الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الفرائض
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول "في بيان الورثة
"
قوله: أصل الفرض في اللسان الحز والقطع وفرض القوس أفرضته الحز الذي يقع فيه الوتر، وفرضه النهر ثلمته التي يستقي منها.
أعلم أن الفاء مفتوحة في ما عرى عن التاء من هذه الأمثلة ومضمونة في ما دخلت عليه كما قاله الجوهري وغيره.
قوله: فالفرض العطية الموسومة يقال: ما أصاب منه فرضًا ولا قرضًا. انتهى.
اعلم أن هذا الكلام قد ذكره الجوهري بلفظه ولا شك أن الرسم في اللغة مطلق على الكتابة، قال الجوهري رسم على كذا وكذا أي كتب، والوشم بالواو يطلق علي العلامة فيجوز أن يكون اللفظ المذكور بالراء ومعناه العطاء المكتوب في الديوان، ولهذا قال الجوهري عقب ذكره لهذا الكلام فرضت له في الديوان، ويجوز أن يكون بالواو، وهو المذكور في الصحاح، ومعناه العطية التي أعلم، وبين الوقت الذي لها.
قوله: وإن تعلق كالمرهون والعبد الجاني والمبيع إذا مات المشتري مفلسا قدم حق الغير. انتهى.
وهذا الموضع فيه أشياء مهمة سبق إيضاحها في الجنائز فلتطالع منه.
قوله: فمن مات، ولم يخلف من يرثه فماله لبيت المال يرثه المسلمون وفيه وجه آخر أنه يوضع ماله في بيت المال على سبيل المصلحة لا إرثًا له لأنه لا يخلو عن ابن عم، وإن بعد ثم قال: وأقامه القاضي الروياني قولًا عن رواية ابن اللبان، وانتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن كلامه يقتضي أن حكايته قولًا غريبًا غير معروف، وكلامه هو الغريب، فقد نص عليه الشافعي في "الأم" في كتاب الخلاف في المواريث، ولم يحك غيره.
الثاني: أن التعليل بكونه لا يخلو عن ابن عم وإن بعد ليس بلازم، فإن ابن الزنا لا عصبة له، وكذلك المنفي باللعان، وقد يكون هذا الميت من أحد القسمين.
قوله: نقلًا عن المتولي فإن جعلناه إرثًا لم يجز صرفه إلى المكاتبين والكفار وفي جواز صرفه إلى العامل وجهان:
وجه الجواز أن يهمه الاستعجال لا يتحقق هنا لأنه لا يتعين مصرفًا ماله وفي من أوصى له بشيء وجهان أيضًا: أحدهما: لا لأن لا يجمع بين الوصية والإرث ويخير بينهما والثاني، انتهى.
والأصح على ما قاله في "الروضة" هو المنع في الأولى والجواز في الثانية.
قوله: وإذا لم يحلف من يستغرق المال فهل يرد على ذوي الفروض غير الزوجين؟ فإن لم يكن صرف إلى ذوي الأرحام أو لا بل ينتقل الميراث إلى بيت المال فيه وجهان، أصحهما الثاني، هذا إذا استقام أمر بيت المال، فإن لم يستقم أمره، فإن لم يكن هناك إمام أو كان ولكنه جائر ففيه وجهان، صحح الشيخ أبو حامد والشيخ أبو إسحاق في "المهذب" الثاني، وأفتى أكابر المتأخرين وبالأول، انتهى ملخصًا.
والصحيح هو الأول كذا نقله في "الروضة" من زوائده عن المحققين.
وقال الماوردي في الحاوي: إنه مذهب الشافعي والذي ذكره المتأخرون، واقتضى كلام "الروضة" ترجيحه يشكل على قولهم إنه يجوز إعطاء الزكاة
إلى الإمام الجائر.
قوله: فإن فضل شيء وقلنا: لا يصرف إلى ذوي الأرحام، فإن كان في يد أمين نظر إن كان هناك قاضي بشرطه مأذون له في التصرف في مال المصالح دفع إليه ليصرفه فيها، وإن لم يكن قاض بشرطه صرفه الأمين بنفسه إلى المصالح، وإن كان قاضي بشرطه غير مأذون له بالتصرف فهل يدفعه إليه أم يصرفه الإمام بنفسه؟ فيه وجهان في "التتمة"، وحكى أبو الفرج الزاز وجهًا أنه يوقف إلى أن يظهر بيت المال ومن يقوم مقامه بشرطه، وأما إذا لم يكن في يد أمين فيدفعه إليه ليفرقه. انتهى.
والأصح هو الوجه الأول، فقد ذكر الرافعي في كتاب الشهادات في الكلام على التوبة ما يقتضيه كما سنقف على عبارته هناك وصرح بتصحيح هنا النووي من زوائده فقال: الثالث ضعيف، والأولان حسنان وأصحهما الأول ولو قيل يتخير بينهما لكان حسنًا، قال: بل هو عندي أرجح.
قوله: وتقدم عليه أن من له سهم مقدر في الكتاب أو السنة فهو صاحب فرض، ومن ورث بالإجماع ولا فرض له فهو عصبة وقولنا بالإجماع احتراز من ذوي الأرحام. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على هذا الضابط، ويرد عليه أمران:
أحدها: إن لنا من يرث بالتعصب وهو ذو فرض كابن عم هو أخ لأم، أو زوج الثاني إن لنا في إرثه خلاف وهم عند من ورث عصبة كالقاتل والتوأمين المنتقيين بلعان، فصوابه أن يقال: من ورث مجمع على التوريث بمثله بلا تقدير فهو عصبة.
قوله: وأما العصبة فضربان عصبة بنفسه وهو كل ذكر يدلي إلى الميت بغير واسطة أو يتوسطه محض الذكورة. انتهى.
والجد الذي ذكره لا يطرد فإن الجد صادق على الزوج، ولهذا عده
الغزالي وغيره مما يدلي إلى الميت بنفسه كما قاله في "الروضة" ومع ذلك فإنه ليس بعصبة، ولا ينعكس أيضًا بخروج المعتقة.
قال في "الروضة": ينبغي أن يقول: هو كل معتق وذكر نسيب يدلي إلى آخر ما تقدم.
قوله: وظاهر قول الله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} أن تنقص الأم عن الثلث باثنين منهم لكن يعبر بلفظ الجمع عن الاثنين فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الاثنان فما فوقهما جماعة". انتهى.
وهذ الكلام الذي قاله رحمه الله غير مستقيم، فإن الجمع الذي هو حقيقة في الثلاث ويطلق على الإثنين مجازًا على المعروف وحقيقة على قول إنما هو في اللفظ المسمى بالجمع في اللغة كرجال ومسلمين وهم، وأما صيغة الجمع أي الجيم والميم والعين، وما يصرف منها، فهو ضم شيء إلى شيء، ويطلق على الاثنين حقيقة بلا نزاع كما هو مقرر في علم الأصول، وصرح به الأمدي في "الأحكام" وابن الحاجب في "المختصر الكبير"، وقد أوضحت ذلك في "شرح المنهاج الأصولي" فلتطالع منه.
قوله: عن قبيضة بن ذؤيب إلى آخره.
قبيضة بقاف مفتوحة وباء موحدة مكسورة وصاد مهملة وهو التابعي المشهور المجمع على توثيقه وجلالته، ولد عام الفتح على المشهور كما قاله النووي في تهذيبه والقبيضة في اللغة كما قاله الجوهري هو ما تناولته بأطراف أصابعك.
قوله: وعن بريدة.
هو مصغر على وزن جهينة، وفي أوله باء موحدة.
قوله: ويرث الأب بالفرض والتعصيب كما إذا اجتمع معه بنت أو بنت ابن فله السدس بالفرض للآية والباقي بالتعصيب للحديث، وهل الجد
كالأب؟ اختلف فيه الفرضيون. فقيل: نعم؛ وقيل: لا؛ بل نقول للبنت النصف والباقي للجد لأنا إنما جمعنا بينهما في حق الأب لظاهر الآية وهذا الخلاف يرجع إلى العبارة وما يأخذانه واحد. انتهى ملخصًا.
لم يصحح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا.
وقال في "الروضة" من "زياداته": الأصح الأشهر هو الأول، وما أطلاقاه من كون الخلاف لفظيا ليس كذلك، بل فائدته في ما إذا أوصى بجزء وبما تبقى بعد الفرض كثلثه أو نصفه.
قوله: لما روى عن هزيل بن شرحبيل. . . . إلى آخره.
هزيل: بضم الهاء وفتح الزاي بالمعجمة تابعي جليل، قيل: إنه أدرك الجاهلية، كذا قاله النووي في "تهذيبه".
قال: وشرحبيل بضم الشين المعجمة أعجمي غير مصروف.
قوله: في المسألة المعروفة بالمشرَّكة قال أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله-: يسقطان يعنى الأخوين الشقيقين، وحكاه أبو بكر بن لال قولًا للشافعي. انتهى.
والمشركة بفتح الراء وكسرها، ولال بلامين بينهما ألف على وزن مال، كما تقدم إيضاحه في مقدمة الكتاب.
قوله: وبنو الأخوة كالأخوة لكن يخالفونهم في أربعة أمور، يحجبهم الجد ويسقطون في الشركة ولا يعصون أخواتهم ولا يردون الأم من الثلث إلى السدس بخلاف أبائهم. انتهى.
أهمل رحمه الله ثلاثة أمور أخرى مشهورة عند الفرضيين وقد نبه عليها في "الروضة":
أحدها: أن بني الأخوة لا يرثون مع الأخوات إذا كن عاصبات مع البنات.
الثاني: أن الأخ من الأب يحجب بني الأخ من الأبوين ولا يحجبهم.
الثالث: أن الإخوة للأبوين يحجبون الإخوة للأب، وأولادهم لا يحجبونهم.
قوله: قال صلى الله عليه وسلم: "أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات، يرث الرجل أخوه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه"(1) انتهى.
وسميت الأخوة الأشقاء: بني الأعيان، لأنهم من عين واحدة، وسميت أخوة الأب فقط بني العلات، بالعين المهملة واللام المشددة وبالتاء المثناة في آخره، لكونه قد تزوج ثانية بعد أولى قد كانت عنده مأخوذ من قولهم عله يعله عللا بفتح العين، إذا سقاه السقية الثانية. قال الجوهري.
(1) أخرجه الترمذي (2094)، (2095)، وابن ماجه (2715)، وأحمد (1221)، والحاكم (7967)، والدارقطني (4/ 86)، وأبو يعلى (625)، والبزار (839)، وعبد الرزاق (19003)، وابن أبي شيبة (6/ 294)، والبيهقي في الكبرى (121080)، والحميدي (55)، وابن المبارك في مسنده (165) وابن عساكر في تاريخ دمشق (38/ 351) من حديث علي رضي الله عنه، قال الألباني: حسن.