الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطُّولى فِي الْمعرفَة بالعلل وَأَسْمَاء الرِّجَال وأحوال الروَاة وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل وَإِلَيْهِ يشار فِي ذَلِك وَلِهَذَا قَالَ بعض الْعلمَاء لم يَأْتِ بعد الْحَافِظ الذَّهَبِيّ أحد سلك هَذِه المسالك وَلَقَد مَاتَ فن الحَدِيث من بعده وأسف النَّاس على فَقده وَلم يخلق بعده مثله انْتهى وَولي تدريس الحَدِيث فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء مصر فَلم يقبله رَحمَه الله تَعَالَى
وفيهَا فِي شهر ذِي الْقعدَة توفّي الْفَقِيه الصَّالح جمال الدّين مُحَمَّد المقبول بن أبي بكر الزَّيْلَعِيّ صَاحب قَرْيَة اللِّحْيَة نفع الله بِهِ
وفيهَا أَمر السُّلْطَان عَامر بن عبد الْوَهَّاب بتقييد رَئِيس الأسماعيلية سُلَيْمَان بن حسن بِمَدِينَة تعز واودعه دَار الْأَدَب وَكَانَ يتحدث بِمَا لَا يعنيه من المغيبات المستقبلات وَكَانَ عَالم الإسماعيلية وَأمر بإحضار كتبه واتلافها فأتلفت وَالْحَمْد لله
سنة ثَلَاث بعد التسْعمائَة
903 هـ
وَفِي ربيع الأول توفّي الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه الْجَلِيل الرباني مُحَمَّد بن أَحْمد باجرفيل الدوعاني رحمه الله بغيل أبي وَزِير من أَعمال الشحن وجرفيل بجيم ثمَّ رَاء ثمَّ فَاء وَكَانَ مولده فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول سنة عشْرين بعد الثَّمَانمِائَة غلب عَلَيْهِ التصوف فَخَاضَ غماره وحقق أسراره وَصَارَ من كبار مَشَايِخ الطَّرِيقَة واعلام رجال أَئِمَّة الْحَقِيقَة يقْتَدى بآثاره ويهتدى بأنواره
وَحكي عَنهُ أَنه قَالَ لم أصحب مَعَ كَثْرَة من صحبته من العارفين بِاللَّه مِثَال الشَّيْخ عَليّ بن أبي بكر فلازمته أَرْبَعَة أشهر على أَن يَقُول لي أَنْت منا أهل الْبَيْت كَمَا قَالَ ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم لسلمان الْفَارِسِي رضي الله عنه فَلم يجبني إِلَى ذَلِك فَلَمَّا ألححت عَلَيْهِ وَتحقّق صدق ودي ومحبتي لأهل الْبَيْت فَقَالَ يَا فَقِيه إِن الدّين النَّصِيحَة لَا يجيبك إِلَى مقصودك هَذَا إِلَّا الشَّيْخ أَبُو بكر بن عبد الله فَإِنَّهُ القطب الْوَارِث للقطبية من صغره بعد موت أَبِيه الشَّيْخ عبد الله بن أبي بكر وَنحن نكتب لَك إِلَيْهِ أَن يجيبك إِلَى مرادك قَالَ وَالشَّيْخ أَبُو بكر يَوْمئِذٍ بِالْيمن فَكتب الشَّيْخ عَليّ إِلَيْهِ وكتبت أَنا أَيْضا إِلَيْهِ فَأَتَانَا مِنْهُ بِحَمْد الله الْجَواب بِالْقَصْدِ وَالْمرَاد
قَالَ الْعَلامَة بحرق وَلَقَد كنت اسْتشْكل أَشْيَاء تصدر من سيد الشَّيْخ أبي بكر العيدروسي قدس الله روحه تقصر عَنهُ عقول أمثالنا القاصرة وَلَكِنِّي كنت بِتَوْفِيق الله أعرضها على أَرْبَاب البصائر فَمَا مِنْهُم إِلَّا ويأمرني بِالتَّسْلِيمِ وَيشْهد عِنْدِي بعلو مقَام سَيِّدي وانه على هدى من ربه الْعَلِيم مِنْهَا أَنِّي عرضت على الْفَقِيه مُحَمَّد بن أَحْمد باجرفيل تَصَرُّفَات مَالِيَّة يُبَاشر سَيِّدي فِي قبضهَا وصرفها فِي ظَاهر الْأَمر فِي غير مصارفها فَقَالَ لي أَنا أشهد أَنه أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَالِك للتولية والعزل والحل وَالْعقد والتصرفات كلهَا وَأشْهد أَنه أفضل أهل الأَرْض ظَاهرا وَبَاطنا فَقلت لَهُ أما الْبَاطِن فبصائرنا عَنهُ قَاصِرَة وَأما الظَّاهِر فَمَا وَجهه فَقَالَ وَجهه أَن أهل الْبَيْت أفضل من سَائِر النَّاس وَآل باعلوي الْيَوْم أفضل من سَائِر أهل الْبَيْت باتبَاعهمْ السّنة وَلما اشْتهر لَهُم من الْعِبَادَة والزهادة وَالْكَرم وَحسن الْأَخْلَاق وَالشَّيْخ أَبُو بكر أفضل آل باعلوي بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ أفضل أهل زَمَانه
وفيهَا فِي يَوْم السبت خَامِس عشر شَوَّال توفّي الْفَقِيه الْمنور الْمُتَّفق على جلالة قدره علما وَعَملا وورعاً جمال الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الشهير بِابْن عَليّ أَبَا فضل السَّعْدِيّ نِسْبَة إِلَى سعد الْعَشِيرَة الْحَضْرَمِيّ ثمَّ الْعَدنِي رحمه الله بعدن وحزن النَّاس عَلَيْهِ وَكثر تأسفهم على فَقده رحمه الله
وَكَانَ مولده فِي حضر موت بتريم سنة أَرْبَعِينَ وَثَمَانمِائَة ثمَّ ارتحل فِي طلب الْعلم إِلَى عدن وَأخذ عَن الامامين الفاضلين مُحَمَّد بن مَسْعُود باشكيل وَمُحَمّد بن أَحْمد باحميش وجد فِي الطّلب ودأب حَتَّى برع فِي الْعُلُوم وانتصب للتدريس وَالْفَتْوَى وَصَارَ من أَعْلَام الدّين وَالتَّقوى وَكَانَ إِمَامًا كَبِيرا عَالما عَاملا محققاً ورعاً زاهداً مُجْتَهدا عابداً مُقبلا على شانه تَارِكًا لما لَا يعنيه ذَا مقامات وأحوال وكرامات وَكَانَ حسن التَّعْلِيم لين الْجَانِب متواضعاً صبوراً مثابراً على السّنة مُعظما لأهل الْعلم
وَكَانَ هُوَ وَصَاحبه الْعَلامَة عفيف الدّين عبد الله بن أَحْمد بامحزمه عُمْدَة الْفَتْوَى بعدن وَكَانَ بَينهمَا من التوادد والتناصف مَا هُوَ مَشْهُور
حَتَّى كَأَنَّهُمَا روحان فِي جَسَد وَكَانَ يعظم الشَّيْخ أَبَا بكر العيدروسي
قَالَ الْعَلامَة بحرق كَانَ سَيِّدي الشَّيْخ أَبُو بكر قدس الله روحه إِذا قدم من بعض أَسْفَاره من الْجبَال إِلَى عدن قدم قبله قَاصِدا يعلم أكَابِر النَّاس بقدومه يَوْم كَذَا وَيَأْمُرهُمْ بِالْخرُوجِ لملاقاته فَقلت للفقيه مُحَمَّد ابْن أَحْمد بَافضل لأي شَيْء يفعل الشَّيْخ هَذَا فَقَالَ ليوصل النَّاس إِلَى رَحْمَة الله ويوصل رَحْمَة الله إِلَيْهِم بِالنّظرِ إِلَيْهِ والحضور بَين يَدَيْهِ وَلَو لَحْظَة وَاحِدَة ثمَّ يخرج يتلقاه مَعَ النَّاس وَكَانَ كثير السَّعْي فِي حوائج الْمُسلمين عِنْد الْمُلُوك وَغَيرهم وَكَانَ محبباً للنَّاس مُعْتَقدًا عِنْد الْخَاص وَالْعَام مُعظما عِنْد الْمُلُوك والأمراء لَا تكَاد ترد لَهُ شَفَاعَة وَكَانَ الشَّيْخ عَامر بن عبد الْوَهَّاب كثير التَّعْظِيم لَهُ
وَبِالْجُمْلَةِ فمناقبه وفضائله ومحاسنه أَكثر من أَن تحصر وَأشهر من أَن تذكر وأفرد لَهُ وَلَده الْفَقِيه عبيد الله تَرْجَمَة وَهَذِه القصيدة الْمُسَمَّاة بالوابل الصيب والنرجس الطّيب نظم سيدنَا ومولانا الشريف الْوَلِيّ الصَّالح سراج الدّين عمر بن عبد الرَّحْمَن أَبَا علوي المقبور بتعز فِي السَّيِّد الإِمَام شيخ الْإِسْلَام أوحد الْعلمَاء الْأَعْلَام جمال الدُّنْيَا وَالدّين مُحَمَّد بن أَحْمد أبي الْفضل رحمهمَا الله تَعَالَى ونفع بهما وبعلومهما وَأعَاد علينا من أسرارهما ومعارفهما آمين آمين وَهِي هَذِه القصيدة
…
إِلَى الله أَشْكُو حر نيران فرقة
…
لَهَا فِي فُؤَادِي مثل طعن الذوابل
وأسأله جمعا بوصل محجب
…
عَن الْجَاهِلين الغافلين الأسافل
عَسى بعد هَذَا الْبعد يجمع شملنا
…
بِهِ رَبنَا معطي منا كل آمل
سقا الله أوقاتاً لنا فِي ربوعهم
…
إِذا أخطرت بالبال هَاجَتْ بلابلي
وَزَاد اشتياقي للحبيب وقربه
…
وَأنْشد لَا أخْشَى ملام العواذل
سَلام على شخص بِهِ عدن زهت
…
أَبَا فضل الْمَشْهُور زين الشَّمَائِل
جمال لدين الله خَادِم شَرعه
…
دَلِيل طَرِيق الله بدر المحافل
نواوي هَذَا الْوَقْت شمس زَمَانه
…
بهي الْمحيا جَامع للفضائل
حبيب محب للْمَسَاكِين مؤنس
…
ومقمعة للظالمين الاراذل
فَعَن مُنكر ناه وبالعرف آمُر
…
لكل وَلَا يخْشَى عناة الْقَبَائِل
حَلِيم سليم دَائِم الْبشر وَالرِّضَا
…
صبور وقور عِنْد وَقع النَّوَازِل
…
.. لَهُ منظر بِالْقَلْبِ يعلق فهمه
…
وَلَو كَانَ فدما أبكماغير عَاقل
وتدريسه فِي كل فن مؤسس
…
بتعليله يَا صَاحِبي والدلائل
ويرفق بالقارئ البليد كَأَنَّهُ
…
لَهُ أم ثدي مشفقاً بالمسائل
فيهنا جرام الشوك مَسْكَنه بِهِ
…
وتدريسه يَا لَيْت ثمَّ منازلي
لأنظره فِي كل يَوْم وَلَيْلَة
…
وأسأله عَن كل حق وباطل
فنظرته تسلي الهموم جَمِيعهَا
…
ولفظته غيث لمصغ بقائل
حبا الله ذَاك الْوَجْه نورا وبهجة
…
جمالاً وعقلاً ظَاهرا غير خامل
كبحر خضم فِي الْعُلُوم قد أمتلى
…
وفاض على الجبنات فَوق السواحل
فَإِن شِئْت تَفْسِيرا لَهُ اسال فَإِنَّهُ
…
كمعدن تبر مَاله من معادل
وَإِن شِئْت فِي علم الحَدِيث لَقيته
…
ككنز لَهُ خَافَ عَن السَّهْو عاطل
وَإِن شِئْت فِي فقه الإِمَام بن شافعٍ
…
ترَاهُ كليث فِي المعارك جائل
نعم أَو كبستان حوى كل طيب
…
وَفِيه بيُوت عاليات الْمنَازل
وَإِن شِئْت فِي علم التصوف والصفا
…
ترَاهُ إِمَامًا عَارِفًا غير جَاهِل
أديباً لبيباً قانعاً متواضعاً
…
عَن الذّكر للرحمن لَيْسَ بغافل
وَإِن شِئْت فِي علم اللُّغَات وَنَحْوهَا
…
وتصريفها أَيْضا وكل الْوَسَائِل
كعلم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَغَيرهَا
…
ترَاهُ لَهَا أَهلا شفا كل سَائل
فيا من يُرِيد الْعلم فارحل وَلَا تقف
…
إِلَى عَالم بِالْعلمِ لله عَامل
هُوَ الشَّيْخ والأستاذ والنور وَالْهدى
…
وَخير مُجيب عَن جَمِيع الْمسَائِل
إمامي وأستاذي وشيخي وسيدي
…
ومحبوب قلبِي صَادِقا غير هازل
فيا لائمي خل الملام فانني
…
حببت وحيداً مَا لَهُ من مماثل
تفكر بقلب منصف هَل ترى
…
لَهُ شَبِيها فَإِن لم تلقه لَا تجَادل
غزير الحيا كل الحجا حَاز والصفا
…
مليح الحلا شيخ الشُّيُوخ الأفاضل
إِذا مَا أَتَت مِنْهُ إِلَيْنَا رسائل
…
فَللَّه رَبِّي درها من رسائل
تفرج أحزاناً وَتكشف كربَة
…
وتجذب أحوالاً حوالي المناهل
إِمَام لَهُ خلق حميد وسيرة
…
سمت فاق بالأوصاف كل الأماثل
زكي تَقِيّ مخلص صَادِق صفا
…
من الْغِشّ والبغضاء وكل الدغائل
وَكم من محامد لَيْسَ تحصى قصيدتي
…
لَهُ يَا أخي زَادَت على قَول قائلي
واستغفر الله الْعَظِيم من الخطا
…
وَمن جمح الاهوى وكل الرذائل
…
.. وتمت بِحَمْد الله رَبِّي وعونه
…
وَصلى آلهي فِي الضُّحَى والاصائل
وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا ودائما
…
على الْمُصْطَفى الْمُخْتَار لِلْحسنِ كَامِل
…
وَله تصانيف نافعة مِنْهَا مُخْتَصر الْأَنْوَار الْمُسَمّى نور الْأَبْصَار وَهُوَ فِي غَايَة الْحسن وكأنما عناه المتنبي بقوله
…
فَجَاءَت بِنَا إِنْسَان عين زَمَانه
…
وخلت بَيَاضًا خلفهَا واماقيا
…
وَشرح تراجم البُخَارِيّ وَاخْتصرَ قَوَاعِد الزَّرْكَشِيّ وَشَرحه وَكتاب الْعدة وَالسِّلَاح لمتولي عُقُود النِّكَاح وَهُوَ مَشْهُور انْتفع بِهِ النَّاس وَشرح الْمدْخل وَشرح البرماوية وَغير ذَلِك من الْكتب النافعة فِي فنون مُتعَدِّدَة وَمن شعره
…
إِن العيادة يَوْمًا بَين يَوْمَيْنِ
…
واجلس قَلِيلا كلحظ الْعين بِالْعينِ
لَا تبر من مَرِيضا فِي مسائلة
…
يَكْفِيك من ذَاك تسآل بحرفين
…
وفيهَا فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ سلخ ذِي الْعقْدَة الْحَرَام توفّي الشريف الْفَقِيه الصُّوفِي الأديب الْحَافِظ الْمُحدث البارع فِي أشتات الْعُلُوم بدر الدّين الْحُسَيْن ابْن الصّديق بن الْحُسَيْن بن عبد الرَّحْمَن الأهدل قدس الله أَرْوَاحهم ببندر عدن وَدفن بهَا وَكَانَ مولده فِي ربيع الثَّانِي سنة خمس وَثَمَانمِائَة بِأَبْيَات حُسَيْن وَنَشَأ بهَا بنواحيها واشتغل بهَا فِي الْفِقْه على الفقيهين أبي بكر ابْن قعيص وَأبي الْقسم ابْن عمر بن مطير وَغَيرهمَا وَفِي النَّحْو على أَولهمَا وَغَيره ثمَّ انْتقل إِلَى بِلَاد المراوغة واشتغل بهَا على الْفَقِيه إِبْرَاهِيم بن أبي الْقسم جعمان وَغَيره ثمَّ دخل زبيد فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ فاشتغل بهَا فِي الْفِقْه على عمر الْفَتى وَغَيره وَفِي الْأَدَب على بن الزين الشرجي ثمَّ حج سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وجاور الَّتِي تَلِيهَا وَحضر مجَالِس الْبُرْهَان والمجيوى قاضيها وَأذن لَهُ الْبُرْهَان وَغَيره وزار النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَسمع بهَا من أبي الْفرج المراغي ثمَّ عَاد لبلاده وَأخذ عَن يحيى العامري وَبحث عَلَيْهِ الْمِنْهَاج
ذكره السخاوي فِي ضوئه قَالَ ولازمني فِي الْمُجَاورَة الثَّالِثَة بِمَكَّة فَقَرَأَ عَليّ أَشْيَاء من تصانيفي بعد أَن كتبهَا بِخَطِّهِ وَكَذَا سمع من لَفْظِي وَعلي أَشْيَاء قَالَ وَهُوَ فَاضل بارع فِي فنون ناظم مُفِيد حسن الْقِرَاءَة
والضبط لطيف الْعشْرَة متودد قَانِع عفيف اقرا الطّلبَة بناحيته وَقَرَأَ الحَدِيث على الْعَامَّة سِيمَا القَوْل البديع وَنَحْوه مدحني بقصيدة انشدنيها بِحَضْرَة الْجَمَاعَة وكتبت لَهُ إجَازَة حافلة وَرَأَيْت النَّجْم بن فَهد كتب عَنهُ من نظمه كثيرا وترجمة انْتهى
وَذكره الْعَلامَة بحرق فِي كِتَابه موهب القدوس فِي مَنَاقِب ابْن العيدروس وَقَالَ إِنِّي قلت مرّة لَهُ إِن أَحْوَال سَيِّدي الشَّيْخ أبي بكر اشكلت علينا فَقَالَ دعها تَحت حجابها مستورة بسحابها فَلَو أشرقت شمسه لأحرقت الْوُجُود كُله أما تَرَانَا نقف على أبوابه ونكتفي بتقبيل أعتابه قَالَ وَهَكَذَا كَانَ رحمه الله يقبل العتبة وينصرف وَرَأَيْت كَأَنَّهُ ورد عَلَيْهِ مرّة حَال فَأخذ بيَدي وَهُوَ كالذاهل فَقَالَ لي تُرِيدُ أَن أُريك القطب فَقلت نعم فَمشى حَتَّى أَتَيْنَا إِلَى سَيِّدي الشَّيْخ أبي بكر فَقَالَ هَذَا هُوَ القطب وَانْصَرف وَلم يلبث أَن امتدح سَيِّدي الشَّيْخ بقصيدته الَّتِي أَولهَا من الحسان الخرد قد صادني غرير يَرْمِي بقوس حَاجِب وأنشده اياها فَلَمَّا بلغ المنشد قَوْله يَا عيدروس الْأَوْلِيَاء يَا حايز الْكَمَال القطب أَنْت الْأَكْمَل
كَانَ الشريف الْحُسَيْن ينظر اليّ ثمَّ يُشِير بِيَدِهِ إِلَى سَيِّدي الشَّيْخ وَيَقُول القطب أَنْت الْأَكْمَل القطب أَنْت الْأَكْمَل يكررها ليحقق مَا كَانَ قَالَه لي فِي الْمَنَام فِي حَالَة ذُهُوله وَمن شعره
…
يَا سَيِّدي يَا الهي
…
إِن لم تكن لي فَمن لي
أَنْت الْعَلِيم بحالي
…
فارنم بعزك ذلي
…
وَمِنْه
…
أما لهَذَا الْهم من مُنْتَهى
…
اما لهَذَا الْحزن من آخر
أما لهَذَا الضّيق من فارج
…
اما لناب الْخطب من كاشر
أما لهَذَا الْعسر من دافعٍ
…
باليسر عَن هَذَا الشجى العاثر
بلَى بلَى مهلا فَكُن واثقاً
…
بِالْوَاحِدِ الْفَرد العلى الْقَادِر
…
وَمِنْه هَذِه الْوَسِيلَة الْعَظِيمَة وَهِي
…
يَا رَسُول الله عوناً مدد
…
أَنْتُم الْوَالِد وَالْعَبْد ولد
…
.. يَا رَسُول الله فِي جاهك مَا
…
يبلغ القاصد أقْصَى مَا قصد
يَا رَسُول الله مَا لي عتد
…
غير حبك وَيَا نعم العتد
يَا رَسُول الله قوم أودى
…
فلكم قومت بِالدّينِ أود
يَا رَسُول الله هَل من نظرة
…
تصلح الْقلب سَرِيعا والجسد
يَا رَسُول الله هَل من جذبة
…
تجذب العَبْد إِلَى النهج الجدد
يَا رَسُول الله هَل من عطفة
…
تعطف العَبْد إِلَى طرق الرشد
يَا رَسُول الله هَل من نفحة
…
مِنْك تَأتي وَمن الْفَرد الصَّمد
يَا رَسُول الله كن لي شافعاً
…
أَنْت وَالله شَفِيع لَا ترد
يَا رَسُول الله هَل تسمعني
…
أَي وربي تسمع القَوْل مقد
أَنا بِاللَّه وبالوجه الَّذِي
…
قَالَ ذُو الْعَرْش لَهُ أَسجد فَسجدَ
سيد الرُّسُل ختام الْأَنْبِيَاء
…
صَاحب السَّجْدَة وَالْقَوْل الْأسد
أصل مبدأ الْكَوْن بل غَايَته
…
حجَّة الله على كل أحد
رَحْمَة الله الَّتِي عَم بهَا
…
كل مَخْلُوق على بر الْأَبَد
صفوة الله من الْخلق مَعًا
…
فَهُوَ الْجَوْهَر والخلق زبد
الَّذِي قد خصّه الله بِمَا
…
يعجز الْعد فَلَا يُحْصى عدد
كلما فِي الْأَنْبِيَاء من شرف
…
ضم فِيهِ بعد أَن كَانَ بدد
وَلَقَد زيد عَلَيْهِم شرفاً
…
واختصاصات بمعناها انْفَرد
من ليَوْم الْجمع إِلَّا أَحْمد
…
يَوْم لَا وَالِد يُغني عَن ولد
ينقذ النَّاس بسجدات لَهُ
…
من هموم وكروب وشدد
يَا مجلي الكرب السود أغث
…
مَا رآك الكرب إِلَّا وشرد
يَا مليح الْوَجْه يَا خير الورى
…
أَنْت بعد الله نعم الْمُعْتَمد
يَا عَظِيم الجاه وَالْفضل وَيَا
…
أكْرم الْخلق إِلَيْك الْمُسْتَند
مدحتي نَحْوك قد أَهْدَيْتهَا
…
فاجرني بِقبُول ومدد
واسأل الرَّحْمَن لي من فَضله
…
الْعَفو والغفران والرزق الرغد
رب جنبنا بجاه الْمُصْطَفى
…
كل كد وبلاء ونكد
وأقض حاجاتي واصلح عَمَلي
…
وَاخْتِمْ الْعُمر بِخَير إِن نفد
وكذاك الْآل وَالْأَصْحَاب من
…
قد دنا مِنْهُم إِلَيْنَا وابتعد
وَصَلَاة الله مَعَ تَسْلِيمه
…
لرَسُول الله من غير أمد
وكذاك الْآل وَالْأَصْحَاب من
…
قَامَ للدّين بنصر واجتهد
…
.. بِبَقَاء الله تبقى وعَلى الآ
…
ل والصحب فهم آل الرشد
بِبَقَاء الله تبقى دَائِما
…
وعَلى الْآل فهم آل الرشد
…
قلت وَلَعَلَّه يُشِير بقوله
…
يَا رَسُول الله هَل تسمعني
…
أَي وربي تسمع القَوْل وَقد
…
إِلَى أَنه صلى الله عليه وسلم تبلغه صَلَاة الْمُصَلِّين عَلَيْهِ ومدح المادحين لجنابه الْعلي للأحاديث الصَّحِيحَة كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم {مَا من أحد يسلم عَليّ إِلَّا رد الله عَليّ روحي حَتَّى أرد عليه السلام} وَكَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم {إِن الله وكل بقبري ملكا أعطَاهُ اسماء الْخَلَائق فَلَا يُصَلِّي على أحد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا بَلغنِي باسمه وَاسم أَبِيه هَذَا فلَان بن فلَان قد صلى عَلَيْك
وَقد يتشرف بعض الْأَوْلِيَاء فَيسمع الْجَواب من النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَمَا وَقع للناظم رحمه الله من أَنه لما زار النَّبِي صلى الله عليه وسلم ووقف على الْقَبْر الشريف وَأنْشد قصيدة يَقُول فِيهَا
…
إِن قيل زرتم بِمَا رجعتم
…
يَا سيد الرُّسُل مَا نقُول
…
فَسمع الْجَواب من الْحُجْرَة الشَّرِيفَة
…
قُولُوا رَجعْنَا بِكُل فضل
…
وَاجْتمعَ الْفَرْع وَالْأُصُول
…
وفيهَا فِي يَوْم السبت حادي عشْرين الْمحرم توفّي الإِمَام الْعَلامَة مفتي مَدِينَة عدن ومدرسها وخاتمة الْعلمَاء بهَا صَاحب الْفَتَاوَى المفيدة والتصانيف العديدة الْفَقِيه عبد الله بن أَحْمد بن عَليّ بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم أَبَا محزمه الْحِمْيَرِي الشَّيْبَانِيّ الهجراني الْحَضْرَمِيّ الْعَدنِي الشَّافِعِي بعدن وَدفن قَرِيبا من قبر شَيْخه أبي شكيل دَاخل قبَّة الشَّيْخ جَوْهَر فِي الْقَبْر الَّذِي دفن فِيهِ شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام مفتي الْيمن القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد ابْن سعيد ابْن الطَّبَرِيّ وَكَانَ مولده لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشر رَجَب سنة ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بالهجرين وَحفظ الْقُرْآن بهَا ثمَّ ارتحل لطلب الْعلم إِلَى عدن وتفقه بالإمامين مُحَمَّد بن مَسْعُود أَبَا شكيل وَمُحَمّد بن أَحْمد أَبَا حميش وأجتهد فِي الطّلب ودأب وواكب على الِاشْتِغَال لَيْلًا وَنَهَارًا
وَكَانَ فَقِيرا لَا يملك شَيْئا وقاسى فِي أَيَّام طلبه من الْجُوع والمكابدة مَا هُوَ مَشْهُور عَنهُ وبرع فِي سَائِر الْعُلُوم وحقق الْفُنُون وساد الاقران وسارت بفضله الركْبَان وَوَقع على تقدمه الاجماع وابتهجت بِذكرِهِ النواظر والأسماع وَصَارَ عُمْدَة يرجع إِلَى قَوْله وفتواه فِي زمَان مشايخه فَلَمَّا رأى شَيْخه أَبُو شكيل مَا آل إِلَيْهِ أمره اغتبط بِهِ وأحبه وخطبه لنكاح أبنته وزوجه اياها ورزق مِنْهَا أَوْلَادًا فضلاء نجباء سَيَأْتِي ذكر بَعضهم
وَكَانَ عَالما بالفقه والأصلين والفرائض والحساب وَالتَّفْسِير والْحَدِيث والنحو والتصريف واللغة وَعلم الْمعَانِي وَالْبَيَان والهيئة والفلك وَغَيرهَا من الْعُلُوم الْمَشْهُورَة والفنون الْمَذْكُورَة وَكَانَ من الْعُلُوم بِحَيْثُ يقْضى لَهُ فِي كل فن بِالْجَمِيعِ وَكَانَ مهاباً حَتَّى أَن الْعَلامَة الصَّالح عفيف الدّين عبد الله بن عبسين كَانَ يَقُول اني لَا أَخَاف وَلَا أهاب أحدا من الْعلمَاء إِلَّا الْفَقِيه عبد الله أَبَا محزمه فَأَنِّي أكاد أرعد من هيبته وَكَانَ الْمُلُوك فِي زَمَانه يخضعون لَهُ ويخافونه وَكَانَ آمراً بِالْمَعْرُوفِ ناهياً عَن الْمُنكر لَا يُرَاعِي أحدا فِي دين الله وَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم
وَكَانَ صَاحبه الإِمَام الْوَلِيّ جمال الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد أَبَا فضل كثير التعضيم لَهُ وَبَلغنِي أَن الْفَقِيه رحمه الله سُئِلَ أَي أعلم أَنْت أم الْفَقِيه مُحَمَّد فَقَالَ أَنا أعلم مِنْهُ وَهُوَ أورع مني أَو قَالَ ادين مني
وَكَانَ الشَّيْخ عَليّ بن طَاهِر أول مُلُوك الْيمن من بني طَاهِر كثير التَّعْظِيم لَهُ والاغتباط بِهِ والامتثال لأَمره والانقياد لَهُ والتأدب مَعَه وَلم يزل بِهِ حَتَّى ولاه الْقَضَاء بعد على كره مِنْهُ بعد أَن شَرط عَلَيْهِ شُرُوطًا وفى لَهُ بهَا فباشر الْوَظِيفَة بنزاهة تَامَّة وصدع بِالْحَقِّ وَإِقَامَة الْعدْل واجتهاد فِي إِيصَال الْحُقُوق واغلاظ للظلمة من الْأُمَرَاء والوزراء وَغَيرهم وقمعهم عَن الظُّلم وتحكيم الشَّرْع فيهم فَمَكثَ على ذَلِك نَحْو سنتَيْن أَو سنة وَنصف ثمَّ هرب من الْبَلَد على حِين غَفلَة من أَهلهَا وَركب الْبَحْر إِلَى الشحر ثمَّ إِلَى بَلَده الهجرين فِرَارًا من الْقَضَاء وحذراً من فتنته فعفاه السُّلْطَان مِنْهُ وعول عَلَيْهِ فِي الرُّجُوع مكرماً من غير قَضَاء فَرجع
ذكره السخاوي فِي تَارِيخه قَالَ وَكَانَ برع فِي الْفِقْه وأصوله والعربية والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَكَانَ من شُيُوخه فِي الْفِقْه أَبَا حميش وَفِي غَيره أَبَا شكيل مُحَمَّد بن مَسْعُود قَاضِي عدن وَغَيرهم كابي هُرْمُز الْحَضْرَمِيّ وَهُوَ من أصلح شُيُوخه قلت وَلبس مِنْهُ خرقَة التصوف قَالَ ودرس وَأفْتى وكلفه عَليّ بن ظَاهر قَضَاء عدن فدام قريب أَرْبَعَة أشهر ثمَّ ترك وَتوجه لنفع الطّلبَة خَاصَّة مَعَ علو همة وَشرف نفس وَعمل على جَامع المختصرات نكتاً فِي مجلدة وَكَذَا على الفية النَّحْو فِي كراريس مفيدة وَشرح الملحة للحريري شرحاً حسنا ولخص شرح ابْن الهايم على هايميته إِلَى غير ذَلِك مثل الرسائل فِي علم الهندسة وَغَيرهَا وفتاواه مجيدة وَعبارَته محكمَة انْتهى كَلَام السخاوي
وَله كتاب الفتاوي وَهُوَ كتاب جليل عَظِيم الْفَائِدَة وَمِمَّنْ تخرج بِهِ من الْأَئِمَّة الْأَعْيَان الْفَقِيه الْعَلامَة الصَّالح عفيف الدّين عبد الله بن عبد الرَّحْمَن فضل الْمَعْرُوف بِابْن الْحَاج وَالْإِمَام الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن عمر أَبَا قضام والفقيه الْعَلامَة عُثْمَان بن مُحَمَّد العمودي وَالْقَاضِي الإِمَام البارع مُحَمَّد بن عمر بحرق
وَرَأَيْت بِخَط الْفَقِيه عبد الله بن الْحَاج فضل رحمه الله فِي آخر جَوَاب لَهُ على مَسْأَلَة اخْتلف فِيهَا فُقَهَاء عصره مَا لَفظه وَقد افتى بذلك سيدنَا وَشَيخنَا الْفَقِيه الْعَلامَة عبد الله بن أَحْمد محزمه رحمه الله وَأَخذه من مُقْتَضى كَلَام الْأَصْحَاب وَهُوَ أَحَق من أَن يُقَلّد انْتهى
بِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ بَقِيَّة الْعلمَاء العاملين لَيْسَ لَهُ نَظِير فِي زَمَانه وَلم يخلفه بعده مثله رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ بعض الْأَوْلِيَاء يَقُول فِي حَقه إِنَّه من الْأَرْبَعَة الْأَوْتَاد الَّذين يحفظ الله بهم الْبِلَاد والعباد ويغيث بهم الْحَاضِر والباد وَكَانَ رحمه الله يَقُول عمري سَبْعُونَ سنة فَكَانَ كَذَلِك وَمن أَوْلَاده الْفَقِيه الصُّوفِي عمر وَكَانَ تصوف بعد أَن برع فِي الْعلم وَكَانَ شَيْخه فِي التصوف الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن أَبَا هُرْمُز وَله مَعَه حِكَايَة طَوِيلَة وَمن شعره
…
اعط الْمَعِيَّة حَقّهَا
…
واحفظ لَهُ حسن الْأَدَب
…
.. وَاعْلَم بأنك عَبده
…
فِي كل حَال وَهُوَ رب
…
ونظمه كثير جدا فَهُوَ مُشْتَمل على كثير من اشارات الصُّوفِيَّة واصطلاحاتهم ومسائلهم الدقيقة وَعَلِيهِ حلاوة وَفِيه طلاوة ولاجل هَذَا يحفظه أهل تِلْكَ الْجِهَة كثيرا ويتمثلون بِهِ ويستعملونه غَالِبا فِي مغانيهم ويعتنون بِهِ أَشد الْعِنَايَة حَتَّى الْعَوام وَهُوَ سَلس الْأَلْفَاظ قريب الْمعَانِي يفهمهُ كل أحد بِحَسب حَاله فِي الْمحبَّة المجازية وَنَحْو ذَلِك وَهُوَ مَعَ ذَلِك مُشْتَمل على كثير من الْأَمْثَال المتداولة بَينهم وَمِنْه هَذِه الْوَسِيلَة الْعَظِيمَة الَّتِي اشْتَمَلت على ذكر كثير من اولياء الله رضي الله عنهم وَهِي
…
يارب بالشيخ الْجُنَيْد وخاله
…
وشقيق والشبلي وشهرة حَاله
وحبِيب العجمي وَدَاوُد فَتى
…
طي وبصري وَطيب وصاله
وبتستري الدَّار سهل وَمَا سرى
…
بسراه فِي الاسرار من سلساله
وبزهد ابراهيم صفوة ادهم
…
وفضيل الضافي على افضاله
وَبشَارَة كرمان وبابن خفيفهم
…
متحمل الأثقال من أثقاله
وببشر بشر طيب الِاسْم الَّذِي
…
بحفاه لم يحْتَج لخصف نعاله
والواسطي جمال أَرْبَاب الصَّفَا
…
جالي صفا أسرارهم بصقاله
وجليل جيلان الَّذِي قد توجت
…
تيجان فَخر من عَظِيم جَلَاله
مولَايَ عبد االقادر المنعوت فِي
…
الملكوت بالبازي لبعد حَلَاله
والشاذلي الْمَدْعُو أَبُو الْحسن الَّذِي
…
خَفَقت قبُول الْقرب من اقباله
وسفيره المرسي عَيْبَة سره
…
ومنيل من وَالَاهُ خير نواله
وائمة الْإِسْلَام اعلام الْهدى
…
وحماة علم الشَّرْع كَاف كَمَاله
سفيانها الثَّوْريّ وَابْن عُيَيْنَة
…
وَأَبُو حنيفَة من جلا بجماله
ظلم الْجَهَالَة والمملك مَالك
…
وَالشَّافِعِيّ وَحزبه وَرِجَاله
وبأحمد الْمَحْمُود صفوة حَنْبَل
…
إِذْ ذَاك لم ينسج على منواله
وبفخر شيراز أبي اسحاقها
…
وصلاحه المصيون عَن اخلاله
وبسره المسرور فَفِي تنبيهه
…
وبهاء مهذبه وزهو جماله
وبحجة الْإِسْلَام مرشد أَهله
…
سبل الصَّوَاب بصائبات مقاله
ببسيطه ووسيطه ووجيزه
…
وَبِمَا حكى الْأَحْيَاء من أَحْوَاله
…
.. وضيا جواهره وَمَا ابداه فِي
…
منهاجه من عين عذب زلاله
يَا الله يَا رباه يَا غوثاه يَا
…
من لَا يصون السُّؤَال عَن سُؤَاله
فرج عَليّ واجل عَن قلبِي الصدا
…
اني مُؤَمل طلق عقد عقاله
وازح غيوم الْغم عَنهُ ونحه
…
أرحه يَا مولَايَ من اغلاله
وأذقه برد الْإِنْس مِمَّا يختشى
…
وانله مَا يرجوه من آماله
وَاجعَل صَلَاتك وَالسَّلَام يحفها
…
أبدا على خير الْأَنَام وَآله
سر الْوُجُود مُحَمَّد وأميره
…
ومنيره بمقاله وفعاله
…
وَمِنْه أَيْضا هَذِه الْوَسِيلَة الَّتِي نظم بهَا أَكثر مَشَايِخ الرسَالَة نفع الله بهم وَهِي
…
يَا من لقلب بالصبابة ممتلي
…
واضالع بلظى القطيعة تصطلي
من ذَا لما بِي كاشفاً الاك يَا
…
من قد مددت لَهُ أكف توسلي
يَا الله يَا من لَا إِلَه نؤمه
…
إِلَّا هُوَ انظرني بِعَين تفضل
يَا حَيّ يَا قيوم ثبتني وَكن
…
بالطف وَالتَّدْبِير لي أبدا ولي
يَا من هُوَ الله الْعَظِيم وَمن لَهُ
…
الْعَرْش الْعَظِيم وَمن عَلَيْهِ توكلي
أنعم عَليّ فَأَنت اكرم منعم
…
وأغفر ذُنُوبِي واعف وأكف وجمل
وتوفني لَك مُسلما وَمُسلمًا
…
مَعَ اولياك بِحَق حَقك يَا عَليّ
وبآية الْكُرْسِيّ أعظم آيَة
…
وَبسر آيَات الْكتاب الْمنزل
وبحق خير الْعَالمين مُحَمَّد
…
هادي الانام وغوث كل مُؤَمل
وبحق اسرافيل بل ورفيقه
…
جِبْرِيل قيدوم الْفَرِيق الأول
وبحق مِيكَائِيل خَازِن رزقنا
…
وبقابض الارواح غير ممهل
وبحرمة الصّديق والفاروق بل
…
وبحق عُثْمَان وَسَيِّدنَا عَليّ
وبحق فَاطِمَة البتول وَابْنهَا
…
حسن وَبِالثَّانِي حُسَيْن الْأَفْضَل
وبجعفر الطيار بل وبحمزة
…
وبجمع أَصْحَاب النَّبِي الكمل
وَالتَّابِعِينَ لَهُم باحسان وَمن
…
والاك من أهل الْمحل المعتلي
بِيَقِين زين العابدين وباقر
…
وبجعفر ذِي الصدْق وَالْفَخْر الجلى
وبكظم مُوسَى والملقب بالرضى
…
زاكي الاصول على المتبتل
…
.. بالياس وَالْخضر النَّقِيب وَمن مضى
…
مِمَّن تصوف فِي مدى الزَّمن الْحلِيّ
بالشيخ سهل التسترِي أمامنا
…
وأخيه مَعْرُوف أبلغني مأملي
بسرى بالشيخ الْجُنَيْد بحارث
…
بشقيق الْبَلْخِي بِذِي النُّون الْوَلِيّ
وبابن أدهم ثمَّ بالطائي وبا
…
لِحَافِي الْفَقِير الزَّاهِد المتنصلي
بفضائل الشَّيْخ الفضيل وبأبنه
…
وبحال طيفور الَّذِي مِنْهُ يَلِي
بِأبي سُلَيْمَان وَابْن مبارك
…
وبحاتم والواسطي الفيصل
وبأحمد ابْن أبي الْحوَاري ثمَّ
…
مَنْصُور بن عمار الدَّلِيل الْموصل
بَابي تُرَاب وَابْن مَسْرُوق وبا
…
لشبلي وَابْن معَاذ يحيى الأنبل
برويم وَابْن جنيتي والحداد و
…
القصاب ثمَّ نحير المتبذل
وبابن خضرويه وبالنوري وو
…
الدقاق والمكي عمر والاعدل
وبابن عَاصِم وَأحمد وَسَعِيد
…
الحيزي وبابن الْفضل كن يارب لي
وبابن الْأَعرَابِي وَابْن نصيره
…
والرقي وَإِبْرَاهِيم المتبهل
بِمُحَمد الرقي وَشَيخ زَمَانه
…
استاذنا السيار والمتأول
بالرازي الأواب عبد الله و
…
ابْن نجيد والبوشيخي والمتجمل
وبشيخنا ابْن خَفِيف بل يعلى
…
الحضري تجَاوز وامح ذَنبي وَاقْبَلْ
وبشيخ مُضر أباد عالمها وَبُنْدَار وَشَيخ فِي طمسنان ابتلى
بنزيل دينور أبي الْعَبَّاس و
…
ابْن عطا وَمن روذباد المتجمل
وأمامنا الدقاق والسلمي و
…
القصاب ثمَّ الصَّيْرَفِي الأمثل
بالعابد الخشاب ثمَّ دريدي
…
وبابن جَهْضَم هضم كل معطل
وبالأسود الثاوي بدينوره
…
وَمَنْصُور الَّذِي فِي العذب كَانَ بمنزل
بَابي سعيد أَمَام مالين وَمن
…
قد ساح مِنْهُم أَو أَقَامَ بمحفل
وبزين الْإِسْلَام الْقشيرِي الَّذِي
…
قد ذاق فِي التَّوْحِيد أعذب منهل
يَا من يغيث المستغيث بغوثه
…
هَذَا التوسل بعد بذل تحيلى
فَبِحَق من سميت فِي قولي أقل
…
وانلني المأمول مِنْك وَعجل
وتولني وتول من واليته
…
وأحلل بأعدائي انتقامك وأخذل
وأقمع وَدَمرَ من أَرَادَ بِنَا أَذَى
…
وأعكس رجاه وخذه أَخذ منكل
وَمَتى دعوتك يَا ألهي رَاغِبًا
…
أَو رَاهِبًا من عَاجل ومؤجل
قل هاك يَا عَبدِي فها أَنا وَاقِف
…
بِفنَاء جودك سَائِلًا بتذلل
…
.. حاشاك أَن تفنى الْمُلُوك وفودها
…
وتردني يَا من عَلَيْهِ معولي
أبدا وصل على النَّبِي مُحَمَّد
…
زين الْوُجُوه وَنور كل مهلل
وعَلى صحابته الْكِرَام وَآله
…
أهل الْفَضَائِل والفخار الْأَكْمَل
…
وانما ذكرت هَاتين القصيدتين تيمناً بِذكر من فيهمَا من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى الَّذين تنزل الرَّحْمَة عِنْد ذكرهم لِئَلَّا يَخْلُو هَذَا الْكتاب عَن شَيْء من نفس هَذَا السَّيِّد الْعَظِيم وَالْوَلِيّ الْكَبِير عَارِف زَمَانه ذِي الْقدَم الراسخة فِي التصوف أعَاد الله علينا من بركاته فِي الدَّاريْنِ آمين وَمَا وقفت على تَارِيخ وَفَاته فَلهَذَا لم أترجم لَهُ بالاستقلال وَإِلَّا فَهُوَ جدير بذلك
وفيهَا توفّي الْفَقِيه الصَّالح الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم المكدش بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْكَاف وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَآخره شين مُعْجمَة فَقِيه اللامية ومفتيها ببلدة سامر وَكَانَ لَهُ بهَا مشْهد عَظِيم رحمه الله
قلت وَبَنُو المكدش هَؤُلَاءِ اخيار صَالِحُونَ شهر مِنْهُم جمَاعَة بِالْولَايَةِ التَّامَّة وَظُهُور الكرامات وقريتهم يُقَال لَهَا الآنفة وَهِي بِفَتْح الْهمزَة بعد الْألف وَاللَّام وَفتح النُّون وَالْفَاء أَيْضا وَآخره هَاء تَأْنِيث بِجِهَة وَادي سِهَام وَهِي مُجَللَة مَقْصُودَة الزِّيَارَة والتبرك ونسبهم فِي الغنميين وهم قَبيلَة من قبائل عك بن عدنان ومسكنهم فِيمَا بَين الوادى سِهَام والوادي سردد
وَمن مشاهيرهم يُوسُف بن أبي بكر المكدش كَانَ من كبار الْأَوْلِيَاء وَله كرامات خارقة ذكره الشرجي فِي الطَّبَقَات واثنى عَلَيْهِ وَذكر شَيْئا من أَحْوَاله وتاريخ وَفَاته لم اطلع عَلَيْهِ غير انه كَانَ معاصراً لصاحبي عواجة الشَّيْخ الْحكمِي والفقيه البَجلِيّ وهما كَانَا على رَأس الستمائة وَمِنْهُم مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي بكر بن يُوسُف المكدش وَكَانَ من كبار الصَّالِحين ذكره الشرجي أَيْضا فِي طبقاته وَحكى بعض كراماته وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة
وفيهَا فِي يَوْم الثُّلَاثَاء الْحَادِي وَالْعِشْرين من شهر الْمحرم توفى
الشريف مُحَمَّد بن بَرَكَات صَاحب مَكَّة بوادي الأبيار خَارِجا عَن مَكَّة وَحمل إِلَيْهَا وَدفن بهَا يَوْم الْأَرْبَعَاء فِي حوشة رحمه الله
وفيهَا فِي ذِي الْقعدَة توفّي الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد باصهي بشبام
وفيهَا فِي سحر لَيْلَة الْأَرْبَعَاء السَّادِس عشر من جُمَادَى الاولى توفّي الْفَقِيه الْمُفْتِي القَاضِي الشَّيْخ الْعَلامَة جمال الدّين مفتي الْمُسلمين مُحَمَّد ابْن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن حُسَيْن القماط الزبيدِيّ بِمَدِينَة زبيد وَدفن ضحى يَوْمهَا وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم وَلم يخلف بعده مثله رحمه الله وَكَانَ مولده ببلدة زبيد فِي شهر صفر سنة ثَمَان وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ بهَا وأشتغل فِيهَا بِالْعلمِ ولازم القَاضِي الْعَلامَة الطّيب النَّاشِرِيّ صَاحب الْإِيضَاح والعلامة عمرا الْفَتى والفقيه كَمَال الدّين مُوسَى الضجاعي وَغَيرهم من عُلَمَاء عصره وبرع فِي الْفِقْه ودرس وَأفْتى وَكَانَ لَا يمل الأشغال والاشتغال وَحصل بِيَدِهِ كتبا جمة وَولي قَضَاء عدن سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَلم يزل قَاضِيا بهَا إِلَى سنة تِسْعَة وَتِسْعين فعزل بِالْقَاضِي الْعَلامَة شهَاب الدّين أَحْمد بن عمر المزجد وَرجع إِلَى وَطنه زبيد وَأقَام بهَا على التدريس وَالْفَتْوَى وَنشر الْعلم وَتخرج بِهِ جمَاعَة من الْفُضَلَاء وانتفع النَّاس بِعِلْمِهِ وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي وَكَانَ كثير الاستحضار للفروع جيد الأستنباط وَلم يكن لَهُ يَد فِي غير الْفِقْه رحمه الله
وفيهَا فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ الثَّانِي من شهر ربيع الآخر توفّي الْفَقِيه الصَّالح المعمر جمال الدّين مُحَمَّد النُّور بن عمر الجبرتي من بَقِيَّة أَصْحَاب الشَّيْخ إِسْمَاعِيل بن أبي بكر الجبرتي عَن خمس وَثَمَانِينَ سنة وَدفن ضحى يَوْمهَا قَرِيبا من ضريح شَيْخه رحمه الله
وفيهَا فِي عَشِيَّة يَوْم الْخَمِيس الثَّالِث من جُمَادَى الأولى توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة المتقن المتفنن رَضِي الدّين بن الصّديق بن مُحَمَّد الْحكمِي الشهير بالوزيفي بِمَدِينَة زبيد وَدفن لَيْلَة الْجُمُعَة بعد صَلَاة الْمغرب بتربة الْقُضَاة الناشريين بعناية القَاضِي جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد السَّلَام النَّاشِرِيّ رَحمَه الله