الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في "الأعيان الخارجة من الأرض
"
قوله: فالمعادن الظاهرة وهي التي تبدو جواهرها بلا عمل، وإنما السعي والعمل لتحصيله فلا يملكها أحد بالإحياء. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" ومحله إذا كان معلومًا، فإن لم يكن، ففي "المطلب" عن الإمام أنه يملكه بالإجماع، وأنه أصح الوجهين في "التهذيب" للبغوي.
قوله: وذلك كالنفط والقار ونحوهما فإنها فوضى لما روى أن أبيض بن حمال المأربي استقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم ملح مأرب، فأراد أن يقطعه (1)، ويروى فأقطعه فقيل: إنه كالماء العد (2) فقال: فلا إذن. انتهى.
أما فوضى فالفاء والصاد المعجمة، أي: لا يختص بأحد.
وأما أبيض: فضد الأسود، وأما حمال: فهو بحاء مهملة مفتوحة ثم ميم مشددة بعدها لام.
وأما المأربي: فنسبة إلى مأرب وهي بهمزة ساكنة ثم راء مهملة مكسورة بعدها باء موحدة ويقال: إن أبيض المذكور من الأزد حكاه جميعه في "الإكمال".
(1) أخرجه أبو داود (3064)، والترمذي (1380)، وابن ماجه (2475)، والدارمي (2608)، وابن حبان (4499)، والدارقطني (3/ 76)، والطبراني في الكبير (808)، وابن أبي شيبة (6/
473)، والبيهقي في الكبرى (11608)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2470) وابن الأثير في أسد الغابة (1/ 28)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (5/ 523)، والمزي في تهذيب الكمال (27/ 6)، والبخاري في التاريخ الكبير (2/ 59)، والخطيب في تاريخ بغداد (14/ 160) وابن عساكر في تاريخ دمشق (64/ 150).
قال الترمذي: حديث غريب.
وقال الألباني: حسن.
(2)
يأتي تونيه قريبا.
وأما العد فهو بعين مكسورة مهملة ودال مهملة مشددة، وهو: الماء الذي له مادة لا تنقطع كماء البئر والعين، والحديث رواه الشافعي.
قوله: ولو قال مالك المعدن: اعمل فما استخرجته فهو لك أو قال: استخرج لنفسك إلى آخره.
هذه المسألة سبق الكلام عليها في الباب الثاني من أبواب الإجارة.
قوله: فيسقي الأول أرضه ثم يرسله الثاني ثم يرسله الثاني إلى الثالث، لأنه عليه الصلاة والسلام قضى في الشرب أن للأعلى أن يسقي قبل الأسفل، انتهى كلامه.
المراد بالأول هو الذي لم يتقدمه أحد وبالثاني: هو الذي أحيا بعد الأول وهكذا قياس الباقي، وليس المراد الأقرب إلى أصل النهر فالأقرب، لأن الاعتبار بالسبق فلذلك اعتبرناه فتفطن له.
قوله: حين خاصمه الأنصاري في شراج الحرة، ثم قال: والشراج جمع الشرج وهو النهر الصغير، انتهى.
الشرج بشين معجمة مفتوحة وراء ساكنة بعدها جيم.
قال الجوهري: هو سبيل الماء في الحرة إلى السهل.
والحرة بحاء مهملة مفتوحة بعدها راء مشددة، وهي أرض ذات حجارة سود.
وقال ابن الأثير: الترج بالتاء وهو المسيل.
والشرج: جمع لها والشراج جمعها.
قوله: ولو كان أرض الأعلى بعضها مرتفعًا وبعضها منخفضًا، ولو سقيا معًا لزاد الماء في المنخفضة على الحد، أفرد كل بعض بالسقي بما هو طريقه، انتهى.
وطريقه كما قاله صاحب "التنبيه" وغيره أن يسقي المنخفض حتى يبلغ الكعبين ثم يسده ثم يسقي المرتفع.
قوله: وإذا تنازع اثنان أرضاهما متحاذيتان أو أراد شق النهر من موضعين متحاذيين يمينًا وشمالًا، فهل يقرع أو يقسم بيهما أو يقدم الإمام من يراه؟ ثلاثة أوجه حكاها العبادي، انتهى.
والأصح هو الإقراع كذا صححه في "الروضة".
قوله: وتنقية هذا النهر وعمارته يقوم بها الشركاء بحسب الملك، وهل على كل واحد عمارة الموضع المتسفل عن أرضه وجهان:
أحدهما: لا؛ وبه قطع ابن الصباغ لأن المنفعة فيه للباقين.
والثاني: نعم، وهو الأصح عند العبادي لإشتراكهم وانتفاعهم به، انتهى.
هذا الكلام كله يوهم وجوب عمارة النهر على ملاكه، مع أنه في كتاب الصلح قال: إن فيه القولين في عمارة الجدار، فيكون الجديد عدم الوجوب.
قوله: وإن تنازع شركاء النهر في قدر أراضيهم فيجعل على قدر الأراضي، لأن الظاهر أن الشركة تحسب بحسب الملك، أو بالتسوية لأنه في أيديهم؟ فيه وجهان: الظاهر أن الشركة بحسب الملك، انتهى.
قال في "الروضة": أصحهما الأول.
قوله: والبئر المحفورة على قصد الإرتفاق دون التملك، الحافر أولى بها وليس له منع ما فضل عنه عن المحتاج إليه للشرب، ثم قال: وله أن يمنع غيره من سقى الزرع به، لأن الحيوان أعظم حرمة، وللإمام فيه احتمال من حيث أنه لم يملكه والاختصام إنما يكون بقدر الحاجة، وبهذا أجاب في "التتمة" فحصل وجهان، انتهى.
وما رجحه ههنا من جواز المنع قد رجح خلافه في "الشرح الصغير" فقال ما نصه: والأشبه أنه لا يمنع من السقي للزرع به أيضا هذا لفظه، ولم
يذكر فيه غيره.
قوله: ولا يجب على مالك البئر بذل الفاضل عن حاجته لذرع الغير، وفيه وجه، وفي البذل للماشية وجهان أصحهما: الوجوب.
ثم قال: التفريع شرط الماوردي لوجوب البذل شروطًا:
أحدها: أن لا يجد صاحب المواشي كلأ مباحًا.
والثاني: أن يكون هناك كلأ يرعي وإلا فلا يجب، وفي "التتمة" ذكر وجهين في هذا الشرط، انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن تعبيره في الشرط [الأول بقوله: كلأ مباحا، قد وقع كذلك في نسخ الرافعي وهو سهو، والمراد الماء، وقد تفطن له في "الروضة" فأصلحه.
الأمر الثاني: أن الصحيح في الشرط] (1) الثاني هو ما قاله الماوردي، كذا صححه النووي في "أصل الروضة"، والغريب أنه لم يصححه على طريقة إثبات الخلاف، بل جعل المسألة ذات طريقين، وصحح طريقة القطع.
قوله: ثم عابروا السبيل يبذل لهم ولمواشيهم وفي من أراد الإقامة في الموضع وجهان، لأنه لا ضرورة به إلى الإقامة، انتهى.
والأصح الوجوب كذا قاله في "الروضة".
قال الماوردي: وحيث وجب البذل مكنت الماشية من حضور البئر بشرط أن لا يكون على صاحب الماء ضرر في زرع ولا ماشية، فإن لحقه ضرر بورودها منعت، لكن يجوز للرعاء إستقاء فضل الماء لها.
قوله: من "زوائده": قال الماوردي: وإذا لم يوجد شرط وجوب البذل جاز
(1) سقط من أ.
لمالكه أخذ ثمنه إذا باعه مقدرًا بكيل أو وزن ولا يجوز بيعه مقرًا بري الماشية ولا الزرع، والله أعلم.
وما ذكره عن الماوردي من المنع في مسألة الري قد ذكر في "شرح المهذب" ما يمنعه، أو يحوج إلي الجميع بينه، فقال في باب ما نهى عنه من بيع الغرر: أجمعوا على جواز الشرب من ماء السقاء بعوض مع اختلاف أحوال الناس في الماء، هذا لفظه.
قوله: ولو باع الماء مع قراره، نظر إن كان جاريًا، فقال: بعتك هذه القناة مع مائها، أو لم يكن جاريًا.
وقلنا: الماء لا يملك لم يصح البيع في الماء، وفي [القرار](1) قولا تفريق الصفقة، وإلا فيصح، انتهى.
وما ذكره من عدم صحة البيع في الماء تابعه عليه في "الروضة"، وقد سبق من "زوائده" في آخر البيوع المنهي عنها عن القفال: أنه يصح، وأقره عليه، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه.
وما ذكره أيصًا في الأرض من تخريجها على قولي تفريق الصفقة كيف يستقيم مع أن الماء المذكور مجهول؟ ، وقد سبق في تفريق الصفقة أن ما لا يجوز إذا كان مجهولًا، فإنا نبطل البيع في الجميع على الصحيح بناء على الإجارة بالقسط والتقسيط غير ممكن للجهالة.
قوله: ولو باع بئرا أو دارا فيها بئر ماء وقلنا: الماء لا يملك، فقد أطلقوا أن المشتري أحق بذلك الماء وليحمل على ما نبع بعد البيع، فأما ما نبع قبله فلا معنى لصرفه إلي المشتري، انتهى.
وهذا التأويل الذي قاله الإمام الرافعي فاسد كما قاله في "الروضة"، فقد صرح الأصحاب بأن المشتري على هذا الوجه أحق بالماء الظاهر لثبوت
(1) في ب: الماء.
يده على الدار، وتكون يده كيد البائع في ثبوت الاختصاص به.
واعلم أنا إذا فَرَّعْنا على أن الماء يملك، ففيه كلام سبق ذكره في البيع.
قوله: ولو أراد أن يتخذ مواتًا مزرعة فإن كانت تحتاج إلى ما يساق إليها لزم تهيئته ثم إذا هيأه، نظر إن حفر له الطريق ولم يبق إلا إجراء الماء فيه كفى ولم يشترط الإجراء ولا سقى الأرض، وإن لم يحفر بعد فوجهان، انتهى.
لم يرجح في "الروضة" شيئًا من هذين الوجهن أيضًا، والراجح منهما: أنه يكفي التهيئة ولا يشترط الحفر أيضًا، كذا رجحه الرافعي في "الشرح الصغير"، فقال: إنه الأشبه وهو مقتضى كلام "المحرر" فإنه اكتفى بالترتيب.
قوله: الرابعة: إذا قصد بستانًا أو كرمًا فلابد من التحويط إلى آخره.
اعلم أن الغزالي في "الوجيز" قد ذكر أنه لابد من نصب الباب أيضًا ولم يتعرض له الرافعي في عد الشروط، ثم بعد ذلك ظن أنه ذكره فنبه على إعلامه بالواو فقال: وفي ما قدمناه ما يعرفك أنه يجوز إعلام قوله تعليق الباب وحفر الأنهار وسوق الماء إليه بالواو.
هذا كلامه، مع أنه لم يتقدم التعرض لاشتراطه فضلا عن التعرض للخلاف فيه، ثم إن النووي رأى في كلام الرافعي أن ذلك كله تقدم فظن صحته فأسقطه، فلزم خلو "الروضة" عنه بالكلية، ولم يتعرض له أيصًا في "المحرر" و"مختصره".
قوله نقلًا عن الإمام: وتوحل الصيد في أرضه التي سقاها لا يقتضي الملك وإن قصده انتهى كلامه.
وما نقله عنه هنا من عدم الملك وأقره قد ذكر في كتاب الصيد خلافه، والغريب أنه من كلام الإمام أيضًا، وسوف أذكر لفظه إن شاء الله تعالى في موضعه فراجعه.
قوله: وإذا قصد نوعًا وأتى بما يملك به نوعًا آخر ما الحكم فيه؟ أجاب
الإمام: بأنه يفيد الملك حتى إذا حوط البقعة يتملكها، وإن قصد المسكن، لأنه مما يملك الزريبة لو قصدها.
والجواب عنه: أنه مخالفة صريحة لما قاله الأصحاب لما فيه من الاكتفاء بأدنى العمارات أبدًا، انتهى كلامه.
واعلم أن الإمام معترف بأن الأصحاب على خلاف ما ذكره، وإنما قاله بحثًا واستشهد له فقال: مجازي كلام الأصحاب دالة على اختلاف [صفة الإحياء باختلاف](1) المقصود في المحيى، وكنت أود أن يقال كما يحصل الملك في تبعه إذا انضم إليه القصد، فإنه يحصل الملك، وإن فرض القصد في جهة أخرى لأن ما كان سببًا في تملك المباح، فليس للقصد فيه وقع، فإن من تبع ظبية يبغى امتحان شدة سعي نفسه فأدركها وضبطها ملكها، وإن لم يخطر له قصد التملك، وكذا لو احتشى حشيشا ليتخذ منه مقعدًا يجلس عليه إذا ركب ملكه وإن لم يقصد تملكه هذا كلامه.
ثم قال: وهذا بنيته على وجه من رأى مع تشبث بطرق من النقل، وهو احتمال لصاحب "التقريب" في بعض صوره مع الاعتراف بأن طريقة الأصحاب في المسلك الظاهر تخالفه، انتهى.
وإذا ظهر لك كلام الإمام تعجبت من الرافعي ثم من النووي في جميع ما قالاه، وكيف يجاب الباحث المعترف بمخالفته للنقل، بأن المنقول خلافه؟ !
قوله: وإذا حفر بئرًا في الموات للتملك فإذا وصل إلى الماء كفى إن كانت الأرض صلبة وإلا وجب أن يطوي، انتهى.
يقال: طويت البئر طيًا، إذا بنيتها.
قوله: وإذا حفر نهرًا ليجري الماء فيه على قصد التملك، فإذا انتهت فوهة البئر الذي يحفر أي رأسه إلى النهر القديم وجرى الماء فيه ملكه، كذا قاله
(1) سقط من أ.
البغوي وغيره وفي "التتمة": أن الملك لا يتوقف على إجراء الماء فيه، لأنه استقاء منفعة كالسكون في الدار، انتهى.
رجح في "الروضة" الوجه الثاني، فقال: إنه أقوى.
قوله: فرع: سقي أرضه بماء غيره المملوك له فالربع لصاحب البذر وعليه قيمة الماء، قال الحناطي: ولو استحل من صاحب الماء كان الطعام أطيب. انتهى كلامه.
وما ذكره هنا من لزوم القيمة سهو تبعه عليه في "الروضة" أيضًا، والصواب: إيجاب مثل الماء لا قيمته، فإن الماء مثلي كما سبق في الغصب ولم يخالفوا هذه القاعدة في الماء إلا إذا غصبه في مفازة ثم قدم البلد فإنه لا يرد مثله لأنه لا قيمة له هنا غالبًا.
وقد ذكرها ابن الصلاح في "فتاويه" على الصواب فقال: إنه يجب مثله محصلًا في الموضع الذي أخذه منه من قناة أو غيرها.