الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث: في الفسخ والتنازع
قوله: ولو حبس العامل ومنعه من التصرف أو قال: لا قراض بيننا، ففي انعزاله وجهان: أشبههما: أنه لا ينعزل أيضًا.
ذكرهما أبو العباس الروياني في "الجرجانيات" انتهى كلامه.
وقد حذف النووي من "الروضة" هذا الترجيح ثم قال من "زياداته": ينبغي أن يكون الأصح في الحبس أنه لا ينعزل، وفي الإنكار أنه ينعزل.
وما ذكره رحمه الله في الإنكار مشكل، بل ينبغي أن يكون كإنكار الوكالة، فإن حقيقة القراض أنه توكيل في التصرف، والصحيح فيه الفرق بين أن يكون لغرض أو لا، فلا اعتماد إذن على هذا الترجيح الواقع في "الروضة" لأنه مخالف لما في الرافعى، ومخالف للقواعد.
قوله: فإذا مات المالك فأراد الوارث الاستمرار على العقد الأول فلهما ذلك بأن يستأنفا عقدًا وهل ينعقد بلفظ الترك والتقرير، بأن يقول الوارث أو القيم بأمره تركتك أو قررتك على ما كنت عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: وبه قال الشيخ أبو محمد: لا، لأن التقرير يشعر بالاستدامة، وهذا ابتداء عقد.
وأظهرهما عند الإمام: نعم، لفهم المعنى. انتهى.
والصحيح هو الانعقاد، كذا صححه الرافعي في "الشرح الصغير" والنووي في "أصل الروضة" ولم ينبه فيها على أنه من زياداته فتفطن له.
وجزم القاضي الحسين بالصحة، إذا كان المقرر هو الوارث، وقال: إنه لا خلاف فيه.
وقال فيما إذا صدر من القيم بأمره: إن الظاهر من المذهب عدم
الصحة، وعليه اقتصر في "الإبانة".
قوله: وإن كان أي استرداد الطائفة من المال بعد ظهور الربح فالمسترد شائع ربحًا وخسرانًا على النسبة الحاصلة بين جملتي الربح ورأس المال، ويستقر ملك العامل على ما يخصه بحسب الشرط مما هو ربح منه فلا يسقط بالنقصان الحادث بعده.
مثاله: رأس المال مائة، وربح عشرين، ثم استرد المالك عشرين، فالربح سدس المال يكون المأخوذ سدسه ربح، وهو ثلاثة دراهم وثلث، فيستقر ملك العامل على نصفه، إذا كان الشرط المناصفة وهو درهم وثلثان، حتى لو انخفضت السوق وعاد ما في يده إلي ثمانين لم يكن للمالك أن يأخذ الكل، ويقول كان رأس المال مائة وقد أخذت عشرين أضم إليها هذه الثمانين لتتم لي المائة، بل يأخذ العامل من الثمانين درهما وثلثين، ويرد الباقي. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره في آخر كلامه من كون العامل يأخذ مما في يده خارجة عن قواعدنا، وذلك لأنا لما جعلنا المسترد شائعًا لزم أن يكون نصيب العامل في عين المال المسترد إن كان باقيًا، وفي ذمة المالك إن كان تالفًا، ولا يكون متعلقًا بالمال الباقي، إلا بسبب يقتضي التعلق من رهن أو غيره، ولم يوجد ذلك حتى لو أفلس لم يتقدم به، بل يضارب.
ولو فرضنا التعلق لم يكن شريكًا، بل لو فرضنا الشركة لم يستقل بالأخذ، بل لابد من الاجتماع على القسمة، ولو كان نصيب العامل منحصرًا فيما بقي في يده لكان إذا ربح ما اشترك بالثمانين يكون ما قابل حصة العامل منها عوضًا عن حصته في ربح القدر المسترد، وهو درهم وثلثان يختص به.
وربح ما عدا ذلك بين رب المال والعامل على ما شرطا؛ فينبغي تأويل كلام الرافعي.
والغزالي في "الوسيط" ذكر كما في الرافعي، وأما في "البسيط" فكلامه يقتضي التعلق لا الشركة.
فإنه قال له -أي للعامل- أن يرد المال وهو ثمانون إلى المالك، ولا يفوز به المالك ما لم يسلم إليه نصف سدس العشرين [أو شرط له ذلك.
وفي بعض نسخه فله أي للعامل أن لا يرد المال وهو ثمانون إلى المالك، ما لم يسلم إليه نصف سدس العشرين] (1) وهو مثله أيضًا.
الأمر الثاني: أن ما ذكره صحيح إذا أخذ المالك العشرين بغير رضى العامل، فإن أخذها برضاه نظر إن قصد أخذه من رأس المال فيختص به، وكذا إن قصد الأخذ من الربح، وفي هذه الحالة يملك العامل مما في يده مقدار ذلك على الإشاعة.
وإن أطلقا حمل على الإشاعة، وهل يكون نصيب العامل قرضًا أو هبة؟
فيه نظر، والأشبه الأول نبه على ذلك كله في "المطلب".
قوله: ولو قال العامل: اشتريته لنفسي، وقال المالك: بل للقراض، فالقول قول العامل لأنه أعرف بقصده.
قال في "المهذب": فلو أقام المالك بينة أنه اشتراه بمال القراض ففي الحكم بها وجهان وجه المنع أنه قد يشتري لنفسه بمال القراض متعديًا فيبطل البيع، انتهى كلامه.
لم يصحح شيئا في "الروضة" أيضًا، والصحيح عدم الحكم.
(1) سقط في ب.
فقد صححه الماوردي والشاشي والفارقي وابن عصرون في "المرشد".
قال ابن عصرون: وترد العين إلى البائع، ويعاد الثمن إلى مال القراض، وجزم في "المطلب" بالحكم بالبينة وهو غريب، وكأنه لم يقف إلا على كلام الإمام، فإنه ذكر أن العامل إذا اشترى لنفسه بمال القراض لغت نيته ودفع القراض.
قوله: ليس للعامل التصرف في الخمر شراء أو بيعًا خلافًا لأبي حنيفة في الذمي، فلو خالف واشترى ودفع المال في ثمنه عن علم فهو ضامن وإن كان جاهلًا فكذلك على الأشهر، بل في "التهذيب" وجه غريب أنه لا يضمن، وأبعد منه وجه نقله في "الشامل" أنه لا يضمن حالة العلم أيضًا، لأنه قصد الفضل أي الزيادة بحسب رأيه، انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الكلام يقتضي أن صاحب "الشامل" قد صرح بعدم الضمان مع العلم، وليس كذلك بل المذكور فيه حكاية وجه مطلق عن تعليق أبي حامد أنه لا يضمن، ولم يتعرض فيه لجهل ولا علم، وحينئذ فيمكن حمله على حالة الجهل.
الأمر الثاني: أن محل هذا الوجه وهو عدم الضمان حالة العلم إذا كان العامل كافرًا، فإن كان مسلمًا ضمن قطعًا، كذا نقله في "زوائد الروضة" عن "البيان" وهو ظاهر.