الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى أقحطت الأَرْض ولاقى النَّاس بِسَبَب ذَلِك شدَّة عَظِيمَة وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة وَأَبوهُ هَذَا يكرهان مايفعله بَنو عمهم من حم لالسلاح وَنَحْوه وَكَانَ ينكران عَلَيْهِم أَشد الْإِنْكَار أعَاد الله علينا من بركتهما فِي الدَّاريْنِ آمين
وَكَانَت وَفَاته فِي هَذَا الْقرن وَلم أعلم تَارِيخه وَلِهَذَا لم أرجم لَهُ كماوقع لي فِي غَيره وَقد ذكرت السَّبَب فِي ذَلِك وَإِلَّا فَهُوَ حري بأنيذكر على الِاسْتِقْلَال كَيفَ وَهُوَ أحد مِمَّن تنزل الرَّحْمَة عِنْد ذكره وَهُوَ غَنِي بفضله وشهرته عَن الإطناب فِي أمره وترجمته
وفيهَا كَانَت وَفَاة أَحْمد شاه أَبَا أَحْمد آباد قَتِيلا
وفيهَا جَاءَ كنكيز خَان إِلَى سرت وَحرق دورها وخربها وَخرب أَهلهَا واستأسر ثمَّ صَالحه سرت خداوند وَذهب إِلَى بَلَده بروج
سنة ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة
(968) هـ
ثمَّ جَاءَ إِلَى سرت أَيْضا عَام ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ خرب جانباً من الكوت وأخرب جمعا من أهل سرت ومنبر وَغَيرهمَا من التُّجَّار والرعية ثمَّ ذهب إِلَى بروج فِي أوار شهر رَمَضَان وَكَانَ ذهب من الكوت خُفْيَة لَيْلًا صَاحب سر خداوند خَان فَذهب إِلَى بِلَاد الْكفَّار ثمَّ وصل إِلَى أَحْمد آباد ثَانِي شَوَّال ثمَّ قتل آخر يَوْم من ذِي الْقعدَة يَوْم الثُّلَاثَاء بعد الْعَصْر قَتله بجليخان وأغا ريحَان ورستم خَان مَعَ عَسْكَرهمْ وَفِي الْعَسْكَر جمع ابْن عبيج خداوند خَان هربوا مِنْهُ منرهبته وَقد قلت فِي الْوَاقِعَة الْمَذْكُورَة شعر
…
سمي حرَام ذاق الْحمام فِي مثله
…
وَفعل حرَام فِي حرَام من أعظم الْوزر
…
وَمعنى الْبَيْت أَن سمي شهر حرَام يَعْنِي رَجَب ذاق الْحمام وَهُوَ الْمَوْت فِي مثله يَعْنِي فِي شهر حرَام أَيْضا وَهُوَ الْقعدَة وَفعل حرَام وَهُوَ الْقَتْل فِي شهر حرَام هُوَ الْقعدَة من أعظم الذُّنُوب وَلَا شكّ أَن الْمعاصِي
إِذا وَقعت فِي مَكَان عَظِيم كمكة أَو زمَان شرِيف كالأشهر الْحرم تتضاعف من الله سبحانه وتعالى الْعقُوبَة عى مرتكبيها وَهَذَا ظَاهر
وَكَانَ خداوند رَحمَه الله تَعَالَى أَمِيرا كَبِيرا جليل الْقدر رفيع الْمنزلَة حسن الْأَخْلَاق كثير الإنفقا جميل الصُّورَة طيب السِّيرَة جواداً سخياً وشهماً أَبَيَا شَدِيد الْبَأْس محببا إِلَى النَّاس متواضعاً مملاحا لبن الْجَانِب مكشهورا فِي الْمَشَارِق والمغارب كثير الْإِحْسَان والأفضال مَقْصُودا بشد الرّحال محباً لأهل الْخَيْر والفلاح مجمعا لأهل الْعلم وَالصَّلَاح حسن العقيدة فِي الْأَوْلِيَاء وَالصَّالِحِينَ محسناً إِلَى الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين عَظِيم الصَّدَقَة وَالْمَعْرُوف كثير الإحتفال بالوفود والضيوف وَكَانَ عريق الرِّئَاسَة حسن السياسة ظريفاً لطيفاً وَفِي آخر الْأَمر أعتراه نوع من الوسواس حمله على الاستيحاش من النَّاس اخْتَلَّ بِهِ نظام تَدْبيره فخذله وزيره ومشيره وَقل مَعَه معاونه وناصره وَتَفَرَّقَتْ بِسَبَبِهِ عَنهُ عساكره والكمال لله فَكَانَ هَذَا هُوَ السَّبَب فِي زَوَال الْملك عَنهُ وظفر الْعَدو بِهِ ونفور النَّاس مِنْهُ وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وللشيخ الْعَلامَة أبي السعادات الفاكهي فِيهِ مرثية عَظِيمَة وَهِي
…
الدَّهْر فِي يقظه والسهر للبشر
…
وَالْمَوْت يَبْدُو ببطش البدو والحضر
والسام أصعب كأس أَنْت ذائقه
…
قبل التدثر للأجساد بِالْحفرِ
لامين فِيمَا قلت لَا وَلَا ريب
…
إِن كت ذَا ريب فاسأل عَنهُ وَاذْكُر
وأسأل زَمَانك عَن كسْرَى وقيصره
…
كَذَا السلاطين والأقيال من مصر
أفناهم الدَّهْر حَتَّى صَار ذكرهم
…
كَانُوا وَكَانُوا وَهَذَا أعظم العبر
يَا وَيْح ناع أَتَى يَوْمًا يخبرنا
…
أجْرى دموعاً على الأخداد كالمطر
أَتَى بِرَأْس رَئِيس كَانَ مفخرنا
…
كَأَصْلِهِ منبع الْإِحْسَان واظفر
أَبُو الأرامل والايتام والغربا
…
بِمَوْتِهِ مَا صفت أَرْوَاح من كدر
أَبُو الْمَشَايِخ والأشراف والنجبا
…
أَبُو الرّعية من أُنْثَى وَمن ذكر
خَان عَظِيم لَهُ رَجَب سمي رَجَب
…
مرجبقد يرَاهُ الله من صفر
أكْرم بِهِ وفروع مِنْهُ قد بسقت
…
وَبَيت سلمَان أهل الْخَيْر وَالظفر
هم الأكابر أصلا ثمَّ فرعهم
…
أصل الفخار إِلَى حِين من الدَّهْر
.. تَبًّا لناعق بَين صَاح ينبئنا
…
أبكى الدِّمَاء وأبكى الْجِنّ والبشر
أبكى الفحول مَعَ الْأَبْطَال أجمعها
…
أبكى الْخُيُول كَذَا الأفيال فَاعْتبر
أبكى الْأسود مَعَ النمور مَعَ الظبا
…
أبكى الديار وأعماها مَعَ الْبَصَر
أبكى الرّعية والفتوة والندا
…
أبكى الْبَريَّة من ساه ومدكر
أبكى المواكب والأملاك قاطبة
…
أبكى المراكب والأفلاك ذُو الدسر
أبكى الرمال كَذَا الأطلال نادبة
…
أبكى القفار مَعَ الْأَنْهَار وَالْبَحْر
أما التُّجَّار فقد صَارُوا بأسرهم
…
كالشاة تخشى شَرّ ذِي أشر
يَا ويحسرت مَا سرت لساكنها
…
الله يحفظها من طَارق الْغَيْر
لبس السوَاد رعاياه وَلم يلموا
…
لَكِن حكم القضا جَار بِلَا نكر
كَانَ شجاعته فِي كل معترك
…
كَيَوْم ميران أسى من سنا الْقَمَر
وَكم خَصَائِص فِيهِ مَا لَهَا عدد
…
ومكرمات بِلَا عدد لمستطر
لَو كَانَ يسمع أهل الرّوم كَيفَ جرى
…
لجهزوا الْجَيْش اغارات فِي الْأَثر
لَكِن نصر إلهجل ناصرنا
…
يَكْفِي وَيجْعَل من عَادَاهُ فِي عبر
تَارِيخ ميتَته سلخ لقعدتنا
…
يَوْم الثُّلَاثَاء مسآء مِنْهُ فاذكر
أما السنون فَإِذا سَوف أرقمها
…
بحمرة بِحِسَاب اجمل البهر
لَا غرو أَن الشَّهَادَة حازها رَجَب
…
فَرد كفرد عَظِيم الْقدر فِي الشَّهْر
خُوطِبَ كأصل لَهُ مذ كَانَ فِي صغر
…
خَان خداوند سَاد النَّاس فِي كبر
فأعجب لهذي الدنا لَا تحتشم أحدا
…
قد أسست صفوها دأبا على كدر
فقللمغرور فِي دُنْيَاهُ كن يقظا
…
لَهَا المصرع فِي غفلات محتذر
كَيفَ التحذر والأقدار سَابِقَة
…
لَا بُد مِنْهَا على الْأَرْوَاح والصور
لَو كَانَ يفدى من الْأَمْوَات سيدنَا
…
كُنَّا فديناه بالأسماك وَالْبَصَر
يارب ترحمه تغْفر لمعشره
…
تجْعَل مآثره ابهى من الدُّرَر
وَأَرْض عَنهُ خصوماً أَنْت تعلمهمْ
…
وَخَصه بعلا الجنات والسرر
وَعم أَهلا وأحباباً وكل فَتى
…
يهوى لخير وبالخيرات مشتهر
وَخص أصلا ل أَيْضا قرَابَته
…
الله يحفظهم بِالْعلمِ والسور
يارب وَارْحَمْ لميتهم فضلا وميتنا
…
يارب واعمم بِخَير مِنْك وانتصر
يارب فاحرس الكوت ثمَّ ساكنه
…
وأحفظ لحافظيه وصفيهم من الكدر
وأغفر لمنشئها حَقًا وسامعها
…
وأرحم لراقمها فِي الطرس والسطر
يارب أحمي الْإِسْلَام وحوزته
…
من الضلال وَأهل الْكفْر وَالْفَجْر
يارب وانصر لدينك وكل ناصره
…
يارب وانعم بجبر كل منكسر
يارب يارب أَنْت الله مقتدر
…
أَنْت الْغَنِيّ فاغني كل مفتقر
يارب وأستر بِفَضْلِك كل معترف
…
بالهفو فِيمَا فَاه من عور أَو من عثر
من الفعال والأقوال أجمعها
…
يارب يارب يَا ساترا على العثر
يارب يارب يَا رَحْمَن يَا صَمد
…
أَغفر لمن قد مضى فِي غابر الدَّهْر
أَو أحفظ لمن قد بقى وابقية فِي رغد
…
وجمل الْكل وأحمل كل ذِي الْعسر
ثمَّ الصَّلَاة على الْمُخْتَار صفوته
…
خير الْبَريَّة من فهر وَمن مُضر
كَذَا السَّلَام عَلَيْهِ دَائِما أبدا
…
صلى عَلَيْهِ آله الْخلق وَالْفطر
وَخص من بعده آلا وعثرته
…
وَصَحبه وَالتَّابِعِينَ لَهُ فِي كل مفتخر
وَكَانَ اشيخ أَبُو السعادات الْمَذْكُور من المشمولين بعنايته والمنتظمين فِي سلك نعْمَته كَغَيْرِهِ من الْعلمَاء والصلحاء فَإِن سرت فِي أَيَّامه السعيدة كَانَت طافحة بالمشايخ والفضلاء ومشحونة بأكابر النَّاس من سَائِر الاجناس مَمْلُوءَة باعيان التُّجَّار والأكابر وشجعان الْجنُود والعساكر وَكَانَت عامرة أَشد الْعِمَارَة يجلب إِلَيْهَا سَائِر البضائع والنفائس للتِّجَارَة وَكَانَ يُسَافر مِنْهَا عدَّة من المراكب والسفن إِلَى سئر النواحي كمصر وَغَيرهَا من المدن وَكَانَت الرّعية فِي أعظم أَمَان وسرور دَائِم بِلَا أحزان وَالنَّاس فِي أرغد عَيْش وَأَنَّهُمْ بَال وَالْوَقْت فِي أطيب سناء واسترحال والقلوب مطمئنة والشرور مستكنة حَتَّى قَالَ بَعضهم سرت سرت الخواطر وقرت النواظريعني لِكَثْرَة مَا كَانَ بهَا فِي زَمَنه من الأفراح وَأَسْبَاب الإنشراح وَبَلغنِي انه كَانَ يَجْعَل لكل من يدْخل إِلَيْهَا من الغرباء مُرَتبا بِحَسب حَاله وَإِذا أَرَادَ الذّهاب كَذَلِك زوده من مَاله
وبالجمله فمحاسن هَذَا الرجل كَثِيرَة وأخباره مَعْرُوفَة فِي النَّاس شهيرة رَحمَه الله تَعَالَى وايانا آمين آمين
وفيهَا فِي سَابِع جُمَادَى الأولى توفّي الشَّيْخ الْكَبِير القطب الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أَحْمد بن الشَّيْخ حُسَيْن بن الشَّيْخ عبد الله العيدرس بتريم وَكَانَ من سَادَات مَشَايِخ الطَّرِيقَة المكاشفين بأنوار الْحَقِيقَة جمع لَهُ بَين
كَمَال الْخلق وَحسن الْأَخْلَاق وَبسط الْمعرفَة وَصِحَّة النِّيَّة وَصدق الْمُعَامَلَة مناقه كَثِيرَة وأحواله شهيرة
وَمن كرااته رضي الله عنه كَانَ يَوْمًا بِمَسْجِد فيسماع عَظِيم وَبِيَدِهِ سبْحَة يسر وَكَانَ كلما قَالَ سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ودرج الْحبَّة فانفلقت أَربع فلق وَأَقل وَأكْثر فَأَخَذُوهَا مِنْهُ وَقد انفقلق مِنْهَا أَكْثَرهَا كَذَلِك وَأصَاب بعض الْحَاضِرين بِشَيْء من ذَلِك فِي بدنه فآلمه
وروى الْوَلِيّ الصَّالح الشهير أَحْمد بن عبد الْقوي أَبَا فضل أَنه رأى الشَّيْخ عيَانًا وَاقِفًا بِعَرَفَات وَشَاهده يطوف بِالْبَيْتِ اعتيق وَيسْعَى بَين الصَّفَا والمروة ولسيدي الشَّيْخ الْوَالِد فِيهِ مرثية عَظِيمَة وَهِي
…
تقضي فتمشضي حكمهَا الأقدار
…
والصفو يحدث بعد الأكدار
والدهر أبلغ واعظ بفعاله
…
وَكفى لنا بفعاله إنذار
نَادَى وأسمع لَو وعت آذاننا
…
وَأرى العواقب لَو رَأَتْ أبصار
قل للَّذي يغتر مِنْهُ برونق
…
لَا تغتر فحظيره أَخْبَار
مَا كنت قلت ان تريم تضعضعت
…
ارجاؤها أَو انها تنهار
حَتَّى نعى ناعي شهَاب أحمدا
…
بن الْحُسَيْن بن الْعَفِيف مَزَار
العيدروس سر سر الله من
…
أسرارهتسري بِهِ الأدوار
رفع الْوَلِيّ ابْن الْوَلِيّ ابْن الْوَلِيّ
…
من جده خير الورى الْمُخْتَار
أَرْوَاحهم بالعرش قنديل يضيء
…
كشعاع شمس زَادهَا الْأَنْوَار
مَا أَن ذكرت فَضَائِل فِي أَحْمد
…
إِلَّا وهيج حزني التذْكَار
فسقى الحيا تَابُوت قبر قد ثوى
…
وتعاهدت تابوته الأمطار
آه على وَاد ابْن رَاشد بعده
…
واستبهمت من بعده الْأَسْرَار
قد كنت نورا فِي تريم ظَاهرا
…
تقضى بِهِ الْحَاجَات والأوطار
هَيْهَات مَا أَن للمنية دَافع أبدا وَلَا لحياتنا اسْتِقْرَار
قد قَالَ لي بِلِسَان حَال مفصح
…
لما احتست لربنا الفهار
هون عَلَيْك فَكل حَيّ ميت
…
والدهر فِي أبنائه دوار
فَلْينْظر أهلة مِنْكُم فقد
…
طلعت فِي سما الْعلَا أقمار