الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا نحزتم إلينا، فلا تذهبوا بالغنائم دوننا.
فسألوا النبي (ص) عن حكمها، فنزلت هذه السورة تجيبهم في أولها بأن قسمة الأنفال لله ورسوله، لأن الله هو الذي نصرهم ومكّنهم منها، فدبّر لهم ما دبّر في هذه الغزوة، وأمدّهم بما أمدّهم به من الملائكة، إلى غير هذا ممّا ذكره في هذا السياق ثم تجيبهم بعد هذا ببيان مصرف الأنفال، وقد فصلت في هذا قسمتها، وبيّن السياق أنّ خمسها لله وللرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل، وأيد حقهم في خمسها بمثل ما أيد به حق الله والرسول في قسمتها، ومضى السياق في هذا إلى آخر السورة.
وقد ذكرت هذه السورة بعد سورة «الأعراف» ، لأن فيها تحقيق ما أنذر به المشركون في هذه السورة، ولأنها تعدّ هي وسورة التوبة، كسورة واحدة متممة للسبع الطوال.
تفويض قسمة الأنفال لله والرسول الآيات (1- 40)
قال الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) فذكر جلّ وعلا أن قسمة الأنفال من حقه وحق رسوله، وأمرهم أن يتقوه ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا ما يؤمرون به، إن كانوا مؤمنين، لأن المؤمنين هم الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، إلى غير هذا مما ذكره من صفاتهم.
ثم ذكر سبحانه أنه لا يفعل في تقسيم الأنفال إلا ما فيه مصلحتهم، وإن خفيت عليهم. كما أخرجه من بيته يوم بدر بوعده الحق من النصر على المشركين، وإنّ فريقا منهم لكارهون لقتالهم، ثم ذكر إذ يعدهم إحدى الطائفتين وهي النفير أنّها لهم، وأنهم ودّوا أن غير ذات الشوكة وهي العير تكون لهم، وأنه يريد أن يحق الحق بتسليطهم على ذات النفير، وأن يقطع دابر الكافرين.
ثم ذكر إذ يستغيثونه فأمدّهم بألف من الملائكة مردفين، وأنه لم يجعل هذا الإمداد إلا بشرى لهم، ولتطمئن به قلوبهم، وما النصر إلا من عنده وحده سبحانه، وليس بالملائكة ولا بغيرهم،
ثم ذكر إذ يغشّيهم النوم ليحصل لهم به الأمن، وما أنزل عليهم من المطر ليطهّرهم به ويذهب عنهم وسوسة الشيطان، وكان المشركون قد سبقوا إلى الماء وغلبوا عليه، وطمعوا أن تكون لهم الغلبة به، وقد عطش المؤمنون وخافوا، وأعوزهم الماء للشرب والطهارة.
ثم ذكر إذ يوحي إلى الملائكة أنه معهم، وأمره لهم بتثبيت المؤمنين، وإخباره لهم بأنه سيلقي الرعب في قلوب المشركين، وأمره لهم بأن يضربوهم فوق الأعناق ويضربوا منهم كل بنان، لأنهم شاقّوا الله ورسوله، والله شديد العقاب، فليذوقوا هذا العذاب في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب النار، ثم ذكر نهيه للمؤمنين أن يولّوهم الأدبار عند لقائهم، ووعيده لمن يفعل هذا منهم.
ثم ذكر أنه مع هذا لا يكون المؤمنون هم الذين قتلوهم، ولكنه هو الذي قتلهم بتدبيره لهم، وقد أراد ذلك ليبلي المؤمنين بلاء حسنا على ما أصابهم من المشركين قبل هذه الغزوة، ويوهن كيدهم بمن قتل من صناديدهم، ثم ذكر للمشركين أنهم إن يستنصروا بالهتهم فقد جاءهم استنصارهم بنصر المؤمنين عليهم، وإن ينتهوا عن القتال فهو خير لهم، وإن يعودوا إليه يعد إليهم بمثل ذلك النصر، ولن تغني عنهم فئتهم شيئا ولو كثرت.
ثم أخذ السياق في وعظهم بما يناسب مقام هذه الوقائع، فأمرهم سبحانه أن يستجيبوا له ولرسوله، ولا يتنازعوا فيما يدعوهم إليه، كما تنازعوا في تقسيم الأنفال، وفي دعوتهم إلى القتال، ثم حذّرهم أن يصيبهم بالخلاف والتنازع فتنة تعمّ الظالم وغيره منهم، وأمرهم أن يذكروا وهم قليل مستضعفون بمكة، فاواهم في المدينة ونصرهم بفضل طاعتهم، وإذعانهم له ولرسوله.
ثم نهاهم أن يخونوا الله ورسوله بالتّجسّس للأعداء وغيره، وأمرهم أن يعلموا أن أموالهم وأولادهم فتنة لهم، فلا يقاتلوا لأجل الغنائم، ولا يفتتنوا بها، كما افتتنوا في غنائم بدر، ثم ذكر لهم أنهم إن يتقوه ينصرهم على الكفار، ويغفر لهم ما حصل منهم.
ثمّ ذكر ما كان من مكر المشركين