الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذهب، بطريقة فنية، تجعل الريح تمرّ فيه، فتحدث صوتا وخوارا.
وقال لهم: إنّ موسى لن يعود إليكم. لقد ذهب لمقابلة ربّه فضلّ الطريق إليه، وهذا هو إلهكم وإله موسى.
وفتن بنو إسرائيل بعبادة العجل، فقد ألفوا الذل وطاعة فرعون.
وعاد موسى غضبان أسفا يلوم هارون على تباطئه عن إخماد هذه الفتنة، فاعتذر له بأنه صبر حتّى يعود، فيلتئم الشمل وتعود الوحدة إلى الجماعة.
وتوعّد موسى السامريّ بالعذاب والنّكال، وأمر بطرده من محلّة بني إسرائيل. فخرج طريدا هو وأهله إلى البراري، ثم أتى موسى بالعجل فحرقه بالنار، ونسف رماده في اليمّ، ليبيّن لقومه أنّ مثل هذا لا يصح أن يتّخذ إلها:
أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً (89) .
مشاهد القيامة وختام السورة
بدأت سورة طه بمقدّمة في بيان جلال الله وقدرته وعلمه الواسع في الآيات 1- 8.
ثمّ تحدّثت عن رسالة موسى وجهاده في مصر، وجهوده مع بني إسرائيل في الآيات 9- 98.
وبعد قصة موسى تجيء الآيات 99- 114 تعقيبا على هذه القصّة ببيان فضل القرآن، وعاقبة من يعرض عنه وترسم الآيات هذه العاقبة في مشهد من مشاهد القيامة، تتضاءل فيه أيام الحياة الدنيا، وتتكشّف الأرض من جبالها وتعرى، وتخشع الأصوات للرحمن، وتعنو الوجوه للحيّ القيّوم لعلّ هذا المشهد وما في القرآن من وعيد يثير مشاعر التقوى في النفوس، ويذكّرها بالله ويصلها به. وينتهي هذا المقطع، بإراحة بال الرسول (ص) من القلق من ناحية القرآن الذي ينزل عليه، فلا يعجل في ترديده خوف أن ينساه، ولا يشقى بذلك فالله ميسّره وحافظه، وإنّما يطلب من ربّه أن يزيده علما.
وفي مناسبة حرص الرسول (ص) على أن يردّد ما يوحى إليه قبل انتهاء الوحي خشية النسيان، تعرض الآيات 115- 123 نسيان آدم لعهد الله وتنتهي بإعلان العداوة بينه وبين
إبليس، وعاقبة من يتذكّرون عهد الله ومن يعرضون عنه من ولد آدم. وترسم الآيات هذه العاقبة في مشهد من مشاهد القيامة، كأنّما هو نهاية الرحلة التي بدأت في الملأ الأعلى، ثم تنتهي إلى هناك مرّة أخرى
…
وفي ختام السورة تسلية للرسول (ص) عن إعراض المعرضين وتكذيب المكذّبين فلا يشقى بهم، فلهم أجل معلوم. ولا يحفل بما أوتوه من متاع في الحياة الدنيا فهو فتنة لهم، وينصرف إلى عبادة الله وذكره فترضى نفسه وتطمئنّ، ولقد هلكت القرون من قبلهم، وشاء الله سبحانه أن يعذر إليهم بالرسول الأخير، ليعلن إليهم: وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (134) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (135) .
وبذلك تختم السورة التي حددت وظيفة القرآن في بدايتها:
إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) .
وأكّدت هذه الوظيفة في نهايتها، فهي التذكرة الأخيرة لمن تنفعه التذكرة وليس بعد البلاغ إلّا انتظار العاقبة، والعاقبة بيد الله.
وقد كانت قصة موسى ونهاية فرعون، خلال السورة، تحقيقا لهذا المعنى وتأكيدا لفوز المؤمنين ومصرع المكذّبين وبذلك يتناسق المطلع والختام، وتكون السورة أشبه بموضوع، له مقدّمة، ثمّ قصّة تؤيّد المقدّمة، ثم خاتمة تؤكّد الموضوع.
وظهر أنّ بين أجزاء السورة وحدة فكرية خلاصتها:
شمول فضل الله ورحمته وعطفه، لأحبابه المؤمنين، وإيقاع نقمته وعذابه بالكافرين والمكذّبين.