المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة خمس وعشرين بعد التسعمائة - النور السافر عن أخبار القرن العاشر

[العيدروس]

فهرس الكتاب

- ‌سنة أثنين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع بعد التسْعمائَة

- ‌سنة عشر التسْعمائَة

- ‌سنة أثنتي عشرَة بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خَمْسَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتَّة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سَبْعَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَانِيَة عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع عشر بعد التسْعمائَة

- ‌سنة الْعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَعشْرين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أثنين وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَثَلَاثِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَرْبَعِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة)

- ‌سنة خمس وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَأَرْبَعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَخمسين بعد التعسعمائة

- ‌سنة خمس وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَخمسين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاث وستي بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة خمس وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَانِيَة وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَسِتِّينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة احدى وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَسبعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة أَربع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سِتّ وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة سبع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَثَمَانِينَ بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة إِحْدَى وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة اثْنَيْنِ وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة ثَلَاثَة وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

- ‌سنة تسع وَتِسْعين بعد التسْعمائَة

الفصل: ‌سنة خمس وعشرين بعد التسعمائة

المنقطعة وَهُوَ اجرى التلاج إِلَى مَدِينَة عدن من أَمَاكِن بعيدَة وانفق فِي ذَلِك أَمْوَالًا عديدة وَله من أَعمال الْبر مَا لَا يُحْصى كَثْرَة ضاعف الله تَعَالَى لَهُ الثَّوَاب وَأحسن لَهُ الْمرجع والمآب وَكَانَت مُدَّة ملكه إِلَى انْقِضَاء دولته تسعا وَعشْرين سنة إِلَّا أَيَّامًا وللعلامة الديبع رحمه الله فِيهِ

اخلاي ضَاعَ الدّين من بعد عَامر

وَبعد أَخِيه عَاد النَّاس فِي النَّاس

فمذ فقدا وَالله وَالله اننا

من الْأَمْن والسلوان فِي غَايَة الياس

وَله فِيهِ

تحطم من ركن الصّلاح مشيده

وقوض من بُنْيَانه كل عَامر

فَمَا من صَلَاح فِيهِ بعد صَلَاحه

وَلَا عَامر وَالله من بعد عَامر

سنة أَربع وَعشْرين بعد التسْعمائَة 924 هـ

وَفِي سنة أَربع وَعشْرين توفّي الشريف الْفَاضِل الْعَالم الْعَامِل مُحَمَّد ابْن علوي بن الْفَقِيه الصَّالح الْوَلِيّ مُحَمَّد بن عَليّ صَاحب عيديد اشْتغل بِالْعلمِ حَتَّى برع فِيهِ تفقه بالفقيه أَحْمد بن يحيى رشيد بعدن وَنقل كتاب الارشاد للمقري وَسمع البُخَارِيّ على غَيره وَكَانَ جيد الْفَهم وَكَانَ شَيْخه الشَّيْخ القطب عبد الرَّحْمَن بن عَليّ نفعنا الله ببركاته يثنى عَلَيْهِ وَيَقُول اسْتَفَدْت مِنْهُ حَال قِرَاءَته عَليّ أَشْيَاء وَكَانَ على قدم من الصّلاح والزهد والخمول كثير التِّلَاوَة لكتاب الله تَعَالَى وَكَانَت وَفَاته بعدن رَحمَه الله تَعَالَى وجده الْفَقِيه مُحَمَّد بن عَليّ صَاحب عيديد نفعنا الله ببركاته من كبار الْأَوْلِيَاء وَعَمه الشريف الصَّالح الْعَالم عبد الله وَهُوَ الَّذِي جمع كَلَام الاستاذ الْأَعْظَم الشَّيْخ عبد الله العيدروس فِي كتاب فَلهُ بذلك علينا الْمِنَّة معاشر الْأَصْحَاب

وفيهَا مَاتَ السُّلْطَان سليم سُلْطَان الرّوم وَتَوَلَّى بعده وَلَده السُّلْطَان سُلَيْمَان وَفِي أَيَّامه زَالَ ملك الجراكسة وَاعْتِبَار خلفاء بني الْعَبَّاس فسبحان من لَا يَزُول ملكه

‌سنة خمس وَعشْرين بعد التسْعمائَة

925 هـ

وَفِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع ذِي الْحجَّة سنة خمس وَعشْرين توفّي الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة زين الدّين زَكَرِيَّا بن مُحَمَّد بن

ص: 111

أَحْمد بن زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ السنيكي ثمَّ القاهري الْأَزْهَرِي الشَّافِعِي بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بالقرافة بِالْقربِ من الإِمَام الشَّافِعِي وحزن النَّاس عَلَيْهِ كثيرا لمحاسنه الْكَثِيرَة واوصافه الشهيرة ورثاه جمَاعَة من تلامذته بعدة مراثي مطولات وَكَانَ مولده فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة بسنيكه من الشرقية وَنَشَأ بهَا وَحفظ الْقُرْآن عِنْد الفقيهين مُحَمَّد بن ربيع والبرهان الفاقوسي البلبيسي وعمدة الْأَحْكَام وَبَعض مُخْتَصر التبريزى فِي الْفِقْه ثمَّ تحول إِلَى الْقَاهِرَة فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين فقطن جَامع الْأَزْهَر واكمل حفظ الْمُخْتَصر ثمَّ حفظ الْمِنْهَاج الفرعي والألفية النحوية والشاطبية والرائية وَبَعض الْمِنْهَاج الْأَصْلِيّ وَنَحْو النّصْف من ألفية حَدِيث وَمن التسهيل إِلَى كَاد وَبَعض ذَلِك بعد هَذَا الأوان وَأقَام بعد مجيئة الْقَاهِرَة بهَا يَسِيرا ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده ثمَّ رَجَعَ ودوام الأشتغال وجد فِيهِ فَكَانَ مِمَّن أَخذ عَنْهُم الْفِقْه القاياتي وَالْعلم البُلْقِينِيّ أَخذ عَنْهُمَا بِقِرَاءَة شرح الْبَهْجَة مُلَفقًا بل وَأخذ عَنْهُمَا فِي الْفِقْه غير ذَلِك والشرف السنيكي والشموس الوفاي والحجازي والبدرشي والشهاب ابْن المجدي والبدر النسابة والزين البوشنجي وبل وَعَن شيخ الْإِسْلَام ابْن حجر والزين رضوَان فِي آخَرين وَحضر دروس الشّرف الْمَنَاوِيّ وَغَيره وأصول فقه القاياتي والمحيوي الكافياجي قَرَأَ عَلَيْهِمَا الْعَضُد مُلَفقًا والعز عبد السَّلَام الْبَغْدَادِيّ والكمال نزيل زَاوِيَة الشَّيْخ نصر الله قَرَأَ عَلَيْهِ العبري شرح الطوالع للآمدى وَغَيرهم

وَعَن كل مشايخه فِي أصُول الدّين أَخذ النَّحْو بل وَأَخذه أَيْضا عَن ابْن المجدي وَابْن الْهمام والشمني وَالصرْف عَن الْعِزّ عبد السَّلَام والشرواني وَكَذَا عَن مُحَمَّد بن حمد الكيلاني قَرَأَ عَلَيْهِ شرح تصريف الْعزي للتفتاز اني وَطَائِفَة والمعاني وَالْبَيَان والبديع عَن القاياتي أَخذ عَنهُ المطول مَا بَين قِرَاءَة وَسَمَاع وَالشَّمْس البُخَارِيّ الْمَذْكُور فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْمُخْتَصر والكافياجي والشرواني وَعَن مَا عداهُ أَخذ الْمنطق وَكَذَا عَن ابْن الْهمام والآمدي والزين جَعْفَر نزيل المؤيدية قَرَأَ عَلَيْهِ شرح الشمسية وغالب حَاشِيَة السَّيِّد الْجِرْجَانِيّ والتقي الحصني أَخذ عَنهُ ظنا القطبي وحاشيته أَخذ عَن القاياتي فِي اللُّغَة كَذَا أَخذ عَنهُ وَعَن الكافياجي وَشَيخ الْإِسْلَام الْحَافِظ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي فِي التَّفْسِير أَخذ علم الْهَيْئَة والهندسة والميقات

ص: 112

والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وَغَيرهَا عَن ابْن المجدي وقرا عَلَيْهِ من تصانيفه أشباه الْفَرَائِض والحساب أَيْضا عَن الشَّمْس الْحِجَازِي والبوشنجي كَذَا عَن أبي الْجُود اللَّيْثِيّ الْمَجْمُوع والفصول الْحكمِيَّة عَن الشرواني وجعفر الْمَذْكُور الطِّبّ عَن الشّرف بن الخشاب الْعرُوض عَن السراج الورودي علم الْحَرْف عَن مُحَمَّد بن قرقماز الْحَنَفِيّ التصوف عَن جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عبد الله الغمري والشهاب أَحْمد الأذكاوي وَمُحَمّد الغومي وَكِلَاهُمَا من أَصْحَاب أبي إِسْحَاق الأذكاوي عَن السراج عمر البُلْقِينِيّ والزين عبد الرَّحْمَن الخليلي وتلقن مِنْهُم وَمن الْفَقِيه أَحْمد بن الْفَقِيه عَليّ بن مُحَمَّد بن حميد الدمياطي عرف بالزلباني الذّكر تلى بالسبع على كل من النُّور البُلْقِينِيّ أَمَام الْأَزْهَر والزين الرضْوَان والشهاب القلقيلي الكسندراني بعد تدريسه فِي ذَلِك لبَعض طلبتهم وبالثلاث الزَّائِدَة عَلَيْهَا مِمَّا تضمنته مصنفات ابْن الْجَزرِي فِي النشر والتقريب والطيبية على الزين ظَاهر الْمَالِكِي بالعشر لَكِن إِلَى المفلحون فَقَط عَن الزين ابْن عَيَّاش الْمَكِّيّ أَخذ رسوم الْخط وَعَن الزين رضوَان سمع عَلَيْهِ فِي الْبَحْث من شرح الشاطبية للجعبري وَحمل عَنهُ كتبا جمة فِي الْقرَاءَات والْحَدِيث وَغَيرهمَا كجملة من شرح الفية الحَدِيث للعراقي عَن أبن الْهمام أَخذ هَذَا الشَّرْح بِتَمَامِهِ سَمَاعا وَبَعضه قِرَاءَة وَعَن القاياتي بعضه أَخذ عَن شَيخنَا الْكثير مِنْهُ وَمن ابْن الصّلاح وَجَمِيع شرح النخبة لَهُ

وقرا عَلَيْهِ والسيرة النَّبَوِيَّة لِأَبْنِ سيد النَّاس ومعظم السّنَن لِأَبْنِ ماجة وَأَشْيَاء غَيرهَا وَسمع فِي صَحِيح مُسلم عَن الزين الزَّرْكَشِيّ كَذَا سمع على الْعِزّ ابْن الْفُرَات الْبَعْث لِأَبْنِ أبي دَاوُد وَغَيره على سارة ابْنه ابْن جمَاعَة فِي المعجم الْكَبِير للطبراني بقرائتي وعَلى الْبُرْهَان الصَّالِحِي والرشيدي وَكثير مِمَّن تقدم كالزين رضوَان واشتدت عنايته بملازمته لَهُ فِي ذَلِك حَتَّى قَرَأَ عَلَيْهِ مُسلم وَالنَّسَائِيّ والبوشنجي والبلقيني وبمكة سنة خمسين حِين حج على الشّرف أبي الْفَتْح المراغي والتقي ابْن فَهد والقاضيين أبي الْيمن النويري وَأبي السعادات أبن ظهيره فِي آخَرين بِالْقَاهِرَةِ وَغَيرهَا كتب لَهُ أَسَانِيد فِي جُزْء وَأَجَازَ لَهُ فِي ذَلِك بعض من ذكر من جَمِيع شُيُوخه فِي

ص: 113

أَخذه عَنهُ أَكثر من بعض كَمَا أَن عمله فِي هَذِه الْعُلُوم أَيْضا يتَفَاوَت وَلم يَنْفَكّ عَن الِاشْتِغَال على طَريقَة جميلَة من التَّوَاضُع وَحسن الْعشْرَة وَالْأَدب والعفة والانجماع عَن بني الدُّنْيَا مَعَ التقلل وَشرف النَّفس ومزيد الْعقل وسعة الْبَاطِن والأحتمال المداراة إِلَى أَن أذن لَهُ غير وَاحِد من شُيُوخه فِي الافتاء والاقراء

وَمِمَّنْ كتب لَهُ شيخ الأسلام أبن حجر وَنَصّ كِتَابَته فِي شَهَادَته على بعض الإجازات لَهُ وأذنت لَهُ أَن يقْرَأ الْقُرْآن على الْوَجْه الَّذِي تَلقاهُ وَيقدر الْفِقْه على النمط الَّذِي نَص عَلَيْهِ الإِمَام وارتضاه قَالَ وَالله المسؤول أَن يَجْعَلنِي وإياه مِمَّن يرجوه ويخشاه إِلَى أَن نَلْقَاهُ وَكَذَا أذن لَهُ فِي إقراء شرح النخبة وَغَيرهَا وتصدى للتدريس فِي حَيَاة غير وَاحِد من شُيُوخه وانتفع بِهِ الْفُضَلَاء طبقَة بعد طبقَة وَشرح عدَّة كتب مِنْهَا آدَاب الْبَحْث وَسَماهُ فتح الْوَهَّاب شرح الْآدَاب وفصول ابْن الهايم وَسَماهُ غَايَة الْوُصُول إِلَى علم الْفُصُول مزج الْمَتْن فِيهِ وَشَرحه شرحاً آخر سَمَّاهُ مَنْهَج الْوُصُول إِلَى تَخْرِيج الْفُصُول وَهُوَ ابسطها والتحفة القدسية لِابْنِ الهايم فِي الْفَرَائِض أَيْضا سَمَّاهُ التُّحْفَة الانسية لغلق التُّحْفَة القدسية والفية ابْن الهايم أَيْضا الْمُسَمَّاة بالكفاية وَسَماهُ نِهَايَة الْهِدَايَة فِي تَحْرِير الْكِفَايَة وبهجة الْحَاوِي فقه سَمَّاهُ الْغرَر البهية بشرح الْبَهْجَة الوردية وتنقيح اللّبَاب لِابْنِ الْعرَاق ومختصر الرَّوْضَة للمقري الْمُسَمّى روض الطَّالِب سَمَّاهُ اسنى المطالب إِلَى روض الطَّالِب وَكتب على الفية النَّحْو يَسِيرا اقرأه مُعظم ذَلِك

طَار اسْم شرح الْبَهْجَة فِي كثير من الأقطار قصد بالفتاوي وزاحم كثيرا من شُيُوخه فِيهَا وَله تهجد وَتوجه وصبر وَاحْتِمَال وَترك القيل والقال وَله أوراد واعتقاد وتواضع وَعدم تنَازع وَعَمله فِي التودد يزِيد عَن الْحَد ورويته أحسن من بديهته وكتابته أمتن من عِبَارَته وَعدم مسارعته إِلَى الْفَتَاوَى تعد من حَسَنَاته وَاخْتصرَ الْمِنْهَاج الفرعي للنووي وَسَماهُ مَنْهَج الطلاب وَشَرحه شرحاً مُفِيدا

قلت وصنف فِي كثير من الْعُلُوم كالفقه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث والنحو واللغة والتصريف والمعاني وَالْبَيَان والبديع والمنطق والطب وَله فِي التصوف

ص: 114

البارع الطَّوِيل وصنف فِي الْفَرَائِض والحساب والجبر والمقابلة والهيئة والهندسة إِلَى غير ذَلِك وترأس بجدارة دهراً وَولي المناصب الجليلة كتدريس مقَام الإِمَام الشَّافِعِي وَلم يكن بِمصْر أرفع منصباً من هَذَا التدريس وَولي تدريس عدَّة مدارس رفيعة وخانقاه صوفية وَغَيرهَا إِلَى أَن رقى إِلَى المنصب الْجَلِيل وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاة بعد امْتنَاع كثير وتعفف زَائِد وَوَقع ذَلِك فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة

ثمَّ اسْتمرّ قَاضِيا مُدَّة ولَايَة السُّلْطَان الاشرف قايتباي رَحمَه الله تَعَالَى ثمَّ اسْتمرّ بعد ذَلِك إِلَى أَن كف بَصَره فعزل بالعمى رَحمَه الله تَعَالَى وَلم يزل رَحمَه الله تَعَالَى ملازم التدريس والافتاء والتصنيف وانتفع بِهِ خلائق ودرس تلامذته فِي حَيَاته وافتوا وتولوا المناصب الرفيعة ببركته وبركة الانتساب إِلَيْهِ وَلم يزل كَذَلِك فِي نشر الْعلم وَكَثْرَة الْخَيْر وَالْبر والاحسان إِلَى أَن توفّي رَحمَه الله تَعَالَى

وَقَالَ الشَّيْخ ابْن حجر الهيتمي فِي مُعْجم مشايخه وقدمت شَيخنَا زَكَرِيَّا لِأَنَّهُ أجل من وَقع عَلَيْهِ بَصرِي من الْعلمَاء العاملين وَالْأَئِمَّة الْوَارِثين واعلى من عَنهُ رويت ودريت من الْفُقَهَاء الْحُكَمَاء المسندين فَهُوَ عُمْدَة الْعلمَاء الْأَعْلَام وَحجَّة الله على الانام حَامِل لِوَاء مَذْهَب الشَّافِعِي على كَاهِله ومحرر مشكلاته وَكَاشف عويصاته فِي بكرته وأصائله مُلْحق الاحفاد بالأجداد المتفرد فِي زَمَنه بعلوا الأسناد كَيفَ وَلم يُوجد فِي عصره إِلَّا من أَخذ عَنهُ مشافهة أَو بِوَاسِطَة أَو بوسائط مُتعَدِّدَة بل وَقع لبَعْضهِم انه أَخذ عَنهُ مشافهة تَارَة وَعَن غَيره مِمَّن بَينه وَبَينه نَحْو سبع وسائط تَارَة أُخْرَى وَهَذَا لَا نَظِير لَهُ فِي أحد من عصره فَنعم هَذَا التميز الَّذِي هُوَ عِنْد الْأَئِمَّة أولى واحرى لِأَنَّهُ حَاز بِهِ سَعَة التلامذة والاتباع وَكَثْرَة الآخذين عَنهُ ودوام الأنتفاع أنْتَهى كَلَام أبن الْحجر

وَيقرب عِنْدِي انه المجدد على رَأس الْقرن التَّاسِع لشهرة الأنتفاع بِهِ وبتصانيفه واحتياج غَالب النَّاس إِلَيْهَا فِيمَا يتَعَلَّق بالفقه وتحرير الْمَذْهَب بِخِلَاف غَيره فان مصنفاته وان كَانَت كَثِيرَة فَلَيْسَتْ بِهَذِهِ المثابة على أَن كثيرا مِنْهَا مُجَرّد جمع بِلَا تَحْرِير حَتَّى كَأَنَّهُ كَانَ حَاطِب ليل وَمن أحسن مَا رثي بِهِ قَول بَعضهم شعر

ص: 115

.. قضى زَكَرِيَّا نحبه فتفجرت

عَلَيْهِ عُيُون النّيل يَوْم حمامة

إِذْ لتعلم أَن الدَّهْر رَاح امامه

وَمَا الدَّهْر يبْقى بعد فقد امامه

سقى الله قبراً ضمه مزن صيب

عَلَيْهِ مدى الايام سح غمامه

وَحكي أَن بعض قُضَاة مصر المحروسة كَانَ يُسمى صَالحا وَكَانَت أَحْكَامه غير مرضية وَكَانَ شيخ الْإِسْلَام الْمَذْكُور يكره أَفعاله القبيحة ويتأذى مِنْهُ جدا حَتَّى انه هجاه بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ

الِاسْم غير الْمُسَمّى

وَالْحق أَبْلَج وَاضح

أَن كنت تنكر هَذَا

فَانْظُر لسيرة صَالح

وفيهَا فِي لَيْلَة السبت ثَالِث عشر شهر ربيع الثَّانِي توفّي الْفَقِيه الصَّالح الْعَلامَة الشَّيْخ عبد الله بن احْمَد أَبَا كثير الْحَضْرَمِيّ ثمَّ الْمَكِّيّ بِمَكَّة فَجهز فِي ليلته وَصلي عَلَيْهِ صبح يَوْمهَا عِنْد بَاب الْكَعْبَة وَدفن بالمعلا فِي الشّعب الْأَقْصَى وحملت جنَازَته على الرؤوس ببركات العيدروس وَكثير بِفَتْح الْكَاف وَكسر الثَّاء الْمُثَلَّثَة

وَكَانَ من الْعلمَاء العاملين والفضلاء البارعين متصفاً بمحاسن الاخلاق وَحسن الأرتفاق ولد تَقْرِيبًا فِي سنة سِتّ أَو سبع وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة بحضر موت وَنَشَأ بهَا سبع سِنِين وَنَقله وَالِده إِلَى غيل أَبَا وَزِير فحفظ القرأن فِي سنة وعمره ثَمَانِي سِنِين وَحفظ الْمِنْهَاج والبهجة لِأَبْنِ الوردي وخلاصة ابْن ظفر والفية ابْن مَالك وَغَيرهَا ثمَّ سَأَلَ وَالِده فِي الِاجْتِمَاع بشيخ من الصُّوفِيَّة فَأَشَارَ عَلَيْهِ بالشيخ عبد الله العيدروس رضي الله عنه وَتوجه إِلَى تريم وَأخذ عَنهُ وتربى على يَدَيْهِ وَكَانَ يَقُول لَو أجتمع شُيُوخ الرسَالَة فِي جَانب الْحرم وَأَنا فِي جَانِبه الآخر مَا كنت أهتز إِلَى مَا عِنْدهم لما ملاني بِهِ الشريف يَعْنِي بِهِ عبد الله رضي الله عنه

وَحكي أَنه كَانَ سَبَب أنتقاله إِلَى مَكَّة مَا رُوِيَ أَن شيخة الشَّيْخ عبد الله العيدروس قَالَ من حصل كتاب الْأَحْيَاء وَجعله فِي أَرْبَعِينَ جُزْء ضمنت لَهُ على الله الْجنَّة فسرع الْخلق إِلَى ذَلِك وَكَانَ الشَّيْخ عبد الله أَبَا كثير الْمَذْكُور مِمَّن حصله وَجعله فِي أَرْبَعِينَ جُزْءا وَجعل لكل جُزْء كيساً وزينه فِي أَوله زِيَادَة على مَا شَرطه الشَّيْخ فَلَمَّا اتاه بِهِ وَرَآهُ

ص: 116

قَالَ انك قد زِدْت فِيهِ فَيحْتَاج لَك زِيَادَة على الْجنَّة فتمن مَا تُرِيدُ فَقَالَ أُرِيد أَن أرى الْجنَّة فِي هَذِه الدَّار فَأَجَابَهُ الشَّيْخ إِلَى ذَلِك وَقَالَ لَا يمكنك االجلوس بعْدهَا عِنْدِي فَأمره بالعزم إِلَى مَكَّة والمجاورة بهَا فعزم إِلَيْهَا وَأقَام إِلَى ان توفّي بهَا ولقى جمَاعَة من الْعلمَاء وَأَجَازَهُ بَعضهم بالافتاء والتدريس فتصدى لذَلِك ونثر ونظم

وَمن ذَلِك الدَّار اللوامع فِي نظم جمع الْجَوَامِع وتتمة التَّمام وَسَفك المدام فِي عقائد أهل الْإِسْلَام وقرظها لَهُ جمَاعَة وَهُوَ كثير الْفَوَائِد وَكَانَ من فضلاء مَكَّة وَعين المدرسين فِيهَا مَعَ الزّهْد وَالصَّلَاح وَالتَّعَفُّف وَالِاحْتِمَال والسكون والأنجماع عَن أنباء الدُّنْيَا وَخلف اولاداً ذُكُورا وأناثاً نَحْو الْعشْرَة وَمن شعره

من كَانَ يعلم أَن كل مشَاهد

فعل الْإِلَه فَمَا لَهُ أَن يغْضب

بل وَاجِب أَن يرتضي مَا شاهدت

عَيناهُ من ذَاك الفعال ويطربا

سنة سِتّ وَعشْرين بعد التسْعمائَة 926 هـ

وَفِي ضحى يَوْم الثُّلَاثَاء من ذِي الْحجَّة عَام سِتّ وَعشْرين توفّي الشهَاب الْفَاضِل أَحْمد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن عِيسَى بن مُحَمَّد ابْن أَحْمد بن مُسلم الشهَاب ابْن المبذر الْمَكِّيّ وَيعرف كأبيه بِابْن العليف بِضَم الْعين تَصْغِير علف بِمَكَّة فَجهز فِي ظهر تَارِيخه وَدفن بالمعلاة وَخلف ولدا وبنتين

ولد فِي جُمَادَى الأولى سنة أحدى وَخمسين وَثَمَانمِائَة بِمَكَّة ونشا بهَا فحفظ القرأن والألفية النحوية وَالْأَرْبَعِينَ النواوية وعرضهما وَالْكثير من الْمِنْهَاج وَسمع بِمَكَّة على التقي أبن فَهد وَولده النَّجْم والزين عبد الرَّحِيم الأسيوطي وَأبي الْفضل الْمرْجَانِي وَيحيى الْعلم ولازم النُّور الفاكهي فِي دروسه الْفِقْهِيَّة والنحوية وبالقاهرة على الشهَاب الشادي وَحضر عِنْد الخيضري بل سمع الشِّفَاء على الْجَوْجَرِيّ وَأخذ عَن الْعباد والجوجري وَآخَرين بِالْقَاهِرَةِ فقد دَخلهَا مرَارًا

قَالَ السخاوي وَكنت مِمَّن أَخذ عَنهُ بهَا وبالحرمين وتلا الْكثير لأبي عَمْرو على عمر البُخَارِيّ وَحضر دروس القَاضِي عبد الْقَادِر فِي

ص: 117

الْعَرَبيَّة قَالَ السخاوي وتكسب بالنساخة مَعَ عقل وتودد وَحسن عشرَة وتميز وَرُبمَا نظم مَا يَقع لَهُ فِيهِ الْجيد وَمَعَ ذَلِك لم يسلم مِمَّن يعاديه بل كَاد أَن يُفَارق الْمَدِينَة لذَلِك قَالَ واغلب أقامته الْآن بِطيبَة على خير وانجماع وتقلل وَنعم الرجل

قَالَ الشَّيْخ جَار الله بن فَهد رحمه الله أَقُول وَبعد الْمُؤلف بَاعَ دَاره وَسكن مَكَّة وَتزَوج فِيهَا ورزق بنتين وَكَانَ انتصر للمؤلف على الشَّيْخ جلال السُّيُوطِيّ بالشهاب الهاوي على منشي الكاوى ثمَّ المنتقد اللوذعي عَليّ الْمُجْتَهد الْمُدَّعِي وَألف لسلطان الرّوم أَبَا يزِيد بن عُثْمَان الدّرّ المنظوم فِي مَنَاقِب سُلْطَان الرّوم ومدحه وَغَيره من أقرانه فرتب لَهُ خمسين دِينَارا فِي كل سنة فتجمل بهَا ومدح صَاحب مَكَّة السَّيِّد بَرَكَات بن مُحَمَّد الحسني فقتصر على مدحه وحظي عِنْده لبلاغته حَتَّى صَار متنبي زَمَانه ثمَّ أُصِيب بِكَثْرَة الاسقام فِي آخر عمره حَتَّى مَاتَ رحمه الله وَمن نظمه الْحسن هَذِه القصيدة الْعَظِيمَة الْمُشْتَملَة على الفصاحة التَّامَّة والامثال العجيبة وَهِي

خُذ جَانب الْعليا ودع مَا يتْرك

فرضى الْبَريَّة غَايَة لَا تدْرك

وَاجعَل سَبِيل الذل عَنْك بمعزل

فالعز أحسن مَا بِهِ يسْتَمْسك

وامنح مودتك الْكِرَام فَرُبمَا

عز الْكَرِيم وَفَاتَ مَا يسْتَدرك

وَإِذا بَدَت لَك فِي عَدوك فرْصَة

فافتك فَأن أَخا الْعلَا من يفتك

ودع الْأَمَانِي للغبي فأنما

عَقبي المنى للْحرّ دَاء مهلك

من يَقْتَضِي سَببا بِدُونِ عَزِيمَة

ضلت مذاهبه وَعز الْمدْرك

تعست مداراة الْعَدو فانها

دَاء تحول بِهِ الجسوم وتوعك

لَا يدْرك الْعليا إِلَّا من لَهُ

فِي كل حَيّ من عداهُ منسك

ندب عريق لَا يرام مرجب

ضرب جزيل فِي الْأُمُور محكك

ذُو هضبة لَا ترتقى وشكيمة

عزت يدين لَهُ الألد الأمحك

إِلَّا فَاتْلُ عِنْد الحفيظة راية

لَكِن بتجريب الزَّمَان محنك

فاركب سَنَام الْعِزّ فِي طلب الْعلَا

حتام تسكن والنوى يَتَحَرَّك

وأستفرغ المجهود فِي تَحْصِيل مَا

فِيهِ النُّفُوس تكَاد جبنا تهْلك

وَإِذا نبا بك منزلا فانبذ بِهِ

ودع المطية تستقل وَيتْرك

ص: 118

.. وأرغب بِنَفْسِك أَن ترى فِي ساحة

يسقى بهَا الْحر الْكَرِيم المرتك

وأرتحل عَن الأوطان لَا مستعظما

خطراً وَلَو عز المدى والمسلك

فالحر يُنكر ضد مَا يعتاده

ويميط ثوب الذل عَنهُ ويبتك

وَإِذا تغشاه الهوان ببلدة

يابي الْأَذَى أَو سيم خسفاً يفلك

وَمَتى تنكرت المعارف خلته

يثني الْعَنَان عَن الديار ويعتك

لَا خير فِي دَار يضام بهَا الْفَتى

والى سواهَا لَا يمِيل وَيتْرك

وفتى تقاضته المساعي نَفسه

فغدا يمنيها الْقَضَاء ويمعك

بهوى النَّفس لَا تكون عزيزة

وَلها إِلَى طرق الْمَعَالِي مَسْلَك

ولواجد سبل الْكِرَام وَلم يزل

يغضي الجفون على القذى ويفتك

والمرء يعْذر أَن سعى وتعذرت

عَنهُ المساعي أَو حواه المهلك

تبت يَد الْأَيَّام تلقى للفتى

سلما يُسلمهُ يَد مَا تملك

يبكي اللبيب على تقاعس حَظه

حينا ويطمعه الرَّجَاء ويضحك

لَكِن تغامره قد دونهَا

عَن حَوْضه فغدا لَدَيْهَا يفرك

سميتها فِي القنع أَعلَى غارب

فغدت بِذرْوَةِ عزه تتورك

وسقيتها عللاً على نهل بِهِ

وتركتها ترْضى عَلَيْهِ وترمك

عجبا لمن سر الزَّمَان وَأَهله

فغدا بتعليل المطامع يمسك

وَلمن لَهُ فضل يمن بِهِ فَلَا

يسمو على هام السماك ويسمك

حَتَّى مَتى أطوي اللَّيَالِي بالمنى

وَالْجد ينهضني وجدي يبرك

ويجول فكري فِي لَعَلَّ وَأُخْتهَا

ويحول دونهمَا زمَان أنوك

وينالني بِالنَّقْصِ غمر مَاله

فِي الْفضل سهم مثل سهمي يُشْرك

لَا صاحبتني نفس حر لم تكن

نزاعة فِيمَا ينَال وَيتْرك

هَل فِي القشية أَن أرى متقابلاً

أحكي القوافي للئام وأحتك

وأبيت أنسج من سرابيل الثنا

حللاً على طول المدى لَا تدعك

أكسو بنائله تخال وُجُوههم

بالملح حَال الْمَدْح غيظاً تعرك

واغوص عَن در النظام بهمة

وأصوغ من تبر الْكَلَام واسبك

فِي كل فدم لَا سليم يرتجى

يرضيك مِنْهُ القَوْل وَهُوَ من وتك

متغافل عَن فطنه مستبطن

لوماً كثير الْخَيْر وافه حوتك

هلا فَتى فِي الْمجد يقصر دونه

مَعَ طول غايتها الْجبَال السّمك

ص: 119

.. سمح على العلات بَحر فِي الندا

يحيى بِهِ در القريض المهتك

مَاتُوا بناة الْمجد والعز الأولى

كَانُوا بِطيب ثناءهم يسْتَمْسك

النازلين من المكارم منزلا

بترابه يتبرك المتبرك

وَنَكَصت فِي حل أجل نواله

وعد يؤكده بقول يعفك

فعلام لَا ألوي رجائي عَنْهُم

نَاسا وَفِي جَنْبي قلب دكدك

وَأرى بِرَأْي يَقْتَضِي ذُو همة

لَا يسْتَقلّ بهَا اللَّئِيم الممسك

لَو لم يعارضني زمَان عَاشر

فِيهِ وحظ حِين أعدو أشوك

لله عصر بت أطوي عَتبه

مني على تِلْكَ وَقد لَا أحبك

وأشوبه عود الضَّمِير مغالطاً

فينلني وَعدا عَلَيْهِ وينسك

ويطيل بالتسويف فِي تَقْصِيره

حلفا ويرميني بخصم يمحك

لَا كنت من أولي الْفَضَائِل منتم

للفضل أفعل مَا أروم وأترك

كلا وَلَا كَانَت كرام ابوتي

أهدي إِلَيْهِ ولَايَة تتنسك

أَيْضا وَلَا منعت من أربى بهَا

فِي موقف عِنْد التنافر يفتك

أَن لم أرد النَّفس عَن أتيانه

وأنال مِنْهُ مَا ينَال الْمدْرك

وَلَقَد نَدِمت على مديحي معشراً

ندما يضل الدمع مِنْهُ يسبك

وذممت دهري اذ غَدا متغافلاً

عني وَصَارَ باهله يتحكك

دهراً مَتى أوسعت فِيهِ أَهله

ذماً بِبَاب والمدائح توفك

قلدت فِيهِ الدَّهْر غير نفيسه

وسلكته فِي مَوضِع لَا يسْلك

لَو لم يكن فِيمَا أَذمّ لأَجله

إِلَّا معاصرة اللئام وأفرك

فَمَتَى أسمو مَكَاني مثلهَا

فلبئس دامكة تَجِيء وتدمك

لَيْت المكارم لَو تكن مَقْصُودَة

فِي كل ذِي قذر وضيع ينبك

قسما بِنَفس بِالزَّمَانِ قَصِيرَة

وبحرمة الْأَدَب الَّتِي لَا يهتك

لَوْلَا أشتغال الْخطب فِي جهاله

عني لَكُنْت لكل فضل أملك

وفيهَا أَخذ السُّلْطَان بدر رَحمَه الله تَعَالَى تريم قسرا من السُّلْطَان أَحْمد بن مُحَمَّد

وَفِي ضحى يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشر شهر ذِي الْقعدَة توفّي الْفَقِيه الْفَاضِل الأديب البارع حَمْزَة بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي بكر ابْن عَليّ بن مُحَمَّد النَّاشِرِيّ بِمَدِينَة زبيد وَدفن بمقبرة سلفة الصَّالح بِبَاب

ص: 120

سِهَام قَرِيبا من آل مَرْزُوق وقبر إِسْمَاعِيل الجبرتي وَكَانَت وِلَادَته ثَالِث عشر شَوَّال من سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَأخذ الْفِقْه والْحَدِيث عَن الْعَلامَة قَاضِي الْقُضَاة الطّيب بن أَحْمد النَّاشِرِيّ مُصَنف الْإِيضَاح على الْحَاوِي وَعَن وَلَده قَاضِي الْقُضَاة عبد الله والعلامة مُحَمَّد بن أَحْمد حميش وَغَيرهم وَرُوِيَ عَن القَاضِي مجد الدّين الشِّيرَازِيّ صَاحب الْقَامُوس والفقيه مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح الْمدنِي وَأَجَازَهُ شيخ الْإِسْلَام شهَاب الدّين أَحْمد بن عَليّ بن حجر الْعَسْقَلَانِي صَاحب فتح الْبَارِي وَكتب لَهُ بِالْإِجَازَةِ هُوَ وعلماء مصر كالشيخ زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ الْجَوْجَرِيّ والسيوطي وَابْن أبي شرِيف وَغَيرهم من عُلَمَاء مصر وَمن الْحجاز الْحَافِظ أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن السخاوي

وَله مصنفات حَسَنَة غَرِيبَة مِنْهَا الْأَرْبَعُونَ التهليلية ومسالك التحبير من مسَائِل التَّكْبِير ومختصره التحبير فِي التَّكْبِير وانتهاز الفرص فِي الصَّيْد والقنص وَكتاب النَّبَات الْعَظِيم الشَّأْن الْمُسَمّى حدائق الرياض وغوضة الْفَيَّاض وعجائب الغرائب وغرائب الْعَجَائِب والبستان الزَّاهِر فِي طَبَقَات عُلَمَاء آل ناشر ذيل بِهِ على مؤلف قَرِيبه وَالنعْمَة المشكورة فِي الْمسَائِل المنثورة وسالفة العذار فِي الشّعْر المذموم وَالْمُخْتَار وَله الفية فِي غَرِيب الْقُرْآن وَغير ذَلِك

وَمن مؤلفاته أَيْضا مجموعاً حسنا مُفِيدا فِي بَابه فِي الْفِقْه يُسمى مَجْمُوع حَمْزَة وَذَلِكَ من فتاوي عُلَمَاء الْيمن وغالبه من فتيا عُلَمَاء زبيد رَحمَه الله تَعَالَى آمين وغالب مؤلفاته لم تبيض

قلت ووقفت لَهُ على قصيدة فِي رُوِيَ لَام ألف فِي مَنَافِع البن ذكر فِيهِ نيفاً وَسبعين خاصية وعدتها نَحْو الْخمسين بَيْتا وَمِنْهَا

كل البن لَا تعدل بَيْنك تنبلا

لتعلو بِهِ بَين الانام وتنبلا

وأشتهر باللطافة وَكَثْرَة الزواج ورزق كثيرا من الاولاد مَاتَ غالبهم وَكَانَ ضَعِيف الْحَال عَظِيم الْمِقْدَار قَوِيا فِي نَفسه والتمتع بحواسه وَلَقَد قَارب الْمِائَة وَهُوَ يفتض الْأَبْكَار وَيسْتَعْمل الحرارات القوية الْمعينَة على النِّكَاح إِلَى أَن قضي نحبه وَحط سلبه وتفقه بِهِ خلائق كَثِيرُونَ كإسماعيل

ص: 121

أبن أبراهيم الْعلوِي وأخيه أَحْمد والحافظ بن الرّبيع وَأبي البركات النَّاشِرِيّ وأخيه حَافظ الدّين عبد الْمجِيد وَغَيرهم وَمن شعره فِي الفل الْأَبْيَض

زهور الفل تنظرها ابتهاجا

نجوماً زاهرات فِي غِيَاض

وَمَا غربت نُجُوم اللَّيْل لَكِن

نقلت من السَّمَاء إِلَى الرياض

وَله فِيهِ

أنظر إِلَى الفل فِي الأغصان وَالْوَرق

ونزه الطّرف فِي رُؤْيَاهُ بالحدق

تزهو حديقته فخراً ببهجتها

فِي رَفْرَف أَخْضَر أَو أَبيض يقق

كَأَن خضرتها والفل حِين بدا

صحن السَّمَاء وَفِيه أنجم الْأُفق

وَمن شعره فِي الانيج

ومصفرة الملاة قد جناني

رحيق الشهد من رشف المحاج

أشبه شامة حَمْرَاء عَلَيْهِ

بِفضل الْخمر فِي كأس الزّجاج

وَله فِيهِ

إِذا نظرت إِلَى الْعِنَب اتحسبه

جَاما من التبر فِيهِ فص ياقوت

أَو خد غانية يحمر من خجل

أَو قرص عاشقه أدماه كالتوت

ولي فِي الانيج

يَا صَاح أَن الْعِنَب لَهُ لَذَّة

تفوق لذات الْفَوَاكِه وَالثِّمَار

وَوقت أتيانه لَا تنسه

فَهُوَ الَّذِي ينسيك ذَات الاستار

ولي فِيهِ

أَيَّام الْعِنَب قدست يَا أَيَّام

أذكرتني الرَّاحَة وَتلك الْأَعْلَام

بذلتي الرَّضَاع للنَّاس دهراً

وَمَا مفجعهم مِنْك إِلَّا الْفِطَام

ولي فِيهِ

الْعِنَب سُلْطَان الثِّمَار

وَمَا سواهُ الْحَاشِيَة

فلونه المحمر يَحْكِي

حسن خد الغانية

وريحه الْعطر يزري

بِكُل طيب وغالية

ص: 122