الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يفقهوه، وفي آذانهم وقرا وأنّه إذا ذكره في القرآن، ولم يذكر آلهتهم فرّوا على أدبارهم نفورا، وأنه أعلم بحالهم حين يستمعون إليه وإذ هم نجوى إذ يقولون إن تتبعون إلّا رجلا مسحورا ثم ذكر ممّا يحملهم على زعم هذا فيه، أنّه يدعي أنهم يبعثون بعد أن يصيروا عظاما، ورفاتا خلقا جديدا وردّ عليهم، بأن الذي فطرهم المرة الاولى قادر على بعثهم ثم ذكر أنهم سينغضون رؤوسهم «1» ويقولون: متى هو؟ وأجابهم بأنه عسى أن يكون قريبا يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) .
ثم أمر النبي (ص) بأن يأمرهم بأن يقولوا التي هي أحسن، من قولهم إنه رجل مسحور وذكر لهم أن الشيطان ينزغ بينهم ويزيّن لهم هذه الشتائم، وأنه سبحانه هو أعلم بهم، إن يشأ يرحمهم بالإيمان أو يعذبهم بالكفر، ولم يرسله وكيلا عليهم، حتى يضيقوا به ويشتموه، وأنه جل جلاله أعلم بمن في السماوات والأرض، وقد فضّل بعض النبيين على بعض بمقتضى علمه، وآتى داود زبورا فلا يصحّ لهم أن يقولوا في النبي (ص) وفي قرآنه، مالا علم لهم به.
ثم أمرهم بأن يدعوا شركاءهم ليكشفوا عنهم ذلك الضرّ، الذي يتعجّلون به، فإنهم لا يملكون كشفه عنهم، ولا تحويله، لأنهم عبيد مثلهم، يبتغون إليه سبحانه الوسيلة، ويرجون رحمته، ويخافون عذابه ثم ذكر أنه ما من قرية من قرى المكذّبين إلا هو مهلكها قبل يوم القيامة، أو معذّبها عذابا شديدا، كان ذلك في الكتاب مسطورا ثم أشار إلى أنه اختار لهم أن يعذّبهم بتسليط المؤمنين عليهم، ولا يهلكهم بآيات عذابه، فقال تعالى وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً (59) .
بيان حكمة الإسراء الآيات (60- 81)
ثم قال تعالى: وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي
(1) . أي سيحرّكونها.
أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً (60) فذكر سبحانه أنه وعده بالنصر عليهم، حينما أخبرهم بالإسراء فكذّبوه، وارتدّ كثير منهم، وأنه لم يجعل رؤيا الإسراء إلّا فتنة لهم فقد افتتنوا بها، كما افتتنوا بشجرة الزّقّوم الملعونة في القرآن، فقالوا: زعم محمد أن نار جهنم تحرق الحجر، ثم زعم أن في النار شجرة وهي تأكل الشجر، فكيف ينبت فيها الشجر؟ ثم ذكر أنه يخوّفهم بذلك، فما يزيدهم إلّا طغيانا كبيرا.
ثم ذكر لهم قصة آدم مع الملائكة وإبليس، لأنها كانت للاختبار أيضا، ليتّعظوا في اختبارهم بالإسراء، بما حصل لإبليس حينما عصى أمر ربه من الطرد واللعن، ولا يقعوا في مثل ما وقع فيه بتكذيبها وقد ختمها بقوله لإبليس إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) .
ثم شرع السياق في أخذهم بالترغيب بعد الترهيب، فذكر سبحانه، أنه هو الذي يسوق السفن في البحر، ليبتغوا من فضله، وأنهم إذا مسّهم الضرّ في البحر وخافوا الغرق لا يلجئون إلّا إليه في كشفه عنهم، فإذا نجّاهم إلى البر يعرضون عنه ويكافرون بنعمته ولا يأمنون أن يخسف بهم جانب البر أو يرسل عليهم ريحا حاصبا، أو يعيدهم في البحر مرة أخرى فيغرقهم بسبب كفرهم ثم ذكر أنه كرّم بني آدم بنعمة العقل، وحملهم في البرّ والبحر، ورزقهم من الطيّبات، وفضّلهم على كثير من خلقه، وأنه سيبعثهم ويحاسبهم على ما أنعم به عليهم، فمن أوتي كتابه بيمينه، وهم الذين قاموا بحقّ هذه النعم، فإنهم يكافئون على ذلك ولا يظلمون فتيلا ومن لم يقم بحق هذه النعم، ولم ينظر بعقله في دنياه حتى صار فيها كالأعمى، فهو في الاخرة أعمى وأضلّ سبيلا.
ثم ذكر تعالى أن فتنة الإسراء، بلغ من شدّتها أنهم كادوا يفتنون النبي (ص) عمّا أوحي إليه من أمرها، ليفتري لهم غيره ولولا أن ثبّته سبحانه فيها، لقد كاد يركن إليهم شيئا قليلا ثم ذكر أنهم كادوا يحملونه على الخروج من مكّة، لشدّة استهزائهم به، ولو أنهم أخرجوه منها لأهلكهم كما أهلك من قبلهم من أخرجوا أنبياءهم من بينهم ثم أمره بأن يعرض عنهم ويقبل على