المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌22 - كتاب الطلاق

- ‌الجملة الأولى: أنواع الطلاق

- ‌الباب الأول: في معرفة الطلاق البائن والرجعي

- ‌الباب الثاني: في معرفة الطلاق السني من البدعي

- ‌الباب الثالث: في الخلع

- ‌الباب الرابع: تمييز الطلاق من الفسخ

- ‌الباب الخامس: في التخيير والتمليك

- ‌الجملة الثانية: أركان الطلاق

- ‌الباب الأول: ألفاظ الطلاق وشروطه

- ‌الباب الثاني: في المطلق الجائز الطلاق

- ‌الباب الثالث: فيمن يتعلق به الطلاق من النساء

- ‌الجملة الثالثة: الرجعة بعد الطلاق

- ‌الباب الأول: أحكام الرجعة في الطلاق الرجعي

- ‌الباب الثاني: أحكام الارتجاع في الطلاق البائن

- ‌الجملة الرابعة: أحكام المطلقات

- ‌الباب الأول: في العدة

- ‌الباب الثاني: في المتعة

- ‌23 - كتاب الإيلاء

- ‌24 - كتاب الظهار

- ‌الفصل الأول: ألفاظ الظهار

- ‌الفصل الثاني: شروط وجوب الكفارة في الظهار

- ‌الفصل الثالث: فيمن يصح فيه الظهار

- ‌الفصل الرابع: ما يحرم على المظاهر

- ‌الفصل الخامس: هل يتكرر الظهار بتكرر النكاح

- ‌الفصل السادس: هل يدخل الإيلاء على الظهار

- ‌الفصل السابع: أحكام كفارة الظهار

- ‌25 - كتاب اللعان

- ‌الفصل الأول: الدعاوى الموجبة للعان وشروطها

- ‌الفصل الثاني: صفات المتلاعنين

- ‌الفصل الثالث: في صفة اللعان

- ‌الفصل الرابع: حكم النكول

- ‌الفصل الخامس: الأحكام اللازمة لتمام اللعان

- ‌26 - كتاب الإِحداد

- ‌27 - كتاب البيوع

- ‌الجزء الأول: تعريف أنواع البيوع

- ‌الجزء الثاني: أسباب الفساد العامة في البيوع المطلقة

- ‌الباب الأول: في الأعيان المحرمة البيع

- ‌الباب الثاني: في بيوع الربا

- ‌الباب الثالث: في البيوع المنهي عنها

- ‌الباب الرابع: في بيوع الشروط والثنيا

- ‌الباب الخامس: في البيوع المنهي عنها من أجل الضرر أو الغبن

- ‌الباب السادس: النهي عن البيع في وقت العبادات

- ‌القسم الثاني الأسباب والشروط المصححة للبيع

- ‌الباب الأول: في العقد

- ‌القسم الثالث: الأحكام العامة للبيوع الصحيحة

- ‌الباب الأول: أحكام العيوب في البيع المطلق

- ‌الباب الثاني: في بيع البراءة

- ‌28 - كتاب الصرف

- ‌29 - كتاب السلم

- ‌الباب الأول: محل السلم وشروطه

- ‌الباب الثاني: ما يجوز أن يقتضى من المسلم إليه بدل ما انعقد عليه السلم

- ‌الباب الثالث: في اختلاف المتبايعين في السلم

- ‌30 - كتاب بيع الخيار

- ‌31 - كتاب بيع المرابحة

- ‌الباب الأول: فيما يعد من رأس المال وصفة رأس المال الذي يبني عليه الربح

- ‌الباب الثاني: حكم ما وقع من الزيادة أو النقصان

- ‌32 - كتاب بيع العَرِيَّة

- ‌33 - كتاب الإِجارات

- ‌34 - كتاب الجعل

- ‌35 - كتاب القراض

- ‌الباب الأول: في محل القراض

- ‌الباب الثاني: في شروط القراض

- ‌36 - كتاب المساقاة

- ‌37 - كتاب الشركة

- ‌38 - كتاب الشفعة

الفصل: ‌38 - كتاب الشفعة

‌38 - كتاب الشفعة

ص: 535

1518 -

قوله: لما ورد في ذلك من الأحاديث الثابتة.

هي الآتية في الباب.

ص: 537

1519 -

حديث مالك عن ابن شهاب عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المُسَيِّب "أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى بالشُفْعَةِ فيما لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الشُرَكَاءِ، فإِذا وَقَعَتِ الحُدُودُ بَينَهُمْ فَلا شُفْعَة".

هكذا رواه مالك في الموطأ مرسلًا، وكذلك رواه عنه الشافعي، ورواه أيضًا الطحاوي والبيهقي من طريقه. وهكذا رواه يونس عن الزهريّ لكنه قال: عن سعيد بن المسيب وحده "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في الدور والأرضين ما لم تقسم، فإذا قسمت وافترقت فيها الحدود فلا شفعة فيها" رواه البيهقي. ورواه عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثل ما في الموطأ، خرّجه الطحاوي والبيهقي. وكذلك رواه يحيى بن عبد الرحمن بن أبي قتيلة عن مالك، خرّجه الطحاوي والبيهقي. وهكذا رواه أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني عن مالك، لكنه اختلف عليه فيه، فمنهم من قال عنه عن مالك عن سعيد

ص: 538

وأبي سلمة عن أبي هريرة، ومنهم من قال عن سعيد أو عن أبي سلمة بالشك، ومنهم من قال عن أبي سلمة عن أبي هريرة بدون ذكر سعيد. فرواه محمَّد بن يحيى وعبد الرحمن بن عمر عند ابن ماجه، وابن مرزوق عند الطحاوي، وعبد الملك بن محمَّد الرقاشي عند البيهقي، أربعتهم عن أبي عاصم عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة معا عن أبي هريرة. ورواه علي بن المديني عن أبي عاصم فقال: عن سعيد أو عن أبي سلمة بالشك، أخرجه البيهقي. ورواه أبو بكرة عنه فقال عن أبي سلمة وحده، أخرجه الطحاوي. ورواه ابن ماجه والبيهقي من طريق محمَّد بن حمَّاد الطِّهرانيّ ثنا أبو عاصم عن مالك، فذكر الحديث عنهما معًا، قال الطِّهْراني:(قال لي أبو عاصم: حديث أبي سلمة عن أبي هريرة مسند، وحديث سعيد مرسل). ورواه ابن جريج ومحمد بن إسحاق عن الزهريّ عن سعيد بن المسيب أو عن أبي سلمة بالشك عن أبي هريرة، أخرج رواية ابن جريج أبو داود والبيهقي، وأخرج رواية ابن إسحاق البيهقي ثم قال: (فالذي يعرف بالاستدلال من هذه الروايات أن ابن شهاب الزهريّ ما كان يشك في روايته عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه عنه معمر وصالح بن أبي الأخضر وعبد الرحمن بن

ص: 539

إسحاق، ولا في روايته عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا كما رواه عنه يونس بن يزيد الأيلي، وكأنه كان يشك في روايته عنهما عن أبي هريرة، فمرة أرسله عنهما، ومرة وصله عنهما، ومرة ذكره بالشك في ذلك والله أعلم -قال- ورواية عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر تؤكد رواية من رواه عن الزهريّ عن أبي سلمة عن جابر، وكذلك رواية أبي الزبير عن جابر).

قلت: حديث جابر هو المذكور بعده.

1520 -

حديث جابر "أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى بالشُفْعَةِ فيما لَمْ يُقْسَمْ، فإِذا وَقَعَتِ الحُدُودُ فَلا شُفْعَةَ" قال ابن رشد خرجه مسلم والترمذي وأبو داود.

قلت: أما بهذا اللفظ فلم يخرجه واحد منهم، إنما أخرجه البخاري من طريق مَعْمَر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال:"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شُفعة"، وهكذا رواه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر، والطحاوي والبيهقي من طريق معمر أيضًا. ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن معمر به، بلفظ:"إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرفت الطرق فلا شفعة"،

ص: 540

وهكذا رواه ابن ماجه وابن الجارود، كلاهما عن محمَّد بن يحيى عن عبد الرزاق به. ورواه الترمذي عن عبد بأن حُمَيْد عن عبد الرزاق به، عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة". ورواه أبو داود الطيالسي وأحمد والبيهقي، كلهم من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهريّ به، بلفظ:"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة ما لم يقسم وتوقت حدوده". أما مسلم فلم يخرجه من هذه الطريق، بل من طريق أبي الزبير عن جابر قال:"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم، رَبْعَة أو حائط، لا يحل له أن يبيع حتى يُؤذِن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يُؤذِنْه فهو أحقُّ به" وفي لفظ له عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"منْ كان له شريك في رَبْعَةٍ أو نخلٍ فليس له أن يبيع حتى يؤذِن شريكه، فإن رضي أخذ، وإن كَرِه ترك" ومن هذا الطريق، أعني طريق أبي الزبير عن جابر خرجه أيضًا الدارمي وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن

ص: 541

الجارود والطحاوي والطبراني في المعجم الصغير والبيهقي من أوجه عن أبي الزبير وبألفاظ متعددة.

1521 -

قوله: وقد رُوي عن مالك في غير الموطأ عن ابن شهاب عن أبي هريرة.

كذا قال، وإنما هو عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة، وقد ذكرنا من وصلوه عن مالك عند ذكر المرسل المذكور.

1522 -

حديث أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الجَارُ أحَقُّ بِصَقَبِه". قال ابن رشد: وهو حديث متفق عليه.

ص: 542

قلت ليس كذلك فمسلم لم يخرجه إنما أخرجه البخاري، وكذلك الشافعي وأحمد وأبو داود والنَّسائي وابن ماجه والطحاوي والدارقطني والبيهقي وأبو نعيم في تاريخ أصبهان، قال البخاري: حدثنا المكيّ بن إبراهيم أخبرنا ابن جريج أخبرني إبراهيم بن مَيْسرة عن عمرو بن الشريد قال: "وقفت على سعد بن أبي وقاص فجاء المِسْوَرُ بن مَخْرَمَةَ فوضع يدهُ على إحدى مَنكبيَّ، إذ جاء أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا سعد ابتعْ مني بيتي في دارك، فقال سعد: والله ما أبتاعُهما، فقال المِسْوَرُ: والله لتبتاعنَّهما، فقال سعد: والله لا أزيدُك على أربعة آلاف مُنجَّمة أو مُقطَّعة، قال أبو رافع: لقد أعطيتُ بها خَمسمائةِ دينار، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الجار أحقُّ بسَقَبهِ ما أعطيتكَها بأربعةِ آلافٍ وأنا أعطَى بها خمسمائةِ دينار، فأعطاها إياه". واقتصر أكثر الباقين على ذكر المرفوع، وهو عند جميعهم من حديث إبراهيم بن ميسرة المذكور عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع به. وخالفه عمرو بن شعيب فقال عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد عن

ص: 543

النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا أبو أسامة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: "قلت: يا رسول الله أرض ليس لأحد فيها قسم ولا شريك إلَّا الجوار، قال: الجار أحق بسقبه ما كان" ورواه النسائي وابن ماجة والطحاوي كلهم من طريق حسين المعلم به، إلا أن النسائي قال عن أبيه:"إن رجلًا قال: يا رسول الله" والباقي سواء. ورواه الأوزاعي عن عمرو بن شعيب به مثله في الإِسناد وزاد في المتن قصة خرجه الدارقطني. ورواه قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد بدون واسطة ابنه عمرو بن الشريد، أخرجه ابن سعد في الطبقات: أخبرنا عفّان بن مسلم حدثنا همام عن قتادة به. ورواه أبو عمرو بن حمدان في فوائد الحاج: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان الأهوازي ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد ثنا أبي ثنا عمر بن إبراهيم عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن الشريد بن سويد به، وهذا وهم لا شك فيه، مشى الراوي في الإِسناد مع الجادة في نسخة عمرو بن شعيب، ووافق عمرو بن شعيب على روايته عن عمرو ابن الشريد، عن أبيه عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي. ورواه ابن الجارود في المنتقى والبيهقي في السنن، من طريق أبي عاصم، زاد ابن الجارود من طريق أبي نُعيم، كلاهما عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن الشريد عن أبيه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الجار أحقُّ بسقَبه" قال أبو نعيم: قلت لعمرو: ما سقبه؟

ص: 544

قال الشُّفعة. وقال أبو قلابة رواية عن أبي عاصم: (قال الأصمعي: العرب تقول السقب اللزيق) وقد أشار الترمذي في سننه إلى طريق عبد الله بن عبد الرحمن هذه وقال: (إنه حديث حسن) ثم ذكر طريق إبراهيم بن ميسرة السابقة عن عمرو بن الشريد عن أبي رافع، وقال:(سمعت محمدًا -يعني البخاري- يقول: كلا الحديثين عندي صحيح).

قلت: ووافقهما أيضًا ابن عطاء فقال عن عمرو بن الشريد بن سويد عن أبيه، لكنه زاد عن جده سويد، وهو وهم من بعض الرواة، أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق العباس بن الوليد بن مرداس ثنا أبو الفضل أحمد بن موسى الضبي ثنا أبو بكر بن عياش عن ابن عطاء عن عمرو بن الشريد بن سويد عن أبيه عن جده سويد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الجار أحق بسقبه".

تنبيه: روى أبو حنيفة هذا الحديث فخلط فيه تخليطًا كبيرًا يدل على ضعفه في الحديث، فرواه أبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن المسور بن مخرمة عن أببها رافع بالقصة وفيه سعد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الجار أحق بسقبه" فجعل صحابي الحديث سعدًا لا أبا رافع، وهكذا رواه عنه أبو سعيد الصغاني ومحمد بن أبي زكريا وأبو مطيع، ورواه زفر ومحمد بن الحسن وأبو يوسف عنه مرة أخرى فقال عن المسور عن سعد بدون واسطة أبي رافع، ورواه محمَّد بن الحسن في الآثار عنه بهذا الإِسناد عن المسور بن مخرمة عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا رواه أبو يحيى الحماني وحمزة بن حبيب الزيات وزفر وأبو يوسف مرة أخرى، والحسن بن زياد وأسد بن عمرو وأبو عبد الرحمن المقري وعبيد الله بن موسى وعبد الله بن الزبير وإبراهيم بن طهمان وزياد بن الحسن وآخرون، كلهم عن أبي حنيفة مثله، ورواه أبو يوسف مرة أخرى، وعبد الله بن الزبير وهياج بن بسطام، كلهم عنه فقال: عن عبد الكريم عن المسور عن رافع مولى سعد "أن سعدًا قال

ص: 545

لرجل" فذكر الحديث. ورواه سعيد بن أبي الجهم وحمزة بن حبيب مرة أخرى، وكذلك أسد بن عمرو وأيوب بن هانئ عنه بهذا الإِسناد، عن رافع قال: "عرض علي سعد بيتًا" فذكر الحديث. وله فيه تخاليط أخرى، فخرّجه في مسانيده لأبي محمَّد البخاري، وطلحة بن محمَّد والحسين بن خسرو وأبي بكر محمَّد بن عبد الباقي الأنصاري، والحسن بن زياد، وأبي بكر الكلاعي، كما هو مجموع في مسانيده للخوارزمي.

وفي الباب عن جابر وابن عباس وسمرة بن جندب وأنس وعبادة بن الصامت وعلي وابن مسعود وعمرو بن حريث وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب ويزيد بن الأسود.

فحديث جابر رواه أبو داود الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي، كلهم من رواية عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الجار أحق بشفعته، يُنْتَظرُ به، وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا" وقال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب، ولا نعلم أحدًا روَى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وقد تكلَّم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا الحديث. وعبد الملك هو ثقة مأمون عند

ص: 546

أهل الحديث لا نعلم أحدًا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث. وقد روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك هذا الحديث. وروى ابن المبارك عن سُفيان الثوري قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان، يعني في العلم).

قلت: له طريقان آخران عن جابر.

أحدهما: من رواية حسين بن واقد عن أبي الزبير عن جابر قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة والجوار" ومعنى هذا الحديث يبينه ما أخرجه عبد الملك بن أيمن في مصنفه المستخرج على سنن أبي داود من طريق عطاء عن جابر قال: "اشتريت أرضًا إلى جنب رجل، فقال: أنا أحق بها، فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ليس له في أرضي طريق ولا حق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو أحق بها فقضى له بالجوار".

ثانيهما: من رواية أبي حنيفة عن محمَّد بن المنكدر عن جابر قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجار أحق بشفعته إذا كانت الطريق واحدة" أخرجه أبو محمَّد البخاري في مسند أبي حنيفة عن أبي سعيد بن جعفر عن سليمان بن عبد الله عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة.

وحديث ابن عباس رواه ابن ماجه من طريق يزيد بن هارون أنبأنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له أرض فأراد بيعها فليعرضها على جاره".

ص: 547

وحديث سمرة رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن الجارود والطحاوي والبيهقي والثقفي في الثقفيات، من طرق عن قتادة عن الحسن عن سمرة. ورواه الطحاوي أيضًا من طريق شعبة عن يونس عن الحسن عن سمرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"جار الدار أحق بالدار" وقال بعضهم: "جار الدار أحق بدار الجار أو الأرض" وقال الترمذي: (حسن صحيح)، وهو كما قال بل هو صحيح على الإطلاق.

وحديث أنس رواه النسائي في الكبرى، والطحاوي في معاني الآثار، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن في المصنف، وابن حبان في الصحيح والخطيب في التاريخ وآخرون من حديث عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبه عن قتادة، عن أنس به مرفوعًا "جار الدار أحق بالدار، وهو صحيح كالذي قبله، فإنه كان عند

ص: 548

قتادة على أوجه ولهذا صححه ابن حبان، وقد قيل إن الحاكم صحّحه أيضًا ولم أره الآن في المستدرك فليكشف عنه.

وحديث عبادة بن الصات ذكره ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار من طريق موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن الجار أحق بصقب جاره" لكن أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه من هذا الطريق من رواية الفضل بن سليمان عن موسى بن عقبة به، بلفظ:"قضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والدور"؛ وبهذا اللفظ رواه البيهقي في السنن، وكذلك رواه الطبراني في الكبير إلَّا أنه لم يزد "في الأرضين والدور". وإسحاق بن يحيى قيل: إنه لم يدرك عبادة.

وحديث علي وابن مسعود رواه ابن أبي شيبة في المصنف في كتاب أقضيته صلى الله عليه وسلم، قال: حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن علي وعبد الله قالا: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجوار". ورواه الطحاوي في معاني الآثار من طريق أبي أحمد قال: ثنا سفيان الثوري عن منصور به، إلَّا أنه قال فيه:"قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجوار" وهكذا رواه ابن أيمن، من طريق محمَّد بن كثير عن سفيان الثوري وحديث عمرو بن حريث رواه الطحاوي من طريق محمَّد بن كثير عن سفيان الثوري عن أبي حيان عن أبيه عن عمرو بن حريث مثله، يعني "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالجور".

ص: 549

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن معاوية بن هشام عن سفيان به "أن عمرو بن حريث كان يقضي بالجوار".

وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال أبو إسحاق المزكى في فوائده: ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ثنا هارون بن حميد الواسطي ثنا الفضل بن عنبسة ثنا شعبة عن الحكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجار أحق بسقب داره أو أرضه" قال الذهبي: غريب جدًا رواه النَّسائي عن خياط السنة عن هارون بن حميد.

قلت: يعني خرَّجه النسائي في السنن الكبرى لا في المجتبى فإنه ليس فيه هذا الحديث من حديث عبد الله بن عمرو، وهو سند صحيح كما ترى. وله طريق أخرى إلَّا أنها ضعيفة، قال قاسم بن أصبغ في مصنفه: ثنا محمَّد بن إسماعيل ثنا الحسن بن سوار ثنا أبو المعلى ثنا أيوب بن عتبة اليمامي عن الفضل عن قتادة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الجار أحق بصقب أرضه" قال ابن حزم: (أيوب بن عتبة اليمامي ضعيف، والفضل إن كان ابن دلهم فهو ساقط وإن كان غيره فهو مجهول، ولم يسمع قتادة من عبد الله بن عمرو بن العاص قط كلمة ولا اجتمع معه).

قلت: الطريق الأول شاهد له.

ص: 550

وحديث ابن عمر رواه الطبراني في الأوسط ولفظه: "الجار أحق بسقبه ما كان" وفي إسناده عبيد بن كثير العامري وهو ضعيف.

وحديث يزيد بن الأسود وراه الطبراني في الكبير بلفظ: "الجار أحق بسقبه" وسنده ضعيف أيضًا.

1523 -

قوله: (وخرَّج الترمذي وأبو داود عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "جارُ الدَّار أحَقُ بِدَارِ الجَارِ"، وصحّحه الترمذي).

ص: 551

هو حديث سمرة بن جندب وقد تقدم في طرق الذي قبله.

1524 -

قوله: (وبه قال عمر بن عبد العزيز وروي: "أن رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى بالشُّفْعَةِ في الدِّيْنِ").

ص: 552

قلت: قال ابن حزم في المحلى فإن ذكروا الخبر الذي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم "من ابتاع دينًا على رجل فصاحب الدَّين أولى" فهذا باطل لأنه عمن لم يسم عن عمر بن عبد العزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا ذكره بغير عزو ولا إسناد، ولم أقف عليه الآن لا بهذا اللفظ ولا باللفظ الذي ذكره ابن رشد، وأصول ابن حزم التي ينقل منها غالبًا: مصنف ابن أبي شيبة، ومصنف عبد الرزاق، وسنن سعيد بن منصور، ومصنف قاسم بن أصبغ، وابن أيمن، ومحمد بن عبد السلام الخشني، فكأنه في أحد هذه الأصول والله أعلم.

1525 -

حديث: "الشُّفْعَةُ فيمَا لَم يُقْسَم فإذا وَقَعَتِ الحُدود وَصُرِفَت الطُرقُ فلا شُفْعَة".

تقدم.

ص: 553

1526 -

حديث ابن عباس أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشَّريكُ شَفِيعٌ والشُفعَةُ في كُل شَيْء"، قال ابن رشد: خرَّجه الترمذي.

قلت: هو كذلك، وأخرجه أيضًا الطحاوي والدارقطني أواخر السنن والبيهقي، كلهم من طريق أبي حمزة السُّكَّريِّ عن عبد العزيز بن رُفَيْع عن ابن أبي مُلَيْكة عن ابن عباس به، قال الترمذي:(لا نعرفه إلَّا من حديث أبي حمزة السكَّري، وقد رَوى غير واحد هذا الحديث عن عبد العزيز بن رُفَيْعَ عن ابن أبي مُلَيْكة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهو أصح من حديث أبي حمزة. وأبو حمزة ثقة، يمكن أن يكون الخطأ من غيره). وقال الدارقطني: (خالفه -يعني أبا حمزة- شعبة وإسرائيل

ص: 554

وعمرو بن أبي قيس وأبو بكر بن عياش، فرووه عن عبد العزيز بن رُفَيْع عن ابن أبي مليكة مرسلًا، وهو الصواب، ووهم أبو حمزة في إسناده) قال البيهقي:(وقد قيل: عن أبي حمزة عن محمَّد بن عبيد الله عن عطاء عن ابن عباس) ثم أخرجه كذلك من طريق عبدان عن أبي حمزة به، ثم قال:(ومحمد هذا هو العرزمي وهو متروك). ثم أخرجه من وجه آخر من حديث عمر بن هارون عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشفعة في العبيد وفي كل شيء" ثم قال البيهقي: (تفرد به عمر بن هارون البلخي عن شعبة، وهو ضعيف).

قلت: يشهد له مرسل ابن أبي مليكة، قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو الأحوص ابن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء: الأرض والدار والجارية والخادم. فقال عطاء: إنما الشفعة في الأرض والدار، فقال له ابن أبي مليكة: تسمعني لا أم لك أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تقول مثل هذا؟ " وبالجملة فالحديث صحيح مرسلًا وموصولًا عن ابن عباس، لأن راوي الموصول ثقة حافظ ورد ما يؤيده فالقول قوله والحكم له على غيره.

1527 -

قوله: (فاستدَلَّ أبو حنيفة على منع الشفعة في البئر بما روي: "لا شُفْعَةَ في بِئْرٍ").

ص: 555

هذا من كلام عثمان لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، رواه مالك في الموطأ عن محمَّد بن عُمَارَة عن أبي بكر بن حزم أنَّ عثمان بن عفان قال:"إِذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها، ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل" وقال ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمَّد بن عمارة عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه قال: "لا شفعة في بئر ولا فحل، والأرف يقطع كل شفعة". ورواه أبو عبيد في الغريب عن عبد الله بن إدريس به مثله، إلَّا أنه شك فقال: عن محمَّد بن عمارة، عن أبي بكر بن حزم، أو عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، الشك من أبي عبيد عن أبان بن عثمان مثله. ونقل الحافظ السيوطي من مصنف عبد الرزاق عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا شفعة في

ص: 556

ماء ولا طريق ولا فحل -يعني النخل" كذا ذكره مرفوعًا وهو غريب جدًا.

1528 -

قوله: (لأن في بعضها يعني الأحاديث: "فَلَا يَبعْ حَتَّى يَسْتَأذِنَ شَرِيكَهُ").

ص: 557

تقدم في حديث جابر ثاني أحاديث الباب وهو في صحيح مسلم وغيره.

ص: 558

1529 -

حديث جابر: "الجَارُ أحَقُّ بِصَقَبِهِ. أو قال: بشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بها إذا كان غائبًا".

تقدم في طريق هذا الحديث قريبًا.

1530 -

حديث: "الشُّفْعَةُ كَحَلِّ العِقَالِ".

ص: 562

ابن ماجه والبزار والبيهقي والخطيب في التاريخ، كلهم من طريق محمَّد بن الحارث عن محمَّد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا شفعة لغائب ولا صغير ولا شريك على شريك إذا سبقه بالشراء والشفعة كَحل العِقال" واقتصر ابن ماجه على حديث الترجمة، وقال البيهقي: (محمَّد بن

ص: 563

الحارث البصري متروك، ومحمد بن عبد الرحمن البيلماني ضعيف، ضعفهما يحيى بن معين وغيره من أئمة الحديث)، وقال ابن حزم:(هو خبر مكذوب موضوع).

ص: 564