الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على القيم، وينهى عن الرذائل، ويحذّر من المعاصي والموبقات.
وترى أن القرآن أعظم كتاب في التربية الأخلاقية والسلوكية، وهذه التربية هي التي صاغت المجتمع الإسلامي المحمّدي صياغة جديدة يسري في أوصال المجتمع العربي والإسلامي، فيهدم حطام الجاهلية وأوثانها، ويقيم على أشلائها دولة جيّدة، تؤمن بالله ورسوله، وتهتدي بكتابه الذي أنزله الله نورا وهدى.
فترى المسلم إمّا عابدا في مسجده، أو ساعيا إلى رزقه، أو مجاهدا في سبيل إعلاء كلمة الله. وجمعت المسلمين راية جديدة، شعارها الإخلاص، وعمادها الحب لله ورسوله، وقوّتها في تماسك المسلمين، وأخوّتهم وترابطهم وتساندهم، حتّى أصبحوا يدا واحدة كالبنيان المرصوص، يشدّ بعضه بعضا.
أوهام المشركين، وحجج القرآن الكريم
في الآيات 39- 58: من سورة الإسراء، حديث عن أوهام الوثنية الجاهليّة، حول نسبة البنات والشركاء إلى الله.
وخلاصة ذلك، أنهم جعلوا الملائكة إناثا، ثم ادّعوا، كذبا وبهتانا، أنهنّ بنات الله ثم عبدوهنّ، فأخطأوا في الأمور الثلاثة خطأ عظيما.
ثم تحدّثت السورة عن البعث، واستبعاد الكافرين لوقوعه، وعن استقبالهم للقرآن، وتقوّلاتهم على الرسول (ص) ، وأمرت المؤمنين أن يقولوا قولا آخر، ويتكلّموا بالتي هي أحسن.
وفي الآيات 59- 72: بيّنت السورة، لماذا كانت معجزة محمد (ص) ، معجزة عقلية خالدة، ولم تكن معجزة مادية محدودة فقد كذّب الأوّلون بالخوارق فحقّ عليهم الهلاك اتّباعا لسنة الله كما تناولت الحديث عن الإسراء وحكمته، وأن الله جعله فتنة وامتحانا للناس، ليتميّز المؤمنون، وينكشف المنافقون ويجيء في هذا السياق طرف من قصة إبليس اللعين، وإعلانه أنه سيكون حربا على ذرّية آدم.
يجيء هذا الطرف من القصة، كأنه كشف لعوامل الضلال، الذي يبدو من
المشركين، ويعقب عليه بتخويف البشر من عذاب الله، وتذكيرهم بنعمة الله عليهم، في تكريم الإنسان، وتمييزه من المخلوقات جميعها، وتسخير الكون جميعه له، حتى يفكّر بعقله، ويؤمن بقلبه، فمن اهتدى، أخذ كتابه بيمينه يوم القيامة ومن عمي عن الحق في الدنيا، فهو في الاخرة أعمى وأضلّ سبيلا.
وفي الآيات 73- 88: تستعرض سورة الإسراء كيد المشركين للرسول (ص) ومحاولتهم فتنته عن بعض ما أنزل إليه، ومحاولة إخراجه من مكّة ثم تأمر النبي (ص) ، بأن يمضي في طريقه، يقرأ القرآن، ويؤدّي الصلاة، ويدعو الله أن يحسن مدخله ومخرجه وتذكر رسالة القرآن بأنها شفاء لأمراض الجاهليّة، ورحمة بالجماعة الإسلامية.
وفي الآيات 88- 111: نجد القسم الأخير من السورة، ويستمر الحديث في هذه الآيات عن نزول القرآن وإعجازه، بينما يطلب كفار مكّة خوارق مادية، يطلبون نزول الملائكة، ويقترحون أن يكون للرسول (ص) بيت من زخرف، أو جنّة من نخيل وعنب، تتفجّر الأنهار خلالها تفجيرا أو أن يفجّر لهم من الأرض ينبوعا من الماء، أو أن يرقى هو في السماء، ثم يأتيهم بكتاب ملموس محسوس، فيه شهادة بأنه مرسل من عند الله.. إلى آخر هذه المقترحات، التي يمليها العنت والمكابرة، لا طلب الهدى والاقتناع.
ويردّ الله سبحانه على هذا كلّه، بأنّ ذلك خارج عن وظيفة الرسول، وطبيعة الرسالة.
فالرسول بشر يوحى إليه، وليس إلها يتحكّم في مظاهر الكون وقد سبق أن أعطى الله تعالى موسى (ع) معجزات مادية، فكذّب بها فرعون، وجحد نبوّة موسى فكانت العاقبة، أن أغرق الله فرعون ومن معه من المكذّبين.
إن طريقة القرآن الكريم، هي طريقة الدعوة الهادفة المتأنّية، وقد نزل مفرّقا ليقرأه الرسول على قومه في هدوء وتؤدة، وليجيب عن أسئلة السائلين، وليكون كتاب الحياة، يحياها مع المؤمنين، يعلّمهم دينهم، ويردّ عنهم دعاوى أعدائهم، ويلفتهم إلى الكون وما فيه، حتّى يعبدوا الله ويسجدوا له