المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة ثلاث وعشرين بعد التسعمائة - النور السافر عن أخبار القرن العاشر

[العيدروس]

فهرس الكتاب

- ‌سنة أثنين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة عشر التسْعمائَة

- ‌سنة أثنتي عشرَة بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خَمْسَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتَّة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سَبْعَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَانِيَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة الْعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أثنين وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَرْبَعِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة)

- ‌سنة خمس وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَخمسين بعد التعسعمائة

- ‌سنة خمس وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وستي بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة احدى وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثَة وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

الفصل: ‌سنة ثلاث وعشرين بعد التسعمائة

‌سنة ثَلَاث وَعشْرين بعد التسْعمائَة

923 هـ

وَفِي الْمحرم سنة ثَلَاث وَعشْرين توفّي الشَّيْخ الْكَبِير الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عبد الرَّحْمَن بن الشَّيْخ على بن أبي بكر رضي الله عنهم بتريم وَدفن بهَا وَكَانَ مولده سنة خمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ من الْأَوْلِيَاء العارفين والمشايخ الصَّالِحين زاهداً عابداً

وَحكي من مجاهداته أَنه كَانَ وَهُوَ صَغِير يخرج هُوَ وَابْن عَمه الشَّيْخ أَبُو بكر العيدروس إِلَى شعب من شعاب تريم يُقَال لَهُ النعير بعد مُضِيّ نصف اللَّيْل فينفرد كل مِنْهُمَا يقْرَأ عشرَة أَجزَاء فِي صَلَاة ثمَّ يرجعان إِلَى منازلهما قبل الْفجْر وَقَرَأَ الْأَحْيَاء على وَالِده أَرْبَعِينَ مرّة وَبَلغنِي أَنه كَانَ يغْتَسل لكل فرض وَمن مشايخه أَبوهُ الشَّيْخ عَليّ والفقيه مُحَمَّد بن أَحْمد أَبَا فضل الْعَدنِي والفقيه عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أَبَا الْحَاج أَبَا فضل والفقيه الدوسري وَكَانَ يحفط الْحَاوِي فِي الْفِقْه للقزويني والوردية فِي النَّحْو وَاجْتمعَ بالشيخ الْعَلامَة الصَّالح يحيى العامري وَله مِنْهُ اجازة

وَحكى أَنه لما اجْتمع بالشيخ العامري وَكَانَ مَعَه ابْن عَمه الشَّيْخ أَبُو بكر العيدروس فَالْتَمَسَا مِنْهُ أَن يريهما مَوضِع الْأَصَابِع النَّبَوِيَّة من ظَهره فكشف لَهما عَنْهَا فرأوها بالعيان

وَقَرِيب من هَذَا مَا أخبرنَا بِهِ صاحبنا الشَّيْخ الْعَلامَة البسكري قَالَ كَانَ عندنَا رجل من أهل الغرب يعلم الْقُرْآن وَكَانَ يُغطي احدى يَدَيْهِ فَلَا يكشفها لأحد فَسَأَلَهُ بَعضهم عَن السَّبَب فِي ذَلِك فَأبى أَن يُخبرهُ بِهِ فالح عَلَيْهِ فِي ذَلِك فَقَالَ كنت شَاعِرًا وامتدحت النَّبِي صلى الله عليه وسلم بجملة قصائد ثمَّ اتّفق ان قلت قصيدة امتدحت بهَا بعض أهل الدُّنْيَا فَرَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي النّوم وَهُوَ يعاتبني على ذَلِك ثمَّ أَمر بِقطع يَدي فَقطعت فشفع فِي الصّديق رضي الله عنه فشفعه والتحمت فَعَادَت كَمَا كَانَت فانتبهت والعلامة ظَاهِرَة فِي يَدي ثمَّ كشف لَهُ عَن يَده فَإِذا مَحل الْقطع نور يتلألأ

وَمِمَّنْ أَخذ عَن الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن عَليّ من كبار الْعلمَاء الْفَقِيه عبد الله بن مُحَمَّد بن سهل أَبَا قُشَيْر والفقيه عمر أَبَا شَيبَان وَكَانَ مشاركاً فِي جَمِيع الْعُلُوم لَكِن غلب عَلَيْهِ علم التصوف وَكَانَ يقْرَأ لابي عَمْرو وَنَافِع وَيقْرَأ لعاصم بِرِوَايَة حَفْص

ص: 105

وَمن كراماته مَا حَكَاهُ بَعضهم أَنه قَالَ كنت جَالِسا عِنْده بِمَسْجِد أَبَا مَرْوَان بتريم فَسمِعت شَيْئا سقط فِي جَانب الْمَسْجِد فَقَالَ قُم هَات الَّذِي سقط فَقُمْت فَلَقِيت ورقة مغرية فَجئْت بهَا إِلَيْهِ فحملها وقراها ثمَّ أَخذ بَيَاضًا وَكتب ورقة وَقَالَ لي خُذ هَذِه الورقة واطرحها مَكَان الورقة الَّتِي وَجدتهَا فأخذتها وطرحتها مَكَان تِلْكَ الورقة الَّتِي وَجدتهَا وَبقيت الْتفت إِلَى الورقة فَإِذا طَائِر قد جَاءَ وَأخذ الورقة فَأَخْبَرته بذلك وسالته عَن الطَّائِر فَقَالَ أَن الشَّيْخ أَبَا عباد بَيْننَا وَبَينه معرفَة وَكتب لنا ورقة وردينا جوابها

وفيهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع محرم توفّي الْعَلامَة الْحَافِظ أَحْمد بن مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الْملك بن أَحْمد بن حُسَيْن بن عَليّ الْقُسْطَلَانِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي بِالْقَاهِرَةِ وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْجُمُعَة بِجَامِع الْأَزْهَر وَدفن بِالْمَدْرَسَةِ العينية جوَار منزله ذكره السخاوي فِي ضوئه وان مولده ثَانِي عشر ذِي الْقعدَة سنة إِحْدَى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِمصْر وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن وتلا للسبع وَحفظ الشاطبية والجزرية والوردية وَغير ذَلِك وَذكر لَهُ عدَّة مَشَايِخ مِنْهُم الشَّيْخ خَالِد الْأَزْهَرِي النَّحْوِيّ وَالْفَخْر المقسمي والجلال الْبكْرِيّ وَغَيرهم وَأَنه قَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ فِي خَمْسَة مجَالِس على الشاوي وَأَنه تلمذ لَهُ أَيْضا وَقَرَأَ عَلَيْهِ بعض مؤلفاته أَعنِي السخاوي وَأَنه حج غير مرّة وجاور سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَسنة أَربع وَتِسْعين وَأَنه أَخذ بِمَكَّة عَن جمَاعَة مِنْهُم االنجم بن فَهد وَأَنه ولي مشيخة مقَام سَيِّدي الشَّيْخ أَحْمد بن أبي الْعَبَّاس الْحرار بالقرافة الصُّغْرَى وَأَنه عمل تأليفاً فِي مَنَاقِب الشَّيْخ الْمَذْكُور وَسَماهُ نزهة الْأَبْرَار فِي مَنَاقِب الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْحرار وَأَنه كَانَ يعظ بالجامع الْعمريّ وَغَيره ويجتمع عِنْد الجم الْغَفِير وانه لم يكن لَهُ نَظِير فِي الْوَعْظ وَأَنه كتب بِخَطِّهِ شَيْئا كثيرا لنَفسِهِ وَلغيره واقرأ الطّلبَة وَأَنه تعَاطِي الشَّهَادَة ثمَّ انجمع وَاقْبَلْ على التَّأْلِيف

وَذكر من تصانيفه الْعُقُود السّنيَّة فِي شرح الْمُقدمَة الجزرية فِي علم التجويد والكنز فِي وقف حَمْزَة وَهِشَام على الْهمزَة وشرحاً على الشاطبية زَاد فِيهِ زيادات ابْن الْجَزرِي مَعَ فَوَائِد غَرِيبَة لَا تُوجد فِي شرح غَيره

ص: 106

وشرحاً على الْبردَة سَمَّاهُ الْأَنْوَار المضيئة وَكتاب نفائس الأنفاس فِي الصُّحْبَة واللباس وَالرَّوْض الزَّاهِر فِي مَنَاقِب الشَّيْخ عبد الْقَادِر وتحفة السَّامع والقاري بِخَتْم صَحِيح البُخَارِيّ ورسائل فِي الْعَمَل بِالربعِ الْمُجيب انْتهى مَا ذكره السخاوي مُلَخصا

قلت وارتفع شَأْنه بعد ذَلِك فاعطي السعد فِي قلمه وَكَلمه وصنف التصانيف المقبولة الَّتِي سَارَتْ بهَا الركْبَان فِي حَيَاته وَمن أجلهَا شَرحه على صَحِيح البُخَارِيّ مزجا فِي عشرَة أسفار كبار لَعَلَّه أحسن شروحه واجمعها والخصها وَمِنْهَا الْمَوَاهِب اللدنية بالمنح المحمدية وَهُوَ كتاب جليل الْمِقْدَار عَظِيم الوقع كثير النَّفْع لَيْسَ لَهُ نَظِير فِي بَابه

ويحكى أَن الْحَافِظ السُّيُوطِيّ كَانَ يغض مِنْهُ وَيَزْعُم أَنه يَأْخُذ من كتبه ويستمد مِنْهَا وَلَا ينْسب النَّقْل إِلَيْهَا وانه ادّعى عَلَيْهِ بذلك بَين يَدي شيخ الْإِسْلَام زَكَرِيَّا فالزمه بِبَيَان مدعاه فعدد عَلَيْهِ مَوَاضِع قَالَ أَنه نقل فِيهَا عَن الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ أَن للبيهقي عدَّة مؤلفات فليذكر لنا مَا ذكر فِي أَي مؤلفاته ليعلم أَنه نقل عَن الْبَيْهَقِيّ وَلكنه رأى فِي مؤلفاتي ذَلِك النَّقْل عَن الْبَيْهَقِيّ فنقله برمتِهِ وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِ أَن يَقُول نقل السُّيُوطِيّ عَن الْبَيْهَقِيّ وَحكى الشَّيْخ جَار الله بن فَهد رحمه الله أَن الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى قصد ازالة مَا فِي خاطر الْجلَال السُّيُوطِيّ فَمشى من الْقَاهِرَة إِلَى الرَّوْضَة وَكَانَ الْجلَال السُّيُوطِيّ مُعْتَزِلا عَن النَّاس بالروضة فوصل صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى بَاب السُّيُوطِيّ ودق الْبَاب فَقَالَ لَهُ من أَنْت فَقَالَ أَنا الْقُسْطَلَانِيّ جِئْت إِلَيْك حافياً مَكْشُوف الرَّأْس ليطيب خاطرك عَليّ فَقَالَ لَهُ قد طَابَ خاطري عَلَيْك وَلم يفتح لَهُ الْبَاب وَلم يُقَابله

وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ إِمَامًا حَافِظًا متقناً جليل الْقدر حسن التَّقْرِير والتحرير لطيف الْإِشَارَة بليغ الْعبارَة حسن الْجمع والتأليف لطيف التَّرْتِيب والترصيف كَانَ زِينَة أهل عصره ونقاوة ذَوي دهره وَلَا يقْدَح فِيهِ تحامل معاصريه عَلَيْهِ فَلَا زَالَت الأكابر على هَذَا فِي كل عصر رحمهم الله

وفيهَا فِي شهر الْمحرم توفّي فَقِيه مَدِينَة تعز ومفتيها ومدرسها الْفَقِيه عفيف الدّين عبد الْبَارِي بن سُلَيْمَان الطَّوِيل

وفيهَا فِي عصر يَوْم الْجُمُعَة التَّاسِع وَالْعِشْرين من الشَّهْر الْمَذْكُور

ص: 107

توفّي الْعَلامَة الْكَبِير مفتي مَدِينَة زبيد وعالمها شيخ الْإِسْلَام مُفِيد الطالبين كَمَال الدّين مُوسَى بن زين العابدين بن أَحْمد بن أبي بكر الرداد الْبكْرِيّ الصديقي الشَّافِعِي الجهبذ الْمُحَقق المصقع المدقق شَافِعِيّ زَمَانه وَرَئِيس أقرانه علما وَعَملا

كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى بحراً من بحار الْعلم وجبلاً من جبال الدّين لَهُ الْقدَم الراسخ فِي الْمَذْهَب والباع الطَّوِيل فِي كل مشرب نهد إِلَيْهِ الطالبون وَرغب فِي الْأَخْذ عَنهُ الراغبون تفقه بِالْقَاضِي الْعَلامَة شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام الطّيب النَّاشِرِيّ وَصدر الْعلمَاء المبرزين عمر الْفَتى وَالشَّمْس عَليّ بن مُحَمَّد الشَّرْعِيّ وَنجم الدّين يُوسُف الْمقري الجبائي

روى فقه الشَّافِعِي من طرق الْعِرَاقِيّين والمراوزة عَن الإِمَام عَليّ بن عطيف نزيل مَكَّة وَأهل طبقته ودرس وافتى وانتشر صيته فِي معرفَة الْخلاف والوفاق وطار طَائِر فَضله فِي جَمِيع الْآفَاق واعترف لَهُ الأكابر بِالْإِمَامَةِ وَقصد للْفَتْوَى من كل نجد وتهامة وتفقه بِهِ الجلة مِنْهُم ابْنه الْمُحَقق عَلامَة دهره ونادرة عصره الشَّيْخ فَخر الدّين أَبُو بكر وَأَبُو الْعَبَّاس الطبنداوي والفقيه عمر ابْن الْوَجِيه الدؤالي والزين النَّاشِرِيّ ويوسف بن النَّاصِر وَعِيسَى بن عطيفة وَغَيرهم وَله الجوابات الرائقة والبحوثات الفائقة والتفقهات الخارقة والمصنفات المقبولة والشروح المتداولة المنقولة فَمِنْهَا الْكَوْكَب الْوَقَّاد شرح الْإِرْشَاد فِي نَحْو أَربع وَعشْرين مجلداً كتاب جليل لم يصنف مثله فِي كَثْرَة الْجمع والفوائد وَله شرح صَغِير على الْإِرْشَاد أَيْضا لكنه لم يظْهر لَكِن قَالَ الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو المكارم مفتي الْإِسْلَام أَحْمد بن مُحَمَّد الجابري الزبيدِيّ رحم الله روحه وقفت على بعض مِنْهُ فِي نَاحيَة الْجَبَل جِهَة المخلاف انْتهى

وَكَثِيرًا مَا ينْقل عَنهُ وَلَده فَخر الدّين فَيَقُول قَالَ شَيخنَا فِي شرح الْإِرْشَاد الصَّغِير وَرَأَيْت بِخَط الشَّيْخ الْعَلامَة عبد السَّلَام بن شيخ الْإِسْلَام عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد ان المُرَاد بالشرح الصَّغِير مسودة الْكَبِير انْتهى

وَله أَيْضا فَتَاوَى جمعهَا وَلَده الْمَذْكُور ورتبها ترتيباً حسنا وَزَاد عَلَيْهَا بِزِيَادَة لَا غنى عَنْهَا

ص: 108

قَالَ الْعَلامَة مفتي الْوَقْت أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن النَّاشِرِيّ أبقاه الله تَعَالَى اتّفق لصَاحب التَّرْجَمَة مَا لم يتَّفق لأحد قبله بمحارث الْوَادي زبيد وَذَلِكَ أَنه زرع الْبر فِي أرضه واستغله وحرث غَيره فَلم يتم لَهُ ذَلِك وَكَانَ قوته فِي غَالب الْأَحْوَال اللوز وَالْعَسَل قَالَ وَمن جسام نعم الله عَلَيْهِ أَنه مكث أَرْبَعِينَ سنة مَا رزء فِي أحد من بَيته وَلم يخرج من بَيته بِجنَازَة بل الله ثراه بوابل الغفران والرضوان

وفيهَا فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَانِي عشر شهر ربيع الآخر توفّي الْفَقِيه الْكَبِير الصَّالح تَقِيّ الدّين عمر بن مُحَمَّد بن أبي بكر جغمان بِبَيْت الْفَقِيه ابْن عجيل

وفيهَا فِي يَوْم السبت ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة توفّي الشهَاب أَحْمد ابْن أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زُهَيْر الرَّمْلِيّ ثمَّ الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الْمقري الشَّاعِر إِمَام مَقْصُورَة جَامع بني أُميَّة بِدِمَشْق وَدفن بِبَاب الصَّغِير وَكَانَ مولده فِي شهر ربيع الأول سنة أَربع وَخمسين وَثَمَانمِائَة بالرملة وَنَشَأ بهَا ثمَّ تحول إِلَى دمشق وَحفظ الْمِنْهَاج وألفية النَّحْو والْحَدِيث والشاطبيتين والدرة فِي الْقرَاءَات الثَّلَاث لِابْنِ الْجَزرِي وَعرض على جمَاعَة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ أَبُو زرْعَة الْمَقْدِسِي وَابْن عمرَان وخطاب وَعمر الطَّيِّبِيّ والزين الهيتمي وجعفر بِالْقَاهِرَةِ ودمشق وتميز فِيهَا وَولي مشيخة الاقراء بِجَامِع بني أُميَّة وبدار الحَدِيث الأشرفية وبتربة الأشرفية بعد خطاب وبتربة أم الصَّالح بعد البقاعي وَكَانَ لَازمه حِين اقامته بِدِمَشْق حَتَّى أَخذ عَنهُ فِي الفية الحَدِيث وَغَيرهَا وعادى أهل بَلَده أَو الْكثير مِنْهُم بِسَبَبِهِ وَكَذَا لَازم خطابا فِي الْفِقْه والعربية وَالْعرُوض وَغَيرهَا قِرَاءَة وسماعا وَالشَّمْس بن حَامِد فِي الْفِقْه واطراه فِيهِ والنجم ابْن قَاضِي عجلون فِي آخَرين كالعبادي والبكري بِالْقَاهِرَةِ وَأخذ الْمُخْتَصر قِرَاءَة والمطول سَمَاعا عَن ملازاده السَّمرقَنْدِي وَكَذَا أَخذ عَنهُ العقائد وَبَعض شرح المواقف وتكرر قدومه الْقَاهِرَة

كَذَا ذكره السخاوي فِي تَرْجَمته قَالَ وقصدني فِي بعض قدماته وَأخذ عني وأنشدني قصيدة من نظمه امتدح بهَا الخضيري وَكَانَ نَائِبه فِي

ص: 109

امامة مَقْصُورَة الْجَامِع الْأمَوِي ثمَّ نَاب فِي الْقَضَاء قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ خَفِيف مَعَ فَضِيلَة

قَالَ الشَّيْخ جَار الله بن فَهد رحمه الله أَقُول وَبعد الْمُؤلف اسْتمرّ نَائِبا فِي الْقَضَاء والإمامة وَعَلِيهِ ابهة ومهابة وحصلت لَهُ محنة مَعَ قُضَاة بَلَده طلبُوا إِلَى الْقَاهِرَة لأَجلهَا ونالهم التَّعَب بِسَبَبِهَا لإنكارهم على كَاتب سرها الاسلمي سَلامَة الله تَعَالَى على ضريح وَليهَا الشَّيْخ رسْلَان وهجاه بِأَبْيَات سَمعتهَا مِنْهُ مَعَ تكلم غَيرهَا فِي رحلتي لدمشق عَام اثْنَيْنِ وَعشْرين

وفيهَا تَغَيَّرت دولة الجراكسة بالعثمانية ففوضوا إِلَيْهِ قَضَاء الشَّافِعِيَّة فِي الْبِلَاد الشامية فَانْفَرد بذلك بَين فَانْتَفع بِهِ جمَاعَة من الْأَصْحَاب وَأَنا مِمَّن لاحظني بنظره وَحصل لي حجَّة على يَده فعدت بعْدهَا إِلَى بلدي رحمه الله

وفيهَا فِي يَوْم الْجُمُعَة الثَّالِث وَالْعِشْرين من شهر ربيع الآخر اسْتشْهد السُّلْطَان الْملك الظافر عَامر بن عبد الْوَهَّاب سُلْطَان الْيمن وَكَانَ على جَانب عَظِيم من الدّين وَالتَّقوى وَالْمَشْي فِي طَاعَة الله تَعَالَى لَا تعلم لَهُ صبوة وَكَانَ ملازماً للطَّهَارَة والتلاوة والاذكار وَلَا يفتر عَن ذَلِك آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار كثير الصَّدقَات وَفعل المبرات

وَمن مآثره المخلدة لذكره على الدَّوَام والموجبة لحلوله دَار السَّلَام فِي حوار الْملك العلام عمَارَة الْجَامِع الْأَعْظَم بِمَدِينَة زبيد لم يسْبق إِلَى مثلهَا انفق فِي ذَلِك جملَة مستكثرة من أَمْوَاله وخالص حَلَاله وَعمارَة مدرسة من جنوبه الدَّار الْكَبِير بِمَدِينَة زبيد وَعمارَة مدرسة الشَّيْخ الْكَبِير إِسْمَاعِيل ابْن إِبْرَاهِيم الجبرتي بهَا وَعمارَة مشْهد الْفَقِيه أبي بكر الْحداد خَارج بَاب القرتب بِظَاهِر مَدِينَة زبيد ومدرستين بِمَدِينَة تعز واجراء الْعين بهَا وَالْجَامِع الْكَبِير بالمقرانة وَمَسْجِد الْقبَّة بهَا ومدرسة عَظِيمَة برداع الْعَرْش وَمَسْجِد بداخل عدن واجراء الْمِيَاه بِظَاهِر بَاب الْبر مِنْهَا وصهريج عَظِيم بهَا لم يسْبق إِلَى مثله وَآخر بقرية عسيب وَمَا لَا يُحْصى من الْمَسَاجِد والصهاريج والآبار والأسداد فِي الْأَمَاكِن الْمُحْتَاج إِلَيْهَا والمواضع

ص: 110