ومنهل أعور إحدى العينين بصيرة الأخرى أصم الأذنين.

واعلم أن الغور بالغين المعجمة هو قعر الشيء، والغائر هو الذي سفل وبعد قعره.

قال الجوهري: غار الماء غورًا وغؤورًا أي على وزن قعودًا أي سفل في الأرض. هذا لفظه، وهو صحيح لكنه قال بعده: وغارت عينه تغور غورًا وغؤورًا دخلت في الرأس، وغارت تغار لغة فيه، قال الشاعر:

ص: 446

أغارت عينه أم لم تغارا.

هذا لفظه، وقد تقدم منه في فصل العين المهملة جعل هذا البيت منها على خلاف المذكور هنا فكان وهم.

الأمر الثاني: في الكلام على قوله: انبثقت فاعلم أنه يقال: بثق السيل موضع كذا أي جرفه، وهو بالباء الموحدة والثاء المثلثة والقاف.

قوله: وإذا استسقوا فتأخرت الإجابة صلوا ثانيًا وثالثًا حتى يسقيهم الله تعالى. انتهى.

والتقييد بالثلاث ذكر مثله في "الروضة"، وهو يوهم عدم الزيادة، وإن كان التعبير بحتى قد يشعر بخلافه، وقد صرح في "شرح المهذب" بأنه لا يتقيد بها، وسبقه إليه الماوردي وغيره.

قوله في المسألة: وهل يعودون من الغد أم يصومون ثلاثة أيام قبل الخروج كما يفعلون في الخروج الأول؟ قال في "المختصر": من الغد، وفي القديم: يصومون وقيل: قولان: أظهرهما: الأول.

وقيل: على حالين، فإن لم يشق على الناس، ولم ينقطعوا عن مصالحهم عادوا غدًا، وبعد غد، وإن اقتضى الحال التأخير أيامًا صاموا، زاد في "الروضة" فقال: نقل القاضي أبو الطيب عن عامة الأصحاب أن المسألة على قول واحد، فنقل المزني محمول على الجواز، والقديم على الإيجاب. انتهى.

فيه أمور:

أحدهما: أن الجمهور على الطريقة الأولى، وهي الحمل علي الحالتين، كذا ذكره في "شرح المهذب" في آخر كلامه على المسألة فتفطن له.

ص: 447

وأما تصحيح الرافعي و"الروضة" ونقل "المختصر" فهو تفريع على طريقة إثبات الخلاف فتأمل ذلك، وتفطن له.

الأمر الثاني: أن اقتصاره في إعادة الصوم على القديم غريب فقد نص عليه في "الأم" أيضًا، وممن نقله عنها النووي في "شرح المهذب".

الأمر الثالث: إذا قلنا بالخروج في الغد وفي الذي يليه ويكون صائمًا، نبه عليه في "الكفاية".

قوله: منها أن يأمر الإمام الناس بصوم ثلاثة أيام قبل اليوم الذى ميعاد الخروج، وبالتقرب إلى الله تعالى بما يستطيعون من الخير، ثم يخرجون في اليوم الرابع صيامًا. انتهى.

ومقتضى هذا الكلام أنهم مأمورون في الاستسقاء بصوم أربعة أيام، وهو كذلك، ولهذا عبر في "البحر" بقوله: ويأمر الناس قبل ذلك أن يصوموا ثلاثًا، ثم يأمرهم أن يخرجوا في اليوم الرابع صيامًا، نص عليه الشافعي في "الأم" لا ما إذا استجبنا لهم أن يقدموا الصيام، فالأولى يوم المسألة. هذه عبارته.

وذكر نحوه خلائق كثيرون منهم الشيخ في "المهذب" وأبو خلف الطبري في "شرح المفتاح" وأبو نصر البندنيجي في "المعتمد"، وأوضحه الشيخ نصر المقدسي في كتابه المسمى "بالمقصود" قال: ويأمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام، واليوم [الذي يستسقون](1) فيه. هذه عبارته.

ثم إن صيام هذه الأيام التي يأمرهم الإمام بها واجب، كذا ذكره النووي في "فتاويه" لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (2).

(1) سقط من أ.

(2)

سورة النساء (59).

ص: 448

لكن هل يتعدى ذلك إلى كل ما يأمرهم به من الصدقة وغيرها أم يختص ذلك بالصوم؟ فيه نظر.

قوله: وفي إخراج البهائم قصدًا وجهان ذكرهما الإمام أصحهما: أنه يستحب إخراجها لما روى أنها تستسقى، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لولا رجال ركع وصبيان رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبًا"(1) انتهى.

فيه أمور:

أحدها: أن ما ادعاه من حكاية الإمام لوجهين ليس كذلك، بل إنما حكاهما قولين صريحين، فإنه عبر بقوله: وفي استحباب إخراج البهائم تردد في النص. وكذا عبر به أيضًا الغزالي في "البسيط"، ولا شك أن الشافعي قد نص في "الأم" وغيرها على كراهة إخراجهم كما سيأتي إيضاحه.

ونقل القفال عن النص أنه يستحب إخراجهم فتبعه على ما نقله تلميذه القاضي الحسين، ثم إمام الحرمين على عادته، وهذا النص غير معروف، حتى أن الروياني في "البحر" لما نقله عنه أنكره مع أن الروياني مشهور بين أهل المذهب بكثرة الاطلاع على نصوص الشافعي حتى حكوا عنه أنه قال: لو ضاعت نصوص الشافعي لأمليتها من صدري.

والقفال رحمه الله وكثير من أنظاره مع جلالة قدرهم لم يكونوا في النصوص بهذه المثابة إلا صاحب "التقريب" فإنه أعظم من الروياني في ذلك كما تقدم إيضاحه في مقدمة الكتاب.

(1) أخرجه الطبراني في "الكبير"(22/ 309) حديث (785) و"الأوسط"(6539)، والبيهقي في "الشعب"(9820) وفي "الكبرى"(6184) وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(965) وابن عدي في "الكامل"(4/ 314) من حديث مالك بن عبيدة الدئلي عن أبيه عن جده، وسنده ضعيف، ضعفه الحافظ، والألباني -رحمهما الله تعالى-.

ص: 449

وكأن قول الشافعي: لا أمنعهم. قد اشتبه على بعضهم فتوهم منه استحباب خروجهم، فقلده القفال فيه.

الأمر الثاني: أن الغزالي في "الوجيز" قد جزم باستحباب إخراج أهل الذمة أيضًا.

وذكر الرافعي في شرحه له أن الجمهور سكتوا عنه، وحذف النووي مقالة الغزالي فلم يذكرها في "الروضة" بالكلية.

الأمر الثالث: أن تصحيح استحباب إخراج البهائم قد تابعه عليه النووي في "الروضة" والمنهاج، وجزم به في التأليف الذي جمعه في آداب الاستسقاء، وهذه المقالة قد نقلت عن أبي إسحاق المروزي وابن أبي هريرة على كلام فيه يأتي، ورأيتها في تعليق القاضي الحسين وفي الكتاب المسمى "بالطريق السالم" لابن الصباغ، وصرح في هذا الموضع بحوالة فروع وأدعية على كتابه "الشامل"، وفي "التهذيب" للبغوي، و"الوجيز" للغزالي و"الحلية" للروياني، و"الانتصار" لابن عصرون على اختلاف وقع أيضًا في كلام ابن الصباغ والروياني ولم أرَ بعد الفحص من قال بهذه المقالة من المعتبرين غيرها، ولا الثمانية على كلام فيه وقع لثلاثة منهم كما تقدم، وسيأتي ذكره.

إذا علمت ذلك فقد نص الشافعي في "الأم" وغيرها على أنه لا يستحب إخراجهم، وذهب إليه جمهور الأصحاب ما بين مقتصر على عدم الاستحباب، ومبالغ يقول بالكراهة، فمنهم الشيخ أبو محمد في "مختصر المختصر"، وأبو القاسم الصيمري في "الكفاية"، وفي شرحها له أيضًا، وأبو على البندنيجي في التعليقة المشهورة المسماة "بالجامع"، وعبر بقوله: السنة أن لا يخرجها، فإن فعل فلا بأس، والمحاملي في "المجموع"، وغيره ناقلًا له عن النص، وجازمًا به، والدارمي في "الاستذكار"، وأبو خلف الطبري في "شرح المفتاح"، وسليم الرازي في "المجرد"، وغيره.

ص: 450

وعبر في "المجرد" بنحو عبارة البندنيجي فقال: وليس في إخراجها استحباب، فإن فعل فلا بأس، والقاضي أبو الطيب في تعليقه، وحكاه عن الأصحاب، وعن نص الشافعي، والماوردي في "الحاوي" فقال: نص عليه الشافعي، وقال به سائر أصحابنا إلا ابن أبي هريرة، ومنهم الشيخ في "المهذب"، وهو مقتضى كلامه، وفي "التنبيه" أيضًا وابن الصباغ والمتولي في "التتمة" وأبو عبد الله الحسين الطبري في "العدة" والروياني في "البحر" والشاشي في "الحلية" ناقلين له عن النص أيضًا، والجرجاني في "الشافي" وذكر في "البحر" نحوه أيضًا، والخوارزمي في "الكافي" ونقله أيضًا عن النص، وأبو نصر البندنيجي في كتاب "المعتمد"، والعمراني في "البيان"، واقتضاه أيضًا كلام ابن أبي هريرة في "شرح المختصر" الذي علقه عنه أبو علي الطبري، فإنه استحب إخراج الشيوخ والعجائز والصبيان، واقتصر على ذلك.

وصنع مثله أبو على الزجاجي في "التهذيب" والشيخ نصر في كتابه المسمى "بالمقصود".

فهذه نقول الأصحاب متظافرة بعدم الاستحباب على تصريح كثير منهم بالكراهة كما سبقت الإشارة إليه، والقائلون بالاستحباب بالنسبة إليهم في غاية القلة، ولو تساووا لرجحنا بنص إمام المذهب بل يجب المصير إلى النص، ولو كان المخالفون له أكثر، فكيف عند القلة، وكلام النووي هنا في "شرح المهذب" في غاية الاقتصاد أيضًا، ولا شك أن الرافعي والنووي لو اطلعا على هذه النقول لم يذكرا ما ذكراه، إلا أن أكثر هذه الكتب لم يقفا عليها، ومن استقرأ كلامهما وتأمل الكتب التي ينقلان عنها قطع بذلك واعترف به إن كان منصفًا، وأما المعاند أو من لا اطلاع له، المقلد لما يسمعه أو لبعض ما يقف عليه المستريح من مشقة التعب فلا كلام معه، ولله الحمد على التوفيق للصواب.

ص: 451

قال العلماء: والمراد "بالركع" في الحديث: هم الذين قد انحنت ظهورهم من الكبر، ولهذا ورد في رواية أخرى:"لولا شيوخ" بدلًا عن "رجال". وقد نظم بعضهم (1) هذا المعنى الوارد في الحديث فقال:

لولا عباد للإله ركع

وصبية من اليتامى رضع

ومهملات في الفلاة رتع

صب عليكم العذاب الأوجع

قوله: واختلفوا في وقتها فقيل: تختص بوقت العيد، وقيل: تبقى ما لم يصلي العصر، وقيل: لا تختص بوقت. وقد قدمنا عن الأئمة وجهين في كراهتها في الأوقات المكروهة، ومعلوم أن الأوقات المكروهة غير داخلة في وقت صلاة العيد، ولا مع انضمام ما بين الزوال والعصر إليه فيلزم أن لا يكون وقت الاستسقاء منحصرًا في ذلك. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أنه لم يصرح بتصحيح هنا، وقد صرح به في "الشرح الصغير" فقال ما نصه: وأشبههما أن جميع الليل والنهار وقت لها.

وقال في "الروضة": إنه الصحيح الذي نص عليه الشافعي وقطع به الأكثرون، وصححه الرافعي في "المحرر" وما نقله عن تصحيح "المحرر" ليس كذلك، فإنه قال: والأشبه أن وقتها لا ينحصر في وقت صلاة العيد. هذه عبارته.

ولا يلزم من عدم اختصاصها بوقت صلاة العيد أن لا تختص بوقت، فإن وراء ذلك وجهين آخرين كما تقدم.

أحدهما: لا تختص بوقت ويبقى وقتها ما لم يصل العصر، بل مقتضى نقل الرافعي أن القائلين بالأخير أكثر عددًا من القائلين بأنها لا تختص.

الأمر الثاني: أن ما قاله من كونه يلزم عدم الانحصار، غريب، فإن

(1) هو الثعلبي، صاحب التفسير.

ص: 452

وقت الاستواء من أوقات الكراهة بلا نزل، وهو وقت العيد بلا خلاف.

وأيضًا فإن الأصح أن وقت العيد يدخل بطلوع الشمس وقد جزم هو به في "المحرر" ووقت الطلوع من أوقات الكراهة.

قوله: ويكون في الخطبة الأولى وصدر الثانية مستقبل الناس ومستدبر القبلة، ثم يستقبل القبلة ويبالغ في الدعاء سرًا وجهرًا. انتهى.

لم يبين الرافعي ولا ابن الرفعة في كتبهم المراد بالصدر الذي يستقبل عنده، وكذلك النووي في كتبه المطولة وقد بينه في "الدقائق" فقال: هو نحو الثلث.

ورأيت في "الكافي" للزبيري أنه عند بلوغ النصف، وقال الروياني في "البحر": يكون عند الفراغ من الاستغفار.

واعلم أنه قد ذكر في الدعاء ألفاظًا تحتاج إلى الضبط فنقول:

الغيث: المطر، والمغيث: بضم الميم هو المنقذ من الشدة، والهنئ: ممدود مهموز هو الطيب الذي لا ينقصه شئ، وقيل: هو المنمى للحيوان من غير ضرر، والمرئ: بفتح الميم وبالمد والهمز أيضًا هو المحمود العاقبة.

والمريع: بميم مفتوحة وراء مكسورة وياء بنقطتين من تحت: هو الذي يأتي بالريع، وهو الزيادة، والنماء: مأخوذ من المراعة وهو الخصب، ويروي بضم الميم مع الباء الموحدة من قولهم: اربع البعير يربع إذا أكل الربيع، ومع التاء المثناة من فوق من قولهم: رتعت الماشية إذا أكلت ما شاءت، ومنه قوله تعالى في سورة يوسف:{أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12)} (1) وتقول العرب: ارتع المطر، إذا أنبت ما ترتع فيه الماشية.

والغدق: بالغين المعجمة: الكثير.

قال تعالى: {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16)} (2).

(1) سورة يوسف (12).

(2)

سورة الجن (16).

ص: 453

والمجلل: بالجيم المفتوحة وكسر اللام وهو الساتر للأفق لعمومه، مأخوذ من تجليل الفرس، أو الساتر للأرض بالثياب.

والسيح: بسين مهملة مفتوحة وحاء مهملة أيضًا مشددة هو الشديد الواقع على الأرض أي يسمع له صوت شديد، يقال: سح الماء يسيح إذا سال من فوق إلى أسفل، وساح يسيح إذا جرى على وجه الأرض.

وأما طبقًا: فهو بفتح الطاء والباء أى مطبقًا على الأرض يعني مستوعبًا لها يقال: طبق البلاد يطبقها إذا عمها وهو مطابق الدال أي مساوٍ له، والقنوط الناس.

واللأواء بالمد: شدة الجوع والجهد، قلة الخير وسوء الحال وهو بفتح الجيم والضم لغة.

والضنك: بالضاد المعجمة والنون: هو الضيق.

ونشكوا: بالنون في أوله.

وبركات السماء: المطر.

وبركات الأرض: المرعى.

وأما العري: فبعين مضمومة وراء ساكنة ثم ياء مخففة ويجوز فيه كسر الراء وتشديد الياء. قاله الجوهري والمدرار: ففعال من الدر أي القطر، وهو من أبنية المبالغة ومعناه: كثير الدر.

قوله من زوائده: قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: إذا ترك الإمام الاستسقاء لم يتركه الناس. انتهى.

وهذا النص قد بينه في "شرح المهذب" فقال: قال الإمام: إذا صلت الأمصار عن الولاة قدموا أحدهم للجمعة، والعيد والكسوف والاستسقاء. هذا لفظه، ومقتضاه أنهم لا يفعلونه مع وجود الوالي في المصر إذا تركه، وهو متجه للخوف من فوران فتنة.

ص: 454

قوله أيضًا: ولو خطب قبل الصلاة، قال في "التتمة": يجوز، وتصح الخطبة. انتهى.

وما نقله عن "التتمة" قد نقله الشيخ أبو حامد عن الأصحاب، وجزم به في "المنهاج"، وأشار ابن المنذر إلى استحبابه.

قوله أيضًا من زوائده: ويستحب أن يغتسل في الوادي إذا سال أو يتوضأ. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن التعبير بأو ذكر مثله في "المنهاج" أيضًا، وخالف ذلك في "شرح المهذب" فجزم باستحباب الأمرين معًا فقال: يستحب إذا سال الوادي أن يتوضأ منه ويغتسل، فإن لم يجمعهما فليتوضأ. هذه عبارته.

والمتجه الجمع، ثم الاقتصار على الغسل ثم على الوضوء.

الأمر الثاني: أن الوضوء والغسل هل هما عبادتان في هذه الحالة حتى ينوي ويغتسل ويتوضأ من لم يكن محدثًا لا ولا جنبًا سواء أدى به صلاة أم لا؟ فيه نظر.

والمتجه أن الجملة في ذلك هو الجملة في كشف البدن ليصيبه أول مطر السنة وتناله بركته لأن الاغتسال في السائل كالتكشف للنازل وذاك لا تشرع فيه نية، فكذلك هذا. وإما تشرع فيه النية إذا صادف وقت الوضوء أو غسل، فهل تتوقف النية على الاغتسال فيه ولا تحصل بالاغتسال منه؟ ظاهر الحديث الأول، وقد تقدم الوعد بذكر هذه المسألة.

قوله في الزوائد: والسنة أن يقول عند نزول المطر: "اللهم صيبًا نافعًا". رواه البخاري في "صحيحه"(1).

وفي رواية ابن ماجة: "سيبًا نافعًا"(2) مرتين أو ثلاثًا، فيستحب الجمع

(1) حديث (985) من حديث عائشة -رضى الله عنها-.

(2)

أخرجه ابن ماجة (3889).

ص: 455

بينهما. انتهى كلامه.

الصيب: بصاد مفتوحة وبعدها ياء مثناة من تحت مكسورة ثم باء موحدة هو المطر. كذا نقله البخاري في "صحيحه"(1) عن ابن عباس.

وقال الواحدي: إنه المطر الشديد، وهو مأخوذ من قولهم: صاب يصوب إذا نزل من علو إلى أسفل، وقيل: الصيب: السحاب.

والسيب: بسين مفتوحة وياء مثناة ساكنة بعدها باء موحدة هو العطاء.

أو المراد بقوله: "يستحب الجمع بينهما" أى بين رواية البخاري وابن ماجة. كذا ذكره النووي في "شرح المهذب".

قوله فيها أيضًا: ويستحب أن يقول بعد المطر: مطرنا بفضل الله تعالى ورحمته، ويكره أن يقول: مطرنا بنوء كذا، فإن اعتقد أن النوء هو الممطر الفاعل حقيقة كفر فصار مرتدًا. انتهى.

النوء بنون مفتوحة وواو ساكنة بعدها همزة، وقد تكلم الجوهري عليه كلامًا حسنًا فقال: النوء: سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر، وطلوع الذي يرقبه من المشرق يقابله من ساعته في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يومًا، وهكذا كل نجم منها إلى انقضاء السنة ما خلا الجبهة فإن لها أربعة عشر يومًا، وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها.

وقال الأصمعي: إلى الطالع منها في سلطانه فتقول: مطرنا بنوء كذا، والجمع: أنواء، ونوآن، أى مثل عبد وعُبدان. انتهى كلام الجوهري.

وأراد بالمنازل: النجوم وهي ثمانية وعشرون نجمًا.

(1)(1/ 349).

ص: 456