الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعض المصنفين يقتصر على رجال الحديث في بلدة معينة، والغالب أن المصنف يهتم بعلماء الحديث في بلدته فظهرت تواريخ الرجال المحلية منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، وتوسعت على مر الزمن.
ولكثرة عدد رواة الحديث واحتمال حدوث التباس بسب تشابه الأسماء أو الكنى أو النسبة، ظهرت كتب لضبط الأسماء وتمييز المؤتلف والمتفق والمتشابه.
ثم ظهرت في أواخر القرن الخامس كتب في أنساب المحدثين بعد أن أصبح لكل راو عدة انتسابات إلى القبيلة والمدينة والصنعة1.
1 أول من صنف في أنساب المحدثين محمد بن طاهر المقدسي (ت507هـ) في كتابه "الأنساب المتفقة"، ولا تدخل هذه المصنفات ضمن نطاق دراستي لتأخر ظهورها.
كتب معرفة الصحابة:
إن معرفة الصحابة علم جسيم لا يعذر أحد ينسب إلى علم الحديث بجهله، ولا خلف بين العلماء أن الوقوف على معرفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوكد علم الخاصة وأرفع علم أهل الخبر1، وذلك لأنه لا يمكن تمييز الحديث المرسل2 من المسند3 إلا بمعرفة الصحابة. وتتناول المصنفات في معرفة الصحابة ذكر أسمائهم وأنسابهم وسيرهم وأحوالهم، والأماكن التي نزلوها، والغزوات التي شهدوها، وسني وفياتهم.
وقد اختلف العلماء في تعريف الصحابي، فذهب أنس بن مالك إلى أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم غير كافية لاعتبار الرجل صحابيا، فقد سئل: هل بقي أحد من الصحابة غيرك؟ فقال: بقي ناس من الأعراب، فأما صحبة فلا4، واشترط سعيد بن المسيب لكي يعد الرجل صحابيا أن يقيم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو ستين ويغزو معه غزوة أو غزوتين5.
1 ابن عبد البر: الاستيعاب 1/ 19.
2 المرسل: هو ما سقط من إسناده اسم الصحابي "انظر ابن كثير: الباعث الحثيث، 47".
3 المسند: هو ما اتصل إسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "ابن كثير: الباعث الحثيث، 44".
4، 5 ابن الصلاح: مقدمة ص119.
ويذكر ابن الصلاح أن الأصوليين يرون أن اسم الصحابي من حيث اللغة والظاهر يقع على من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرت مجالسته له عن طريق التبع والأخذ عنه1. وقال أبو حامد الغزالي: "لا ينطبق اسم الصحبة إلا على من صحبه، ثم يكفي في الاسم من حيث الوضع الصحبة ولو ساعة، ولكن العرف يخصصه بمن طالت صحبته"2.
وقد ذهب أهل الحديث مذهبا آخر في تعريف الصحابة، فقال البخاري في الصحيح:"إن كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من الصحابة"3، وقال أحمد بن حنبل:"أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من صحبه شهرا أو يوما أو ساعة أو رآه"4.
وقد ذهب بقية أهل الحديث مذهب البخاري وأحمد، قال أبو المظفر السمعاني:"أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحبة على كل من روى عن النبي حديثا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة"5.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: "أصح ما وقفت عليه في تعريف الصحابي أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به، ومات على الإسلام، فيدخل فيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية بصر ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمي"6.
ويعرف كون الرجل صحابيا بالتواتر باشتهار ذلك بما يقصر عن التواتر، أو بأن يروى عن أحد الصحابة أنه صحابي، وتارة بقوله وأخباره عن نفسه -بعد ثبوت عدالته- بأنه صحابي7.
1 المصدر السابق 118-119.
2 ابن الأثير: أسد الغابة 1-13.
3 البخاري: الصحيح 5-2.
4 ابن الأثير: أسد الغابة 1-13.
5 ابن الصلاح: مقدمة 118-119.
6 الإصابة 1/ 6.
7 ابن الصلاح: مقدمة 119.