الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا مِنْهَا وَأما مُحَمَّد فَعَاشَ بعد وَالِده وَصَارَ مُتَوَلِّيًا قَضَاء تعز وَلما استولى الاروام على تعز لزموه وبعثوا بِهِ إِلَى مصر فَمَاتَ هُنَاكَ وَذَلِكَ فِي حُدُود السِّتين بعد التسْعمائَة
وفيهَا توفّي السُّلْطَان الْأَعْظَم مظفر شاه ابْن مَحْمُود شاه صَاحب كجرات وَكَانَ عادلاً فَاضلا محباً لأهل الْعلم وَكَانَ حسن الْخط وَكتب بِيَدِهِ جملَة مصاحف أرسل مِنْهَا مُصحفا إِلَى الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وَخرجت روحه وَهُوَ ساجد وَالظَّاهِر أَنه هُوَ الَّذِي وَفد عَلَيْهِ الشَّيْخ الْعَلامَة بحرق الْحَضْرَمِيّ وصنف بِسَبَبِهِ السِّيرَة النَّبَوِيَّة وَإِن كَانَ اسْم الْكتاب يشْعر بِغَيْر ذَلِك فَإِنَّهُ مَا كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان أحد مِمَّن ولي السلطنة اسْمه أَحْمد غَيره وَلم يزل عِنْده محللا مكرما إِلَى أَن مَاتَ
سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة
(933) هـ
وَفِي يَوْم الْأَحَد سَابِع شهر صفر سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ توفّي الْعَارِف بِاللَّه الرباني والقطب الصمداني شَافِعِيّ زَمَانه وجنيد أَوَانه ولي الله بالِاتِّفَاقِ وَشَيخ الْمَشَايِخ على الاطلاق الْمَشْهُور فِي الْآفَاق الشَّيْخ مُحَمَّد بن عَليّ بن عراق الْكِنَانِي الشَّافِعِي بِمَكَّة المشرفة زَادهَا الله شرفاً وتعظيما وَكَانَ وُصُوله من مَكَّة إِلَى مَدِينَة الْمُصْطَفى فِي شهر رَمَضَان من سنة اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ لاطفاء الْفِتْنَة الَّتِي اطفاها الله تَعَالَى بوصوله بَين الشريف أبي نمر بن بَرَكَات والأروام وأميرهم سُلَيْمَان وَمَعَهُمْ خير الدّين واظهارهم أَن نيتهم الْعَزْم على الفرنج فقتلا كِلَاهُمَا بِالْيمن وَكَانَ رضي الله عنه من كبار المشاريخ العارفين وَبَقِيَّة الصفوة من الْأَوْلِيَاء الْوَارِثين وَكَانَ من رجال الطَّرِيق ومشايخ التَّحْقِيق وخاتمة ذَوي الْعرْفَان وعمدة فِي تربية المريدين
وَمن كراماته أَنه كَانَ فِي يَوْم من الْأَيَّام جَالِسا تَحت شَجَرَة فَمر على خاطره قَول البوصيري فِي الْبردَة وراودته الْجبَال الشم من ذهب الْبَيْت وان ذَلِك قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى رُتْبَة النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ فَمَا استتمت بخاطري إِلَّا وَنظر إِلَى تِلْكَ الشَّجَرَة قد استحالت ذَهَبا فهالني ذَلِك وتضرعت إِلَى الله تَعَالَى حَتَّى عَادَتْ كَمَا كَانَت وَله نفع الله بِهِ عقيدة مختصرة وَهِي هَذِه
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد الله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله اللَّهُمَّ إِنَّا نوحدك وَلَا نحدك ونؤمن بك وَلَا نكيفك جلّ رَبنَا وَعلا تبارك وتعالى حَيَاته لَيْسَ لَهَا بداية فالبداية بِالْعدمِ مسبوقة قدرته لَيْسَ لَهَا نِهَايَة فالنهاية بالتحقيق ملحوقة إِرَادَته لَيْسَ بحادثة بالاضداد مطروقة سَمعه لَيْسَ بجارحة فالجارحة مخروقة بَصَره لَيْسَ بحدقة فالحدقة مشقوقة علمه لَيْسَ بكسبي فالكسبي بِالتَّأَمُّلِ وَالِاسْتِدْلَال بِعلم وَلَا بضروري فالضروري على الْإِرَادَة والالتزام تلْزم كَلَامه لَيْسَ بِصَوْت فالأصوات تُوجد وتعدم وَلَا بِحرف فالحروف تُؤخر وَتقدم ذَاته لَيْسَ بجوهر فالجوهر بالتحيز مَعْرُوف وَلَا بِعرْض فالعرض باستحالة الْبَقَاء مَوْصُوف وَلَا بجسم فالجسم بالحهات محفوف هُوَ الله الَّذِي لَا آله إِلَّا هُوَ الْملك القدوس على الْعَرْش اسْتَوَى من غير تمكن وَلَا جُلُوس لَا الْعَرْش لَهُ من قبل الْقَرار وَلَا الاسْتوَاء من جِهَة الِاسْتِقْرَار الْعَرْش لَهُ حد وَمِقْدَار الرب لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار الْعَرْش تكيفه خواطر الْعُقُول وتصفيه بِالْعرضِ والطول وَهُوَ مَعَ ذَلِك مَحْمُول وَالْقَدِيم لَا يحول وَلَا يَزُول الْعَرْش بِنَفسِهِ هُوَ الْمَكَان وَله جَوَانِب وأركان وَكَانَ الله وَلَا مَكَان وَهُوَ الان على مَا عَلَيْهِ كَانَ جلّ عَن التَّشْبِيه وَالتَّقْدِير والتكييف والتغيير والتأليف والتصوير لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد البشير النذير ونستغفر الله من كل تَقْصِير غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير انْتَهَت العقيدة وَشَرحهَا شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر الهتيمي وَله وَصِيَّة نافعة وَغير ذَلِك
وَمن أَوْلَاده الشَّيْخ الْعَلامَة الحبر الفهامة قدوة وقته فِي الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول والمعول عَلَيْهِ فِي الْفُرُوع وَالْأُصُول شيخ الْأَنَام بِطيبَة والنبوية ومرجع الْخَاص وَالْعَام بالحضرة المصطفوية الشَّيْخ عَليّ وَكَانَ من كبار أهل الْعلم وَله جملَة مصنفات مِنْهَا شرح على الْعباب فِي الْفِقْه إِلَّا أَنه لم يتم وَمِنْهَا تَنْزِيه الشَّرِيعَة عَن الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَهُوَ كتاب جليل عَظِيم الْفَائِدَة وَمِنْهَا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم فِي شرح بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَاخْتصرَ رحْلَة ابْن رشيد وَعمل تذكرة جمع فِيهَا فَوَائِد عديدة وَسُئِلَ عَن القهوة بِهَذِهِ الأبيات
…
أَيهَا السَّامِي لكلتا الذرتين
…
بجوار الْمُصْطَفى المروتين
…
.. والعلي الْقَدِير علما وَكَذَا
…
ذَا علا فَوق زين النيرين
…
من لَهُ فِي الزّهْد بَاعَ وَيَد
…
وَهُوَ فِي بذل الندى رحب الْيَدَيْنِ
…
افتني فِي قهوة قد ظلمت
…
حَيْثُمَا شِئْت تعاطيها بشين
…
من تله هالنا مهيعه
…
وافتراق للاقاويل ومين
…
ومراعاة أُمُور شاهدتها
…
فِي الحان كلتا المقلتين
…
وَحكى شرابها أهل الطلا
…
فالتداني بَين تين الفردني
…
أَو دعوا ذَا الطرس مَا يَرْجُو الْغنى
…
أَو دعوا فاليأس احدى الراحتين
…
فَأَجَابَهُ رحمه الله
…
أَيهَا لاسامي سمو الفرقدين
…
وَإِمَام الْعلم مفتي الْفرْقَتَيْنِ
…
يَا رَضِي الدّين يَا حبر الندى
…
من رجالكم رَاح مَمْلُوء الْيَدَيْنِ
…
جَاءَنِي مِنْكُم نظام قد حكى
…
فِي نصوع اللَّفْظ مسبوك اللجين
…
قلت فِيهِ إِن ذَا القهوة قد
…
خلطوها بتله وَيَمِين
…
وبمطعوم حرَام وغنى
…
وبرقص وبصفق الراحتين
…
وَطلبت الحكم فِيهَا بَعْدَمَا
…
قد رَأَيْتُمْ مَا ذكرْتُمْ رَأْي عين
…
فعلى ذِي الْأَمر إنمار الَّذِي
…
شابها حَتَّى يصفى دون رين
…
فَإِذا لم يتطعه دون أَن
…
يمْنَع الأَصْل فَفعل مِنْهُ زين
…
والتداني من حماها وَهِي فِي
…
وصفهَا الْمَذْكُور شين أَي شين
…
والصفا فِي شربهَا مَعَ فِئَة
…
اخلصوا التَّقْوَى وشدوا المئزرين
…
ثمَّ ناجوا رَبهم جنح الدجى بخشوع ودموع المقلتين
…
فابتداء الْأَمر فِيهَا هَكَذَا
…
قد حكوه عَن ولي دون مين
…
ذَا جوابي واعتقادي أَنه
…
فِي اعْتِدَال كاعتدال الكفتين
…
وَمن شعره أَيْضا
…
قَالُوا الْعَزِيز لَهُ صِفَات أَربع
…
بالقهر يَأْخُذ كل من يطَأ عَلَيْهِ
…
صَعب الْوُصُول لَهُ وَقل نَظِيره
…
واشتدت الْحَاجَات من كل إِلَيْهِ
…
من
…
ولربما صَاد الْعقَاب بكيده
…
من لَو ترَاهُ لخلته مكسالا
…
حَتَّى تحقق وَالْقَضَاء مساعداً
…
إِن الْعلَا مَا اعجزت محتالاً
…
صُورَة شَيْء من اجازة صَاحب الْعباب المزجد للشَّيْخ عَليّ بن عراق بعد أَبْيَات تَتَضَمَّن الْحَمد وَالصَّلَاة
…
وَبعد فَالْوَلَد العالي
…
فَتى مُحَمَّد بن عراق الْعَالم الْعلم
…
السالك الناسك المحي طَريقَة من
…
روى فأروى الورى من ورده الشيم
…
فَالله يبقيه فِي خير وعافية
…
من غير بَأْس وَلَا بؤس وَلَا نقم
…
أَرَادَ مني إجازات وَلست هُنَا
…
اني وَإِن كنت مَوْجُودا فكالعدم
…
انا المعيدي فاسمع بِي لَا تراني
…
نعم وَمَا السّمن المريء كالورم
…
وَقد علمت بِحسن الظَّن مِنْهُ بِمَا
…
دعى إِلَيْهِ بِأَمْر مِنْهُ منحتم
…
أجزته فِي عُلُوم الشَّرْع أجمعها
…
وَكلما لي من نثر ومنتظم
…
بِمَا لَهَا من أَسَانِيد مُطَوَّلَة
…
عَن الْمَشَايِخ أهل الْفضل والهمم
…
هَذَا نِهَايَة مَا استطيع جِئْت بِهِ
…
وَمن يقصر وَرَاء الْجهد لم يلم
…
وَالْحَمْد لله حمدا لَا نَفاذ لَهُ
…
على التواصل فِي بَدْء ومختم
…
ثمَّ الصَّلَاة على الْمُخْتَار من مُضر
…
مَا أومض الْبَرْق فِي محلولك الظُّلم
…
صُورَة صدر اجازة الشَّيْخ أبي الْقَاسِم بن اقبال للشَّيْخ عَليّ بن عراق الْحَمد لله الَّذِي جعل صُدُور الْعلمَاء مشكاة لمصابيح الْأَنْوَار وأمدها بِزَيْت من الْهِدَايَة والتوفقيق {يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار} وزين ظواهرهم بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقار وبواطنهم بمعارف عوارف الْأَسْرَار
وَفِي تذكرة الشَّيْخ عَليّ بن عراق ادم لما أهبط وأزل درنه وظفره وشعره خلق الله مِنْهُ النَّخْلَة فالخشب من الدَّرن والجريد من الظفر والليف من الشّعْر
وتاريخ وَفَاته لم أَقف عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي مَنَعَنِي من أَن أترجم لَهُ على حِدته رَحْمَة الله تَعَالَى وَمن أَوْلَاد الشَّيْخ مُحَمَّد بن عراق أَيْضا الشَّيْخ عبد النافع وَكَانَ عَالما فَاضلا فصيحاً بليغاً رَئِيسا كَبِيرا ذَا أدب وظرف وملح ولطف
وَحكي أَنه سُئِلَ عَن الشوي الَّذِي يصنعه الحضرميون الْمُسَمّى عِنْدهم المظبي أَتَقول بِهِ معنى يُعْجِبك فَقَالَ حَتَّى أذوقه فَلَمَّا ذاقه قَالَ نعم
أَقُول بِهِ قلت وعَلى ذكر الشوي الْمَذْكُور ذكرت بَيْتَيْنِ فِيهِ لصاحبنا الأديب جمال الدّين مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف مخدوم زَاده وهما
إِن الهباريش لَهَا لَذَّة
…
تفوق لذات الشوي والكباب
…
وَلَذَّة الوقصة لَهَا تنسها
…
وَهِي الَّتِي تنسيك شرخ الشَّبَاب
…
والحضارم يسمون مَا يشوى من سَواد الْبَطن وَنَحْوه الهباريش بِالْهَاءِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَبعدهَا ألف وَرَاء ثمَّ تحتيه وَآخره مُعْجمَة وَمن عَادَتهم انهم إِذا جَلَسُوا على أَكلَة يشرع أحدهم فِي قطع اللَّحْم فيدور فِيهِ على الْجَمَاعَة فَيدْفَع إِلَى أحدهم ويصنع بِالْآخرِ مثل ذَلِك وَمثله بِالْآخرِ إِلَى أَن تعود نوبَة الأول فيعطيه وَيسْتَمر كَذَلِك إِلَى أخر أكلهم ويسمون ذَلِك الْأكل على هَذِه الْكَيْفِيَّة الوقصة ويجدون لذَلِك لَذَّة عَظِيمَة لَا يعدلها لَذَّة أُخْرَى وَله أشعار رائقة وأخبار فائقة وَمن شعره وَفِيه التورية والإنسجام والتوجيه
يَا قائلين وَقَوْلِي حِين اذكرهم
…
كم هَكَذَا اغتدى فِي غربَة وفراق
…
لَو سَار ركب بعشاق الْهوى رملاً
…
نَحْو الْحجاز لما ذاق النَّوَى ابْن عراق
…
وَله أَيْضا
كل لَهُ ورد يكون وَسِيلَة
…
المعاشه ومعاذه ومعاده
…
وَجعلت وردي فِي الْخُرُوج عَن السوي
…
وأكون مَعَ مولَايَ تَحت مُرَاده
…
وَمِنْه
هَذِه القهوة هَذِه
…
لَيست الْمنْهِي عَنْهَا
…
كَيفَ تدعى بجرام
…
وَأَنا اشرب مِنْهَا
…
وَمِنْهَا
لشارب قهوة البن التغادي
…
فسر شرابها فِي الْكَوْن بَادِي
…
لَهَا عرف العنابر فِي الأيادي
…
ولون الْمسك تشرب بالزبادي
…
وَحكي أَنه كَانَ لَهُ أَخ يُسمى نعْمَان وَولد لَهُ ابْن من سَرِيَّة لَهُ حبشية
فَأَنْشد فِي ذَلِك
وَقد نلْت الْبَنِينَ من السراري
…
وأقربهم إِلَى روحي وجاشي
…
وليد لَا يزَال يَقُول عمي
…
هُوَ النُّعْمَان وَالْخَال النَّجَاشِيّ
…