المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌علم الرجال والنقد التاريخي: - بحوث في تاريخ السنة المشرفة

[أكرم العمري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمات

- ‌تقديم للأستاذ عبد الكريم زيدان

- ‌مقدمة الطبعة الرابعة:

- ‌مقدمة الطبعة الثالثة:

- ‌مقدمة الطبعة الثانية:

- ‌مقدمة الطبعة الأولى:

- ‌الوضع في الحديث:

- ‌تمهيد:

- ‌بدء الوضع:

- ‌أثر الخلافات السياسية في الوضع:

- ‌دور الخوارج في الوضع:

- ‌الخلافات الكلامية:

- ‌الزنادقة:

- ‌القصاصون:

- ‌وضع جهلة الصالحين للحديث:

- ‌دور العصبية للمدن والجنس والإمام:

- ‌الوضع لأغراض خاصة:

- ‌جهود العلماء في مقاومة الوضع:

- ‌المصنفات في علم الرجال حتى نهاية القرن الخامس "دراسة وتحليل

- ‌مدخل

- ‌كتب معرفة الصحابة:

- ‌المصنفون من الصحابة

- ‌كتب الطبقات:

- ‌المصنفون في الطبقات:

- ‌أنواع كتب الجرح والتعديل

- ‌مؤلفو كتب الضعفاء:

- ‌مؤلفوا كتب الثقات

- ‌مؤلفون جمعوا بين الثقات والضعفاء:

- ‌المصنفات في رجال الحديث المذكورين في الكتب والسنة وغيرها

- ‌كتب معرفة الأسماء:

- ‌كتب الأسماء والكنى والألقاب:

- ‌كتب المؤتلف والمختلف:

- ‌كتب المتفق والمفترق والمتشابه:

- ‌تواريخ الوفيات

- ‌المصنفات في الوفيات:

- ‌تواريخ الرجال المحلية

- ‌معاجم الشيوخ:

- ‌كتب الرجال عند الشيعة:

- ‌أسس تنظيم كتب علم الرجال

- ‌التنظيم على النسب

- ‌ التنظيم على الطبقات:

- ‌ التنظيم على المدن:

- ‌ التنظيم على حروف المعجم:

- ‌علم الرجال والتاريخ:

- ‌علم الرجال والنقد التاريخي:

- ‌نشاط الرحلة في طلب الحديث:

- ‌تدوين الحديث:

- ‌الكتابة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌كتابة الحديث في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم:

- ‌رأي العلماء في تعارض هذه الأحاديث:

- ‌كتابة الحديث في جيل الصحابة:

- ‌أمثلة الصحف التي كتبها الصحابة في الحديث:

- ‌كتابة الحديث في جيل التابعين فما بعدهم:

- ‌كتب الرواية المهمة:

- ‌موطأ مالك:

- ‌مسند الإمام أحمد بن حنبل "ت241ه

- ‌صحيح الإمام البخاري "ت256ه

- ‌صحيح الإمام مسلم "ت261ه

- ‌كتاب سنن أبي داؤد السجستاني "ت275ه

- ‌جامع الترمذي "ت279ه

- ‌سنن النسائي "ت303ه

- ‌سنن ابن ماجه "ت273ه

- ‌كتب الرواية المهمة بعد القرن الثالث الهجري

- ‌ثبت المصادر والمراجع:

- ‌أولا: المصادر القديمة

- ‌ثانيا: المراجع

- ‌فهارس:

- ‌فهرست أسماء المصنفين

- ‌فهرست الموضوعات:

الفصل: ‌علم الرجال والنقد التاريخي:

ويظهر مثل هذا التأثير لعلم الرجال أيضا في بعض كتب التاريخ العام التي اهتمت بالتراجم كثيرا مثل كتاب "المنتظم لابن الجوزي وكتاب "البداية والنهاية" لان كثير و"تاريخ الإسلام" للذهبي.

ص: 210

‌علم الرجال والنقد التاريخي:

إن مناهج المحدثين في نقد رجال الحديث كان لها أثر كبير في تطور وتنمو نقد المصادر والتحري عن الحقيقة ببيان مكانة ناقليها من الصدق والاتقان، قد اشترط المحدثون في الراوي أن يكون متصفا بالعدالة والضبط لقبول الأحاديث التي يرويها، ومن أجل بيان أحوال العدد الهائل من الرواة ألفوا كتب الرجال.

وقد أوضحت كتب مصطلح الحديث التي تبلورت فيها قواعد نقد الحديث طريقة الاستفادة من كتب الرجال، وبطبيعة الحال فإن هذه القواعد وضعت خصيصا لنقد الحديث. ولكن بسبب اشتغال كثير من المحدثين في التاريخ فإن قواعد النقد هذه استعملت -إلى حد ما- في التاريخ أيضا، وقد ساعد على ذلك أن الروايت التأريخية كانت تتصدرها الأسانيد كما هو شأن الأحاديث، كما أن مقاييس المحدثين سرت إلى علم التاريخ فقد اشترطوا في المؤرخ ما اشترطوه في رواة الحديث من العدالة والضبط1، وبذلك أمكن تطبيق قواعد نقد الحديث في نقد الروايات التأريخية أيضا، ولكن ذلك لم يتم بنفس الدقة، بل حدث تساهل كبير في ميدان التأريخ، فالمؤرخون الأوائل مثل خليفة بن خياط والطبري استقوا كثيرا من مادتهم التأريخية عن رواة ضعفهم أهل الحديث، وبذلك لم يتشددوا في نقد رواة الأخبار كما فعلوا بالنسبة لرواة الحديث، لان الحديث تترتب عليه الأحكام الشرعية، لذلك رفض العلماء الاحتجاج بالأحاديث ذات الأسانيد المنقطعة في حين قبلوا ذلك في الروايات التأريخية، ولم يجدوا بأسا في استعمال صيغ التمريض في بيان طرق التحمل

1 الكافيجي: المختصر في علم التأريخ، 336. يقول:"وينبغي أن يشترط في المؤرخ ما يشترط في راوي الحديث من أربعة أمور: العقل والضبط والإسلام والعدالة".

والسخاوي: الاعلان بالتوبيخ، 499-500.

ص: 210

بالنسبة للروايات التأريخية، وهكذا ميز العلماء منذ فترة مبكرة بين "التاريخ" و"الحديث"، فلم يطبقوا قواعد نقد الحديث بدقة في نطاق التاريخ.

وعندما يقوم المؤرخون اليوم بمحاولة تدقيق مصادرنا التأريخية ونقدها فإن بالإمكان الاستفادة من قواعد نقد الحديث وعلم الرجال في ترجيح الروايات التاريخية المتعارضة كأن تكون إحدى الروايتين المتعارضتين بإسناد متصل رجاله ثقات، والأخرى وردت بإسناد منقطع أو عن طريق رواة مجروحين، فعندئذ ينبغي ترجيح الرواية الأولى على الثانية. كما أن استعمال قواعد المصطلح في نقد الروايات التأريخية ينبغي أن يشتد على قدر تعلق المادة بالأحداث الخطيرة التي تؤثر فيها الهواء ويشتط عندها الرواة كأن تكون الروايات لها مساس بالعقائد كالفتن التي حدثت في جيل الصحابة أو ذات صلة بالأحكام الشرعية كالسوابق الفقهية فإن التشدد في قبولها يجعل استعمال قواعد نقد الحديث بدقة أمرا مقبولا. وعلى ذلك فإن مدى تطبيق قواعد نقد الحديث في التأريخ أمر نسبي تحدده طبيعة الروايات، وقد نبه الكافيجي على ذلك بقوله:"يجوز للمؤرخ أن يروي في تاريخه قولا ضعيفا في باب الترغيب والترهيب والاعتبار مع التنبيه على ضعفه، ولكن لا يجوز له ذلك في ذات البارئ عز وجل وفي صفاته ولا في الأحكام وهكذا جواز رواية الحديث الضعيف على ما ذكر من التفصيل المذكور"1.

لقد ظلت مقاييس المحدثين واتجاهاتهم في النقد سارية في ميدان التاريخ حتى فترة متأخرة حيث ظهر أثر ذلك فيما كتبه الكافيجي والسخاوي عن علم التاريخ. ولكن هذه المقاييس أغفلت كثيرا في البحوث التاريخية الحديثة ولم يفطن الباحثون إلى هذا الكنز الثمين، ومن ثم فإن الاعتماد في النقد التاريخي انصب على ما أنتجه الغربيون في حقل الميثودولوجي ولا شك أن استعمال الغربيين لقواعد النقد العلمي في حقل الدراسات الإنسانية كان

1 الكافيجي: المختصر في علم التأريخ، 326.

ص: 211

متأخرا بالنسبة لمناهج النقد عند المحدثين، وكان ما عمله أسد رستم من الإفادة من مصطلح الحديث والميثودولوجية الغربية معا في وضع مصطلح للتأريخ محاولة جريئة في الكشف عن أهمية قواعد نقد الحديث في عملية النقد التأريخي1.

1 انظر بصورة خاصة الباب السادس وعنوانه: العدالة والضبط"، حيث أن قواعد النقد الداخلي للروايات التأريخية لا تكاد تخرج عما رسمه المحدثون في نطاق نقد الحديث.

ص: 212