المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في أركانها - المهمات في شرح الروضة والرافعي - جـ ٦

[الإسنوي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العارية

- ‌أركانها

- ‌ أحكامها

- ‌كتاب الغصب

- ‌الباب الأول: في الضمان

- ‌الركن الأول: الموجب

- ‌الركن الثاني: "في الموجب فيه

- ‌الركن الثالث: "في الواجب

- ‌الباب الثاني: "في الطوارئ على المغصوب

- ‌كتاب الشفعة

- ‌الباب الأول: في الأركان

- ‌الباب الثاني: في "كيفية الأخذ

- ‌الباب الثالث: فيما يسقط به حق الشفيع

- ‌كتاب القراض

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في حكم القراض الصحيح

- ‌الباب الثالث: في الفسخ والتنازع

- ‌كتاب المساقاة

- ‌الباب الأول: في أركانها

- ‌الباب الثاني: في أحكام المساقاة

- ‌كتاب الإجارة

- ‌الباب الأول: في أركانها

- ‌الباب الثاني: في "أحكام الإجارة الصحيحة

- ‌الباب الثالث: في "الطوارئ الموجبة للفسخ

- ‌كتاب الجعالة

- ‌كتاب: إحياء الموات

- ‌الباب الأول: في "رفات الأرض

- ‌الباب الثاني: في "المنافع المشتركة

- ‌الباب الثالث في "الأعيان الخارجة من الأرض

- ‌كتاب الوقف

- ‌الباب الأول: في أركانه

- ‌الباب الثاني: في "حكم الوقف الصحيح

- ‌الفصل الأول: في أمور لفظية

- ‌الفصل الثاني: في الأحكام المعنوية

- ‌كتاب الهبة

- ‌الفصل الأول: في أركانها

- ‌الفصل الثاني: في حكمها

- ‌كتاب اللقطة

- ‌الباب الأول: في "أركانها

- ‌الباب الثاني: في "أحكام اللقطة

- ‌كتاب اللقيط

- ‌الباب الأول: في الالتقاط

- ‌الباب الثاني: في "أحكام اللقيط

- ‌كتاب الفرائض

- ‌الفصل الأول "في بيان الورثة

- ‌ الفصل الثاني في التقديم والحجب

- ‌ الفصل الثالث في "أصول الحساب

- ‌كتاب الوصايا

- ‌الباب الأول: في الأركان

- ‌الباب الثاني: في "أحكام الوصية

- ‌القسم الأول: اللفظية

- ‌ القسم الثاني: في "المسائل المعنوية

- ‌ القسم الثالث: في "المسائل الحسابية

- ‌الباب الثالث: في "الرجوع عن الوصية

- ‌الباب الرابع: في "الوصاية

- ‌كتاب الوديعة

- ‌كتاب قسم الفيء والغنيمة

- ‌الباب الأول: في الفيء

- ‌الباب الثاني: في قسمة الغنائم

- ‌كتاب قسم الصدقات

- ‌الباب الأول: في بيان أصناف الصدقات

- ‌الباب الثاني: في كيفية الصرف إلى الأصناف

الفصل: ‌الفصل الأول: في أركانها

‌كتاب الهبة

وفيه فصلان:

‌الفصل الأول: في أركانها

قوله: في الحديث لو دعيت إلى كراع لأجبت، وفيه أيضًا لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة، انتهى.

الكراع بضم الكاف طرف رجل الغنم والبقر خاصة يذكر ويؤنث ويجمع على أكرع، ثم على أكارع، وأما طرف اليد فتسمى ذراعًا، وهو أكثر لحمًا من الكراع، وفي المثل أعطى العبد كراعا فطلب ذراعًا قاله الجوهري.

وأهل العرف يعبرون بالكارع ويطلقونه على طرف اليد والرجل معًا.

وأما الفرس بفاء مكسورة وسين مهملة مكسورة أيضًا بعدها نون هو من البعير بمنزلة الحافر من الدابة، وربما استعير في الشاة، ونونه زائدة لأنها من فرست أي قتلت أو ذبحت ونحو ذلك.

قوله: وسبيل ضبطها أن تقول التمليك لا بعوض هبة، فإن انضم إليه حمل الموهوب من مكان إلى مكان للموهوب له إعظامًا أو إكرامًا فهو هدية، وإن انضم إليه كون التمليك للمحتاج تقربًا إلى الله تعالى وطلبًا لثواب الآخرة فهو صدقة، انتهى.

تابعه في "الروضة" على تقييد الصدقة بالاحتياج مع أن الإعطاء بقصد التقرب صدقة سواء كان لغني أو فقير كما ذكره في موضعه، وكذا ذكر في "شرح المهذب" وصرح بنفي الخلاف وبحصول الثواب.

قوله: فامتياز الهبة عن الهدية بالنقل والحمل من موضع إلى موضع، ومنه إهداء النعم إلى الحرم، وكذلك لا يدخل لفظ الهدية في العقار بحال، وإنما

ص: 267

يطلق ذلك في المنقولات، انتهى كلامه.

وما ذكره من أنه لا يطلق عليه ولا مدخل له فيه، قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو غريب فسيأتي في باب النذر التصريح بخلافه، وأنه لو قال: لله علي أن أهدي هذا البيت والأرض ونحوهما مما لا ينقل صح ذلك وباعه ونقل ثمنه.

قوله: الركن الأول والثاني العاقدان وتركهما الغزالي لوضوح أمرهما، انتهى.

وما ذكره من الوضوح تبعه عليه في "الروضة" فقال: وأمرهما واضح لكنه سيأتي من كلام الرافعي في كتاب اللقيط في الكلام على نفقته مسألة هي محل نظر، وقد توقف فيها هو -أعني: الرافعي- وهي ما إذا وهب للجهة كالمساكين واللقطاء هل تصح أم لا؟ وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في بابها وذكر أيضًا في كتاب اللقيط وفي هذا الباب أن المسجد يصح تمليكه ويقبله القيم وهذه المسألة من ذوات النظر المتوقفة على نقل صريح.

لا جرم أنه في كتاب الوصية نقل عن بعضهم أنه إذا أوصى للمسجد وأراد به تمليكه، فإن الوصية لا تصح، ثم إنه توقف فيه، وقال: قد تقدم ما يخالفه.

قوله: وهب له شيئًا فقبل نصفه أو وهب له عبدين فقبل أحدهما ففي صحته وجهان، والفرق بينه وبين البيع أن البيع معاوضة، انتهى كلامه.

لم يصحح شيئًا في "الروضة" أيضًا والمرجح إلتحاقه بالبيع حتى لا يصح، فإنه لو وهب لاثنين فقبل أحدهما نصفه كان كالبيع حتى لا يصح على الأصح، وقيل لا تلتحق بالبيع بل تصح قطعًا، كذا ذكره الرافعي في الكلام على الركن الرابع، وهو نظير مسألتنا، بل هذه أولى بعدم الصحة لأن الهبة لاثنين صفقتان ومسألتنا صفقة واحدة، ولهذا جزموا بالبطلان في

ص: 268

نظير مسألتنا من البيع وترددوا في تلك.

قوله: ناقلا عن "زيادات العبادي" ولو ختن ابنه واتخذ دعوة فحملت إليه هدايا، ولم يسم أصحابها الأب ولا الابن فهل تكون للأب أم للابن؟ فيه وجهان، انتهى.

قال في "الروضة" من "زياداته": الأقوى والأصح أنها للأب، لأن الناس يقصدون التقرب إليه.

قوله من "زياداته": وقبول الهدية التي يجيء بها الصبي المميز جائز باتفاقهم وقد سبق في البيع. انتهى.

هذه المسألة مذكورة في ثلاث مواضع من "الروضة" واختلف كلامه فيها من ثلاثة أوجه، وقد سبق إيضاحها في البيع.

قوله: والعمري أن يقول: أعمرتك هذه الدار مثلا أو يقول جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت، ثم له أحوال: أحدها: أن يقول مع ذلك فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك فيصح وهي الهبة بعينها، لكنه طول العبارة، فإذا مات فالدار لورثته، فإن لم يكونوا فلبيت المال. انتهى.

تابعه في "الروضة" على التعبير بالورثة والعقب مع الحكم المذكور وهو مشكل متدافع لأن العقب موضوع للأولاد وأولاد الأولاد سواء كانوا وارثين أم لا فتدخل فيه البنت وبنت البنت، وابن البنت، والورثة لا يخفى حكمهم فالعقب قد لا يكون وارثًا، والوارث قد لا يكون عقبًا، فإذا خلف مثلًا أخًا وبنتا فمقتضى التعبير بالإرث أن يكون نصفين، ومقتضى التعبير بالعقب إنفرد به الأخ على التعبير بالإرث، وينفرد به ابن البنت على التعبير بالعقب، وإذا خلف ابنًا وابن ابن وغير ذلك، اختص به الابن على الإرث، واشترك الجميع على العقب، وقس على هذه الأمثلة فالحكم الذي ذكره وهو كونه معنى الهبة المطلقة، وأنه يكون إرثًا لا يستقيم في العقب، ولا شك أن

ص: 269

جعلها للعقب يقتضي خروجها عن الهبة الصحيحة لأن مقتضاها إنما هو الانتقال إلى الورثة، وقد اقتصر الشيخ في "التنبيه" و"المهذب" على العقب، وجعلها لهم بعد موته.

قوله: في المسألة الحال الثاني أن يقتصر على قوله جعلتها لك عمرك، فالجديد صحتها وتكون أيضًا هبة.

الثالث: أن يقول فإذا مت عاد إلي فالصحيح أن حكمه حكم الإطلاق في الصحة لظاهر الحديث، ثم قال بعد ذلك فلو علق بموته فقال: إذا مت فهذه الدار لك عمرك [فإذا مت عادت إلى ورثتي](1) فهى وصية تعتبر من الثلث فلو قال: إذا مت فهي لك عمرك فإذا مت عادت إلى ورثتى فهى وصية بالعمري على صورة الحالة الثالثة، انتهى.

ومقتضى كلامه في المسألة الأخيرة إطلاقًا وتشبيهًا بالحالة الثالثة أن ذلك يكون تمليكًا مستقرًا لا يرجع إلى الواهب وحينئذ فيكون ذلك يأتي أيضًا في ما قبلها بطريق الأولى، ووقع في "الروضة" في الباب الثالث من كتاب الإجارة أن المنافع تعود بموت الموصى له إلى ورثة الموصي وهو غلط قد تقدم إيضاحه في موضعه فراجعه.

قوله: فرع: لو باع على صورة العمري، فقال: ملكتكها بعشرة عمرك.

قال ابن كج: لا يبعد عندي جوازه تفريعًا على الجديد، وقال أبو علي الطبري: لا يجوز. انتهى.

فيه أمران:

أحدهما: أن الصحيح المعروف في المذهب هو البطلان فقد قطع به الماوردي في "الحاوي" في هذا الباب، ثم أنه بعد ذلك بدون الصفحة نقل القطع به أيضًا عن ابن سريج، وأبي إسحاق المروزى.

(1) سقط من أ.

ص: 270

الثاني: أن ما حكاه عن ابن كج احتمالًا هو وجه ثابت، فقد نقله الروياني في "البحر" عن ابن خيران.

قوله: فما جاز بيعه جازت هبته وما لا يجوز بيعه من مجهول أو معجوز عن تسليمه لا تجوز هبته، هذا هو الغالب وربما اختلفا، وفي التفصيل صور إلى آخره.

اعلم أنه رحمه الله لما ذكر الصور التي أشار إليها لم يذكر فيها شيئًا يخالف البيع إلا على وجه ضعيف، فيقتضي ذلك أنه لا يستثنى من القاعدة شيء وأن ما جاز بيعه جازت هبته وما لا فلا، ووقع نحوه في "الشرح الصغير" و"الحاوي الصغير" و"الروضة" وحينئذ فيستفاد منه أن هبة ما لا يتمول لقلته كحبتي الحنطة غير صحيحة وقد صرح به الرافعي في الباب الثاني من كتاب اللقطة في الكلام على أن واجد القليل هل يعرفه، ولم يذكره في "الروضة" هناك.

إذا علمت ذلك فقد ذكر النووي، في "المنهاج" هنا أنه تجوز هبة ذلك وأدخله في كلام الرافعي، ثم نبه عليه في "الدقائق" وصرح أيضًا بجوازه، وزاد علي ذلك فادعى أنه لا خلاف في الجواز وهو موضع غريب جدًا.

قوله في أصل "الروضة": والصحيح وبه قطع المتولي أنه لا يشترط في الهدية إيجاب ولا قبول. انتهى كلامه.

وما ادعاه من أن المتولي قد قطع بذلك غريب وباطل فقد حكى المتولي في "التتمة" هذا الخلاف في موضعين من هذه المسألة، والغريب أن النووي قد نقله عنه في "الروضة" بعد هذا بأسطر في الكلام على تأخير القبول.

قوله: في "الروضة" ويجري الوجهان في هبه الكلب وجلد الميتة قبل الدباغ والخمر المحترمة والأصح من الوجهين في هذه الصور كلها البطلان إلى أخره.

ص: 271

وما ذكره هنا من تصحيح المنع في جلد الميتة قد جزم في باب الأواني بما يخالفه، وقد سبق التنبيه عليه هناك.

قوله: وهبة الدين ممن هو عليه إبراء فإن قلنا لا يحتاج الإبراء إلى القبول ففي هبته وجهان، إن نظرنا إلى اللفظ: اعتبرناه، ويحكى هذا عن ابن أبي هريرة، وإن نظرنا إلى المعنى: فلا، قال في "الشامل" وهو المذهب، انتهى.

لم يصرح هنا بتصحيح، وقد اختلف كلامه في الراجح منها فجزم في "المحرر" و"الشرح الصغير" هنا بعدم الاشتراط، وصرح بتصحيحه في الشرحين "الكبير" و"الصغير" في الباب الرابع من أبواب الصداق في الطرف الرابع منه وستعرف لفظه هناك إن شاء الله تعالى وحاصله أنه رجح في هذه المواضع كلها معاني العقود على لفظها.

إذا علمت ذلك فقد ذكر في كتاب الصلح ما يخالفه فرجح اعتبار اللفظ، وقد تقدم ذكر لفظه هناك فراجعه، وذكر في هذا الباب بعد هذه المسألة ما يشعر برجحان المعنى فقال: فرع عن صاحب "التقريب" من عليه الزكاة لو وهب دينه على المسكين بنية الزكاة لم يقع الموقع لأنه إبراء وليس بتمليك، ثم قال ولك أن تقول ذكروا وجهين في أن هبة الدين ممن عليه الدين تتنزل منزلة التمليك أم هو محض إسقاط؟ وعلى هذا خرج اعتبار القبول فيها، فإن أعطيناها حكم التمليك وجب أن يقع الموقع، انتهى كلامه.

فحكم بعدم احتياجها إلى القبول [على القول](1) بأنها إسقاط ووقعت هذه المواضع في "الروضة" و"المنهاج" كما وقعت للرافعي، وزاد فصرح في أصل "الروضة" من هذا الباب بأن المذهب عدم اشتراطه ولم يسنده لصاحب "الشامل"، كما أسنده إليه الرافعي، واعلم أن كلامه في هذا الفرع الذي نقله هنا عن صاحب "التقريب" يقتضي أنه لم يقف على خلاف في إجزائه

(1) سقط من أ.

ص: 272

عن الزكاة ولأجل هذا ذكره بحثًا، وقد تبعه عليه في "الروضة"، وصرح أعني النووي في "الروضة" أيضًا قبل ذلك في قسم الصدقات بحكاية وجهين.

فقال: من "زياداته" في الصنف السادس المعقود للغارمين ولو كان عليه دين فقال جعلته عن زكاتي لا يجزئه على الأصح حتى يقبضه ثم يرده إليه إن شاء وعلى الثاني يجزئه كما لو كان ودعية حكاه في "البيان" هذا لفظه.

فإذا قيل [بأنه يقع](1) هنا فبالأولى أن يقال به في صريح الهبة لأن الجعل دونه في الصراحة.

قوله: ولا يحصل الملك في الهبات والهدايا إلا بعد حصول القبض، ثم قال: وفيه قولان آخران أحدهما: أنه يحصل الملك بنفس العقد، والثاني: أن الملك موقوف فإذا وجد القبض تبينا حصوله من العقد، انتهى.

واعلم أنه جزم في باب الإستبراء بما حاصله القول الثالث، وسأذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى.

قوله: القبض في العقار والمنقول كما سبق في البيع، وحكينا هناك قولًا أن التخلية في المنقول قبض.

قال المتولي: لا جريان له هنا لأن القبض هناك مستحق وللمشتري المطالبة به فجعل التمكين قبضًا، وفي الهبة غير مستحق فاعتبر بحقيقة، ولم يكتف بالوضع بين يديه. انتهى.

وما ذكره هنا موجود بعينه في المرهون فيكونان سواء بلا شك، فقد سبق في الرهن تصحيح جريان القول فيه فيكون الصحيح جريانه أيضًا هنا على خلاف ما نقله عن "التتمة" فاقتصر عليه، وقد سبق ذكر لفظه هناك فراجعه ووقع الموضعان في "الروضة" كما في الرافعي.

(1) سقط من أ.

ص: 273