الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الأول: في الأعيان المحرمة البيع
يُباع كالئ بكالئ يعني دَيْنًا بدَيْن" رواه عبد الرزاق في المصنف أخبرني إبراهيم ابن أبي يحيى الأسلمي به. لكن إبراهيم المذكور منهم بالكذب وسرقة الأحاديث، فكأنه سرقه من موسى بن عبيدة وحدَّث به عن عبد الله بن دينار والله أعلم.
1341 -
حديث جابر: "إنَّ الله ورسُولَهُ حَرَّما بَيْعَ الخَمْرِ والخِنْزيرِ والأصنامِ، فقيلَ: يا رسولَ الله أرأيتَ شُحومَ الميتةِ فإنَّهُ يُطْلَى بها السُّفُنُ ويُسْتَصْبَحُ بها، فقال: لعنَ الله اليَهُودَ حُرِّمَتْ عليهمِ الشُّحُومُ فَبَاعُوها وأكَلُوا ثَمَنَها". قال المصنِّف: ثبت في الصحيحين
قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا أحمد، والأربعة، وغيرهم.
1342 -
حديث: قال في الخَمْرِ: "إنَّ الذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا".
مالك في الموطأ، وأحمد والدارمي، ومسلم، والنَّسائي،
والبيهقي، من حديث ابن عباس قال:"كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف أو من دوس فلقيه بمكة عام الفتح براوية خمر يهديها إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا فلان أما علمت أن الله حرّمها، فأقبل الرجل على غلامه فقال: اذهب فبِعْها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا فلان بماذا أمرته؟ قال: أمرته أن يبعها، قال: إن الذي حرَّم شُربها حرَّم بيعها، فأمر بها فأفرغت في البطحاء" لفظ أحمد. ورواه الطبراني في الأوسط من حديثه مختصرًا، قال:"لما نزل تحريم الخمر، قالوا: يا رسول الله ألا نبيع؟ قال: إن الذي حرّم شُربها حرّم بيعها". ورواه فيه أيضًا من حديث جابر بن عبد الله: "أن رجلًا من ثقيف أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية من خمر بعدما حرم الخمر، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فشقت، فقال رجل: لو أمرت بها فتباع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ الذي حرّم
شربها حرّم بيعها". ورواه فيه أيضًا من حديث جابر بن ربيعة "أن رجلًا من ثقيف يكنى أبا تمام أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم رواية خمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّها قد حرمت يا أبا تمام، فقال: يا رسول الله فأستنفق ثمنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الذي حرّم شُربها حرّم ثمنها" ورجاله رجال الصحيح.
1343 -
قوله: أحدهما ثبوت النهي الوارد عن ثمن الكلب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة، وجماعة من حديث أبي مسعود
عُقبة بن عمرو البدري قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومَهْر البَغِيِّ وحُلوان الكاهِن".
وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد، وأبي داود. وعن جابر عند أحمد، ومسلم، وأبي داود. وعن أبي جُحيفة متفق عليه. وعن البراء بن عازب والسائب بن يزيد وعبد الله بن عمرو بن العاص خرّجها الطبراني في الكبير. وعن ابن عمر رواه الطبراني في الأوسط. وعن عبادة بن الصامت وميمونة بنت سعد رواهما الطبراني في الكبير.
1344 -
قوله: إلا ما استثناه الحديث من كلب الماشية أو كلب الزرع وما في معناه.
مالك، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه من حديث سُفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اقتنى كلبًا لا يُغني عنه زرعًا ولا ضَرْعًا نقصَ من أجر عمله كل يوم قيراط". وروى أحمد، والبخاري ومسلم، أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أمسكَ كلبًا فإنه ينقُص كل يوم من عمله قِيراط، إلّا كلبَ حرثٍ أو ماشية" لفظ البخاري، ولمسلم:"من اتخذ كلبًا إلَّا كلب ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ، انتقصَ من أجره كل يوم قِيراط". وروي
مالك، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم، والنسائي من حديث ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من اقتنى كلبًا إلا كلب صيد أو ماشية نقصَ من أجره كل يوم قيراطان". وروى أحمد، والدارمي، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم من حديث عبد الله بن مغفل قال:"أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم رخَّص في كلب الصيد وكلب الغنم".
1345 -
قوله: ورويت أحاديث غير مشهورة اقترن فيها بالنهي عن ثمن الكلب استئناء أثمان الكلاب المباحة الاتخاذ.
قلت: وردت من حديث أبي هريرة وجابر وابن عباس.
فحديث أبي هريرة رواه الترمذي من طريق حمّاد بن سلمة عن أبي المُهَزِّم عن أبي هريرة قال: "نهى عن ثمن الكلب، إلَّا كلب الصيد" قال الترمذي: هذا حديث لا يصحّ من هذا الوجه، وأبو المهزِّم اسمه يزيد بن سفيان، تكلم فيه شعبة بن الحجّاج.
قلت: بل هو متفق على تضعيفه، ضعّفه أيضًا ابن معين وأبو زرعة، والبخاري والنَّسائي، وذكريا الساجي وعلي بن الجنيد وابن عدي والدارقطني، والحاكم أبو أحمد وأبو عبد الله بعبارات مختلفة. ولحمّاد بن سلمة في الحديث طريق آخر، رواه عن قيس بن سعد عن عطاء عن أبي هريرة قال:"نهى عن مهر البغيّ، وعسب الفحل، وعن ثمن السِّنَّور، وعن الكلب إلا كلب صيد" رواه أبو الشيخ ابن حبان في الترهيب، ومن طريقه البيهقي في السنن ثم قال: ورواية حماد بن قيس فيها نظر.
قلت: هما ثقتان فلا ندري ما وجه النظر فيها. ورواه عن عطاء أيضًا المثنى ابن الصباح، ولفظه عن عطاء عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ثمن الكلب سحت إلا كلب صيد" أخرجه قاسم بن أصبغ في مصنفه: ثنا محمد بن إسماعيل ثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب حدثني المثنى بن الصباح به. قال ابن حزم: (وهو حديث في غاية السقوط لأن فيه يحيى بن أيوب والمثنى بن الصباح، وهما ضعيفان جدًا قد شهد مالك على يحيى بن أيوب بالكذب، وجرحه أحمد).
قلت: قد تابعه محمد بن سلمة عن المثنى بن الصباح فبرئ يحيى بن أيوب من عهدته: أخرجه الدارقطني ولفظه عن المثنى عن عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث كلهن سحت: كسب الحجام سحت، ومهر الزانية سحت،
وثمن الكلب إلَّا كلبًا ضاريًا سحت" قال الدارقطني: المثنى ضعيف.
قلت: قد تابعه أيضًا الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. أخرجه الدارقطني أيضًا وقال: (الوليد بن عبيد الله ضعيف). وكذا قال البيهقي فتعقّبه التركماني بأنه تبع على ذلك الدارقطني، قال:(ولم يضعفه المتقدمون فيما علمت، بل حكى ابن أبي حاتم عن ابن معين أنه ثقة، وأخرج له ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه).
قلت: وكذا ابن خزيمة في صحيحه أيضًا، وذكره ابن حبان في الثقات فاتفق ثلاثتهم على توثيقه فلم يصب الدارقطني فيما انفرد به من تضعيفه الناشئ عن مجرد استبعاده لهذا الحديث.
وحديث جابر رواه أحمد، والدارقطني، من طريق الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر قال:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلَّا الكلب المعلم" لفظ أحمد. ولفظ الدارقطني: "نهى عن ثمن الكلب والهر إلَّا الكلب المعلم" قال الدارقطني: (الحسن بن أبي جعفر ضعيف). وقال البيهقي: (ليس بالقوي). ونقل ابن قدامة عن أحمد أنه ضعفّه أيضًا بالحسن بن أبي جعفر. وهو لم ينفرد به، بل تابعه حمّاد بن سلمة عن أبي الزبير، أخرجه النّسائي من طريق حجّاج بن محمد عن حمّاد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر:"أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السِّنَّوْر والكلب إلَّا كلب صيد" قال النسائي: (ليس هو بصحيح)، وقال في موضع آخر:(هذا منكر).
ولما ذكر الترمذي حديث أبي هريرة السابق وضعّفه قال: وروي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا ولا يصح إسناده أيضًا.
قلت: فإن كان يقصد هذا الطريق فهو من التضعيف بمجرد الاستحسان والاستبعاد لا بالنظر إلى الإسناد، فإن هذا سند على شرط الصحيح، وعبَّر عنه الحافظ (بأنَّ رجاله ثقات، إلَّا أن النَّسائي طعن في صحته) كذا قال في الفتح، وأطلق في التلخيص فقال:(ورد الاستثناء من حديث جابر ورجاله ثقات).
قلت: وله مع هذا طريق آخر جيد أيضًا، أخرجه الدارقطني من طريق الهيثم بن جميل عن حمَّاد بن سلمة به، والهيثم بن جميل حافظ ثقة، ولذلك سكت الدارقطني عن هذا الطريق ولم يضعِّفه بشيء، وقال ابن التركماني في الجوهر النقي:(ورد الاستثناء من وجهين جيدين من طريق الوليد بن عبيد الله عن عطاء عن أبي هريرة، ومن طريق الهيثم عن حماد عن أبي الزبير عن جابر).
قلت: وحقه أن يزيد وجهًا ثالثًا، وهو طريق حجّاج بن محمد عن حمّاد بن سلمة السابق، وقد استدركه هو أيضًا في آخر كلامه، وقال، بعد إيراده من عند النسائي:(وهذا سند جيد). ووجهًا رابعًا، أخرجه الدارقطني من طريق عبيد الله بن موسى ثنا
حمَّاد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر لا أعلمه إلَّا عن النبي صلى الله عليه وسلم. فإِن رجاله ثقات أيضًا، ولا يضره الشك في رفعه مع وجود من رفعه. وتعلق ابن حزم في رده بكونه من رواية أبي الزبير عن جابر، وأبو الزبير مدلس، فكل ما لم يقل فيه: حدثنا أو كان من رواية غير الليث بن سعد عنه فهو منقطع. وهذا جزم مردود بهذا الاطلاق، ولفظه التحديث مع العنعنة لا يحافظ عليهما كثير من الرواة ولا يتفطنون للفرق بينهما، وثبوت الحديث من غير طريق أبي الزبير يؤيده. أما البيهقي فحكم بدخول الوهم على الرواة في الاستثناء وأنه انتقل وهنهم من حديث الاقتناء إلى هذا الحديث، فقال:(والأحاديث الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن ثمن الكلب خالية عن هذا الاستثناء وإنما الاستثناء في الأحاديث الصحاح في النهي عن الاقتناء، ولعله شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من هؤلاء الرواة الذين هم دون الصحابة والتابعين والله أعلم).
قلت ويرد هذا ثبوته موقوفًا على جابر باعتراف البيهقي. فقد رواه أبو نعيم الفضل عن حماد بن سلمة موقوفًا، خرّجه الطحاوي. ورواه سويد بن عمرو كذلك عن حمّاد كما عند الدارقطني. وكذلك عبد الواحد بن غياث كما عند البيهقي. فيجب على هذا أن يدخل الوهم على الجميع في هذا اللفظ وذلك بعيد جدًا، وحيث أثبته البيهقي تبعًا للدارقطني موقوفًا فكان حقه أن يجعل الوهم مقصورًا على من رفعه.
وحديث ابن عباس رواه ابن عدي وأصحاب مسانيد أبي حنيفة أبو العباس بن
عقدة وطلحة بن محمد ومحمد بن المظفر وأبو محمد البخاري، كلهم من طريق أحمد بن عبد الله الكندي عن علي بن معبد عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن الهيثم عن عكرمة عن ابن عباس قال:"أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمن كلب الصيد" قال ابن عدي: (أحمد بن عبد الله الكندي المعروف باللجلاج له مناكير وبواطيل وأشياء ينفرد بها من طريق، أبي حنيفة). وقال الدارقطني: (اللجلاج ضعيف). وقال عبد الحق في الأحكام: هذا الحديث باطل.
قلت: إن كان من جمعة أبي علي الكندي فقد رواه الحسين بن خسرو في مسنده لأبي حنيفة من وجه آخر من طريق القاضي أبي نصر بن اشكاب عن عبد الله بن طاهر عن إسماعيل بن توبة عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة، إلا أن عبد الله بن طاهر، والراوي عنه ماعز متهمًا. وقد قال أحمد بن حنبل في الهيثم بن حبيب شيخ أبي حنيفة ما أحسن أحاديثه وأشد استقامتها ليس كما يروي عنه أصحاب الرأي.
1346 -
قوله: وأما النهي عن ثمن السِّنَّوْر فثابت ولكن الجمهور على إباحته.
مسلم، والبيهقي من حديث معقل عن أبي الزبير قال: "سألت جابرًا عن
ثمن الكلب والسِّنَّوْر، فقال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك". ورواه أحمد من حديث أبي لهيعة عن أبي الزبير مثله. ورواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، كلهم من طريق عبد الرزاق عن عمر بن زيد الصنعاني أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الهرّ". لفظ أحمد وأبي داود، وقال الباقون: "نهى عن أكل الهرّ وأكل ثمنه" وقال الترمذي: (حديث غريب، وعمر بن زيد لا نعرف كبير أحدٍ روى عنه غير عبد الرزاق).
قلت: وقال البخاري: (فيه نظر)، وقال ابن حبان وأبو نعيم: (يروي المناكير. لكنه لم ينفرد بالحديث عن أبي الزبير، بل تابعه عليه جماعة منهم: معقل بن عبيد الله الجزري وابن لهيعة وخير بن نعيم الحضرمي وحماد بن سلمة والحسن بن أبي جعفر. فرواية معقل الجزري وابن لهيعة تقدمتا بمعناه. ولابن لهيعة لفظ آخر مثل هذا، أخرجه أحمد وابن ماجه بلفظ:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن السِّنَّوْر" زاد أحمد: "وهو القط". ورواية خير بن نعيم رواها أحمد
والدارقطني من جهته عن أبي الزبير عن جابر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السِّنَّوْر وهي الهرة". ورواية الباقين تقدمت في الحديث الذي قبله، وتابعه مع هذا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن الجارود،