الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني: في كيفية الصرف إلى الأصناف
قوله: ولو قال: لا كسب لي، وكان قويًا جلدًا، وقال: لا مال لي، واتهمه الإمام ففي تحليفه وجهان، قال في "التهذيب": إنه لا يحلف. انتهى ملخصًا.
ذكر مثله في "الشرح الصغير"، والأصح ما قاله في "التهذيب"، فقد صححه أيضًا الشيخ أبو إسحاق في "التنبيه"، ولكنه اقتصر على المسألة الأولى، وصححه النووي في "شرح المهذب" وأصل "الروضة".
قوله: والفقير الذي لا يحسن الكسب بالحرفة ولا بالتجارة، قال العراقيون وطائفة سواهم: تعطي كفاية العمر الغالب، ولا يتقدر بالشهر ولا بالنسبة، وروى آخرون منهم صاحب "التهذيب"، والمصنف تقديره بكناية السنة. انتهى كلامه.
وذكر نحوه في "الشرح الصغير" أيضًا وليس فيه تصريح بتصحيح، وقد جزم في "المحرر" باعتبار السنة، وخالفه النووي فصحح في كتبه اعتبار العمر الغالب، قال: وقد نص عليه الشافعي، ونقله الشيخ نصر عن جمهور أصحابنا.
قوله: في "الروضة" فرع للإمام الخيار إن شاء دفع الفرس والسلاح إلى الغازي تمليكًا وإن شاء استأجر له مركوبًا وإن شاء اشتري خيلًا من هذا السهم ووقفها في سبيل الله فيعيرهم إياها عند الحاجة. انتهى.
وما ذكره في أخر كلامه من الإعارة يقتضي تضمينه بتقدير التلف، وهو عجيب فإن انتفاع الموقوف بما وقف عليه ليس عارية، بل لكونه بعض المستحقين ولهذا المعنى لا يتصور القول بتضمينه، وأيضًا فالغازي المذكور يجوز أن يملك هذه الأشياء فكيف يضمنها على تقدير الوقف عليه، وأيضًا فالمعير لابد أن يكون مالكًا للمنفعة، وهذا منتف هنا وبالجملة، والرافعي
سالم من ذلك فإنه عبر بقوله: فيعطيهم عند الحاجة، هذا لفظه، فعدل عنه في "الروضة" إلى العارية سهوًا.
قوله: ولا يسمى للعامل أكثر من أجرة المثل فإن فعل فتفسد التسمية من أصلها أو يكون قدر أجرة المثل من الزكاة وما زاد في خالص مال الإمام، فيه وجهان في "أمالي" أبي الفرج. انتهى.
والأصح هو الأول كذا صححه في "زيادات الروضة".
قوله: من "زياداته": قال الشيخ نصر: إذا قلنا: لا يعطي إلا بسبب واحد، فأخذ بالفقر كان لغريمه أن يطالبه بدينه فيأخذ ما حصل، وكذا إن أخذه بكونه غارمًا، فإذا بقي بعد أخذه منه فقيرًا فلابد من إعطائه من سهم الفقراء لأنه الأن محتاج. انتهى كلامه.
واعلم أنه قد سبق أن الأرجح منع المكاتب من إنفاق ما أخذه، وسبق أن الغارم كالمكاتب، وحينئذ فإن كنا نقول: إن الأخذ بصفتين لا يجوز، وقلنا: بأنه يتعين صرف المأخوذ لما أخذه، لزم امتناع الأخذ ثانيًا في مسألتنا.
قوله: فإن قسم المالك بنفسه، أو لم يكن هناك عامل سقط سهم العامل وقسم على الأصناف السبعة، وروى الحناطي عن النص سقوط سهم المؤلفة أيضًا، ثم قال: ويجوز أن يعلم بالواو لأنه أعني: الحناطي حكى عن الأصطخري أنه يجوز الصرف إلى ثلاثة من الفقراء. انتهى.
وهذا الوجه المنقول عن الإصطخري قد حذفه من "الروضة".
قوله: وإن قسم المالك فينظر إن أمكن الاستيعاب بأن كان المستحقون في البلد محصورين بقي لهم المال، فقد أطلق في "التتمة" وجوب الاستيعاب، وقيد الوجوب في "التهذيب" بما إذا لم يجوز نقل الصدقة فلا يستحب فإن لم يمكن فلا وجوب ولا استحباب، لكن لا ينقص عن ثلاثة من كل صنف. انتهى كلامه.
وهو يدل على وجوب الاستيعاب عن الإمكان وذلك بأن ينحصر وعلى أنه لا يختلف الحال في المحصورين بين أن يقل عددهم أو يكثر حتى يجب استيعاب المحصورين إذا أرادوا على ثلاثة.
إذا علمت ذلك فقد ذكر بعد الكلام على صدقة التطوع في المسائل المنثورة أن الاستيعاب لا يجب إذا زادوا على ثلاثة، فقال: ومتى يستحق أهل السهمان الزكاة؟ قال الشافعي رضي الله عنه: يستحقون يوم القسمة إلا العامل فإنه يستحق بالعمل وذكر في موضع آخر أنهم يستحقون يوم الوجوب.
قال الأصحاب: ليس في المسألة اختلاف قول، لكن النص الثاني محمول على ما إذا لم يكن في البلد إلا ثلاثة أو أقل، ومعنا نقل الصدقة فيستحقون يوم الوجوب حتى لو مات واحد دفع نصيبه إلى ورثته وإن غاب أو أسر فحقه بحاله وإن قدم غريب لم يشاركهم، والنص الأول محمول على ما إذا لم يكونوا محصورين في ثلاثة أو كانوا محصورين وجوزنا نقل الصدقة فيستحقون بالقسمة حتى لا حق لمن مات أو غاب أو أسر بعد الوجوب، وقيل: القسمة، وإن قدم غريب شاركهم. انتهى كلامه.
وهو صريح في أنه لا يجب الاستيعاب إذا زادوا على ثلاثة والأول دال على خلافه، ولهذا قيده بقوله: بقي لهم المال، والثلاثة يجب الصرف لهم سواء، وفي المال بقدر حاجتهم أم لم يوف.
وذكر في الباب الثاني من كتاب الوصية في الطرف الثاني منه نحو ذلك أيضًا فقال: والوصية لأصناف الزكاة في أنه لا يجب الاستيعاب ويقتصر على ثلاثة، والأولى استيعاب الموجودين عند الإمكان كما في الزكاة، هذه عبارته، وتبعه في "الروضة" علي هذه المواضع.
وقد يقول القائل: يجمع بين ذلك بأن يحمل الكلام الأول على ما إذا
لم يوف ويتلخص من كلا النقلين أنهم إن كانوا ثلاثة فأقل تعين الصرف إليهم وفا بهم المال أم لا، وإن كان أكثر من ثلاثة فإن عسر ضبطهم كان الملك للجهة، ويجوز الاقتصار في الصرف على ثلاثة أقسام، وهؤلاء إنما يملكون يوم القسمة، وإن سهل ضبطهم فإن وفى المال بحاجتهم كانوا كالثلاثة وإن لم يوف كانوا كما لو عسر ضبطهم لكن يستحب التعميم، وكلام القاضي أبو الطيب يدل على ما قلناه فإن قال: أن الشافعي رضي الله عنه قال: يستحقون يوم القيمة، وأراد ما إذا لم تكن الأصناف معينة بأن كان في البلد أكثر من ثلاثة والزكاة لا تتسع للكل فَلِرَبّ المال أن يخص بها ثلاثة من كل صنف.
واعلم أن هذا الجمع وإن صح لزم منه أمران:
أحدهما: أنه لا يتعين حمل النص الثاني المذكور في الموضع الثاني على الثلاثة فقط والرافعي قد ادعاه كما سبق.
الثاني: فساد قول النووي في "التصحيح"، والأصح: أنه يجب استيعاب آحاد الصنف إذا كانوا محصورين.
قوله: نقلًا عن "التهذيب": وليس كما أوصى لفقراء بلد معينة وهم محصورون حيث يجب تعميمهم والتسوية بينهم وهاهنا أي في الزكاة إذا كانوا محصورين يجب التعميم ولا يجب التسوية لأن الحق في الوصية لهم على التعيين حتى لو لم يكن هناك فقير تبطل الوصية، وهذا إذا قسم المالك فإن قسم المال قال في "التتمة": لا يجوز تفضيل بعضهم عند تساوي الحاجات. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن ما نقله عن "التهذيب" وأقره من أن التسوية لا تجب عند حصرهم لم يصرح به في "الروضة" وهي مسألة مهمة.
قال في "الروضة": وما ذكره في "التتمة" من التفصيل وإن كان قويًا فهو خلاف مقتضى إطلاق الجمهور استحباب التسوية.
الثاني: أن ما نقله عنه أيضًا أي عن "التهذيب" من بطلان الوصية إذا لم يجود أحد من الفقراء، قد حذفه من "الروضة" أيضًا هنا استغناء عنه يذكره له في كتاب الوصية قُبَيْل المسائل الحسابية فإنه جزم به تبعا للرافعي هناك لكنه ذكر من "زياداته" في أخر كتاب الحج قُبَيْل باب الهدي ما يخالفه، وقد سبق ذكر لفظه هناك، فراجعه.
الثالث: في معرفة ضابط المحصور وغيره وقد أشبعت الكلام في المسألة السابقة.
قوله فيها: ولو لم يوجد من الصنف إلا دون الثلاثة فهل يصرف باقي السهم إلى الذي وجده أم ينقل إلى بلد أخر؟ قال المتولي: هو كما لو لم يوجد الصنف. انتهى.
مقتضاه أن يكون الأصح عند المتولي هو الرد، والأمر كما وضحه أعني المتولي فقد نقله الشيخ نصر وصاحب "العدة" عن نص الشافعي، ونقله عنهما النووي وقال: إنه الأصح.
قوله: وإذا لم نجوز نقل الصدقة فعدم بعض الأصناف فوجهان:
أحدهما: تنفذ إلى ذلك الصنف بأقرب البلاد.
وأصحهما: الرد على الباقين.
ثم قال: وإن نقص نصيب بعضهم عن الكفاية وزاد نصيب بعضهم فيصرف ما زاد إلى من نقص نصيبه، أو ينقل إلى ذلك الصنف بأقرب التلاد فيه مثل هذا الخلاف. انتهى.
ومقتضاه أن الأصح في الصورة الثانية الرد على الباقين أيضًا.
إذا علمت ذلك فقد تابعه عليه النووي في "الروضة" وعبر بقوله: ففيه
هذا الخلاف، وكذا ذكر أيضًا في "شرح المهذب" إلا أنه لم يصرح بتصحيح في المسألة الأولى، وصحح عكسه في "تصحيح التنبيه" فقال: الأصح أنه ينقل إلى ذلك الصنف، ولا ذِكْر للمسألة في "المحرر" ولا في "مختصره".
قوله: وفي جواز نقل الوصية طريقان:
أحدهما: أنه على الخلاف في الزكاة، وهذا ما حكاه يعني الغزالي هاهنا.
والثاني: ترتيب الوصية على الزكاة والوصية أولى بالجواز، وهذا ما ذكره هناك وألحق بالوصية الكفارات والنذور، والظاهر فيهما جميعًا جواز النقل. انتهى.
وما صححه من جواز النقل في الوصية قد تقدم في بابها من كلامه ما يقتضي المنع وكلام الغزالي في "الوجيز" هاهنا مشتمل على طريقين فإنه بعد حكاية الخلاف في الزكاة، قال ما نصه: وقيل: يطرد هذا الخلاف في الكفارات والنذور والوصايا والأظهر فيها جواز النقل، هذا لفظه.
فحصل من مجموع كلامه ثلاث طرق، والرافعي لم ينقل سوى طريقين.
قوله: واعلم أن الخلاف في جواز النقل ظاهر في ما إذا فرق رب المال زكاته أما إذا فرق الإمام فربما اقتضى كلام الأصحاب طرد الخلاف فيه، وربما دَلّ على جواز النقل له، والتفرقة كيف شاء وهذا أشبه. انتهى.
استدرك عليه في "الروضة" و"شرح المهذب" فقال: قال صاحب "المهذب" والأصحاب: يجب على الساعي نقل الصدقة إلى الإمام إذا لم يأذن له في تفريقها وهذا نقل. انتهى كلامه.
قوله: وزكاة النقدين والمواشي وأموال التجارة تؤدى إلى فقراء البلد الذي تم فيه حولها، فإن كان المال عند تمام الحول في بادية صرف إلى فقراء أقرب البلاد إليه، زاد في "الروضة" على هذا فقال: ولو كان تاجرًا مسافرًا
صرفها حسب حال الحول. انتهى.
واعلم أن هذا الكلام أصلًا وزيادة يقتضي لعمومه أن لا فرق بين أن يكون المال مستقرًا أو سائرًا، لكن تقدم أنه إذا كان سائرًا فإنه لا يخرج زكاة حتى يصل إليه، كذا نقله في كتاب الزكاة عن صاحب "العدة" وأقره، ذكر في شروط الزكاة في الشرط السادس المعقود لتمام الملك وذكر نحوه في "الشرح الصغير" أيضًا، وتبعه عليه في "الروضة".
قوله: وأما زكاة الفطر إذا كان ماله ببلد وهو تاجر فبأيهما يعتبر؟ وجهان: أصحهما: بلد المال. انتهى كلامه.
وما ذكره من أن الصحيح اعتبار بلد المال ليس كذلك، بل الصحيح المشهور في "شرح المهذب" وغيره أن الاعتبار ببلد البدن.
قوله: فإن عرف الإمام من رجل أنه لا يؤدي زكاة أمواله الباطنة بنفسه فهل له أن يقول: إما أن تدفعها. . . . إلى آخره.
هذه المسألة نقله في "الروضة" إلي باب أداء الزكاة فتبعته على ذلك، وفيها أمور مهمة يتعين معرفتها فراجعها.
قوله: ويشترط في الساعي: كونه مسلمًا مكلفا عدلًا حرًا فقيهًا بأبواب الزكاة. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" ولكن يشترط مع ذلك أن يكون ذكرًا صرح به أبو الفتوح في تصنيفه في "أحكام الخناثى" وهو متجه فإنه ولاية.
قوله؛ فإن عَيَّنَ الإمام شيئًا يأخذه لم يعتبر الفقه، قال الماوردي: وكذا لا يعتبر الإسلام والحرية. انتهي.
توقف في "الروضة" في عدم اشتراط الإسلام فقال: فيه نظر، وصرح في "شرح المهذب" برده فقال: المختار: اشتراطه.
قوله: وفي "الأحكام السلطانية" أنه إذا كان الإمام عادلًا والأخذ جائرًا في القسم وجب كتمانها عنه، فإن أخذها طوعا أو كرها لم يجز، وعلى أرباب الأموال إخراجها بأنفسهم، وهذا خلاف ما في "التهذيب" أنه إذا دفع إلى الإمام الجائر سقط عنه الفرض، وإن لم يوصله المستحقين إلا أن يفرق بين الدافع إلى الإمام وإلى العامل. انتهى.
اعلم أن في الإمام بخصوصه خلاف مشهور صرح الرافعي في أوائل الكلام على أداء الزكاة بنقله عن رواية الحناطي، وكلامه هنا يقتضي عدم استحضاره، ولهذا تردد في أثنائه وأما إعزاء الجواز والسقوط إلى "التهذيب" فقط فلا معنى له فقد صححه هو وغيره هناك حتى أنه حكى الخلاف في أن الأفضل الإعطاء له أم لا؟ وقد استدرك في "الروضة" هنا عليه فقال: لا فرق بين الإمام والساعي، والأصح فيهما الإجزاء.
قوله: ووسم نعم [الصدقة](1). والفيء مسنون، روى عن أنس قال: غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة (2) وفائدته: تمييزها عن غيرها وأن يردها من وجدها إذا ضلت وأن يعرفها المتصدق فلا يعود إليها، فإنه يكره أن يتصدق بشيء ثم يشتريه، كذا قاله الشافعي. انتهى ملخصًا.
وما ذكره في أخر كلامه من كراهة شراء ما يتصدق به، قد تابعه عليه في "الروضة" ثم ذكر بعد ذلك بنحو ورقتين في أثناء الكلام على صدقة التطوع من "زوائده" ما يخالف إطلاق هذا فراجعه.
قوله: ويكره الوسم علي الوجه. انتهى.
(1) في "الروضة": الزكاة.
(2)
أخرجه البخاري (1431)، ومسلم (2119).
الصواب أنه حرام فقد ثبت في "صحيح مسلم"(1)، لعن فاعله، ونص عليه الشافعي في "الأم" فقال: والخبر عندنا يقتضي التحريم وجزم به البغوي، وقال النووي في "المنهاج" أنه الأصح، وفي "الروضة": إنه الأقوى، وفي "شرح المهذب"، إنه المختار، وفي "شرح مسلم": إنه الأظهر.
قوله: فيكتب على نعم الجزية: جزية أو صغار، وعلى نعم الصدقة: صدقة أو زكاة أو لله، نص عليه الشافعي رضي الله عنه واستبعده بعض من شرح "الكتاب"، لأن الدواب تتمعك في النجاسات، وتضرب أفخاذها بأذنابها وهي نجسة فلينزه اسم الله تعالى عنها، ورأيت هذا الاستبعاد لبعض المتقدمين ممن شرح "المختصر" ويجوز أن يجاب عنه بأن إثبات اسم الله تعالى هاهنا لغرض التمييز والإعلام لا على قصد الذكر والتبرك، ويختلف التعظيم والاحترام بحسب اختلاف المقصود ألا ترى أن الجنب يحرم عليه قراءة القرآن ولو أتى ببعض الفاتحة لا على قصد القراءة لم يحرم. انتهى ملخصًا.
وشارح "المختصر" المذكور الذي اتهمه ولم يصرح باسمه هو الداوودي المعروف بالصيدلاني واسمه: أبو بكر محمد بن داود بن محمد، وقد رأيت الإشكال المذكور في الشرح المشار إليه، وهو إشكال ظاهر، والجواب الذي ذكره الرافعي عنه جواب ضعيف، فإن الكتب وإن كان لقصد التمييز فلا يخرج به عن كونه معظمًا لكونه اسمًا من أسماء الله تعالى، وأما استدلاله بقراءة بعض الفاتحة فأضعف، فإنه إنما للجنب ذلك لكونه إذا لم يقصد القراءة لا يكون قرآنا، وحينئذ فلا يحرم وأما هنا فإنه، وإن قصد الإعلام فلا يخرج بذلك عن كونه اسمًا لله تعالى واسمه معظم، بل الإعلام بذلك
(1) أخرجه مسلم (2117) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
يستدعي إرادة التسمية حقيقة.
قوله: من "زياداته": ولو دفع سهم المؤلفة أو الغازي إليه فبان المدفوع إليه امرأة فهو كما لو بان عبدًا. انتهى.
وقد سبق في العبد أنه لا يجزيء على الصحيح، فاقتضى ذلك أن المرأة لا تستحق شيئًا من سهم المؤلفة كالعبد، وليس كما قاله، بل الراجح الإعطاء، وقد ذكره قبل ذلك على الصواب فقال في الكلام على صنف الفقراء ما نصه: وللزوج أن يعطي زوجته من سهم المكاتب والغارم قطعًا ومن سهم المؤلفة على الأصح، وبه قطع في "التتمة" وقال الشيخ أبو حامد، لا تكون المرأة من المؤلفة وهو ضعيف. انتهى.
وذكر أيضًا مثل هذه العبارة في "شرح المهذب" في الموضع المذكور وصححه أيضًا في الكلام على المؤلفة، وهذا الفرع المذكور في "الروضة" ذكره في "شرح المهذب" في أخر الباب نقلًا عن القاضي أبي الفتوح فقط، ثم قال: ونقله عنه صاحب "البيان" فنقله من الشرح المذكور من غير إعزائه غير مستحضر ما سبق له، ولهذا ذكره في "الروضة" في أخر الباب كما ذكره في الشرح المشار إليه.
قال رحمه الله: الكلام على صدقة التطوع.
قوله: أيضًا من "زوائده": اختلاف رب المال والساعي على ضربين.
أحدهما: أن لا تكون دعوى رب المال لا تخالف الظاهر لدعواه أن النتاج بعد الحول.
والثاني: أن تخالفه كقوله: كنت بعته في أثناء الحول ثم اشتريته، وفي الضربين إذا اتهمه الساعي حلفه واليمين في الضرب الأول مستحبة بلا خلاف، وفي الضرب الثاني مستحبة على الأصح، وقيل: واجبة. انتهى ملخصًا.
وما ادعاه من عدم الخلاف في الأول ليس كذلك فقد حكى القاضي الحسين والفوراني في الصورتين ثلاثة أوجه: ثالثها: التفصيل، ونقلها عنه ابن الرفعة في باب قسم الصدقات من "الكفاية".
قوله: وأما ذوو القربى فالمشهور أنها لا تحرم عليهم صدقة التطوع، ثم قال: وفي "التتمة" حكاية قول أخر أنه تحرم الصدقة عليهم. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما ذكره هاهنا من حكاية التحريم قولًا قد خالفه في "الشرح الصغير" فجعله وجهًا فقال: المشهور أنها لا تحرم على ذوي القربة صدقة التطوع وفيه وجه. انتهى فحكاهما أيضًا وجهين الإمام هنا والغزالي في أوائل النكاح.
الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" قد تابع الرافعي على جزمه بطريقة القولين ثم إنه حكى في "شرح المهذب" طريقين وصحح طريقة القطع فقال: فيه طريقان:
أصحهما: وبه قطع المصنف والأكثرون: يحل.
والثاني: حكاه البغوي وآخرون من الخراسانيين فيه قولان: أصحهما: يحل والثاني: يحرم.
قوله: وإلى الأقارب والجيران أفضل وكذا الصدقة المفروضة والكفارات صرفها إليهم أفضل إذا كانوا بصفة استحقاقها فالأولى أن يبدأ بذي الرحم كالأخوة والأخوات. . . . إلى آخره. انتهى.
تابعه في "الروضة" وهو يقتضي أن الأب والأم لا يدخلان في استحباب تقديمهما على الأجانب في صدقة التطوع من وجهين.
أحدهما: أنهما لا يدخلان في لفظ الأقارب على الصحيح كما هو مذكور في كتاب الوصية.
والثاني: إسقاطهما في حال التفضيل وذكر المعدم وليس الاستدلال على ما يدل عليه هذا الكلام فقد قال في "شرح المهذب": قال أصحابنا: ولا فرق في استحباب صدقة التطوع، وتقديمه على الأجنبي بين أن يكون القريب ممن تلزمه نفقته أم لا، هذا كلامه، حتى قال بعده: قال البغوي: دفعهما إلى قريب تلزمه نفقته أفضل من دفعها إلى الأجنبي. انتهى.
وفي "الكافي" للخوارزمي من الجزم بما نقله في "شرح المهذب" عن البغوي.
قوله: واستحباب التصدق في شهر رمضان آكد. انتهى.
يكون أيضًا آكد من غيره في مواضع نبه عليها في زيادات "الروضة" فينبغي معرفتها وهي الكسوف والمرض والغزو والحج والأمور المهمة، وفي مكة والمدينة والأوقات الفاضلة كعشر ذي الحجة وأيام العيد.
قوله: وما فضل عن حاجته وحاجة عياله هل يتصدق بجميعه، حكى أبو سعد المتولي فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يكره ذلك، بل يستحب.
والثاني: لا يستحب ثم قال: وأصحها وهو المذكور في "الكتاب" أنه إن كان المتصدق قويًا بحيث يجد من نفسه قوة الصبر على الإضافة فيستحب له التصدق بالجميع وإلا لم يستحب بل يستبقي لنفسه ما يتحلل به. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن المتولي من حكاية وجه الاستحباب مطلقًا ليس مطابقًا لما في "التتمة" فإنه إنما عبر بعدم الكراهة ولا يلزم منها كونه مستحقًا فإنه قال: هل يستحب للرجل أن يتصدق بجملة ماله أم يكره له ذلك؟ اختلفوا في ذلك، فقيل: لا يستحب، هذا لفظه، ثم استدل على عدم
الاستحباب، ثم قال: وقيل: إن ذلك لا يكره، والصحيح: أن ذلك يختلف بأحوال الناس، فإن كان الرجل أقوى الاعتقاد بحيث لا يتغير عليه حاله إذا لم يكن في يده، قال فالأولى له أن يتصدق بجميع ماله، وإن كان الرجل ممن لا يصير علي الفقر فالأولى أن يتصدق بما فضل عنه ويستبقي لنفسه قدر ما يحتاج إليه. انتهى كلامه.
الأمر الثاني: أن تعبيره في الوجه الثالث بقوله: ويستبقي لنفسه ما يتعلل به، لا يطابق تعبير "التتمة" بقدر "الكفاية" فبينهما فرق ظاهر، وحذف في "الروضة" بيان ما يبقيه فلم يذكر ما في الرافعي ولا ما في "التتمة" فقال فيه أي: في الاستحباب، أوجه [. .](1) وإلا فلا.
قوله: ومن له عيال تلزمه نفقتهم أو عليه دين يحتاج إلى قضائه فلا يستحب التصدق، وربما [قال](2) يكره. انتهى.
زاد في "الروضة" على هذا فقال: هذه العبارة موافقة لعبارة الماوردي والغزالي والمتولي وآخرين، وقال القاضي أبو الطيب وأصحاب الشامل و"المهذب" و"التهذبب" و"البيان" والدارمي والروياني في "الحلية" وآخرون لا يجوز أن يتصدق بما يحتاج إليه لنفقته ونفقة عياله. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: إن الإشارة بقوله: هذه العبارة. . . . إلى آخره، لا جائز أن تكون إلى أقرب مذكور وهو الكراهة، وإن كان هو المتبادر إلى الفهم، فإنه قد نقل في "شرح المهذب" عن الماوردي والغزالي وغيرهما عدم الكراهة ولا جائز أن يعود إلى ما ذكره أولًا فقط لأنه قد نقل في الشرح المذكور عن المتولي، بل أشار بذلك إلى حاصل ما تقدم وهو الجواز فتفطن له.
(1) بياض بالأصل.
(2)
في الروضة: قيل.
ويدل عليه حكاية الخلاف الذي بعده غير أنه أساء التعبير بقوله: هذه العبارة، وقد علمت بما نقلناه من "شرح المهذب" التصريح بما توقف الرافعي وهو الخلاف في الكراهة.
الأمر الثاني: أن ما ذكره في الدين إنما يأتي إذا لم يطالب به صاحبه، فإن طالب فإنه لا سبيل إلى القول بالجواز لوجوب أدائه علي الفور بل في وجوب الفور عند عدم المطالبة أيضًا كلام ينبغي الوقوف عليه، سبق ذكره في كتاب الفلس.
وقد ذكر الرافعي في "الشرح الصغير" نحو ما ذكر في "الكبير" وكذلك في "المحرر" إلا أن النووي قد اختصره في "المنهاج" بقوله: ومَنْ له عليه دين أو له من يلزمه نفقته يستحب له أن لا يتصدق.
والرافعي عبر بقوله: لا يستحب له أن يتصدق، كما عبر في "الكبير" وبينهما تفاوت ظاهر.
قوله: أيضًا من "زياداته": وهذا -أي: التحريم- أصح في نفقة عياله والأول أصح في نفقة نفسه. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما قاله في النفقة مُسَلَّم في نفقة عياله، وأما نفقة نفسه فذكر مثله أيضًا في "المنهاج" من "زياداته" لكنه خالفهما في "شرح المهذب" وصحح المنع، وعَبَّر بالأصح أيضًا، فإنه حكى فيها وفي نفقة عياله ثلاثة أوجه ثم قال: أصحهما لا يجوز.
والثاني: أنه مكروه.
والثالث: أنه خلاف الأولى.
الأمر الثاني: إذا قلنا بالمنع في نفقة العيال كما صححه النووي فهل
يكون [. .](1) لا يجوز لأنها غير واجبة، ذكر ذلك في حديث الأنصاري المشهور الذي أطعمه قوت صبيانه، وحمل هذا الحديث على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين وإنما طلبوه على عادة الصبيان في الطلب من غير حاجة وجزم في "شرح المهذب" في هذا الباب يعكس ذلك فقال: أن الضيافة لا يشترط في جوازها الفضل عن نفقته ولا نفقة عياله أما كدها وكثرة الحث عليها.
قال: وليست الضيافة صدقة واستدل عليها بالحديث المذكور.
قوله: من "زياداته": أيضًا وأما الدّين فالمختار أنه إن غلب على ظنه حصول وفاته من جهة أخرى فلا بأس بالتصدق وإلا فلا تحل. انتهى.
ذكر نحوه في "شرح المهذب" أيضًا وكذلك في "المنهاج" وأبدل "المختار" بقوله: "الأصح" إذا علمت ذلك ففيه أمران:
أحدهما: أنه في "شرح مسلم" قد ذكر ما حاصله الجزم بالجواز لمن عليه دين ولم يفصل كما فصل هنا.
الثاني: أن غلبة الظن بحصول الوفاء لابد أن يستند إلى سبب ظاهر كذا صرح الغزالي في "الإحياء" وهو واضح فإنه والحالة هذه يكون كالمستدين ابتداء، وقد قال في "الروضة" من "زوائده" في الشهادات، وتباح الاستدانة لحاجة في غير معصية ولا سوف إذا كان مرجوًا الوفاء من جهة أو سبب ظاهر، هذا لفظه، وهي مسألة مهمة، وحيث منعناه من التصدق في جميع ما سبق فتصدق فهل يملكه المتصدق عليه قال ابن الرفعة ينبغي تخريجه علي الخلاف في هبة المال.
قال رحمه الله: ونردف الباب بمسائل من قسم الصدقات متفرقة.
قوله: وينبغي أن ابتداء في القسمة بالعاملين لأن استحقاقهم أقوى
(1) بياض في الأصل.
لكونهم يأخذون معاوضة. انتهى.
وهذا التقديم مستحب وقد نبه عليه في "الروضة" و"شرح المهذب".
قوله: ولو دفع المال بنفسه ثم بان المدفوع إليه كافرًا أو عبدًا أو من ذوي القربى لم يسقط الفرض وفيه وجه ضعيف وإن بان قولان:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة -يسقط لأن الغني لا يتحقق فيعذر كما لو دفع الإمام.
وأصحهما: المنع. انتهى كلامه.
وتفريقه بين هذه المسائل في حكاية القولين والوجهين يقتضي أن القولين خاصان بالغنى وأن ما عداه ليس فيه قولان، بل وجهان، وليس كذلك فقد حكى الشافعي القولين في الجميع فقال في "الأم" في باب علم قاسم الصدقة وهو بعد باب من طلب من أهل السهمان ما نصه وإن كان للقسم رب المال دون الوالي فعلم أن بعض من أعطاه ليس من أمل السهمان على مسكنه وغرم أو ابن سبيل فإذا هم مماليك أو ليس على الذي أعطاهم لها رجع عليهم واحد منهم فقسمه على أهله فإن ماتوا أو أفلسوا ففيها قولان:
أحدها: أن عليه ضمانه وأداءه إلى أهله.
ثم قال: والقول الثاني: أنه لا ضمان على صاحب الصدقة إذا قسمها على الإجتهاد. هذا كلام الشافعي.
قوله: وفي "البحر" للقاضي الروياني: أنه لو دفع الزكاة إلى مسكين وواعده أن يردها إليه بالبيع أو الهبة ليصرفها المزكي في كسوة المسكين ومصالحه ففي كونه قبضًا صحيحًا إحتمالان لأن التحلية لم تحصل على التمام، وأنه لو دفع الزكاة إلى مسكين، وهو غير عارف بالمدفوع بأن كان مشدودًا في حرفه أو كاغد لا يعرف جنسه وقدره وتلف في يد المسكين ففي سقوط الزكاة إحتمالان لأن معرفة القابض لا يشترط فكذلك معرفة الدافع.
انتهى كلامه.
لم يذكر في "الروضة" المسألة الأولى ولكنه جزم في قريب منها بعدم صحة القبض وأما المسألة الثانية فنقلها إلى قبيل صدقة التطوع، وقال: أن الأرجح فيها سقوط الفرض -أعني: الرافعي- تبعًا لصاحب "البحر" بقوله وتلف في يد المسكين لا معنى له، بل هو نبيذ مضر موهم لأن الحكم الذي ذكره وهو التردد في الإجراء لا فرق فيه بين تلف المدفوع وبقائه فتأمله.
قوله: من زوائده ومن تصدق بشيء كره له أن يتملكه من جهة من دفعه إليه بمعاوضة أو هبة ولا بأس بملكه منه بالإرث ولا يتملكه من غيره. انتهى.
وشرط الكراهة أن يعرفه المسكين خوفًا من المحاباة فإن لم يعرفه ولا يكره، ولكن الأولى أن لا يتملكه وكذلك إذا انتقل عنه إلى غيره عنه لله تعالى هكذا ذكره محمد بن داود الداوودي المعروف بالصيدلاني في "شرح المختصر" وفي المسألة كلام آخر يتعين الوقوف عليه سبق ذكره في الكلام على وسم نعم الزكاة فراجعه.
آخر الجزء السادس من تجزئة المصنف رحمه الله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.