الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجلم: بجيم ولام مفتوحتين هو المقص الذي يحز به ما على البهائم من صوف وشعر ووبر، ونقول لمجموع الشفرتين: الجلمان كقولك مقصان.
قال رحمه الله:
القول في التكفين
قوله: وجنسه في حق كل ميت ما يجوز له لبسه في حال الحياة فيجوز تكفين المرأة بالحرير، لكنه يكره لأنه سرف غير لائق بالحال. انتهى كلامه.
ويؤخذ من هذا التعليل بمقتضى كراهة المزعفر، والمعصفر أيضًا، والأمر فيه كذلك على المذهب وقد نبه عليه النووي في "الروضة" فقال: وأما المزعفر والمعصفر فلا يحرم تكفينها فيه، لكن يكره على المذهب، وفيه وجه: لا يكره. هذا كلامه.
وذكر مثله في "شرح المهذب" وليس فيها بيان حكم الرجل، ومذهب الشافعي أنه يجوز تكفينه بالمعصفر دون المزعفر، وقد سبق بيان ذلك في باب ما يجوز لبسه وما لا يجوز من "الروضة" على كلام فيه للبيهقي.
قوله: ثم شرط صاحب الكتاب في الثوب الأقل أن يكون ساترًا لجميع البدن، وهكذا ذكر الإمام وكثير من الأصحاب، وحكى آخرون من العراقيين وغيرهم أن الواجب قدر ما يستر العورة، وعلى هذا فيختلف الحال باختلاف حال الميت في الذكورة والأنوثة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الراجح هو الوجه الثاني وهو ساتر العورة فقد قال الرافعي في "الشرح الصغير": إنه أولاهما لنص الشافعي، وصححه النووي في "شرح المهذب" وفي "زيادات الروضة"، ونقله عن الجمهور، ولم يتعرض لبيان ذلك في "المحرر".
واختار صاحب "الحاوي الصغير" الوجه الأول، وما رجحه الرافعي
والنووي هناك يشكل على ما جزما به في كتاب النفقات من أنه لا يجوز الاقتصار في كسوة العبد على ساتر العورة، وإن كان لا يتأذى بالحر والبرد، وعلله الرافعي بقوله: لأن ذلك يعد تحقيرًا وإذلالًا، فإذا امتنع ذلك في الحي الرقيق فامتناعه في الميت الحر بطريق الأولى لأن الناس يتكلفون للميت ما لا يتكلفون للحي، ويعدون ترك [ذلك](1) إزراء بالميت لكونه خاتمة أمره.
الأمر الثاني: أن تقييده الاختلاف المتقدم بالذكورة والأنوثة يشعر بأن الاختلاف في الرق والحرية لا أثر له حتى يستوى كفن الحرة والأمة، قال ابن الرفعة في "الكفاية": وهذه المسألة سكت عنها الأصحاب.
قال: والظاهر أنه لا فرق بين الحرة والأمة لأن الرق يزول بالموت؛ والذي قاله من التسوية ظاهر، وما ادعاه من كون الرق يزول بالموت والذي قاله قد صرح به الرافعي في كتاب الإيمان في الباب الثاني المعقود للكفارة، غير أن النووي قد ذكر في "شرح المهذب" كلامًا يشعر بعدم التسوية فإنه قال: والأصح أن الواجب هو ساتر العورة وهو جميع بدن الحرة إلا وجهها وكفيها.
فانظر كيف قيد التعميم بكونها حرة، إلا أن يقال: إن الأمة لا تخرج عن كلامه لأنها بعد الموت حرة كما قلناه، غير أنه على هذا التقدير لا يبقى معنا شئ خط يخرج بهذا التقييد، ورأيت في "شرح التلخيص" للشيخ أبي علي السنجي الجزم بأن الرق لا يزول بالموت يقال ما نصه: لأن السيد يغسل أمته ومدبرته أم ولده إذا متن لا يختلف أصحابنا فيه لأنهن متن في ملكه فيستبيح غسلهن بعد الموت كما كان يستبيح في حال الحياة، والدليل على بقاء الملك بعد الموت أن على السيد الكفن ومؤنة القبر. هذا لفظه
(1) سقط من أ.
بحروفه.
قوله: الثالثة: الثوب الواحد على ما وصفناه حق الله تعالى لا تنفذ وصية الميت بإسقاطه [والثاني والثالث حق الميت. انتهى.
وحاصله أن الذي لا تنفذ الوصية بإسقاطه] (1) إنما هو المقدار الواجب حتى إذا قلنا بالصحيح، وهو الواجب ساتر العورة فقط نفذنا وصيته بإسقاط الزائد.
وقد أوضحه في "الروضة" فعبر بقوله: والثوب الواجب -أعني بالجيم والباء- كذا رأيته في "الروضة" التي هي بخطه، وهو القياس أيضًا.
ووقع في "شرح المهذب" أنه إذا [أوصى](2) بساتر العورة أنه لا تنفذ وصيته، وكأنه اغتر بجواب الإمام والغزالي بذلك، وهما إنما أجابا به، لأن الواجب عندهما هو ما يعم البدن فتفطن له.
قوله: ولو لم يوصِ وأراد بعض الورثة الاقتصار على ثوب واحد فقيل: لا يجاب قطعًا، وقيل: فيه وجهان.
وظاهر المذهب أنه لا يجاب.
ثم قال: فلو اتفق الورثة على تكفينه في ثوب واحد فقد قال في "التهذيب" يجوز. وطرد صاحب "التتمة" الخلاف فيه. انتهى كلامه.
لم يرجح شيئًا من هاتين المقالتين في "الشرح الصغير" أيضًا وقال في "شرح المهذب"، و"زيادات الروضة": إن قول "التتمة" أقيس. ولم يذكر غيره.
ومقتضاه ترجيح التكفين في الثلاث، وهو الذي اختاره صاحب "الحاوي الصغير" أيضًا.
(1) سقط من أ.
(2)
سقط من ب.
قوله: الرابعة: محل الكفن رأس مال التركة إن ترك الميت مالا يقدم على الديون والوصايا والميراث.
نعم لا يباع المرهون في الكفن ولا العبد الجاني ولا المال الذي فيه الزكاة فإنه كالمرهون، ثم استدرك النووي على هذا الكلام فقال: يلحق بالثلاثة المبيع إذا مات المشترك مفلسًا وقد ذكره الرافعي في الفرائض. انتهى.
وهذا الكلام يقتضي أن الاستثناء خاص بهذه الصورة ولأجل ذلك استدرك النووي صورة أخرى، وليس الأمر على هذا الحصر، فإنهما قد صرحا في كتاب الفرائض بأن كل حق تعلق بعين المال فإنه يقدم.
وصرح به أيضًا النووي في "المنهاج" و"تصحيح التنبيه" وحينئذ فتدخل فيه مسائل أخرى.
إحداها: ما أورده على الرافعي وهو المبيع إذا مات المشتري مفلسًا.
الثانية: إذا مات [رب الدين](1) قبيل قسمة مال القراض فإنه يقدم حق العامل على الكفن لأن الرافعي في كتاب القراض قد صرح بأن حقه متعلق بالعين.
الثالثة: المعتدة عن الوفاة بالحمل سكناها مقدم على التجهيز، لأن الرافعي قد نص في كتاب العدد على امتناع بيعها للجهل بمقدار زمن العدة.
الرابعة: نفقة الأمة المزوجة وإن كانت ملكًا للسيد قال الرافعي: إلا أن حقها يتعلق بها.
قال: كما أن كسب العبد ملك للسيد، ويتعلق به نفقة زوجته.
الخامسة: كسب العبد بالنسبة إلى نفقة زوجته كما ذكرناه.
السادسة: إذا قبض السيد نجوم الكتابة، ثم مات قبل الإيتاء ومال الكتابة باقٍ، ففي "الشرح" و"الروضة" أن حق العبد يتعلق بعينه.
(1) في ب: رب المال.
وحينئذ فيقدم.
السابعة: إذا أعطى الغاصب قيمة العبد أو غيره للحيلولة ثم قدر على العبد، فإنه يرده ويرجع بما أعطاه.
فإن كان المعطي تالفًا تعلق حقه بالعبد وقدم به كما نص عليه في "الأم" في كتاب الإقرار بالحكم الظاهر فقال: وإذا أحضر الغاصب العبد الذي غصبه إلى سيده جبرت سيده على قبضه منه، وزاد الثمن عليه، فإن لم يكن عند سيده ثمنه، قلت له: بعه إياه بيعًا جديدًا إن رضيتما حتى يحل له ملكه، فإن لم يفعل بعت العبد على سيده، وأعطيت الغاصب مثل ما أخذ منه، وإن كان لسيده غرمًا لم أشركهم في ثمن العبد لأنه عبد قد أعطى الغاصب قيمته هذا لفظه، ونقله في "المطلب" في الغصب.
قوله: وهل يجب على الزوج تكفين الزوجة ومؤنتها؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم، لأنها في نفقته في حال الحياة، فعلى هذا لو لم يكن للزوج مال فحينئذ يجب في مالها. انتهى.
وكلامه في "الشرح الصغير" كالصريح أنه إنما يجب على الزوج إذا لم يكن لها مال، على عكس ما جزم به في "الكبير"؛ وذكر مثله أيضًا في "المحرر"، وتبعه عليه النووي في "المنهاج" فقال: ومحله أصل التركة فإن لم يكن فعلى من عليه نفقته من قريب وسيد، وكذا زوج في الأصح. هذا لفظ "المنهاج"، وهو صريح فيما قلناه، مع أنه قد جزم بعكسه في "الروضة"، وكذلك في "شرح المهذب" وبالغ فيه فقال: قيد الغزالي وجوب الكفن على الزوج بشرط إعسار المرأة، وأنكروه عليه. هذا لفظه.
وإذا علمت ما تقدم علمت أن ما وقع في "الكبير" و"الروضة" هو الصواب.
قوله: قد ذكرنا أن العدد المستحب في كفن الرجل ثلاثة أثواب، ثم قال: وأما المرأة فيستحب أن تكفن في خمسة أثواب. انتهى.
واتفقوا على أن الخمسة في حق المرأة ليست كالثلاثة في حق الرجل حتى نقول: يجبر الورثة على الخمسة كما يجبرون على الثلاثة. كذا قاله إمام الحرمين، ونقله عنه النووي في "شرح المهذب" و"زيادات الروضة"، وارتضاه.
قوله: وإن كفنت المرأة في خمسة فقولان:
الجديد: إزار وخمار وثلاث لفائف.
والقديم: وهو الأظهر عند الأكثرين: إزار وخمار وقميص ولفافتان. وهذه المسألة مما يفتى فيه بالقديم. انتهى ملخصًا.
وجعله هذه المسألة من المأخوذ فيها بالقديم ليس كذلك فقد قال الشيخ أبو حامد والمحاملي: المعروف للشافعي في عامة كتبه أنه يكون فيها قميص.
قالا: والقول الآخر لا يعرف إلا عن المزني، فعلى هذا الذي نقلاه لا يكون التكفين في القميص مختصًا بالقديم، وقد نبه النووي في "شرح المهذب" و"زيادات الروضة" على ذلك.
قوله: ويبسط أحسن اللفائف وأوسعها، ويدر عليها حنوط، ويبسط الثانية فوقها، ويدر عليها الحنوط، ويبسط الثالثة التي تلي الميت فوقها، ويدر الحنوط أيضًا عليها. انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الروضة"، وإنما كان البسط لأحسن اللفائف أولًا لأنه الذي يعلوا على الكفن إذا لف على الميت والحي يجعل أحسن ثيابه أعلاها، فيفعل ذلك بالميت وأما الأوسع فلإمكان لفه على الأضيق بخلاف العكس.
إذا تقرر هذا ففيه أمران:
أحدهما: إنما اعتبر التفاوت في الوسع دون الطول لأن الصحيح استحباب استواء الجميع فيه.
نعم إذا لم نجد إلا المتفاوتة فيه أو فرعنا على استحبابه بدأنا بالأطول فالأطول.
الأمر الثاني: أن النووي في "شرح المهذب" وابن الرفعة في "الكفاية" قد قالا: إن اللفافة التي تلي الأولى في الحسن والسعة تجعل فوق الأولى والتي تلي الثانية في ذلك فوق الثانية، فعلى هذا يكون المراد بالثانية والثالثة إنما هو في المرتبة لا مدلولها من جهة العدد، لأن اللفظ العددي لا إشعار له بحسن ولا سعة.
وعلى هذا فلو قرئ فيها بتاء مثناة من فوق ولام بعد الألف ثم بالمثناة من تحت لكان أحسن، والتقدير: ثم اللفافة التي تتلو الأولى في ذلك، ثم التي تتلو الثانية.
قوله: ثم يلف الكفن عليه بأن يثني من الثوب التي تلي الميت صنفته التي تلي شقه الأيسر على شقه الأيمن. . . . إلى آخره.
الصنفة: بصاد مهملة مفتوحة ثم نون مكسورة، ثم فاء مفتوحة تليها تاء التأنيث هي الطرف الذي لا هدب له من الإزار، قاله الجوهري.
وقد كرر الرافعي هذه اللفظة، وأبدلها النووي بالطرف طلبًا للإيضاح.
قوله: الثانية: المشي أمام الجنازة أفضل، وبه قال مالك، ويروى مثله عن أحمد، ويروى عنه إن كان راكبًا سار خلفها، وإن كان راجلًا فقدامها. انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا ثم خالف -أعني الرافعي- في "شرح مسند الإمام الشافعي"، فجزم فيه بأن الراكب يكون خلفها، وزاد على ذلك فادعى الاتفاق عليه، وهو غلط عجيب، فإنه لا خلاف عندنا
أنه يكون قدامها مطلقًا.
وأما التفصيل فهو مذهب أحمد كما ذكر في الشرحين، وقد صرح أيضًا بالمسألة جماعة منهم الماوردي في "الحاوي" والإمام في "النهاية".
والذي أوقع الرافعي في هذه الدعوى الفاسدة هو الإمام أبو سليمان الخطابي، فإنه ادعى ذلك فوجده الرافعي في كتابه حالة شرحه للأحاديث، فأخذ منه غير مستحضر ما قرر هو وغيره في التصانيف الفقهية وإلا فهذا الكتاب أعني "شرح المسند" متأخر عن "الشرح الكبير".
قوله من "زوائده": قال الصيمري: لا يستحب أن يعد لنفسه كفنًا لئلا يحاسب عليه، وهذا الذي قاله صحيح إلا إذا كان من جهة يقطع بحلها، أو من أثر بعض أهل الخير من العلماء أو العباد ونحو ذلك، فإن ادخاره حسن وقد صح عن بعض الصحابة فعله. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن تصحيح ما قاله الصيمري عجيب لأن أمواله كلها يحاسب عليها، فلو ترك الذي يريد أن يوصي به لانتقل إلى الورثة، وحوسب عليه وعوقب إن كان حرامًا، ولا شئ عليهم.
نعم يصح هذا الكلام على صورة وهي السعي في تحصيله بإيهاب أو غيره إذا لم يكن له مال غيره أصلًا، فتفطن لذلك.
وقال الروياني: عندي أنه يستحب له ذلك -أي إعداد الكفن- ليعرف خلوه من الشبهة.
وهذه المسألة لها التفات إلى مسألة أخرى، وهي ما إذا أوصى بالتكفين في ثوب معين، فهل يجب تكفينه فيه؟ على وجهين حكاهما القاضي الحسين في كتاب السرقة من كتابه المسمى "أسرار الفقه" وهو كتاب صغير الحجم نحو "التنبيه"، ونقلهما عنه في "الكفاية" أيضًا.
قال -أعني القاضي: وهما مبنيان على ما لو قال: اقضِ ديني من هذا المال. وفي تعيينه وجهان ينبنيان أيضًا على ما لو أوصى بقضاء دينه وبخاص أهل الوصايا.
الأمر الثاني: أن النووي قد أشار بقوله: "وقد صح عن بعض الصحابة" إلى ما رواه البخاري في "صحيحه" عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت عليه بردة فطلبها رجل منه فأعطاه إياها، فقال له الصحابة: ما أحسنت سألته وعلمت أنه لا يرد، فقال: أي والله ما سألته لألبسه إنما سألته ليكون كفنى.
قال سهل رضي الله عنه: فكانت كفنه (1).
قوله أيضًا من زوائده: إن المنصوص الذي قال به الأكثرون أنه لا يستحب القيام للميت، نص الأكثرون على كراهته، وانفرد صاحب "التتمة" باستحبابه. انتهى.
خالف في "شرح المهذب" فقال: المختار استحبابه.
قال رحمه الله: القول في الصلاة.
قوله: إحداها: إذا وجدنا بعض مسلم علم بموته صلى الله عليه وسلم ثم قال: وهذا في غير الشعر والظفر ونحوهما وفي هذه الأجزاء وجهان أقربهما إلى إطلاق الأكثرين أنها كغيرها. انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الشرح الصغير"، وكذلك النووي في "الروضة" وخالف ذلك في "شرح المهذب" فقال: الأكثرون على أنه لا يصلى عليها.
قوله: ومتى شرعت الصلاة فلابد من غسل الموجود ومواراته بخرقة. انتهى كلامه.
(1) أخرجه البخارى (1218).
ذكر مثله في "الشرح الصغير"، وتابعه عليه في "الروضة" و"شرح المهذب"، ومحله في ما إذا كان الموجود من العورة فإن كان من غيره لم يجب ستره، فقد تقدم في الكلام على الكفن أن الواجب إنما هو ساتر العورة على الصحيح عند الرافعي والنووي، ولا يستقيم أن يقال: هذا الميت كامل، والميت لابد من ستره لظهور فساده، فإن الذي أوجبنا ستره من الميت إنما هو العورة، وهو مفقود، لا جرم أن الماوردي جزم بتخريج هذه المسألة على أن الواجب ساتر العورة أم التعميم، وإيجاب دفن العضو قد تقدم في فصل الشعر الواعد بذكره هاهنا.
قوله: أما إذا احتلج بعد الانفصال وتحرك ففي الصلاة عليه قولان:
أظهرهما: أنه يصلى عليه، ومنهم من قطع به. انتهى.
تابعه في "الروضة" على تصحيح طريقة القولين فقال: يصلى عليه على الأظهر، وقيل: قطعًا.
وصحح في "شرح المهذب" طريقة القطع فقال ما نصه: فيه طريقان: المذهب -وبه قطع المصنف والعراقيون: يغسل، ويصلى عليه قولًا واحدًا. والثاني: فيه قولان، وقيل: وجهان.
قولة في أصل "الروضة": وإن كان الكافر حربيًا لم يجب تكفينه قطعًا، ولا دفنه على المذهب. انتهى.
لم يصحح الرافعي في الدفن شيئًا بالكلية، بل حكى فيه عن صاحب "التهذيب" وجهين، وإن كلام الوجهين مشعر بعدم الوجوب، وذكر نحوه في "الشرح الصغير" أيضًا. وسكت عن المستأمن، وكلام "المحرر" يشعر بعدم الوجوب فيه، وفي الحربي.
قوله: ولو استشهد جنب لم يجز غسله في الأصح، ولا خلاف أنه لا يصلى عليه، وإن غسلناه. انتهى.
وما ادعاه من عدم الخلاف تابعه عليه في "الروضة"، واستدرك في "شرح المهذب" على ذلك فقال: قد سبق لنا وجه أن يصلى على كل شهيد فيجئ ذلك هاهنا.
قوله: فيقدم على المذهب الأخ الشقيق على الأخ للأب وقيل: قولان. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" و"شرح المهذب" وخالف في "المنهاج" فصحح طريقة القولين، ولا يرد ذلك على "المحرر" فإنه عبر بالأصح فقط.
قوله: ثم ابن الشقيق، ثم ابن الأب ثم العم للأبوين ثم للأب، ثم ابن العم كذلك ثم عم الأب ثم ابنه وهكذا. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وهو يوهم أن ابن ابن الشقيق يقدم على ابن الأخ للأب، وليس كذلك كما بينوه في الفرائض.
فإن قلت: يحمل كلامه هنا على ولد الصلب.
قلت: فيلزمه الوقوع في خطأ أفحش من الأول وهو أن العم يقدم فروع الأب.
قوله: قال الإمام: ولعل الظاهر تقديم المعتق على ذوي الأرحام. انتهى.
وهذا الذي نقله عن الإمام بحثًا، واقتضى كلامه عدم الوقوف على نقله، وتابعه عليه النووي في "الروضة" وقد ذكره القاضي أبو الطيب، ونقله عن الأصحاب، ثم إن عصبة المعتق كالمعتق.
وقد جزم في "المحرر" و"المنهاج" بالأمرين معًا فتأمله وتفطن له.
قوله: فإن كان أحدهما رقيقًا فقيهًا، والآخر حرًا غير فقيه فقد حكى إمام الحرمين فيه وجهين للشيخ أبي محمد لتعارض المعنيين.
قال في "الوسيط": ولعل التسوية أولى. انتهى.
ذكر نحوه في "الشرح الصغير" وفيه أمران، الصحيح في "زيادات الروضة" و"شرح المهذب" هنا تقديم الحر، وفي الشرح المذكور في صلاة الجماعة أنهما سواء.
قوله: ولو استووا في كل شئ، فإن رضوا بتقديم واحد فذاك، وإلا أقرع. انتهى.
اعلم أنه لا جائز أن يرد بقوله: (كل شئ) مفهومه عند الإطلاق، بل المراد الصفات السابقة، وهي السن [والفقه](1) والقراءة والحرية والورع.
وقد أوضحه المصنف في تصحيحه فقال: الصواب أنهما إذا استويا في السن المعتبر قدم الأفقه والأقرأ، والأورع قبل الإقراع بينهما.
ومقتضى ذلك أنه لا يقدم هنا بنظافة الثوب والبدن وحسن الوجه، وطيب الصنعة والصوت ونحوها مما سبق في كتاب الصلاة، وليس كذلك، بل تقدم هنا أيضًا كما ذكره في "شرح المهذب" فإنه قال: فإن اجتمع رجال أحرار قدم أحقهم بالإمامة في سائر الصلوات على ما سبق تفصيله في بابه، فإن استويا أقرع.
قوله: ويقف الإمام عند رأس الرجل وعجيرة المرأة لأنه عليه الصلاة والسلام صلى على امرأة فقام وسطها (2)، والمعنى فيه محاولة سترها عن أعين الناس. انتهى.
سكت عن الخنثى، وهو ملحق في ذلك بالمرأة كما قاله في "شرح المهذب"، والحديث المذكور رواه البخاري ومسلم.
قوله في "الروضة": ولو تقدم على الجنازة الحاضرة أو القبر لم يصح على المذهب. انتهى.
(1) في أ: والصفات.
(2)
أخرجه البخاري (325) ومسلم (964) من حديث سمرة رضي الله عنه.
لم يبين أن الخلاف وجهان أو قولان، ولا الأصح من الطريقين أو الطرق.
وحاصل كلام الرافعي أن المشهور تخريجه على القولين في تقديم المأموم [على إمامه](1)، وقيل: يصح قطعًا، وهذه الطريقة حكاها الرافعي بحثًا للإمام، فإنه قال: حكى عن الأصحاب تخريجها على الصلاة.
قال: ولا يبعد ترتيب الخلاف. انتهى.
والذي بحثه ولم يقف عليه الرافعي -أعني الترتيب- قد جزم به في "التتمة".
قوله: ومنها التكبيرات الأربع، فلو كبر خمسًا ساهيًا لم تبطل صلاته، وإن كان عامدًا فوجهان:
أحدهما: وهو المذكور في "التتمة" و"الوسيط": أنها تبطل كما لو زاد ركعة أو ركنًا في سائر الصلوات.
وأصحها على ما ذكره في "الوجيز"، وبه قال الأكثرون: إنها لا تبطل لثبوت الزيادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد حكى عن ابن شريح أن الاختلاف المنقول في تكبيرات صلاة الجنازة من الاختلاف المباح، وأن جميعه سائغ. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن ما اقتضاه كلامه من جزم "التتمة" و"الوسيط" بالمنع فهو صحيح بالنسبة إلى "التتمة".
وأما "الوسيط" فلا، فإنه حكى وجهين فيه، وزاد على ذلك فلم يصحح شيئًا فقال: بطلت الصلاة على أحد الوجهين تشبيهًا لكل تكبيرة بركعة. هذه عبارته.
(1) سقط من أ.
وكأنه ذهل عن آخر كلامه، أو سقط من النسخة التي وقف عليها، وذكر في "البسيط" مقلد أيضًا.
الأمر الثاني: أن الفوراني، والإمام الغزالي في البسيط، وغيرهم قد عللوا الصحة بأن التكبير ذكر، وزيادة الذكر لا تضر، وهذا التعليل يقتضي أنه لا فرق بين الخامسة، وما زاد عليها، وهو مقتضى كلام الروياني في "الحلية"، فإنه عبر بقوله: ولو زاد لم تبطل خلافًا لبعض المتأخرين.
الأمر الثالث: إن هذه الحكاية عن ابن شريح قد حصل فيها غلط، فإن الماوردي قد نقله عنه فقال: اختلف الصحابة في التكبير على الجنازة فقال قوم. يكبر أربعًا، وقوم: ثلاثًا، وقوم: خمسًا، فجمع عمر الصحابة واستشارهم فأجمعوا على الأربع.
وكان ابن شريح يعد ذلك من الاختلاف المباح وليس بعضه بأولى من بعض. وهذا قريب من مذهب ابن مسعود أنه يكبر ما شاء. انتهى كلام الماوردي.
وهو صريح في أن ابن شريح يجوز الاقتصار على ثلاثة أيضًا، ولم يصرح به الرافعي، بل كلامه يوهم المنع.
وقد جزم المحاملي في "اللباب" بأغرب من هذا فقال: يجوز الاقتصار على تكبيرة واحدة.
وادعى في "شرح المهذب" أن الإجماع قد انعقد على وجوب الأربع، ثم إن النووي لما توهم منع الثلاث عند ابن شريح صرح به في "الروضة" فقال: قال ابن شريح: الأحاديث الواردة في تكبيرات الجنازة أربعًا وخمسًا هي من الاختلاف المباح، والجميع سائغ. هذه عبارته، وهي غلط من وجهين:
أحدهما: في التقييد بالأربع والخمس.
والثاني: في فهمه أن مراد ابن شريح بالاختلاف هو الاختلاف في الأحاديث لا في المذاهب، والأمر بالعكس كما صرح به الماوردي.
قوله: ولو كان مأمورًا فزاد إمامه على الأربع، فإن قلنا: الزيادة مبطلة للصلاة، فارقه. انتهى.
وفي إطلاق المفارقة إجمال محلًا وحكمًا، للتوضحة، فنقول: قال الرافعي في سجود التلاوة: إذا سجد للتلاوة في سورة ص بطلت صلاته، فإن كان مأمومًا فسجد إمامه فيها لكونه يعتقدها لم يتابعه بل يفارقه أو ينتظره قائمًا. انتهى.
وقال في أثناء سجود السهو: لا يجوز العود إلى التشهد الأول بعد انتصابه، فإن انتصب مع الإمام فعاد الإمام لم يجز للمأموم العود، بل ينوي مفارقته فيه، وهل يجوز انتظاره قائمًا حملًا على أنه عاد ناسيًا؟ وجهان: الصحيح: الجواز.
وذكر قبل ذلك بأسطر أن حكم الجاهل كحكم الناسي.
إذا تقرر ذلك فنقول: إذا زاد إمامه، وقلنا: الزيادة مبطلة، فقياس ما سبق في هذه المسائل أنه إن نسي أو جهل أو كان قرأ أو احتمل حاله ذلك فالمأموم بالخيار بين أن يفارقه أو ينتظره.
قوله في المسألة: وإن قلنا: إن الزيادة لم تبطلها لما يفارقه ولا يتابعه في الزيادة في أصح الوجهين وهل يسلم في الحال أو ينتظر سلامه فيسلم معه؟ فيه وجهان: أظهرهما الثاني. انتهى.
فيه أمور:
أحدهما: أن تعبيره بقوله: "لم يفارقه" زيادة يتدافع معها الكلام، فإنه فرع على عدم المفارقة وجهين في أنه هل يسلم أو ينتظره، والسلام
مفارقة وأما المفارقة بالنية فقط فلا معنى لذكره لأن صلاته قد تكملت، فكان الصواب أن يقول: فإن قلنا: الزيادة لا تبطلها فلا يتابعه. . . . إلى آخره، وقد ذكر في "المحرر" و"المنهاج" كما أشرنا إليه.
الأمر الثاني: أن ما ذكره هنا من حكاية الخلاف في المتابعة قولين قد ذكر مثله في "الشرح الصغير" وخالف في "المحرر" فحكاه وجهين فقال ما نصه: وأصح الوجهين أنه لو زاد خامسة لم تبطل صلاته، وأنه لو زاد الإمام لم يتابعه المأموم. انتهى.
ووقع هذا الاختلاف أيضًا للنووي، فإنه عبر في "الروضة" بالأظهر، وفي "المنهاج" بالأصح فقال: ولو خمس إمامه لم يتابعه في الأصح.
الأمر الثالث: أن ما جزم به النووي في هذين الكتابين من الخلاف وجهين كان أو قولين قد خالفه في "شرح المهذب" فإنه حكى طريقة أخرى قاطعة بعدم المتابعة، وصححها فقال: وهل يتابعه؟
فيه طريقان: المذهب: لا يتابعه، وبه قطع كثيرون أو الأكثرون.
والثاني: فيه وجهان، وبعضهم يقول: قولان: أصحهما: لا يتابعه. هذا لفظه.
الأمر الرابع: أن الخلاف المذكور في المتابعة ليس في التحريم، لأن التفريع على جواز الزيادة.
وحينئذ فيحتمل أن يكون في الوجوب لأجل المتابعة وهو الظاهر، ويحتمل أن يكون في الاستحباب.
الخامس: الخلاف في أنه هل يسلم في الحال أو ينتظر سلامه محله في الاستحباب كما ذكره غير واحد منهم الغزالي في "الوسيط"، ولأجل ذلك جزم في "المحرر" و"المنهاج" بأنه مخير بين الأمرين ولم يتعرضا لهذا الخلاف، وقد توهم في "الروضة" أن الخلاف في الجواز، فإنه عبر
بقوله: وهل يسلم في الحال أم له انتظاره ليسلم معه؟ وجهان: أصحهما الثاني. هذه عبارته فتفطن لذلك.
وقد ذكر الرافعي في صلاة الجماعة ما يدل لما ذكرناه في هذا، وفي الذي قبله فقال: إذا اقتدى مفترض بمن يصلي على جنازة، وصححنا ذلك فلا يتابعه في التكبيرات والأذكار بينها، بل إذا كبر الإمام الثانية فيتخير بين إخراج نفسه من المتابعة وبين انتظار سلام الإمام.
قوله: والسابق إلى الفهم من قول الغزالي في "الكتاب": "والفاتحة بعد الأولى" أنه ينبغي أن يكون عقبها فتقدمه على الثانية.
ولكن القاضي الروياني وغيره حكوا عن نصه أنه لو أخر قراءتها إلى التكبيرة الثانية جاز. انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الشرح الصغير" وخالف ذلك في "المحرر" فقلد الغزالي فيما ذهب إليه فقال: الركن الرابع: قراءة الفاتحة بعد الأولى. هذا لفظه.
وأما النووي فإنه جزم في كتاب "التبيان في آداب حملة القرآن" بوجوب قراءتها في التكبيرة الأولى، ذكر ذلك في الباب السادس، وخالف ذلك في "الروضة" فتابع الرافعي على جواز تأخيرها إلى التكبيرة الثانية، ثم ذكر في "المنهاج" ما يخالفه فقال مستدركًا على الرافعي: قلت: تجزئ بعد غير الأولى، والله أعلم.
ومقتضاه أنه يجوز تأخيرها إلى الثالثة أو الرابعة وذكر في "شرح المهذب" نحوه أيضًا فقال: فإن قرأ الفاتحة بعد تكبيرة أخرى غير الأولى جاز.
وذكر فيه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون عقب التكبيرة الثانية.
قال: ولا يجزئ الدعاء في غير الثالثة بلا خلاف، وقد استفدنا من مجموع كلامه في "شرح التهذيب" أنه يجوز أن يجمع في التكبيرة الثانية بين القراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي التكبيرة الثالثة بين القراءة والدعاء للميت.
وحينئذ فيكون حاصله أنه يجوز إخلاء التكبيرة الأولى عن ذكر، وترك الترتيب، والجمع بين ركنين في تكبيرة واحدة، قد توقف ابن الرفعة في الحكم المذكور آخرًا فقال: قياس ما حكيناه عن النص من جواز تأخير القراءة إلى الثانية أنه إذا فعله يتعين عليه تأخير الصلاة إلى الثالثة والدعاء إلى الرابعة إن كان الترتيب بين القراءة والصلاة والدعاء شرطًا. هذا مجموع ما قاله.
فأما تأخير هذين الركنين فقد تقدم أن النووي حكى منعه، حتى ادعى نفي الخلاف في أن الدعاء لا يؤخر عن الثالث.
وأما توقف التعيين على وجوب الترتيب فظاهر الفساد؛ إذ لا منافاة بين اجتماع الكل في تكبيرة واحدة مع الإتيان بالترتيب، فإنه إذا أخر القراءة إلى الثانية يمكنه المحافظة على الترتيب بأن يأتي بها ثم بالصلاة.
واعلم أن ابن الرفعة قد نقل التصريح بتعين القراءة عقب الأولى عن البندنيجي والقاضي الحسين والإمام والغزالي والمتولي، وكلام الرافعي يوهم انفراد الغزالي به.
قوله: السادس: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثانية، وفي وجوب الصلاة على الآل قولان أو وجهان كسائر الصلوات وهذه أولى بالمنع. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة"، فأما ذهابة [إلي](1) طريقة إثبات الخلاف فقد خالفه في "شرح المهذب" فنقل عن الجمهور أنهم قطعوا بعدم الوجوب.
(1) في أ: على.
وأما التردد بين القولين والوجهين فقد سبق الكلام عليه في صفة الصلاة.
قوله: ويستحب أن يكون من دعائه في الثالثة: اللهم هذا عبدك وابن عبدك. . . . إلى آخره.
اعلم أن قوله في أوله: هذا عبدك وقع في "الأم" و"المختصر" بخلاف هذا.
وحينئذ فيصح رفع العبد على أنه مبتدأ خبره خرج. . . . إلى آخره. ونصبه على إضمار إرحم ونحوه. والتعبير بالعبد محله إذا كان ذكرًا؛ فإن كان أنثى عبر بالأمة كما ذكره من زوائده، وإن كان خنثى، فالمتجه التعبير بالمملوك ونحوه.
وقوله: (وابن عبديك) هو بالتثنية على تغليب المذكر على المؤنث.
ووقع في بعض نسخ المزني بالإفراد، ومحل هذا إذا كان له أب.
فأما ولد الزنا فالقياس أن يقول فيه: وابن أمتك.
وقوله: (روح الدنيا) هو بفتح الراء وهو نسيم الريح، ويراد به الفضاء أيضًا.
والسعة: بفتح السين: الاتساع، وإنما عطف على الروح على تقدير إرادة الفضاء لتغاير الألفاظ ويحتمل أن يراد بالروح ما يريح به الشخص نفسه من نعيمها.
وقوله: (ومحبوبها) هو بضمير المؤنث لتعود على الدنيا.
ووقع في "المحرر" بضمير الذكور أي المحبوب الذي للميت.
وقوله: (وأحبائه فيها) المشهور قراءة أحبائه بالجر أي خرج من أحبائه في الدنيا وفارقهم، وتصح قراءته بالرفع على أن تكون الواو للحال لا للعطف أي وفيها أحباؤه.
وقوله: (وما هو لاقيه) أي هول منكر ونكير، كذا نقله في "شرح المهذب" عن القاضي الحسين لكن بلفظ يتناول ما يلقى في القبر، وفيما بعده وذكر صاحب "التعجيز" في شرحه له أن اللذين يأتيان المؤمن في قبره مبشر وبشير (1) أي بالشين المعجمة لا منكر ونكير.
وقوله: (كان يشهد. . . . إلى آخره) هو تمهيد وتوطئة لقبول شفاعته كما هو المعتاد.
وقوله: (نزل بك. . . . إلى آخره) أي هو ضيفك وأنت خير من نزله ضيف وأكرمه، وضيف الكرام لا يضام.
وقوله: (ولقه) يجوز فيه كسر الهاء مع الإشباع ودونه، وسكونها وكذلك في (قه) أيضًا.
وأشار بفتنة القبر إلى الحديث: "إنكم تفتنون في قبوركم"(2) أي عند سؤال الملكين.
وقوله: (عن جنبيه) هو تثنية الجنب، وفي بعض نسخ المزني بالإفراد، ورأيت في نسخة "الأم" الموقوفة بالمدرسة الشريفية، وهي أصح نسخة بالديار المصرية بالجيم المضمومة، والثاء المثلثة المشددة وهي أحسن لدخول الجنبين والظهر والبطن.
قوله: وذكر الغزالي في "الوجيز" أنه يستحب الدعاء للمؤمنين والمؤمنات عند الدعاء للميت، وحكى في "الوسيط" فيه ترددًا، وصحح استحبابه، وهذا التردد ليس له في كتب الأصحاب.
لكن ذكر ابن القاص دعاءًا آخرًا، وعليه أكثر أهل خراسان أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا صلى على الجنازة قال: "اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته
(1) لا يصح في هذا خبر.
(2)
أخرجه البخارى (86) ومسلم (905).
منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان" (1) رواه أبو هريرة.
فيجوز أن يحمل ما ذكره الغزالي على هذا الدعاء فإنه دعاء للمؤمنين والمؤمنات، والدعاء المعروف السابق ذكره قريبًا يختص بالميت، ولا يبعد أن يعد وفيه تردد، فإن قول من قال: يخلص الدعاء للميت في الثالثة، ينافي استحباب هذا الدعاء. انتهى ملخصًا.
فيه أمران.
أحدهما: أن معنى هذا الكلام جميعه، وهو كلام الغزالي، والمحمل الذي حمله عليه الرافعي قد صححه الرافعي في "الشرح الصغير" فقال: يستحب أن يدعو للمؤمنين والمؤمنات مع دعائه للميت، ويحسن أن يكون ذلك الدعاء: اللهم اغفر لحينا وميتنا. . . . إلى آخره.
وحكى في "الوسيط" ترددًا في استحبابه أى الدعاء للمؤمنين. انتهى.
وذكر مثله في المحرر فجزم باستحباب الجمع بينهما وزاد على ذلك فقال: يستحب تقديم الدعاء الثاني على الأول المشهور وهو "اللهم إن هذا عبدك. . . ." إلى آخره.
وحذف النووى من "الروضة" جميع ذلك، ولم يزد على أنه روى في الباب دعاءًا آخرًا، وهو "اللهم اغفر لحينا. . . . إلى آخره".
ولم يتعرض له أيضًا في "شرح المهذب" لعدم وقوفه عليه في "الروضة"، والذي ذكره في "المحرر" متجه، فإن الدعاء بهذا رواه
(1) أخرجه أبو داود (3201) وابن ماجة (1498) وأحمد (8795) وابن حبان (3070) وأبو يعلى (6010) والبيهقى في "الكبرى"(6762) من حديث أبى هريرة.
وصححه الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-.
الأربعة، وصححه الترمذي، ثم نقل عن البخاري تصحيحه، وقال الحاكم وابن دقيق العيد في آخر "الاقتراح": إنه على شرط الشيخين، وإذا كان صحيحًا ولا معارض له فيتعين العمل به وإنما قدمه على الدعاء المشهور وهو:"اللهم إن هذا عبدك" ليضمنه الدعاء للميت أيضًا، وثبوت لفظه بخلاف ذلك، فإن الشافعي التقطه من جملة أحاديث بعضه باللفظ وبعضه بالمعنى.
الأمر الثاني: أن ما ادعاه الرافعي في آخر كلامه من أن قولهم يخلص الدعاء للميت ينافي الدعاء للمؤمنين، كلام عجيب ظاهر الفساد، فإن إخلاص الدعاء للميت" معناه إفراده بالذكر وتنصيصه عليه، وذلك حاصل سواء دعا مع ذلك لغيره أم لا.
قوله: الثاني: إذا لحق المسبوق قبل التكبيرة الثانية وكبر الإمام قبل فراغه من القراءة قطع القراءة في أصح الوجهين ثم قال: وعلى هذا فهل يقرأ بعد الثانية لأنه محل القراءة بخلاف الركوع، أم يقال: لما أدرك قراءة الإمام صار محل قراءته منحصرًا في ما قبل الثانية؟ ذكر في "الشامل" فيه احتمالين، ولعل الثاني أظهر. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن الشامل قد تبعه عليه النووي في "الروضة" و"شرح المهذب"، وابن الرفعة في "الكفاية" وهو مردود فإن المذكور في "الشامل" ما نصه: إذا أدرك المأموم الإمام في القراءة دخل معه وقرأ، فإذا كبر الإمام الثانية كبر معه إن كان قد فرغ من القراءة.
فإن لم يفرغ فهل يقطع القراءة أو يتمها؟ ينبني على الوجهين في المسبوق إذا ركع الإمام قبل إتمام القراءة، أصحهما: أنه يتبعه ويقطع القراءة، فكذلك هاهنا إلا أن هاهنا بعد التكبيرة الثانية محل القراءة باقٍ لأنه إذا أدركه في الثانية قرأ المأموم بخلاف الركوع.
والذي يقتضيه ما ذكرته أن يأتي بالقراءة بعد الثانية ويمكن أن يقال: لا يأتي بها لأنه لما أدرك قراءة الإمام صار محل القراءة ما قبل الثانية في حقه، فلا يأتي بها بعد الثانية. هذا كلامه.
وحاصله أنه لما شبه التكبيرة الثانية هنا بالركوع هناك حتى يأتي الوجهان في أنه يتم الفاتحة أو يقطعها، ويتابع الإمام لاح له بينهما فرق يقتضي ترجيح القراءة هاهنا، وهو أن الإمام بعد التكبيرة الثانية في قيام وهو محل القراءة بدليل ما [إذا](1) أدركه المسبوق فيها، فلا يبعد أن يجب عليه إتمام القراءة بخلاف المسبوق في الصلوات الخمس إذا أدرك الإمام في الركوع فإنه لا يقرأ فيه، ثم شرع يعارض هذا الفرق فإنه لما أدرك قراءة الإمام صار محل قراءته هو ما قبل الثانية.
هذا هو المفهوم من كلام "الشامل" فتوهم الرافعي أن المراد بالقول المكرر في آخر كلامه وهو قوله: بعد الثانية، إنما هو ثانية المأموم لا الإمام، والمراد العكس.
وكيف يتصور أن يوجب في أثناء الفاتحة ركنًا بل شيئًا قائمًا مقام ركعة، ولا يكون قاطعًا للموالاة فيها.
وقد صرح الماوردي وغيره بأنا إذا أمرنا المأموم بالتكبير سقط عنه بقية الفاتحة.
الأمر الثاني: أن ما ذكره الرافعي من انحصار القراءة في ما قبل الثانية ليس كذلك، فإن هذا المسبوق وغيره من المأمومين، لو أراد تأخير القراءة إلى التكبيرة الثانية جاز كما تقدم قريبًا، فهذه الدعوى مع تلك متناقضتان.
قوله: الثالث: إذا فاته بعض التكبيرات تدارك بعد سلام الإمام، وهل يقتصر على التكبيرات نسقًا أم يأتي بالدعاء والذكر بينهما؟
(1) سقط من أ.
فيه قولان: أصحهما الثاني. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وفيه أمور:
أحدها: أن هذا الخلاف جعله الرافعي في "المحرر" وجهين، والصواب المذكور هنا، وفي "الشرح الصغير" أيضًا أنهما قولان.
ولهذا عدل النووي في "المنهاج" إلى الوجهين إلا أنه لم ينبه عليه في "دقائقه".
الثاني: أن محل هذا الخلاف إذا رفعت الجنازة فإن اتفق بقاؤها لسبب فلا وجه للخلاف بل يأتي بالأذكار قطعًا، قاله المحب الطبري في "شرح التنبيه"، وهو متجه.
الثالث: ليس في كلامه ما يدل على أن القولين في الاستحباب أم في الوجوب.
وقد صرح صاحب "البيان" بأن القولين في الوجوب، ففي قول: يجب، وفي آخر: لا يجب، وجزم به في "المنهاج"، ونقله عنه في "شرح المهذب" وأقره فيه وفي "الروضة" وقال: إنه ظاهر.
قوله: ويستحب أن لا ترفع الجنازة حتى يتم المسبوقون ما عليهم، فلو رفعت لم تبطل صلاتهم، وإن حولت عن القبلة بخلاف ابتداء عقد الصلاة لا يحتمل فيه ذلك والجنازة حاضرة. انتهى.
وما ذكره في التحويل عن القبلة ذكر مثله في "الروضة" و"شرح المهذب"، وهو يشعر بأن استقبال الميت للقبلة واجب تنزيلًا له منزلة الإمام كما نزلوه منزلته في امتناع التقديم عليه، ولا شك أن الميت كالعاجز، والعاجز في الصلاة يصلي على جنبه الأيمن، فإن عجز فمستلقيًا علي ظهره ورجلاه إلى القبلة، ولم يشترطوا في الميت شيئًا من ذلك، بل عمل الناس على خلافه.
قوله: ولو تخلف المقتدي فلم يكبر مع الإمام الثانية أو الثالثة حتى كبر الإمام التكبيرة المستقبلة من غير عذر بطلت صلاته كتخلفه بركعة. انتهى.
وتقييده بقوله: (حتى كبر) ذكر مثله في "الشرح الصغير" و"الروضة" و"شرح المهذب"، وهو يشعر بأنه إذا تخلف عن الرابعة حتى سلم إمامه لا تبطل، ويتأيد بأن الذكر لا يجب فيها، فليست كالركعة بخلاف ما قبلها، وفيه احتمال.
قوله من زوائده: قلت: إذا لم يحضر إلا النساء توجه الفرض عليهن، وإذا حضرن مع الرجال لم يتوجه الفرض عليهن، فلو لم يحضر إلا رجل ونساء، وقلنا: لا يسقط إلا بثلاثة، توجه التيمم عليهن.
والظاهر أن الخنثى في هذا الفصل كالمرأة. انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر كلامه بحثًا قد جزم به القاضي أبو الفتوح في كتابه المعقود للخناثى فقال: فرع: إذا صلى الخناثى لم يسقط فرض الصلاة عن الرجال كما ذكرنا في حق النساء. هذه عبارته.
ثم قال: فإذا بان الخنثى رجلًا فهل يعتد به؟ فيه وجهان.
وذكره المسألة أيضًا صاحب "البيان" هكذا، وجزم به النووي هاهنا، وفي باب الأحداث من "شرح المهذب"، وقد بسطت المسألة في "الإيضاح".
قوله: بخلاف من صلى مرة لا يستحب له إعادتها، فإن المعاد يكون تطوعًا، وهذه الصلاة لا يتطوع بها. انتهى.
ومعنى عدم التطوع بها أنه لا يجوز الابتداء بمثلها من غير جنازة بخلاف الظهر ونحوها.
إذا تقرر ذلك فهذا التعليل ينتقض بالنسوة والصبيان، فإن صلاتهم تقع نفلًا، سواء وقعت مع صلاة الرجال أم بعدها، لأن الفرض لا يتوجه
عليهم مع وجود الرجال، فإن قيل: المراد أنها لا تقع تطوعًا من الذكور البالغين.
قلنا: فيلزم استحباب الإعادة في حق غيرهم.
وحينئذ فلا يستقيم الإطلاق المتقدم.
قوله: فإن كان قد صلى منفردًا، وأراد إعادتها في جماعة لم يستحب أيضًا في أظهر الوجهين. انتهى.
تابعه عليه في "الروضة" وفيه أمران:
أحدهما: أن التعبير المذكور فيه قصور عن الحكم، فإن الحكم أن الإعادة خلاف الأولى، ولا يلزم من نفي الاستحباب أولوية الترك لجواز التساوي، ولهذا عبر في "شرح المهذب" بقوله: أصحها: لا يستحب له الإعادة، بل يستحب تركها. هذا لفظه.
الثاني: أن هذين الوجهين جاريان في من صلى أولًا منفردًا، ومن صلى في جماعة على خلاف ما يدل عليه كلامه هنا.
وقد صرح به في "شرح المهذب" على الصواب، وحكى وجهًا آخرًا أنه يستحب الإعادة لمن صلى منفردًا دون من صلى جماعة، ووجهًا أنها مكروهة مطلقًا، وفي "الحاوي" أن الإعادة لا تجوز.
قوله: ولك أن تعلم قول الكتاب فلا يفوت بالدفن بالواو لأن أبا عبد الله الحناطي حكى عن أبي إسحاق المروزي أن فرض الصلاة لا يسقط بالصلاة على القبر، وإنما يصلي علي القبر من لم يدرك الصلاة. انتهى.
وقوله: (وإنما. . . . إلى آخره) قد استفدنا منه وجهان أن الصلاة على القبر لا تشرع بالكلية لمن أدرك الصلاة، وقد حذفه من "الروضة" لغلط وقع في كثير من نسخ الرافعي.
قوله: وإلى متى تجوز الصلاة على القبر؟ فيه وجوه:
أحدها: إلى ثلاثة أيام.
والثاني: إلى شهر لأنه عليه الصلاة والسلام صلى على البراء بن معرور بعد شهر.
والثالث: ما بقي منه شئ في القبر.
والرابع: وهو الأظهر: أنه يصلي عليه من كان من أهل فرض الصلاة يوم الموت، ولا يصلي عليه غيره.
ومنهم من يعبر عن هذا الوجه بكونه من أهل الصلاة أم لا، ولا يقيده بالفرض، والعبارة الأولى أشهر، والثانية أصح عند الروياني.
والخامس: يصلي عليه أبدًا. انتهى ملخصًا.
فيه أمور:
أحدها: أن الاستدلال بقصة البراء على العكس من الدعوى، لأن الدعوى هو الجواز في مدة الشهر فقط، ثم استدل بالفعل بعده.
الثاني: أن الرافعي في "الشرح الصغير" قد رجح العبارة المنقولة هنا عن الروياني، وهي كونه من أهل الصلاة والغريب أنه عبر فيه بالأظهر كما عبر في "الكبير" فقال: والرابع أنه من كان أهلًا للصلاة عليه يوم موته فيصلي على القبر، ومن لا لم يصل، وأهلية الصلاة بالتمييز، فلا أهلية للمجنون والصبي الذي لا يميز، وهذا أظهر الوجوه. هذا لفظه.
وصحح في "المحرر" كما في "الكبير" وصححه أيضًا النووي في كتبه، ونقله في "شرح المهذب" عن الجمهور، فليكن هو المعنى به.
الأمر الثالث: أن المراد بيوم الموت هو وقت الموت، فإنه هكذا صرح به في "المحرر" و"المنهاج".
الأمر الرابع: أن اعتبار الموت يقتضي أنه لو بلغ أو أفاق بعد الموت، وقبل الغسل، لم يعتبر ذلك، والصواب خلافه، لأنه لو لم يكن هناك
غيره لكان يلزمه الصلاة بالاتفاق، وكذا لو كان هناك غيره فترك الجميع فإنهم يأثمون.
بل لو زال المانع بعد الغسل أو بعد الصلاة، وأدرك زمنًا يمكن فيه فعل الصلاة لكان كذلك أيضًا.
الخامس: أن هذا النقل المذكور عن الروياني غلط، فإن اختياره الجواز ما لم يبل الميت، كذا ذكره في "الحلية"، وفي "البحر" مع كونه نقل فيه أن الأشهر اعتبار أهلية الفرض فقال في "الحلية": والاختيار من الأقوال أنه تجوز الصلاة على قبره إلى أن يصير ترابًا. هذا لفظه.
ولم يذكر فيها غير ذلك.
وقال في "البحر": ومن أصحابنا من قال: يجوز حتى يعلم أنه بلى في قبره، فلا يجوز حينئذ لأنه ذهبت حرمته، وهذا أصح عندى.
ومن أصحابنا من قال: يجوز أبدًا لأن القصد الدعاء حتى يجوز اليوم أن يصلي على قبر آدم عليه السلام، وعلى قبر جميع الأنبياء -صلى الله عليهم-.
ومن أصحابنا من قال -وهو الأظهر، واختيار الشيخ أبي زيد المروزى- يصلي عليه من كان فرض الصلاة عليه يوم مات. هذا لفظه.
وكأن الرافعي وقف على آخر الكلام، وذهل عن أوله فنسب إليه ما نسب.
ومعرور السابق ذكره بعين وراءين مهملات، يقال: عره بشر أي لطخه به فهو معرور، وفيه قوله تعالى:{فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (1).
قوله في أصل "الروضة": وهذا كله في قبر غير النبي صلى الله عليه وسلم، أما قبره الكريم فلا تجوز الصلاة عليه على الأوجه الأربعة قطعًا، ولا على الخامس على الصحيح.
(1) سورة الفتح: (25).
وقيل: تجوز فرادى. انتهى كلامه.
وما ذكره من الامتناع قطعًا مردود، فإن في جواز الصلاة لمن كان من أهل الفرض يوم موته عليه الصلاة والسلام وجهين حكاهما البندنيجي في "الذخيرة" مع أن أحد الأوجه الأربعة، بل أصحها هو الجواز لمن كان من أهل الفرض.
نعم الامتناع قطعًا إنما محله في هذا الزمان، وقد ذكره الرافعي كذلك.
واعلم أن البندنيجي في الكتاب المذكور عبر "بأهل العصر" ثم قال: والمراد بهم أهل الفرض، فافهمه.
قوله: لأنه يشترط فيها تقدم غسل الميت حتى لو مات في بئر أو في معدن انهدما عليه، وتعذر إخراجه وغسله لم يصل عليه، ذكره صاحب "التتمة". انتهى كلامه.
ذكر في الروضة مثله، وفيه أمور:
أحدها: أن كلامه يشعر بعدم اشتراط التكفين في صحة الصلاة، والأمر كذلك؛ وقد جزم به في "الروضة" و"المنهاج" من زياداته فيهما، قال: لكن يكره.
الأمر الثاني: أن الفرق بين التكفين والغسل مشكل لا دليل عليه، لأن كلًا منهما واجب، لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة فعل الصلاة إلا بعدهما، فلم جوزناها قبل أحدهما، ومنعناها قبل الآخر؟ .
فإن كان المعنى في اشتراط الغسل هو وجوبه أو عدم نقل الصلاة عنه عليه السلام بدونه، أو أن الصلاة على الميت كصلاة الميت نفسه حتى يتوقف على الطهارة، فالتكفين كذلك.
الأمر الثالث: سلمنا أن غسله شرط، لكن إذا تعذر فلم لا يصلى عليه كسائر شروط الصلاة، فإنها إنما تكون شرطًا حال القدرة، وإذا عجز عنها سقط الأمر بها، وبقى الأمر بالصلاة.