الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّلَاثَة فَانْتَفع بِهِ خلائق لَا يُحصونَ ثمَّ عَاد لمَكَّة فِي موسم سنة ثَلَاثِينَ بأولاده وعائلته وأقاربه وأحفاده ليَمُوت بِأحد الْحَرَمَيْنِ فانتعشت بِهِ الْبِلَاد وأغتبط بِهِ الْعباد فَأخذ النَّاس عَنهُ طبقَة بعد أُخْرَى وَألْحق الأحفاد بالأجداد وأجتمع فِيهِ كثير من الْخِصَال الحميدة كالعبادة وَالْعلم والتواضع والحلم وصفاء الْبَاطِن والتقشف وَطرح التَّكَلُّف بِحَيْثُ علم هَذَا من طبعه كل من اجْتمع بِهِ وَلَا زَالَ على جلالته وعظمته إِلَى أَن توفّي رحمه الله
سنة أثنين وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة
932 هـ
وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع صفر سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ توفّي الشَّيْخ الْكَبِير وَالْعلم الشهير قطب العارفين وسلطان العاشقين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ بن مَحْمُود بن ابراهيم بن مُحَمَّد السودي الشهير بالهادي اليمني بتعز وقبره مَشْهُور بهَا يزار وَعَلِيهِ قبَّة عَظِيمَة أحد الْأَوْلِيَاء الْكِبَار والمشايخ الْمَشْهُورين فِي الأقطار وَأحد من تنزل عِنْد ذكرهم الرَّحْمَة وَكَانَ من الْعلمَاء الراسخين وَالْأَئِمَّة المتبحرين ودرس وَأفْتى ثمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الجذب وصدرت مِنْهُ أُمُور تدل على أَنه من العارفين بِاللَّه وَرويت عَنهُ كرامات وَله ديوَان مَشْهُور وشعره رائق جدا على طَريقَة أهل التصوف ونظمه هَذَا مَا وَقع إِلَّا بعد الجذب
وَحكي أَنه كَانَ مَا يَقُوله إِلَّا فِي حَال الْوَارِد مثل ابْن الفارض فَكَانَ يكْتب بالفحم فَوق الجدران فَإِذا أَفَاق مُحي مَا كتبه من ذَلِك وَكَانَ فقراؤه بعد أَن علمُوا مِنْهُ ذَلِك يبادرون بكتب مَا وجدوه من نظمه على الجدران فيجمعونه بعضه إِلَى بعض
وَحكي أَن بعض المنشدين أنْشد بَين يَدَيْهِ قصيدة من نظمه فطرب لَهَا وتمايل عَلَيْهَا ثمَّ سَأَلَ عَن قَائِلهَا فَقيل أَنَّهَا من نظمك فَأنْكر ذَلِك وَقَالَ حاشا مَا قلت شَيْئا حاشا مَا قلت شَيْئا وَكَانَ مُولَعا بِشرب القهوة لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَ يطبخها بِيَدِهِ وَكَانَ لَا يزَال قدرهَا بَين يَدَيْهِ وَقد يَجْعَل رجله تحتهَا فِي النَّار مَكَان الْحَطب وَكَانَ كلما يَأْتِي إِلَيْهِ من النذورات أَن كَانَ من المأكولات طَرحه فِيهَا أَو من غَيرهَا أَو قد بِهِ تحتهَا كَائِنا مَا كَانَ من ثوب نَفِيس أَو عود أَو غير ذَلِك
وَقيل أَن السُّلْطَان عَامر بن عبد الْوَهَّاب بعث إِلَيْهِ بخلعة نفيسة فألقاها تحتهَا فاحترقت فَبلغ ذَلِك السُّلْطَان فَغَضب وَأرْسل يطْلبهَا مِنْهُ فَأدْخل يَده فِي النَّار وأخرجها كَمَا كَانَت وَدفعهَا إِلَيْهِم وَقد اشار إِلَى هَذَا الشَّيْخ عبد الْمُعْطِي بن حسن أَبَا كثير فِي قصيدته الَّتِي عَارض فِيهَا شيخ الاسلام أَبَا الْفَتْح مالكي وَكِلَاهُمَا مدحا الْقُوَّة فَقَالَ
…
قهوة البن جلّ مقصودي
…
فِي الخفا والعلن
هام فِيهَا أمامنا السودى
…
قطب أهل الْيمن
وطبخها بالند والعودي
…
وبغالي الثّمن
من ثِيَابه حَرِير مَعَ قطن
…
فاخر الملبس
وبذاكم خوارق تثني
…
عَلَيْهِ لم تدرس
…
وَحكي أَنه كَاد يقْرَأ فِي الْفِقْه على بعض الْعلمَاء فَلَمَّا وصل إِلَى هَذِه الْمَسْأَلَة وَالْعَبْد لَا يملك شَيْئا مَعَ سَيّده كرر هَذَا السُّؤَال على شَيْخه كالمستفهم وأعترته عِنْد ذَلِك هَيْبَة عَظِيمَة وبهت وَحصل عَلَيْهِ الجذب
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ آيَة من آيَات الله وأقوااله تدل على حَاله فِي الْمحبَّة ومقامه فِي الْمعرفَة وكذاا تدل على تفننه فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة مثل النَّحْو والبديع والمعاني وَالْبَيَان وَغير ذَلِك وعَلى اطلااعه على الْأَخْبَار السالفة والأمثال السائرة حَتَّى كَأَنَّمَا جَمِيع الْعُلُوم والمعاني كَانَت ممثلة بَين عَيْنَيْهِ يخْتَار مِنْهَا الَّتِي يُرِيد وَلَا يعدل عَن الشَّيْء إِلَّا إِلَى مَا هُوَ خير مِنْهُ وعَلى نظمه قبُول عَجِيب وَفِيه تَأْثِير غَرِيب فَإِنَّهُ السهل الْمُمْتَنع يفهمهُ كل أحد مَعَ متانة عِبَارَته وتتأثر بِهِ النَّاس غَالِبا وَيكثر عَلَيْهِ وجد المتواجدين بل قيل أَنه فارضى الْيمن وَهُوَ رَقِيق جدا تقبله الطباع ويفهمه الْخَاص وَالْعَام وَيذكر الأوطان ويهيج الأشجان فَهُوَ فِي رقته يشبه كَلَام التلمساني والحاجري رحمهمَا الله تَعَالَى
…
شَاهد جمال محيا غَايَة الطّلب
…
تظفر فديتك بالاعلى من الْقرب
وَلَا تكن عَن حَيَاة الرّوح مشتغلا
…
بالترهات فَمَا هَذَا من الْأَدَب
والحظ محَاسِن تسبي الْعقل أجمعه
…
من السرُور بهَا والأنس والطلب
وخلص الْقلب من أكوان غربته
…
وَأدْخل حمى ربة الأستار والحجب
…
.. وَأنس الْعُلُوم وماا قد كنت تكتبه
…
فمحوه وَاجِب من كل مكتتب
وأنهض إِلَى الْعَالم الْأَسْنَى على
…
قدم التجرد لَا تلْتَفت يَوْمًا إِلَى سَبَب
وأصرف على حسن من تهوى وصالهم
…
جسماً وروحاً وَهَذَا لَيْسَ بالعجب
وَلَا ترد عوضا عَنْهُم إِذا قبلوا
…
فَالْكل ملكهم مَا فهت بِالْكَذِبِ
وَمَا أَنْت لولاهم أجروا عنايتهم
…
عَلَيْك إِلَّا مَحل الشَّك والريب
…
لَوْلَا تعرفهم مَا كنت تعرفهم
…
وَلَا رفعت إِلَى شَيْء من الرتب
…
هم أهلوك لَهُم جودا ومكرمة
…
وبلغوك الَّذِي ترجو من الْأَدَب
سَافر إِلَى حَضْرَة عليا مُقَدَّسَة
…
تصح من ألم الأغيار وَالنّصب
وَمن مقالك لم هَذَا وَكَيف وَهل
…
لَا كَانَ هَذَا مقَال الْجَهْل والعطب
وَكن عبيدا لَهُم لَا تعترض أبدا
…
وأضمم جناحك مَعَ هَذَا من الرهب
وَأَن بدا وَجه ذَات الْخَال صل لَهُ
…
وأسجد كَمَا جَاءَ فِي القرأن وأقترب
وأشطح على سَائِر النساك أَن عدلوا
…
وَقل لمن لَام من عجم وَمن عرب
فنيت عني بهَا يَا صَاح إِذْ برزت
…
وغبت إِذْ حضرت حَقًا وَلم تغب
فَمَا أُبَالِي إِذا مَا لمتني أبدا
…
وَرُبمَا ذقت طعم اللوم كالضرب
…
وَمِنْه
…
يَا عرب نجد انتم لي فتْنَة
…
وبطيب ذكركُمْ الذ وأطرب
وأغيب عَن كلي وحقكم بكم
…
وعذابكم يحلوا لدي ويعذب
وَإِذا شهِدت جمالكم وجلالكم
…
فَجَمِيع مَا يحوي الْوُجُود مغيب
رمدت عُيُون لَيْسَ تلحظ حسنكم
…
هَل ظَاهر عَن غير اعمى يحجب
روح بحبكم تحلى جيدها
…
عَنْهَا المعارف كلهَا لَا يعرب
يَا سادتي بل يَا أحبة مهجتي
…
كم ذَا عَن الرّبع الأنيس تغرب
إِن دَامَ هَذَا الهجر هَا أَنا ميت
…
حاشا يضام نزيلكم ويخيب
…
وَمِنْه
…
يَا سادة مَا عَنْهُم مَذْهَب
…
فِي حبكم لي مَذْهَب مَذْهَب
قد رام مني عاذلي تَركه
…
لكنه فِيمَا نوى أشعب
من أَيْن تسلو عَنْكُم مهجتي
…
وَفِيكُمْ الْأَمْثَال بِي تضرب
يَا سَاكِني وَادي عذيب الْهوى
…
تعذيبكم كالشهد يستعذب
…
.. بددتم شملي فيا هَل ترى
…
بعد الجفا يصفو لي المشرب
استودع الله الزَّمَان الَّذِي
…
مَا فَارَقت ربعي بِهِ زَيْنَب
ناشدتك الله يَا نسيم الصِّبَا
…
من أَيْن هَذَا النَّفس الطّيب
هَل أَنْت من ليلى بشير الرِّضَا
…
أم أَنْت عَن أسرارها تعرب
أم جزت فِي روض بِهِ قدمشت
…
ام ثغرها قبلك الأشنب
فهات اطربني بأخبارها
…
فعهدك الْيَوْم بهَا اقْربْ
عجبت دهراً من رجال صبوا
…
فاليوم منى عجبي يعجب
يَا أهل نجد هَذِه قصتي
…
لَكِن إِلَيْكُم مِنْكُم الْمَهْرَب
…
وَمِنْه
…
معَاذ الله أَن أسلوا عريبا
…
هُوَ أهم فِي الحشى أرسى خيامه
ثملت بهم وَمَا خامرت خمرًا
…
وَلَا دانيت أَدْيَان المدامه
رعى الله الأبيرق والمصلى
…
وَبَان الْحَيّ مَا سجعت حمامه
فَتلك مَوَاطِن الصب الْمَعْنى
…
بهَا الْأَرْوَاح صارة مستهامه
على عرب بهَا مني سَلام
…
يكون الْمسك من قبلي ختامه
…
وَمِنْه
…
لَيْسَ عِنْد الْخلق من خبر
…
عَنْك يَا أغلوطة الْفِكر
تاهت الْأَلْبَاب فِيك وَمَا
…
ميزت وردا من الصَّدْر
حيرة عَمت فَأَي فَتى
…
رام عرفانا وَلم يحر
عميت انباء ذَاك على
…
كل من فِي البدو والحضر
وَغدا يسْأَل بَعضهم
…
عَنْك بَعْضًا عل من ظفر
فانثنوا وَالله مَا وَقَعُوا
…
لَا على عين وَلَا أثر
بل عَظِيم الْقَوْم مطلبه
…
شدَّة التحيير والحصر
كَيفَ حاروا فِيك وَاعجَبا
…
يَا منى سَمْعِي وَيَا بَصرِي
أَنْت لَا تخفي على أحد
…
غير عشق الْفِكر وَالنَّظَر
أَو على شخص بِهِ كمه
…
لم يُشَاهد صُورَة الْقَمَر
بالظهور الصّرْف محتجب
…
أَنْت هَذَا صَحَّ فِي الْأَثر
وَأَنت فيهم ظَاهر وبهم
…
وَلَهُم لَوْلَا بَقَاء الْأَثر
…
لَو تلاشت عَنْهُم ظلم
…
وانمحوا عَن عَالم الصُّور
شاهدوا معناك منبسطاً
…
سارياً فِي سَائِر الْفطر
ودروا أَن الْحجاب هم
…
عَن شُهُود المنظر النَّضر
وَقضى يَعْقُوب حَاجته
…
وانْتهى زيد إِلَى الوطر
…
وَمِنْه
…
ثق بمولاك فِي جَمِيع الْأُمُور
…
وأحسب النَّاس كلهم فِي الْقُبُور
وارج مِنْهُ العطا لَا من سواهُ
…
فَهُوَ يوليك كل فضل وَخير
لَا تعول إِلَّا عَلَيْهِ تَعَالَى
…
عَن شريك فِي ملكه وظهير
كل من فِي الْوُجُود كل عليم
…
لَيْسَ يرجون غَيره من نصير
عِنْده مَا تروم من كل خير
…
جلّ من خَالق عَظِيم قدير
فَالْزَمْ الْبَاب لَا تحل عَنهُ يَوْمًا
…
لم يفز غير من حظى بالحضور
فَهُوَ بَاب مجرب للأماني
…
فِيهِ مَا شِئْت من منى وسرور
حسبي الله من جَمِيع البرايا
…
وَكفى عَن غنيهم وَالْفَقِير
هُوَ غوثي إِذا طلبت غياثاً
…
ومعيني على المُرَاد الخطير
عَم بِالْفَضْلِ كل عبد وحر فهم بَين حَامِد وشكور
وَصَلَاة الاله فِي كل يَوْم
…
وَأَوَان على البشير النذير
…
وَمِنْه
…
يَا مقْعد العزمات يَا عبد الْهوى
…
يَا بانيا والبين يهدم مَا بنى
زرني أعلمك الْهوى وفنونه
…
وأشتم نفاسي يزل عَنْك العنى
فَأَنا أَمَام جيوشه وَجُنُوده
…
وَأَنا الدَّلِيل لَهُم على كنز الْغَنِيّ
لي فِي الغرام حقائق ودقائق
…
من نالها أَو بَعْضهَا نَالَ الهنى
يَا نازلين على منى وحياتكم
…
لَيْسَ الْقَتِيل بحبكم إِلَّا أَنا
أَنْتُم سكنتم فِي سويدا مهجتي
…
لم لَا أصير لسركم كلي أَنا
لكم الْجمال بديعه وغريبه
…
وَالْحب لي مَا شط مِنْهُ وَمَا دنى
يَا من أعيذ جمَالهمْ بجلالهم
…
مَا كَانَ فِيهِ رضاكم فَهُوَ المنى
لَا تحسبوني خَائفًا من هجركم
…
أَو راجياً لدوام وصل يجتنى
هَيْهَات لي شغل بكم عَن ذَا وَذَا
…
وبكم عَلَيْكُم فِي الْهوى إذلالنا
…
.. مَا قَدرنَا مَا نَحن حَتَّى إننا
…
طبنا بكم لولاكم طبتم بِنَا
لولاكم مَا شاقني بَان اللوى
…
كلا وَلَا وَادي النقا والمنحنى
…
وَقد خمس هَذِه القصيدة سيدنَا ومولانا وَشَيخنَا وأستاذنا الْعَارِف بغوامض الْحَقَائِق الْجَامِع للطائف أسرار الدقائق المعرب عَن مغيبات الْأَسْرَار الْمغرب بلدنيات الْأَخْبَار مظهر الصِّفَات الازلية مهبط الرحمات الأبدية شَيخنَا السَّيِّد حَاتِم بن أَحْمد الأهدل أعَاد الله علينا من بركاته آمين تخميساً بديعاً بِحَيْثُ يظنّ انها لوَاحِد
وَكَانَ السَّيِّد حَاتِم الْمَذْكُور من آيَات الله الْكُبْرَى وأعجوبة الزَّمَان الَّذِي بهر الورى لَيْسَ لَهُ نَظِير فِي أَحْوَاله وأقواله ومقاماته وَكَانَت لَهُ يَد فِي جَمِيع الْعُلُوم لَكِن غلب عَلَيْهِ علم التصوف فَكَانَ ابْن عَرَبِيّ زَمَانه ويومي أَوَانه لم ير نَفسه وَلَا رأى الراؤون مثله فِي كَمَاله وبراعته جمع بَين علمي الشَّرِيعَة والحقيقة وَشرح احسن الشَّرْح أصُول الطَّرِيقَة وَكَانَت لَهُ أَحْوَال فاخرة وكرامات باهرة ظَهرت بَرَكَات أنفاسه على خلق كثير من العصاة فتابوا وأنابوا إِلَى الله تَعَالَى وَوصل بِهِ خلق عَظِيم إِلَى الله عز وجل وَصَارَ لَهُ أَصْحَاب وَاتِّبَاع كَالنُّجُومِ
وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ قطب زَمَانه وَسيد وقته وسر الله بَين خلقه والتطويل بِذكر كراماته تَطْوِيل فِي مَشْهُور وإسهاب فِي مَعْرُوف وَكنت أحب لقاءه وأحدث نَفسِي بِهِ وَأَنا شغف بحبه كلف بِقُرْبِهِ فعاق دون لِقَائِه بعد الشقة وضعفي عَن تحمل الْمَشَقَّة وتأسفت بعد مَوته جدا حَيْثُ لم أكن ذهبت إِلَيْهِ وفزت من علومه ومعارفه فِيمَا بَقِي من عمره بِمَا يخرج فَضله عَن الْحَد والحصر وَمَا علمت أَنِّي أَصبَحت فِي عمري بِمثل مصابي بِهِ وَلَكِن الله سبحانه وتعالى غَالب ومطلوبه لَا يخرج عَنهُ من الطالبين طَالب وَكَانَ قد وصلتني مِنْهُ قبل وَفَاته بِنَحْوِ تسع سِنِين مُكَاتبَة جَوَاب كتابي إِلَيْهِ فَلَمَّا حصل الْيَأْس من الِاجْتِمَاع بِهِ أنشدت فِي ذَلِك هَذِه الأبيات
…
أفدي زَمَانا نعمت بِهِ
…
ثغر الزَّمَان كَانَ فِيهِ بأسم
عصرالشباب لَهُ رونق
…
سِيمَا ان يكن الْخلّ فِيهِ رَاحِم
…
.. حظيت فِيهِ بورود خطابه
…
وَكَانَ مكتوبه خير قادم
كُنَّا نؤمل وَنَرْجُو دَائِما
…
لقاه وَالله فِي أشرف المواسم
فشح باللقا وحرمته
…
واعجباه من بخل حَاتِم
حاشا علاهُ حاشاه ان
…
يحرم الراجي المكارم
لَئِن قصرت فِي قصدي لَهُ
…
فقد كنت فِي ذكرى لَهُ دَائِم
أسائل الركْبَان عَنهُ أبدا
…
وشغفي بِهِ لَا يزَال ملازم
وَكَانَ شوقي لرُؤْيَته متزايداً
…
وَكَانَ حبي لذاته متقادم
وَمَعَ هَذَا فاشتغالي بسواه
…
كَانَ وَالله من أعظم الجرائم
كَذَا وتشويقي بلقاه
…
كَانَ وَالله من أعظم العظائم
لقد أصبت بفقده مصاباً
…
مَا أَظن أُصِيب بِمثلِهِ العوالم
…
نُسْخَة مَا كتبه وَمن خطه الشريف نقلت بِحُرُوفِهِ
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حمداً لَك يَا من عَم الْخلق احسانه وشكراً لَك اللَّهُمَّ على مَا أسليت من بركَة الإيجاد والوجود وأنعمت من المدد المتوالي امكانه وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من خص بِالسَّبقِ فِي ميادين الشُّهُود وعمم ارساله فَلم يشذ عَن أمره وَنَهْيه من وسم برسم الْوُجُود فَهُوَ السَّابِق إِلَى مجالي الْأَرْوَاح والفاتق رتق حَضْرَة الواحدية لظُهُور الاظهار وبروز الأشباح صلى الله عليه وسلم ضلاة لَا غَايَة لَهَا وَلَا انْتِهَاء وَلَا أمد لَهَا وَلَا انْقِضَاء مَا دَامَت التجليات الذاتية مدَار الحضرات الصفاتية وَمَا قبلت القوابل الأحمدية فيوض الكمالات الالهية من الْأَسْرَار المحمدية والأنوار القاسمية حَتَّى يظْهر الِاسْم الظَّاهِر بِكَمَالِهِ فِي ذَات مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا الشريف الْوَلِيّ المقرب عبد الْقَادِر العيدروس ظهورا ملتحقا بالجمال لجلاله معتجرا بالمجد الباذخ الْمجِيد بنواله فينشد لِسَان حَاله فِي مرتبَة كَمَاله معرباً عَن حَاله مغرباً عَن مجاله شعر
…
لَيْسَ بِي حَاجَة إِلَى
…
ظَاهر من علومه
قد كفاني بِذَاتِهِ
…
عَن مباني رسومه
…
وصل كتابكُمْ فشرح صدر التصوف وَنور جِهَات التعرف فافعم قوابل الْأَعْيَان بِمَا أفاضه من نفس الرَّحْمَن ووصلت الطَّاقَة الْبَيْضَاء
وَحصل بوصولها للْفُقَرَاء غَايَة الانس والرضاء وذكرتم يَا سَيِّدي أَنكُمْ أرسلتم بأوراق وكراريس إِلَى الْفَقِير والى الْعَلامَة عبد الْملك فَلم يقف الْفَقِير على ذَلِك وَرُبمَا أَن مَوْلَانَا الْفَقِيه يرى قُصُور الْفَقِير عَن ذَلِك وَأما مَوْلَانَا الْفَقِيه فَهُوَ امام المصنفين وعلامة المؤلفين فَلَا تؤاخذوا عبدكم فِي التَّقْصِير لِأَن الْعَجز حرفتي والضعف صِفَتي وَبِي حَاجَة إِلَى دعائكم فَاجْعَلُوهُ صلتي وَالسَّلَام
هَذَا والشوق إِلَى رُؤْيَة وجهكم السعيد كل يَوْم يزِيد فتوجهوا بقلبكم الْوَاسِع الوحداني إِلَى جِهَة عبدكم لتطفح عَلَيْهِ بَرَكَات أنفاسكم فتقوى روحه على السريان ويتسع قلبه لمشاهدة الْمَاضِي والمستقبل فِي الْآن فَيَعُود ناشراً برود الثَّنَاء على حضرتكم الشَّرِيفَة يسْتَمر على وَظِيفَة الدُّعَاء لذاتكم اللطيفة وانظروا إِلَيْهِ نظرا ببسط وجولان ويسرح من قَبْضَة الْكَوْن لموجوداته فَيخرج عَن الْمَكَان إِلَى عَالم الامكان وَلَا يحصره الزَّمَان بعد اطِّلَاعه على حَضْرَة الْأَعْيَان هَذَا وَلَيْسَ الْخَبَر كالعيان وَسَلام على الْمُرْسلين وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَمن حضر حضرتكم الشَّرِيفَة فَهُوَ مَخْصُوص بجزيل السَّلَام العَبْد الْفَقِير حَاتِم بن أَحْمد الاهدل لطف الله بِهِ آمين
قلت وَأَرْجُو من الله بركَة هَذِه الاشارات المتضمنة للبشارات وَللَّه در من يَقُول شعر
…
قد سَمِعت الفال اُبْشُرْ بالهنا
…
زَالَ وَالله التنائي والعنا
وأتاني قَائِل نلْت المنا
…
صَحَّ هَذَا الفال
…
غَيره
…
توسل بِأَنْفَاسِ الْكِرَام لرَبهم
…
إِذا رمت مَطْلُوبا وعزت وسائله
فهم شُفَعَاء الْخلق فِي بَاب عزه
…
وَمَا خَابَ راجية لديهم وسائله
…
واني لأرى النِّسْبَة إِلَى هَذَا الرجل الْعَظِيم وَالسَّيِّد الْكَرِيم من أجل مَا أنعم الله بِهِ عَليّ واجمع مَا وصل من الطافه الي ولي فِيهِ قصائد مُتعَدِّدَة مِنْهَا أَبْيَات التزمت فِيهَا أَن يكون يخرج مِنْهَا مِنْهَا من أَوَائِل السطور اسْمه الشريف وَهِي
ح
…
حمام الايك بِاللَّه اسعدينا
…
ورددي البكا حينا بعد حينا
أأفي نجد حزنك فَلَا تلامي
…
وعمري وَالله أَنِّي مثلك حَزينًا
{ت} تناءت دَاري فمرست وصالهم
…
وصرت بعد أغتباطي مغبونا
{أ} أَفِي نجد حزنك فَلَا تلامي
…
وَعَمْرو وَالله أَنِّي مثلك حَزينًا
{م} مَا أرى لي فِي وجدي شَبِيها
…
وأيم الله ذَا حَقًا يَقِينا
…
وَمِنْهَا ابيات كنت قلتهَا فِيهِ فِي حَيَاته وَهِي
…
وباعي بِهِ قلبِي الشجي صَار مُولَعا
…
فجَاء الْحَيَاة قد حوى السِّرّ اجمعا
وثانية ألف الِابْتِدَاء تبع لَهُ
…
وثالثه تَاء التَّمام المبدعا
وَفِي آخِره مِيم يدل بِأَنَّهُ
…
وريث النَّبِي الْهَادِي سرا ومترعا
وَآخر مبدأ اسْم نبيه
…
دَلِيل أَنه من سره قد تضلعا
لِأَن بدايات النَّبِي نِهَايَة
…
الْوَلِيّ فَمَا أجل ذَاك وأرفعا
…
وَللسَّيِّد حَاتِم الْمَذْكُور نظم كثير وَجمع اخواننا من أَصْحَابه مِنْهُ ديواناً كَبِيرا فَكَانَ يَقُوله وَقت الْوَارِد وَبَلغنِي أَنه كَانَ إِذا ورد عَلَيْهِ الْوَارِد يبْقى يملي عَلَيْهِم وهم يَكْتُبُونَ وَهُوَ يجْرِي فِي ذَلِك مثل السَّيْل وَمَا من معنى أَشَارَ إِلَيْهِ أَئِمَّة الطَّرِيق مِمَّا يتَعَلَّق بِالذَّاتِ الْمُقَدّس أَو الصِّفَات المنزهة أَو بِالذَّاتِ المحمدية وَالصِّفَات النَّبَوِيَّة إِلَّا وَله فِيهِ القَوْل الأبلغ وَاللَّفْظ الْأَفْصَح إِلَى غير ذَلِك من الْأَشْعَار اللطيفة على لِسَان الطَّرِيقَة وَمن شعره
…
إِنِّي علمت بِأَن فضلك وَاسع
…
لَكِن ذَنْب العَبْد يورثه الْبكم
وَلَقَد بدأت بِنِعْمَة الايجاد
…
والامداد فالاسعاد خَاتم الْكَرم
…
وَمِنْه
…
الْفقر والذل فِي صفاتي
…
والعز يَا رب والغنى لَك
كمل سماتي جمل صفاتي
…
كَمَال ذاتي دعى كمالك
…
وَمِنْه
…
حقائق الْحق قد تجلت
…
لِلْخلقِ فِي الْحق بالمجال
ماالخلق إِلَّا كواو عَمْرو
…
رسماً وَلَكِن بِلَا محَال
…
وَمِنْه هَذِه القصيدة الْعَظِيمَة فِي مدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي
…
سعدت بِرُؤْيَة وَجهك الابصار
…
وتسابقت فِي مدحك الأفكار
وسرت نوافح رَحمَه الرَّحْمَن فِي
…
كل الْوُجُود فغيثها مدرار
…
.. وَبِك استنار وجود كل مكون
…
واضاءت الأقطار والأمصار
علم تعين بِالنُّبُوَّةِ وَصفه
…
من قبل آدم خصّه الْجَبَّار
فبآدم الْأَسْمَاء سمت وَلَك أق
…
تضت ذَات الْمُسَمّى وَانْقَضَت أوطار
من قبل قبض تُرَاب طِينَة آدم
…
حزت الفخار أفوق ذَاك فخار
مَا زلت تبني بالعلوم عوالم إِلَّا
…
رواح فِي ذَاك الْمقَام بِحَيْثُ لَا يخْتَار
فظهرت عَن غيب الغيوب لحضرة
…
فِيهَا اسْتَوَى الاعلان والاسرار
بطنت بِمَا ظَهرت وَقد ظَهرت
…
بِمَا بطنت فواحدها بهَا قهار
صمدت حقائقها لحقك فَاقْتضى
…
مِنْك الظُّهُور لخفائها اظهار
وتنزل الْأَمر العلى معدداً
…
بمظاهر كملت بهَا الأدوار
حظيت بك الاملاك فِي ملكوتها
…
ولعالم الجبروت مِنْك منار
وادار جودك فِي وجودك دورة
…
ظَهرت بهَا الْأَسْمَاء والْآثَار
نسخت شريعتك الشَّرَائِع وانطوات
…
فِي ضوء نور كتابك الْأَسْفَار
وخصصت بِالْقُرْآنِ ذكرا جَامعا
…
من قَبضه تتفجر الْأَنْهَار
مِنْهُ عُلُوم الْأَوَّلين جَمِيعهَا
…
والآخرين حباكها الْمُخْتَار
لولاك مَا علم العوالم عَالم
…
كلا وَلَا طارت بِهِ الأطوار
كَانَت جَمِيع الكائنات كصورة
…
الرّوح فِيهَا أَنْت يَا مُخْتَار
أَن البها وَالْملك والملكوت
…
والجبروت أفلاك عَلَيْك تدار
بك سَار سر الرّوح فِي حضراته
…
وتبهجت بحديثك الاسمار
من نورك الْأَنْوَار قد وجدت
…
وَفِي إسرائك الْأَنْوَار والأسرار
وبقاب قوسين اسْتَوَت وتكملت
…
فِي ذَلِك الْأَسْرَار والأنوار
لمقام أَو أدنى أَرَاك لوجهه
…
رب العلى وحباك مَا تخْتَار
أوحى إِلَيْك بِذَاتِهِ وَصِفَاته
…
كشفاً وَلَا حجب وَلَا أَسْتَار
شاهدت بِالنَّصِّ الْمُحَقق ذَاته
…
لَا حد يحويه وَلَا مِقْدَار
من غير لَا جِهَة وَلَا كَيفَ وَلَا
…
حجب تَعَالَى الْوَاحِد القهار
فرفلت فِي حلل الْبَقَاء مؤيداً
…
بِالْحَقِّ كشفاً مَا عَلَيْهِ غُبَار
صلى السَّلَام عَلَيْك والآل الَّذِي
…
آلو إِلَيْك فكلهم أبرار
…
وَله كَلَام عَال فِي التصوف وَهَذِه نبذة من الجوابات عَمَّا سُئِلَ من السؤلات بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لوَلِيّ الْحَمد حمداً لَا يحصره
الْحَد وَلَا يقصره الْعد وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا وَعَبده مُحَمَّد وعَلى الأل الأحمد وَبعد فان لطائف الْعَطف نظمت عواطف اللطف فِي معاطف الاسْتقَامَة ونفحات الْقرب قربت قوارب الاقتراب برِيح السَّلامَة وخضم الْجُود لَا ينضب تياره وبر الْوُجُود لَا يشق غباره وَمَا ثمَّ إِلَّا مَا يرضاه من القى السّمع وَهُوَ شَهِيد وبرز فِي عين السِّيَادَة بِصفة أقل العبيد فَلم تزحزحه الزعازع لثُبُوته فِي مَرْكَز الدائرة وَلم يَتَحَرَّك وَلَو كَانَ الْفلك طَار أَو نغمات صريف الاقلام بقصائده شاعرة وَالسَّلَام على الاخوان وَالْحَمْد لله بِكُل قلب ولسان
…
لَيْسَ إِلَّا الَّذِي مُرَاد من الْخَيْر
…
على كل حَالَة لَا محاله
فَاشْتَمَلَ مطرف النقا بِي وغيب
…
عَن نفس أرواحها فِي تباله
وتذلل فِي حَيّ ليلى لليلى
…
وَأَرْض بِالْمَوْتِ فَهُوَ فِيهَا جَلَاله
يَا أخي إِن لمحت معنى كَلَامي
…
كن عليا تكن على الْبَدْر هاله
تلحظ الْعين من قريب بِعَين
…
ينظر الْبَدْر من سناها هلاله
مظهر جَامع الْجمع وَفرق
…
شمس عرفانه دَلِيل الدلاله
برزخ فاصل قريب بعيد
…
مُطلق الْوَصْف فِيهِ يُبْدِي كَمَاله
…
وَله وَمن فيضه نفع الله بِهِ جَوَابا على رُؤْيا رَآهَا بعض الْفُقَرَاء الْحَمد لله مدير الْفلك ومنور الحلك وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على الْعين الْمَقْصُودَة بالاصالة وعَلى إخوانه وَآله كَمَال علومه وأسراره مظَاهر الْجَلالَة وَبعد فَإِنَّمَا هِيَ مَعَاني تبرز من الغيوب على صفحات الْقُلُوب فتتحقق بهَا الْأَسْرَار وتملأ بأنوارها المسالك والأقطار تنطق التراجمة بالاذن الْعلي فتودعها مخازن الْقُلُوب المتعطشة إِلَى مراحم الْوَلِيّ فَتَارَة تعرف وتؤلف وَتارَة تنكر فتصرف من يصرف وَاعْلَمُوا وفقكم الله وايدكم بِروح مِنْهُ واسمعكم عَنهُ انه كلما عرج الْوَلِيّ فِي معارج العلى ودرج على مدارج سبح اسْم رَبك الاعلى جهلت صفته وتنكرت مَعْرفَته فلولا رسم الْعُبُودِيَّة اللَّازِم لما ثبتَتْ لَهُ المعالم وَلَا عملت كينونته العوالم ويكفيكم فِي شَأْن حَاله قَول بعض اهل الْمقَام وَرِجَاله
…
تسترت عَن دهري بِظِل جنَاحه
…
فعيني ترى دهري وَلَيْسَ يراني
فَلَو تسْأَل الْأَيَّام مَا أسمي مَا درت
…
وإين مَكَاني مَا عرفت مَكَاني
…
وَالصَّلَاة الجامعة على عروس اهل الطَّبَقَة الرَّابِعَة وَالسَّلَام على الِاتِّبَاع الافراد والاشفاع وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَله أَيْضا على هذَيْن الْبَيْتَيْنِ للتلمساني
…
مَا صادحات الْحمام فِي القضب
…
وَلَا أرتقاص المدام بالحبب
إِلَّا لِمَعْنى اذا ظَفرت بِهِ
…
الزمك الْجد صُورَة اللّعب
…
مَا صادحات حمام الْأَرْوَاح على قضب الأشباح وَلَا ارتقاس مدام الْمحبَّة الذاتية فِي حضرات الغيوب الازلية بتعين حب حبب الاعيان الآلهية والكونية إِلَّا لِمَعْنى لَا يظْهر لنَفسِهِ إِلَّا فِي مَرَاتِب نَفسه اذا ظَفرت بِهِ ايها الْمعَانِي لهَذِهِ الْمعَانِي الزمك جد الْحق الْمَشْرُوع صُورَة اللّعب الْمَوْضُوع كَمَا قَالَ الْمُحَقق الْكَوْن كُله خيال والوجود الْحق فِيهِ الْكَبِير المتعال علمه من علمه فاستراح وجهله من جَهله فَلم يبرح من قفص الاشباح انما الْكَوْن خيال وَهُوَ حق فِي الْحَقِيقَة وَالَّذِي يفهم هَذَا حَاز أسرار الطَّرِيقَة
اللَّهُمَّ وفقنا لما يرضيك عَنَّا يَا رب الْعَالمين بتاريخ لَيْلَة الْجُمُعَة 26 من شَوَّال سنة 554 وَله أَيْضا حِين سَأَلَهُ السَّائِل عَن معنى هَذَا الْبَيْت للفقيه عبد الرَّحْمَن الْعلوِي نفع الله بِهِ شعر
…
يَا مُطلق التَّقْيِيد لَا تحكم
…
فالعلم فِي شَأْنكُمْ حكم
…
وعنك الِاحْتِمَال
…
فَقَالَ سيدنَا حَاتِم فِي معنى هَذَا الْبَيْت يَا مُطلق التَّقْيِيد هُوَ الَّذِي لَا يلْزمه الْقَيْد هُوَ مُطلق فِي حَال التَّقْيِيد ومقيد فِي حَال الاطلاق لَان الاطلاق قيد معنوي يَقْتَضِي الْحصْر والحصر خلاف حكم وَاجِب الْوُجُود وانما الشَّأْن فِي الْإِطْلَاق الَّذِي لَا يُقَابله فَافْهَم أَي قل يَا من هَذَا شَأْنه وَهَذِه صفته لَا تحكم أَي لَا تحكم علينا بَان نحكم عَلَيْك بِمَا لَيْسَ لَك لَان الْقَيْد يَقْتَضِي الْحصْر والحصر خلاف حكم وَاجِب الْوُجُود وَكَذَلِكَ الْإِطْلَاق الَّذِي يُقَابله الْقَيْد قيد عَن الْإِطْلَاق الْمُطلق لَكِن أَن الْعلم الإلهي الذاتي حكم على الْوُجُود الْمُطلق بِالْإِطْلَاقِ وعَلى الْوُجُود الْمُقَيد بالتقيد حكما نسبياً لَا حَقِيقَة لَهُ فِي شان التَّوْحِيد وَلِهَذَا قَالَ وعنك الِاحْتِمَال يَعْنِي وان كَانَ الْوُجُود الْمُحدث يرجع إِلَى الْمُطلق لانه أَصله فلسان الْأَدَب يحكم بِالْفرقِ ولسان الْعلم يقْضِي بالتمييز ولسان الْوُجُود يحكم بِالتَّوْحِيدِ لَا إِلَه إِلَّا الله كَانَ الله وَلَا شَيْء مَعَه وَهُوَ الْآن على مَا عَلَيْهِ كَانَ والشأن الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ الكنه
الذاتي المغيب عَن الْإِطْلَاق وَالتَّقْيِيد وَأما قَوْله وعنك الِاحْتِمَال يُرِيد أَن الْأَعْيَان الثَّابِتَة من حَيْثُ هِيَ تحملت حصص الْوُجُود المفاض عَلَيْهَا فِي عَالم النُّور المرش فِي حَضْرَة الْإِمْكَان والاشارة إِلَيْهِ من الحَدِيث الْقُدسِي فِي قَوْله ان الله خلق الْخلق فِي ظلمَة ثمَّ رش عَلَيْهِم من نوره فالظلمه ظلمَة الْعَدَم الامكاني والنور نور الْوُجُود المفاض إِلَى الاعيان بِحَسب الْإِرَادَة المرجحة الْمَشِيئَة القاضية بِمَا حكم بِهِ من الْعلم عَلَيْهَا وَلها وَإِنَّمَا حكم عَلَيْهَا بهَا فَلهَذَا صَحَّ الِاحْتِمَال وَالسَّلَام على أهل التَّوْفِيق من أهل الطَّرِيق
وَمِمَّا املاه أَيْضا فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء الثَّامِنَة وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان سنة 1558 لما جَاءَت الرآء فِي أول السُّور القرآنية فِي سِتَّة مَوَاضِع انبسطت فِي نَفسهَا وَنظرت إِلَى أَصْلهَا وَهُوَ أثنين فَحصل مِنْهَا أثنى عشر اسْم هِيَ ذاتية وَهِي حَقِيقَة من حقائق التطوير كَانَ هَذَا الْعدَد مُشْتَمِلًا على اثنى عشر برجاً ومراتب الْعدَد وَنصفه عَن السِّت الْجِهَات فِي الْعَالم السفلي بَيَان ذَلِك أَن عدد اسْمه ثَلَاثَة فَإِذا ضربت الثَّلَاثَة فِي الجذر الَّذِي هُوَ اثْنَيْنِ ظَهرت السِّتَّة وَإِذا ضربت السِّتَّة فِي الِاثْنَيْنِ أثنى عشر وَهُوَ الْفلك الْمشَار إِلَيْهِ مُحِيط بِجَمِيعِ العوالم العلويات والسفليات فَلهَذَا ظهر بِذَاتِهِ فِي آخر الْكَلِمَات الثَّلَاث التطوير والتغيير والتصوير وَهَذَا حرف الرَّاء لما كَانَت حَقِيقَته رَاجِعَة إِلَى حرف الْوَاو من وَجه ظهر فِي مرتبَة التَّوْحِيد وَهُوَ من الْحُرُوف الَّتِي لَهَا الأتصال البعدي وَلَيْسَ لَهَا القبلي وَلها من الصِّفَات سِتَّة آلَاف
وَالدَّال والذال وَالْوَاو وَالرَّاء والزاء يتَّصل بهَا وَلَا تتصل بِهِ لَهَا من الخصائص الآلهية سِتّ صِفَات وَهِي الْجلَال وَالْعَظَمَة والكبرياء والأحدية والغنى الْمُطلق والعزة الْمُطلقَة وَلها من الرِّجَال سِتَّة هَؤُلَاءِ السِّتَّة حَالهم الْبُطُون وَيُحِبُّونَ الخمول لَيْسَ لَهُم الْتِفَات إِلَى شَيْء من الكائنات ينْتَفع بهم الْخلق وَلَا يَشْعُرُونَ انْتهى
وَمن املائه لَيْلَة الثُّلَاثَاء 27 من شهر رَمَضَان سنة 1558 من ترك حَدِيث النَّفس حُرْمَة لوارد الْحق انْقَلب وسواسها إلهاما وحديثها وجدانا
وَلذَلِك قرى فِي بعض الْقرَاءَات وَهِي قِرَاءَة بعض الصَّحَابَة رضي الله عنهم {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول} وَلَا نَبِي وَلَا مُحدث الأية
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَن من أمتِي محدثين وَأَن عمر لمنهم يَقُول بعض السّلف الصَّالح أَخْبرنِي قلبِي عَن رَبِّي وَأَخْبرنِي رَبِّي عَن قلبِي وَقد صَحَّ أَن الْحق على لِسَان كل قَائِل وَالسَّلَام على أهل التَّسْلِيم
وَسَأَلَهُ الْفَقِيه مرجان وَهُوَ حِينَئِذٍ بِمَدِينَة تعز سنة 1559 فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء من جُمَادَى الْآخِرَة عَن معنى قصيدة بَيت الشَّيْخ عبد الْهَادِي وَهِي قَوْله رضي الله عنه
…
بلبل الجحف الْيَمَانِيّ
…
لم أزل مِنْهُ مبلبل
كلما غنى شجاني
…
قطّ لَا مليت وَلَا مل
قد عناه مَا عناني
…
فَلهَذَا مَال وميل
فلمه يَا أهل الْمعَانِي
…
انا مُعْجم وَهُوَ مهمل
…
فَأَجَابَهُ سيدنَا ومولانا بهذ النَّفس الْمُعظم بلبل الجحف الْيَمَانِيّ البلبل دَاعِي الْحق فِي قُلُوب الْمُؤمنِينَ والجحف منعطف الْوَادي وأضافته إِلَى الْيمن لقَوْله صلى الله عليه وسلم اني لأجد نفس الرَّحْمَن من قبل الْيمن فَهُوَ يَهْتِف بعشاق الْجمال وَيذكرهُمْ زمن الْوِصَال قبل الِانْفِصَال حَيْثُ قَالَ السَّيِّد الْأَكْبَر والمحبوب الأفخر {كنت نَبيا وآدَم بَين المَاء والطين} وَلَا بُد للنَّبِي من قَابل يتلَقَّى عَنهُ أسرار النُّبُوَّة الَّتِي شرف بهَا فَإِن كَانَ من عَالم الْأَرْوَاح فالقابل من عَالم الْأَرْوَاح وان كَانَ من عَالم الاشباح فالقابل من عَالم الأشباح فَلَا يزَال يتَذَكَّر مَا كَانَ بِهِ فِي ذَلِك الْعَالم قبل ضرب الْحجاب وَحُصُول الشَّك والارتياب فَلم يزل الْعَارِف المعتنى بِهِ يتَذَكَّر سوابقه ويحقق لواحقه فَلم يزل مبلبل البال والبال الْقلب أَي فَلم يزل قلبه متحركاً متقلباً فِي أَوديَة الْعِشْق حَتَّى تظهر لَهُ كلمة السَّبق فِي عَالم الْحق
يَقُول كلما غنى شجاني أَي كلما كرر فِي السجوع احرم عين الْمُحب الهجوع قَالَ الترجمان الْأَكْبَر ان الله لَا يمل حَتَّى تملوا قَالَ الشَّيْخ
الأقدس قطّ لَا مليت وَلَا مل يَعْنِي أَن سر يُحِبهُمْ ظهر فِي يحبونه وَأمر يحبونه ظهر فِي من يُحِبهُمْ فَمِنْهُ إِلَيْهِم وَمِنْهُم اليه فَالْكل مِنْهُ واليه يرجع الْأَمر كُله فاعبده عبودية الإضطرار وتوكل عَلَيْهِ بالأختيار فهم هَذِه الاشارة من فهمها وعقلها من خلق لَهَا
قد عناه مَا عناني فَلهَذَا مَال وميل فِيهِ اشارة إِلَى الحَدِيث الْمَشْهُور وَهُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم ينزل رَبنَا آخر كل لَيْلَة إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا حِين يبْقى ثلث اللَّيْل الْأُخَر فَيَقُول هَل من مُسْتَغْفِر فَاغْفِر لَهُ هَل من تائب فأتوب عَلَيْهِ هَل من سَائل فاعطيه وَهنا النُّزُول نزُول لطف وَرَحْمَة وَعطف ونعمة فنبه قلب من أيقظه واعتنى بِهِ فميله إِلَيْهِ فَاسْتَيْقَظَ من نوم الْغَفْلَة لما ميله هَذَا النداء الرحماني الرباني من حَضْرَة الأسم اللَّطِيف الرؤوف العطوف وَاعْلَم أَن الْمحبَّة إِذا صحت قَامَت بالمحب والمحبوب فَيَعُود الْمُحب محبوباً والمحبوب محباً والمريد مرَادا وَالْمرَاد مرِيدا فَلهَذَا قَالَ الشَّيْخ قد عناه مَا عناني أَي قَامَ بِهِ من وصف الْمحبَّة مَا قَامَ بِي مِنْهَا وَقد أَشَارَ إِلَيْهِ الاستاذ القطب الْغَوْث الْفَرد الْجَامِع الشَّيْخ نَاصِر الدّين ابْن عبد الدَّائِم الْأنْصَارِيّ الشاذلي الشهير بِابْن بنت المليلق رضي الله عنه فِي قصيدته الشهيرة الموسومة بِحَال السلوك فِي قَوْله
…
أَن المريد مُرَاد والمحب هُوَ المحبوب
…
فاستمل هَذَا من أَمَالِيهِ
…
فَلهَذَا يتنزل المحبوب من مقَام عزته وجماله غلى مقَام اللطف والعطف بالمحب الصَّادِق
قَالَ الشَّيْخ نفع الله بِهِ فَلهَذَا مَال وميل مَال إِلَى الْمُحب باللطف والعطف فميله فَنَهَضَ بِهِ من رقدة غفلته وانعشه من سجن شَهْوَته فبادر إِلَى بَاب محبوبه واسرع إِلَى فنَاء مَطْلُوبه فيا لَهَا من رَجْعَة مَا أحلاها وَمن نجعة مَا أصفاها فَلَمَّا صحت المنازلة وكملت المواصلة وَصَارَ كل وَاحِد محباً ومحبوباً محباً من وَجه ومحبوباً من وَجه شرع الشَّيْخ فِيهِ بالتمييز بِلِسَان الْبَيَان متجاهلاً بِلِسَان من لم يعلم هُوَ يعلم فَنَادَى بِأَصْحَابِهِ وأترابه من أهل الْمعَانِي والمعارف يعجبهم على هَذَا الْمَعْنى الَّذِي ظهر بسر الِاتِّحَاد وتميز فِيهِ الْوُجُود من الايجاد فَقَالَ فلمه يَا أهل الْمعَانِي أَنا مُعْجم أَي مُقَيّد بالنقطة الَّتِي اعجمت وجودي
وَكَانَت غيباً على عين شهودي وَهُوَ مهمل أَي مُطلق عَن الْقُيُود والحروف وَالْحُدُود فعلى الْحَقِيقَة هُوَ عين الشَّاهِد والمشهود وَالسَّلَام على أهل التَّسْلِيم مِمَّن أَتَى الله بقلب سليم وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم
وَمن املائه نفع الله بِهِ حِين سُئِلَ عَن هَذَا الْبَيْت للشَّيْخ عبد الْهَادِي السودي نفع الله بِهِ
…
وَأنس الْعُلُوم وَمَا قد كنت تكتبه
…
فمحوه وَاجِب من كل مكتتب
…
أمره بنسيان الْعُلُوم وَهِي كَثِيرَة فَمِنْهَا عُلُوم يجب نسيانها لذاتها كعلم السحر والنجوم والرمل والجدل وَالرجز والفال والمنطق عِنْد قوم من أهل الْوَرع وَثمّ عُلُوم يسْتَحبّ نسيانها بِمَعْنى التّرْك لما هُوَ أَعلَى مِنْهَا وَهُوَ علم الصّرْف والنحو وَالْعرُوض والتواريخ والبديع إِلَّا الْمعَانِي وَالْبَيَان لتكفلهما بايضاح مَعَاني الْقُرْآن واظهار بلاغته
وَاعْلَم أَن الْعُلُوم حجب على الْقلب كَمَا قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ رضي الله عنه وَإِن الْحجب كَثِيرَة وأقواها الْعلم وَلما كَانَ طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم تكلم فِيهِ الْعلمَاء بأقوال كَثِيرَة مِنْهَا أَنه الْعلم النافع الَّذِي يعرفك بِاللَّه وأسمائه وَصِفَاته وأفعاله وَمَا يَنْبَغِي لَهُ وَمَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الْعلم الْمَفْرُوض الْمشَار إِلَيْهِ وَيلْحق بِهِ ربع الْعِبَادَات فَوَجَبَ ترك تِلْكَ الْعُلُوم جَمِيعهَا ونسيانها والتجرد لتَحْصِيل الْعلم الْمَفْرُوض وَهُوَ الَّذِي يعرفك بمعبودك وآخرتك وَمَا يقربك إِلَيْهِ فَوَجَبَ عَلَيْك نِسْيَان تِلْكَ الْعُلُوم الشاغلة للقلب عَن التطلع إِلَى أنوار التَّوْحِيد الْفعْلِيّ والصفاتي والذاتي فامح نقوش غير هَذَا من قَلْبك واغسلها من مكتتب سَمعك وبصرك ولوح فكرك حَتَّى يتَوَجَّه قَلْبك لوَاحِد لَا اله إِلَّا هُوَ الْوَاحِد القهار وَالسَّلَام
ذكر الإِمَام الرَّافِعِيّ فِي بعض مصنفاته قَالَ سَمِعت غير وَاحِد من الصَّالِحين يروون عَن الشَّيْخ أبي الْغَيْث بن جميل أَنه قَالَ إِلَى الشَّيْخ والفقيه صاحبا عواجه إِلَى شَيخنَا الشَّيْخ عَليّ الاهدل وطلبا مِنْهُ أَن يذهب مَعَهُمَا إِلَى بعض الْمَوَاضِع فوافقهما وَذَهَبت أَنا مَعَهم فَلَمَّا كَانَ بعض اللَّيَالِي وَإِذا أَنا أنظر الشَّيْخ والفقيه وهما فَوْقنَا فِي الْهَوَاء وَفِي أَيْدِيهِمَا سيفان مسلولان فَذكرت ماا رَأَيْت مِنْهُمَا لشيخي فَقَالَ لي يَا أَبَا الْغَيْث هَذَانِ فِي مقَام التَّوْلِيَة والعز يوليان ويعزلان ويميتان ويحيان باذن الله تَعَالَى وسوف
أرثهما وترثني أَنْت وَهَذِه الْحِكَايَة تَقْتَضِي مَوْتهمَا قبل الأهدل
وَسَيَأْتِي فِي تَرْجَمَة الشَّيْخ عبد الله مَا يدل على موت الاهدل أَولا قبل الشَّيْخ والفقيه وَالَّذِي يظْهر أَن الصَّحِيح وَفَاة الاهدل قبل وفاتهما وَيحمل قَوْله ارثهما أَنا وترثني أَنْت فِي هَذِه الْحِكَايَة على أَنه يبلغ مثل مرتبتهما وَإِن كَانَ فِي الْحَيَاة وَيكون ذَلِك فِي طَرِيق التَّجَوُّز فِي الْعِبَادَة وَإِن كَانَ حَقِيقَة الوراثة انما يكون بعد الْمَوْت
فَلَمَّا وقف مَوْلَانَا السَّيِّد حَاتِم بن أَحْمد أهدل على هَذَا القَوْل كتب فَوْقهَا بِخَطِّهِ الشريف فَائِدَة فِيهَا تأنيس وتفهيم
وَذكر الشَّيْخ الْكَبِير الْأَكْبَر فِي فتوحاته وَفِي فصوصه ان الشَّيْخ القطب الْكَبِير أَبَا السُّعُود ابْن الشبل صَاحب سَيِّدي الشَّيْخ القطب الْأَكْبَر مُحي الدّين عبد القاهر الجيلاني أَنه قَالَ اعطيت التَّصَرُّف مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سنة فتركته نظر فانه يُشِير إِلَى مقَام الْخلَافَة وَهِي البرزخية الْكُبْرَى وصاحبها وَاسِطَة بَين الْحق والخلق وَالْمقَام الَّذِي أَثَره الشَّيْخ السُّعُود مقَام الفردية وَهِي أخص وأشرف من الْمقَام الأول لتحَقّق صَاحبهَا بالعبودية الْمَحْضَة ومقام الْخلَافَة لَا بُد فِيهِ من رَائِحَة الربوبية إِلَّا من عصمَة الله تَعَالَى فَإِنَّهُ حصل وَجَاز إِلَى الْمقَام الثَّانِي الَّذِي هُوَ مقَام الفردية ايثاراً لجناب الْحق أَعْطَاهُم ذَلِك كَمَال الْمعرفَة بالبواطن
وسادتنا الْمشَار إِلَيْهِم تحققوا بالْمقَام وخلصوا إِلَى مقَام الختام وَهُوَ رُؤْيَة الْأَحَد الْمَوْصُوف بالجلال والاكرام فَافْهَم
حكى الْقشيرِي فِي بعض كتبه أَن أَبَا يزِيد الْأَكْبَر لما اقامه الْحق فِي مقَام الْخلَافَة قَالَ تَعَالَى لَهُ اخْرُج بصفتي إِلَى خلقي فخطى خطْوَة ثمَّ صَاح فناداه الْحق تبارك وتعالى ردوا عَليّ حَبِيبِي فانه لَا صَبر لَهُ عني وَذَلِكَ لإيثار جناب الْحق والتخلص من حمل أعباء مقَام الدعْوَة لِلْخلقِ فَافْهَم
ايضاح
إِذْ 1 اعلمت أَن مقَام الفردية أخص من مقَام التَّصَرُّف فَاعْلَم إِن إِشَارَة سَيِّدي الشَّيْخ الاهدل قدس الله سره تَقْتَضِي أَن الْحق سُبْحَانَهُ أطلعه على علمه الَّذِي لَا يحاط بِشَيْء مِنْهُ إِلَّا بأذنه وَهُوَ الاذن الآلهي الْمُحِيط بالمعلومات فانبأ عَن حَال الشَّيْخَيْنِ بِحكم مَا رَآهُ هُنَاكَ من حوزهما الْمقَام الأول وخلوصهما
إِلَى الْمقَام الثَّانِي وتحققه رضي الله عنه وخلوصه إِلَى الْمقَام الْأَفْضَل ووراثة الشَّيْخ أبي الْغَيْث لَهُ رَضِي الله عَن الْجَمِيع وَقد يكون ذَلِك لهَؤُلَاء الأكابر فِي يَوْم وَاحِد أَو أقل أَو أَكثر وَأما عِبَارَته بِالْإِرْثِ فَهُوَ من مطلع قَوْله تَعَالَى {وَأَنت خير الْوَارِثين} وَللَّه مِيرَاث السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا من مَفْهُوم الارث الَّذِي مَاتَ مُوَرِثه أَو سيموت وَارثه تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَعز جناب أهل الله عَن التطفل على مصطلحات الْغَيْر فَالْمَعْنى الَّذِي عبر الشَّيْخ آلهي وَهُوَ غير اللَّفْظَة الَّتِي تستعملها النَّاس فِي عرفهم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَتَحْقِيق الْأَمر النّظر فِي الشَّيْء الْمَوْرُوث إِن كَانَ مفارقاً للروح كالأموال على أختلاف أجناسها فَيلْزم عَلَيْهِ مَا قَالَه المُصَنّف من شَرط موت الْمَوْرُوث وَإِن كَانَ الْمَوْرُوث من الْأَحْوَال والمقامات والأسرار والعلوم الَّتِي تتصف بِهِ الرّوح ويشرق بهَا ضِيَاء الْعلم وتتجلى بهَا النَّفس الناطقة فَهِيَ كمالات للنَّفس وصفات للروح لَا تفارق الْمَوْصُوف بهَا والمتحقق بحقائقها والمتخلق بأوصافها فَلَا يَصح الشَّرْط الْمُقدر فَالْأَمْر كَمَا تقرر وَالله الْمُوفق الْهَادِي وَقد اقتصرنا من كَلَامه الرفيع فِي هَذَا المهيع الوسيع على هَذَا الْقدر الْيَسِير ايثاراً للاختصار
وَأما خوارقه وكشفه وتصرفه فِي الموجودات فقد حفظ اخواننا من أَصْحَابه من ذَلِك كُله كثيرا وَللَّه در من يَقُول
…
واصلتم الْكَلم بِقطع الْكَلَام
…
على حَياتِي وَهِي أَنْتُم سَلام
الغيتم ذكري ضناً بِهِ
…
ذكرْتُمْ فِي الْكَاتِبين الْكِرَام
أما كفي الْبَين عذَابا
…
فَلم شهرتم سيف الجفا يَا سَلام
ظلمتموني وتظلمتم
…
يارب لَا واخذت أهل الأثام
بخلت يَا دهر مَا تَسْتَحي
…
وحاتم بالجود اعدى اللئام
هلا تأدبت بآدابه
…
أما تعلمت فعال الْكِرَام
فَلَو كتبنَا الِاسْم مِنْهُ على
…
صَخْر لَسَالَ الصخر بالانسجام
وَلَو دَعونَا باسمه مَيتا
…
قَامَ وَإِن كَانَ رفاتاً عِظَام
…
وَبِالْجُمْلَةِ فانه مَا كَانَ إِلَّا شيخ أهل هَذِه الطَّرِيق حَالا وعلماً وأمام أَرْبَابهَا حَقِيقَة ورسماً ومحيي رسوم المعارف فعلا واسماً عباب لَا تكدره الدلاء وسحاب تتقاصر عَنهُ الأنواء وَلَقَد رَأَيْت من أَقْوَاله وَسمعت من أخلاقه وأحواله مَا لَا تسعه عبارَة وَلَا يهتدى إِلَيْهِ بِإِشَارَة نفعنا الله ببركاته وأمدنا فِي الدَّاريْنِ بإمداداته آمين
وَمَا ذكرته من أَحْوَاله ومقاماته دون مَا تركته بِكَثِير وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي يَوْم الْأَحَد عِنْد غرُوب الشَّمْس سَابِع عشر محرم الْحَرَام سنة ثَلَاثَة عشر بعد الْألف بالمخا وَدفن فِي بَيته ولي فِيهِ مرثية مطْلعهَا
…
أَيهَا الغافل الغبي تنبه
…
إِن بِالنَّوْمِ يقظة النَّاس اشبه
…
وَمِنْهَا
…
يَا خليلي فرقة الْخلّ وَالله على
…
الانفس الْكَرِيمَة صعبة
سِيمَا خلك الخصيص الَّذِي لم
…
تزل تتمنى للقاه وقربه
الحبيب الَّذِي حوى كل وصف
…
حِين يملي يملي الْقُلُوب محبه
ذَاك وَالله حَاتِم خير خل
…
قطّ مَا ذمّ صَاحب مِنْهُ صَحبه
عَارِف الْوَقْت من رفاقي الْمَعَالِي
…
اوجها وسما لأرفع رتبه
من جَمِيع الْعُلُوم حَاز فنوناً
…
قد ورثهَا من النَّبِي وَحزبه
حاتمي الْعَصْر فِي المعارف فَرد
…
شاذلي الزَّمَان علما وَنسبه
خصّه الله مِنْهُ بِعلم لدين
…
وحباه مِنْهُ بوصل وقربه
…
وَمِنْهَا
…
قد قضى حَاتِم حميد فَمَا لي
…
بعده فِي الْحَيَاة والعيش رغبه
صَاحِبي من قريب عشْرين عَاما
…
كل يَوْم يزْدَاد مني حبه
بَكت الأَرْض وَالسَّمَاء عَلَيْهِ
…
وعلوم ابْن عَرَبِيّ وَكتبه
الفتوحات والفصوص البهية
حل مِنْهَا مَا كَانَ غامض وَنبهَ
بكاه الْيمن الأنيس ومصر
…
وَجَمِيع الْبِلَاد شرقه وغربه
يَا رعى الله عصراً وبقاعاً
…
قد تباهت بِهِ وفازت بتربه
…
ولي فِيهِ مرثية أُخْرَى وَعدد أبياتها خَمْسَة وَسَبْعُونَ بَيْتا وَهِي فِي غَايَة اللطافة لَو قَرَأت على الصخور لَا نصدعت من الرقة والسلاسة مِنْهَا
…
فشح باللقاء وحرمته
…
واعجباه لي من بخل حَاتِم
…
.. السَّيِّد الاستاذ فَرد زَمَانه
…
الشريف الْمُنْتَقى من أَوْلَاد هَاشم
سَار فِي السلوك بجد وعزم
…
هَكَذَا فلتكن فِي الله العزائم
وَلَا زَالَ فِي الدَّرَجَات يرقى
…
حَتَّى أَتَاهُ الْفَتْح بالغنائم
فجل الله الَّذِي أعطَاهُ
…
من فيض فَضله أَسْنَى المقاسم
وضاهى فِي التصوف اللي مضوا
…
فَكَأَنَّمَا حَاتِم كَانَ لَهُم خَاتم
وخاض فِي بحره لجة
…
وَكَانَ فِيهِ أبدا عائم
وابدا فِي التكسير غرائبا
…
وَفِي جمعه جممعه غَدا سَالم
وَغَابَ فِي شُهُود الْحَقِيقَة قلبه
…
وَظَاهره كَانَ بِأَمْر الله قَائِم
وَكم خوارق عَنهُ قد شهِدت
…
وَلسَانه أمضى من كل صارم
وَكم مُرِيد لَاذَ بِهِ فِي أمره
…
فَمَا بَات إِلَّا وَقد سرت إِلَيْهِ المراهم
طَال مَا نيل على يَدَيْهِ المُرَاد
…
وَقَالَ لِسَان الْحَال مِنْهُ أَنا قَاسم
طَال مَا طَاف إِلَى ربعه
…
النَّاس من عربها والأعاجم
در ثدي المعارف مِنْهُ فسقى
…
جماً غفيراً وَمَا كَانَ لَهُم فاطم
طَال مَا كَانَ فِي محراب المعارف
…
امام صادح وباغم
تباهت الْأَعْصَار بِهِ عجبا مفرطاً
…
وتحلت الْأَيَّام مِنْهُ بأشرف خَاتم
غاض الْوَفَاء لفقده وَكَذَا
…
ذهبت وَالله المكارم
مَاتَ التصوف بِمَوْتِهِ
…
وَغدا طَالبه حيران هائم
واأسفي على أخلاقه أَنَّهَا
…
قد حكت الرَّوْض الْبَهِي الناعم
والهفي على نطقه أَنه
…
مثل الزلَال لمن أَتَى طاعم
فَمَا عظم الله العزاء لامرء
…
كَانَ قَاصد ورائم
إِنَّه الْمَوْت لَيْسَ مِنْهُ خلاص
…
وَغير الله لَيْسَ بَاقِي ودائم
…
وَمِنْهَا
…
هَنِيئًا لمن كَانَ اسْمه ورده
…
فَهُوَ بِهِ لَا شكّ أَنه غَانِم
اني إِذا مَا رمت مطلبا
…
جعلت اسْمه لذاك صدر التمائم
وَلَو كتبنَا اسْمه على ميت
…
لعادت الرّوح فِيهِ وثب قَائِم
…
وَمِنْهَا
…
اني مِمَّا بأحشائي من الأسى
…
كانني سقيت سم الأراقم
يَا عجبا كَيفَ اجْتمعَا فِي شجى
…
شوقي نَار ودمعي كالغيث المتراكم
…
.. وَكنت جذلان من فرحي بِوُجُودِهِ
…
والآن صرت بعد نشوتي خَادِم
كأنني الطير وَقد بقى بعد
…
ذهَاب الخوافي مِنْهُ والقوادم
مَا مَجْنُون وَقيس قاسيا مَا
…
قاسيته من هَذِه العظائم
طَال مَا رقيته وطائر طر
…
فِي لرؤياه بَات حائم
…
وَمِنْهَا
…
مَا لقلبي غَيره يداويه
…
وَلَا لدائي سواهُ حاسم
نسمَة سرت لي من عِنْده
…
ويلاه مَا أطيب تِلْكَ النسائم
نفثت بسرها فِي سراء يرى
…
فاستنشق ذَلِك مني الخياشم
اهدت الي علومه ونوره
…
ايقظتني وَكنت نَائِم
علمتني الْهوى وفنونه
…
تَرَكتنِي بِشَأْنِهِ حَازِم
فَكنت فِي دين الْهوى قدوة
…
من شجوي ناحت الحمائم
وغصت فِي بحره فَزَالَ الظما
…
وعدت من بعد جهلي بِهِ عَالم
وفزت من سري بِمَا رمته
…
وصرت من بعد غبني بِهِ غَانِم
شغفي بِهِ لَا يُقَاس أبدا
…
فَكَأَنَّمَا هُوَ وَايْم الله حَاتِم
حبي بِهِ لَا يحد حَده
…
دمعي ازرى بفيض الغمائم
وغرامي فِيهِ لَا يكون لَهُ نَظِير
…
نعم قد حَكَاهُ الْبَحْر المتلاطم
مَا مر بِي صبح وَلَا مسا
…
إِلَّا وَذكره على قلبِي جاثم
شابهت الخنسا فِي شجوي
…
بل شابهتني فِي وجدي الملازم
كل يَوْم عِنْدِي من حزني
…
كَمثل كربلا ومآتم
مولَايَ ناداك عبد إِلَى
…
علياك مَا زَالَ ينظر دَائِم
من أَرض الْهِنْد يُرِيد الْقرى
…
وَأَنت بِكُل مَا يرويهِ عَالم
حاشا علاهُ حاشاه إِن
…
يحرم الراجي لَهُ المكارم
…
وَمِنْهَا
…
لقد أصبت بفقده مصاباً
…
مَا أَظن أُصِيب بِمثلِهِ العوالم
لهفي عَلَيْهِ إِن فَضله
…
يعجز عَن شَرحه كل ناثرٍ وناظم
لذا لَا يفارقني أسفي أبدا
…
وَلَا يزَال دمع الْعين مني ساجم
اني وَإِن أجهدت طاقتي
…
عَسى أَن أكون بِبَعْض حَقه قَائِم
اعزي بِهِ الدُّنْيَا بأسرها
…
ان عزاهُ حَقًا فِي كل العوالم
…
.. لبس الْوُجُود السوَاد حلَّة
…
وَغدا كل طالبٍ محروم هائم
عَلَيْهِ من ربه كَمَا يرضاه لَهُ
…
من الرِّضَا وجم المراحم
وَصلى الله على أَصله
…
مُحَمَّد النُّور أبي الْقَاسِم
وعَلى صحابته كَذَا وَآله
…
الْجَمِيع واخصص حَاتِم
…
ولنرجع إِلَى مَا نَحن بصدده من تَرْجَمَة الشَّيْخ عبد الْهَادِي السودي فَمن شعر الشَّيْخ عبد الْهَادِي أَيْضا وَمِنْهَا
…
عساك يَا بلبل الافراح تُخبرنِي
…
عَن غادة بالحمى الغربي من أضم
فَتلك لي من قديم الدَّهْر مالكة
…
وَقد جرى حبها مني كجري دم
كم قلت للقلب أقصر عَن مَوَدَّة من
…
فِي أسرها من سراة الْحَيّ كل كم
فَقَالَ لي وَقواهُ قد وهت فرقا
…
إِن الْمُحب عَن العذال فِي صمم
…
وَمِنْه
…
قَالَت سعاد وَقد رَأَتْ دمعي جرى
…
صدق الْمُحدث والْحَدِيث كَمَا جرى
فدهشت من فرحي وَقلت نعم نعم
…
مَا كَانَ حبكم حَدِيث يفترى
لي من هواكم صرفه وعتيقه
…
حاشاي من وردية ان أسكرا
بِاللَّه يَا حادي النياق لحيهم
…
فالصيد كل الصَّيْد فِي جَوف الفرى
سلم على أهل الْخيام وَقل لَهُم
…
مَاتَ الْمُحب من الغرام وَمَا درى
…
وَمِنْه
…
قلبِي على عهدكم مُقيم
…
والشوق لي مقْعد مُقيم
وَمن عدُول الشُّهُود اني
…
مُؤذن فِي الْهوى مُقيم
وَفِي حماكم حططت رحلي
…
والغير من حوله يحوم
وحقكم بعد إِذْ حصلتم
…
لأعصين الَّذِي يلوم
مَاذَا يلتقي مثلكُمْ فُؤَادِي
…
يَا أهل نجد بِهِ يهيم
فساعدوني على هواكم
…
يَا من هم الكأس والنديم
…
وَمِنْه
…
عذبتني بالمطل مِنْهَا سعاد
…
وبراني وهد ركني البعاد
وجفاني من بعد مَا هجرتني
…
طيب عيشي وزار جفني السهاد
لَو تراني أسامر النَّجْم لَيْلًا
…
عل ليلى يكون مِنْهَا افتقاد
يَا اخلائي اصل سقمي أَنْتُم
…
ولقاكم هُوَ الشفا وَالْمرَاد
…
.. عاملوني باللطف يَا أهل ودي
…
لاحظوني مَا قد مضى لَا يُعَاد
مَا أحيلى الْوِصَال فِي ظلم ليل
…
وَقد غال كل واش رقاد
ذَاك أهنى الْوِصَال لَا شكّ فِيهِ
…
هَكَذَا هَكَذَا يكون الوداد
أَنا مملوككم على كل حَال
…
ومريض فَهَل تروني أعَاد
يَا اهيل الْحمى حللتم بقلبي
…
واليكم يحن مني الْفُؤَاد
كل كلي بحبكم مستهام
…
والسويدا تشتاقكم والسواد
لَا يحِق البكا إِلَّا عَلَيْكُم
…
وعَلى وصلكم يَلِيق الْجِهَاد
…
وَقد شرحت هَذِه القصيدة شرحاً فائقاً فِي كتاب جَوَاهِر الْإِحْيَاء وإمدادات الْأَوْلِيَاء وَجعلت اسْم الشَّرْح فتح الله الْجواد بشرح عذبتني بالمطل مِنْهَا سعاد
وَمِنْه
…
لقد غنى الحبيب لكل صب
…
فَأَيْنَ الراقصون على الْغناء
ايشدو من تحب وَأَنت قَاس
…
وترضى بالقساوة والعناء
إِذا مَا كنت صبا مستهاماً
…
فمل طَربا كغصن فِي هَوَاء
وَقل للعاذلين دعوا ملامي
…
فَإِن العذل عِنْدِي كالهباء
أَفِي أهل اللوا وعريب نجد
…
أطيعكم وَقد سكنوا أحشائي
معَاذ الله ان أصغي إِلَيْكُم
…
نعم القي ملامكم ورائي
…
وَمِنْه
…
لولاك يَا زِينَة الْوُجُود
…
مَا طَابَ عيشي وَلَا وجودي
وَلَا شجاني وميض برق
…
ونقر دف وَصَوت عودي
أَنْت الَّذِي هَمت فِي هَوَاهُ
…
وَلَيْلَة الْوَصْل مِنْك عيدي
بِاللَّه زرني فدتك روحي
…
يَكْفِي من الهجر والصدود
مَا أصعب الهجر من حبيب
…
لَا سِيمَا للشجي العميد
وَمَا احيلى وصال ليلى
…
لَيْلًا على السفح من زرود
فيا ليَالِي اللقا علينا
…
عودي ليخضر مِنْك عودي
…
وَمِنْه
…
لَيْسَ إِلَّا بكم يتم السرُور
…
يَا عريبا هم بقلبي حُضُور
أَنْتُم الْأَغْنِيَاء حسنا وَلَكِن
…
أَنا صب إِلَى الْوِصَال فَقير
…
.. كلما هبت الصِّبَا كنت شوقاً
…
نحوكم يَا أهيل نجد أطير
فاسمحوا لي وَلَو بطيف خيال
…
ان نفع الْقَلِيل مِنْكُم كثير
واقبلوني بفضلكم يَا موَالِي
…
لَا بحدي فدَاك شَيْء حقير
واريحوا فدتكم الرّوح قلبِي
…
من سواكم لَعَلَّه يَسْتَنِير
…
وَمِنْه
…
قد كساني لِبَاس سقم وذلة
…
حب غيد بالجمال مدله
سلبتني وغيبتني عني
…
وَغدا الْعقل من هَواهَا مدله
سفكت فِي الْهوى دمي ثمَّ قَالَت
…
يَا طفيلي عشقتني أَنْت ابله
ان ترد وصلنا فموتك شَرط
…
لَا ينَال الْوِصَال من فِيهِ فَضله
فافن عَن جملَة الْوُجُود لتبقى
…
كل هاتيك يَا فَتى مضمحله
واخلع عَنْك يَا خليع غرامي
…
لَا يكن لَك غير وَجْهي قبله
طهر الْعين بالمدامع سبعا
…
من شُهُود السرى تزل كل عله
وَترى حسننا البديع فتضحى
…
فِي سرُور قرير قلب ومقله
وابذل الرّوح فَهُوَ فِينَا قَلِيل
…
رَاضِيا لَا تقل دمي من احله
وَاجعَل الْفقر شافعاً لَك تغنى
…
حبذا الافتقار دينا ومله
من أَتَا تَائِبًا قبلناه فضلا
…
تِلْكَ عاداتنا لمن جَاءَ قبله
كم محب بعجزه قد تحلى
…
نَالَ منا الَّذِي يروم ومتله
نقطة الْبَاء كن إِذا شِئْت تسمو
…
أَو فدع ذكر قربنا يَا موله
واردنا لنا بِغَيْر مُرَاد
…
والزم الْبَاب فِي حَيَاء وخجله
واحفظ الْعَهْد كي توافي حمانا
…
سَالم الْقلب من تناس وغفله
هَذِه سنة المحبين فاسلك
…
واترك العاذل الجهول وعذله
…
وَمِنْه
…
يَا رَاحَة الرّوح يَا من
…
هَوَاهُ أشرف مَذْهَب
وَاصل فديتك صبا
…
أنسيته كل مَذْهَب
وباين الْكل إِلَّا
…
من بالهوى قد تمذهب
مشارب الْقَوْم شَتَّى
…
من كلهَا صَار يشرب
قد شرف النَّاس طراً
…
وللغرائب غرب
فَهُوَ الْغَرِيب وَلَكِن
…
محبوبه مِنْهُ أغرب
…
.. تعجب الْخلق مِنْهُ
…
وباطن الْأَمر أعجب
يَا موجبين لصحوي
…
السكر وَالله أوجب
وَلَيْسَ يُوجب صحوي
…
إِلَّا بليد معذب
بَين الغوير ونجد
…
طول الزَّمَان مذبذب
فطالعوا ان شَكَكْتُمْ
…
تهذيبكم والمهذب
ياما ألذ استماعي
…
قَول الندامى لي اشرب
فِي حَضْرَة لَيْسَ فِيهَا
…
إِلَّا مُرَاد مقرب
ومطرب الْحَيّ يشدو
…
لَا عَاشَ من لَيْسَ يطرب
…
وَمِنْه
…
عَليّ لله نذر لَا اخل بِهِ
…
إِلَّا لعذري إِلَى الْإِخْلَال الْجَانِي
…
إِن شاهدت مقلتي سلمى بِذِي سلم
…
تعفير خدي بِذَاكَ الْحَيّ الْجَانِي
فبذل روحي قَلِيل فِي محبتها
…
دع عَنْك بذل عرُوض ثمَّ اعياني
…
وَمِنْه
…
لَا تحسبوا يَا قوم قلبِي خافق
…
لكنه طَربا عَلَيْهِ يصفق
…
وَمِنْه
…
ذلي لعزك يَا حَبِيبِي لَائِق
…
وَبِك الْوِصَال من القطيعة أليق
…
وَمِنْه
…
كتمت هوى سَاكن فِي الحشا
…
وَلَكِن على الرغم مني فَشَا
لقد صَاد قلبِي وَمَا صدته
…
فواعجبا كَيفَ سمي رشا
سوى الْبَذْل للروح لَا يرتضي
…
فَلَا ترج مِنْهُ قبُول الرشا
إِذا رام هجري ورمت اللقا
…
رضيت بِحكم الْهوى مَا يشا
…
وَمِنْه
…
لَو قيل لي هجير والصيف فِي وهج
…
وطي أحشاؤكم فِيهِ من شعل
أهم أحب إِلَيْك الْيَوْم تشهدهم
…
أم شربة من زلال المَاء كالعسل
لَقلت مشهدهم أَهْوى وَلَو تلفت
…
روحي أسى وجوى يَا لَيْت ذَلِك لي
وَهَكَذَا الْحبّ إِن صحت قَوَاعِده
…
لَيْسَ التكحل فِي الْعَينَيْنِ كالكحل
…
وَقد سبقه إِلَى هَذَا الْمَعْنى الإِمَام الشَّافِعِي فَقَالَ
…
لَو قيل لي وهجير الصَّيف متقد
…
وَفِي فُؤَادِي جوى للْحرّ يضطرم
…
.. أهم أحب إِلَيْك الْيَوْم تشهدهم
…
أم شربة من زلال المَاء قلت هم
…
وَالْأَخْذ على هَذَا الْوَجْه عِنْد أهل البديع جَائِز
وَمِنْه
…
بِاللَّه كرر أَيهَا المطرب
…
تذكار قوم ذكرهم يعجب
مَا زَمْزَم الْحَادِي بذكرهم
…
فِي الشرق إِلَّا رقص الْمغرب
…
وَمِنْه
…
خلوا عذلي فقد حلا لي الْعِشْق
…
كم من جدل رقوا لحالي رقوا
زَادَت عللي وَمَا بقى لي نطق
…
أَرْجَى عَمَلي أَنِّي لسعدى رق
…
وَمِنْه
…
قد بلبل خاطري وأجرى دمعي
…
تغريد حمام بِأَن وَادي الْجزع
لما ندبت هديلها بالسجع
…
أمسيت الوب وَفِي نواحي الرّبع
…
وَمِنْه
…
يَا ليل إِلَى مَتى أقاسي بيني
…
مَا الذَّنب وَمَا جرى لقطع الْبَين
بِاللَّه عيدي مَرِيض هجر وَنوى
…
يَا مالكتي أصلاح ذَات الْبَين
…
وَمِنْه
…
يَا مانح مهجتي وَيَا مسعفها
…
فِي الطّور ضحى عساك أَن توقفها
عين نظرت حماك مَا ألطفها
…
إِذن سَمِعت نداك مَا أشرفها
…
وَمِنْه
…
ذلي لجمال عزه يَكْفِينِي
…
عزا وَبِذَلِك أَن أمت تكفيني
مَا الْحبّ وَلَو فنيت إِلَّا ديني
…
من ذَا مَعَه عشق عَسى يعديني
…
وَمِنْه
…
أَهْوى قمراً رضيته لي وَعلي
…
من مَاتَ بِهِ فَذَلِك الْمَيِّت حَيّ
كم من أَسد غذا بِهِ وَهُوَ ظَبْي
…
أَن رمت تحبه فللموت تهي
…
وَمِنْه
…
غنى البلبل معتماً فِي بابل
…
والبال مبلبل وجسمي ذابل
فارتاح من الهموم قلبِي الْقَائِل
…
أما شجي فاهتز مثل الذابل
…
وَمِنْه
…
لَا كَانَ عَن النقا فؤاداً عدلا
…
وانقل فتواي أَنه مَا عدلا
…
.. يَا من رَحل الْجمال يبْقى مللا
…
حاذر كسلاً فِي قَصدهَا أَو مللا
…
وَمِنْه
…
يَا مَالك مهجتي ووالي ديني
…
انجز عدتي فالوعد مثل الدّين
والهجر إِذا اطلته يرديني
…
حاشاك وَأَنت لم تزل تهديني
…
وَمِنْه
…
قلبِي لشراب حب سعدى قدح
…
لَا أتركه لعذل قد قَدَحُوا
دع من طعنوا فِي حبها أَو جرحوا
…
فالقاهر عَالم بِمَا قد جرحوا
…
وَمِنْه
…
عودوا صبا بكم مَرِيضا عودوا
…
يَا من صرموا وللتصافي عودوا
مِنْكُم طربي إِذا شجاني الْعود
…
فاسقوا غرسي يخضر مِنْهُ الْعود
…
وَمِنْه
…
لم أخش وَأَنت سَاكن غنساني
…
يَا من بجماله الورى انساني
لَا نَالَ مناه يَا حَبِيبِي قلب
…
عَن حبك عاقه غنسان
…
وَمِنْه
…
قد صرت على سعاد وَقفا وَلها
…
بِاللَّه علام ذَا كستني وَلها
إِن كَانَ الذَّنب غَنِي هَمت بهَا
…
فالكون سهى بالْحسنِ قبلي وَلها
…
وَمِنْه
…
لم أنس زمَان وصلكم بالسفح
…
يَا من منحوا جفني دوَام السفح
أعراضكم فِي الْقلب مِنْهُ جرح
…
داووا بِاللَّه يَا موَالِي جرحي
…
وَمِنْه
…
أَهْوى رشأ ذَابَتْ عَلَيْهِ كَبِدِي
…
فِي الْحبّ لَهُ حَيَاة روح الْجَسَد
لَا أسمع فِيهِ زور أهل الفند
…
فالعاذل لم يزل ضجيع الْجَسَد
…
وَمِنْه
…
أفدي قمراً فِي حَيّ قلبِي سكناً
…
لم أَرض لمهجتي سواهُ فِيهَا سكنا
…
5 من واصله لَاقَى سكونا وَهنا
…
لكنن وجدي بوصله مَا سكنا
…
وَمِنْه
…
إِن جزت بسلع سل عَن الأحباب
…
وَاذْكُر لَهُم كي يرحمون مَا بِي
…
.. قل صبكم قد ضَاقَ صَدرا فَمَتَى
…
بالوصل يفوز أَو يفتح الْبَاب
…
وَمِنْه
…
وَمَا ناح مطوق بِأَعْلَى البان
…
أَو لَاحَ بويرق على نعْمَان
إِلَّا أمسيت صانعاً لي فلكاً
…
كي لَا أفنى بدمعي الطوفان
…
وَمِنْه
…
لم أَرض بِغَيْر حبكم لي مَذْهَب
…
هَذَا ديني وَمَالِي عَنهُ مَذْهَب
يَا من سكنوا العذيب من أحشاي
…
تعذيبكم يَا سادتي مَا اعذب
…
وَمِنْه
…
فارقتكم وَالْقلب فِي اسركم
…
يَا من اسركم
…
يَا من منعُوا جفني لذيذ الوسن عيشتي من بعد مَا نأيتم كفني
…
فالميت أَنا وَالْفرق ترك الْكَفَن
…
وَمِنْه
…
تغريد الْوَرق فِي الدجى أرقني
…
لما باتت تشدو بِأَعْلَى الفنن
مَا لي سكن أَشْكُو إِلَيْهِ شجني
…
حَبِيبِي رَبِّي غن رمت شكوى الْحزن
…
وَمِنْه
…
لله ليالياً على ذِي سلم
…
مَا بَين أراكها وَبَين السّلم
أمسيت بهَا سمير سلمى وحدى
…
حَتَّى هزم الصِّبَا جَيش الظُّلم
…
وَمِنْه
…
يَا سعد إِذا جِئْت النقا والبانا
…
فاذكر لَبَنًا والسفح من لبنانا
زانقل أَخْبَار من هواهم فَرضِي
…
مَا زلت بهم حلف الضنا ولهانا
…
وَمِنْه
…
أفدي قمر فِي حسنه نزهني
…
قَالُوا ألهاك قلت بل ولهني
مَا كنت على حَدِيثه مطلعاً
…
لَوْلَا مَكْحُول طرفه حَدثنِي
…
وَمِنْه
…
حبي لكم يَا أهل نجد شرف
…
مَا فِيهِ كَمَا يظنّ لَاحَ سرف
والمحكم من حَدِيث قَطْعِيّ سقمي
…
فِيكُم صحت آيَاته والصحف
…
وَمِنْه
…
جمعي بكم يجلو سويدا بَصرِي
…
يَا من بهم يحِق محو الْأَثر
…
.. طُوبَى لفتي رَمَاه لحظ مِنْكُم
…
قد جَاءَ بِذَاكَ شَاهد فِي الْأَثر
…
وَمِنْه
…
أَصبَحت أرق من شمال وصبا
…
فِي حسن شويذن كساني وصبا
…
قلبِي الامام حسنه شيعني
…
فاقضوا عجبا إِن هام شيعي وصبا
…
وَمِنْه
…
بانوا عني فَبَان كل سلوان
…
واعتضت من السرُور جم أحزان
…
هَل يجمعني وَأهل وَادي نعْمَان
…
هَذَا سهل على الْكَرِيم المنان
…
وَمِنْه
…
أفدي قمراً جماله الهاني
…
قد طَابَ بِهِ زمَان عيشي الهاني
…
من شَاهده يصير كالولهاني
…
لَا أسمع فِيهِ قَول من ينهاني
…
وَمِنْه
…
فِي الْقلب لكم منزل مَقْصُور
…
عَن غَيْركُمْ ومنكم معمور
…
فِي الذَّر عرفتكم فَلَا أنساكم
…
يَا من يهواهم جرى الْمَقْدُور
…
وَمِنْه
…
وعاذلي يلوم
…
يظنّ أَنِّي سليم
…
وَمَا أصَاب فَأَنِّي
…
كليم قلب سليم
…
وَمِنْه
…
يَا هاجراً لي عمري عَامِدًا
…
انْعمْ بوصلك يَا حَياتِي آخِره
…
وَاجعَل نَصِيبي الْقرب بِتِلْكَ تفضلا
…
أَولا فَإِن الْعَيْش عَيْش الْآخِرَة
…
وَمِنْه
…
جرحت يَا نور عَيْني
…
خدي بِمَاء معِين
…
وَلَيْسَ يُنكر جرح
…
أَتَى بِهِ ابْن معِين
…
وَمِنْه
…
ومهفهف قبلت اشنب ثغره
…
وبلوغ ذَاك الثغر مَالا يحْسب
…
قَالَ أَحسب الْقبل الَّتِي قبلني
…
فاجبت انا أمة لَا نحسب
…
وَمِنْه
…
مَالِي إِلَيْك رَسُول
…
إِلَّا النسيم العليل
…
فَحَمَلُوهُ شذاكم
…
يَصح مِنْهُ العليل
…
وَمِنْه
…
مَرَاسِيل شوقي نَحْو ليلِي رسائلي
…
وكتمان وجدي من أجل وسائلي
…
وَلَكِن جرى دمعي ونم بِمَا جرى
…
فتحقيق جَار عِنْد جَار وسائلي
…
وَمِنْه بِاللَّه دع ذَا التغابي
…
واسمح برد الْجَواب
…
وَارْحَمْ بعزك ذلي
…
فَقَط أحَاط الجوى بِي
…
وَمِنْه
…
بِاللَّه مَا بَيْنكُم وبيني
…
حَتَّى أطلم زمَان بيني
…
لَا عَيْش إِلَّا إِذا وصلتم
…
عَذَاب بَين يعذب بيني
…
وَمِنْه
…
بالوصال مِنْك مَرِيض هجر يشتفى
…
مِمَّا ألم بِهِ وَمثلك من شفا
…
يَا مُنْتَهى الآمال يَا كل المنى
…
ادركه فَهُوَ من الصدود على شفا
…
وَمِنْه
…
افدي الَّذين إِذا مَا
…
ذكرتهم أنسوني
…
أنستهم فنسوني
…
لَا بل هم آنسوني
…
وَمِنْه
…
بلابل الْحبّ تشدوا
…
بِكُل معنى غَرِيب
…
وَلَيْسَ تِلْكَ الْمعَانِي
…
إِلَّا لصب غَرِيب
…
وَمِنْه
…
زار الحبيب فأحيا
…
ميت الغرام وَحيا
…
فشاهدوا ميت حَيّ
…
بزورة عَاد حَيا
…
وَمِنْه
…
هواكم صَار ديني
…
يَا عرب وَادي العقيق
…
وَقد جرى دمع عَيْني
…
مِمَّا جرى كالعقيق
…
وَمِنْه
…
يَا حبذا يَا حبذا
…
بدر أصابني عَلَيْهِ كم من إِذا
…
وَالله لَا خطر السلو بخاطري
…
مَا دمت فِي قيد الْحَيَاة وَلَا إِذا
…
وَمِنْه
…
يَا من لَهُ الْقلب بَيت
…
سواك مَا فِيهِ مرا
…
أَرَاك تسْأَل عَنهُ
…
وَصَاحب الْبَيْت أدرى
…
وَمِنْه
…
يَا قَتِيل الغرام كن لي معنى
…
أَنا فِي الْحبّ الطف النَّاس معنى
…
لَو رَآنِي مَجْنُون ليلى لقرت
…
عينه بِي وهام فِي كل معنى
…
وَمِنْه
…
سلم لَهُم تلق من الطافهم عجبا
…
واخضع لَهُم يَا طفيلي الْهوى أدبا
…
وَلَا تقل سببي يَوْمًا وَلَا نسبي
…
يَكْفِي بهم سَببا يَكْفِي بهم نسبا
…
وَمِنْه
…
يَا سالب النّوم عَن جفوني
…
اجْعَل لهَذَا الصدود حدا
…
واشرح بِطيب الْوِصَال صَدْرِي
…
نَقْدا وَإِن شِئْت كَانَ وَعدا
…
أَنْت لروح الْمُحب قوت
…
وطالب الْقُوت مَا تعدا
…
وَمِنْه
…
يَا هاجراً حبي لَهُ زَائِد
…
لَا صلَة مِنْك وَلَا عَائِد
…
لم أنس طيب الْوَصْل فِيمَا مضى
…
يَا لَيْت ذَاك الْوَصْل لي عَائِد
…
وَمِنْه
…
أَيهَا اللحظ المريق دمي
…
أَنْت فِي حل وَفِي سَعَة
…
حبذا يَا فتنتي قدمي
…
بِي إِلَى حتف الْهوى سعت
…
نسبتي فِي الْحبّ ثَابِتَة
…
همتي عَن غَيره سمت
…
كنت مَجْهُولا بِلَا سمة
…
وَهِي لي بَين الورى سمتي
…
كم معَان فِيك يَا قمري للمعنى الصب قد دعت
…
من تمعناها وعاينها
…
عَاشَ فِي حفظ وَفِي دعة
…
والسودي نِسْبَة إِلَى قَرْيَة تسمى سَوْدَة شضب وَهِي على ثَلَاثَة مراحل من صنعاء وَنسبه يرجع إِلَى بني شمر وهم من أَوْلَاد كِنْدَة وَكَانَ الشَّيْخ نفع الله بِهِ ولدان احدهما عبد الْقَادِر وَالْآخر مُحَمَّد وَمَات عبد الْقَادِر فِي حَيَاة أَبِيه وَخلف بِنْتا وَلم يبْق للشَّيْخ عبد الْهَادِي الْآن نسل