الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوضع في الحديث:
تمهيد:
الحديث هو ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية أو سيرة سواء كان قبل البعثة أو بعدها1.
وقد اهتم الصحابة والتابعون ومن تلاهم من العلماء بحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتناقلها جيلًا بعد جيل لما لها من أثر بالغ في الدين2، فتفاصيل حياة النبي صلى الله عليه وسلم وملامح شخصيته وشمائله وسيرته ذات أهمية كبيرة في حياة المسلمين العملية؛ لأنهم مأمورون بالاقتداء به في حياتهم الخاصة والعامة:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة} 3 كما أنهم مأمورون بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 4.
والحديث يعتبر المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن5، فهو يبين
1 السباعي: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي، ص59.
2 استعملت كلمة الدين بالمفهوم الإسلامي الشامل للأخلاق والعبادات والمعاملات وليس بالمفهوم الغربي الذي تعنيه كلمة: "Religion".
3 سورة الأحزاب: آية 21.
4 سورة الحشر: آية 7.
5 يرى روبسون أن فكرة اعتبار الحديث المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن جاءت متأخرة =
القرآن ويفصل الأحكام المجملة التي وردت فيه، ويقيد المطلق، ويخصص العام، ويقرر أحكامًا لم ينص عليها الكتاب. ولا يمكن أن يتكامل تصور الإسلام وفهمه بدون الحديث.
ولهذه الأهمية البالغة للحديث عني المسلمون بحفظه وفهمه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته واستمر هذا الاهتمام بالحديث في الأجيال التالية.
وقد تعرض الحديث إلى محاولات قوية للتلاعب فيه والدس عليه، فقد سعى البعض إلى استغلاله لمآربهم السياسية أو المذهبية أو الشخصية، فظهرت حركة الوضع في الحديث التي هددت هذا الأصل الكبير من أصول الإسلام بالتحريف، ولكن العلماء بذلوا جهودًا جبارة في تمحيص الحديث ونقده، وتمييز الصحيح من الموضوع، وقد نجحوا في مهمتهم هذه إلى حد كبير.
وقد أدت حركة الوضع التي كادت أن تهدم السنة إلى نتاج إيجابية أثرت في إشادة صرح السنة وبناء علوم الحديث، فقد دفعت العلماء لاتخاذ ما يلزم لحفظ الحديث وتنقيته ومنع التلاعب فيه فنشطوا في تدوينه بنطاق واسع في فترة مبكرة منذ أواخر القرن الأول وخلال القرن الثاني الهجري، وخلال الجهود التي بذلت في فترة التدوين لتمييز الأحاديث ظهرت قواعد نقد الحديث ثم تبلورت هذه القواعد على مر الزمن حيث ظهرت بشكل منسق ودقيق في كتب مصطلح الحديث، كما تجمعت الملاحظات المنوعة عن رواة الحديث في كتب الرجال.
= بعد ظهور المشكلات في الأمصار والحاجة إلى إعطاء حلول لها، وقد سعى بعض المستشرقين قبل روبسون مثل كولدزيهر وشاخت إلى تثبيت هذه النظرية غير أن القرآن الكريم هو الذي أعطى السنة مكانتها التشريعية وألزم المسلمين بالعمل بها يستوي في ذلك الصحابة ومن تلاهم، والآيات القرآنية صريحة في تقرير ذلك كقوله تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه} ، [النساء: 80] ، وقوله:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]، "انظر: مادة حديث التي كتبها "Robson" في:
"The Encyclopaedia، Vol. III. 1956"