المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة تسع وتسعين بعد التسعمائة - النور السافر عن أخبار القرن العاشر

[العيدروس]

فهرس الكتاب

- ‌سنة أثنين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة عشر التسْعمائَة

- ‌سنة أثنتي عشرَة بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خَمْسَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتَّة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سَبْعَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَانِيَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة الْعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أثنين وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَرْبَعِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة)

- ‌سنة خمس وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَخمسين بعد التعسعمائة

- ‌سنة خمس وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وستي بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة احدى وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثَة وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

الفصل: ‌سنة تسع وتسعين بعد التسعمائة

وفيهَا فاض وَادي عدم بسيل هائل فِي نجم الثريا أعظم من سيل الاكليل فأرخه صاحبنا الْفَقِيه عبد الله بن فلاح كَانَ الله لَهُ فَقَالَ

فاض فِي الْأَحْقَاف سيل

غادر النَّحْل حويا

إِن ترد تَارِيخه قل

عَم وفان الثريا

وفيهَا وَقعت بسورت زَلْزَلَة

‌سنة تسع وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

(999) هـ

وَفِي سنة تسع وَتِسْعين كَانَ تَمام عمَارَة قبَّة سَيِّدي الْوَالِد رحمه الله وَقد جعل صاحبنا الشَّيْخ مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف مخدوم زَاده تَارِيخ ذَلِك بِعَدَد حُرُوف مَحل الْفَيْض ثمَّ نظم التَّارِيخ الْمَذْكُور فِي أَبْيَات فَقَالَ أبقاه الله

أَلا يَا قبَّة ملئت سُرُورًا

واضحت مقصداً لِذَوي الصفاء

كَأَن هلالها لما تبدى

هِلَال لَاحَ فِي كبد السَّمَاء

ترى السادات والقادات يسعوا

إِلَيْهَا بالصباح وبالمساء

يفوح الطّيب مِنْهَا حِين تبدو

لما ضمته من طيب الشذاء

بهَا قبر الْوَلِيّ شرِيف شيخ

سلالة من تسجوا بالعباء

ولي سره فِي الْخلق سَار

فيا لله من حسن السداء

يفِيض الْفَيْض مِنْهُ لطالبيه

كفيض الْبَحْر فِي سَعَة الفضاء

فيا لَك قبَّة عمرت بفيض

يكَاد يرَاهُ مِنْهَا كل رائي

لِكَثْرَة فيضها قد جَاءَ ضبطاً

مَحل الْفَيْض تَارِيخ الْبناء

وناظمها من السادات يَرْجُو

بِأَن يصلوه مِنْهُم بالدعا

وفيهَا سَافَرت من سرت إِلَى جيول بعد أَن أَقمت بسرت سَبْعَة أشهر كَامِلَة لِأَنِّي كنت دَخَلتهَا ثَالِث شهر رَجَب سنة ثَمَان وَتِسْعين وَخرجت مِنْهَا ثَانِي شهر صفر الْخَيْر وَكنت قدمت إِلَيْهَا من بروج بعد أَن مكثت بهَا مُدَّة كَمَا قدمت وَمُدَّة اقامتي ببندر جيول خَمْسَة أشهر ثمَّ طلعت مِنْهَا إِلَى أَحْمد نكر ووصلت إِلَيْهَا فِي شهر شعْبَان من تِلْكَ السّنة وعزمت مِنْهَا فِي شهر الْقعدَة الْحَرَام سنة ألف بعد أَن أَقمت بهَا

ص: 408

نَحوا من سنة وَثَلَاثَة أشهر قَاصِدا إِلَى أَحْمد اباد لزيارة الْوَالِد والاجتماع بالوالدة وَالْأَوْلَاد فَدخلت أَحْمد اباد رَابِع شهر ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى بعد الْألف وَكَانَت طريقي على جيول وَركبت من جيول إِلَى الديو وَمن الديو إِلَى قَرْيَة تسمى موربي من أَعمال جوناقر لأمر اقْتضى ذَلِك وَمِنْهَا إِلَى أَحْمد اباد وَفِي مُدَّة اقامتي بجيول ونواحيها اجْتمعت بشيخنا الْعَلامَة الْمُحَقق مُحَمَّد مقري بن الْعَلامَة عَليّ مقري وَشَيخنَا الْعَلامَة المفنن عبد الْقَادِر بن مخدوم الْخَطِيب الكلياني وَأخذت عَنْهُم واستفدت مِنْهُم وَقَالَ صاحبنا الْفَقِيه الْفَاضِل الصَّالح عفيف الدّين عبد الله بن أَحْمد بن فلاح الْحَضْرَمِيّ لما قدمت إِلَى تِلْكَ الديار

تشرفت الْبِلَاد وَمن يَليهَا

بِمقدم شَيخنَا شمس الشموس

وأضحت تزدهي عجبا وتيهاً

بِعَبْد الْقَادِر ابْن العيدروس

وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق أَن مُدَّة غيبتي من أَحْمد اباد كَانَت أَربع سِنِين كَامِلَة فَخرجت مِنْهَا رَابِع شهر ربيع الثَّانِي سنة سبع وَتِسْعين ودخلتها أَيْضا رَابِع شهر ربيع الثَّانِي سنة إِحْدَى بعد الْألف واقمت بهَا من ذَلِك التَّارِيخ إِلَى الان

وفيهَا فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر رَجَب زَالَت الدولة المهدوية باحمد نكر وَقتل الْوَزير جمال خَان وَجِيء بِرَأْسِهِ إِلَى أَحْمد نكر وطيف بِهِ فِيهَا ثمَّ علق بعد ذَلِك أَيَّامًا وتسلطن برهَان شاه وَقد تقدم أَنه قد سَار إِلَيْهَا قبل ذَلِك بعد موت أَخِيه فَرجع خائباً وَكَانَ الْمَذْكُور مُنْذُ هرب من عِنْد أَخِيه فِي خدمَة السُّلْطَان أكبر وَهُوَ الَّذِي أَعَانَهُ على ذَلِك وأمده بالعسكر وَنَحْوه حَتَّى ملك وَكَانَت سيرته غير مرضية وَمَات برهَان شاه ثَالِث شعْبَان سنة ثَلَاث بعد الْألف

وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق أَنه كَانَ فِي تِلْكَ السّنة أَمر بهدم أَحْمد نكر فضجت العوالم لذَلِك وَأمر أَن يَجْعَل مَكَان دورها باغاً وَهُوَ اسْم الْبُسْتَان بالفارسي فَقَالَ صاحبنا الأديب الْفَاضِل عبد الله بن فلاح لطف الله بِهِ مؤرخاً لذَلِك الْعَام فِي بَيْتَيْنِ هما

هدم حمد انقر

غَدا فِيهِ للنَّاس مُعْتَبر

ص: 409

.. بَاغ تَارِيخه وان

قلت غَابَ فقد حضر

فصح غَابَ تَارِيخا لهدمها ولموت برهَان وَمِمَّا جرى فِي ايامه أَنه فِي سنة إِحْدَى وَألف جهز على دنده رازبور ليأخذها من الافرنج فَهَلَكت فِي تِلْكَ الْوَاقِعَة عوالم لَا تحصى وارخ ذَلِك بَعضهم فِي عد ضراً

وفيهَا توفّي السَّيِّد عبد الرَّحِيم الحساوي الْمَكِّيّ غَرِيبا بكلكتده وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق كريم النَّفس رحمه الله

وفيهَا توفّي الْفَقِيه الْفَاضِل مُحَمَّد أَبَا شرَاحِيل الْحَضْرَمِيّ بكلكتده ايضاً

وفيهَا توفّي الشريف يحيى الحوراني الْمدنِي بكلكتده ايضاً وَكَانَ بارعاً فِي علم الموسيقى إِلَّا أَنه كَانَ منهمكاً فِي الشَّهَوَات منتهكاً للمحرمات رحمه الله وايانا آمين

وفيهَا قَرَأَ صاحبنا الْفَقِيه الصَّالح عفيف الدّين عبد الله بن فلاح الْحَضْرَمِيّ عَليّ كتاني الفتوحات القدوسية فِي الْخِرْقَة العيدروسية من أَوله إِلَى آخِره وَذَلِكَ باحمد نكر من بِلَاد الدكن وَعمل تَارِيخ ذَلِك الْعَام تجمعه بِهِ صَحَّ فتوحات ثمَّ نظمه فَقَالَ

تشرفت أوقاتي

بِمُقَابلَة الفتوحات

وَضَابِط ذَاك تجمعه

بِهِ صَحَّ فتوح آتٍ

سنة الْألف (1000) هـ

وَفِي شهر الْمحرم سنة ألف توفّي الشَّيْخ الْكَبِير وَالْعلم الشهير الْوَلِيّ الصَّالح الْعَلامَة سراج الدّين الشريف عمر بن عبد الله العيدروس بعدن وَدفن بهَا فِي قبَّة جده لأمه سَيِّدي الشَّيْخ أبي بكر العيدروس ملتصقاً بِهِ من الْجَانِب الشَّرْقِي وَكَانَ من الْمَشَايِخ العارفين وَالْعُلَمَاء العاملين وَكَانَ الشَّيْخ الْكَبِير الشريف صَائِم الدَّهْر القديمي الْحُسَيْنِي الَّذِي اشْتهر عَنهُ أَنه قَالَ من رَآنِي دخل الْجنَّة يعظمه وَيُشِير إِلَى أَنه بركَة ذَلِك الْقطر حكى ذَلِك عَنهُ صاحبنا الْفَقِيه أَحْمد بن الْفَقِيه مُحَمَّد أَبَا جَابر وَكَانَ قد اجْتمع بِهِ وَأمه السيدة مزنة بنت الشَّيْخ أَبُو بكر العيدروس فَهَذَا

ص: 410

الِاعْتِبَار يكون الشَّيْخ عبد الله العيدروس رضي الله عنه جده من الطَّرفَيْنِ وَهُوَ أول من وَقع لَهُ ذَلِك فِيمَا علمت وَقد وَقع لأَوْلَاد اختى سلمى مثل ذَلِك وَلم يكن الْآن عقب لسيدي الشَّيْخ أبي بكر إِلَّا من أم صَاحب التَّرْجَمَة وَلذَا تصدر الْمشَار إِلَيْهِ بِمَسْجِد جده بعدن بعد أَخِيه شقيقه السَّيِّد مُحَمَّد المتوفي بِمَكَّة المشرفة فِي سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة فَقَامَ بالْمقَام أتم قيام ومشي فِي ذَلِك على سنَن آبَائِهِ الْكِرَام واشتهر بِتِلْكَ الْجِهَة شهرة عَظِيمَة وَكثر اعْتِقَاد النَّاس فِيهِ ومحبتهم لَهُ وَلم يزل على السِّيرَة الحميدة إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى

وَكَانَ قد جمله الله تَعَالَى بعقل كَامِل وزينة بِفضل شَامِل لَهُ أَخْلَاق الطف من نسيم السحر وأوصاف كالمسك إِذا فاح وانتشر ذُو علم فائض زخار وَفضل يتدفق تدفق الْأَنْهَار قد زاحم فِي الْفضل من تقدم وارتقى فِيهِ إِلَى الْمحل الأقوم فَصَارَ مِمَّن يشار إِلَيْهِ بالأصابع وَمِمَّنْ يعول على رَأْيه فِي الْأَمر الشاسع أَخذ الْعُلُوم عَن جمَاعَة لَا يُحصونَ من الْمَشَايِخ ومقروآته كَثِيرَة جدا وبرع فِي عُلُوم شَتَّى

وَحكي انه كَانَت لَهُ فِي جَمِيع الْعُلُوم يَد طولى ومهارة تَامَّة وانما ترك التدريس والتصنيف لشدَّة خموله وَكَانَ مُتبعا للْكتاب وَالسّنة سالكاً على طَريقَة السّلف الصَّالح متسما بالإستقامة التَّامَّة مَعَ كَثْرَة الْعِبَادَة ودوام الِاجْتِهَاد وَكَانَ مَعَ جلالة قدره وَعظم جاهه كثير التَّوَاضُع بل ينسبونه إِلَى الافراط فِيهِ ويميل إِلَى الخمول الْكُلِّي حَتَّى قيل انه انشد بَين يَدَيْهِ بعض المنشدين قصيدة فِي مدحه فَغَضب وامر باقامته من ذَلِك الْمجْلس إِلَى غير ذَلِك من المحاسن الَّتِي زينه الله بهَا وشرفها بِهِ وأنعم بهَا عَلَيْهِ فَكَانَ أَحَق بهَا وَأَهْلهَا واجمع على عظم حَاله وجلالته وفضله وكماله غير وَاحِد من الأخيار وكافة عُلَمَاء الْأَمْصَار

وَنقل عَن بعض العارفين انه قَالَ إِذا شَاب شعر ذِرَاعَيْهِ بلغ رُتْبَة القطبية وَكَانَت لَهُ كرامات عديدة واحوال سديدة واوصاف حميدة

وَبِالْجُمْلَةِ بإنه كَانَ بَقِيَّة الشُّيُوخ الَّذين يقْتَدى بآثارهم ويهتدى بانوارهم بل وَمن عباد الله الَّذين تستنزل الرَّحْمَة بذكرهم وترجى

ص: 411

من الله الْمَغْفِرَة بركتهم وسرهم وكأنما عناه الْقَائِل بقوله

لكل زمَان وَاحِد يقْتَدى بِهِ

وَهَذَا زمَان انت لَا شكّ واحده

وَلَو أطنبت كل الإطناب وأسهبت غَايَة الإسهاب وأتيت بِكُل عُجاب لعجزت عَن وصف شَأْنه الْعَظِيم وَقصرت عَن الاحاطة بِقَدرِهِ الْجَلِيل وَللَّه در الْقَائِل

مَا فِي علاهُ مقَالَة لمخالف

فسائل الاجماع فِيهِ تسطر

رَحمَه الله تَعَالَى واعاد علينا من بركاته آمين وتاريخ وِلَادَته لم اطلع عَلَيْهِ غير انه مَاتَ وَقد أناف على السّبْعين وَمَا أَظُنهُ بلغ الثَّمَانِينَ وَهَكَذَا كَانَ وَالِده من المعمرين فَلم يمت حَتَّى جَاوز الثَّمَانِينَ ثمَّ أَخْبرنِي بعض أَصْحَابِي إِن وِلَادَته كَانَت فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة فعلى هَذَا يكون عمره حِين مَاتَ سِتا وَسبعين سنة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ آمين

وفيهَا فِي لَيْلَة الْأَحَد سَابِع عشر شهر ربيع الثَّانِي توفّي الشَّيْخ الْكَبِير جمال الدّين مُحَمَّد بن على الحشيري باحمد اباد وَكَانَ من الْمَشَايِخ الْمَشْهُورين ورزق الْقبُول فِي حركاته وسكناته وحصلت لَهُ شهرة عَظِيمَة وَرويت عَنهُ كرامات وَلَا يقْدَح فِي جلالته ذمّ بعض الْعلمَاء لَهُ وتنقيصهم إِيَّاه بِحَسب مَا يظْهر لَهُم من أُمُوره من غير نظر إِلَى خصوصيته فقد قيل المعاصر لَا يناصر وَلَا زَالَت الأكابر على هَذَا وَفِيمَا يَقع مِنْهُ من التخريقات والشطحات لَهُ أُسْوَة بِغَيْرِهِ من الصُّوفِيَّة كَمَا أَن للمنكرين اسوة بغيرهم من الْعلمَاء وَحمل مَا يصدر مِنْهُ من الْأَحْوَال الغريبة على احسن المحامل اولى وَحسن الظَّن اسْلَمْ واحسن رَحمَه الله تَعَالَى

وَبَنُو حشيبر أهل صَلَاح وَولَايَة ونسبهم فِي بني ذهل بن عَامر بطن من عك بن عدنان وَهُوَ بِفَتْح الْهَاء وَتَشْديد اللَّام كَذَا ضَبطه الجندي

وَأما خرقتهم فَهِيَ تعود إِلَى الْوَلِيّ الْكَبِير وَالْعلم الشهير قطب الزَّمن وبهجة الْيمن شمس الشموس أبي الْغَيْث بن جميل اليمني وَذكر مِنْهُم الشرجي فِي الطَّبَقَات جمَاعَة وَمِنْهُم عَليّ بن أَحْمد حشيبر أحد كبار الْمَشَايِخ الْمُتَوفَّى سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ الْوَلِيّ الصَّالح الْفَقِيه

ص: 412

أَبُو بكر بن أبي حَرْبَة يَقُول كل الْمَشَايِخ خَلفهم فِي بركَة سلفهم إِلَّا بني حشيبر فان سلفهم فِي بركَة خَلفهم وَهُوَ الْفَقِيه عَليّ بن أَحْمد وَمِنْهُم مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد بن حشيبر كَانَ فَقِيها عَالما عَارِفًا كَامِلا صَاحب كرامات عَظِيمَة

ويحكى ان وَالِده ذهب بِهِ إِلَى الشَّيْخ أبي الْغَيْث بن جميل يلْتَمس مِنْهُ الدُّعَاء وَهُوَ اذ ذَاك صبي فكشف لَهُ عَن عينين للشَّيْخ أبي الْغَيْث فِي قَفاهُ يبصره بهما فَاعْلَم وَالِده بذلك وَاعْلَم وَالِده الشَّيْخ أبي الْغَيْث فَقَالَ الشَّيْخ وَالله يَا وَلَدي مَا رآهما أحد غَيْرك ثمَّ نوه باسمه وعظمه وَمن كَلَامه رَأس مَال الْفَقِير الثِّقَة بِاللَّه تَعَالَى وافلاسه الركون إِلَى خلق الله وَمِنْه يَا اسراء الهمم الارضية وارقاء النُّفُوس الَّتِي غير مرضية هَذِه الجادة فاين السالكون ابعد الْعين ايْنَ

وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان عشرَة وَسَبْعمائة بِبَلَدِهِ وَهِي قريبَة من بَيت حُسَيْن الْمَدِينَة الْمَشْهُورَة

قلت فَلَمَّا خربَتْ بَيت حُسَيْن على يَد بني حفيص وانتهكت فِيهَا الْمَحَارِم ونهبت الزوايا الَّتِي فِيهَا وَقتل جمَاعَة من بني عُبَيْدَة على جَامع بني حفيص وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة انْتقل غَالب سكانها إِلَى بَيت الْفَقِيه ابْن حشيبر وَصَارَت مَدِينَة عَظِيمَة وَهِي مُحْتَرمَة معظمة يَأْمَن بهَا الْخَائِف وَمِنْهُم مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن عمر بن حشيبر كَانَ فَقِيها عَالما شَيخا صوفياً كَامِلا سُئِلَ عَن قَول الشبلي

اسائل عَن ليلى وَهل من خبر

يكون لَهُ علم بهَا أَيْن تنزل

فَأَجَابَهُ بقوله

تحل قُلُوب العارفين إِذا صفت

وَلَيْسَ لَهَا قلب سواهن منزل

قلت وَقَرِيب من هَذَا مَا حَكَاهُ صاحبنا الشَّيْخ الْعَلامَة شهَاب الدّين أَحْمد بن الْوَلِيّ الْعَلامَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم أَبَا جَابر رحمهم الله قَالَ كنت سائراً إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة فَلَمَّا كَانَ فِي بعض اللَّيَالِي تذكرت فِي نَفسِي الْأَصْحَاب وعظمت عَليّ مفارقتهم وَاشْتَدَّ عَليّ أَمر الاغتراب فتمثلت

ص: 413

وانا على تِلْكَ الْحَالة من ترادف الهموم وَالْأَحْزَان وَكنت رَاكِبًا على الْجمل بِهَذَا الْبَيْت

مَا فِي الصحاب اخو وجد نطارحه

حَدِيث سعد وَلَا خل نجاريه

فاجابني صَوت من نَاحيَة الْقَافِلَة

مَا فِي الركاب سوى صب أَخا وَله

يروي حَدِيث الْهوى حَقًا ويدريه

فَقلت من الْمُجِيز فَقَالَ فلَان ابْن فلَان وَذكر اسْمه وَاسم أَبِيه وجده الدِّمَشْقِي واذاً هُوَ من أهل الْفضل والادب وحصلت بيني وَبَينه معرفَة واستأنست بِهِ الانس التَّام قَالَ وَبقيت أَنا واياه فِي مذاكرة ومطارحة سَائِر الطَّرِيق من ذَلِك ان اسْم جماله كَانَ قِيَاس وَاسم جمالي عَيَّاش وَكَانَ مَعَ جماله الْمُسَمّى قِيَاس جمال كَثِيرَة فَكَانَ يشْتَغل بأمرها مَعَ المكارين ويغيب عَنهُ يَوْمًا كَامِلا بِحَيْثُ انه يحْتَاج إِلَى المَاء فَلَا يجد من يسْقِيه وَكَانَ حاراً فيأذى بذلك ويتغير مزاجه ويرتجل فِي الْحَال فِي هجوه مقطعات قَالَ واخذ مرّة لَحْمًا وَدفعه إِلَى غُلَامه ليصلحه فَأتى بِهِ قبل ان ينضج فانشد عِنْد ذَلِك ارتجالا يُخَاطب غُلَامه ويوميء إِلَى هجاء الْجمال الْمَذْكُور

انت لَا تحسن شَيْئا

اذ اتيت اللَّحْم نيا

فاسكب الْقَيْء عَلَيْهِ

واعطه الْجمال قيا

قَالَ الْفَقِيه أَحْمد وَقلت انا فِي صَاحِبي الْمُسَمّى عَيَّاش

ان عَيَّاش قد أَتَت

من لَدَيْهِ بَدَائِع

رَاح عني وَكنت فِي

جملَة الركب ضائع

كَيفَ يَأْتِي وَقَلبه

فِي المكارين شَائِع

قَالَ واستهلينا شهر الْمحرم بالزرقاء فَلَمَّا صلينَا الْمغرب وَجَلَسْنَا وَنحن نَنْظُر إِلَى الْهلَال فَقَالَ لي مَا تَقول فِي تشبيهه فَقلت الَّذِي على بالي من ذَلِك قَول ابْن المعتز

والبدر فِي افق السَّمَاء كدرهم

ملقى على ديباجة زرقاء

ص: 414

فَقَالَ هَذَا التَّشْبِيه لَا يحسن فِيهِ إِلَّا عِنْد طلوعه قبيل الْفجْر حَالَة نَقصه وانتهائه فهات شَيْئا فِي ابْتِدَائه قلت قَوْله أَيْضا

انْظُر إِلَيْهِ كزورق من فضَّة

قد أثقلته حمولة من عنبر

قَالَ فَسكت سَاعَة خَفِيفَة وانشد لنَفسِهِ فِي ذَلِك مرتجلا

قد رَأينَا الْهلَال بالزرقاء

ظَاهرا للانام وَقت الْعشَاء

قلت للجابرى فهات مِثَالا

فِيهِ تزري بأفصح الشُّعَرَاء

قَالَ قد قيل زورق من لجين

قد ترآى للناظرين بِمَاء

ثمَّ سكت نَحْو نصف سَاعَة وَأنْشد أَيْضا مرتجلاً

قَالَ الشهَاب الجابري تَشْبِيها

يماثل ذَا الْهلَال السافر

فأجبته انْظُر إِلَى دورانه

فَلَقَد حكى فِي الأَرْض وقْعَة حافر

ثمَّ قَالَ الْفَقِيه أَحْمد لَو قَالَ

هُوَ فِي السَّمَاء مدور وَلَقَد حكى

دورانه فِي الأَرْض وقْعَة حافر

لَكَانَ أحسن

قلت ولبعضهم أَيْضا فِيهِ هَذَا التَّشْبِيه الْحسن

والبدر فِي وسط السَّمَاء كَأَنَّهُ

وَجه مضيء تَحت قبَاء أَزْرَق

وفيهَا أَمر الْوَزير الْكَبِير حسن باشا بعمارة قبَّة الشَّيْخ الْكَبِير وَالْوَلِيّ الشهير عَليّ بن عمر الشاذلي صَاحب المخا بِمُبَاشَرَة على شلبي أَمِير بندر المخا الْحلَبِي فعمرها عمَارَة متقنة وجدد التابوتين وكساهما كسْوَة حَسَنَة من الصُّوف الاخضر وَكَانَ ابْتِدَاء الْعِمَارَة وختامها فِي سنة ألف من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة ثمَّ أَمر الْوَزير حسن باشا بعمارة جَامع كَبِير شَرْقي الْقبَّة وشاميها فَبنى بِنَاء أكيداً وَتمّ وَنصب فِيهِ منبراً من الْحجر الْأَخْضَر ثمَّ بنيت لَهُ مَنَارَة عَجِيبَة فِي غَايَة الطول والنحافة واللطف ثمَّ صليت فِيهِ الْجُمُعَة واستمرت فِيهِ الْخطْبَة وَصَلَاة الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة تقبل الله ذَلِك مِنْهُ بمنه وَكَرمه ويمنه

ص: 415

ولنختم الْكتاب بِذكر حبيب الأحباب تَاج العابدين على الْإِطْلَاق وأويس زَمَانه بالِاتِّفَاقِ وأسعد السُّعَدَاء وَأكْرمهمْ على ربه المنقذ من الكروب لمن تعلق بِسَبَبِهِ الحري أَن تكْتب أخباره بِمَاء الْعُيُون وَأَن ينَال كاتبها من الرَّحْمَة مَا فَوق الظنون سعد السويني السعيد المتصف بِكُل خلق حميد الَّذِي يحسن بِذكرِهِ الختام كَمَا حسن بِذكر سيد الرُّسُل الْكِرَام الشُّرُوع فِي الْكَلَام

ختم هَذَا الْكتاب آن

وبسعد بِحسن الختام

فاختم لنا مِنْك بِخَير

وتوفنا على الْإِسْلَام

كَيفَ وَفِي اسْمه مَا يشْعر بِبُلُوغِهِ مرتبَة عَظِيمَة من مَرَاتِب السَّعَادَة مَعَ أَن اسْمه ثلاثي الْحُرُوف وَفضل الثلاثي فِي اصْطِلَاح أَهلهَا عِنْدهم مَعْرُوف فطابق اسْمه مَعْنَاهُ وَوَافَقَ فحواه ولي فِي الْمَعْنى

يَقُول لنا لِسَان الْحَال مِنْهُ

وَقَول الْحق يعذب للمستفيد

فاسمي ووصفي ومريدي

سعيد فِي سعيد فِي سعيد

ولي أَيْضا فِيهِ

ثلاثي بِهِ العَبْد أضحى متصرفاً

اسْم شرِيف قدره كالمصحفا

فسين السَّعَادَة دَلِيل سعادته

وَعين الْعِنَايَة وحسبك ذَا كفا

ودال الدّلَالَة على ربه

فيا سعد من إِلَيْهِ ربه تعرفا

هَذَا وَقد قسموا الْحُرُوف إِلَى نورانية وَهِي الَّتِي جَاءَت فِي أَوَائِل السُّور من الْقُرْآن الْعَزِيز بعد حذف المكرر يجمعها قَوْلك من قَطعك صله سحيرا وَهِي ال رك هـ ي ع ص ط س ح م ق ن وَهِي أَرْبَعَة عشر حرفا ذكرُوا أَن سَبْعَة مِنْهُ وَهِي الْكِبَار أشرف من السَّبْعَة الْأُخْرَى وَهِي ال ر هـ س ع ح وظلمانية وَهِي ب ت ث ح خَ ذ د ر ش ض ظ غ ف ووهي أَرْبَعَة عشر أَيْضا وَذكروا أَنَّهَا تَنْقَسِم كَذَلِك إِلَى فَاضل ومفضول فَذكرُوا فِي الْقسم الأول مِنْهَا ب ت د ز غ ف ووما عدا هَذِه السَّبْعَة هِيَ الْحُرُوف المفضولة وَهِي ج خَ ش ض ظ ث ذ وَقد جَاءَ فِي اسْمه الشريف حرفين من أشرف الْحُرُوف النورانية وهما السِّين وَالْعين

ص: 416

وحرف من الْحُرُوف الظلمانية وَلَكِن من الْقسم الأول مِنْهَا وَهُوَ الدَّال وَقد وَقع هَذَا الْحَرْف من آخر اسْم النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَذَلِك وَذَلِكَ مِمَّا يدل على شدَّة مُتَابَعَته لَهُ وَتحقّق وراثته مِنْهُ فَهُوَ دَال الدّلَالَة على وحدانية الله تَعَالَى وَهُوَ دَلِيل على سَابق السَّعَادَة بالعناية الأزلية لَهُ وَمن نصب لَهُ الدّلَالَة على خالقه فعيشه حميد وَمن سبقت لَهُ الْعِنَايَة فِي الْأَزَل فَهُوَ سعيد

وَذكروا أَيْضا أَن الْحُرُوف الَّتِي بِلَا نقط أفضل مِمَّا عَداهَا من الْحُرُوف بِدَلِيل أَن الَّذِي جَاءَ فِي أَوَائِل السُّور كَانَ أَكْثَره مِنْهَا وَمَا كَانَ فِيهِ من الْحُرُوف المنقوطة سوى ثَلَاثَة وَهِي الْيَاء وَالْقَاف وَالنُّون وَكَانَت حُرُوف اسْمه الشريف من هَذِه الْحُرُوف الَّتِي بِلَا نقط وَقد وَقع كَذَلِك فِي اسْم الْجَلالَة وَاسم النَّبِي صلى الله عليه وسلم

قلت وَلَعَلَّ فِي حُرُوف اسْمه الثَّلَاثَة إِشَارَة إِلَى مَا من الله تَعَالَى بِهِ عَلَيْهِ ومنحه من فَضله الْعَظِيم وجوده العميم فالسين إِشَارَة إِلَى سعادته وَالْعين اشارة إِلَى عناية الله بِهِ وَالدَّال اشارة إِلَى دوَام الطَّاعَة لَهُ مُدَّة عمره أَو إِلَى الدّلَالَة بالهدية لَهُ إِلَى معرفَة الله تَعَالَى إِلَى غير ذَلِك من الْأَسْرَار العجيبة والمعاني الغريبة الَّتِي لَو تتبعنا بَعْضهَا لطال بِنَا الْكَلَام وَفِيمَا أوردناه مِنْهَا مقنع ومرام وَفِي الاشارات مَا يُغني عَن التَّصْرِيح وَفِي وصف ذَلِك الْمقَام مَا يحير الفصيح

كل الَّذِي قلت بَعْضًا من محاسنه

مَا زِدْت إِلَّا لعَلي زِدْت نُقْصَانا

وَهَذِه وَالله هِيَ المكارم وَهَكَذَا فلتكن فِي الله العزائم هَكَذَا وَإِلَّا فَلَا وَأَرْجُو أَن أكون بمحبتي لَهُ وخدمتي اياه واشتغالي بأخباره مَعَ انتسابي إِلَى علياه مِمَّن سبقت لَهُم من رَبهم الْحسنى وَزِيَادَة وَكَانَت جائزته إِن شَاءَ الله على ذَلِك الغفران وَكَمَال السَّعَادَة ففضل الله مدرارا وأولياء الله كالبحار فهم الْقَوْم لَا يشقى جليسهم وَمن أحب قوما كَانَ مِنْهُم وَإِن لم يعْمل بعملهم كَمَا جَاءَ فِي النَّص الشريف عَن صَاحب الْكَرَامَة والتشريف وَإِذ قد رزقنا الله محبتهم ووفقنا لخدمتهم فَهَذَا أعظم دَلِيل على الْخَيْر إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالْحَمْد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله وَللَّه در من يَقُول

ص: 417

.. وَإِذا حلت الْهِدَايَة قلبا

نشطت للبعادة الْأَعْضَاء

وَإِذا سخر الاله أُنَاسًا

لسَعِيد فانهم سعداء

وَقلت فِي الْمَعْنى

يَا سعدي إِن صَحَّ حبي لسعد

يَا بخْتِي ان بذلت فِيهِ جهدي

يَا سروري إِن بلغت فِيهِ قصدي

يَا هنائي إِن فزت بِذَاكَ وحدي

يَا سروري إِن بلغت فِيهِ قصدي

يَا منائي إِذا صدق فِيهِ وجدي

يَا غنائي ان قبل وَقَالَ أَنْت عَبدِي

وَأَرْجُو أَن أكون فِي الدَّاريْنِ بمحبته سعيدا وَأَن أحْشر إِن شاضء الله تَعَالَى ببركته فِي زمرة السُّعَدَاء وَأدْركَ مَرَاتِب الشُّهَدَاء وَمَا ذَلِك على الله بعزيزوما توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلي واليه أنيب

قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

الرمء مَعَ من أحب

قَالَ الإِمَام النَّوَوِيّ رحمه الله فِي شرح مُسلم عِنْد الْكَلَام على هَذَا الحَدِيث وَلَا يشْتَرط فِي محبَّة الصَّالِحين أَن يعْمل بأعمالهم اذ لَو عمل بأعمالهم كَانَ مَعَهم وَمِنْهُم

وَقَالَ الْبونِي إِن الله تبارك وتعالى ينظر إِلَى قُلُوب أوليائه كل يَوْم كَذَا وَكَذَا مرّة فَإِذا وجد فِي قُلُوبهم محلا لعبد وَرَأى همتهم مُتَعَلقَة بِأحد أكلامه وَتجَاوز عَنهُ وألحقه بهم

ولنرجع إِلَى مَا نَحن بصدده من ذكر طرف من أَحْوَال هَذَا السَّيِّد الْعَظِيم وَالْوَلِيّ الْكَرِيم ونعترف قَطْرَة من بحره الغزير ليستدل بِالْقَلِيلِ من ذَلِك على الْكثير فَكفى بالنفحة دَلِيلا على طيب الزهر وبالغرفة معرفَة يعذبونه النَّهر وَلِأَن صَاحب النُّور الَّذِي قسم لَهُ نصيب من سعادته إِذا ذكر لَهُ شَيْء من صِفَات الأكابر وَلَو طرفا من أخبارهم أَو لَاحَ لَهُ لامع من بوق أنوارهم هش بِقَلْبِه إِلَيْهَا وَأَقْبل بِالرَّدِّ علهيا وَذَلِكَ لوُجُود المجانسة الْحَقِيقِيَّة كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث

الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا إئتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف فَأهل السَّعَادَة يعرف بَعضهم صِفَات لعض بصفاتهم كَمَا قيل

يعرفهُ الباحث من جنسه

وَسَائِر النَّاس لَهُ مُنكر

ص: 418

وَذَلِكَ مَعْلُوم عِنْد أَهله فَهُوَ وَاحِد أهل زَمَانه علما وَحَالا وَمَعْرِفَة ومقاماً وورعاً وزهداً واجتهاداً وَعبادَة أحد الْمَشَايِخ الْكِبَار والأولياء الأخيار تعرتجي الرَّحْمَة بِذكرِهِ وتستنزل الْبركَة بحبه ويستمطر الْمُسِيء سحائب الغفران بالتوسل بِهِ

قَالَ الْعَلامَة مُحَمَّد بن عمر بحرق الْحَضْرَمِيّ وناهيك بعظيم احواله اعتناء الشَّيْخ العيدروس عبد الله بن أبي كبر بالتصنيف فِيهَا فان الْعَظِيم لَا يعظم فِي عَيْنَيْهِ إِلَّا عَظِيم وَلَا يعرف الْفضل لاهل الْفضل إِلَّا أهل الْفضل وَإِذا وصف العيدرووي فِي مناقبه الجليلة واعتنى باحواله الجميلة فقد اغنى ثَنَاؤُهُ عَن كل وصف وَالشَّهَادَة مِنْهُ خير من شَهَادَة الف الف وَهَا انا أُشير إِلَى بعض مَا ذكره رضي الله عنه فِي تَرْجَمته وَسيرَته مُلَخصا لكَلَامه فَقَالَ وَمن خطه الْكَرِيم فَقلت

كَانَ شَيخنَا الْعَارِف بِاللَّه تَاج الانوار وقطب الاحوال سعد بن عَليّ بن عبد الله أَبَا مدحج الْحَضْرَمِيّ التريمي عَالما بِاللَّه وبأمر الله على الشَّرِيعَة والطريقة والحقيقة ادركناه وصحبناه وحفظنا مِنْهُ كرامات كَثِيرَة ووقائع عَظِيمَة لَا يُمكن شرحها وَقد أظهرنَا بَعْضهَا

قَالَ وَتعلم الْقُرْآن وَحفظه وقرا فِي الْفِقْه التَّنْبِيه والمنهاج وَفِي التَّفْسِير تَفْسِير الواحدي وَالْبَغوِيّ وَتَأْويل الْقُرْآن للسلمي وَفِي الطَّرِيقَة بداية الْهِدَايَة ومنهاج العابدين وَالْأَرْبَعِينَ الأَصْل واحياء عُلُوم الدّين للغزالي وَأخذ خرقَة الصُّوفِيَّة من الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن واكثر مقروآته على وَالِده الْعَارِف بِاللَّه شيخ بن عبد الرَّحْمَن وَكَانَ شَيْخه يُحِبهُ حبا شَدِيدا ويثني عَلَيْهِ ثنيا عَظِيما ويشه رأحواله غَايَة وَنِهَايَة وَكَانَ يَأْمُرهُ ان يرفق بِنَفسِهِ فِي المجاهدة فيعتذر إِلَيْهِ بانه لَا يجد لَهَا كلفة وَلَا مشقة باعانة الله لَهُ

قَالَ وَأول شَيْء بدىء بِهِ انه كَانَ نَائِما فِي مَسْجِد سرجيس أَي بسين مُهْملَة مكررة بَينهمَا رَاء ساكنه ثمَّ جِيم مَكْسُورَة ثمَّ يَاء تحتية فَدخل عَلَيْهِ رجل من رجال الْغَيْب فأقامه من نَومه وَقَالَ لَهُ قُم مَا لهَذَا خلقت فشمر بعون الله من وقته فِي المجاهدات والمكابدات والرياضيات والخلوات فَكَانَ يَصُوم الدَّهْر وَيقوم اللَّيْل كُله من حِين بلغ الْحلم

ص: 419

وَكَانَ ملازما لتلاوة الْقرى ن وَرُبمَا قَرَأَ خَتمه باليلل فِي صَلَاة وختمة بِالنَّهَارِ بالترتيل وَكَانَ متورعاً إِلَى الْغَايَة وَالنِّهَايَة مُلْتَزما ان لَا يَأْكُل إِلَّا الْحَلَال الْمَحْض وان لَا يَأْكُل أَيْضا مِنْهُ إِلَّا الْيَسِير وغالب قوته من المطعومات الْمُبَاحَة فِي الْأَشْجَار كالبربر وَهُوَ ثَمَر الاراك والعشرق وَهُوَ ثَمَر السنا والنبق وَهُوَ ثَمَر السدر ولاصار وَهُوَ ثَمَر النّخل الْمقل واذا سَافر إِلَى الشحر اقْتصر على السّمك الصّرْف هَذَا كُله فِي بدايته ثمَّ كَانَ فِي آخر عمره يطوي الْأَرْبَعين فاكثر على المَاء وَحده وَمكث مُدَّة من السنسن لَا ينَام ليلاى وَلَا نَهَارا

قَالَ وَكَانَ كثيرا مَا يؤئر الْخلْوَة فِي شعاب تريم والمجاورة عِنْد قبر النَّبِي هود عليه السلام وَكَانَ يظْهر لَهُ فِي خلوته ومجاورته أُمُور عَظِيمَة مِنْهَا انه يظْهر لَهُ ابليس وَجُنُوده لعنهم الله فيرمونه ويرجمونه ويتهددونه بِالسِّلَاحِ خُصُوصا إِذا قَامَ للصَّلَاة قَالَ فاستعين بِاللَّه عَلَيْهِم والتجيء إِلَيْهِ فَلَا يختلج فِي باطني خوف مِنْهُم اصلا فيرجعون خائبين

قَالَ وَظهر لي مرّة إِبْلِيس فصارعني فصرعته بمعونة الله تَعَالَى وسلبته سلاحه وأسرته فاستطاع لي وانقاذ بِإِذن الله تَعَالَى قَالَ وَظَهَرت لي صِفَات النَّفس المذمومة فِي صور النِّسَاء فذبحتهن بمعونة الله تَعَالَى قَالَ وَلَقِيت الْخضر عليه السلام مرَارًا فاستفدت مِنْهُ فَوَائِد كَثِيرَة قَالَ وَاجْتمعت بِخلق كثير من رجال الْغَيْب رضي الله عنهم قَالَ وَكنت اسْمَع فِي حَال تِلَاوَة الْقُرْآن هواتف كَثِيرَة تَأْمُرنِي بترتيل الْقُرْآن وتنهاني عَن الْهَذْرَمَةُ قَالَ وَكَثِيرًا مَا اسْمَع الهواتف تَقول لي عِنْد التِّلَاوَة قد وهبناك سر هَذِه الاسورة وسر هَذِه السُّورَة خُصُوصا عِنْد قِرَاءَة سُورَة يسين والرحمن والواقعة ثمَّ قَالَ الشَّيْخ عبد الله رضي الله عنه هَذَا كُله فِي أول عمره وَأما فِي آخِره قدر نصف عمره قَصرنَا وَنحن واياه كَمَا قيل

أَنا من أَهْوى وَمن أَهْوى أَنا

نَحن روحان حللنا بدنا

قَالَ الشَّيْخ وَكَثِيرًا مَا كنت أشاهده فِي حَال التِّلَاوَة يذوب بِحَيْثُ يصير جسده كَالْمَاءِ الجامد فَرُبمَا فزع إِلَى مُخَالطَة العوانمم وَأهل الكثافات

ص: 420

الطبعية فَسَأَلته هَل لَك فِي مخالطت 8 هم من فَائِدَة نعم بل فَوَائِد كَثِيرَة مِنْهَا أَنه رُبمَا هجم على الْحَال من وَارِد الْمحبَّة حَتَّى اخشى على جسمي أَن يتْلف فاقرب من النَّاس لتعتدل لطافة الْحَال بكثافتهم وأتوله بِقَضَاء حوائجهم ومخاطباتهم

قَالَ الشَّيْخ وَكنت أنظر إِلَيْهِ فِي غلاب أَحْوَاله سَكرَان براح الْمحبَّة فِي ليله ونهاره بل كَانَ فِي جَمِيع لحظاته ممتلئاً بمحبة ربه قَالَ وَهُوَ من أهل الْمقَام الرَّابِع فِي التَّوْحِيد لِأَن الْغَالِب عَلَيْهِ فنَاء الفناء قَالَ وَقد سَأَلته عَن ذَلِك فِي مذاكرة جرت بيني وَبَينه فِي تَوْحِيد الْفِعْل فَأَشَارَ إِلَى نَفسه بذلك وَكَانَ للشَّيْخ سعد بن عَليّ معرفَة تَامَّة فِي أَحْوَال الْقَوْم وَشرح مقاماتهم ودقائق معاملاتهم يشرحها شرحاً حسنا شافياً مَعَ كشف وذوق ومشاهدة ووصول وتخلق وَتحقّق مَعَ دوَام الصفاء بدوام الْجُوع والسهر وَالذكر والفكر وَشدَّة الافتقار ولاذل والانكسار والتواضع والخمول وَقطع العلائق بِالْكُلِّيَّةِ فَلم تكن لَهُ صُورَة فِي صغره وَلَا تزوج فِي كبره رضي الله عنه حَتَّى توفاه الله تَاسِع رَجَب الْفَرد سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة من الْهِجْرَة رَحمَه الله تَعَالَى واعاد علينا من بركاته آمين وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق أَن تَارِيخ وَفَاته جَاءَ منور للجنة وَقلت فِي ذَلِك

تَارِيخ فَوت سَيِّدي قدوتي

سعد السويني السعيد قِبْلَتِي

نور الْأَنْوَار فَلَا عجب إِذا

مَا قيل فِيهِ منور الْجنَّة

وَقلت أَيْضا

قد أَضَاءَت الأكوان يسْعد سَيِّدي

تَارِيخه جَاءَ منور للجنة

وَقد رَأَيْت أَن أضيف إِلَى هَذِه المناقب الشَّرِيفَة مَالِي وشأنه من الأبيات اللطيفة فَمن ذَلِك مَا قلته فِيهِ مفتخراً بانتسابي إِلَيْهِ وكوني من محبيه

نجم سعدي قد طلع

من أفق السويني وَنجم

شرح صَدْرِي بِهِ ابدا

فِيهِ وجدي مَا انكتم

هُوَ روحي وخاطري

بِهِ علق قلبِي من قدم

هُوَ شَيْخي وعمدتي

وَهُوَ قصدي من الخيم

ص: 421

.. بلغت من سره المنا

وَحصل لي الْعَطاء الجم

يَا عذولي فِيهِ وَدعنِي

إِ ن السَّعَادَة من الله قسم

قد ظَفرت أَنا بالهنا

وحظك الصدود ووالهم

ان عظمت غَيره

استسمنت ذَا ورم

ذَا مغيث لكل مكروب

ذَا ملْجأ الْأُمَم

قطب الْأَحْوَال والموا

هَب بَينهم كَالْعلمِ

ولي فِيهِ أَيْضا

أَلا يَا سعد أَرْجُو مِنْك اشارة

فَجعل لعبيدك بالبشارة

واسقني من شراب الْقَوْم حَتَّى

أشاهد ذَلِك النُّور بِلَا ستاره

وَمن عَليّ وجد لي بمقام

رفيع تضيق عَن شَرحه الْعبارَة

ولي أَيْضا

سعد وَالله من حبه

سعد طول الآباد

ولي أَيْضا

سعد وَالله من زَارَهُ يعْطى مناه

سعد وَالله من حبه

زَاد فِي عطاه

سعد وَالله من أمه

طَابَ مسعاه

سعد وَالله من فَازَ

بِالْقربِ من مَوْلَاهُ

سعد وَالله من نظره

الْخلد مأوااه

سعد وَالله من بغضه

النَّار مثواه

سعد عاره على العَبْد

فقد طَال بلواهخ

سعد وَالله مَا خَابَ

من أمله ورجاه

سعد وَالله جدير

يُجيب أمله من دَعَاهُ

سعد قَالَ قد نَالَ من ربه

كل من يَشَاء

ولي أَيْضا

لَو درى العاذلون فرط اكتسابي

وَرَأَوا حالتي عطفوا ورقوا

مَا معي زاداً ليَوْم معادي

ارجى أعمالي أَنِّي لسعدون رق

ص: 422

وَمن ذَلِك مِمَّا التزمت فِيهِ بِأَن يخرج من أَوَائِل السطور اسْمه الشريف وَيُسمى هَذَا النَّوْع عِنْد أهل الْفَنّ المشجر وَفعلت ذَلِك فِي مقاطعات عديدة مِنْهَا

س سَأَلت الله يغْفر زلتي

بجاه سعد الْوَلِيّ

ع عَظِيم الْحَال حَقًا الزَّاهِد

الْوَرع التقي

د دَلِيل الحيارى للنجاة

ذَاك السويني ابْن عَليّ

وَمِنْهَا

سبا فُؤَادِي الرشأ الأشنب

بمنطق مِنْهُ يحلو ويعذب

عذب بِمَا شِئْت غير الهجر يَا فَاتَنِي

وَمَا عَلَيْك فِيمَا فعلت معتب

دمي حَلَال لَك يَا أملي

وَغير حبك لَيْسَ لي مَذْهَب

وَمِنْه

سلوا قلبِي محَال

عَن حب ليلى وخدرها

عاذلي كف عني

فلست أميل لغَيْرهَا

دَعْنِي وشأني يَا غبي

إِنِّي شغفت بذكرها

وَمِنْهَا

سلوا عَن ودادي يَا أحبائي قلبكم

فَيشْهد بِمَا عِنْدِي لكم من حبكم

عرفتكم فِي الذَّر فَكيف انسى عهدكم

وَمَا منيتي يَا سادتي غير قربكم

داوا فُؤَادِي فِي الذَّر فَكيف انسى عهدكم

وَمَا منيتي يَا سادتي غير قربكم

داوا فُؤَادِي بلذيذ وصالكم

فحسبي شرفاً أَن أكون من حزبكم

وَمِنْهَا

سروري فِي هَوَاهُ

وبسطي يَوْم لقاه

عيدي لَدَى رُؤْيَاهُ

وقلبي وَالله مثواه

ديني عقد ولاه

منيتي والللهه رِضَاهُ

وَمِنْهَا

سلمى بوصلها عَليّ منت

فَزَالَ عني العنا والصدود

على حَالي وضعفي رقت

بخْتِي بِهَذَا الهنا والورود

ص: 423

.. درت بسقمي وضنائي وحنت

يَا مرحبابريم وَادي زرود

وَمِنْهَا

سفكت فِي الْهوى دمي

غزال من ظَبْي الْحرم

علقت روحي بحبها

وصبت من سالف الْقدَم

درت أَن شفعتي بهَا

وبهاتيك الخيم

وَمِنْهَا

سلو قلبِي محَال عَن حب سعدى أُخْتهَا

على ذكرى بفخرها

طَابَ وقتي من بحتها

دَامَ عزي بعْدهَا

لَيْتَني أكون عَبدهَا

وَمِمَّنْ ذَلِك أَنِّي لغزت فِي اسْمه الشريف فَقلت

سري قد سرى لخير عرب

أَبَاحَ دمي لَهُم من غير ذَنْب

وَقلت أَيْضا فِي هَذَا الْمَعْنى

سَأَلت الله الْعَظِيم باسمه

يشفي دائي ويمن بطبه

سر عَزِيز تمثلت من ذكره

درى عاذلي إِنِّي شغف بحبه

وَمن ذلم مَا قلت فِيهِ وَفِي صَاحبه سَيِّدي الشَّيْخ عبد الله العيدروس مفتخراً بانتسابي اليهما وَمَا سَاقه الله لي من الْخَيْر بسببهما وعَلى يديهما

بالشيخ عبد الله وسره

حصل لي كلما أُرِيد

وَسعد السويني ذكره

حَلَال ورده يَا مُرِيد

العَبْد بهم وان قل قدره فَهُوَ فِي النَّاس سعيج

وَكلما قيل نقص أمره

مَا زلت بهم فِي مزِيد

توشيح

اقْسمْ بِاللَّه أَنهم عوني

ومذ لذت بهم جفوني

وَإِذا ضَاقَ أَمْرِي أنقذوني

وَعَاد بِسَعْد وفخره

بحري وربي بسيط مديد

ص: 424

وَمثله أَيْضا

بالشيخ عبد الله ومجده

وفتى قد صَار رائق

وَسعد السويني وَحده

أزاح عني الْعَوَائِق

وَالْعَبْد بهم وَأَن قل جهده

فَهُوَ فِي النَّاس سَابق

وَكلما قيل قل وَحده

مَا زَالَ بهم فخري فائق

توشيح

لما انتسبت لجنابهم

جادوا عَليّ بشرابهم

وَمن أَنا إِلَّا بهم

وَعَاد وربي بهم أطول

وأفخر على كل عاشق

وَمثله أَيْضا بالشيخ عبد الله واصله

نلْت المنى وَالْمَقْصُود

وَسعد السويني وفضله

ظَاهرا بِلَا خَفَاء وجحود

توشيح

مت يَا عذولي بِاللَّه

اخسا مَالك وَلأَهل الله

وَيلك تُرِيدُ إطفاء نور اله

مَا على ذَاك من مثلم وجهلك

مَا حظك غير الفلا والصدود

وَمثله أَيْضا

بالشيخ عبد الله ونصيبه

حصل لي السَّعَادَة

وَسعد السويني حَبِيبه

حبه أَي سيادة

وَالْعَبْد بهم وَإِن قل نصِيبه

صحت لَهُ الإدارة

وَكلما قيل برهَان بخته

مَا زلت وَالله فِي زياده

حاشا لَا يضام نسيبه

أَو يحرم الراجي الافادة

توشيح

خصصت بذا فِي الْأَزَل

ومذاملتهم مَا خَابَ أملي

وَأَرْجُو بهم أَن يخْتم الله عَمَلي

وَمن ذَلِك قلت فيهمَا وَفِي سَيِّدي حَاتِم بن أَحْمد الأهدل أعَاد الله علينا من بركاتهم آمين

ص: 425

لي مطلب مَا مثله مطلب

قرب مولَايَ وعالي الرتب

حَال اسلافي وَطيب المشرب

وَإِن نلْت ذَا مَا هُوَ وَالله عجب

توشيح

بالعيدروس الْجد أعطي السؤل

وبسعد وحاله أرتجي الْقبُول

وحاتم الْفَرد الْوَلِيّ لَيْث الفحول

مَالِي سى حبهم مَذْهَب

وَلَا وربي عَن بابهم اذْهَبْ

وَمِمَّا قلت فيهم نفع الله بهم

سعد حبي وحاتم سَيِّدي

والعيدروس القطب شَيْخي وجدي

لَيْسَ يعد لَهُم أحد عِنْدِي

لَا وربي إِن ذَا من جدي

وَقلت فيهم أَيْضا

مَا خَابَ بالعيدروس توسل

وبحاتم الْوَلِيّ رجا وأمل

وَمن سعد رام الاسعاد

بل حقيق بِأَن يُعْطي المنى

ويفوز بالبشرى والهنا

كَذَا ويظفر بِكُل المُرَاد

وَقلت فيهمَا أَيْضا

مَا خَابَ من على الله توكل

وبالهادي ارسول توسل

إِنَّه لحقيق أَن يُعْطي المُرَاد

وَمن بحاتم ترجى الندا

وألح على العيدروس بالندا

وَمن سعدهم رام الاسعاد

ولنختم هَذِه التَّرْجَمَة الْعَظِيمَة بحكاية غَرِيبَة سَمعتهَا من الثِّقَات وَهِي جديرة فِي هَذَا الْمحل بالاثبات

حُكيَ أَن الشَّيْخ أَبَا بكر العيدروس صَاحب عدن رضي الله عنه كَانَ اذا ذكر الشَّيْخ سعد ينبسط جدا وَكَانَ أَصْحَابه بعد أَن عرفُوا ذَلِك مِنْهُ إِذا رَأَوْهُ مَقْبُوضا يذكرُونَهُ لَهُ فينبسط عِنْد ذَلِك فَفِي بعض الْأَيَّام دعى بصندوق وفتحه وَأخرج مِنْهُ شَيْئا عَلَيْهِ لفائف كَثِيرَة كَمَا يَجْعَل عليى الشَّيْء النفيس مُبَالغَة فِي حفظه وصونه فَمَا زَالَ يفتحها بِيَدِهِ الشَّرِيفَة وَاحِدَة

ص: 426

بعد وَاحِدَة حَتَّى أخرج مِنْهَا حذائين عتيقة وَأخذ يشمها ويقبلها وَقَالَ إِن هَذِه من ملبوسات الشَّيْخ سعد رضي الله عنه ثمَّ ردهما مكانهما فتعجب الحاضرو من ذَلِك

قلت وَقد وَقع لي بِحَمْد الله قريب من هَذَا وَذَلِكَ أَن بعض الْأَصْحَاب من أهل حَضرمَوْت اهدى لي طَبِيبا فَقلت هلا أهديت لي مكن تُرَاب قبر سَيِّدي الشَّيْخ سعد بن عَليّ رضي الله عنه فَإِن ذَلِك عِنْدِي من أشرف الْهَدَايَا وأفخر أَنْوَاع الطّيب ثمَّ انشدت فِي هَذَا الْمَعْنى

سَأَلت العرفاء عَن طب دائي

فَقَالُوا تُرَاب ذَلِك الجناب الأقدس

على الْخَيْر سَقَطت فاغتنم داؤك

وربي إِنَّه درياق أنفس

دواني يَا سعد وادرك قبل تلافي

وحقك أَنِّي لَك عبد اكيس

فَأرْسل الي من الْعَام الْقَابِل قَلِيلا من تُرَاب ذَلِك الضريح الشريف فِي قَارُورَة زجاج وَللَّه الْحَمد وَعلمت أَن للشَّيْخ نفع الله بِهِ بِالْعَبدِ اعتناء عَظِيم وَأَخْبرنِي شَيخنَا الْفَقِيه الصَّالح سراج الدّين عمر بن زيد الدوعني قَالَ وَمن خطه نقلت

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد خَاتم النَّبِيين وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ أما بعد فَيَقُول العَبْد الْفَقِير الحقير خويدم الْعلمَاء ومحبهم عمر بن زيد غفر الله ذنُوبه وَستر عيوبه آمين

لما كَانَ التَّارِيخ لَيْلَة الْجُمُعَة ثامن وَعشْرين شهر شعْبَان المكرم سنة خَمْسَة عشر وَألف رَأَيْت كَأَن سيدنَا وَشَيخنَا السَّيِّد الْعَالم الْعَلامَة الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى وحيد عصره وفريد دهره محيي الدّين الشَّيْخ عبد الْقَادِر بن شيخ بن عبد الله العيدروس مد الله فِي حَيَاته وَأعَاد علينا من بركاته وبركات علومه ومعارفه وأنفاسه آمين فِي بَيت عَظِيم وَعِنْده جمَاعَة من أَصْحَابه عرفت بَعضهم فَخرج من ذَلِك الْبَيْت وَأَشَارَ إِلَيّ فتبعته وفعمت مِنْهُ أَنه يطْلب المَاء فَمشى أَمَامِي وَأَنا وَرَاءه فِي أَمَاكِن معمورة لَا أعرفهَا حَتَّى انتهينا إِلَى مَكَان وَاسع فَإِذا بسيدي الشَّيْخ سعد بن عَليّ أَبَا مدحج إِمَام سَيِّدي يدله

ص: 427

على المَاء الَّذِي يَطْلُبهُ وَإِذا بطائر فِي الْهَوَاء فَوق رَأس سَيِّدي الشَّيْخ سعد نفع الله بِهِ فَمشى الشَّيْخ إِمَام سَيِّدي غير بعيد فاعترضنا نهر عَظِيم فنزلنا فِي درج إِلَى النَّهر وانتبهت قبل أَن يصل سَيِّدي إِلَى النَّهر وَبِي من الْفَرح وَالسُّرُور مَالا عَلَيْهِ مزِيد زَاده الله من فَضله ورقاه إِلَى أَعلَى المقامات بمنه وَكَرمه وفضله فقصصت رُؤْيَايَ على سَيِّدي فَقَالَ اكتم مَا رَأَيْت وَلَا تخبر بذلك أحدا أعَاد الله علينا من بركاته وبركات الشَّيْخ الْوَلِيّ سعد بن عَليّ وبركات الْأَوْلِيَاء وَالصَّالِحِينَ آمين

ختام الْكتاب

انْتهى كَلَام سَيِّدي الْفَقِيه بِحُرُوفِهِ وَهَذَا آخر مَا يسر الله جمعه من التَّارِيخ الْمُخْتَصر الْجَامِع وَقد احتوى جرمه الصَّغِير على علم كثير ونكت مفيدة يحْتَاج إِلَيْهَا ذُو البصائر ويهتدي بهَا عِنْد الْوُقُوف هليها كل حائر وَذَلِكَ بقفضل الله وهدايته وَتَخْصِيص من معونته ورعايه وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ

قَالَ مُؤَلفه فسح الله فِي مدَّته وَقع الْفَرَاغ من تأليف هَذَا التَّارِيخ اللَّطِيف فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر ربيع الثَّانِي سنة اثنى عشر بعد الْألف باحمد أباد وَالْحَمْد لله حمداً يوافي نعمه ويكافيء مزيده وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم {دَعوَاهُم فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وتحيتهم فِيهَا سَلام وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين}

ص: 428