الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: في "أحكام الوصية
"
وهي ثلاثة أنواع: لفظية، ومعنوية، وحسابية:
القسم الأول: اللفظية
وفيه طريقان الأول في الموصى به.
قوله: ولو أطلق الوصية بالجارية ففي دخول الحمل فيها وجهان: أظهرهما في ما دل عليه كلام الأئمة الدخول كالبيع ولا تبعد الفتوى بالمنع بخلاف البيع، لأن الحمل لا يفرز بالبيع فجعل تبعًا، ويفرد بالوصية فلا يمنع، ولأن الأصل تنزيل الوصية على المتقين ولأن الوصية عقد ضعيف لا يليق بحالها الاستتباع. انتهى ملخصًا.
والعلل التي ذكرها مردودة، فأما الأولى فلأنها تنكسر بالبناء والفراس الحاصلين في الأرض فإنهما يبيعان الأرض في بيعها مع إمكان إفرادهما بالبيع.
وأما الثانية: فلأن الأصل في العقود كلها تنزيلها علي المتيقن أو الظاهر القريب منه.
وأما الثالثة: فمتقوضة بالرهن فإنه عقد ضعيف باعتراف الرافعي هناك حيث فرق بين دخول البناء والفراس في البيع وبين عدم دخولهما في الرهن مع أن للحمل مدخل فيه تبعا للأم، ويدل على صحة مقالة الأكثرين ما ذكره في العتق أنه لو أعتق أمته الحامل مملوك له عتق الحمل أيضًا، ولو أعتق الحمل عتق ولم تعتق الأم على الصحيح لأنها لا تتبعه.
واعلم أن صورة هذه المسألة في الحمل الموجود عند الوصية، فأما الحمل الحادث بعدها، فإن انفصل قبل الموت لم يدخل وإن قارن الموت فقولان: أصحهما: عدم الدخول أيضًا، كذا ذكره الرافعي قبل هذه المسألة بنحو ثلاثة
أوراق في الكلام على ما إذا أوصى بالأمة لزوجها فتوطن لذلك، وقد أعاد في باب التدبير الكلام على ما إذا حملت بعد الوصية ووضعت.
وحكى عن الشيخ أبي محمد طرد الخلاف، وولد المدبرة يخالف ولد الموصى بها في هذه التفاريع وإن قلنا أن التدبير وصية كما ستعرفه في بابه فراجعه.
قوله: والدف يجوز الوصية به فإن كان عليه شيء من الجلاجل وحرمناها نزع ولم يدفع إليه إلا أن ينص عليه. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على إعطاء الجلاجل إليه إذا نص على ذلك، وقلنا بالتحريم وكيف يستقيم تصحيح الوصية فيهما مع القول بالتحريم.
قوله: من "زياداته": مذهب الشافعي حمل اللفظ المشترك على معانيه انتهى.
وما نقله عن الشافعي هنا قد خالفه في كتاب العتق فرجح أنه لا يحمل على جميع معانيه ذكر ذلك في الكلام على ما إذا قال إن رأيت عيبًا فأنت حر، وسأذكر لفظه في موضعه إن شاء الله تعالى، ووقع الموضعان كذلك في "الروضة".
قوله: واسم القوس يقع على القسي التي لها مجرى تنفذ فيه السهام الصغار، وتسمى الحسبان وعلى الجلاهق، وهو ما يرمى به البندق إلى آخره.
فيه أمران:
أحدهما: أن الحسبان بضم الحاء وبالسين المهملة وبالباء الموحدة، وهو اسم للسهام لا للقوس ثم إنه جمع لا مفرد فاعلم كلا منهما فقد قال الجوهري ما نصه: والحسبان سهام فصار الواحد حسبانه، هذا لفظه، وحينئذ فالضمير في قول الرافعي فيسمى عائد إلى السهام، وأما الجلاهق فبضم الجيم وهو اسم للبندق نسبة كذا صرح به الجوهري فقال: والجلاهق
البندق ومنه قوس الجلاهق، وأصله بالفارسية جلة، وهي كبة غزل هذا لفظه، وعبارة الرافعي صريحة في أنه اسم للقوس نفسه، وليس كذلك.
الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" قد تابع الرافعي على تعدية رمي بالباء وقد صرح في "شرح مسلم" به فقال قوله صلى الله عليه وسلم: "فأبردوا بالصلاة" وفي الرواية الأخرى: "فأبردوا عن الصلاة" هما بمعنى، و (عن) تطلق بمعنى الباء كما يقال: رميت عن القوس أعديها هذا لفظه، فجعل الباء هي الأصل وشبه به بالصلاة، وعن الصلاة، ثم خالف ذلك في "تحرير التنبيه" مخالفة عجيبة، فقال في باب المسابقة: وقول الشيخ وإن شرطا الرمي عن القسي العربية أو الفارسية أو أحدهما يرمي عن العربية والآخر عن الفارسية هكذا ضبطناه عن نسخة المصنف عن القسي بحرف عن في المواضع الثلاث، وتقع في أكثر النسخ بالقسي أي بالباء والصواب الأول.
قال ابن السكيت وغيره من أهل اللغة يقال: رميت عن القوس ورميت عليه، ولا يقال: رميت بها، هذه عبارته، والصواب جواز استعمال الباء أيضًا ذكره ابن قتيبة في "أدب الكاتب" وكذلك البطليوسي في شرحه له فقال وقولهم: رميت بالقوس، ليست الباء فيه بدلًا من حرف آخر، بل هي فيه بمثابة قولك: رميت بالحجر زيدًا، والمعنى رميت السهم بالقوس وصرح به أيضًا الثعلبي في تفسيره فقال: تقوِل: رميت بالقوس وعلى القوس، ذكره في الكلام على قوله تعالى:{حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَهِ إلا الْحَقَّ} [الأعراف: 105].
قوله: ولو قال أعطوه ما يسمى قوسًا ففي "التتمة" أن للوارث أن يعطيه ما يشاء سواء كان قوس بندق أو رمى أو غيرهما، ويشبه أن يكون كما لو قال: أعطوه قوسًا إلا أن يقول ما يسمى قوسًا غالبًا أو نادرًا وما أشبهه انتهى.
قال في "الروضة" الذي قاله في "التتمة" هو الصواب.
قوله: ولو قال أعطوه كبشًا أو تيسًا أو شاة لينزيها على غنمه فالوصية
بالذكر، ولو قال نعجة أو شاة يحلبها أو ينتفع بدرها أو نسلها فهي بالأنثى. انتهى.
اعلم أن الرافعي رحمه الله قد أبهم الكلام في هذه المسألة فإن الكبش والتيس والشاة، التي للإنزاء وإن اشتركن في كونهن ذكورًا لكن الكبش لغة من ذكر الضأن والتيس من المعز والشاة منهما، وكذلك النعجة والشاة التي للحلب ونحوه، وإن اشتركتا في كونهما للأنثى لكن النعجة للأنثى من الضأن والشاة لهما.
قوله: لكن لو قال أعطوه شاة من شياهي وليس له إلا ظباء ففيه وجهان حكاهما في المعتمد. انتهى.
قال في "الروضة": ينبغي أن يكون الأصح تنزيل الوصية على واحد منهما، وقال ابن الرفعة في "الكفاية": الأصح بطلان الوصية.
واعلم أن الرافعي قد صحح أن اسم الشاة لا يتناول السخلة، وسكت عن البعير والبقرة هل يتناول الفصيل والعجلة أم لا؟ وقد صرح بعدم التناول في آخر كتاب النذر نقلًا عن الإمام وأقره عليه.
قوله: أوصى بكلب أو حمار، قال الغزالي وغيره لا تدخل فيه الأنثى لأنهم ميزوا فقالوا كلب وكلبة وحمار وحمارة ويشبه أن يقال أنها للجنس لأن التمييز ليس مستمرًا في اللغة، وبتقدير استمراره فلا شك في استمرار العرف بخلافه.
وقد قال بعض الأصحاب: لهذا يتبع العرف. انتهى.
قال في "الروضة": الصواب ما قاله الغزالي وغيره.
قوله: ولو لم يملك إلا رقيقًا واحدًا وقال أعطوه رأسًا من رقيقي فتبطل الوصية أم تصح ويدفع إليه ذلك الواحد؟ فيه وجهان مذكوران في "التتمة"، والمذهب على ما حكاه من تلقف عن الإمام هو الثاني. انتهى كلامه.
وهذا المنقول عن الإمام صرح بتصحيحه النووي في أصل "الروضة".
قوله: ولو أوصى بأحد أرقائه فيجوز إعطاء الخنثى في أصح الوجهين لشمول الاسم، والثاني: لا لانصراف اللفظ إلى المعهود، ولو قال أعطوه عبدًا لم يعط أمه ولا خنثى مشكلًا، وكذا العكس وفي الواضح الوجهان السابقان. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أنما جزم به الرافعي من طريقة الوجهين في آخر الخنيثى عند الوصية بالرقيق قد أخراهما أيضًا بعد ذلك في أجزائه عند الوصية بالعبد أو الأمة واتضح حاله، ثم ذكر المسألة أيضًا في باب الكتابة في الحكم الثالث من أحكامه، وصحح طريقة القطع بأجزاء الواضح، وتبعه في "الروضة" على ذلك مع وقوعه في اعتراض آخر سوف تعرفه في موضعه فراجعه.
الأمر الثاني: أن ما ذكره من كون الخلاف وجهين قويين قد خالفهما معا في باب الكتابة، فإنه ضعف الخلاف وجعله قولين عن من وستعرف لفظه في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال رحمه الله الطرف الثاني في "الموصى له".
قوله: وإذا قال: إن كان حملها غلامًا فأعطوه كذا فولدت ذكرين، فقال الغزالي: لا شيء لهما لأن الشكر يشعر بالتوحيد، وقال أبو الفرج الزاز: يقسم بينهما، قال: وبمثله لو قال إن كان حملها ابنًا فله كذا وإن كان بنتًا فكذا فولدت اثنين فلا شيء لهما، وفرق بأن الذكر والأنثى اسمًا جنس فيقع على الواحد والعدد بخلاف الابن والبنت وهذا ليس بواضح والقياس أن لا فرق. انتهى.
والتعبير بقوله وبمثله ذكره أيضًا في "الروضة"، وهي عبارة لا معنى لها ولعله أراد أن يقول وفي مثله فذكر ما ذكر وقد رد النووي على الرافعي في
دعواه أن القياس عدم التفرقة، فقال: بل الفرق واضح، قال: والمختار ما قاله أبو الفرج فيقسم بين الذكرين في الصورة الأولى دون الثانية لما ذكره من الفرق.
قوله: في أصل "الروضة" أوصى للفقهاء أو للمتفقهة فهو على ما ذكرناه في الوقف أي حتى يدخل في الفقهاء من حصل شيئًا وإن قل، لكن في لفظ البغوي أنه لا يقنع بما سبق في تفسير الفقهاء لأنه قال: لو أوصى للفقهاء فهو لمن يعلم أحكام الشرع من كل نوع شيئًا وفي "التتمة" يرجع إلى العادة، وقيل من حفظ أربعين مسألة فهو فقيه، وهو ضعيف جدًا. انتهى.
وما ذكره من تضعيف الأربعين مخالف لما صرح به في كتاب الوقف فراجعه.
وقد سبق هناك أيضًا أن ما ذكره هناك وهنا من الاكتفاء بالشيء وإن قل لم أره لأحد، وأما حكاية وجه بالأربعين فنقله الرافعي عن حكاية المتولي في "التتمة" ومن راجع كلامه في الوقف و"التتمة" علم أنه ليس حكاية وجه، وذكر في "شرح المهذب" في باب ما يجوز بيعه ما يخالف المذكور هنا أيضًا، فقال في أثناء فروع نقلها عن "الإحياء" للغزالي ما نصه: قال ولو أوصى بمال للفقهاء فالفاضل في الفقه يدخل في الوصية والمبتدئ من شهر ونحوه لا يدخل فيه، والمتوسط بينهما درجات يجتهد المفتي فيها، والورع لهذا المتوسط ترك الأخذ هذا كلامه، واعلم أن الظاهرية لا يستحقون من وصية الفقهاء شيئًا، كذا نقله ابن الصلاح في فوائد رحلته عن ابن سريج.
قوله: يدخل في الوصية للفقراء والمساكين فيجوز الصرف إلى هؤلاء وهؤلاء وكذلك بالعكس، وفي قول ما أوصى به للفقراء لا يصرف إلى المساكين، ويحرز عكسه، رواه عصام بن يوسف عن الشافعي. انتهى.
واعلم أن عصامًا هذا ليس من أصحابنا إنما هو من أصحاب أبي حنيفة
وهو إمام من أئمتهم المعروفين، وقد صرح بأنه من أئمتهم العبادي في أول الطبقات عند عدة أصحاب أبي حنيفة، وكلام الرافعي والنووي يوهم خلافه لاسيما في "تهذيب الأسماء واللغات" فاعلمه.
قوله: والوصية للعلماء وسائر الموصوفين كالوصية لأصناف الزكاة في أنه لا يجب الاستيعاب ويقتصر على ثلاثة والأولى استيعاب الموجودين عند الإمكان كما في الزكاة. انتهى.
وهذه المسألة -أعني: الاستيعاب- عند الإمكان قد ذكرها أيضًا في كتاب قسم الصدقات وفي باب صدقة التطوع، واختلف كلامه فيها، وستعرف الكلام على ذلك واضحا في قسم الصدقات فراجعه.
قوله: ولو أوصى لفقراء بلدة بعينها وهم محصورون فيشترط استيعابهم وقبولهم ذكره صاحب "التهذيب" وغيره. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وادعى في "تصحيح التنبيه" أنه لا خلاف في ذلك فإنه ادعى أن الصواب اشتراط القبول، وقد خالف ذلك في "الروضة" بعد كلامه المتقدم بقليل فحكى وجهين في أنه يجب استيعابهم أم يكفي الصرف إلى ثلاثة، وذكر نحوه في "تصحيح التنبيه" أيضًا في كتاب قسم الصدقات فإنه عطفه على الأصح.
قوله: ولو أوصى لزيد ولله تعالى فوجهان:
أحدها: أن الكل لزيد، وذكر الله تعالى للتبرك لقوله تعالى في الفيء:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} .
والثاني: أن النصف لزيد والباقي للفقراء فإنه مصرف الحقوق المضافة إلى الله تعالى.
وقال الأستاذ أبو منصور: وهذا أصح الوجهين لكنه لم يخصص النصف الثاني بالفقراء، بل قال: إنه في سبيل الله تعالى فيصرف في وجوه
القرب.
وفيه وجه ثالث: أن ابن القاص قال: النصف يرجع إلي ورثة الموصى. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن الرافعي في "الشرح الصغير" قد رجح الوجه الثاني فقال: وأقواهما: أن النصف لزيد والباقي للفقراء هذا لفظه وصحح النووي في أصل "الروضة" أنه يصرف إلى وجوه القرب، وعبر بالأصح وهو غريب فإن سياق كلام الرافعي يقتضي أنه غير معروف فضلًا عن تصحيحه ولهذا أنه لم يعده معه الأوجه بل لم يحكه في "الشرح الصغير" أصلًا.
الأمر الثاني: أن النووي قد أعاد المسألة أيضًا من زياداته عقب ذكرها في الأصل من غير فاصل غير أنه فرضها في الثلث كاملًا فقال: قلت: ولو قال: أوصيت بثلث مالي لله تعالى صرف في وجوه البر، ذكره صاحب "العدة".
وقال: وهو قياس قول الشافعي، هذا لفظه، وهو يوهم أن هذه المسألة أخرى.
الأمر الثالث: أن الرافعي قد ذكر في آخر الباب الأول من كتاب الوقف مسألة قريبة من هذه المسألة ليست مذكورة هنا فينبغي استحضارها فقال ما نصه واحتجوا لهذا القول بأنه لو قال أوصيت بثلث مالي واقتصر عليه تصح الوصية، وتصرف إلى الفقراء والمساكين، هذا لفظه، وتابعه عليه النووي على خلاف ما قاله هنا في المسألة السابقة، والفرق بينهما أن الموصي لما أطلق الوصية في الصورة المذكورة هنا، ولم يبين مصرفًا حملناه على الغالب وهم الفقراء بخلاف الصورة الأولى فإن تقييده بقوله لله يشعر بإرادة وجوه البر، لأن من أخرج مالًا في شيء منها صدق أن يقال أنه أخرجه لله تعالى.
قوله: ولو أوصى لأقارب نفسه ففي دخول الورثة وجهان:
أحدهما: لا يدخلون لقرينة الشرع لأن الوارث لا يوصى له، فعلى هذا تختص الوصية بالباقين، وهذا ما يحكى عن الصيدلاني وقطع به في "التتمة" وكلام الغزالي يقتضي ترجيحه.
والثاني: يدخلون لوقوع الاسم عليهم ثم يبطل نصيبهم ويصح الباقي لغير الورثة، ولك أن تقول: وجب أن يختص الوجهان بقولنا أن الوصية للوارث باطلة، أما إذا قلنا: موقوفة على الإجازة فلتقطع بالوجه الثاني. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الراجح من الوجهين هو دخولهم، كذا رجحه الرافعي في "الشرح الصغير" فقال أنه أقول الوجهين، ولم يذكر ترجيحا غيره.
الأمر الثاني: ما نبه عليه في "الروضة" فقال ما معناه الظاهر أن الوجهين جاريان مطلقًا لأن منشأهما اتفاقهما على أن الوارث لا يأخذ شيئًا، إنما هل ينظر إلى وقوع اسم الغريب عليه فيدخله لإسقاط نصيبه، أو ينظر إلى أن العادة عدم الوصية له فيكون كالعدم، وإنما جزم الرافعي بعدم الأخذ على القول بوقفها على الإجازة لامتناع إجازتهم أنفسهم.
قوله: في المسألة المذكورة الثانية في دخول الأصول والفروع أوجه: أحدها لا يدخل الأبوان ولا الأولاد ويدخل الأجداد والأحفاد وهذا هو الأظهر من جهة النقل.
والثاني: لا يدخل أحد من الأصول والفروع إذ لا يسمون أقارب إلى آخر ما قال.
وما ذكره رحمه الله من تصحيح الوجه الأول ذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا وعبر بالأظهر.
إذا علمت ذلك فقد صحح في "المحرر" الوجه الثاني وعبر بالأظهر أيضًا فقال ما نصه: إلا أن الأظهر أن الأصول والفروع لا يدخلون هذا لفظه وهو غريب، وتبعه النووي في "الروضة" و"المنهاج" على هذا الاختلاف، و"العمدة" هنا على ما في "الكبير" و"الروضة" لتصحيح الرافعي بأنه أظهر نقلًا، والمذهب نقل.
قوله: وصية العجم للأقارب يدخل فيها أقارب الأم، وفي وصية العرب وجهان: أظهرهما عند الغزالي وصاحب "التهذيب" أنها لا تدخل لأن العرب لا تعدها قرابة ولا يفتخر بها.
والثاني: يدخل وهو الأقوى وظاهر النص وأجاب به أصحابنا العراقيون. انتهى ملخصًا.
وحاصله تصحيح الدخول، وقد ذكر مثله في "الشرح الصغير" وعبر بالأقوى أيضًا.
إذا علمت ذلك فقد صحح في "المحرر" عكسه فقال عطفًا على الأظهر ما نصه: وإن قرابة الأم لا تدخل في وصية العرب، ولم يتفطن النووي لهذا الاختلاف، بل ذكر في "المنهاج" و"الروضة" كما في "الشرح" و"المحرر" وعبر بالأصح فيهما والفتوى على ما في "الشرح" و"الروضة" لموافقته ظاهر النص، وقول الأكثرين إذا أوصى لأقرب أقارب نفسه فكان الأقرب وارثًا صرفنا إلى من ثلثه ممن ليس بوارث إن لم يصحح الوصية للوارث أو صححناها فلم يجزها سائر الورثة كذا نقله البغوي وغيره وهو تفريع على أنه لو أوصى لأقارب نفسه لم يدخل الورثة الشرع، أما إذا قلنا: يدخلون، وتوزع عليهم وعلى من ليس بوارث فهاهنا تبطل الوصية إلا أن يتعد الأقربون ويكون فيهم وارث وغير وارث انتهى.
اعلم أنا إذا قلنا بالوجه الأخير وهو أنهم يدخلون وتوزع عليهم وعلى
من ليس بوارث فإنهم لا يأخذون شيئًا، وفائدة إدخالهم والتوزيع عليهم إسقاط نصيبهم فلهذا فرع عليه الرافعي هنا إبطال الوصية فافهمه، وقد تقدم قبله بتقليل ما يرشد إلى ذلك.
قوله: وفي الأهل وجهان: أحدهما الحمل على الزوجة فعلى هذا إذا صدرت الوصية من امرأة تطلب.
والثاني: على كل من تلزمه نفقته. انتهى.
قال في "الروضة" الأصح هو الوجه الثاني قال: وينبغي على الوجه الأول أن لا تبطل إذا صدرت من امرأة، بل يتعين الوجه الثاني أو يرجع فيه إلى العرف.
قوله: وأحماء الرجل أبوا زوجته وفي دخول أجدادها وجداتها تردد حكاه الإمام ولا يدخل أبوا زوجة الأب وأبوا زوجة الابن والأصهار كالأحماء.
كذا نقله الأستاذ أبو منصور وإمام الحرمين وفي أمالي السرخسي أنه كل رجل من المحارم فأبو زوجته حمو، وأن الأصهار تشمل الأختان والأحماء قال في "الروضة": إن ما قاله السرخسي هو المعروف عند أهل اللغة.
قوله: ويتامى القبيلة هم الصبيان الناقدون لإمائهم وفي اشتراط الفقر فيهم وجهان أشبههما: بما قيل في الغنيمة نعم وبه قطع أبو منصور ثم إن انحصروا وجب وإلا جاز الاقتصار على ثلاثة انتهى.
وما ذكره من إطلاق الوجهين قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" ورأيت في شرح فروع ابن الحداد لأبي بكر الصيدلاني، أن مجملهما إذا أوصى لليتامى ولم يعين فإن عين قال: وكيتامى بني زيد أعطى الغني والفقير، وفي تعبير الرافعي إشعار بأن ولد الزنا لا يستحق لأن فقد الأب يتوقف على تقدم وجوده.
قوله: ولو قال لورثة فلان فورثته بنت واحدة ولم يحكم بالرد فيستحق جميع الوصية أم نصفه فيه وجهان أصحهما عند الأستاذ أولهما. انتهى.
والصحيح ما صححه الأستاذ، كذا صححه النووي في أصل "الروضة"، ولم يتعرض للمسألة في "المحرر" ولا في "الشرح الصغير".
قوله: ذكر الأستاذ أن الأرامل من فارقهن الأزواج وبه أخذ الإمام، وعبارة صاحب "المهذب" و"التهذيب" لا يعتبر بقدم التزويج. انتهى ملخصًا.
والأصح هو الأول فقد نص عليه الشافعي كما نقله عنه في "النهاية"، وقال النووي في "زيادات الروضة" أنه الأصح، قال: والعجب من الرافعي حيث طالع "النهاية" في هذه المسألة، ثم عزاه إليه، وترك الإعزاء إلى إمام المذهب لاسيما أنه لم يظفر بترجيح.
قوله: وفي دخول رجل لا زوجة له في الأرامل وجهان. انتهى.
والأصح كما قاله في "الروضة" عدم الدخول.
قوله: وفي اشتراط الفقراء الوجهان المذكوران في الأيتام، وقطع الأستاذ بالاشتراط هاهنا. انتهى.
والتعبير بقوله هاهنا يوهم أن الأستاذ لم يقطع بذلك في الأيتام، وليس كذلك، بل قطع فيهم أيضًا به، وقد نقله عنه الرافعي.
قوله: ففي "المهذب" و"التهذيب" أن الشيوخ من جاوزوا الأربعين والفتيان والشبان من جاوز البلوغ إلى الثلاثين، والمفهوم منه أن الكهول هم الذين بين الثلاثين والأربعين ورواية الأستاذ عن الأصحاب الرجوع في ذلك إلي اللغة واعتبار لون الشعر في السواد والبياض والاختلاط. انتهى.
قال في "الروضة" من "زياداته": الأصح المختار هو الأول.
قال: وصرح الروياني وغيره بأن الكهول من الثلاثين إلى الأربعين وكذا
قال أهل اللغة أيضًا أنه من جاوز الثلاثين.
قوله: ولو أوصى لزيد بدينار وللفقراء بثلث ماله لم يصرف إلى زيد غير الدينار، وإن كان فقيرًا لأنه قطع اجتهاد الوصي بالتقدير ويحتمل الجواز، انتهى.
تبعه عليه في "الروضة" وهو يقتضي عدم الوقوف على قائل بالجواز، وقد نقله الروياني في "البحر" عن الحناطي.