الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوُجُوه وأجملها وَرجع إِلَى عِنْد وَالِده بعدن فِي مُدَّة يسيرَة جدا وَقضى الله عِنْد ذَلِك الدّين الَّذِي استدانه فِي سَفَره إِلَى الْحَج وَرَأَيْت بِخَط سَيِّدي الْوَالِد أَن جَائِزَة الْجواد لَهُم كَانَت ألف وخمسماية ذهب
سنة أَرْبَعِينَ بعد التسْعمائَة
(940) هـ
وَفِي آخر ذِي الْحجَّة سنة أَرْبَعِينَ توفّي الشريف الصَّالح الْفَقِيه العابد الْوَلِيّ شيخ ابْن الْوَلِيّ عبد الله بن الاستاذ الْأَعْظَم الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن السقاف وَكَانَ كثير الْعِبَادَة متواضعاً تفقه على عُلَمَاء عصره قَرَأَ التَّنْبِيه على الْعَلامَة الصَّالح الْفَقِيه مُحَمَّد بن أَحْمد أَبَا فضل وَقَرَأَ الْمِنْهَاج على الْفَقِيه مُحَمَّد بن عبد الله أَبَا جَعْفَر وَابْن أخي الْمَذْكُور كَانَ فَاضلا بليغاً نقل الْحَاوِي والالفية وقرأهما وحققهما على الْعَلامَة مُحَمَّد بن أَحْمد أَبَا فضل بعدن ونظم على منوال القصيدة الموسومة بالوترية قصيدة أَجَاد فِيهَا
ذكره الْمعلم خرد فِي كِتَابه النُّور المضيء والدر الْبَهِي وَلم يذكر تَارِيخ الْوَفَاة وَالظَّاهِر أَنه كَانَ إِذْ ذَاك حَيا واسْمه عبد الله بن أبي بكر وَكَانَ يعاني التِّجَارَة
وفيهَا خرج سَيِّدي الْوَالِد من عدن إِلَى تريم بِأَمْر وَالِده وَتزَوج فِيهَا وَولد لَهُ ولد مَاتَ صَغِيرا وَقَرَأَ فِي تِلْكَ السّنة على الْفَقِيه عبد الله أَبَا سهل وَغَيره من الْمَشَايِخ
سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة
(941) هـ
وَفِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين توفّي الْعَالم الْكَبِير ملا عماد بن مَحْمُود الطارمي مولده بطارم قَرْيَة من خُرَاسَان نَشأ بهَا واشتغل بتحصيل فنون الْعُلُوم حَتَّى برع ثمَّ جَاءَ إِلَى كجرات وَأقَام بهَا إِلَى أَن مَاتَ وَسمعت شَيخنَا ملا عبد الرَّحْمَن بن حسن يَقُول إِن وَالِد صَاحب التَّرْجَمَة كَانَ يعاني التِّجَارَة فاتفق أَنه صنع خيمة عَظِيمَة انفق فِيهَا مَالا جزيلا ورصعها بالجواهر واللآلئ وَذهب بهَا إِلَى ملك الرّوم فعجز عَن قيمتهَا ثمَّ أَتَى بهَا إِلَى كجرات وَذَلِكَ فِي عهد السُّلْطَان مَحْمُود الْكَبِير فَلم يَأْخُذهَا أَيْضا فَأَرَادَ الرُّجُوع إِلَى وَطنه فاتفق أَن مر ذَات يَوْم وَكَانَ يَوْم جُمُعَة على بعض الْمَسَاجِد وَكَانَ الشَّيْخ الْكَبِير شاه عَالم فِي ذَلِك الْمَسْجِد فَسمع الجلبة والغوغاء فَقَالَ
مَا هَذَا فَقيل لَهُ بالقصة فَقَالَ اطلبوه فَاحْضُرْ بَين يَدَيْهِ وَعرض تِلْكَ الْخَيْمَة عَلَيْهِ فاشتراها الشَّيْخ مِنْهُ على أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِ الثّمن بعد أَيَّام وَرجع إِلَى منزله فَقَالَ بعض النَّاس لَهُ ايش صنعت ابتعت من هَذَا الشَّيْخ من أَيْن يُعْطي هَذَا الْمبلغ الَّذِي عجز عَنهُ الْمُلُوك فَدخل عِنْده هَذَا الْكَلَام وَذهب
من وقته إِلَى الشَّيْخ فَوَجَدَهُ جَالِسا وَقد نصب الْخَيْمَة وَجعلهَا نهبة للنَّاس فَلَمَّا رأى التَّاجِر ذَلِك هاله هَذَا الْأَمر وَطلب من الشَّيْخ الْمبلغ قبل حُلُول الْأَجَل فَقَالَ الشَّيْخ لقد حرضك بعض النَّاس على هَذَا أَي جنس من النَّقْد تختاره فَذكر نَقْدا معينا فَرفع الشَّيْخ بساطاً كَانَ تَحْتَهُ وَأمره أَن يَأْخُذ حَقه فَوجدَ ذَلِك الْمبلغ بِعَيْنِه من جنس مَا طلب هُنَاكَ من غَيره زِيَادَة وَلَا نُقْصَان فاعترف عِنْد ذَلِك بِقدر الشَّيْخ وَطلب مِنْهُ أَن يرزقه الله ولدا فَأخْرج الشَّيْخ تانبولا من فِيهِ وَأَعْطَاهُ إِيَّاه وَقَالَ لَهُ سَيكون ذَلِك انشاء الله تَعَالَى فَرجع إِلَى بَلَده وَولد لَهُ هَذَا الْوَلَد واشتغل بتحصيل الْعُلُوم حَتَّى فاق اقرانه وَكَانَ قد سمع من وَالِده أَحْوَال الشَّيْخ وكراماته فسافر الى كجرات لملاقاته فَمَا قدر الله وُصُوله إِلَيْهَا إِلَّا بعد وَفَاته وَكَانَ وصل فِي عهد السُّلْطَان مظفر بن السُّلْطَان مَحْمُود وَكَانَ بارعاً فِي كثير من الْعُلُوم سِيمَا العقليات قيل انه كَانَ عِنْده مِنْهَا كَذَا وَكَذَا علما وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي علم السيميات وَعنهُ فِي ذَلِك حكايات مَشْهُورَة
وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الْعلمَاء الْأَعْلَام مَوْلَانَا وجيه الدّين ومولانا الْعَلامَة القَاضِي عِيسَى
وفيهَا توفيت فَاطِمَة بنت القَاضِي كَمَال الدّين مَحْمُود بن سِيرِين بِالْقَاهِرَةِ ودفنت بالقرافة ولدت تَقْرِيبًا سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة ونشأت فتعلمت الْكِتَابَة وَمَا تيَسّر وَتَزَوَّجت النَّاصِر بن مُحَمَّد بن الطنبغا فاستولدت ابْنَتهَا فَاطِمَة وَغَيرهَا ثمَّ مَاتَ عَنْهَا فَتَزَوجهَا الْعَلَاء عَليّ بن مُحَمَّد بن بيبرس حفيد ابْن أُخْت الظَّاهِر برقوق فاستولدها بيبرس ولاحظ لَهَا فِي ذَلِك مَعَ براعتها فِي النّظم وَحسن فهمها وَقُوَّة جنانها حَتَّى كَانَت فريدة فِيمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ ذكرهَا السخاوي فِي تَارِيخه وَذكر كثيرا من نظمها مِمَّا امتدحته بِهِ هُوَ وَغَيره من فضلاء ذَلِك الْعَصْر من ذَلِك أَنَّهَا أرْسلت إِلَيْهِ
بِأَبْيَات تستفتيه فِيهَا عَن بعض الْمسَائِل فَأجَاب عَنْهَا نثراً وَمن ذَلِك أَن الشهَاب المنصوري كتب للزين سَالم شعر
أيا سيدا قد حسن الْخَالِق اسْمه
…
وجمله وَالله بالخلق عَالم
…
أعن بيد فِيهَا أياد لسائل
وَلَا تخش حساداً فانك سَالم
…
فَقَالَت هَذِه بديها
أيا سيداً عَم الْخَلَائق بره
…
واحسانه فرض تضَاعف لَازم
…
أعن سَائِلًا يَأْتِيك والدمع سَائل
…
ولاتخش من سوء فانك سَالم
…
وَكَانَ بِحَضْرَة السراج الْعَبَّادِيّ وَغَيره فرجحوها عَلَيْهِ بل وَافق المنصوري على ذَلِك قَالَ وَقد حجت سنة أَربع وَثَمَانِينَ ثمَّ سنة أَربع وَتِسْعين وجاورت فِي هَذِه بجوارنا ثمَّ فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين مَعَ أَبِيهَا وجاورا فِي السّنة الَّتِي تَلِيهَا
قَالَ الشَّيْخ جَار الله بن فَهد رحمه الله أَقُول وَبعد الْمُؤلف عمرت نَحْو أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى بلغت نَحْو خمس وَثَمَانِينَ سنة وجاورت بِمَكَّة سِنِين عديدة فِي حُدُود الْعشْرين وخالطت سُلْطَان مَكَّة السَّيِّد بَرَكَات الحسني وَزَوجته بل وامتدحتهما وانعما عَلَيْهَا بعدة انعامات بل راسلها الشريف وَغَيره من الأكابر وجمعت نظمها فِي عدَّة كراريس وَقد أخذت دورها فِي أول دولة الأروام وتوجهت للقاهرة يسببها وفقدت نظرها وقدحت عينهَا فَلم ينْتج شَيْئا ثمَّ مَاتَ وَلَدهَا ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَضعف حَالهَا بعده رَحمهَا الله
قلت وعَلى ذكر قدح الْعين فَهُنَا حِكَايَة غَرِيبَة يحسن ذكرهَا وَهِي أَن الْفَقِيه الصَّالح مُحَمَّد بن الْحسن بن عبدويه بِفَتْح الْعين واسكان الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَالْوَاو واسكان الْمُثَنَّاة من تَحت ثمَّ هَاء تلميذ الشَّيْخ أبي اسحاق الشِّيرَازِيّ كف بَصَره فِي آخر عمره وَكَانَ متوطناً فِي جَزِيرَة كمران فَقَالَ بعض من كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ خرجت مرّة من بلدي أريده فِي الجزيرة فَدخلت المهجم فَوجدت بِهِ طَبِيبا فاخبرته بِحَال الْفَقِيه وَسَأَلته أَن يسير معي فَأَجَابَنِي وَخرج معي إِلَى المهجم ثمَّ وكبنا الْبَحْر حَتَّى أَتَيْنَا الجزيرة فَأتيت الْفَقِيه وسلمت عَلَيْهِ وأخبرته بقدومي بالطبيب فَقَالَ لَا بَأْس