الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى قصّة زكريّا وابنه يحيى، وقد سبق ورودها في سورة آل عمران، وهي تخالف ما سبق منها في أسلوبها وسياقها وما فيها من زيادة ونقص، وقد ختمت بقوله تعالى في يحيى: وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا
(15)
.
والثانية قصّة مريم وابنها عيسى، وقد سبقت أيضا في سورة آل عمران، وهي تخالف ما سبق منها في أسلوبها وسياقها، وما فيها من زيادة ونقص وقد ذكر سبحانه أن ما قصّه فيها من أنّ عيسى عبده لا ابنه، هو الحقّ وأمرهم تعالى أن يعبدوه وحده ولا يتّخذوا له شريكا من ولد أو غيره، ثم أوعدهم على ذلك بما أوعدهم به، وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون: إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (40) .
والثالثة قصة إبراهيم مع أبيه، وقد سبقت في سورة الأنعام، وهي تخالف ما سبق من جهة أسلوبها وسياقها وما فيها من زيادة ونقص، وقد ذكر في آخرها أنه حين اعتزل قومه وما يعبدون من دونه وهب له سبحانه، إسحاق ويعقوب، وكلّا جعله نبيّا: وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50) .
والرابعة قصّة موسى، وقد ذكر فيها أنه كان مخلصا وكان رسولا نبيّا، وأنه ناداه من جانب الطور الأيمن، وقرّبه نجيّا: وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (53) .
والخامسة قصّة إسماعيل، وقد ذكر فيها أنه كان صادق الوعد، وكان رسولا نبيّا وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) .
والسادسة قصّة إدريس، وقد ذكر فيها أنه كان صديقا نبيّا، وأنّه رفعه مكانا عليّا.
ثم أثنى عليهم عموما، بعد أن أثنى على كل واحد بخصوصه، فقال جلّ وعلا أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (58) .
انحراف خلفهم عن سننهم الآيات [59- 98]
ثم قال تعالى:
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) فذكر سبحانه، أنّه خلف من بعد هؤلاء الرسل خلف انحرفوا عن سننهم فأضاعوا الصلاة واتّبعوا الشهوات، وأنّهم سوف يلقون جزاء غيهم، واستثنى من ثاب منهم وآمن بالنبي (ص) ووعدهم بأنهم يدخلون الجنة إلخ ثم ذكر جل جلاله أنهم لا يتنزّلون فيها إلّا بأمره، لأنه مالك كلّ شيء ممّا بين أيديهم وما خلفهم وما بين ذلك، وما كان لينسى إحسان المحسن وإساءة المسيء فلا يجازيهما عليهما ثم ذكر بمناسبة هذا إنكارهم للمعاد الذي يكون فيه الثواب والعقاب، لاستبعادهم إحياء الإنسان بعد موته. وأجابهم بأنه خلق الإنسان من قبل موته ولم يك شيئا، فهو قادر على إعادته بعد موته من باب أولى ثم أقسم ليحشرنّهم والشياطين، وليحضرنّهم حول جهنّم باركين على ركبهم ولينزعنّ من بينهم من كان منهم أشدّ تمرّدا، ليذيقه عذابا أعظم من غيره، وهو أعلم بمن هو أولى بذلك من غيره، ولا بدّ من ورودهم لها جميعا على تفاوت عذابهم فيها ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (72) . ثم ذكر السبب في عدم إيمانهم بذلك، وهو اغترارهم بدنياهم، فذكر سبحانه أنهم إذا تتلى عليهم آياته في ذلك واضحات، ذكروا أنهم أحسن حالا من المؤمنين، ولو كانوا على الباطل لكانوا أسوأ حالا منهم ورد عليهم بأنه كم أهلك من قبلهم من قوم كانوا أحسن حالا منهم، وبأنه إنّما ينعم عليهم بذلك ليمدّ لهم في الضلالة ويقطع عنهم العذر، حتى إذا رأوا ما يوعدون في الدنيا أو الاخرة علموا أنهم شرّ مكانا وأضعف جندا وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) .
ثم خصّ شخصا منهم بلغ به الغرور مبلغه حتى قال استهزاء: لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً (77) في المعاد كما أوتيت ذلك في الدنيا، وردّ عليه بأنه لم يطّلع على الغيب، ولم يتّخذ عنده بذلك عهدا ثم أوعده بأنه سيكتب ما قاله ويرث ماله وولده، حتى يأتيه يوم القيامة فردا.
ثم ذكر أنهم يعتمدون في ذلك على أنّ آلهتهم ستشفع لهم يوم القيامة، وردّ عليهم بأنهم سيكافرون فيه بعبادتهم
ويكونون عليهم ضدّا ثم ذكر أن الشياطين استولت عليهم، فلا فائدة في نصحهم، ونهى النبي (ص) أن يعجّل عليهم العذاب، لأنه يعدّه لهم عدّا ثم ذكر أنه إذا أتى وقته يحشر المتّقين وفدا، ويسوق المجرمين إلى جهنّم، كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء، ولا يكون هناك شفاعة إلّا للمؤمنين الذين اتّخذوا عند الرحمن بذلك عهدا.
ثمّ ذكر أنّ فريقا يزعمون أنّ الملائكة بنات الله، فيعبدها ويزعمون أنها تشفع لهم يوم القيامة وردّ عليهم بأنهم قد جاءوا بهذا شيئا إدّا، وبأنه ما ينبغي له سبحانه أن يتّخذ ولدا ثم ذكر أن كل من في السماوات والأرض يأتيه يوم القيامة عبدا وأن كل واحد منهم يأتيه فردا، لا شفيع له من الملائكة، وغيرهم.
ثم ختمت السورة بإثبات الشفاعة للمؤمنين بعد أن نفيت عن غيرهم، فذكر سبحانه أنه سيجعل لهم يوم القيامة ودّا يشفع به بعضهم لبعض، ولا يقطع ما بينهم من تواصل كما قطع بين الكفّار ومن اتّخذوه من شريك وولد ثم ذكر سبحانه أنه إنما يسّر القرآن بلسان الرسول (ص)، لأجل هذا التبشير والإنذار فقال جلّ وعلا:
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (97) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (98) .