الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكهف، من أن كلمات الله في ذلك لا نفاد لها.
الحث على الصبر [الآيات 1- 8]
قال الله تعالى: طه (1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) فذكر سبحانه أنه لم ينزل عليه القرآن ليشقى إذا كفروا به أسفا على كفرهم، لأنه لم ينزله عليه إلّا ليذكّر به من يخشى عقابه، فهو الذي يرجى إيمانه به ثم نوّه بشأن هذا القرآن الذي يعرضون عنه، فذكر أنه تنزيل ممّن خلق السماوات والأرض، إلى غير هذا من صفات العظمة التي ذكرها، وختمها تعالى بقوله: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (8) .
قصة موسى الآيات [9- 114]
ثم قال تعالى وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (9) فذكر قصّة موسى حين رجع من مدين إلى مصر، وأنه رأى نارا فذهب إليها، وهناك ناداه ربّه أنه اختاره لرسالته، وأنه أعطاه آيتين: آية عصاه يلقيها فتكون حيّة تسعى، وآية يده يضمّها إلى جناحه فتخرج بيضاء من غير سوء. ثم أمره أن يذهب إلى فرعون، لأنه طغى وادّعى الألوهية فقبل الرسالة، ودعا الله أن يشرح له صدره حتى لا يضيق بما يلاقيه في تلك الدعوة، وأن يشرك معه أخاه هارون، فأجابه سبحانه إلى طلبه ثم أمرهما أن يذهبا إلى فرعون، وأن يقولا لا قولا ليّنا، لعلّه يتذكّر أو يخشى. فلمّا أتياه، قالا له إنّا رسولا ربّك إليك، وطلبا منه أن يرسل معهما بني إسرائيل، ويكفّ عن عذابهم، وأخبراه بأنّهما قد جاءاه بآية من ربّه، تدلّ على صدقهما. ثم ذكر سبحانه أن فرعون سأل موسى عن ربّه، فأجابه بأنّه جل جلاله هو الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثمّ هدى، وأنه سأله عن حال القرون الأولى كيف يحيط بها علمه مع تمادي كثرتها، فأجابه بأن كل ما سلف مثبت عنده في كتاب فلا يضل عنه ولا ينساه. ثم ذكر تعالى أن موسى أرى فرعون الآيتين السابقتين فكذّب وأبى، وزعم أنهما سحر يريد موسى أن يخرج به فرعون وقومه من أرضهم، وأخبره بأنهم سيأتونه بسحر مثله وطلب منه أن يجعل بينهم وبينه موعدا يجتمعون فيه، فضرب لهم موسى يوم
الزينة موعدا، وهو يوم عيد لهم فجمع فرعون سحرته في هذا اليوم، وكانوا قد أتوا بحبال وعصيّ لطّخوها بالزّئبق، فألقوها في الشمس، فاضطربت واهتزّت، وخيّل إلى الناس أنها حيّات تسعى، فألقى موسى عصاه، فإذا هي أعظم من حيّاتهم، ثم أخذت تزداد عظما حتّى ملأت الوادي، وذهبت إلى حيّاتهم فأكلتها فعرف السّحرة أنّ هذا ليس بسحر، وآمنوا بربّ موسى وهارون وقد هدّدهم فرعون بما تهدّدهم به، فلم يرجعوا عن إيمانهم.
ثم ذكر سبحانه أنه أوحى الى موسى أن يسير ببني إسرائيل ليلا، وأنّ فرعون تبعهم بجنوده حينما علم بهربهم، وأنه جلّ وعلا، شق البحر لبني إسرائيل فاجتازوه، وأنّ فرعون أدركهم وهم يجتازونه، فتبعهم بجنوده فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (79) .
ثم انتقل الكلام إلى ما كان بعد ذلك من بني إسرائيل، فذكر أنه أنجاهم من فرعون عدوّهم، إلى غير هذا ممّا ذكره من نعمه عليهم ثم أمرهم أن يأكلوا من طيّبات ما رزقهم، ونهاهم أن يطغوا فيه لئلا يحلّ غضبه عليهم، ثم ذكر ما كان من فتنتهم بعبادة العجل بعد ذهاب موسى لميعاد ربه، وأنّ موسى حينما رجع إليهم لامهم على ما كان منهم، فذكروا له أن السامريّ هو الذي أغواهم بعبادة العجل، إذ صنع لهم من حليّهم عجلا جسدا له خوار، وزعم لهم أنه إلههم وإله موسى، فافتتنوا بذلك وصدّقوه في زعمه ثم ذكر أن هارون نهاهم عن ذلك، فذكروا له أنهم سيقيمون عليه إلى أن يرجع موسى إليهم. وأن موسى لام هارون على أنه لم يقاتلهم هو ومن لم يعبد العجل، فأجابه بأنه خشي أن يفرّق بينهم بالقتال، فاكتفى بنصحهم ووعظهم ثم ذكر أن موسى سأل السامري بعد ذلك عمّا دعاه إلى فتنة قومه، فأخبره بأنه كان قد أخذ بعضا من سنّته ودينه، ثم بدا له فنبذها ودعا إلى تلك العبادة، فأمر موسى بطرده من خلّة بني إسرائيل، فخرج طريدا هو وأهله إلى البراري. ثم أتى بالعجل فحرقه بالنار ونسف رماده في اليمّ، ليبيّن لهم أن مثل هذا لا يصح أن يتّخذ إلها إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (98) .