الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: "في الطوارئ على المغصوب
"
قوله: والنوع الثاني: ما له سراية تزداد إلى الهلاك، كما لو عفن الحنطة فأقوال:
أظهرها: عند العراقيين أنه كالهالك.
والثاني: يرده مع الأرش، ورجحه الإمام وصاحب "التهذيب".
والثالث: يتخير المالك بينهما، وبه أجاب طائفة منهم الشيخ أبو محمَّد والمسعودي.
والرابع: يتخير الغاصب. انتهى ملخصًا.
وقد استحسن في "الشرح الصغير" القول الثالث فقال: وقول تخيير المالك حسن، ولم يرجح شيئًا في "المحرر" بل قال: رجح منهما الأول؛ هذا لفظه بصيغة البناء للمفعول.
وصرح النووي بتصحيحه في "أصل المنهاج" على عادته، ثم إنه في "الروضة" نسب التصحيح إلى الرافعي فقال من "زياداته": قلت: رجح الرافعي في "المحرر" الأول أيضًا والله أعلم.
ولم يذكر ترجيحًا غيره، والحاصل أن لا ترجيح للرافعي إلا في "الشرح الصغير" ولا للنووي إلا في "المنهاج".
قوله في "الروضة": أما إذا جنى المغصوب على نفس أو مال جناية توجب المال متعلقًا برقبته فعلى الغاصب تخليصه بالفداء أو بماذا يفديه؟ فيه طريقان:
المذهب: أنه يفديه بأقل الأمرين من الأرش وقيمة العبد.
وقال الإمام: فيه قولان:
أحدهما: هذا.
والثاني: بالأرش وإن زاد كالقولين فيم إذا أراد السيد فداء الجاني. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره من تصحيح طريقة القطع، لم يذكره الرافعي، فإن الرافعي نقل عن الإمام أنه على القولين.
ونقل عن "التتمة" أن الواجب أقل الأمرين ولم ينقل عن أحد تصحيحًا بالكلية، بل كلام "التتمة" ليس صريحًا في نفي القولين، إذ يحتمل أن يكون اقتصر على الراجح في المسألة من حيث الجملة.
الأمر الثاني: أن كلام الرافعي والنووي يقتضي أنه لا يجد على الغاصب إلا الفداء لكن قد ذكر في البيوع أن من جملة هذه العيوب جنايات الخطأ إذا كثرت، وجناية العمد إذا لم يتب عنها، فإن مات فوجهان.
قال في "المطلب" هنا: ويجوز أن يلتحق عمد الخطأ في هذا بالعمد، فإذا تقرر ذلك فلابد من أرش هذا العيب بعد الفداء.
قوله: ولو سقطت يد العبد بآفة وجب على الغاصب أرش ما نقص وإن كان بجناية فعليه الأكثر من نصف القيمة، ومن أرش ما نقص.
ثم قال: وترددوا فيما إذا قطعت يده قصاصًا أو حدًا؛ لأنه يشبه السقوط بآفة من حيث أنه تلف بلا بدل.
ويشبه الجناية من حيث حصوله بالاختيار. انتهى.
وقد ذكر الرافعي قبل هذا بنحو ورقتين، وهو في أوائل الكلام على المسألة ما يؤخذ منه ترجيح إلحاقه بالآفة، فإنه قال: ولو اقتص منه في يده غرم بدله، كما لو سقط بآفة سماوية. هذا لفظه.
فشبهه بالآفة لا بالجناية.
قوله: وللغاصب رد التراب المغصوب إلى الأرض المغصوبة بغير إذن المالك إن كان له غرض في الرد بأن كان قد نقل التراب إلى ملك غيره أو شارع يخاف من التعثر به الضمان، ونحو ذلك.
ثم قال: بعد ذلك وهذا إذا لم يتيسر نقله إلى موات ونحوه في طريق الرد فإن تيسر له لم يرده إلا بإذن؛ قاله في "النهاية". انتهى كلامه.
واحترز بقوله في طريق الرد عما إذا لم يكن على صور المكان الذي أخذ منه التراب فإن الإمام حكى فيه ترددًا من غير ترجيح فقال: فهذا فيه تردد، ويشعر به كلام الأئمة.
وقد يظهر أنه يلزمه موافقة المالك إذا لم يكن عليه مزيد مشقة على الشرائط التي قدمناها.
ويظهر أنه لا يفعل هذا، فإن هذا استخدام وليس كما لو طلب منه الطرح في الطريق، فإنه اقتصار على بعض ما كان يفعله. هذا لفظ الإمام.
ويظهر من تقييد الرافعي اختياره لعدم اللزوم.
قوله: وإذا حفر بئرًا فله أن يستقل بطمها ليدفع عن نفسه خطر الضمان إلى آخره، ثم قال: وذكر الإمام أنه إنما يستقل بالطم إذا بقي التراب الأول بعينه، أما إذا تلف ففي الطم بغيره بغير إذن المالك وجهان.
وينبغي مجئ هذا الخلاف في الحالة الأولى أي الكشط بلا حفر، وفيما إذا طلب المالك الرد والطم عند تلف ذلك التراب.
والأصح فيهما جميعًا أنه لا فرق بين ذلك التراب وغيره. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره آخرًا من مجئ الخلاف مع الطلب أيضًا عند التلف، كيف يستقيم مع أن من أتلف مالًا، أو أتلف عبدًا، وطولب بمثله يلزمه مثله، فكيف يقال لا يرد مع الطلب، إلا أن يقال: المراد بالطلب أي
فيما نحن فيه، وهو المذكور آخرًا أن يطلب الرد ظانًا بقاءه فهل يستفيد الغاصب بذلك رد بدله؟
الأمر الثاني: أن التراب إذا تلف فيجب في ذمة الغاصب مثله، والواجب في الذمة إنما يملك بقبض صحيح، فلابد من مراعاته هنا، وحينئذ فكيف يستقيم الرد بدون الإذن؟
قوله: النص فيما إذا نقل التراب أنه يجب عليه الأرش لا التسوية، لأنه نص على ذلك فيما إذا غرس في الأرض المغصوبة، ثم قلع بطلب المالك، ونص فيما إذا باع أرضًا فيها أحجار مدفونة فقلعها أنه يلزمه التسوية.
فقيل: فيها قولان، وقيل: بتقرير النصين، وفرقوا بأن الغاصب متعد فغلظ عليه الأمر بإيجاب الأرش؛ لكن لا متانة لهذا الفرق، لأن مؤنة التسوية قد تزيد على أرش النقصان، والفتوى على وجوب التسوية. انتهى ملخصًا.
واعلم أن القاضي أبا الطيب، قد نقل في هذا الباب من "تعليقه" وجوب التسوية عن الشافعي رحمه الله فقال: أوجب الشافعي على الغاصب تسوية الحفر ورد الأرض كما كانت، هذا لفظه، والنص الذي استند إليه الرافعي وغيره في وجوب الأرش، وهو المذكور في الغراس، نص عليه في "الأم" فقال: قال الشافعي: ولو اغتصب أرضًا فغرسها نخلًا كان على الباني والفارس أن يقلع بناءه وغرسه، فإذا قلعه ضمن ما نقص المقلع الأرض [حتى يرد الأرض](1) حين أخذها هذا لفظه، ونقله أيضًا في "المطلب".
وليس فيه تصريح، بل ولا إشارة لما قالوه، بل تعبيره بقوله حتى يردها بحالها مشعر بالتسوية.
واعلم أن المتانة بالنون أي القوة لأن المتين هو القوي.
(1) سقط من أ.
قوله: ولو نقص عين الزيت دون قيمته وجب مثل الذاهب في أصح الوجهين.
وهل العصير كالزيت؟ فيه وجهان:
أصحهما: عند الشيخ أبي حامد والروياني المنع، والفرق أن علاوة العصير باقية والذاهب منه المائية، ولا قيمة لها والذاهب من الزيت زيت، فعلى هذا لا غرم، وإيراد صاحب الكتاب يقتضي ترجيح التحاقه به، وربما يقول من رجحه: الذاهب في الزيت المائية أيضًا، إلا أن مائيته أقل. ويجري الخلاف، فيما إذا صار الرطب تمرًا. انتهى ملخصًا.
فيه أمران:
أحدهما: أن الصحيح التحاقه بالزيت، كذا صححه الرافعي في كتاب الفلس.
فقال: نعم: لو كان مكان الزيت العصير، فقد أجابوا، ههنا وفي الغصب بوجهين ورجحوا التسوية بينه وبين الزيت.
ووجه الفرق أن الذاهب من العصير ماء لا مالية له، والذاهب من الزيت متمول، هذا لفظه فاعلمه، ولم يصرح الرافعي في "الشرح الصغير" أيضًا هنا بتصحيح ولم يتعرض للمسألة في "المحرر".
الأمر الثاني: أن النووي قد صحح في "أصل الروضة" هنا عدم التحاق العصير بالزيت حتى لا يغرم الغاصب شيئًا ذهولًا عما قاله في باب الفلس، فوقع في التناقض.
وقد صحح النووي هناك القطع، بأن نقص الزيت كنقص جزء وضعف طريقة الوجهين وجزم هنا بالوجهين، ولم يحك طريقة بأنه كالجزء، فضلًا عن تصحيحها، وهو تباين كبير.
وإن كان كلام الرافعي يوهم نقل شيء منه لكنه صرح باستواء البابين.
وقد سبق هناك ذكر المسألة لغرض آخر فراجعها.
واعلم أن ما سبق كله في العصير، وفي الرطب محله، إذا قلنا: إنهما مثليان فإن قلنا إنهما متقومان.
قال ابن الرفعة: في "المطلب" فالذي يظهر: الجزم بأنه لا غرم.
قال الماوردي: ويجري الخلاف أيضًا فيما إذا صار اللبن جبنًا، هل يرجع بنقص مكيلته؟ وفيما قاله نظر لأن الجبن لا يمكن كيله حتى تعرف نسبة نقصه.
قوله: ولو هزلت الجارية ثم سمنت وعادت القيمة كما كانت ففيه وجهان:
أحدهما: ينجبر الأول بالثاني، كما لو أبق العبد ثم عاد.
وأظهرهما: لا.
ثم قال: وأجرى الوجهان في تذكر الصيغة بعد نسيانها.
والظاهر: الانجبار؛ لأن تذكر الصيغة لا يعد شيئًا متجددًا بخلاف السمن الثاني ثم قال: أيضًا، ويجري الخلاف فيما إذا كسر الحلي أو الإناء، ثم أعاده. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره في الإباق ظاهره: سقوط أرش العيب، وليس ذلك بصحيح، وينبغي تأويله على سقوط القيمة الواجبة بالحيلولة مع أن كلامه في غاية البعد عنه.
الأمر الثاني: أن تفرقته بين عود السمن وتذكر الصيغة واضح لكنه سوى بينهما في كتاب الصداق بالنسبة إلى رجوع الزوج عند الفراق قبل الدخول.
فإنه لما قيد أن الزيادة المتصلة بمنع الرجوع، صحح أن السمن بعد الهزال
مانع وهو واضح، ثم ألحق به أيضًا تذكر الصيغة كما ستقف على عبارته هناك، إن شاء الله تعالى.
ومقتضى ما ذكره هنا أن لا يلتحق به ويرجع الزوج، وهو الصواب.
الأمر الثالث: أن حاصل ما ذكره في المسألة الأخيرة وهي مسألة الكسر: عدم الانجبار، أو أنَّه لا تصحيح فيها أصلًا؟ لأن الخلاف الذي أجراه فيها وفيما قبلها هو الخلاف الذي صدر به كلامه.
والصحيح فيه: أنَّه لا ينجبر، لكنه استدرك في الأول، وأبقى الثاني على حاله فلزم منه ما قلناه.
وقد اختصره النووي بلفظ يقتضي أن الراجح فيه الانجبار، ثمَّ ذكر من "زياداته" أن الراجح خلافه، وهو غلط، وكأنه توهم أن المراد من الخلاف المبني عليه، هو الخلاف في تذكر الصيغة.
قوله: لو زادت قيمة الجارية بتعلم الغناء ثمَّ نسيته نقل الروياني عن النص أن لا يضمن النقص، لأنه محرم.
وعن بعض الأصحاب أنَّه يضمنه ولهذا لو قتل عبدًا مغنيًا يغرم تمام قيمته. قال: وهو الاختيار.
زاد النووي على هذا فقال: الأصح المختار: هو النص لأنها محرمة. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن هذا الترجيح الذي عزاه إلى الروياني صحيح، فقد ذكره في "الحلية" لكنه خالف في "البحر" في موضع من هذا الباب كما حكاه عنه ابن الرفعة في "الكفاية".
الأمر الثاني: أن ما دل عليه لفظهما من تحريم الغناء قد حصل فيه اضطراب شديد لهما أيضًا سبق إيضاحه في أوائل البيع.
الأمر الثالث: أن هذه المسألة التي نقل الرويانى فيها عن النص أنه لا يضمن، ثم اختار خلافه إنما فرضها في العبد، كذا رأيته في "الحلية"، وحينئذ فلا يلزم من نص الشافعي على عدم الوجوب في الجارية أن يكون كذلك في العبد، ولا من اختيار الروياني للوجوب في العبد أن يجب أيضًا في الجارية.
قوله: وإذا غصب عصيرًا فتخمر عنده، للمغصوب منه تضمينه مثل العصير.
وذكروا أن على الغاصب إراقة الخمر ولو جعلت محترمة، كما لو تخمرت في يد المالك من غير قصد لكان جائزًا، فلو تخللت في يد الغاصب فالخل للمالك على الأصح وعلى الغاصب أرش النقصان. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وفيه أمور:
أحدها: أنه إذا صار خمرًا عند الغاصب وكان المالك قد عصره بقصد الخلية فإنه لا يجب على الغاصب إراقتها، بل لا يجوز له ذلك بلا شك.
[الثاني: أن تغير المحترمة بالتي تخمرت في يد المالك من غير قصد لا ينتظم مع ما قبله بل يقتضي أن الذي يتكلم فيه وهو التخمر في يد الغاصب لا توصف بالمحترمة بالكلية وليس كذلك.
ولا فرق بين التخلل عنده، أو عند المالك إذا كان العصر بقصد الخلية وكأنه أراد أن يقول كما لو عصرت في يد المالك إلى آخره.
فعبر بقوله تخمرت عوضا عن عصرت] (1).
الأمر الثالث: أن كلامه هنا قد آل إلى أن المحترمة هي التي عصرت لا بقصد الخمرية وقد سبق في الرهن ما يخالفه، وسبق التنبيه عليه هناك فراجعه.
(1) سقط من جـ.
قوله: أما إذا أراق الخمر فأخذها رجل فتخللت عنده، أو ألقى الشاة الميتة فأخذها رجل فدبغ جلدها، فهل للمعرض استرداد الحاصل؟ فيه وجهان. انتهى.
هذه المسألة ذكرها الرافعي في ثلاثة مواضع من غير تصحيح؛ هنا، وفي آخر اللقطة، وفي كتاب الصيد والذبائح، والأصح: أنه ليس للمعرض الاسترداد.
كذا صححه النووي في "أصل الروضة" في الصيد وهنا من "زوائده".
قوله: ولو أراد صاحب الأرض أن يتملك البناء أو الغراس بالقيمة، أو تبقيتهما أو الزرع بالأجرة هل على الغاصب إجابته؟ قال في "التتمة": فيه وجهان.
أحدهما: نعم؛ كالمستعير، بل أولى، فإن الغاصب متعد.
وأظهرهما: لا؛ لتمكنه من القلع بلا غرامة بخلاف المعير.
وهذا ما ذكره الإمام، حكاية عن القاضي الحسين. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على حكاية هذين الوجهين.
واعلم أن الغاصب إذا أراد القلع، فإنه لا يغرم المالك شيئًا، ونظيره من المستعير ما إذا اختار القلع بلا تغريم المعير، أو شرط عليه القلع مجانًا، وليس للمالك الذي هو المعير أن يتملك في هذه الحالة أو يبقي بأجرة بلا خلاف.
فليس لنا في المعير الحكم الذي ادعوه حتى نختلف في مجيئه في الغاصب.
وكيف يعقل إجبار الغاصب على إزالة ملكه أو على تخليته بأجرة يعطيها، وهو يريد أخذ ماله بلا ضرر على المغصوب منه.
قوله في "الروضة": ولو غصب دارًا فزوقها تزويقًا لا يحصل منه غبن، فهل للمالك إجباره على إزالته؟ فيه وجهان:
أصحهما: لا كالثوب إذا قصره. انتهى.
لم يطلق الرافعي هنا تصحيحًا، وإنما نقله عن صاحب "التهذيب" فقط.
والتزويق: النقش، وأصله من الزاووق وهو الزئبق، ثم سمى كل نقش تزويقًا، وإن لم يكن بالزئبق.
قاله ابن داود في "شرح المختصر".
قوله: الحالة الأولى: إذا صبغ الغاصب الثوب بصبغة، ولم يكن فصله فينظر: إن كانت قيمة الثوب [مصبوغًا كقيمته قبل صباغته، وكذلك قيمة الصبغ أيضًا.
كما إذا كانت قيمة الثوب] (1) عشرة وقيمة الصبغ عشرة، وهو يساوي بعد الصبغ عشرين فهو بينهما بالسوية. انتهى.
وتعبيره بقوله: فهو بينهما بالسوية يقتضي أنهما يصيران شريكين في الثوب.
والصبغ شركة شيوع، أي: لكل منها نصف الأمرين وليس كذلك، بل كل منهما مالك لما كان يملكه قبل ذلك، حتى إذا زادت قيمة أحدهما قبل البيع فاز بها من حكمنا بأنها له، ويدل على هذا اختلافهم في أنه هل يجوز للغاصب بيع الصبغ منفردًا وكذلك في بيع المالك الثوب وحده.
ونقل في "المطلب" عن البندنيجي والماوردي والغزالي ما حاصله ذلك أيضًا، أعني: بقاء كل على ما كان وارتضاه.
قوله في المسألة: وإن كانت قيمته بعد الصبغ عشرة انمحق الصبغ ولا حق فيه للغاصب وإن تراجعت القيمة. انتهى كلامه.
(1) سقط من جـ.
ومقتضاه أن الصبغ ينقل لصاحب الثوب حتى إذا نقص الثوب مثلًا ثلاثة وكانت للصبغ قيمة تجبر ذلك صار الصبغ لمالك الثوب عوضًا عن نقصانه ولهذا قال: وإن تراجعت القيمة، وما دل عليه كلامه مخالف لكلام الشافعي فإنه قد نص على تمكين الغاصب في هذ الحالة من قلع الصبغ وغرامة النقص ولكلام الأصحاب أيضًا وللقياس.
حتى قال في "المطلب" ما ذكره الرافعي لم أر من نقله كذلك.
قال: ويجوز أن يحمل كلامه على ما إذا سلم الثوب إلى ربه راضيًا بذلك ثم ارتفع السعر، وقد يكون لذلك التفات على ما إذا سلم عامل القراض لرب المال العروض المشاعة حيث لم يظهر فيها ربح ثم ارتفع السعر هل يكون له حق أم لا؟ وهنا أولي بثبوت حقه، لأن سبب الزيادة عين ماله، وهي باقية.
وهناك الزيادة في مال رب المال، وقد يعكس ويجعل رضي الغاصب نازلًا منزلة المعاوضة عما نقص من الثوب.
وذكر في "المطلب" أيضًا حملًا آخر لكلامه غير مستقيم.
وقد حذف في "الروضة" ما ذكره الرافعي في آخر كلامه، وهو قوله: وإن تراجعت القيمة.
قوله: وهل للمالك إجبار الغاصب على قلع الصبغ؟ فيه وجهان إلى آخره.
لم يصرح بتصحيحه في "الشرح" ولا في "الروضة" بل نقل كلا عن طائفة.
والراجح هو الإجبار، ففي "المحرر" أنه أظهر الوجهين، وفي "المنهاج" أنه الأصح.
قوله: فروع: أحدها: لو ترك الغاصب الصبغ أي: الذي يمكن فصله على
المالك ففي إجباره على القبول وجهان: وجه الإجبار وصيرورة الصبغ كالصفة التابعة.
وأيضًا فإن المشتري إذا أنعل الدابة ثم اطلع على عيبها فردها مع النعل لكان تعيبها لو نزع النعل يجبر البائع علي القبول ووجه المنع القياس الظاهر.
وذكر الروياني أن ظاهر المذهب هو الإجبار لكن الثاني أقيس وأشبه.
ثم قال: على أنه لو ألحق بما إذا صبغ المشتري الثوب بما زاد في قيمته، ثم اطلع علي عيبه فرده مسامحًا لكان أقرب لما مر أن الصبغ يصير ملكًا للبائع.
وأما النعل ففي دخوله في ملك البائع خلاف. انتهى كلامه.
قال في "الروضة" الثاني أصح.
وممن صححه صاحب "التنبيه".
قال الجرجاني: ويجري الوجهان فيما لو غصب بابًا وسمره بمسامير للغاصب فتركها للمالك والله أعلم.
وهذه الزيادة التي نقلها النووي عن الجرجاني قد ذكرها الرافعي جازمًا بها في آخر الغصب في المسألة الخامسة من المسائل المنثورة على ما ترجم في "الروضة".
واعلم أن ما ذكره الرافعي من أن الأولى إنما مر القياس على مسألة الصبغ، ليس كذلك بل الأولى قياسه على النعل.
قال في "الكفاية" لأن مسألة الصبغ التي ذكرها في الرد بالعيب مصورة بما إذا كان الصبغ لا يمكن فصله، والكلام هنا في صبغ يمكن فصله أو لا يمكن، فكان القياس على مسألة النعل أولى، لأنه عند إمكان الفصل مشابه له.
وعند عدم الإمكان يثبت هذا الحكهم من طريق الأولى بخلاف ما لو ألحق بالصبغ، فإن حالة إمكان انفصال الصبغ هنا لا يبقى على الإجبار فيها دليل.
قوله: وإن خلط الغاصب المغصوب بما لا يتميز كالزيت بالزيت ونحوه، فالمنصوص وبه قال الأكثرون: أنه كالمالك.
وفي قول مخرج: أنهما يصيران شريكين.
فإن قلنا بالثاني، فينظر: إن خلطه بالمثل فقدر زيته من المخلوط له، وإن خلطه بأجود فيباع المخلوط ويقسم الثمن بينهما على نسبة القيمة، فإن أرادا قسمة عين الزيت على نسبة القيمة.
فالظاهر: أنه لا يجوز لأنه ربا.
وعن رواية "البويطي": أنه يجوز، وبني ذلك على أن القسمة إقرار لا بيع. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن "البويطي" لم ينقل هذا النص في الغاصب، وإنما نقله في المفلس فقال حاكيًا عن الشافعي ما نصه: ومن باع شيئًا مما يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب مما يختلط بعضه ببعض، ولا يتميز، مثل الحنطة والزيت وما يشبههما فخلطه المشتري بسلعة أخرى ثم أفلس، مثل أن يعطيه مد حنطة قيمته درهمان فيخلطه بمد قيمته أربعة، فالبائع مخير، إن شاء أن يأخذ ثلثي المد، ليس له إلا ذلك بجميع حقه، لأنه لا يصلح أن يأخذ تمام المد لجودة طعام صاحبه الذي خلطه بطعامه، ولا يجوز أن يرجع بثمن ثلث المد الذي بقي له لجودة ما أخذ على طعامه.
وإن شاء ترك وضارب مع الغرماء وكذلك الزيت والسمن والتمر، وكل شيء مثله، هذا لفظ "البويطي" وليس في كتابه غير هذا، ولكن لما تكلم الإمام على التفريع على إلحاقه بالمفلس في كونه شريكًا ذكر حكم المفلس.
وذكر هذا النص فتوهم الرافعي أنه محكي هنا، وهو معذور في هذا التوهم.
قال في "المطلب": وقد أثبت غير القاضي والإمام في الغاصب وجهين أخذًا من من النصين في مسألة الفلس.
قال: وهو التحقيق.
الأمر الثاني: أن القسمة إنما تكون إقرارًا إذا كان أحدهما لا يرد على الآخر شيئًا من ماله في مقابلة زيادة يستوفيها، والمغصوب منه في مثالنا هذا يزيل ملكه عن ثلث صاع فيما يحصل له من الجودة في ثلثي صاع فلا تكون إقرارًا، وهذا الثاني ذكره المتولي.
قوله: وإذا قلنا لا يبالي في نزع اللوح المغصوب بهلاك مال الغاصب فاختلطت السفينة التي فيها اللوح بسفن للغاصب ولا توقف على اللوح إلا بنزع الجميع، فهل ينزع الجميع؟ وجهان. انتهى.
قال في "الروضة": كذا أطلقوا الوجهين بلا ترجيح وينبغي أن يكون أرجحهما عدم النزع.
قوله: في "الروضة" وإذا غصب خيطًا فخاط به جرح حيوان ومات، فإن كان غير آدمى نزع، وكذا إن كان آدميًا على الأصح. انتهى.
لم يطلق الرافعي هنا تصحيحًا، وإنما نقله عن الإمام خاصة.
فقال: أصحهما علي ما ذكره في "النهاية" أنه ينزع، وصحح الروياني في "البحر" أنه لا ينزع.
وفصل الماوردي فقال: إن أثر القلع فحشًا لم ينزع، وإلا نزع.
وصححه في "الكفاية".
قوله: أما كلب الصيد والماشية فلا يجوز النزع منه.
قال الإمام: وألحق الكلب الذي لا منفعة فيه بالمؤذيات. انتهى.
وما ذكره هنا في الكلب الذي لا منفعة فيه قد سبق فيه كلام في كتاب التيمم فراجعه.
قوله: فرعان أحدهما: دخل فصيل في بيت ولم يمكن إخراجه إلا بنقض البناء، نظر إن كان بتفريط من صاحب البيت بأن أدخله فيه نقص البناء ولم يغرم صاحب الفصيل شيئًا وإن كان بتفريط من صاحب الفصيل، فإذا نقض البناء غرم أرش النقصان، وإن دخل الفصيل بنفسه نقض أيضًا وعلى صاحب الفصيل أرش النقصان، وقيل لا؛ لأنه لا تفريط من أحد، والإخراج لابد منه لحرمة الروح.
ثم قال: ولو أدخلت بهيمة رأسها في قدر ولم يخرج إلا بكسرها، فإن كان معها صاحبها فهو مفرط بترك الحفظ، فإن كانت غير مأكولة [تخلص بكسر القدر وعليه أرش النقصان وإن كانت مأكولة](1) ففي ذبحها وجهان كما في مسألة الخيط، وإن لم يكن معها أحد، فإن فرط صاحب القدر مثل: أن وضع القدر في موضع لاحق له فيه كسرت ولا غرم له، وإن لم يفرط كسرت، وغرم صاحب البهيمة الأرش.
ولم يذكروا التفصيل المذكور في صورة القدر، والفرق بين المأكول وغير المأكول. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على عدم ذكر ذلك، وليس كما قالاه، فقد سوى بينهما الماوردي في ذلك كله بين المأكول وغير المأكول.
وحكى الوجهين، وجعل الروياني من تفريط صاحب القدر أن يجعلها في مكان له فيه حق، ولكن قدر على دفعها فلم يدفعها.
قوله: الثاني غصب زوجي خف قيمتهما عشرة فرد أحدهما، وقيمته ثلاثة وتلف الآخر لزمه سبعة، ولو أتلف أحد زوجي خف قيمتهما عشرة، أو غصبه وحده وتلف فعادت قيمة الباقي إلا ثلاثة ففيه أوجه.
أحدها: يضمن سبعة.
(1) سقط من أ.
والثاني: خمسة كما إذا أتلف رجل أحدهما وآخر الآخر، فإنه يسوى بينهما حتى يلزمه ثلاثة. انتهى ملخصًا.
قال في "الروضة": [الأكثرون على ترجيح الأول وعليه العمل، وإن كان الأقوى لزوم الخمسة. انتهى.
وقال البغوي: إن الأكثرين على لزوم الخمسة، قال في "الروضة"] (1) وصورة المسألة التي قاس عليها الوجه الثاني أن يتلفا دفعة واحدة، فإن تعاقبا لزم الثاني ثلاثة وفي الأول الخلاف.
قوله: من "زياداته" في الصورة الأولى: إذا غصبهما معًا وجه في "التنبيه" و"التتمة" أنه يلزمه ثلاثة وهو غريب. انتهى كلامه.
وما نقله عن "التنبيه" من وجوب الثلاثة: صحيح، وإن كان قد مثل بمثال آخر.
أما نقله ذلك عن "التتمة" فغلط، فإنه ليس لهذا الوجه ذكر فيها بل فيها عوضه وجه آخر أنه يلزمه خمسة، فتلخص من مجموع الكتابين أن في المسألة ثلاثة أوجه.
وقد ادعى النووي في أصل "الروضة" أنه لا يلزمه إلا سبعة قطعًا.
قوله: وهل عليه مهر مثلها ثيبًا وأرش الافتضاض أو عليه مهر مثلها بكرًا. ذكروا فيه وجهين ورجحوا الأول انتهى.
وهذه المسألة فيها اضطراب شديد سبق ذكره في البيع في الكلام علي المناهي المقتضية للفساد.
قوله: فإن وطئ عالمًا بالتحريم، وانفصل الولد ميتًا بلا جناية ففي وجوب الضمان وجهان:
(1) سقط من أ.
أحدهما: وهو ظاهر النص الوجوب لثبوت اليد عليه تبعًا للأم.
ويحكى عن الأنماطي، وأبي الطيب ابن سلمة واختاره القفال.
والثاني: المنع. وبه قال أبو إسحاق واختاره الشيخ أبو محمد والإمام وصاحب "التهذيب" لأن جنايته غير منتفية وسبب الضمان هلاك رقيق تحت يده. انتهى.
لم يصرح بتصحيح في الروضة أيضًا، والصحيح: عدم الوجوب.
كذا رجحه الرافعي بعد هذا بنحو ثلاثة أوراق فقال: وإن انفصل الولد ميتا، فالظاهر: أنه لا ضمان، وكذا إذا انفصل ميتًا في يد الغاصب. هذا لفظه فتفطن له، فإن كلامه هنا يوهم عكسه، ورجحه أيضًا في "الشرح الصغير" هنا فقال أقوى الوجهين: لا يجب شيء.
وصححه أيضًا الماوردي والغزالي.
قوله: في المسألة ويجري الوجهان في حمل البهيمة المغصوبة، فإن أوجبنا الضمان فهو قيمة يوم الانفصال لو كان حيا في ولد الجارية والبهيمة جميعًا، وخرج الإمام وجهًا في ولد الجارية أنه يضمن بعشر قيمة الأم تنزيلًا للغاصب منزلة الجاني. انتهى.
وما ذكره آخرًا من حكاية هذا الوجه عن تخريج الإمام قد تابعه عليه في "الروضة" وهو غريب، فقد صرح القفال في "فتاويه" بذلك حكمًا وتوجيهًا، فإنه حكى الخلاف فيما إذا غصب عبدًا فذهبت إحدى عينيه، هل يلزمه النقص، أو يجعل كجناية الأجنبي؟
ثم فرع مسألتنا عليها فقال: وإن قلنا يغرم النقص هناك، ففي هذه المسألة يغرم النقص إن دخلها نقص بالإلقاء، وإن لم يدخل فلا شيء وإن جعلنا كجناية الأجنبي فيغرم عشر قيمة الأم، هذا لفظه بحروفه.
قوله: ولو ردها وهي حبلى فماتت في يد المالك من الولادة، ذكر أبو عبد
الله القطان في "المطارحات" أنه لا شيء عليه في صورة العلم؛ لأن الولد ليس منه حتى يقال ماتت من الولادة بولده، وأن في صورة الجهل قولين.
واعلم أن لوجوب الضمان في هذه الصورة مأخذين:
أحدهما: أنه أحبل جارية الغير، إما بالشبهة أو بالزنا، وفي كونه سبب الضمان ما قدمناه في الرهن.
والثاني: أنه حصل نقصان، وإن وجد أثره بعد الرد إلى المالك، كما لو جنى المغصوب عند الغاصب فرده، ثم بيع في يد المالك.
وأطلق صاحب "التتمة" القول بوجوب الضمان للمأخذ الثاني. انتهى كلامه.
والراجح في حالة الجهل وجوب الضمان كذا صححه الرافعي في الباب الثالث من أبواب الرهن.
وأما في حالة العلم، فقياس المذكور هناك أيضًا: عدم الوجوب فيه كما سبق ذكر لفظه في موضعه فراجعه.
لكن صحح النووي هنا من "زياداته" ما قاله المتولي من الوجوب في المسألتين ذهولًا عما سبق فوقع في التناقض.
قوله: فرع في "ذخيرة البندنيجي": لو وطئ الغاصب بإذن المالك فحيث لا نوجب المهر إذا لم يأذن فهاهنا أولى، وحيث نوجبه فقولان محافظة على حرمة البضع.
وفي قيمة الولد طريقان:
أحدهما: أنه على الخلاف في المهر.
والثاني: القطع بالوجوب لأنه لم يصرح بالإذن في الإحبال، انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" على عدم التصحيح في المسألتين وقد تقدم في وطء
المرتهن بإذن الراهن أن الأظهر: وجوب المهر، وتقدم فيه أيضًا الجذم بقيمة الولد، وما نحن فيه مثله فيؤخذ الرجحان من هناك.
قوله: في أصل "الروضة" في الكلام على ما يرجع به المشتري على الغاصب.
الرابع: لا يرجع بقيمة الولد المنعقد حرًا على المذهب.
وقيل قولان، ويرجع بأرش نقص الولادة على المذهب وبه قطع العراقيون، وقيل: وجهان. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره رحمه الله في قيمة الولد من كونه لا يرجع على المذهب غلط، سببه: انعكاس كلام الرافعي عليه، والصواب المعروف وهو المذكور في "شرحي الرافعي" و"محرره" وفي "المنهاج" أنه يرجع، وكذلك في "الروضة" أيضًا في الكلام على ما إذا غُر بحرية أمه.
الأمر الثاني: أن الطريقة الحاكية للقولين في ذلك نقلها الرافعي عن الأستاذ أبي إسحاق في "شرح الفروع" وعلله بأن نفع حرية الولد يعود إليه، فيكون على قولي المهر، والذي نقله في "التتمة" عنه القطع بأنه لا يرجع.
الثالث: أن الرافعي لم يصحح شيئًا في الرجوع بأرش نقض الولادة أصلًا فاعلمه، فإنه قال: قطع العراقيون بأنه يرجع به، وعن غيرهم خلافه.
قال الإمام: وسبيله سبيل النقصان الخاص بالآفات السماوية، هذا لفظه.
ونقل في "المطلب" عن الجمهور أنه لا يرجع ونص عليه في "البويطي" الرابع: أن الخلاف في الآفة السماوية قولان كما ذكره في "الروضة"] (1) فكان صوابه أن يقول: وقيل: قولان.
(1) سقط من أ.
الخامس: أن ما ادعاه من قطع العراقيين بالرجوع غريب جدًا، فإن أكابرهم قد قطعوا بعدم الرجوع كالبندنيجي والماوردي والقاضي أبي الطيب وسليم.
قوله: في المسألة والفرق أن الواهب متبرع والبائع ضامن سلامة الولد بلا غرامة. انتهى كلامه.
وهذا التعليل الذي ذكره غير صحيح ومناقض لما قدمه فإنه لو كان كما قاله لكان يلزم أن لا يجب للبائع بيعا فاسدًا على المشتري قيمة الولد وليس كذلك كما تقدم في موضعه.
وهذه المسألة قد افترق فيها الغصب والبيع الفاسد، لأن المشتري يرجع على الغاصب بقيمة الولد كما تقدم، ولعل سببه أن الغاصب غار بخلاف المالك إذا باع بيعًا فاسدًا.
قوله: منها حمال أسند خشبة. . . . إلى آخره.
هذه المسألة قد أعادها في كتاب الجنايات في أول الطرف الثاني المعقود لاجتماع العلة والشرط وأهمل منها هاهنا قسما ذكره هناك وهو ضمان ما يتلف بالجدار الذي له أو لغيره وقد أذن الغير في الإسناد.
قوله: ومنها: لو غصب شاة وأنزى عليها فحلًا فالولد للمغصوب منه، ولو غصب فحلًا وأنزاه على شاته فالولد للغاصب ولا شيء عليه للإنزاء فإن نقص غرم الأرش، وينبغي أن يخرج وجوب شيء للإنزاء على الخلاف في صحة الاستئجار له. انتهى.
قال في "الروضة": هذا التخريج لابد منه، وإنما فرعوه على الأصح. والله أعلم.
وهذا الكلام منهما يقتضي عدم الوقوف على نقل هذا التخريج وهو غريب.
فقد صرح به في "البيان" في هذا الباب وهما يكثران من النقل عنه.
فقال: بعد مضي نحو كراسين من أول الباب: فرع: وإن غصب من رجل فحلًا فأنزاه، ثم قال: وأما الأجرة، فإن قلنا: يجوز استئجار الفحل للضراب، لزمه أجرته.
وإن قلنا: لا يجوز، وهو الصحيح، لم يلزمه. هذا لفظه.
قوله: قال في "التتمة": لو غصب من الغاصب فأبرأ المالك الأول عن ضمان الغصب صح الإبراء، لأنه مطالب بقيمته، فهو كدين عليه. انتهى كلامه.
تابعه في "الروضة" أيضًا عليه، وينبغي أن يتفطن إلى أنه خلاف الصحيح، وذلك لأنه لا جائز أن يكون هذا الإبراء بعد تلف المغصوب لأنه بعد التلف دين حقيقي.
فلا يقال كدين عليه فتعين أن يكون قبله. وحينئذ فالإبراء في هذه الحالة إبراء عن قيمة مأخوذة للحيلولة والصحيح منعه كما ذكره الرافعي وغيره.
قوله: ولو رد الدابة إلى إسطبله قال في "التتمة": يبرأ أيضًا إذا علم المالك أو أخبره من يعتمد خبره. انتهى.
وهذه المسألة فيها كلام سبق ذكره في العارية.
قوله من "زوائده": ولو غصب مسكًا أو عنبرًا أو غيرهما مما يقصد شمه، ومكث عنده لزمه أجرته. انتهى كلامه.
وهذه المسألة سبق ذكرها في كلام الرافعي، ذكرها في الباب الأول من النوع الثاني المعقود لضمان المنافع.