الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب اللقيط
وفيه بابان:
الباب الأول: في الالتقاط
قوله: في وجوب الإشهاد إذا وجد اللقيط طريقان: أحدهما: أنه على وجهين أو قولين كما قدمنا في اللقطة، وأظهرهما القطع بالوجوب، انتهى.
وما ذكره هنا من ترجيح طريقة القطع ذكر مثله في الشرح الصغير أيضًا ثم خالف في "المحرر" فجزم بطريقة الخلاف فقال ما نصه وأصح الوجهين وجوب الإشهاد عليه هذا لفظه وتبعه النووي في "الروضة" و"المنهاج" على الموضعين.
قوله: وأظهر الوجهين تقديم الغني على الفقير وعلى هذا لو تفاوتا في الغنى فهل يقدم أكثرهما مالًا؟ فيه وجهان حكاهما الإمام، انتهى.
والأصح عدم التقديم كذا صححه في "الروضة" من زياداته.
قوله: وإن وجده البدوي في حِلَّة أو قبيلة في البادية، فإن كان من أهل حلة مقيمين في موضع راتب أقر في يده وإن كان ممن ينقلون من موضع إلى موضع منتجعين ففي منعه وجهان. انتهى.
والأصح أنه لا يمنع، فقد قال في "المحرر": إنه الأشبه، وفي "الروضة": إنه الأصح ولم يصحح شيئًا في "الشرح الصغير" أيضًا.
قوله: ولو اجتمع على لقيط في القرية قروي مقيم بها وبلدي، قال ابن كج: القروي أولى، وهذا تخريج على منع النقل من بلد إلى بلد فإن جوزنا وجب أن يقال هما سواء. انتهي.
قال في "الروضة": المختار الجزم بتقديم القروي مطلقا كما قاله ابن
كج، وإنما يجوز النقل إذا لم يعارضه معارض.
قوله: قال الغزالي في الكتاب: وينفق على اللقيط مما وقف على اللقطاء، أو وهب منهم أو أوصى لهم، لكن الهبة لغير معين مما تستبعد، ويجوز أن تنزل الجهة العامة منزلة المسجد حتى يجوز تمليكها بالهبة كما يجوز الوقف عليها، وحينئذ فيقبله القاضي. انتهى ملخصًا.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذه المسألة التي توقف فيها الرافعي قد حذفها النووي من "الروضة" ولما عدا الأركان في باب الهبة، قال: هي أربعة، الأول والثاني العاقدان وأمرهما وأصح هذه عبارته، لكن قد حصل التوقف في هذه المسألة العارضة، وهي من جملة الركنين، وحينئذ فينبغي الوضوح.
الأمر الثاني: أن كلامه صريح في اشتراط القبول بتقدير إلحاق الهبة بالوقف في الصحة إذا كانت لجهة عامة، لكن الوقف لا يشترط فيه القبول إذا كان على الجهة، وقياس الهبة كذلك، نعم أورد الرافعي في كتاب الوقف سؤلا يقتضي الاشتراط فلم يجب عنه.
قوله: في "الروضة" والدنانير المنثورة فوق اللقيط له، كذا المضوية تحته وتحت فراشه، وفي التي تحته وجه ضعيف، انتهى.
ومقتضاه القطع بأن الذي تحت فراشه له وجريان الخلاف في ما فوق الفراش وتحت الطفل وهو غير منتظم وهنا الخلاف قد صرح به الماوردي وحكاه على الصواب فإنه قطع بأن الذي فوق الفراش، وعلل المنع بأن الدراهم لم يجر عادتها أن تكون مبسوطة على الأرض وعبارة الرافعي أيضًا موهمة، فإنه قال: وكذا الدنانير المصبوبة تحته وتحت فراشه وحكى ابن كج وجهين في التي تحته هذه عبارته وحاصلها أن الرافعي لما حكى ما قال ابن كج وقد رأى في كلامه التعبير بتحت لزم ذكرها وهي قابلة للتأويل محتملة
ومحتاجة إلى فهم ما ذكره ابن كج قبلها فتصرف النووي وعبر بعبارة من عنده زادته خللا وعينته للفساد.
قوله: في "الروضة" ولو كان من جهة أو دار ليس فيها غيره فهما له، وعن "الحاوي" وجهان في البستان، قلت وطرد صاحب "المستظهري" الوجهين في الضيعة، وهو بعيد وينبغي القطع بأنه لا يحكم له بها، والله أعلم.
وما ذكره النووي غريب، فإن الماوردي قد جمع بين الضيعة والبستان في حكاية الوجهين فقال: والضرب الثاني أن يكون مما لم تجر العادة بسكناه كالبساتين والضياع فعلى وجهين:
أحدهما: يحكم بأنه ملكه كالدور.
والثاني: لا لأن سكنى الدار تصرف وليس الحصول في البستان سكنى ولا تصرف هذه عبارة الماوردي ولا شك أن إقتصار الرافعي على البستان هو الذي أوقع النووي في الوهم إلا أن الذي نقل الرافعي عنه ذلك إنما حكاه فيه خاصة.
قوله: وإن كان بقرية مال فلا يجعل له في أصح الوجهين كالبعيد.
والثاني: نعم لأن مثل هذا يثبت اليد والإختصاص في حق البالغ، انتهى.
ومحل الخلاف كما قاله في "الحاوي" في ما إذا كان الموضع منقطعًا قليل المارة، فإن كان أهلا كبير الطروق كان لقطة.
واعلم أن ما جزم به الرافعي من جعله للبالغ، واستدل به على عدم جعله للصبي، وفرق بينه وبين الكبير بأن الكبير يقدر على إمساك ما يقاربه من مال أو فرش، فإذا لم يفعل إرتفعت يده فزال الملك بخلاف الصغير.
قوله: ولو كانت الدابة مشدودة باللقيط وعليها راكب، قال ابن كج: هو بينهما. انتهى.
وهذا الذي نقله عن ابن كج من كون اللقيط يشارك الراكب، وأقره هو
والنووي عليه ليس هو الصحيح فإن اللقيط والحالة هذه غايته أن يكون كرجل عاقل قائد لدابة عليها راكب، والصحيح فيها أن اليد للراكب، كما ذكره الرافعي في آخر كتاب الصلح، فقال: أنه المذهب، ونقل مقابله عن أبي إسحاق المروزي فقط، وذكر المسألة أيضًا في كتاب ضمان البهائم، وحكى فيها وجهين من غير ترجيح، واقتضى كلامه جريان الخلاف في السابق مع الراكب أيضًا، ولم يذكرها في "الروضة" لا في الصلح ولا في ضمان البهائم.
قوله: فإن لم يعرف للقيط مال ففيه قولان:
أصحهما: أنه ينفق الإمام عليه من بيت المال.
والثاني: يستعرض له الإمام من بيت المال أو بعض الناس.
فعلى هذا إن لم يكن في بيت المال شيء ولم يقرض أحد جمع الإمام الإمام أهل الثروة من البلد وبسط عليهم نفقته وجعل نفسه منهم، ثم إن بان رقيقًا رجعوا على سيده، وإن بان حرًا وله مال أو قريب فالرجوع عليه، وإن بان حرًا لا قريب له ولا مال ولا كسب قضى الإمام حقهم من سهم الفقراء أو المساكين أو الغارمين كما يراه. انتهى كلامه.
وما ذكره من الرجوع على القريب خلاف القواعد، فإن نفقة القريب تسقط بمرور الزمان، وقد نبه النووي أيضًا على ضعفه، فقال: اعتبار القريب غريب قل من ذكره، قال: وهو ضعيف.
قوله: فإن قلنا نفقته في بيت المال فتعذر قام المسلمون بكفايته، وطريقة طريق القرض وفي قول طريق النفقة، ثم قال: ولم يتعرض الأصحاب لطرد الخلاف في أنه إنفاق أو إقراض إذا كان في بيت المال مال، وقلنا نفقته منه، والقياس طرده. انتهى.
قال في "الروضة": ظاهر كلامهم أنه اتفاق فلا رجوع لبيت المال قطعًا.
قال: وهذا هو المختار الظاهر.
قوله: وإذا كان للقيط مال فهل يستقل الملتقط بحفظه؟ فيه وجهان: أصحهما على ما يقتضيه كلام البغوي الاستقلال انتهى.
والراجح ما قاله البغوي، كذا رجحه الرافعي في "الشرح الصغير"، وعبر بقوله: أرجحهما وعبارة "المحرر" رجح بينهما.
وصححه النووي في "المنهاج" واقتصر في "الروضة" على النقل عن "المحرر" لكنه عبر بقوله رجح الرافعي، وقد ظهر لك أنه ليس كذلك بل هو كالكبير سواء عبر أنه صرح في الكبير بالفاعل وبناه للمفعول في "المحرر" وكأنه نقل عن "المحرر" من "المنهاج".
قوله: وعلى الوجهين ليس له إنفاقه على اللقيط إلا بإذن القاضي، فإن فعل ضمن وفي كتاب القاضي ابن كج وجه غريب أنه لا يصير ضامنًا، انتهى كلامه.
وما ذكره من حكاية ذلك وجهًا وأنه غريب كلاهما غريب، فإن المسألة فيها قولان شهيران حكاهما القفال والشيخ أبو محمد في المسلسلة في كتاب الدعوى في الكلام على مسألة الظفر بالحق من الغريم، وبنى عليها مسألة أخرى وقد ذكر الرافعي أيضًا هذا الخلاف في الموضع المشار إليه، وسوف أذكره إن شاء الله تعالى هناك لأجل اعتراض عليه فراجعه.