الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سماع باطلهم، ثم أمره أن يترك الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا أو خوضا في تكذيب آياته، وأن يذكّر بها قبل أن ترتهن نفس بما كسبت، ولا ينفعها من دون الله ولي ولا شفيع، ولا يقبل منها فداء عن عذابها، ولأصحابها شراب من حميم وعذاب أليم، بما كانوا يكافرون.
ثمّ أمر سبحانه، النبي (ص) أن يذكر لهم أنه لا يصح له أن يدعو من دونه ما لا ينفع ولا يضر، فيردّ على عقبه بعد هدايته له، وأنّ هداه جل جلاله هو الهدى، وقد أمر هو وأتباعه أن يسلموا له، وأن يقيموا الصلاة ويتّقوه، وهو الذي يحشرون إليه، وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق، وإذا أراد تكوين شيء لا بد من أن يكون، وله المالك يوم ينفخ في الصّور، عالم الغيب والشهادة، وهو الحكيم الخبير.
ثم نوّه بشأن إثبات التوحيد بالنظر، فذكر أنه طريق إبراهيم (ع) ، وساق ما جرى بين إبراهيم وبين أبيه آزر في إنكاره عليه أن يتخذ أصناما آلهة وذكر سبحانه أنه أراه ملكوت السماوات والأرض ليستدل به على توحيده، فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي [الآية 76] ، فلمّا غاب علم أنه لا يصلح أن يكون ربا. وكذلك نظر في القمر والشمس، وكان قومه يعبدون هذه الكواكب ويتّخذون لها تماثيل من أصنامهم، فتبرّأ من عبادتها، وتوجّه بوجهه للّذي فطر السماوات والأرض ثم ذكر أن قومه حاجّوه في ذلك فأنكر عليهم أن يحاجّوه فيه بعد أن اهتدى إليه، ثم نوّه بشأن تلك الحجة النظرية التي اهتدى بها وذكر أنه رفع بها درجته، ووهب له ذرية صالحة قاموا بها بعده، من إسحاق ويعقوب وداود وسليمان وغيرهم من الأنبياء ثم ذكر أنّ أولئك الأنبياء هم الذين آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة، فإن يكفر بها مشركو العرب فقد وكل بها قوما ليسوا بها بكافرين: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (90) .
شبهتهم الثالثة على التوحيد والنبوة الآيات [91- 108]
ثم قال تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الآية 91] . فذكر شبهتهم الثالثة في
إنكار التوحيد والنبوّة، وهي قولهم:
ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الآية 91] وفي هذا إنكار للتوحيد أيضا، لأنهم لم يقدّروا الله فيها حقّ قدره، لأنه لا يليق به أن يخلقهم ويتركهم من غير أن يرشدهم، وقد أمر النبي (ص) أن يسألهم: مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ [الآية 91] وذكر أنهم جعلوه قراطيس يبدون بعضها، ويخفون منها ما فيه البشارة بالنبي (ص) ، وقد علموا من هذا ما لم يعلموه هم ولا آباؤهم ثم أمره أن يخبرهم بأن الذي أنزله هو الله، وحينئذ يبطل قولهم ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ثم ذكر أنه أنزل القرآن مصدقا لهذا الكتاب لينذر مكة ومن حولها، وأن الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ [الآية 92] لأنه يدعوهم إليها، ثم ذكر أنه لا يوجد أظلم ممّن افترى عليه كذبا أو ادّعى أنه يوحى إليه، ولم يوح إليه شيء أو أنه يمكنه أن ينزل مثل ما أنزل الله، فكيف يفتري النبي (ص) مثل هذا الكتاب عليه؟ ثم ذكر أنهم في حال الموت يخبرهم الملائكة بأنهم سيجزون عذاب الهون بقولهم عليه غير الحقّ، واستكبارهم عن آياته، وأنهم يجيئونه فرادى كما خلقهم أوّل مرة، وليس معهم ما أعطاهم من المال وغيره في دنياهم، ولا شفعاؤهم الذين زعموا أنهم شركاء فيهم.
ثم أخذ في ذكر ما يبطل هذا الزعم، فذكر أنه فالق الحب والنوى، إلى غير هذا ممّا ذكره في إثبات قدرته وعلمه وحكمته، ولا يصح معه أن يكون هناك شريك له ثم ذكر أنهم مع هذا جعلوا له شركاء من الجن، وجعلوا له بنين وبنات من الملائكة وغيرهم، ورد عليهم بأنه بديع السماوات والأرض، فأنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟
إلى غير هذا مما ذكره في الرد عليهم ثم ذكر أنه قد جاءهم من هذا بصائر من ربهم، فمن أبصر فلنفسه، ومن عمي فعليها، وأنه كذلك يصرف الآيات حتى تصل إلى نهاية الكمال، ويزعموا أنها نتيجة دراسة وعلم، ثم أمر النبي (ص) أن يتبع ما أوحي إليه من تلك الآيات، ويعرض عن المشركين وما يقترحونه من الآيات على سبيل التعنّت وذكر أنه لو شاء ما أشركوا، وأنه لم يجعله حفيظا ولا وكيلا عليهم، فليس عليه إلا أن يبلغهم، ثم نهاهم أن يسبّوا آلهتهم، لئلا يسبّوه عدوا بغير علم: