الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع بعد التسْعمائَة
907 هـ
وَفِي سنة سبع توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة الصَّالح مُحَمَّد بن الْفَقِيه عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الْحَاج أَبَا فضل الْحَضْرَمِيّ بالشحر وفيهَا لاربع خلت من شهر ربيع الثَّانِي توفّي الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة الْوَلِيّ الصَّالح الْوَرع الزَّاهِد بَقِيَّة السّلف وعمدة الْخلف القَاضِي الْفَقِيه عبد الله بن مُحَمَّد بن حسن بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن عسين الشَّافِعِي بالشحر وَدفن فِي تربة الشَّيْخ فضل وحزن النَّاس بفقده وتأسفوا عَلَيْهِ كثيرا
نَشأ من صغره فِي الطَّاعَة وَالْعِبَادَة وَظَهَرت عَلَيْهِ من حِينَئِذٍ لوائح السَّعَادَة وأشتغل بِالْعلمِ فبرع وسلك طرق التدقيق فلحق من قبله وَفَاتَ من بعده وتصدر فِي الشحر للْفَتْوَى والتدريس وَتخرج بِهِ الطّلبَة وأنتفعوا بِهِ كثيرا وَكَانَ سيدا شرِيف النَّفس كَرِيمًا سخياً مفضالا وصُولا للطلبة كثير الْإِحْسَان إِلَيْهِم وَكَانَ يجْتَهد فِي جمعهم وترغيبهم للطلب وَيسْعَى لَهُم فِي الرزق بإذلا لَهُم نَفسه حسن التَّعْلِيم لين الْجَانِب فِي غَايَة التَّوَاضُع وَكَانَ متقشفاً فِي ملبسه طارحا للتكلف آمُر بِالْمَعْرُوفِ ناهياً عَن الْمُنكر يُنكر على الْمُلُوك والأمراء فَمن دونهم ساعياً فِي قَضَاء حوائج الْمُسلمين وَلَا يتَأَخَّر برد من رده وَلَا يكون ذَلِك منفراً لَهُ عَن الْعود إِلَى الشَّفَاعَة مرّة أُخْرَى
وَمن فضائله الْمَشْهُورَة ومناقبه الْمَذْكُورَة سَعْيه فِي إِخْرَاج وقف الْجَامِع الَّذِي على الْمدرس والمدرسة وَغَيرهم من يَد الدولة بعد أَن أستولوا عَلَيْهِ مُدَّة وَكَاد أَن ينطمس ويندرس وَمن ذَلِك أَنه كَانَ السَّبَب فِي وُصُول الْفَقِيه الْعَلامَة عفيف الدّين عبد الله بن الْحَاج فضل إِلَى الشحر وترتيبه مدرساً فِي الْجَامِع وأنتفاع النَّاس بِهِ
وَبِالْجُمْلَةِ ففضائله ومناقبه أَكثر من أَن تحصر وَكَانَ رحمه الله يعلم الصّبيان الْقُرْآن وَحفظ الْقُرْآن عَلَيْهِ خلق كثير وَكَانَ ينْسَخ الْمَصَاحِف ويجتهد فِي ضَبطهَا وَتَصْحِيح رسمها وَكتب نَحْو خمسين مُصحفا
وَحكي أَنه كَانَ لَا يَأْكُل إِلَّا من كسب يَده وَكَانَ حسن الْخط
وَأهل تِلْكَ الْجِهَة يضْربُونَ بِخَطِّهِ الْمثل وَكَانَ مَعَ هَذَا كُله مُتَوَلِّيًا الْقَضَاء بالشحر وَكَانَ من قُضَاة الْعدْل المشكورين وأئمة الْفضل الْمَشْهُورين وأشتهر ذكره وطار صيته وَضربت بِهِ الْأَمْثَال وَلم يكن يَأْخُذ لنَفسِهِ من مَعْلُوم الْقَضَاء شَيْئا بل كَانَ يخص بعض المحتاجين من الْفُقَهَاء والدرسة وَلم يزل فِي جَمِيع مُدَّة ولَايَته الْقَضَاء وَغَيرهَا مستمراً على جَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ عَنهُ من تَعْلِيم وَنسخ الْمَصَاحِف وَالسَّعْي فِي حوائج الْمُسلمين والشفاعات لَهُم إِلَى الْمُلُوك فَمن دونهم وَالْقِيَام بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَعدم المداهنة والمراعاة فِي الْأَحْكَام والأغلاظ للظلمة وَعدم الاحتفال بِأَهْل الدُّنْيَا وارباب الجاهات والمناصب والتقشف فِي الملبس حَتَّى أَنه كَانَ يعصر المداد بعمامته وَقد لَا يكون لَهُ إِلَّا ثوب وَاحِد يتزر بِبَعْضِه وَيجْعَل بعضه على عَاتِقه وَيَمْشي كَذَلِك فِي الْأَسْوَاق وَغَيرهَا غير مكترث بِأحد وَلَا مستحي من أحد
وَقَضيته مَعَ السُّلْطَان عبد الله بن جَعْفَر الكثيري صَاحب الشحر مَشْهُورَة وَذَلِكَ أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور أشترى حصاناً من بعض النَّاس ثمَّ بعد ذَلِك أَرَادَ رده وأدعى فِيهِ عَيْبا وأمتنع من تَسْلِيم الثّمن للْبَائِع فاشتكى عَلَيْهِ إِلَى القَاضِي الْمَذْكُور فَكتب إِلَيْهِ أَن أحضر إِلَى الشَّرْع الشريف وَلم يراع السُّلْطَان وَلَا تساهل لأَجله وَلَا حاباه بِكَلِمَة وَاحِدَة وَللَّه دره وَلَقَد أبقى فخراً وغنم أجرا وأمتطى ذرْوَة ورقى فَوق أوج الافلاك شعر
…
هَيْهَات أَن يَأْتِي الزَّمَان بِمثلِهِ
…
إِن الزَّمَان بِمثلِهِ لَا يسمح
…
وَكَانَت آيَة فِي الْعلم وَالْفِقْه وَيَكْفِي فِي ذَلِك أَنه أختلف هُوَ والفقيه الإِمَام مُحَمَّد ابْن عمر بحرق فِي مَسْأَلَة فِي الْفِقْه وَطَالَ النزاع بَينهمَا حَتَّى أشتهر بَين النَّاس فجَاء صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى الْفَقِيه بحرق وَمَعَهُ كتاب الرَّوْضَة للنووي فاوقفه على الْمَسْأَلَة فَرجع إِلَى قَوْله ثمَّ ان الْفَقِيه بحرق صعد الْمِنْبَر وخطب وَقَالَ أَلا أَن الْمَسْأَلَة الَّتِي أختلفت فِيهَا أَنا وَالْقَاضِي ابْن عبسين وجدت الْحق فِيهَا مَعَه وَلَا يخفى مَا فِي هَذِه الْحِكَايَة من المنقبة الْعَظِيمَة لَهُ الَّتِي تشهد بغزارة علمه وَكَثْرَة اطِّلَاعه وفيهَا مَا يدل على تواضع الْفَقِيه بحرق وأنصافه من نَفسه وأعترافه بِالْحَقِّ ورجوعه إِلَيْهِ وَهَذَا عَزِيز
إِلَّا على من وَفقه الله تَعَالَى وَعَصَمَهُ من الْهوى ورزقه الأخلاص فِي الْعلم وَالله درهما وَهَكَذَا فلتكن العزائم وَهَذِه وَالله هِيَ المناقب ولمثلها فليعمل الْعَامِلُونَ وفيهَا فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ
وفيهَا فِي أَوَائِل شهر رَجَب توفّي القَاضِي عفيف الدّين عبد الله ابْن أبي الْفضل ظهيرة بِمَكَّة المشرفة رَحمَه الله تَعَالَى
وَفِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ توفّي الْعَلامَة جمال الدّين أَبُو المكارم ابْن الرَّافِعِيّ ابْن ظهيرة بِمَكَّة المشرفة أَيْضا رحمه الله
وَفِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعشْرُونَ مِنْهُ توفّي الْفَقِيه الْمقري الصَّالح المعمر جمال الدّين مُحَمَّد بن أبي بكر بن بدير عَن تسعين سنة ممتعاً بسمعه وبصره وعقله وَكَانَت اليه النِّهَايَة فِي علم الْقرَاءَات السَّبع رَحمَه الله تَعَالَى
وَفِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء الثَّامِن عشر من شهر شَوَّال توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة جمال الدّين مُحَمَّد بن عَليّ الطّيب أَمَام مقَام الْحَنَفِيَّة بِجَامِع زبيد وَصلي عَلَيْهِ بالجامع الْمَذْكُور بعد صَلَاة الصُّبْح وَدفن إِلَى جنب أَبِيه وأخيه بمقبرة بَاب سِهَام رَحمَه الله تَعَالَى
وَفِي آخر يَوْم الْخَمِيس التَّاسِع عشر من الشَّهْر الْمَذْكُور توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو بكر بن عبد الله قعيس الشَّافِعِي وَصلي عَلَيْهِ بالجامع بزبيد بعد صَلَاة الصُّبْح وَدفن بتربة الشَّيْخ أَحْمد المزجاجي رحمه الله ونفع بِهِ
وَفِي صبح يَوْم الْجُمُعَة الْخَامِس من شهر ذِي الْحجَّة الْحَرَام توفّي الْفَقِيه النبيه الصَّالح المعمر عفيف الدّين عبد الْعَلِيم بن أبي الْقَاسِم بن عُثْمَان أقبال القربتي الْحَنَفِيّ بِمَدِينَة زبيد وَصلي عَلَيْهِ بالجامع بعد صَلَاة الْجُمُعَة وَدفن بمجنة بَاب القرتب غربي مشْهد الْفَقِيه أبي بكر الْحداد نفع الله بهما وَكَانَ لَهُ مشْهد عَظِيم ومولده فِي سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة رحمه الله ونفع بِهِ
…
وَفِي الشَّهْر الْمَذْكُور كتب الشريف بَرَكَات إِلَى واليه بِجَزِيرَة القنفدة يَأْمُرهُ بتغريق القَاضِي أبي السُّعُود وَأَن لَا يُرَاجِعهُ فِي ذَلِك فَأخْرجهُ من