الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الرابع: في "الوصاية
"
قوله: والوصاية مستحبة في رد المظالم وقضاء الديون وتنفيذ الوصايا وأمور الأطفال. انتهى كلامه.
فيه أمور:
أحدها: أن ما ذكره من التقييد بالأطفال قد تبعه عليه في "الروضة" وليس كذلك فقد صرح القاضي أبو الطيب وغيره بصحتها على المجنون وصرح مجلي في "الذخائر" بصحتها على السفيه الذي بلغ سفيها قياسًا على الصبي.
الأمر الثاني: أن ما ذكره من الاستحباب في رد المظالم وقضاء الديون قد استدركه في "الروضة" عليه فيه فقال: هذا إذا كان قادرًا عليها في الحال فإن كان عاجزًا عنها وجب عليه أن يوصي بهما، وفي ما قال نظر.
الأمر الثالث: أن الوصية بما عليه قد سبقت في أول كتاب الوصية، وفَصَّل بين أن يعلم به الغير أم لا، ووافقه عليه في "الروضة".
وذلك التفصيل مخالف لكل من هذين الجوابين، وقد تقدم الكلام عليه هناك فراجعه.
قوله: ولا تجوز وصاية مسلم إلى ذمي ويجوز عكسه، وتجوز وصاية الذمي إلى الذمي على الأصح بشرط العدالة. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: إذا كان المسلم وصيًا على ذمي وفوض إليه الموصي أن يوصي أيضًا عليه فالمتجه جواز إسناد الوصية عليه إلى ذمي مثله.
الأمر الثاني: أن الرافعي قد ذكر بعد هذا أنه يشترط في الوصي أن لا يكون عدوًا للموصى عليه، وحينئذ فيشترط في الوصي الذمي أن يكون من
صلة الوصي عليه حتى لا تصح وصاية النصراني على اليهودي أو المجوسي لما بينهما من العداوة.
وقد توقف الرافعي في كتاب النكاح في أن من ذكرناه هل يلي النكاح أم لا؟ فيحتمل جريان ذلك التوقف هنا، إلا أن الحق عدم الولاية عند الاختيار لما ذكرناه، وقد أوضحناه هناك.
قوله: وكل ما اعتبر من الشروط ففي وقت اعتباره ثلاثة أوجه:
أصحها: تعتبر حالة الموت.
والثاني: عند الوصاية والموت جميعًا.
والثالث: يعتبر في الحالتين وفي ما بينهما. انتهى ملخصًا.
ومقتضى هذه الأوجه كلها أنه لا يكفي وجودها عند القول بالاتفاق وإن كان هو الوقت الذي ينصرف فيه وسببه أن ولايته قد دخلت بالموت فإنه وقت تسلط على القبول.
قوله: وأيضًا فإن الوصاية قريبة من التأمير ومن المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زيدًا وقال: إن أصيب زيد فجعفر وإن أصيب فعبد الله ابن رواحة (1). انتهى.
وما قاله في الأمراء المذكورين من الترتيب المذكور قد ذكر في الباب الأول من كتاب الوكالة ما يخالفه وسبق ذكر ما قاله فيه هناك، والمذكور هنا هو الصواب.
قوله: وإذا نصب وصيًا لذلك أي لقضاء الديون وتنفيذ الوصايا لم يتمكن من إلزام الورثة تسليم التركة لتباع في الدين، بل لهم الإمساك وقضاء الدين من مالهم، ثم قال: هذا إذا أطلق الوصاية بقضاء الدين فإن قال: ادفع هذا العبد إليه عوضًا عن دينه فينبغي أن لا يكون للورثة إمساكه
(1) تقدم.
لأن في أعيان الأموال أغراضًا. انتهى كلامه.
وهذه المسألة التي يجب فيها الرافعي واقتضى كلامه عدم الوقوف على نقل فيها وتابعه عليه في "الروضة" أيضًا، قد صرح بنقلها الروياني في "البحر"، وصحح منهما ما قاله الرافعي من امتناع الإمساك.
قوله في المسألة: ولو قال: بعه واقض دينه من ثمنه، فيجوز أن لا يكون لهم الإمساك أيضًا لأنه قد لا يكون أطيب وأبعد عن الشبهات. انتهى كلامه.
وما ذكره الرافعي أيضًا بحثًا وتابعه عليه في "الروضة" قد صرح به البندنيجي في "تعليقه"، وجزم بالمنع على وفق ما بحثه -أعني: الرافعي- وذكر الروياني أيضًا المسألة في "البحر" وحكى فيها وجهين.
قوله: ولو اقتصر على قوله: أوصيت إليك في أمور أطفالي، وأقمتك مقامي في أمورهم، فثلاثة أوجه، المذهب منها على ما قاله في "التتمة" صحة الوصية وجواز التصرف. انتهى ملخصًا.
وما صححه صاحب "التتمة" هو الصحيح كذا صححه النووي في أصل "الروضة".
قوله: ولو أوصى إلى اثنين وتنازعا في الحفظ وكان مما يقسم، قسم بينهما، ثم إذا قسم وتنازعا في تعيين النصف المحفوظ فهل يقرع بينهما، أو يعين القاضي واحدًا منهما؟ فيه وجهان. انتهى.
والأصح القرعة، كذا صححه النووي في "الروضة" ولم ينبه على أنه من "زياداته" بل أدخله في كلام الرافعي، فتفطن له.
قوله: وللوصي عزل نفسه متى شاء. انتهى.
قال في "الروضة": إلا إذا غلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم من قاض أو غيره فلا يجوز له ذلك ويتعين عليه النظر فيه. انتهى.
وعلى هذا لو لم يكن قد قبل فهل يلزمه القبول؟
فيه نظر يحتمل أن يجب لقدرته على دفع الظالم بذلك ويحتمل خلافه.
قوله: وإن ادعى الوصي دفع المال إليه بعد البلوغ لا يقبل بغير بينه على الصحيح وقيم الحاكم كالوصي. انتهى.
ذكر مثله في "الروضة" وهما ساكتان عن دعوى الأب والجد، وقد صرح ابن الرفعة بأنهما كالوصي في ذلك وهو مقتضى ما ذكره الشيخ في باب الحجر من "التنبيه" فإنه قال: وإن ادعى الولي أنه أنفق عليه ماله أو تلف فالقول قوله، وإن ادعى أنه دفعه إليه لم يقبل إلا ببينة. انتهى.
فتعبيره بالولي الشامل للأب والجد دليل عليه.
قوله: ولا يلزم الوصي الإشهاد في بيع مال اليتيم في الأصح. انتهى.
تابعه في "الروضة" على إطلاق عدم الوجوب ومحله إذا كان المبيع حالا، فإن كان مؤجلًا وجب الإشهاد فإن تركه ففي بطلان البيع وجهان كذا ذكره من "زوائده" في آخر الباب الأول من أبواب الرهن.
قوله: ولو أوصى إلى الله تعالى وإلى زيد فقياس ما سبق في ما إذا أوصى لله تعالى ولزيد -أي: في المال- فجيء وجهين:
أحدهما: أن الوصاية إلى زيد.
والثاني: إلى زيد والحاكم. انتهى كلامه.
والمذكور هنا وهو قبيل الكلام على الأحكام المعنوية حاصله تصحيح الاشتراك هاهنا والتخريج المذكور غير مستقيم لأن الوصية بالمال لله عز وجل وصية صحيحة ومصرفها وجوه البر والقربان فإذا أشرك بين ذلك وبين جهة أخرى صح القول بالتصنيف، وأما الوصاية بالأطفال إلى الله عز وجل فليست لها جهة صحيحة فتعين إرادة التفويض إلى الله -تعالى والتبرك به.
نعم ذكر الرافعي في أخر الركن الثاني من أركان الطلاق نقلا عن البوشنجي أنه لو قال لرجل: أمر زوجتي بيد الله وبيدك، سئل فإن قال: أردت أنه لا يستقل بالطلاق، قبل قوله ولم يكن له أن يطلق، وإن قال: أردت أن الأمور كلها بيد الله عز وجل والذي كتبه الله لي أي جعله لي قد جعلته لزيد، قبل واستقل ذلك الرجل، هذا كلامه، وحينئذ فينبغي وجوب استفساره قبل الموت، فإن تعذر ففيه نظر، وكذلك لم يذكر في الوصية والقياس حمله على التصحيح.