الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ جمَاعَة كَعبد العني البسطامي وَغَيره ولازم وَالِده فِي الْقِرَاءَة وَالسَّمَاع وَتوجه مَعَه للمدينة وجاور بهَا سنة تسع وَتِسْعمِائَة وَسمع بهَا من لفظ وَالِده تجار الْحُجْرَة الشَّرِيفَة الْكتب السِّتَّة والشفاء لعياض وَغَيره وعَلى السَّيِّد السمهوري بَعْضهَا وتاريخه الْوَفَاء وفتواه وَألبسهُ خرقَة التصوف وَقَرَأَ على أَبِيه فِيهَا الْعُمْدَة وَالشَّمَائِل وَغَيرهمَا
وَلما عَاد لمَكَّة أَكثر عَلَيْهِ من قِرَاءَة الْكتب الْكِبَار والأجزاء الصغار وأنتفع بارشاده وَخرج الْأَسَانِيد والمشيخات لجَماعَة من مشايخه وَغَيرهم وأستوفي مَا عِنْد مَشَايِخ بَلَده من السماع ورحل إِلَى مصر وَالشَّام وحلب وَبَيت الْمُقَدّس واليمن وَأخذ بهَا وَفِي غَيرهَا من الْبلدَانِ نَحْو السّبْعين على جمَاعَة من المسندين وَأَجَازَهُ خلق كَثِيرُونَ جمعهم فِي مجمع حافل وأشتغل فِي فنون وَأخذ الْفِقْه والنحو والأصلين عَن الشَّيْخ عبد الله أَبَا كثير وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج للنووي وغالب شَرحه للمحلي وألفية ابم مَالك وَغَيرهَا وَبَعض شرح الورقات وَقسم الْمِنْهَاج على الشَّيْخ مرّة ولازمه فِي قِرَاءَة كتب الحَدِيث وَخرج لَهُ مشيخة اغتبط بهَا وَكَذَا الْخَطِيب محب الدّين النويري وَغَيرهمَا من الأكابر وَدخل الرّوم عوداً على بَدْء وتزويج ورزق الْأَوْلَاد وَحدث بالحرمين الشريفين وَغَيرهمَا
سنة خمس وَخمسين بعد التسْعمائَة
(955) هـ
وَفِي سنة خمس وَخمسين وصل من مَكَّة المشرفة الخان الْأَعْظَم آصفخان لالكجراتي إِلَى كجرات وَأقَام بهَا فِي منصب الوزارة إِلَى ان قتل مَعَ مخدومه السُّلْطَان مَحْمُود فِي اللَّيْلَة الَّتِي قل فِيهَا وَهِي لَيْلَة ثَالِث عشر شهر ربيع الأول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة رحمه الله وَكَانَ الْوَزير آصفخان رجلا صَالحا جواداً ممدوحا شرِيف النَّفس على الهمة ذَا تهجد وأوراد وَكَانَت وِلَادَته فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشر شهر ربيع الأول سنة سبع أَو تسع وَتِسْعمِائَة وأشتغل بِالْعلمِ حَتَّى مهر فِي كثير من الْفُنُون وزر للسُّلْطَان بهادر شاه وَلما جَاءَ السُّلْطَان همايون خشِي السُّلْطَان
بهادر على حريمه ونفائس خزائنه فَأمر الْمَذْكُور على الْحَرِيم والخزائن وأرسله بهَا إِلَى مَكَّة المشرفة فَمَكثَ بهَا أَكثر من عشر سِنِين مشتغلا بالعبادات وأنواع الطَّاعَات حَتَّى حُكيَ أَنه أَقَامَ بِمَكَّة تِلْكَ الْمدَّة لَا يعرف انه ترك الْجَمَاعَة فِيهَا مَعَ الإِمَام بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام فِي فرض وَاحِد من غير مرض وَنَحْوه وَكَانَ محبا لأهل الْعلم محسنا إِلَيْهِم مؤلفا لأهل الْفضل مشفقاً عَلَيْهِم حَتَّى نفق الْعلم فِي زَمَنه بِمَكَّة نفَاقًا عَظِيما وأجتهد أَهله فِيهِ اجْتِهَادًا بَالغا وثاب الطّلبَة وعكفوا عكزفا باهراُ عَلَيْهِ وَبَحَثُوا عَن الدقائق لينفقوها فِي حَضرته وتحفظوا الاشكالات ليتقربوا بهَا إِلَى خواطره كل ذَلِك لإسباغه على المنتسبين إِلَى الْعلم من صنوف الْإِحْسَان وواسع الامتنان وهوامع الْأَنْغَام وواسع الاكرام مَا لم يسمع بِمثلِهِ عَن أهل زَمَنه وَمن قبله بِمدَّة مديدة حَتَّى قَالَ بعض الْعلمَاء قد أذكرنا ذَلِك مَا يحْكى عَن الْخُلَفَاء والبرامكة وَأَبَان لنا حَقِيقَة مَا فِي التواريخ عَنْهُم حَتَّى قيل أَنه أنْفق بِمَكَّة فِي نَحْو سنة مائَة وَخمسين صندوقا ذهبيا حَتَّى أبلبس أهل مَكَّة نِسَاءَهُمْ وخدمهم حلي الذَّهَب لذِي لم يعهدوا مثله وتوسعوا فِي الملابس والمعاش بِمَا لم يعرفوه قبل ذَلِك فجزاه الله خير الْجَزَاء وأمله وأتمه وأشمله وأفضله بمنه وَكَرمه وَلما بلغ أهل مَكَّة خبر مصابه حزنوا جدا لما كَانَ ينالهم من الْإِحْسَان بِسَبَبِهِ ورثاه الشَّيْخ الْعَلامَة عبد الْعَزِيز الزمزمي الْمَكِّيّ بِهَذِهِ القصيدة الْعَظِيمَة وَهِي
…
أَي الْقُلُوب لهَذَا الْحَادِث الجلل
…
اطواده الشم لم تنسف وَلم تزل
وَأي نازلة فِي الْهِنْد قد نزلت
…
بلفحها كل حبر فِي الْحجاز صلي
اعظم بنازلة فِي الْكَوْن طَار بهَا
…
برا وبحراً مسير السفن وَالْإِبِل
أَخْبَارهَا طرقت سَمْعِي فَحَمَلَنِي
…
طروقها عب رزء غير مُحْتَمل
أَهْدَت لأهل الْحجاز الْبَأْس بعد رجا
…
واليأس بعد الرجا كالظل بالأسل
فَأصْبح النَّاس فِي وهج وَفِي فكر
…
كَثِيرَة ومزاج غير معتدل
خطب على كل مَعْرُوف ومكرمة
…
ونعمة قلدت جيد الزَّمَان حلى
أَصمّ أذنى بِهِ الناعي واسمعني
…
أمرا بِهِ صرت مثل الشَّارِب الثمل
وَهُوَ البشير بضد الْأَمر رُبمَا
…
أصبب من هول هَذَا الْخطب بالخطل
.. عمري لقد جمع الضدين فِي نسق
…
وَقرب الْبعد بَين الْحزن والجذل
فِي حَال اشراق شمس الْبشر قد غربت
…
فَصَارَ وَقت طُلُوع الشَّمْس كالطفل
يَا صَاح سل فُؤَادِي بِالْحَدِيثِ وَعَن
…
سكري بطافح هم فِيهِ لَا تسل
على آصفخان وحدي لَا يفارقني
…
أَو تبلغ الرّوح مني مُنْتَهى الْأَجَل
لهفي رجال الْعلم قاطبة على إِمَام بتحقيق الْعُلُوم ملي
على الْجواد الَّذِي فاضت مكارمه
…
للآملين بِمَا أربى على الأمل
مضى شَهِيدا إِلَى دَار البقا ليرى
…
مَا قدمت يَده من صَالح الْعَمَل
لقد اعد لَهُ عِنْد النُّزُول بهَا
…
رب غَفُور رَحِيم أكْرم النزل
بَكت عَلَيْهِ السما وَالْأَرْض إِذْ فقدت
…
تهجداً عِنْد طول الدَّهْر لم يحل
وَورد صَوْم ظماه فِيهِ ادخله
…
جنَّات عدن من الربان فِي عجل
وَفعل خير وإحسان ينيل غداًُ
…
قَرَار سجساج ظلّ غير منتقل
لَهَا بهاتيكم الطَّاعَات قد شهِدت
…
بطاح مَسْجِد طه خَاتم الرُّسُل
وَمَسْجِد الْقُدس والمكي لَا بَرحت
…
ارجاؤهم من غمام الْأَمْن فِي ظلل
وَكم طواف ببيتالله كَانَ لَهُ
…
وَكم وقُوف بِبَاب الله فِي وَجل
وبالمعروف أعواماً مُتَابعَة
…
بهَا استتم فروض الْحَج من كمل
سلوا مشاعر جمكع كَيفَ لَيْلَتهَا
…
كَانَت تضيء ببدر مِنْهُ مكتمل
وَكَانَ شمسا مِنْهَا لم يحل منى
…
أَيَّام تشريقها أشراقهن جلى
سقيا ورعيا لأيام سلفن بهَا
…
وَنحن فِي مجللس سَام لَدَيْهِ عَليّ
اذ الزَّمَان عَزِيز وَجهه خضل
…
بغرة من محيا وَجهه الخضل
والعيش غض بِمَا يوليه من نعم
…
لدن الْحَوَاشِي بانس مِنْهُ مقتبل
والدهر يلحظنا شزراً ويوهمنا
…
خديعة انه عَنَّا لفي شغل
فحين رد إِلَيْنَا طرفه أرتجعت
…
يَدَاهُ منا الَّذِي اولاه من نحل
فشتت الشمل بعد الالتئام وَلم
…
يقنع بِنوح مُقيم أثر مرتحل
حَتَّى رمانا فأصمتنا رمايته
…
ة عمدا بأسهم هَذَا الْحَادِث الجلل
أيا أصفخان لَا يُحْصى تأسفنا
…
عَلَيْك ضبط بتفصيل وَلَا جمل
لقد فقدناك الرّبيع وَلم نجد عَنْك بعد الْفَقْد من بدل
.. نفديك منا أُلُوف لَو فديت بهَا
…
من خيرنا لَا من الدهماء والسفل
أَنِّي لأبكيك للجود الَّذِي فضحت
…
أنواءه كل وَسمي وكل ولي
أبكيك للْعلم وَالْعقل اللَّذين هما
…
عماد دنيا وَدين الحازم الرجل
وللحجاز وأهليه إِذا فقدوا
…
مألوف بر إِلَيْهِم مِنْك مُتَّصِل
وللصيام وَأَحْيَاء الظلام إِلَى
…
حِين الْمَمَات بِلَا وَهن وَلَا ملل
مُسَافِرًا وَمُقِيمًا مَا كسل وَلَا
…
عجزت حوشيك من عجز وَمن كسل
قد كنت بَحر عوم بزاخرا وندا
…
من فيضه كل بَحر كَانَ فِي خجل
فَفَاضَ مَا فاض م أمواجه وطغا
…
مِنْهَا وروى الورى علا على نهل
بِمَوْتِهِ مَاتَ ذكر الْجُود واندرست
…
مِنْهُ الربوع ورسم المكرمات بلَى
عذلت فِي قَتله دهري فَقَالَ أما
…
أحطت علما بسبق السَّيْف للعذل
لبّى نِدَاء المنايا عِنْدَمَا هَتَفت بِهِ وَسَار بهَا يمشي على مهل
لَا قته وَهِي كمين فاستكان وَلَو
…
بَدَت لَهُ لم تَجدهُ كَانَ ذَا فشل
فَإِنَّهُ كَانَ ثبتاً فاشلا حذرا
…
وَلم يكن راميه يُؤْتى من الزلل
أباد أَحْمد أباد هول مصرعه
…
وباء بعد الْآبَاء من فِيهِ بالوجل
فذم مَحْمُود أباد النَّاس حِين بدا
…
مِنْهَا عناًُ مَا بِهِ للنَّاس من قبل
وريح نكسبه كنبائت عواصفها
…
نكبآء هبت خلال الدّور وَالْحلَل
وَالنَّار شبت بشنبانير من فتن
…
تموج كالبحر ملْء السهل والجبل
والدير أودت بهَا أدواؤها وبدت
…
فِيهَا أراجيف أهل العل وَالنَّقْل
فَلَا ملام على سرات أَن لبست
…
ملابس الْحزن بعد الْحلِيّ وَالْحلَل
اوفي وسلطانه السَّامِي الْمقَام مَعًا
…
على انْتِهَاء الْأَجَل المحتوم فِي الازل
كَذَا الْخَلِيفَة وَالْفَتْح الْوَزير لَهُ
…
كَانَت وفاتهما فِي اعصر أول
عز العزا وأزمان المسرة قد
…
ولت وكل خلي بالهموم ملي
عبد الْعَزِيز عَزِيز مَا أصبت بِهِ
…
على الممالك والأديان والملل
عبد الْعَزِيز عَزِيز مَا أصبت بِهِ
…
على شهامة أهل الْملك والدول
عبد الْعَزِيز عَزِيز مَا أصبت بِهِ
…
على الْمَشَايِخ والطلاب والملل
عبد الْعَزِيز عَزِيز مَا أصبت بِهِ
…
على مجَالِس أهل الْبَحْث والجدل
كَانَت تتوق لأرض الْهِنْد أَنْفُسنَا
…
كَيْمَا تحقق أَن الْعِزّ فِي النَّقْل