الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوته بمجنة بَاب القرتب إِلَى جَانب وَالِده قَرِيبا من مشْهد الْفَقِيه أبي بكر الْحداد رحمهمَا الله تَعَالَى
وفيهَا اسْتمرّ دُعَاء الْخَطِيب على الْمِنْبَر وارتفع تضرعه فِي كشف مَا حل بِالنَّاسِ من الْحُبُوب الْمَعْرُوفَة بالنَّار الْفَارِسِي وَكَانَ قد كثر بِبِلَاد الْيمن وَزَاد وَذهب عَن النَّاس وَعَاد وَاسْتمرّ مَعَهم من أَوَائِل سنة سِتّ وَتِسْعمِائَة فَمَا بعْدهَا وحرجت مِنْهُ الصُّدُور وَضَاقَتْ النُّفُوس
سنة عشر التسْعمائَة
910 هـ
وَفِي يَوْم الْأَحَد سلخ الْمحرم سنة عشر توفّي السُّلْطَان الْعَادِل الْمَشْهُور بِأَفْعَال الْخَيْر واقامة الشَّرْع عبد الله بن جَعْفَر الكثيري بالشحر وَكَانَت سيرته فِي رَعيته سيرة حَسَنَة محمودة رحمه الله
وفيهَا حصل بِمَدِينَة زبيد زَلْزَلَة عَظِيمَة وزلزلت تِلْكَ اليلة مَدِينَة زيلع زلزالاً عَظِيما شَدِيدا أوقع بعض بيوتها وَخرج أهل الْبيُوت إِلَى السَّاحِل وَلم يرجِعوا إِلَى مَنَازِلهمْ إِلَّا صباحاً وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وفيهَا انقض كَوْكَب عَظِيم وَقت الْعشَاء من الْيمن فِي الشَّام عرض مَدِينَة زبيد وتشظى مِنْهُ شظايا عَظِيمَة ثمَّ حصلت بعده هزة عَظِيمَة وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وفيهَا وجد كنز ذهب بقرية هقده مَا بَين مدينتي عدن وموزع كَانَ بهَا مَسْجِد قد خرب فَأَرَادَ رجل تَجْدِيد عِمَارَته فَوجدَ الحفارون فِي الأساس كنز ذهب شخوصاً مَضْرُوبا عَلَيْهَا بسكة لَا تشبه سكَّة الْإِسْلَام الْوَزْن لكل شخص مِنْهَا ربع أُوقِيَّة كل أَرْبَعَة مِنْهُ أُوقِيَّة ذهب وَكَانَ قبل ذَلِك وجد أَيْضا بِمَدِينَة عدن كنز آخر فِي أساس مَسْجِد لكنه دون هَذَا
وفيهَا كَانَت الْوَاقِعَة الْمَشْهُورَة بَين بَين السُّلْطَان عَامر بن عبد الْوَهَّاب والأمير مُحَمَّد بن الْحُسَيْن البهال صَاحب صعده على بَاب صنعاء فَانْهَزَمَ فِيهَا البهال وعساكره هزيمَة عَظِيمَة مَا سمع بِمِثْلِهَا قطّ وَأسر فِيهَا إِمَام الزيدية مُحَمَّد بن عَليّ الوشلي إِمَام أهل الْبِدْعَة وَرَئِيسهمْ فِي جمع عَظِيم وَقتل مِنْهُم جمع لَا يُحْصى ونهبهم النَّاس وَكَانُوا يأْتونَ بهم وبخيلهم وَاحِدًا وأثنين وَأخذ السُّلْطَان عَامر مَدِينَة صنعاء
وَفِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر من شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام توفّي إِمَام الزيدية مُحَمَّد بن عَليّ الوشلي أَسِيرًا بِمَدِينَة صنعاء إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَصلي عَلَيْهِ بجامعها وَدفن بهَا رحمه الله
وَفِي ضحى يَوْم الْخَمِيس الْعشْرين من الشَّهْر الْمَذْكُور توفّي الْفَقِيه الصَّالح تَقِيّ الدّين عبد السَّلَام ابْن القَاضِي مُحَمَّد بن عبد السَّلَام النَّاشِرِيّ إِلَى رَحْمَة الله بِمَدِينَة زبيد وَصلي عَلَيْهِ بعد صَلَاة الْعَصْر بِمَسْجِد الاشاعر وَدفن إِلَى جنب قبر وَالِده رَحمَه الله تَعَالَى
سنة إِحْدَى عشرَة بعد التسْعمائَة 911 هـ
وَفِي يَوْم الْجُمُعَة وَقت الْعَصْر تَاسِع عشر جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى عشرَة توفّي الشَّيْخ الْعَلامَة الْحَافِظ أَبُو الْفضل جلال الدّين عبد الرَّحْمَن أبن كَمَال الدّين أَبُو بكر بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن خضر بن أَيُّوب بن مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ الْهمام الخضيري السُّيُوطِيّ الْمصْرِيّ الشَّافِعِي وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع الأفاريقي تَحت القلعة وَدفن بشرقي بَاب القرافة وَمرض ثَلَاثَة أَيَّام والخضيري نِسْبَة إِلَى محلّة الخضيرية بِبَغْدَاد وَوجد بِخَطِّهِ رحمه الله أَنه سمع مِمَّن يَثِق بِهِ أَنه سمع وَالِده يذكر أَن جده الْأَعْلَى كَانَ أعجمياً أَو من الْمشرق فَلَا يبعد أَن النِّسْبَة إِلَى الْمحلة الْمَذْكُورَة وَأمه أم ولد تركية
وَكَانَ مولده بعد الْمغرب لَيْلَة الْأَحَد مستهل رَجَب سنة تسع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَ يلقب بِابْن الْكتب لِأَن أَبَاهُ كَانَ من أهل الْعلم وَاحْتَاجَ إِلَى مطالعة كتاب فَأمر أمه أَن تَأتيه بِالْكتاب من بَين كتبه فَذَهَبت لتأتي بِهِ فَجَاءَهَا الْمَخَاض وَهِي بَين الْكتب فَوَضَعته
ثمَّ سَمَّاهُ وَالِده بعد الْأُسْبُوع عبد الرَّحْمَن ولقبه جلال الدّين وكناه شَيْخه قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْكِنَانِي لما عرض عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ مَا كنيتك فَقَالَ لَا كنيه لي فَقَالَ أَبُو الْفضل وَكتبه بِخَطِّهِ وَتُوفِّي وَالِده لَيْلَة الأثنين خَامِس صفر سنة خمس وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَجعل الشَّيْخ جمال كَمَال الدّين ابْن الْهمام وَصِيّا عَلَيْهِ فلحظه بنظره ودعايته وَختم الْقُرْآن وسنه دون ثَمَان سِنِين ثمَّ حفظ عُمْدَة الْأَحْكَام ومنهاج النَّوَوِيّ والفية ابْن مَالك ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ وعرضها وَهُوَ دون الْبلُوغ
على مَشَايِخ عصره واحضره وَالِده وعمره ثَلَاث سِنِين مجْلِس شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر مرّة وَاحِدَة وَحضر وَهُوَ صَغِير مجْلِس الشَّيْخ الْمُحدث زين الدّين رضوَان الْعُتْبِي ودرس الشَّيْخ سراج الدّين عمر الوردي ثمَّ اشْتغل بِالْعلمِ على عدَّة مَشَايِخ وَحج سنة تسعٍ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَشرب من مَاء زَمْزَم لأمور منهاا أَن يصل فِي الْفِقْه إِلَى رُتْبَة الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ وَفِي الحَدِيث إِلَى رُتْبَة الْحَافِظ ابْن حجر ووصلت مصنفاته نَحْو الستمائة مصنفاً سوى مَا رَجَعَ عَنهُ وغسله وَولي المشيخة فِي مَوَاضِع مُتعَدِّدَة من الْقَاهِرَة ثمَّ أَنه زهد فِي جَمِيع ذَلِك وَانْقطع إِلَى الله بالروضة وَكَانَت لَهُ كرامات وَعظم غالبها بعد وَفَاته
وَحكى الشَّيْخ الْعَلامَة زَكَرِيَّا بن الشَّيْخ الْعَلامَة مُحَمَّد الْمحلي الشَّافِعِي انه عرض لَهُ مُهِمّ فِي بعض أوقاته قَالَ فَسَأَلته أَن يكْتب إِلَى بعض تلامذته بِالْوَصِيَّةِ عَليّ فَامْتنعَ وأطلعني على ورقة بِخَطِّهِ وفيهَا أَنه اجْتمع بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْيَقَظَة مَرَّات تزيد على سبعين مرّة وَقَالَ لَهُ كلَاما حَاصله أَن من كَانَ بِهَذِهِ المثابة لَا يحْتَاج إِلَى مدد وأعانه من أحد رحمه الله
وَحكي عَنهُ أَنه قَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي بَين يَدي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكرت لَهُ كتابا شرعت فِي تأليفه فِي الحَدِيث وَهُوَ جمع الْجَوَامِع فَقلت لَهُ أَقرَأ عَلَيْكُم شَيْئا مِنْهُ فَقَالَ لي هَات يَا شيخ الحَدِيث قَالَ هَذِه الْبُشْرَى عِنْدِي أعظم من الدُّنْيَا بحذافيرها
وَمن تصانيفه الدّرّ المنثور فِي التَّفْسِير بالمأثور اثْنَي عشر مجلداً وتناسق الدّرّ فِي تناسب السُّور وحاشية على الْبَيْضَاوِيّ الى الأسراء والأزهار الفائحة على الْفَاتِحَة والمعاني الدقيقة فِي إِدْرَاك الْحَقِيقَة واتمام النِّعْمَة فِي اخْتِصَاص الْإِسْلَام بِهَذِهِ الْأمة والديباج على صَحِيح مُسلم ابْن الْحجَّاج وكشف الغطا فِي شرح الموطا وتنوير الحوالك على موطأ مَالك والبدور السافرة عَن أُمُور الْآخِرَة ونتيجة الْفِكر فِي الْجَهْر بِالذكر وتزيين الآرائك فِي إرْسَاله صلى الله عليه وسلم إِلَى الملائك ومسالك الحنفا فِي إِسْلَام وَالِدي الْمُصْطَفى وَنشر العلمين المنيفين فِي إحْيَاء الْأَبَوَيْنِ الشريفين وذم الْقَضَاء وذم زِيَارَة الْأُمَرَاء والتنفيس عَن ترك الافتاء والتدريس وَالْأَحَادِيث الحسان فِي فضل الطيلسان وطي اللِّسَان عَن ذمّ الطيلسان
والتضلع فِي معنى المتقنع وَعين الأصابة فِي مَا استدركته عَائِشَة على الصَّحَابَة والاحتفال بالأطفال وَمَا رَوَاهُ الأساطين فِي عدم الْمَجِيء إِلَى السلاطين والأوج فِي خبر عوج والوديك فِي الديك والطرثوث فِي فَوَائِد البرغوث وَله مُخْتَصر نِهَايَة ابْن الْأَثِير والينبوع فِيمَا زَاد على الرَّوْضَة من الْفُرُوع ومختصر الْخَادِم ومختصر الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة وَشرح الرَّوْض لِابْنِ الْمقري وَشرح التَّنْبِيه مُخْتَصر والبهجة المرضية فِي شرح الألفية ممزوج والمسائل الوفية فِي نكت الحاجبتين والألفية على منوال التَّحْرِير للشَّيْخ ولي الدّين الْعِرَاقِيّ على الْكتب الثَّلَاثَة فِي الْفِقْه جَامع لكل مَا يرد على عبارتها وَمَا ناقضوه فِي غَيرهَا من مصنفاتهم مَعَ مَا أمكن من الْجَواب
وَمن تصانيفه السَّيْف الصَّقِيل فِي نكت شرح الألفية لِابْنِ عقيل وَالْفَتْح الْقَرِيب على مغنى اللبيب وَجمع الْجَوَامِع فِي الْعَرَبيَّة وَشَرحه همع الهوامع والمرقاة الْعلية فِي شرح الْأَسْمَاء النَّبَوِيَّة وَشرح الشاطبية ممزوج ونظم جمع الْجَوَامِع فِي الْأُصُول وَشَرحه والطب النَّبَوِيّ وطبقات الْحفاظ وطبقات الشَّافِعِيَّة وطبقات النُّحَاة وانموذج اللبيب فِي خَصَائِص الحبيب والحجج المبينة فِي التَّفْضِيل بَين مَكَّة وَالْمَدينَة والإكليل فِي استنباط التَّنْزِيل وَفتح الآله فِي التَّفْصِيل بَين الطّواف وَالصَّلَاة والبارع فِي اقطاع الشَّارِع وكشف الصبابة فِي مَسْأَلَة الِاسْتِنَابَة وَحسن الْمَقْصد فِي عمل المولد وتشنيف الْأَركان فِي لَيْسَ فِي الامكان ابدع مِمَّا كَانَ وفجر الدياجي فِي الأحاجي ونزهة الجلساء فِي أشعار النِّسَاء وَشرح الصُّدُور بشرح أَحْوَال الْقُبُور وَله تَعْلِيق لطيف على البُخَارِيّ وَله غير ذَلِك لَكِن كثيرا من مؤلفاته هَذِه الْمَذْكُورَة صَغِيرَة وَبَعضهَا فِي كراس وكراسين وَمن شعره مضمناً لمصراع من الْبردَة وَهُوَ مِمَّا كتب بِهِ إِلَى الْحَافِظ السخاوي متحاملا ومعرضا بِهِ
…
قل السخاوي أَن تعروك مشكلة
…
علمي كبحر من الأمواج ملتطم
والحافظ الديمي غيث الزَّمَان فَخذ
…
غرفاً من الْبَحْر أورشفا من الديم
…
قَالَ بعض الْفُضَلَاء وَالْحق إِن كلا من الثَّلَاثَة كَانَ فَردا فِي فنه مَعَ الْمُشَاركَة فِي غَيره فالسخاوي تفرد بِمَعْرِِفَة علل الحَدِيث والديمي
بأسماء الرِّجَال والسيوطي بِحِفْظ الْمَتْن وَالله أعلم وَكَانَ بَينه وَبَين الْحَافِظ السخاوي منافرة كَمَا يكون بَين الأكابر
ذكر الْجلَال السُّيُوطِيّ فِي المقامة السندسية لَهُ عِنْد الْكَلَام على أَحيَاء أَبَوي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ وَهل تستبعد على من انجى الله بِهِ الثقلَيْن أَن يُنجي بِهِ الْأَبَوَيْنِ فَإِن استبعد هُوَ ذَلِك فَلَيْسَتْ الشدَّة عِنْدِي بأرجح من الرخَاء وَأَن استكثر ذَلِك فانه لبخيل حَيْثُ شح لأجمل الْأَمريْنِ وَهُوَ السخاء شعر
…
شيخ السخاوي بالانجاء يذكرهُ
…
عَن وَالِدي سيد الْأَبْنَاء والأمم
إِن عز إِن يبلغ الْبَحْر الخضم روى
…
بالتيه يَسْتَقِي من وابل الديم
…
وَله أَيْضا فِيمَا يسن قبُوله من الْأَشْيَاء
…
عَن الْمُصْطَفى سبع يسن قبُولهَا
…
إِذا مَا بهَا قد أتحف الْمَرْء خلان
فحلو وألبان ودهن وسَادَة
…
ورزق لمحتاج وَطيب وَرَيْحَان
…
وَله أَيْضا فِي من كَانَ يُفْتِي من الصَّحَابَة زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
…
وَقد كَانَ فِي عصر النَّبِي جمَاعَة
…
يقومُونَ بالافتاء قومة قَانِت
فَأَرْبَعَة أهل الْخلَافَة مِنْهُم
…
معَاذ أبي وَابْن عَوْف ابْن ثَابت
…
واسيوط مَدِينَة فِي غربي النّيل من نواحي الصَّعِيد فِي مستوى كَثِيرَة الْخيرَات اعجوبة المنتزهات وعجائب عماراتها وسورها مِمَّا لَا يذكر وَلما صورت الدُّنْيَا للرشيد لم يستحسن غير كورة اسيوط لِكَثْرَة مَا بهَا من الْخيرَات والمنتزهات وَمن عجائبها أَن بهَا يكش ألف فدان ينشر مَاؤُهَا فِي جَمِيعهَا لِاسْتِوَاء سطح أرْضهَا ويسير المَاء فِي أقطارها قَالَه الْقزْوِينِي
وفيهَا فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن عشر ذِي الْقعدَة توفّي عَالم الْمَدِينَة إِمَام الْقدْوَة والمتفنن الْحجَّة الشريف ذُو التصانيف الشهيرة نور الدّين أَبُو الْحسن عَليّ بن القَاضِي عفيف الدّين عبد الله بن أَحْمد بن أبي الْحسن عَليّ بن أبي الرّوح عِيسَى بن أبي عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن جلال الدّين أبي العلياء بن أبي الْفضل جَعْفَر بن عَليّ بن أبي
طَاهِر بن الْحسن بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن دَاوُد بن الْحسن 0 الْأَكْبَر بن عَليّ بن أبي طَالب الحسني وَيعرف بالسمهودي نزيل الْمَدِينَة الشَّرِيفَة وعالمها ومفتيها ومدرسها ومؤرخها تَرْجَمَة الحافظان الْمعز ابْن فَهد وَالشَّمْس السخاوي
وسَاق أَولهمَا نسبه كَمَا ذكرته وَقَالا مَا مُخْتَصره انه ولد فِي صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بسمهود وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن والمنهاج الفرعي وكتباً ولازم وَالِده حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاج بِجَامِع شَرحه للجلال الْمحلي وَشَرحه الْبَهْجَة نصفه سَمَاعا وَجمع الْجَوَامِع وغالب الفية ابْن مَالك وَسمع عَلَيْهِ بعض كتب الحَدِيث وَقدم الْقَاهِرَة مَعَه وبمفرده غير مرّة أَولهَا سنة ثَلَاث وَخمسين ولازم أَولا الشَّمْس الْجَوْجَرِيّ فِي الْفِقْه وأصوله والعربية قَرَأَ على الْجلَال الْمحلي بعض شرحيه على الْمِنْهَاج وَجمع الْجَوَامِع وَسَمَاع دروسه من الرَّوْضَة بالمؤيدية وَأكْثر من مُلَازمَة الشّرف الْمَنَاوِيّ وَقسم عَلَيْهِ الْمِنْهَاج مرَّتَيْنِ والتنبيه وَالْحَاوِي والبهجة وجانباً من شرحهما وَشرح الْجَوَامِع كِلَاهُمَا لشيخه الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ وَغَيرهمَا من مؤلفاته وَجُمْلَة فِي فنون وَألبسهُ خرقَة التصوف وَقَرَأَ على النَّجْم ابْن قَاضِي عجلون تَصْحِيحه للمنهاج وعَلى الشَّمْس الباهي تقاسم الْمِنْهَاج وَغَيره وعَلى الشَّيْخ زَكَرِيَّا فِي الْفِقْه والفرائض وعَلى الشَّمْس الشرواني فِي شرح عقائد النَّسَفِيّ وغالب الطوالع للاصبهاني وَسمع عَلَيْهِ الآلهيات وَقطعَة من الْكَشَّاف وَمن الْمُخْتَصر والمطول وللعضدي وَشرح الْمِنْهَاج اللأصلي للعزى وَغير ذَلِك
وَحضر عِنْد الْعلم البُلْقِينِيّ وَكَذَا الْكَمَال إِمَام الكمالية وَألبسهُ الْخِرْقَة ولقنه الذّكر وَقَرَأَ عُمْدَة الْأَحْكَام بحثا على الديري وَأذن لَهُ فِي التدريس والبامي والجوجري فِيهِ وَفِي الْإِفْتَاء الشهَاب السارحي بعد امتحانه بمسائل وَفِيه أَيْضا زَكَرِيَّا والمحلي والمناوي وَعظم اخْتِصَاصه بالاخيرين وتزايد مَعَ الْمَنَاوِيّ وَقَررهُ فِي عدَّة وظائف وَعرض عَلَيْهِ النِّيَابَة فاباها مَعَ قَضَاء بَلَده وَأمر نوابها وَكَانَ يتَوَجَّه لزيارة أَهله أَحْيَانًا
قَالَ السخاوي وَسمع مني مصنفي الابتهاج وَغَيره وَكَانَ على خير كثير وقطن بِالْمَدِينَةِ من سنة ثَلَاث وَسبعين ولازم فِيهَا الشهَاب الابشيطي وَحضر درسه فِي الْمِنْهَاج وجانبا من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَشرح الْبَهْجَة للعراقي والتوشيح لِابْنِ هِشَام بل قَرَأَ عَلَيْهِ تصانيفه وَأذن لَهُ فِي التدريس وَأكْثر من السماع هُنَاكَ على أبي الْفرج المراغي وَقَرَأَ على عبد الله بن صَالح وَألبسهُ خرقَة التصوف بلباسه من عمر العرابي وَكَانَ سمع بِمَكَّة على كمالية بنت النَّجْم الْمرْجَانِي وشقيقها الْكَمَال أبي الْفضل والنجم عمر بن فَهد فِي آخَرين وبالقاهرة على جمَاعَة سوى من تقدم
وَأَجَازَ لَهُ جمَاعَة وَالْتمس من النَّجْم عمر بن فَهد تَخْرِيج مشيخة لَهُ ففعلها وعظمه فِي خطبتها وَمَات قبل اكمالها فتممها وَلَده الْعِزّ عبد الْعَزِيز وبيضها لَهُ وَحدث بِمَا فِيهَا وانتفع بِهِ جمَاعَة من الطّلبَة فِي الْحَرَمَيْنِ وَألف عدَّة تآليف مِنْهَا جَوَاهِر الْعقْدَيْنِ فِي فضل الشريفين وأقتفاء الوفا بأخبار دَار الْمُصْطَفى احْتَرَقَ قبل اكماله ومختصر خُلَاصَة الوفا لما يجب لحضرة الْمُصْطَفى فِي تنظيف الْحُجْرَة من الْحَرِيق وَغَيرهَا فِي مسَائِل وَاقعَة فِيهَا وحاشية على الايضاح فِي مَنَاسِك الْحَج للامام النَّوَوِيّ وسماها الافصاح وَكَذَا على الرَّوْضَة أَيْضا سَمَّاهَا امنية المقتنين بروضة الطالبين وصل فِيهَا إِلَى بَاب الرِّبَا وَجمع فَتَاوِيهِ فِي مُجَلد وَهِي مفيدة جدا وَحصل كتبا نفيسة احترقت جَمِيعهَا وَهُوَ بِمَكَّة فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ
وسافر فِي موسمها بِالْقَاهِرَةِ فلقي سلطانها الْأَشْرَف قايتباي فَأحْسن إِلَيْهِ بمرتب على الذَّخِيرَة وَغَيره واوقف كتبا بِالْمَدِينَةِ وَجعله ناظرها وزار بَيت الْمُقَدّس وَعَاد للمدينة مستوطناً وَتزَوج بهَا عدَّة زَوْجَات ثمَّ اقْتصر على السراري وَملك الدّور وعمرها
قَالَ السخاوي قل أَن يكون أحد من أَهلهَا لم يقْرَأ عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي النّظر على الْجمع بمدرسة الْأَشْرَف وَمَا بِهِ من الْكتب فِي مصارف الْمدرسَة المزهرية مَعَ الصّرْف من الصَّدقَات كالقضاة وتقرر فِي التدريس مَعَ مَا رتبه لَهُ ملك الرّوم وانقاد لَهُ أَمِير دَاوُد بن عمر فِي صدقاته حِين
حج وَبعدهَا وَكَذَا ابْن خير وَغَيرهَا لما تقرر عِنْدهم من علمه وتدينه مَعَ التكسب بِالْبيعِ وَالشِّرَاء والمعاملة
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ فَاضل متفنن متميز فِي الْأَصْلَيْنِ وَالْفِقْه مديم الْعلم وَالْجمع والتأليف مُتَوَجّه للعباد بالمباحثة والمناظرة قوي الجلادة طلق الْعبارَة مَعَ قُوَّة تفنن وَرُبمَا أَدَّاهُ الْبَحْث إِلَى محاسنة مَعَ المبحوث مَعَه وعَلى كل حَال فَهُوَ فريد فِي مَجْمُوعه وَمن شعره
…
تحكم الْحبّ مني كَيفَ أكتمه
…
أم كَيفَ أُخْفِي الْهوى والدمع يظهره
أَهْوى لقاؤه ويهوى سَيِّدي تلفي
…
مَا كل مَا يتَمَنَّى الْمَرْء يُدْرِكهُ
…
وفيهَا فِي عَشِيَّة الْجُمُعَة عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة توفّي الْفَقِيه أَحْمد بن الْعَلامَة الْفَقِيه عبد الله بن أَحْمد أَبَا محزمة وَكَانَت ولَايَته بعدن وَقت طُلُوع الْفجْر يَوْم الْأَرْبَعَاء أول يَوْم من صفر سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَأخذ عَن وَالِده وبرع فِي الْفِقْه وَغَيره من الْعُلُوم وَلَا سِيمَا فِي الْفَرَائِض والحساب وَأَنه لم يكن لَهُ فيهمَا نَظِير حَتَّى أَن وَالِده مَعَ تمكنه فِي هذَيْن الفنين كَانَ يَقُول هُوَ أمهر مني فيهمَا وَكَانَ يحفظ جَامع المختصرات فِي الْفِقْه وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الْأَئِمَّة الْأَعْيَان الْفَقِيه الْعَلامَة مُحَمَّد بن عمر أَبَا قضام وانتفع بِهِ كثيرا
وفيهَا حصلت بِمَدِينَة زبيد وَسَائِر جهاتها ريح شَدِيدَة واقتلعت أشجاراً كَثِيرَة وكسرتها وهدمت بعض الْبيُوت بزبيد وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
وَفِي سحر لَيْلَة السبت الثَّامِن وَالْعِشْرين من شهر ربيع الْأُخَر توفّي الشَّيْخ الصَّالح نجم الدّين طَلْحَة الْعَبَّاس الهتار بِمَدِينَة زبيد وَدفن بعد عصر ذَلِك الْيَوْم بقبة جده طَلْحَة بن عِيسَى الهتار وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم حَضَره الْأَمِير وَالْقَاضِي وَغَيرهم رحمه الله ونفع بِهِ
وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء من شهر رَجَب توفّي الشَّيْخ الصَّالح عفيف الدّين عُثْمَان بن أبي الْقَاسِم بن أبي الْأَفْلَح بقرية الزبيد وَدفن بهَا رَحْمَة الله تَعَالَى
وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث عشر من شهر ذِي الْقعدَة الْحَرَام توفّي الْفَقِيه الصَّالح إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عَليّ حداد صَاحب الدراع من بِلَاد